عرض مشاركة واحدة
قديم 04-11-2012, 11:14 PM
المشاركة 37
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الدعاء بأن لا يهلك الله هذه الأمة بالغرق.


وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن لا يهلك أمته بالغرق :
ففي حديث سعد بن أبي وقاص " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية ، حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين ، وصلينا معه، ودعا ربه طويلا ، ثم انصرف إلينا ، فقال صلى الله عليه وسلم : سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة .
سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة ، فأعطانيها .
وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها .
وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها " (2)
وفي حديث معاذ بن جبل قال " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما صلاة، فأطال فيها ، فلما انصرف قلنا ـ أو قالوا ـ يا رسول الله ، أطلت اليوم الصلاة ! قال : إني صليت صلاة رغبة ورهبة ، سألت الله عز وجل لأمتي ثلاثا ، فأعطاني اثنتين ، ورد علي واحدة :
سألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ، فأعطانيها
وسألته أن لا يهلكهم غرقا ، فأعطانيها.
وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم ، فردها على " (3).
المعاني : ـ
"أقبل ذات يوم من العالية " العالية منطقة من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم .
" مسجد بني معاوية " بني معاوية : قرية من قرى الأنصار .
" فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة" أي أن الله سبحانه استجاب له مسألتين ، ولم يستجب له المسألة الثالثة .
" أن لا يهلك أمتي بالسنة " أي أن لا يهلك أمتي بالقحط ، وهو الجفاف ، وعدم نزول المطر لمدة طويلة .
" أن لا يجعل بأسهم بينهم " أي أن لا يختلفوا فيقتتلوا .
" صلاة رغبة ورهبة" أي أنه صلى الله عليه وسلم صلى هذه الصلاة وحاله بين الرجاء والخوف ، يرجو الله أن يتقبل منه ، ومن أمته ، ويخاف غضب الله سبحانه.
وجه الإعجاز في الحديث
الغرق مشكلة تهدد البشرية ، نسمع كثيرا في القرآن الكريم أن الغرق أهلك قوم نوح إلا من آمن ، قال الله تعالى : { وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون * واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون } [ سورة هود : 36 ، 37 ]
وكاد فرعون لموسى ، فخرج موسى بقومه فاتبعهم فرعون بجنده ، فأغرق الله فرعون ومن معه ، ونجى نبيه موسى ومن معه .
قال الله تعالى : { وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون * فأرسل فرعون في المدائن حاشرين * إن هؤلاء لشرذمة قليلون * وإنهم لنا لغائظون * وإنا لجميع حاذرون * فأخرجناهم من جنات وعيون * وكنوز ومقام كريم * كذلك وأورثناها بني إسرائيل * فأتبعوهم مشرقين * فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين * فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك الحجر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم * وأزلفنا ثم الآخرين * وأنجينا موسى ومن معه أجمعين * ثم أغرقنا الآخرين } [ سورة الشعراء : 52 ـ 66 ] .
هكذا نجى الله نبيه موسى ومن معه من المؤمنين ، وأغرق فرعون ومن معه ممن كادوا للمؤمنين .
وفي موضع آخر في القرآن الكريم يقول الله تعالى عن فرعون ومن معه : {فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين} [ سورة الأعراف : 136 ] .
وبعد أن أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى في كتابه عن بعض الأمم السابقة، وما كان منهم من تكذيب دعوة الحق ، قال سبحانه : { فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } [ سورة العنكبوت : 40 ].
هكذا يحدثنا ربنا عن الغرق ، وأنه عقوبة يرسلها سبحانه عى من كذب رسله، ولقد كان هذا في بال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان واضحا أمامه أن الغرق سبب من أسباب الهلاك ، ومن هنا تضرع إلى الله سبحانه ، وسأله سبحانه سؤال عبد يلح على ربه ، وقد أخذ بأسباب استجابة الدعاء، فصلى وأطال، يذكر الله كثيرا، ويسجد له سبحانه وتعالى طويلا، يرجوه سبحانه أن يحفظ أمته من هذا السبب المهلك من الغرق.
ولقد استجاب الله سبحانه وتعالى دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم هذه ، وطمأنه أن أمته لن يسلط عليها الغرق يهلكها ، طمأنه أنه قد ضمن له هذا الباب فلن تهلك أمة الإسلام بالغرق ، أوحى سبحانه وتعالى بذلك إلى نبيه صلى الله عليه وسلم.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أمته بذلك ، وأن الله سبحانه لن يهلكها بالغرق.
ويتحقق ذلك تماما ، يتحقق كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالحمد لله لم يبتل الله أمة الإسلام بالغرق، وها هي الأمة بحمد الله تحيا كثيرة العدد معافاة من الغرق ، أربعة عشر قرنا ( 1400 سنة ) والدعوة محققة ، وستظل إلى نهاية الدنيا ، والحمد لله رب العالمين .
إن الغرق أمر خطير أهلك الله به أمما سابقة ، لكن أمة الإسلام قد دعا لها رسولها بالسلامة من ذلك ، واستجاب الله دعوة رسوله ، وأخبر سبحانه رسوله بهذا وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا ، فوجدناه واقعا عمليا على مر السنين والقرون ، مما يزيدنا إيمانا بديننا ، وإيمانا بصدق سنة نبينا صلى الله عليه وسلم .