|
شمائل ودلائل النبوة1
--------------
عبد الغفار الحفيد
--------------
إنَّ الَّــذي سـمـكَ الـسَّـماءَ بـقـدرةٍ ... حـتَّى عـلا فـي مـجدِهِ فتوحَّدا"(1)
والَّـليلَ أغـطشَ والضُّحى هو مخرجٌ ... سـبـحـانَـهُ فـــي صـنـعِـهِ مـتـفـرِّدا
ودحــا الـبـسيطةَ ثـمَّ أخـرجَ مـاءَها ... آيـــاتُــهُ دلَّـــــتْ عــلــيـهِ فـــوُحِّــدا
وأطــابَ مـرعَـى الأرضِ إمــداداً لـنا ... والـخَـلْـقَ مــن عــدمٍ أكـيـدٍ أوجــدَا
أرســى الـجـبالَ فــلا تـميدُ بـخلقِه ... وبـأنـجـمٍ وعــلائـمٍ جــعـلَ الــهـدى
والـشَّمسُ تـلك لـمستقرٍّ قـد جرتْ ... فـــي ذاك تـقـديـرُ الـعـزيزِ لـنـا بــدا
هـــو قـــدَّر الـقـمـرَ الـمـنيرَ مـنـازلاً ... وأُعــيــد عـرجـونـاً قـديـمـا كـابـتـدا
لا يـنـبـغي لـــكِ شَـمـسَنا إدراكُــهُ ... لا يــسـبـق الَّـلـيـلُ الـنـهـارَ تــأبُّـدا
والــكـلُّ فـــي فَـلَـكٍ بـسَـبْحٍ دائــمٍ ... عــلـم الأشــايـا مـحـصـيا ومــعـدِّدا
والـسَّـبعُ سـبَّحَ والـبسيطةُ حـمدَهُ ... وكــذا الـمـلا قــد سـبَّـحوهُ مُـمَجَّدا
يـمـحـو ويـثـبـتُ والـكـتابُ بـحـكمِهِ ... مـن شـاء أشـقاهُ ومـن شـا أسعدا
أرزاقُـــهـــم آجــالُــهــم مــكــتـوبـةٌ ... أعـمـالُـهـم مــقـدورةٌ لـهـمـو غـــدا
فانظرْ إلى هذي النفوسِ إذُ انشئت ... آلاؤهُ فــــي خــلـقِـهِ لــــن تُــعـدَدا
هــو قـابـضٌ هــو بـاسـطٌ هــو رافـعٌ ... هــو خـافـضٌ ولـيـنقمَنَّ بـمَـن عـدا
أسَــمــا الإلــــه ســنـيَّـةٌ وعــلـيَّـةٌ ... وعـــبــادَهُ بــدلالــةٍ قــــد أرشــــدا
وبـرسْـلِـهِ إذ بَــشَّـروا وقـــدَ انــذروا ... وأقــام حـجَّـتَه بـهـم وقــدَ اشـهـدا
والأشـقـيا بـجـحودهم قــد أُدخِـلـوا ... نــــارَ الـجـحـيمِ مـخـلـدين وأوقـــدا
أعـضـاؤهـم بـجـريـمة قــد أُنـطـقَتْ ... وبــمـا جـنـوا عــن بـابِـهِ قــد أَبْـعَـدا
وتــشـهَّـد الــقــومُ الــكــرامُ بــأنَّــه ... هـــو واحـــدٌ مـتـفـرِّدٌ لـــن يُـجْـحَدا
حـــاز الـعـلا أهــلُ الـكـرامةِ نـظـرةً ... فـتـنـضَّرت تــلـك الـوجـوهُ وأَسْـعَـدَا
وأتـــــمَّ نــعـمـتَـهُ عــلـيـنـا بــاعـثـاً ... ذاك الـذي قـد حـازَ أسـبابَ الهدى
أرْسَــلـت أحــمـدَ لـلـعوالم رحـمـةً ... ومــبـرَّأً مـــن كـــلِّ عــيـبٍ أصــيـدا
مــا مِـثْـلُهُ فـيـما مـضـى ولـهُ الـعلا ... رؤفـــــاً بــأمَّــتِـهِ كــريــمـاً أجــــودا
"ضـخـمَ الـدَّسيعةِ كـالغزالةِ وجـهُهُ ... قِــرْنـاً تــأزَّر بـالـمكارمِ وارتــدى"(2)
ســمـحَ الـخـلـيقةِ كـامـلاً أوصـافُـهُ ... ومــؤمَّــراً فــــي قــومِـهِ ومـسـيَّـدا
عـالـي الـجـنابِ وعـاقباً رسُـلَ الإل ... ه وخـــاتَــمــاً لـــنــبــوةٍ مــتــأيِّــدا
سـهـلَ الـعـريكةِ لـيِّـناً فــي طـبعِهِ ... ذا عـفَّـةٍ فـي الـرَّأيِ كـان مـسدَّدا
ثـبـتَ الـجنانِ عـلى الـعِدا ذا شـدَّةٍ ... وإذا رمــى فـي الـرمي كـان مـؤيَّدا
عـــدلاً رحـيـماً فــي الـتَّـواضعِ آيــةً ... إن قـــالَ لا قـــد قـالـهـا مـتَـشـهِّدا
فـي الـخيرِ مِـثْلَ الـرِّيحِ لَمَّا أُرسِلَت ... وهُــو الـمُروؤةُ والـسَّماحةُ والـنَّدى
فــي كــلِّ وعــدٍ كــان بــرّاً صـادقـاً ... فــي نـجـدة فــاق الـخلائقَ مـنجِدا
ولــهُ الـجـوامعُ فــي الـكلامِ وعـندهُ ... سـبُـلُ الـبـلاغةِ والـفـصاحةِ مـفـردا
وهُــو الَّــذي حـتَّـى الـقـيامةِ غـايةٌ ... فـــي كـــلِّ خــيـرٍ لـلـضَّلالِ مـبـدِّدا
وهُــو الأمـيـنُ كــذا الـمطاعُ وسـيِّدٌ ... وإذا نـسـبتَ هُــو الـمـسنَّمُ مـحتِدا
مـتـقلِّبٌ فــي الـسَّـاجدينَ مـشفَّعٌ ... حـــازَ الـمـعـاليَ والـمـقـامَ الأتـلـدا
ولـــهُ الـوسـيـلةُ والـفـضيلةُ والِّـلـوا ... والــحـوضُ أيــضـا نـرتـجـيه مــوعـدا
(1)البيت أصلُه لأصيد بن سلمة السلمي رضي الله عنه.
(2)البيت أصلُه لأصيد بن سلمة السلمي رضي الله عنه. |
|