منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   المأساة من منظور فلسفي (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=28496)

عبد الوهاب جاسم 04-15-2021 09:57 PM

المأساة من منظور فلسفي
 
المأساة حقيقة من حقائق الحياة الإنسانية، وتتبدى في حالات كثيرة تعبيراً ساطعا عن مأزق الوجود الإنساني ذاته ، وقد ذهب البعض من دارسي الفكر إلى القول بأنها الجوهر الأصيل للتجربة الإنسانية، فهي كما يؤكد هؤلاء ميزة تضعه فوق الكائنات الحية وتجعله في مرتبة أعلى منها.
والمأساة عادة ما تستدعي إلى الذهن ثلاثة مفاهيم، فهناك المسرح المأساوي الذي ابتدعه اليونانيون القدماء ونقل لنا التاريخ رموزه الكبيرة، وهناك كذلك التعريف الذي يضفي صفة المأساة على بعض الحوادث المروعة التي تصيب أفرادا على نحو مفاجئ، وهناك مفهوم آخر للمأساة تهتم به الدراسات الفلسفية وهو تحديداً المنظور المأساوي للحياة.

ياسَمِين الْحُمود 04-16-2021 11:33 AM

رد: المأساة من منظور فلسفي
 
انتهيت قبل قليل من رائعتك الشعرية
لأستنهل من فكرك الفلسفي هنا
غير مستغربة أن يحظي البحث في الوجه المأساوي للحياة باهتمام الفلاسفة على اختلاف تياراتهم ومدارسهم الفكرية، ذلك أن التجربة الإنسانية من أهم ميادين البحث والتقصي الفلسفي، وتنتهي فكرة المنظور المأساوي للحياة على عدة مقدمات، من بينها التعامل مع العالم على أنه منظومة أخلاقية متكاملة، أو على النقيض من ذلك النظر إليه بوصفه يرزح تحت وطأة غياب تلك المنظومة الأخلاقية، فالوجود الإنساني تحدد ماهيته إلى درجة كبيرة حضور أو غياب المنظومة الأخلاقية، وذلك تحديداً جعل الكتابات اللاهوتية تسعى لتحقيق توازن أخلاقي، من خلال إقرا ها بأن فكرة الشر ذات وجود أزلي وسرمدي في العالم ومن أن هناك أوقاتا ينمو فيها الشر ويتفشى، والوسيلة المثلى للتصدي له هي في انتهاج وصفة مبسطة تقضي بعقاب مرتكب الشر ومكافأة فاعل الخير وهذه ستشكل فيما بعد تنويعاً آخراً على الفكرة القديمة بارتباط السعادة بالفضيلة.

كُنت هنا أخي أستاذ الفلسفة عبد الوهاب جاسم
وتركت رأيي الخاص بالمنظور الفلسفي للمأساة:30:

عبد الوهاب جاسم 04-16-2021 12:09 PM

رد: المأساة من منظور فلسفي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين الحمود (المشاركة 293543)
انتهيت قبل قليل من رائعتك الشعرية
لأستنهل من فكرك الفلسفي هنا
غير مستغربة أن يحظي البحث في الوجه المأساوي للحياة باهتمام الفلاسفة على اختلاف تياراتهم ومدارسهم الفكرية، ذلك أن التجربة الإنسانية من أهم ميادين البحث والتقصي الفلسفي، وتنتهي فكرة المنظور المأساوي للحياة على عدة مقدمات، من بينها التعامل مع العالم على أنه منظومة أخلاقية متكاملة، أو على النقيض من ذلك النظر إليه بوصفه يرزح تحت وطأة غياب تلك المنظومة الأخلاقية، فالوجود الإنساني تحدد ماهيته إلى درجة كبيرة حضور أو غياب المنظومة الأخلاقية، وذلك تحديداً جعل الكتابات اللاهوتية تسعى لتحقيق توازن أخلاقي، من خلال إقرا ها بأن فكرة الشر ذات وجود أزلي وسرمدي في العالم ومن أن هناك أوقاتا ينمو فيها الشر ويتفشى، والوسيلة المثلى للتصدي له هي في انتهاج وصفة مبسطة تقضي بعقاب مرتكب الشر ومكافأة فاعل الخير وهذه ستشكل فيما بعد تنويعاً آخراً على الفكرة القديمة بارتباط السعادة بالفضيلة.

