صورة شاملة وموسّعة عنها بحسب ما ورد في الروايات القديمة والتلميحات التاريخية:

عَطارد بنت قيس هي امرأة من قبيلة عربية يُرجّح أنها عاشت في أواخر العصر الجاهلي، وعُرفت بجرأتها النادرة وبقوة لسانها في الشعر والهجاء. كانت تقف في الأسواق الكبيرة مثل عكاظ وذي المجاز، وتُلقي شعرًا فيه تحدٍّ للقبائل العظمى، وتسخر من زعمائهم، وهو أمر كان يُعدّ خطرًا كبيرًا على حياتها في زمنٍ لا يُسامح فيه على إهانة القبيلة.

كانت شخصية متمرّدة على الأعراف، فقد كانت تتنقّل دون محرم في بعض الروايات، وتختلط بالشعراء والفرسان، وتستمع إلى أخبار الحروب والدماء، وتحوّلها إلى شعرٍ ساخر أو لاذع. هذا السلوك جعلها تُتهم بالسحر أحيانًا، وبالجنون أحيانًا أخرى، وبالفسق من جهة بعض الرجال الذين لم يحتملوا قوة امرأة تتكلم كما يتكلمون.

قيل إنها كانت شديدة الحِدّة، قليلة الخوف، تدخل مضارب القبائل وتُنشد أبياتًا فيها ذمّ وتحقير دون أن تطلب حماية من أحد، وكأنها كانت تبحث عن الموت أو تسخر منه. ورُوي أن بعض القبائل وضعت جائزة لمن يقتلها بعد أن أساءت إلى أحد زعمائهم بقصيدةٍ حادّة.

ومع ذلك، كانت تمتلك فصاحة نادرة، وذكاءً اجتماعيًا، حيث لم تكن تهجو عبثًا، بل كانت تكشف تناقضات القبائل، وسلوكياتهم الوحشية، وتعدّد حروبهم من أجل الإبل والنساء والحدود الوهمية. ولهذا يقول بعض الباحثين الحديثين إن عَطارد بنت قيس لم تكن مجرد شاعرة هجاء، بل كانت كـ"ناقدة اجتماعية" بدائية سبقت عصرها بقرون.

المشكلة الكبرى في قصتها أن أغلب الروايات عنها جاءت شفاهية، وانتقلت عبر رواةٍ كانوا في الغالب رجالًا لا يرحّبون بفكرة امرأة جريئة، فأمّا شوّهوا صورتها، أو تجاهلوها، أو أحرقوا شعرها مع الزمن. ولهذا لم يصلنا من شعرها إلا نُتف صغيرة مشكوك في نسبتها إليها.

الختام الغامض لحياتها هو أكثر ما يثير التساؤل؛ فبعض الروايات تقول إنها قُتلت غدرًا ليلاً على يد رجال أُرسلوا خصيصًا لقتلها، وبعضهم يقول إنها هربت إلى أطراف الشام وعاشت منعزلة، وقيل إنها سكنت الجبال واختفت وصار يقال إنها "تحوّلت إلى أسطورة تحذر منها النساء".

سواء كانت شخصيتها حقيقية بنسبة كاملة، أو مختلطة بالخرافة كما هو حال كثير من شخصيات الجاهلية، فإن اسم عَطارد بنت قيس يبقى رمزًا لـ:

- الصوت الأنثوي المرفوض
- المرأة التي تحدّت القبيلة
- الشاعرة التي لم تخضع
- والمرأة التي دفعت ثمن جرأتها غاليًا