منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   أقصوصة الغراب المنحوس لعبد الحميد سحبان. (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=15491)

[/tabletext]
عبد الحميد سحبان 12-28-2014 10:47 PM

أقصوصة الغراب المنحوس لعبد الحميد سحبان.
 
2 مرفق
[tabletext="width:70%;"]


http://www.mnaabr.com/vb/attachment....0&d=1419795357

وجهه كالغراب، كنا نسميه الغراب المنحوس، من "صَبَّحَ" عليه لا يمر يومه بخير، التقيت به هذا الصباح. لعنت وجهه القبيح وتمنيت من أعماق نفسي أن يمر هذا اليوم بخير.
عقدت ما بين حاجبي، بمعنى أنني لَقِصْتُ*، ثم قصدت الحافلة وأخذت أفكر في قصة الغراب المخدوع، حاولت أن أقنع نفسي بسخافة الاعتقاد، لأن الغراب ليس منحوسا في الأصل كما خمنت.
وصلت إلى المحطة وانتظرت الحافلة طويلا على غير عادتي، نظرت إلى ساعتي فعرفت أنني سأضيع دقيقتين من درسي إن أنا ركبت في الحافلة الموالية..
نسيت أن للغراب دخل في مشكلتي، ظهرت لي الحافلة العمومية من بعيد. فضحكت في أعماقي من قصة الغراب المنحوس. شددت على محفظتي وتأهبت، لكن الحافلة خلفت وراءها زوبعة كبيرة من الغبار رأيت فيها علامات الشؤم.
صبَّرت نفسي وقلت لا بأس سأستقل حافلة الخواص: " لا ضير في الأمر، درهمان أدفع بهما شؤم الغراب"، تحمست، وقلت في نفسي إن الشركة الخاصة للحافلات ستساعدني على محو هذا الاعتقاد السخيف.
لاحت لي حافلة الخواص تأكل الطريق في اتجاهي، ضحكت حتى انتبه إلي أحد المارة. وقفت الحافلة، تزاحمنا على بابها الضيق، صعدت بمشقة الأنفس.
أخذت مكاني وسارت الحافلة كالريح، حينها تأكدت من أن المسألة ليست إلا اعتقادا صبيانيا، اقترب مني الجابي، ثم طلب إلي أن أؤدي ثمن ركوبي، وضعت يدي في جيبي، ماذا؟؟؟؟ "يا أ لله"!!!، نظرت إلى السروال، عرفت أنه سروال أخي علي، ليس به أي فرنك، لقد لبس الأحمق سروالي دون أن ينتبه ولبست سرواله على عجل دون أن أنتبه إلى ذلك، يا للمصيبة !!!!
قال الجابي:" هات النقود."
قلت له: " هذا سروال أخي."
رد مستهزئا: " ولو كان سِرْوَال القس، هات النقود هات."
قلت بحسرة: " إن أخي علي لبس سروالي الذي به النقود.... واللهْ العَظِيمْ."
ضحك الناس، قال أحد المتطفلين: " التسرع وعدم الانتباه."
وصاحت امرأة قريبة مني: "مِسْكِينْ".
قال الجابي محتدا: " أتسخر مني".
قلت له: "إنها الحقيقة، هذا سروال أخي علي وليس به أي فلس".
فصاح الجابي بالسائق: " اتجه بنا إلى مخفر الشرطة."
تجمد الدم في وجهي، وأصبحت أصفرا كالميت، رد الجابي واثقا : "هناك سنعرف سروال من هذا؟".
تحرك أحد أصحاب الحسنات، وأدى عني ثمن التذكرة، صفعني الجابي على قفاي وقال لي متهكما: "كم تتقنون المسكنة....". لم أجب إنما طأطأت رأسي خجلا من الموقف، ثم حدقت في وجه الجابي جيدا، لأنني عرفت أنه سيؤدي غاليا ثمن تلك الصفعة.
وصلت الحافلة إلى آخر محطة، بدأنا بالنزول، سمعت السائق يقول للجابي وهو يناديه باسمه: " يا عبد الله، أنقدنا بالفطور، فإنني لم أعد أتحمل مزيدا من الانتظار".
عرفت أن الفرصة مواتية، نزلت من الحافلة على عجل، التقطت حجرا متوسطا بخفتي المعتادة، وضعته تحت إبطي، سرت متسللا وراء الجابي الذي كان يتمختر في مشيته كأنه أحد أبطال فيلم من أفلام الويتسرن مترجلا عن فرسه عفوا عن دابته الحديدية.
التفت يـمينا ويسارا لأتفقد الأحوال، ظهْر الجابي قريب مني، أمتار قليلة تفصلني عنه، الفرصة مواتية، صوبت الحجر نحوه بكل ما أوتيت من قوة، تكوَّر في ظهره، فسمعت صرخة البطل المهزوم.
أطلقت ساقي للريح، فعانقني في لمح البصر مخبر كان بالصدفة قريبا من الحادث، وبعد أن حمَّر وجهي صفعا أبويا حارا، جرني إلى سيارة الشرطة، أظن أنني أول ضيف أركب فيها هذا الصباح.
ومن داخل المخفر أيقنت أن للغراب وجها منحوسا من "صَبَّحَ" عليه يقضي بقية يومه في ضيافة الشرطة أو بعض أيامه في المستشفى.
* لقِصت: ضاقت نفسي.
عن المجموعة القصصية "التعويذة" المنشورة سنة 1996 بمدينة فاس المغرب، الغلاف للفنانة مهري فوزية، والرسم هو من الرسوم الواردة بالمجموعة وهو كذلك للفنانة السالفة الذكر.
ملحوظة: هذه القصة محورة عن النص الأصلي لمجموعة "التعويذة" بتعديل المقاطع المكتوبة بالدارجة المغربية.
عبد الحميد سحبان

