عرض مشاركة واحدة
قديم 04-11-2012, 11:11 PM
المشاركة 33
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الدعاء بأن لا تهلك هذه الأمة بما أهلكت به الأمم السابقة.


عن خباب بن الأرت قال : رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة صلاها حتى كان مع الفجر ، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جاءه خباب ، فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها ، قال : أجل ، إنها صلاة رغب ورهب ، سألت ربي فيها ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين ، ومنعني واحدة ، سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها، وسألته أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا فأعطانيها ، وسألته أن لا يلبسنا شيعا فمنعنيها" (1) .
المعاني : ـ
"رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي أطلت النظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتأمل ما يصدر منه ، من " رمق يرمق رمقا"
" في صلاة صلاها" كانت هذه الصلاة صلاة ليل .
" فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جاءه خباب" انتقل من أسلوب المتكلم إلى أسلوب الغائب، فكان خباب يتكلم عن نفسه "رمقت رسول الله" وقوله "جاءه خباب" كأنه يتكلم عن غائب إذ الاسم الظاهر من الغائب، وعدل عن أسلوب تمليحا للكلام، ولو سار على أسلوب المتكلم لقال : فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جئته .
" فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي . . . " القائل خباب ، يتكلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسلوب المحب المراعى لكل الاحترام والتكريم فيقول لرسول الله بأبي أنت وأمي أي أفديك بأبي وأمي ، وليس المراد الأب والأم فقط ، وإنما المراد : بأعز وأكرم ما لدى من نفس وأهل ومال .
" لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها" أي ما رأيتك فما رأيت من صلواتك صليت مثل هذه الصلاة ، فلقد أطلت فيها عما رأيته من صلواتك.
" قال : أجل " القائل هنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و "أجل" معناها : نعم يوافق صلى الله عليه وسلم خبابا فيما رأى ، وأنه صلى الله عليه وسلم قد أطال هذه الصلاة .
" إنها صلاة رغب ورهب " هذه صلاة رغبة ورهبة ، وبينت المعنى هناك وأنه صلى الله عليه وسلم وحاله مع الله بين الرجاء والخوف . . . الخ ما هناك .
" ثلاث خصال " أي ثلاثة أمور لأمتي .
"سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا " كالغرق ، والخسف ، والرياح ، وغير ذلك مما سيأتي في الشرح .
" وسألته أن لا يظهر علينا عدوا من غيرنا " أي أن لا ينصر علينا عدوا من أعدائنا.
" وسألته أن لا يلبسنا شيعا" أي أن لا نختلف ونتناحر .
وجه الإعجاز في الحديث : ـ
ذكر بنا في القرآن الكريم أخبار كثير من الأمم ، وبين سبحانه ذنوب بعض هذه الأمم ، والعقوبات التي حلت بهم !!
ومن هنا اجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء لأمته أن لا يهلكها الله بعقوبة من هذه العقوبات ، إنها الأمة الخالدة ، يسأل صلى الله عليه وسلم ربه سبحانه وتعالى أن لا يهلكها ، وأن يبقيها مشمولة بعناية الله تعالى .
يصلي صلى الله عليه وسلم ويطيل الصلاة ، وبكل خشوع وتضرع يسأل الله سبحانه أن لا يهلكها بالغرق ، ولا يالحرق ، ولا بالخسف ، ولا بأي مهلك أهلك أمة سابقة ، يسأل الله أن لا يدمر بلادها ، وأن لا يقتل جمعها .
ويستجيب الله الكريم دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويطمئنه أنه سبحانه لن يهلك أمة الإسلام بأي مهلك أهلك الأمم السابقة .
ويسعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، ويطمئن الأمة على امتداد عمرها بنعمة الله هذه علينا .
ويتحقق الأمر كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم !! فالحمد لله لم تهلك الأمة ، لا بغرق ، ولا بحرق ، ولا بريح ، ولا بأي مهلك مما أهلكت به الأمم السابقة !! لقد أخبر صلى الله عليه وسلم بالأمر ، أوحاه الله إليه ، أخبر وهو المبلغ عن الله ، الواثق بوعد الله ، فتحقق الأمر كما أخبر ، وها هي الأمة بحمد الله علىطول أربعة عشر قرنا تنعم بما دعا به صلى الله عليه وسلم ، فيحفظها الله من كل مهلك ، وتعيش معافاة مستقرة .
وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم التي ظهرت في زماننا وفي كل زمان ، والتي تزيدنا إيمانا بإكرام الله هذه الأمة، وبصدق كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، فهو الرسول المصطفى المعصوم ، وهو المبلغ عن الله سبحانه ، وهو الذي قال الله تعالى فيه : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم } [ آخر سورة التوبة : 128 ] ، فصلى الله وسلم وبارك عليه من رسول بلغ الحق ، وحفظ الله سبحانه دينه بالصدق ، والحمد لله رب العالمين .