عرض مشاركة واحدة
قديم 01-11-2012, 03:29 AM
المشاركة 2
لجيــن خالد
باحثة عـن الجمـال
  • غير موجود
افتراضي
وقد شاع اسم يثرب قديماً. ووجد في نقوش وكتابات غير عربية
فظهر في جغرافية بطليموس اليوناني باسم يثربا
(YATHRIPA)،
وفي كتاب اسطفان البيزنطي باسم يثرب
(YATHRIP)،
وظهر اسمها في نقش على عمود حجري بمدينة حران (اتربو
)، (ITRIBO).

المؤسسون

تجمع معظم المصادر العربية على أن (يثرب) اسم لرجل من أحفاد نوح عليه السلام، وأن هذا الرجل أسس هذه البلدة فسميت باسمه،.
وتختلف المصادر العربية في عدد الأجيال التي تفصل (يثرب) عن جده (نوح) عليه السلام ،
وفي بعض أسماء سلسلة الآباء والأبناء،
ولهذا الخلاف أثر في تقرير أية قبيلة سكنت يثرب أول الأمر، هل هي قبيلة عبيل، أم قبيلة العماليق،
ولكن المؤرخين يتفقون على أن القبيلتين
سكنتا يثرب على التوالي
ويختلفون من هي الأسبق.
والأرجح أن قبيلة عبيل هي الأسبق.
ثم جاء العماليق فأخرجوهم منها وسكنوها. وتروي المصادر العربية عدة روايات
لسبب تأسيسها أهمها:
1 ـ أن أبناء نوح بعد الطوفان تكاثروا
ولم تعد المنطقة التي نزلوها
تكفيهم فخرجت مجموعات منهم تبحث عن موطن جديد.
ووصل فرع (عبيل) بقيادة (يثرب) إلى هذا الموضع ووجدوا فيه الماء والشجر والجبال البركانية التي تحيط به وتشكل حماية طبيعية
لمن يسكنه فأعجبهم واستوطنوا فيه
. 2 ـ أن أحد أحفاد نوح عليه السلام (واسمه نمرود بن كوش بن كنعان بن نوح)
دعا قومه إلى عبادة الأوثان،
فاستجابوا له فعاقبهم الله وخرجوا من بابل وتفرقوا في جهات مختلفة.
ووصل فرع عبيل إلى هذه المنطقة
. 3 ـ أن العماليق من أحفاد نوح عليه السلام، خرجوا من بابل واستوطنوا منطقة تهامة
إلى مكة وبقوا فيها إلى زمن ملكهم السميدع،
ثم جاءت قبيلة جرهم فأخرجتهم
من المنطقة وسكنت في منطقة مكة،
وجاءت مجموعة منهم تسمى (عبيل) بقيادة يثرب واستوطنت المنطقة
وبنت المدينة التي سميت باسمه
.
وهكذا اتفقت المصادر المختلفة على أن تأسيس يثرب كان على يد رجل
يتزعم مجموعة بشرية، هاجرت من موطنها الأصلي ـ بابل في الرواية الأولى،
وتهامة في الرواية الثانية،
وقسم من الحجاز في الرواية الثالثة ـ تبحث عن موطن جديد يوفر لها حياة كريمة،
وأن هذه المجموعة وجدت في هذا الموقع
أرضاً خصبة، وشجراً كثيفاً، وماءً وفيراً، ووجدت أن هذا الموقع أيضاً
يوفر لها قدراً من الحماية الطبيعية،
فاستقرت فيه، وحولته إلى مدينة،
وسمته باسم زعيمها
(يثرب).
للتوسع: تاريخ الطبري الجزء الأول والثاني. وفاء الوفا ج1/156- 165

