منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   أبو تمَّام وعروبةُ اليوم .. للشاعر اليمني عبدالله البردوني (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=30454)

ثريا نبوي 09-25-2022 02:38 AM

أبو تمَّام وعروبةُ اليوم .. للشاعر اليمني عبدالله البردوني
 


أبو تَمَّام وعروبةُ اليوم


ما أَصْدَقَ السَّيْفَ! إِنْ لَمْ يُنْضِهِ الكَـذِبُ
وَأَكْذَبَ السَّيْفَ إِنْ لَمْ يَصْـدُقِ الغَضَـبُ

بِيضُ الصَّفَائِـحِ أَهْـدَى حِيـنَ تَحْمِلُهَـا
أَيْـدٍ إِذَا غَلَبَـتْ يَعْلُـو بِهَـا الغَـلَـبُ

وَأَقْبَـحُ النَّصْرِ .. نَصْـرُ الأَقْوِيَـــــــــاءِ بِـلَا
فَهْمٍ. سِوَى فَهْمِ كَمْ بَاعُوا وَكَمْ كَسَبُـوا

أَدْهَى مِنَ الجَهْـلِ عِلْـمٌ يَطْمَئِـنُّ إِلَـى
أَنْصَـافِ نَاسٍ طَغَوا بِالعِلْـمِ وَاغْتَصَبُـوا

قَالُوا: هُمُ البَشَرُ الأَرْقَـى وَمَـا أَكَلُـوا
شَيْئًا .. كَمَا أَكَلُـوا الإنْسَـانَ أَوْ شَرِبُـوا
* * * * *
مَاذَا جَرَى.. يَـا أَبَـا تَمَّـامَ تَسْأَلُنِـي؟
عَفْوَاً سَـأَرْوِي .. وَلا تَسْأَلْ: وَمَا السَّبَبُ

يَدْمَـى السُّـؤَالُ حَيَـاءً حِيـنَ نَسْأَلُـُه
كَيْفَ احْتَفَتْ بِالعِدَا «حَيْفَا» أَوِ «النَّقَـبُ»

مَنْ ذَا يُلَبِّـي ؟ أَمَـا إِصْـرَارُ مُعْتَصِـمٍ ؟
كَلَّا وَأَخْزَى مِنَ « الأَفْشِينَ » مَـا صُلِبُـوا

اليَوْمَ عَـادَتْ عُلُـوجُ «الـرُّومِ» فَاتِحَـةً
وَمَوْطِـنُ العَرَبِ المَسْلُـوبُ وَالسَّلَـبُ

مَاذَا فَعَلْنَـا؟ غَضِبْنَـا كَالرِّجَـالِ وَلَـمْ
نَصْدُقْ.. وَقَدْ صَـدَقَ التَّنْجِيـمُ وَالكُتُـبُ

فَأَطْفَـأَتْ شُهُـبُ «المِيـرَاجِ» أَنْجُمَنَـا
وَشَمْسَنَا ... وَتَحَـدَّت نَارَهَـا الحَطَـبُ

وَقَاتَلَـتْ دُونَنَـا الأَبْــوَاقُ (صَـامِـدَةً)
أَمَّا الرِّجَالُ فَمَاتُـوا... ثَـمَّ أَوْ هَرَبُـوا

حُكَّامُنَا إِنْ تَصَـدّوا لِلْحِمَـى اقْتَحَمُـوا
وَإِنْ تَصَدَّى لَـهُ المُسْتَعْمِـرُ انْسَحَبُـوا

هُمْ يَفْرُشـُونَ لِجَيْـشِ الغَـزْوِ أَعْيُنَهُـمْ
وَيَدَّعُـونَ وُثُـوبًا قَـبْـلَ أَنْ يَثِـبُـوا

الحَاكِمُونَ و«وَاشُنْـطُـنْ» حُكُومَتُـهُـمْ
وَاللامِعُـونَ .. وَمَـا شَعَّـوا وَلا غَرَبُـوا

القَاتِلُـونَ نُبُـوغَ الشَّـعْـبِ تَرْضِـيَـةً
لِلْمُعْتَدِيـنَ وَمَـا أَجْدَتْـهُـمُ الـقُـرَبُ

لَهُمْ شُمُـوخُ «المُثَنَّـى» ظَاهِـرًا وَلَهُـمْ
هَـوًى إِلَـى «بَابَـك الخَرْمِـيّ» يُنْتَسَـبُ

