عرض مشاركة واحدة
قديم 01-11-2012, 11:22 AM
المشاركة 18
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع ،،،

قراءة في قصيدة " إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَوجٍ..." للشاعر الاستاذ عبد اللطيف غسري:


تجَلَّيْتَ فِي مَعْنى الحُضورِ وَإنَّمَا = حُضورُكَ طَيْفٌ فَيالقراطِيسِ هَاتِفُ

وفي هذا البيت نسمع صوت الشاعر من جديد وهو يمجد ذاته ويمدح نفسه واصفا ما حققه في دنيا القصيدة من انجازات فيقول: أي هذا ...لقد كان لك حضورا جليا في عالم الإبداع الشعري، حضورا بارزا واضحا، عميق المعنى واضح الأثر، وكأنك الشمس الساطعة تظهر بعد ليل طويل فيكون ظهورها بارزا واضحا جليا.


وهكذا يصف الشاعر ما قدمه من انجازات شعرية، لكنه لا يكتفي بهذا المديح لذاته من خلال وصف حضوره المميز، بل يضيف إلى ذلك وتأكيد على شعوره بالفخر ومادحا نفسه، بأن ذلك الحضور لم يكن عابرا، ولا هامشيا، ولا يصعب ملاحظته... فهو بالإضافة إلى انه جلي واضح، فهو أيضا (طيف والطيف من الخيال والنور وهو ما يمكن أن يعبر إلى الذهن والقلب دون حواجز أو معيقات ).


وهذا الطيف استوطن دواوين الشعر، يكاد يسمع صوته، وهتافه، من بين أوراق تلك الدواوين، وفي ذلك ما يشير إلى مدى افتخار الشاعر بقدرته الشعرية التي يرى أنها أصبحت مثل الطيف الهاتف من بين الدفاتر ليخترق القلوب والأذهان، وكأنه يعيد إلى الأذهان قول المتنبي:


أنا الـذي نظـَرَ الأعمى إلى أدبــي ... وأسْمَعَـتْ كلماتـي مَـنْ بـه صَمَـمُ


لا بل هو يتفوق على المتنبي فهو لا يكتفي بالقول انه ولبلاغته وحضوره الشعري، كان قادرا على أن جعل الأعمى يرى شعره، وان يجعل الأصم يسمع قوله، بل إن شاعرنا يجعل حضوره (هتاف طيف) ذلك الهتاف الذي يخترق كل الأشياء والأجسام فحتى الجماد يمكنه أن يسمع لحن شعره الهاتف من بين ثنايا الكتب وليس فقط الأعمى والأصم.

ويبدو أن شاعرنا في طريقه لان يتفوق على المتنبي في فخره ومدحه لذاته ووصفه لقدراته على القول الجميل المؤثر.


ولا شك أن في البيت صورة شعرية بالغة الجمال فلك أن تتخيل عزيزي المتلقي صورة هذا الحضور فكلمة ( تجلى – تجليت ) توقظ في ذهن المتلقي معاني القوة، والرهبة، والنور الساطع، الذي لا مثيل له، والذي لا يمكن إلا أن يترك أثرا مزلزلا.


وفي الشطر الثاني يعزز الشاعر تلك الصورة الجميلة فيؤكد على أن ذلك الحضور لا يقتصر على التجلي وإنما هو في الواقع يصبح مثل الطيف الذي يستوطن الكتب ولكن الشاعر يشخصن الطيف هنا فيجعل له هتاف، ولا بد أن هتاف الطيف سيكون قادر على اختراق القلوب والعقول.

وباستخدام كلمة هاتف يوقظ الشاعر حاسة السمع لدى المتلقي مما يجعل لبيت الشعر هذا اثرا عظيما ومزلزلا.

ولا شك ان كاتب مثل هذا البيت من الشعر يستحق ان يفتخر بقدرته على قول الشعر الجميل.

يتبع،،