بدايـة التأسيس

من المستحيل أن نجزم بسنة محددة
نؤرخ بها تأسيس يثرب،
فنحن لا نعرف على وجه اليقين
كم من القرون تفصل بين
نوح والهجرة النبوية وما ذكره
بعض المؤرخين روايات شفهية
لا تستند إلى دليل مرجح..
وكل ما يمكن أن نتوقعه
هو أنه حدث في عهود سحيقة على أيدي أمم انقرضت،
فعبيل أو العماليق، هي من الأمم البائدة،
وليس لدينا آثار تساعدنا على تحديد فترة زمنية معينة للتأسيس.
ويضع بعضهم تاريخاً تقريبياً يمتد إلى 1600 سنة قبل الهجرة النبوية اعتماداً
على أن قبيلة عبيل كانت تتكلم العربية،
وأن اللغة العربية وجدت في ذلك التاريخ. ويقترب هذا التحديد من الزمن الذي
وجدت فيه كلمة
(يثرب) في الكتابات التاريخية عند غير العرب وفي بعض النقوش المكتشفة.
فقد ورد اسم يثرب في الكتابات عند مملكة (معين) وذكرت بين المدن التي
سكنتها جاليات معينية.
ومن المعروف أن المملكة المعينية قامت في جزء من اليمن في الفترة ما بين 1300 و600 قبل الميلاد.
وامتد نفوذها في فترة ازدهارها إلى الحجاز وفلسطين.
وعندما ضعف سلطانها كونت مجموعة مستوطنات لحماية طريق التجارة إلى الشمال. وكان هذا الطريق يمر بيثرب.
ويتفق هذا التاريخ التقريبي أيضاً
مع التاريخ الذي يذكره المؤرخون لوجود العماليق وحروبهم مع بني إسرائيل في شمال الجزيرة العربية وسيناء.
للتوسع: دائرة المعارف الإسلامية، الطبعة الألمانية ج 3 ـ ص 183. المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام جزء2 ـ ص 119، وج4 ـ ص 128. قصة الحضارة ج2 ـ ص321.

يثرب في المرحلة الأولى

إن صح أن فرع عبيل هو الذي أنشأ يثرب
،
فإن الأخبار عن عبيل قليلة جداً لا تساعدنا على تكوين صورة واضحة.
ونفهم من روايات النسابين أن (عبيل)
هو الحفيد الرابع لنوح عليه السلام
(حسب رواية الطبري) أو الحفيد السادس (حسب رواية السهيلي وابن خلدون)
وكان يعيش في بابل مع أقاربه
من أبناء نوح الآخرين.
وقد ذكر في سفر التكوين أن عموبال (عبيل)
هو أحد أولاد مقعان (قحطان)،
(انظر: الإصحاح الأول آية (22) والإصحاح العاشر آية (28)).
ويرى المؤرخون أن بابل وصلت إلى درجة لا بأس بها من التطور الزراعي بعد وفاة نوح عليه السلام، فقد خلفه بعض أبنائه
وأصبحوا ملوكاً على المدينة،
وعندما خرج فرع (عبيل) بقيادة يثرب بن قاينة من بابل ساروا مدة عشرين يوماً
حتى وصلوا إلى موضع المدينة
فنزلوها وسموها باسم قائدهم يثرب،
وحملوا معهم مدنيّتهم الزراعية وقد أورد السمهودي في كتابه وفاء الوفا أبياتاً في رثاء العبيليين نستشف منها أثر تقدمهم الزراعي والرعوي آنئذ
تقول الأبيات:
عين جودي على عبيل وهل يـرجع

من فات بيضهـا بالسجـام
عمروا يثربا وليس بـهـا شفــر
ولا صـارخ ولا ذو سنـام
غـرسوا لينهـا بمـجرى معيــن
ثم حفوا النخيـل بالآجـام
ومع أننا لا نثق بصحة الأبيات،
ونتوقع أن تكون من نحل القصاصين،
فإن الصورة التي رسمتها للعبيليين
متوافقة مع ما يذكره المؤرخون
عن أهل بابل ونشاطهم الرعوي والزراعي.
إن الأرض الخصبة، ووفرة المياه فيها،
ساعدت العبيليين على زراعة النخيل،
وتربية الحيوانات في يثرب.
ويمكن أن نتصور حياة عبيل في يثرب
آنئذ على النحو التالي:
مجموعة من الأسر تسكن قرية صغيرة
كثيرة الأشجار والمياه،
تربي حيواناتها المدجنة:
الإبل، والخيل، والغنم،
وتزرع النخيل وبعض الخضراوات،
و الفواكه الأخرى،
وتستمتع بمحصول وافر ونتاج جيد..
وفي شبه عزلة عن العالم الخارجي البعيد والمجهول، تحميها الجبال والتلال
البركانية التي تحيط بالمنطقة
ولا تترك منفذاً إليها سوى بعض
الدروب التي يمكن مراقبتها وتحصينها.
وقد التمس الدكتور / جواد علي ما يثبت
وجود قبيلة عبيل في الكتابات القديمة،
وأشار إلى وجود اسم عموبال في بعض
أسفار التوراة التي تذكر أنه ابن من
أبناء (يقطان)،كما أشار إلى أن المؤرخ
بليتوس يذكر اسم موضع يقال له:
(أباليتس
) (Ablates ) أي العبيليين.
للتوسع: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج1 ـ ص 343وما بعدها ـ تاريخ الطبري الجزء الأول وفاء الوفا ج1 ـ