منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   فقدان البركة: بين عدم شكر النعم والإصابة بالعين (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=11204)

أحمد الورّاق 05-22-2013 10:26 AM

فقدان البركة: بين عدم شكر النعم والإصابة بالعين
 
إن عدم شكر النعم في وقت ذكرها في اعتقادي هو الذي يسبب فقدان البركة وحصول المشاكل أكثر من أعين الناس ، فاشكر النعمة حين تذكرها, قال تعالى { وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ إِن تَرَ‌نِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا } ﴿الكهف: ٣٩﴾ ..

وقارون لم يشكر النعمة ونسبها إلى علمه، وكلاهما (قارون وصاحب الجنة) محقت البركة من ممتلكاتهما، وإلا فما أكثر حساد قارون .. و ربما هذا ما يقصده الحديث الذي أمرنا عندما نرى شيئاً يعجبنا أن نقول: ما شاء الله تبارك الله ، لأنه أمر بذكر الله, وكلمة "ما شاء الله" الأولى أن يقولها صاحب النعمة أو من يهمه أمرها ، لأن شكر الله هو الذي يديم النعم ..

لاحظ قوله تعالى {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْ‌نَا بِكُمْ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْ‌جُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٨﴾ قَالُوا طَائِرُ‌كُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْ‌تُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِ‌فُونَ ﴿١٩﴾ } ، قف هنا و ضع معها آية : { ما أصاب من مصيبة فبما كسبت أيديكم } ، و من هنا نفهم أن الإنسان مسؤول عما يصيبه من نقص البركة و ليس الآخرون.


هذا الكلام على هدي القرآن ، من شاء أخذه و من شاء تركه ، ولا نور غير نور القرآن..

إن عدم شكرنا للنعمة حينما ننتبه لها فيه جفاء مع الله وغرور بالنفس قد يجعل الله يغضب منا وينزع البركة عنا ، و هذا ما جربته أنا بنفسي وعانيت منه ، أي أني عانيت من عيني أنا و ليس من عيون الناس الذين أتحداهم دائماً أن يصيبوني بأعينهم ولم يستطيعوا بحفظ الله ..

تذكر في حياتك.. ستجد ما يشير إلى ذلك . حتى آليت على نفسي ألا أنتبه إلى نعمة إلا وأشكر الله عليها في حينها ولو بيني وبين نفسي خوفاً من زوالها.


صديقي حصل له حادث سيارة في الشهر الماضي كان يقول بنفس اليوم بينه وبين نفسه: "كل يوم أذهب من هذا الطريق الخطر ولم يصبني حادث" ولم يشكر الله , و في طريق العودة في نفس ذلك اليوم وقع له حادث فظيع لولا رحمة الله لزهقت روحه.

حتى موسى -عليه السلام- عندما سـُئـِل : هل يوجد من هو أعلم منك على الأرض؟ قال: لا, وهنا امتحنه الله بالخضر الذي أوتي علماً لم يؤته موسى .

ولقد لاحظت بقاء النعم التي أستمرُّ في شكر الله عليها, قال تعالى : { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} حتى لا ننسى الله ونذكر أنفسنا ومجهودنا فقط .. وكل شيء عندنا هو من الله وليس من أنفسنا, إنما نحن وغيرنا أسباب ، وهكذا نكون عبيداً لله فالعبد لا ينسى مولاه .

إذا تذكرت أنك تبصر فاحمد الله في نفس اللحظة, إذا رأيت أطفالك بصحة جيدة فاحمد الله فوراً, إذا قمت معافى من نومك فاحمد الله الذي أحياك بعد موتك, قال صلى الله عليه وسلم : (يا غلام احفظ الله يحفظك) ، ولم يقل: انتبه من أعين الناس؛ لأنه ما من خير إلا برعاية الله وهو القادر على إزالته..


وتذكر صاحب الجنة وقارون و { قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} ، وتذكر قول اليهود : {ربنا باعد بين أسفارنا} , كل هذه المصائب أتتهم بسبب أنفسهم, لا بسبب حسد غيرهم ..