كُنت هنا أخي أستاذ الفلسفة عبد الوهاب جاسم
وتركت رأيي الخاص بالمنظور الفلسفي للمأساة:30:


سعيد بتعقيبك أستاذة ياسمين
الفكرة التي طرحتيها يرتبط بها على نحو وثيق عنصر المعاناة بوصفه صنوا للمأساة، وشرطاً لتحققها فالإنسان حينما يعيش الحياة بطريقة مأساوية إنما يختبر في المقام الأول المعاناة ويكابدها لحظة بلحظة
غير أن هذه الفكرة وجدت بين الفلاسفة من يعارضها؛ إذ يذكر على سبيل المثال فردريك نيتشه بأن المعاناة ليست هي الأساس إذ أن الإنسان الفرد بوسعه مكابدة المعاناة، ويقيم مقارنة بين الإنسان والحيوان ليذكر بأن ما يميز الإنسان عن الحيوان هو بحثه عن المعنى، وبأن عدم وجود معنى للحياة يخلق فراغاً هائلاً تتسلل من خلاله المأساة أو المنظور المأساوي للحياة.

ياسَمِين الْحُمود 04-16-2021 12:20 PM

رد: المأساة من منظور فلسفي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الوهاب جاسم (المشاركة 293545)
سعيد بتعقيبك أستاذة ياسمين
الفكرة التي طرحتيها يرتبط بها على نحو وثيق عنصر المعاناة بوصفه صنوا للمأساة، وشرطاً لتحققها فالإنسان حينما يعيش الحياة بطريقة مأساوية إنما يختبر في المقام الأول المعاناة ويكابدها لحظة بلحظة
غير أن هذه الفكرة وجدت بين الفلاسفة من يعارضها؛ إذ يذكر على سبيل المثال فردريك نيتشه بأن المعاناة ليست هي الأساس إذ أن الإنسان الفرد بوسعه مكابدة المعاناة، ويقيم مقارنة بين الإنسان والحيوان ليذكر بأن ما يميز الإنسان عن الحيوان هو بحثه عن المعنى، وبأن عدم وجود معنى للحياة يخلق فراغاً هائلاً تتسلل من خلاله المأساة أو المنظور المأساوي للحياة.

أستاذي لي وقفة أخرى هنا
أستسمحك عذرا الآن ،سأعود آجلا
فقد حان موعد الإمساك وبعده صلاة الفجر :31:

ياسَمِين الْحُمود 04-17-2021 09:33 AM

رد: المأساة من منظور فلسفي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الوهاب جاسم (المشاركة 293545)
سعيد بتعقيبك أستاذة ياسمين
الفكرة التي طرحتيها يرتبط بها على نحو وثيق عنصر المعاناة بوصفه صنوا للمأساة، وشرطاً لتحققها فالإنسان حينما يعيش الحياة بطريقة مأساوية إنما يختبر في المقام الأول المعاناة ويكابدها لحظة بلحظة
غير أن هذه الفكرة وجدت بين الفلاسفة من يعارضها؛ إذ يذكر على سبيل المثال فردريك نيتشه بأن المعاناة ليست هي الأساس إذ أن الإنسان الفرد بوسعه مكابدة المعاناة، ويقيم مقارنة بين الإنسان والحيوان ليذكر بأن ما يميز الإنسان عن الحيوان هو بحثه عن المعنى، وبأن عدم وجود معنى للحياة يخلق فراغاً هائلاً تتسلل من خلاله المأساة أو المنظور المأساوي للحياة.

إذاً هناك جانب مهم في هذا القول، يتمثل في أن الإنسان يسعى إلى البحث عن معنى للحياة ، وهو بذلك يحاول أن يتواءم مع الواقع في الحياة، ولكن في الوقت عينه فإن المأساة قد تصبح أمراً لا مفر منه.
ذلك أن رغبات الفرد والقيم التي يحملها يحكمها بالضرورة الصراع ، فهي من جانب قد لا تكون متوافقة مع بعضها البعض وكأنها في حالة تضارب وصراع، أو أن تكون من جانب آخر متعارضة مع الواقع والحياة ، فيما يحمله الفرد مبادئ ومفاهيم وما يوجد في الحياة ممارسة،ذلك تعارض بين المبادئ والممارسة.