مصطفى الطاهري 12-28-2014 11:04 PM

نفس سردي سلس يستحق الإعجاب ولغة عذبة متمكنة تستحق التقدير ...
تقديري الكبير لك أخي عبد الحميد أيها العزيز مع متمنياتي لك بمزيد من العطاء والتألق...
ولك خالص محبتي

زياد القنطار 12-29-2014 03:10 AM

كل المخبرين لهم ذات الحنو والصفع الأبوي الحار .!!!!!
أما هذا الحرف فقد جاء فاتحاً ذراعيه ليحتضن ذائقتنا ,ويروي من ظمأ .
لغة عذبة ونفس سردي ينفخ في ناي الحرف ....خالص تقديري.. دام الألق

ياسر علي 12-29-2014 08:08 PM

أهلا بالأستاذ عبد الحميد سحبان

نص مرح طابعه التشويق والسلاسة والحركية ، الانتقال من حدث لآخر بدون تكلف ، و حيوية البطل جعلت النص يرتقي رغم نهايته المحبطة ، التي لامفر منها مادام النص يعالج التطير .
أظن أن البناء في النص انفلت منه سن البطل و لو إيحاء ، فيمكن الحديث عن المدرسة الاعدادية أو الثانوية و يمكن تسميتها و هذا سيعطي المكان جاذيبة أكثر ، جملة المقدمة أيضا في حاجة للتلميح بالمكان الذي التقيت فيه بالغراب أمام الدكان ، في منعرج الحي ....

نسيت أن للغراب دخل في مشكلتي، ظهرت لي الحافلة العمومية من بعيد. فضحكت في أعماقي من قصة الغراب المنحوس. شددت على محفظتي وتأهبت، لكن الحافلة خلفت وراءها زوبعة كبيرة من الغبار رأيت فيها علامات الشؤم.

في هذه الجملة يبدو أن نسيت أن للغراب دخل في مشكلتي ، زائدة ولا تقدم إضافة ، مادام تم ذكر الغراب في الجملة التي تليها والشؤم في الجملة الموالية .

نص تملأه المتعة و يستحق بريق النجوم .

تقديري .

عبد الحميد سحبان 01-02-2015 11:50 PM

أخي مصطفى، شكرا لمرورك، أعتز بتقديرك وتشجيعك. أخوك عبد الحميد.