و تذكر وعد الله وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم, فنحن الذين نزيل نعمنا عنا و ليس الآخرون, نحن من نضر أنفسنا أكثر مما يضرنا الآخرون . ولو أن قارون سمع النصيحة ونسب النعمة إلى صاحبها وأحسن كما أحسن الله إليه لما زالت نعمته, أيّة عين ستصيب قارون مثل لعنة كفر النعمة التي جعلته يُخسف به وبداره وكنوزه ؟!

تخيل أنك تصنع معروفاً لأحد تلاميذك في صدر مجلسك ثم ينسبه لنفسه ولا يذكر دورك, ألا يسخطك هذا؟! وقد تقطع عنه معروفك؟ يجب أن نتعامل مع الله بأخلاق مثلما تعامل معنا بأخلاق, وهو أهل الذكر والشكر, والفضل للمتقدم.

إن هذه هي العين الحقيقية التي يجب اتقاؤها, كل له نصيب من سخط المنعم بسبب كفره, تذكر غرق التايتنك التي أكدوا أنها السفينة التي لا يمكن أن تغرق, وتذكر انفجار مكوك الفضاء "تشالنجر" ومعناه"المتحدي".

كل نظرة مبنية على الغرور يلاحقها سخط الله وتمحق البركة بسببها عاجلاً أو آجلاً, لأن الكون لله يديره كما يشاء, ولا يستطيع أحد أن يثبـّته كما يشاء. هذه ما يمكن تسميتها بـ "إصابة الجحود" أو "لعنة كفر النعمة" بدلاً من "إصابة العين" ..

والخوف من إصابة الجحود يزيد الإيمان ويقوي العلاقة بالله ويثبت النعمة ويبارك فيها ولا يضر المجتمع في شيء ولا ينشئ العداوات ويسبب القناعة وحسن الأخلاق ، أما الخوف من إصابة العين فيقلل الثقة بالله ويجعل الخوف ينصرف إلى غيره بعد أن يعطَ ما ليس له ولا يستطيعه ..

وهكذا يعلمنا القرآن العظيم ورسوله الكريم الذي يأمرنا في أحاديث كثيرة بالتوكل على الله وحده {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}, وقال تعالى : {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً} ، أي أن خوفهم من غير الله واستعاذتهم بهم زادت قلقهم وخوفهم ولا تطمئنهم ، لأن القلوب تطمئن بذكر الله وحده.





((كتبه الورّاق، وجزى الله خيراً من نقله دون اجتزاء مع ذكر المصدر: مدونة الورّاق))

حميد درويش عطية 05-22-2013 03:47 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييكَ أ. أحمد الورّاق
على حسنِ اختيارِكَ لهذا الموضوع الشَّيِّقِ والمُفيد .
وهو بحاجة إلى الكثير الذي ُيمكنُ التَّطرُّقُ إليه بهذا الخصوص , لأنَّ شكر المنعم واجبٌ , فكيف إذا كان المُنعمُ هو اللهُ تباركَ وتعالى ونِعَمَهُ لا تُعَدُّ ولا تُحْصى .
ستكون لي عودةٌ قريبةٌ بإذنِ اللهِ سبحانه لإغناء هذا الموضوع الَقيِّمِ .
لكَ سلامي وتقديري
وتقبل تحياتي
( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزيدَنَّكُمْ )
حميد
22 - 5 - 2013

آية أحمد 05-22-2013 05:16 PM

صدقتَ أستاذ أحمد، فقد انشغلنا بالعين، وعلّقنا
ما يصيبنا من ضرر على شمّاعتها، ونسينا أصل
البلاء الناتج عن تقصيرنا في حمد الله على الخير الذي
أغرقنا فيه، لكنّ جحودنا جعلنا لا نشعر به...
نسأل الله الهداية، وأن يجعلنا من الحامدين لنعمه،
الشاكرين له في كل حال...