عبد الوهاب جاسم 04-17-2021 11:55 AM

رد: المأساة من منظور فلسفي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين الحمود (المشاركة 293642)
إذاً هناك جانب مهم في هذا القول، يتمثل في أن الإنسان يسعى إلى البحث عن معنى للحياة ، وهو بذلك يحاول أن يتواءم مع الواقع في الحياة، ولكن في الوقت عينه فإن المأساة قد تصبح أمراً لا مفر منه.
ذلك أن رغبات الفرد والقيم التي يحملها يحكمها بالضرورة الصراع ، فهي من جانب قد لا تكون متوافقة مع بعضها البعض وكأنها في حالة تضارب وصراع، أو أن تكون من جانب آخر متعارضة مع الواقع والحياة ، فيما يحمله الفرد مبادئ ومفاهيم وما يوجد في الحياة ممارسة،ذلك تعارض بين المبادئ والممارسة.

هذه اللحظة التي تتصارع فيها الرغبات ع الحياة أستاذة ياسمين ، هي التي تولد المأساة ولعلنا نجد في فكرة المأساة كما صورها ويليام شكسبير تجسيداً مثالياً لذلك، فعلى سبيل المثال نجد أن مأساة روميو وجولييت هي في جوهرها مأساة تمخضت عن الصراع الذي لا مندوحة عنه بين الأشياء التي يعتنقها المرء بداخله والعالم كما يعرفه.

احترامي وتقديري لكِ أستاذة ياسمين

ياسَمِين الْحُمود 04-17-2021 12:15 PM

رد: المأساة من منظور فلسفي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الوهاب جاسم (المشاركة 293652)
هذه اللحظة التي تتصارع فيها الرغبات ع الحياة أستاذة ياسمين ، هي التي تولد المأساة ولعلنا نجد في فكرة المأساة كما صورها ويليام شكسبير تجسيداً مثالياً لذلك، فعلى سبيل المثال نجد أن مأساة روميو وجولييت هي في جوهرها مأساة تمخضت عن الصراع الذي لا مندوحة عنه بين الأشياء التي يعتنقها المرء بداخله والعالم كما يعرفه.

احترامي وتقديري لكِ أستاذة ياسمين

المأساة أستاذي تخرج من بطن اللحظة التي تتعارض فيها الرغبات مع الحياة.
ولعل فكرة المأساة كما تفضلت وصورها ويليام شكسبير تجسيد مثالي على ذلك، فعلى سبيل المثال، سنجد مأساة روميو وجولييت في جوهرها نتاجاً للصراع بين القيم التي يعتنقها المرء بداخله والعالم يعرفه، فالحب يجمع بين روميو وجولييت في حداثة سنيهما وتحركهما الرغبات والمشاعر الداخلية ولكنهما يصطدمان بعالم يعارض ذلك الحب ويتوعده من خلال العداء المرير بين عائلتيهما ويحاول هذا الخب تجاوز هذا الصراع ولكنه ينتهي إلى أن يصبح مأساة .

يبدو أن النقاش سيطول في هذه القضية لذلك سيثبت لحين الانتهاء من النقاش
:20::20::20:




عبد الوهاب جاسم 04-17-2021 03:34 PM

رد: المأساة من منظور فلسفي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين الحمود (المشاركة 293679)
المأساة أستاذي تخرج من بطن اللحظة التي تتعارض فيها الرغبات مع الحياة.
ولعل فكرة المأساة كما تفضلت وصورها ويليام شكسبير تجسيد مثالي على ذلك، فعلى سبيل المثال، سنجد مأساة روميو وجولييت في جوهرها نتاجاً للصراع بين القيم التي يعتنقها المرء بداخله والعالم يعرفه، فالحب يجمع بين روميو وجولييت في حداثة سنيهما وتحركهما الرغبات والمشاعر الداخلية ولكنهما يصطدمان بعالم يعارض ذلك الحب ويتوعده من خلال العداء المرير بين عائلتيهما ويحاول هذا الخب تجاوز هذا الصراع ولكنه ينتهي إلى أن يصبح مأساة .