مَاذَا تَرَى يَا «أَبَـا تَمَّـامَ» هَـلْ كَذَبَـتْ
أَحْسَابُنَـا؟ أَوْ تَنَاسَـى عِرْقَـهُ الذَّهَـبُ؟

عُرُوبَـةُ اليَـوَمِ أُخْـرَى لا يَنِـمُّ عَلَـى
وُجُودِهَـا اسْـمٌ وَلا لَـوْنٌ وَلا لَـقَـبُ

تِسْعُونَ أَلْفًا « لِعَمُّـورِيَّـة َ» اتَّـقَـدُوا
وَلِلْمُنَجِّـمِ قَـالُـوا: إِنَّـنَـا الشُّـهُـبُ

قِيلَ: انْتِظَارَ قِطَافِ الكَرْمِ مَـا انْتَظَـرُوا
نُضْـجَ العَنَاقِيـدِ لَكِـنْ قَبْلَهَـا الْتَهَبُـوا

وَاليَـوْمَ تِسْعُـونَ مِلْيونًا وَمَـا بَلَغُـوا
نُضْجًا وَقَدْ عُصِـرَ الزَّيْتُـونُ وَالعِنَـبُ

تَنْسَى الرُّؤُوسُ العَوَالِـي نَـارَ نَخْوَتِهَـا
إِذَا امْتَطَاهَـا إِلَـى أَسْـيَـادِهِ الـذَّنَـبُ

«حَبِيبُ» وَافَيْتُ مِـنْ صَنْعَـاءَ يَحْمِلُنِـي
نَسْرٌ وَخَلْفَ ضُلُوعِـي يَلْهَـثُ العَـرَبُ

مَاذَا أُحَدِّثُ عَـنْ صَنْعَـاءَ يَـا أَبَتِـي ؟
مَلِيحَـةٌ عَاشِقَاهَـا : السُّـلُّ وَالـجَـرَبُ

مَاتَـتْ بِصُنْـدُوقِ «وَضَّاحٍ» بِـلاَ ثَمَـنٍ
وَلَمْ يَمُتْ فِي حَشَاهَا العِشْـقُ وَالطَّـرَبُ

كَانَتْ تُرَاقِبُ صُبْـحَ البَعْـثِ فَانْبَعَثَـتْ
فِي الحُلْمِ ثُمَّ ارْتَمَـتْ تَغْفُـو وَتَرْتَقِـبُ

لَكِنَّهَا رُغْمَ بُخْـلِ الغَيْـثِ مَـا بَرِحَـتْ
حُبْلَى وَفِي بَطْنِهَـا «قَحْطَـانُ» أَوْ «كَرَبُ»

وَفِـي أَسَـى مُقْلَتَيْهَـا يَغْتَلِـي «يَمَـنٌ»
ثَانٍ كَحُلْـمِ الصِّبَـا... يَنْـأَى وَيَقْتَـرِبُ

«حَبِيبُ» تَسْأَلُ عَنْ حَالِي وَكَيْـفَ أَنَـا؟
شُبَّابَـةٌ فِـي شِفَـاهِ الرِّيـحِ تَنْتَـحِـبُ

كَانَتْ بِلادُكَ «رِحْلًا»، ظَهْـرَ «نَاجِيَـةٍ»
أَمَّـا بِـلاَدِي فَلَا ظَهْـرٌ وَلاَ غَـبَـبُ

أَرْعَيْـتَ كُـلَّ جَدِيـبٍ لَحْـمَ رَاحِلَـةٍ
كَانَتْ رَعَتْـهُ وَمَـاءُ الـرَّوْضِ يَنْسَكِـبُ

وَرُحْتَ مِنْ سَفَـرٍ مُضْـنٍ إِلَـى سَفَـرٍ
أَضْنَـى لأَنَّ طَرِيـقَ الرَّاحَـةِ التَّـعَـبُ

لَكِنْ أَنَا رَاحِـلٌ فِـي غَيْـرِ مَـا سَفَـرٍ
رَحْلِي دَمِي ... وَطَرِيقِي الجَمْرُ وَالحَطَـبُ

إِذَا امْتَطَيْـتَ رِكَابًا لِلـنَّـوَى فَـأَنَـا
فِي دَاخِلِي ... أَمْتَطِـي نَـارِي وَأغْتَـرِبُ