محمد الشرادي 01-03-2015 12:45 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الحميد سحبان (المشاركة 185395)
وجهه كالغراب، كنا نسميه الغراب المنحوس، من "صَبَّحَ" عليه لا يمر يومه بخير، التقيت به هذا الصباح. لعنت وجهه القبيح وتمنيت من أعماق نفسي أن يمر هذا اليوم بخير.
عقدت ما بين حاجبي، بمعنى أنني لَقِصْتُ*، ثم قصدت الحافلة وأخذت أفكر في قصة الغراب المخدوع، حاولت أن أقنع نفسي بسخافة الاعتقاد، لأن الغراب ليس منحوسا في الأصل كما خمنت.
وصلت إلى المحطة وانتظرت الحافلة طويلا على غير عادتي، نظرت إلى ساعتي فعرفت أنني سأضيع دقيقتين من درسي إن أنا ركبت في الحافلة الموالية..
نسيت أن للغراب دخل في مشكلتي، ظهرت لي الحافلة العمومية من بعيد. فضحكت في أعماقي من قصة الغراب المنحوس. شددت على محفظتي وتأهبت، لكن الحافلة خلفت وراءها زوبعة كبيرة من الغبار رأيت فيها علامات الشؤم.
صبَّرت نفسي وقلت لا بأس سأستقل حافلة الخواص: " لا ضير في الأمر، درهمان أدفع بهما شؤم الغراب"، تحمست، وقلت في نفسي إن الشركة الخاصة للحافلات ستساعدني على محو هذا الاعتقاد السخيف.
لاحت لي حافلة الخواص تأكل الطريق في اتجاهي، ضحكت حتى انتبه إلي أحد المارة. وقفت الحافلة، تزاحمنا على بابها الضيق، صعدت بمشقة الأنفس.
أخذت مكاني وسارت الحافلة كالريح، حينها تأكدت من أن المسألة ليست إلا اعتقادا صبيانيا، اقترب مني الجابي، ثم طلب إلي أن أؤدي ثمن ركوبي، وضعت يدي في جيبي، ماذا؟؟؟؟ "يا أ لله"!!!، نظرت إلى السروال، عرفت أنه سروال أخي علي، ليس به أي فرنك، لقد لبس الأحمق سروالي دون أن ينتبه ولبست سرواله على عجل دون أن أنتبه إلى ذلك، يا للمصيبة !!!!
قال الجابي:" هات النقود."
قلت له: " هذا سروال أخي."
رد مستهزئا: " ولو كان سِرْوَال القس، هات النقود هات."
قلت بحسرة: " إن أخي علي لبس سروالي الذي به النقود.... واللهْ العَظِيمْ."
ضحك الناس، قال أحد المتطفلين: " التسرع وعدم الانتباه."
وصاحت امرأة قريبة مني: "مِسْكِينْ".
قال الجابي محتدا: " أتسخر مني".
قلت له: "إنها الحقيقة، هذا سروال أخي علي وليس به أي فلس".
فصاح الجابي بالسائق: " اتجه بنا إلى مخفر الشرطة."
تجمد الدم في وجهي، وأصبحت أصفرا كالميت، رد الجابي واثقا : "هناك سنعرف سروال من هذا؟".
تحرك أحد أصحاب الحسنات، وأدى عني ثمن التذكرة، صفعني الجابي على قفاي وقال لي متهكما: "كم تتقنون المسكنة....". لم أجب إنما طأطأت رأسي خجلا من الموقف، ثم حدقت في وجه الجابي جيدا، لأنني عرفت أنه سيؤدي غاليا ثمن تلك الصفعة.
وصلت الحافلة إلى آخر محطة، بدأنا بالنزول، سمعت السائق يقول للجابي وهو يناديه باسمه: " يا عبد الله، أنقدنا بالفطور، فإنني لم أعد أتحمل مزيدا من الانتظار".
عرفت أن الفرصة مواتية، نزلت من الحافلة على عجل، التقطت حجرا متوسطا بخفتي المعتادة، وضعته تحت إبطي، سرت متسللا وراء الجابي الذي كان يتمختر في مشيته كأنه أحد أبطال فيلم من أفلام الويتسرن مترجلا عن فرسه عفوا عن دابته الحديدية.
التفت يـمينا ويسارا لأتفقد الأحوال، ظهْر الجابي قريب مني، أمتار قليلة تفصلني عنه، الفرصة مواتية، صوبت الحجر نحوه بكل ما أوتيت من قوة، تكوَّر في ظهره، فسمعت صرخة البطل المهزوم.
أطلقت ساقي للريح، فعانقني في لمح البصر مخبر كان بالصدفة قريبا من الحادث، وبعد أن حمَّر وجهي صفعا أبويا حارا، جرني إلى سيارة الشرطة، أظن أنني أول ضيف أركب فيها هذا الصباح.
ومن داخل المخفر أيقنت أن للغراب وجها منحوسا من "صَبَّحَ" عليه يقضي بقية يومه في ضيافة الشرطة أو بعض أيامه في المستشفى.
* لقِصت: ضاقت نفسي.
عن المجموعة القصصية "التعويذة" المنشورة سنة 1996 بمدينة فاس المغرب، الغلاف للفنانة مهري فوزية، والرسم هو من الرسوم الواردة بالمجموعة وهو كذلك للفنانة السالفة الذكر.
ملحوظة: هذه القصة محورة عن النص الأصلي لمجموعة "التعويذة" بتعديل المقاطع المكتوبة بالدارجة المغربية.
عبد الحميد سحبان