يبدو أن النقاش سيطول في هذه القضية لذلك سيثبت لحين الانتهاء من النقاش
:20::20::20:



النقاش معك يفتح آفاقا لتلك المأساة، كما أن المأساة قد تكون صنيعة صراع رغبات متعددة تمور في دواخل الفرد نفسه فهو قد يرغب في شيء ويتوق إليه في الوقت عينه الذي تكون فيه تلك الرغبة متعارضة مع رغبات أخرى، بحيث ينتهي الأمر إلى أن تصبح بعض أكثر رغباتنا نبلا متعارضة مع رغبات أخرى لاتقل عنها أهمية، وهو ما نجده في الحياة المأساوية لأفراد كانو يسعون وراء قيم رفيعة كالعدل والحرية ولكنهم في مكابدتهم لمشقة الظفر بهذه القيم انتهى بهم الأمر إلى تدمير قيم أخرى لاتقل عنها نبلا فتكون المأساة تتويجاً حزيناً لحياتهم وسعيهم.

حامد العيسى 04-17-2021 03:49 PM

رد: المأساة من منظور فلسفي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الوهاب جاسم (المشاركة 293697)
النقاش معك يفتح آفاقا لتلك المأساة، كما أن المأساة قد تكون صنيعة صراع رغبات متعددة تمور في دواخل الفرد نفسه فهو قد يرغب في شيء ويتوق إليه في الوقت عينه الذي تكون فيه تلك الرغبة متعارضة مع رغبات أخرى، بحيث ينتهي الأمر إلى أن تصبح بعض أكثر رغباتنا نبلا متعارضة مع رغبات أخرى لاتقل عنها أهمية، وهو ما نجده في الحياة المأساوية لأفراد كانو يسعون وراء قيم رفيعة كالعدل والحرية ولكنهم في مكابدتهم لمشقة الظفر بهذه القيم انتهى بهم الأمر إلى تدمير قيم أخرى لاتقل عنها نبلا فتكون المأساة تتويجاً حزيناً لحياتهم وسعيهم.

أستأذن الجميلين وأعمل مداخلة متواضعة في النقاش الجاد والممتع والذي له أبعاد لا يدركه الا من تخصص في هذا المجال، الفرد حينما تضرب المأساة حياته ويهوي على ركبتيه فإنها تتبدى أمامه وكأنها لغز إذ قد يتساءل عن السبب في حدوث المأساة وهذا الأمر على قدر كبير من الأهمية.
شكرا لكما ومتابع جيد معكما .

محمد أبو الفضل سحبان 04-18-2021 01:31 AM

رد: المأساة من منظور فلسفي
 
يرى أرسطو أن التغير في الحال نحو التعاسة والمأساة لا يعود إلى أي خلل أو عيب أخلاقي، ولكن إلى خطأ من نوع ما....كما أنه عكس الاعتقاد الخاطئ بأن هذه المأساة يمكن أن تنتج من قبل سلطة عليا (على سبيل المثال القانون، المصير، أو المجتمع)، بينما إذا كان سقوط شخصية ما في هذه المحنة ناجما عن سبب خارجي، فإنه يصف ذلك بأنه «بلية» وليس مأساة.
و يقول الدكتور نعمان منصور : "إن خارطة الدراما على مر العصور بمختلف المؤلفين والظروف والاتجاهات الأدبية والأشكال الفنية والصيغ الجمالية المبهرة التي تكتسيها نصوص الدراما الراقية والتي صمدت أمام التحولات الكبرى في الحياة، تشير بعمق لفلسفة غائرة في النصوص، بل الأدهى، إمكانية أن نتفهم الحياة من خلال تلك النصوص التي تحمل جنينيا مستقرات متفلسفة للحياة آنذاك. فإن تطلعنا إلى النصوص الكلاسيكية المهمة والمتبقية لمؤلفين عمالقة (اسخيلوس، سوفوكلس و يوربيدس) فإننا نجد مثلما أكدت الدراسات المتعمقة، أن موضوع القدر وغلبته لمن يتحداه من بني البشر، إذ شكل القدر القوة المهيمنة على حيوات الأبطال، ومؤسسا لكل تحركاتهم على الرغم من صلابتهم واستمرارهم بالتحدي ومحاولتهم لخرقه وتجاوز مقدراته..."
تقديري لك أ.عبد الوهاب جاسم على هذا الموضوع الجدير بالمتابعة والنقاش ولكل الأساتذة الأفاضل الذين ساهموا في إثرائه..:43:
تحية


الساعة الآن 11:37 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team