عرض مشاركة واحدة
قديم 04-11-2012, 11:12 PM
المشاركة 34
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

الدعاء بأن لا تهلك هذه الأمة بالرجم ولا بالخسف.


عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما (1) قال " لما نزلت هذه الآية { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم } [ سورة الأنعام : 65 ] . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعوذ بوجهك ، قال : { و تحت أرجلكم } قال : أعوذ بوجهك ، { أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا أهون أو هذا أيسر " (2) .
الشرح : ـ
لما حذر الله الإنسانية عذابه سبحانه ، وبين أن العذاب قد يكون من أعلا كأن يرسل عليها حجارة تحملها الرياح من الجبال ، وقد يكون من أسفل كأن يخسف بهم الأرض ، لما بين سبحانه وتعالى ذلك أسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من هذين العذابين .
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
ذكر الله في القرآن الكريم حسن عاقبة المتقين ، وسوء نهاية الضالين ، وزاد الأمر وضوحا فبين سبحانه أنواع النعيم الذي يسعد به الصالحين ، وأنواع العقوبات التي تحل بالظالمين .
وحذر سبحانه وتعالى أمة الإسلام من كثير من العقوبات ، ومنها عقوبة الرجم، وعقوبة الخسف ، وعقوبة الاختلاف والاقتتال .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصعب عليه حلول أي نقمة بأمته ، فيستعيذ بالله من كل ذلك ، وفي هذا الحديث صور من استعاذته صلى الله عليه وسلم ، يستعيذ بالله من الرجم ، ومن الخسف ، أما الاختلاف والاقتتال ، فيراهما صلى الله عليه وسلم أهون ، لكنه يستعيذ بالله منهما .
إنه صلى الله عليه وسلم يؤمن بأنه لا طاقة لأحد بانتقام الله ، ولا طاقة للأمة بعقوبة الله ، ومن هنا يسأل الله ، ويلح في المسألة أن يحفظ الله سبحانه أمة الإسلام من الرجم ومن الخسف ، ويستجيب الله الكريم دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم ، ويطمئنه، فيخبر صلى الله عليه وسلم الأمة بذلك ، ويقع الأمر كما أخبر ، فالحمد لله لم يعاقب الله أمة الإسلام لا بالرجم العام ، ولا بالخسف العام.
أما الاختلاف والاقتتال فإنه صلى الله عليه وسلم يراهما أهون من العقوبات الأخرى ، ولكنه يستعيذ بالله منهما ، إلا أن الله تبارك وتعالى ترك الأمة في هذا الأمر لتقي نفسها شره باتباعها القرآن والسنة ، ففي ذلك عصمة من الاختلاف والاقتتال.
إن هذا الحديث أفاد أنه صلى الله عليه وسلم استعاذ بالله من الاختلاف والاقتتال بين جماعات الأمة ، وأن الله لم يعده ذلك ، ولم يعد الأمة من ذلك ، فتحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، وحدثت حروف بين جماعات من الأمة .
وأفاد هذا الحديث أيضا صدق تقديره صلى الله عليه وسلم ، فالاقتتال بين جماعات الأمة شره محدود ، وإن كنا لا نتمناه ، واستعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهكذا تحقق كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ، وظهر بحمد الله صدقه ، وأنه من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، التي ظهرت في زماننا .