قَبْرِي وَمَأْسَـاةُ مِيـلاَدِي عَلَـى كَتِفِـي
وَحَوْلِـيَ العَـدَمُ المَنْفُـوخُ وَالصَّخَـبُ

«حَبِيبُ» هَـذَا صَدَاكَ اليَـوْمَ أَنْشُـدُهُ
لَكِـنْ لِمَـاذَا تَـرَى وَجْهِـي وَتَكْتَئِـبُ؟

مَاذَا ؟ أَتَعْجَـبُ مِنْ شَيْبِي عَلَى صِغَـرِي؟
إِنِّي وُلِدْتُ (عَجُـوزًا) .. كَيْـفَ تَعْتَجِـبُ؟

وَاليَـوْمَ أَذْوِي وَطَيْـشُ الفَـنِّ يَعْزِفُنِـي
وَالأَرْبَعُـونَ عَلَـى خَــدَّيَّ تَلْتَـهِـبُ

كَـذَا إِذَا ابْيَـضَّ إِينَـاعُ الحَيَـاةِ عَلَـى
وَجْـهِ الأَدِيـبِ أَضَـاءَ الفِكْـرُ وَالأَدَبُ
* * * * *
وَأَنْتَ مَنْ شِبْتَ قَبْـلَ الأَرْبَعِيـنَ عَلَـى
نَـارِ «الحَمَاسَـةَ » تَجْلُوهَـا وَتَنْتَـحِـبُ

وَتَجْتَـدِي كُـلَّ لِـصٍّ مُتْـرَفٍ هِـبَـةً
وَأَنْتَ تُعْطِيـهِ شِعْـرًا فَـوْقَ مَـا يَهِـبُ

شَرَّقْتَ غَرَّبْتَ مِنْ «وَالٍ» إِلَـى «مَلِـكٍ»
يَحُثُّـكَ الفَقْـرُ ... أَوْ يَقْتَـادُكَ الطَّلَـبُ

طَوَّفْتَ حَتَّى وَصَلْتَ « المُوصِلِ » انْطَفَأَتْ
فِيـكَ الأَمَانِـي وَلَـمْ يَشْبَـعْ لَهَـا أَرَبُ

لَكِـنَّ مَـوْتَ المُجِيـدِ الفَـذِّ يَـبْـدَؤه
وِلادَةً مِـنْ صِبَاهَـا تَرْضَـعُ الحِقَـبُ
* * * * *
«حَبِيبُ» مَـا زَالَ فِـي عَيْنَيْـكَ أَسْئِلَـةٌ
تَبْـدُو... وَتَنْسَـى حَكَايَاهَـا فَتَنْتَـقِـبُ

وَمَا تَـزَالُ بِحَلْقِـي أَلْــفُ مُبْكِـيَـةٍ
مِنْ رُهْبـَةِ البَوْحِ تَسْتَحْيِـي وَتَضْطَـرِبُ

يَكْفِيـكَ أَنَّ عِدَانَـا أَهْـدَرُوا دَمَـنَـا
وَنَحْـنُ مِـنْ دَمِنَـا نَحْسُـو وَنَحْتَلِـبُ

سَحَائِـبُ الغَـزْوِ تَشْوِينَـا وَتَحْجِبُـنَـا
يَوْمَاً سَتَحْبَلُ مِـنْ إِرْعَادِنَـا السُّحُـبُ

أَلا تَـرَى يَـا أَبَـا تَمَّـامَ بَارِقَـنَـا
إِنَّ السَّمَـاءَ تُرَجَّـى حِيـنَ تُحْتَجَبُ

ثريا نبوي 09-25-2022 02:44 AM

رد: أبو تمَّام وعروبةُ اليوم .. للشاعر اليمني عبدالله البردوني
 
تقديمٌ للمهرجان الذي شرُفَ بحضورِ البردوني وإلقائه لهذه الرائعة
__________________________________________________ ______________________________________________

