عرض مشاركة واحدة
قديم 04-11-2012, 11:14 PM
المشاركة 36
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الدعاء بأن لا تكفر هذه الأمة.



عن أبي هريرة " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سألت ربي عز وجل لأمتي أربع خلال ، فأعطاني ثلاثا ، ومنعني واحدة :
سألته أن لا تكفر أمتي صفقة واحدة ، فأعطانيها.
وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ، فأعطانيها.
وسألته أن لا يعذبهم بما عذب به الأمم قبلهم ، فأعطانيها.
وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم ، فمنعنيها " (1)
المعاني : ـ
"أربع خلال" أي أربع خصال ، إذ "خلال" جمع "خلة" وهي الخصلة في الرجل ، سواء كانت صالحة أو سيئة ، يقال : فلان كريم الخلال، وفلان لئيم الخلال، بمعنى الخصال .
والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله تعالى لأمته أربع خصال، أي أربعة أشياء.
" أن لا تكفر أمتي صفقة واحدة" أي أن لا تخرج من الإسلام ، سواء بكفر كامل كالشرك ، أو إنكار الألوهية ، أو إنكار رسالة محمد صلى الله عليه وسلم .
أو بما يورث الكفر ، كإنكار معلوم من الدين بالضرورة ، كإنكار الصلاة ، أو الزكاة ، أو ما إلى ذلك .
أو بالاجتماع على ما يخالف الإسلام ، كأن تعمل بفتوى ضلال ، وقد جاء في حديث آخر " سألت الله عز وجل أن لا يجمع أمتي على ضلالة ، فأعطانيها" (2).
ومعنى "صفقة واحدة" أي مجتمعين ، من أصفقوا على الأمر بمعنى اجتمعوا عليه، فهو صلى الله عليه وسلم يسأل الله أن لا تكفر الأمة مجتمعة ، أما أن يكفر فرد ، أو عدد فهذا يمكن ، وتبقى الأمة على دين الله إلى هبوب الرياح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين ، وذلك ضمن أعلام القيامة .
"فأعطانيها" أي أن الله سبحانه استجاب لرسوله صلى الله عليه وسلم هذه الدعوة ، وأعطاه هذه الخصلة ، وهي أن لا تكفر أمته جملة ، وأعلم سبحانه نبيه بذلك.
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
الإسلام الدين الحق ، تحرص عليه القلوب السليمة ، والفطر القويمة ، هو دين الإنصاف والعدل ، دين الصدق والود ، ارتقى بالإنسانية كل الإرتقاء ، وأسعدها حق السعادة ، هو الدين الذي ارتضاه الله للبشرية، قال سبحانه في آخر ما أنزل من كتابه: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } [سورة المائدة : 3 ] .
هذا الدين في نصوصه من كتاب وسنة :
أ ـ الحث على الثبات على الدين ، والتمسك بأصوله وفروعه .
ب ـ والتحذير من الصوارف عن الدين ، والاحتياط من مؤامرات شياطين الإنس والجن .
والأمة يتنازعها هذان العاملان ، وهنا يتساءل الدارس لحياة هذه الأمة : أي العاملين ستكون له الغلبة ؟ عامل الثبات على الدين ، أم الفتن والصوارف ؟
فجاء هذا الحديث ليرجح كفة الخير ، ويبين أن هذه الأمة ستظل على إسلامها ، إذ أخبر فيه صلى الله عليه وسلم أنه سأل الله تعالى لأمته الثبات على الإسلام، وأن الله سبحانه وتعالى استجاب دعوته صلى الله عليه وسلم .
إن الفتن والصوارف عن الإسلام تجعل الناظر لأحوال الأمة يظن أن الشر سينتصر ، وأن الكفر قد ينتشر ، فالكفر كله يحارب بكل قوته ، وشياطين الإنس والجن يبعثرون الشهوات والشبهات على الأمة، مما يجعل الناظر يخاف على مستقبل دين الأمة ، فجاء هذا الحديث فبين أن الله سبحانه سيحفظ هذه الأمة من الانقلاب عن الإسلام ، وأنها لن تخرج منه ، وإنما ستظل متمسكة بالإسلام حريصة عليه .
وتحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، فلم تنقلب الأمة عن الإسلام إلى الكفر ، وإنما هي مقبلة على الإسلام كل الإقبال ، معتزة به كل الاعتزاز ، تبغض الكفر وتنفر منه ، ولم تؤثر عليها الفتن والصوارف عن الدين .
وهذا من أدلة نبوته ، إذ وقع الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم ، والحمد لله رب العالمين .