أهلا أخي عبد الحميد
التطير مسألة قديمة لكن بعضعا يصيرواقعا أحيانا.
جميلة طريقة الحكي و اختزال النص جعله سهل الهضم.
نص جميل
تحياتي

[/tabletext]
فاطمة جلال 01-03-2015 05:58 PM

[tabletext="width:70%;"]

سلام الله عليك أديبنا القدير عبد الحميد

كما ذكرت سابقا أن حرفك يحملنا معك الى اللحظة الى رايت فيها الغراب والى الشارع والحافلة والنقل الخاص
وهذا يجعل القارئ يعيش أجواء النص تارة وتارة يختلس النظر الى النهاية ومن ثم يعود الى القراءة من جديد
وهذا ليس بالغريب عل كاتبنا المتألق الذي يحمل نبض الشارع بصورة رائعة جدا

همسة صغيرة : هذا النوع من الكتابة يروق لذائقتي لذا سأكون دائما من المتابعين لحرفك
تقديري لحرفك المميز

فاتحة الخير 01-03-2015 09:59 PM

السلام عليكم ورحمة الله


رغم أن الغراب أعطى الإنسان درسا كبيرا في يوم مضى وجعله يواري سوءة أخيه، إلا أنه عوض أن يشكره جعله شؤما ونحسا وأصبح يتطير منه، رغم أن الغراب يعد من أذكى الطيور، ربما لأنه يذكره ببلادته وعدم قدرته على التفكير كي يواري جريمته

شكرا لك على هذه القصة التي تعكس الواقع الذي يعيشه أبناء الطبقة المتوسطة التي تنتظر " حافلة الشعب" مكدسا فيها كسردين العلبة، وإذا فكرت هذه لطبقة في تغيير الحال ولو مرة في العمر، تحدث الفاجعة

بعض همسات: الحمد لله أن المغرب عرف بعض التغييرات على الأقل على مستوى الجهة التي أسكنها
همسة أخرى: كان عليك أن تحتفظ بالنص الأصلي كما هو، مع شرح المبهم في الأسفل

عبد الحميد سحبان 01-10-2015 12:32 AM

أخي مصطفى الطاهري، دام تألقك، وشكرا لك على التشجيع. أنني أعتز بهذا النص لأنه من أوائل النصوص التي أثارت الكثير من الإعجاب ولا زال، وللتذكير فإن نشر سنة 1982 بإحد الجرائد الوطنية.
إن كلمتك المشجعة ستمنحني القوة كي أستمر عساني أنجز نصوصا أخرى موفقة.
اخوكم عبد الحميد.

عبد الحميد سحبان 01-17-2015 05:33 AM

إلى الأديب زياد القنطار، تحية ومودة.
كان تعليقك أن للنص "لغة عذبة ونفس سردي ينفخ في ناي الحرف"، فشكرا لك على هذا التحفيز الذي لن يزيدني إلا حماسا واجتهادا بحثا عن المزيد من العطاء... دام لك التوفق... ودام لك التألق.
أخوك عبد الحميد.


الساعة الآن 07:02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team