كنّا في مهرجان أبي تمام في الموصل، أنا وجيلي لم نكن قد سمعنا باسم عبدالله البردوني بعد.
حين نوديَ باسم عبدالله البردوني أخذنا نتلهف لمعرفة هذا الاسم الجديد علينا، كيف يُدعى إلى مهرجان مرموق شاعرٌ لم نسمع به، نحاول أن نتبين قامته القصيرة بين الحشود، كان يشق صفوف الجمهور ليصعد إلى المنصة، لم يكن له نصيبٌ من أناقة مهيبة كنزار قباني ومحمود درويش وعمر أبو ريشة، لكنه لم ترافقه إلى المنصة إلّا نفسه العظيمة وموهبته الجبارة، وقف على المنصة بقامته الضئيلة، بوجهه المحفوف بالجدري بعينيه المطفئتين، وحدّق في ظلام القاعة الدامس، وكأنَّه يتشمم هواء القاعة، فجأة رُفع غطاء القمقم واندلع منه جنيٌّ كفيفٌ حادُّ العبارة عميقُ الكلام، وإذا بنا نُغرق بوابل من الكلام النادر الجميل الذي لم نسمع مثله.
وعندما نزل البردوني من المنصة، أحسسنا جميعًا أنه أطولُ قامةً مما كان، لقد أضافت له القصيدة طولًا آخر وأضافت لشخصيته بعدًا آخر، وأخذنا نُعيد حساباتنا من جديد، ونُعيد ترتيب ذاكرتنا، إننا إزاء شاعر سيحتل ذاكرتنا لأزمان طويلة ولن يغادرها أبدًا.

علي جعفر العلّاق

ثريا نبوي 09-25-2022 04:38 AM

رد: أبو تمَّام وعروبةُ اليوم .. للشاعر اليمني عبدالله البردوني
 
لمن يُريدُ معرفة أصحاب الأسماء الواردة في القصيدة مثل: (الأفشين) و (بابَك الخزميّ)
يمكن الاطلاع على محمول الرابط أدناه عن فتحِ عموريّة،، لمزيدٍ من الضوء:


https://www.mnaabr.com/vb/showthread...968#post349968

عبد الكريم الزين 09-26-2022 12:56 AM

رد: أبو تمَّام وعروبةُ اليوم .. للشاعر اليمني عبدالله البردوني
 
قصيدة رائعة


جزيل الشكر أستاذتنا الأديبة المبدعة ثريا
تحياتي وباقات ورد:31:

ثريا نبوي 09-29-2022 05:16 AM

رد: أبو تمَّام وعروبةُ اليوم .. للشاعر اليمني عبدالله البردوني
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم الزين (المشاركة 350137)
قصيدة رائعة


جزيل الشكر أستاذتنا الأديبة المبدعة ثريا
تحياتي وباقات ورد:31:


حيّاك الله أديبَنا المُبدع ومُشرفنا القدير
ورحِم الله هرمَ الشعر اليمني الخالد البردوني
وكم كان قويّ البصيرةِ، بكّاءً على مآلاتِ العروبة
تشعرُ وأنت تقرؤه أن أبياتَه حُمَمٌ بركانيةٌ لا تعرف الهدوء
وأنه دائمُ السباحةِ في نهر الثورة اليمنية
بعزيمةٍ لا تعرفُ البَوار

ثريا نبوي 09-29-2022 05:20 AM

رد: أبو تمَّام وعروبةُ اليوم .. للشاعر اليمني عبدالله البردوني
 
وَقَاتَلَـتْ دُونَنَـا الأَبْــوَاقُ (صَـامِـدَةً)
أَمَّا الرِّجَالُ فَمَاتُـوا... ثَـمَّ أَوْ هَرَبُـوا

ليته قال: (ثابتةً) لأن التعبير عن الثباتِ بالصمود خطأ لغوي شائعٌ جدًّا
فقط أدقق ليستفيدَ القارئ، وقبائل احترامٍ لشاعرنا رحِمه الله


ثريا نبوي 09-29-2022 05:24 AM

رد: أبو تمَّام وعروبةُ اليوم .. للشاعر اليمني عبدالله البردوني
 
مَاذَا ؟ أَتَعْجَـبُ مِنْ شَيْبِي عَلَى صِغَـرِي؟
إِنِّي وُلِدْتُ (عَجُـوزًا) .. كَيْـفَ تَعْتَجِـبُ؟

وليته قال:
إِنِّي وُلِدْتُ (بِشَيْبي) .. كَيْـفَ تَعْتَجِـبُ؟
فالمرأة المُسِنة: عجوز .. والرجل المُسِنّ: شيخ

وهو خطأ لغوي شديد الشيوع أن يُقال للرجل المسن: عجوز



الساعة الآن 08:26 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team