بوركت أستاذي الفاضل أحمد على هذا المقال
الثري، جعله الله في ميزان حسناتك...

حنان آدم 05-22-2013 09:30 PM

أي ْ نعم ..

رائع الّذي أتيت به ... وأعجبني يا أستاذنا هذه النّظرة التقدّميّة , فهي في محلّها ومقامها , ما شاء الله

قال الله تعالى : { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } - ( النّحل : 53 )

بيْد أنّه لي أن أقول , أن ّ هذ لا يعني عدم الاحتراز من العين بالأذكار وباللواذ بالله تعالى والعياذ به من كل ّ شر ّ وحسد

قال الله تعالى : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ(2) وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)
وَمِن شَرِّ النَّفَّـثَـتِ فِى الْعُقَدِ (4)وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) } - سورة الفلق


ــــــــــــــــــــــ
أستاذنا أحمد الورّاق :
نفع الله بما تكتب وجعله خالصاً لوجهه وأرانا وإيّاك الحق ّ حقاً ورزقنا اتّباعه , والباطل باطلاً ورزقنا اجتنابه - آمين
" وإن ّ الله لهادِ الّذين آمنوا إلى صراط ٍ مستقيم "
قد كانت لي حوارات معك لم أتمّها لانشغالي الكبير بدراستي فالمعذرة منكم , وربّما أعود لها إن شئت أن تكمل الحوار حينما أتفرّغ قليلاً

أحمد الورّاق 05-28-2013 12:39 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد الشيخ صالح (المشاركة 147050)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييكَ أ. أحمد الورّاق
على حسنِ اختيارِكَ لهذا الموضوع الشَّيِّقِ والمُفيد .
وهو بحاجة إلى الكثير الذي ُيمكنُ التَّطرُّقُ إليه بهذا الخصوص , لأنَّ شكر المنعم واجبٌ , فكيف إذا كان المُنعمُ هو اللهُ تباركَ وتعالى ونِعَمَهُ لا تُعَدُّ ولا تُحْصى .
ستكون لي عودةٌ قريبةٌ بإذنِ اللهِ سبحانه لإغناء هذا الموضوع الَقيِّمِ .
لكَ سلامي وتقديري
وتقبل تحياتي
( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزيدَنَّكُمْ )
حميد
22 - 5 - 2013


أشكرك أخي الفاضل حميد الشيخ ..

شكراً لحضورك وبارك الله فيك .. ويسرني أن تتحفنا بما لديك ..

وأهلاً وسهلاً بك ..

أحمد الورّاق 05-28-2013 12:40 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آية أحمد (المشاركة 147072)
صدقتَ أستاذ أحمد، فقد انشغلنا بالعين، وعلّقنا
ما يصيبنا من ضرر على شمّاعتها، ونسينا أصل
البلاء الناتج عن تقصيرنا في حمد الله على الخير الذي
أغرقنا فيه، لكنّ جحودنا جعلنا لا نشعر به...
نسأل الله الهداية، وأن يجعلنا من الحامدين لنعمه،
الشاكرين له في كل حال...

بوركت أستاذي الفاضل أحمد على هذا المقال
الثري، جعله الله في ميزان حسناتك...


وبوركت وبورك عقلك النير ..

سعيد جداً أن يقرأ لي من الواعين أمثالك ..

ونسأل الله أن نكون من الشاكرين لنعمه وآلائه حال ذكرها ..

أحمد الورّاق 05-28-2013 12:41 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان آدم (المشاركة 147085)
أي ْ نعم ..

رائع الّذي أتيت به ... وأعجبني يا أستاذنا هذه النّظرة التقدّميّة , فهي في محلّها ومقامها , ما شاء الله

قال الله تعالى : { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } - ( النّحل : 53 )

بيْد أنّه لي أن أقول , أن ّ هذ لا يعني عدم الاحتراز من العين بالأذكار وباللواذ بالله تعالى والعياذ به من كل ّ شر ّ وحسد

قال الله تعالى : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ(2) وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3)
وَمِن شَرِّ النَّفَّـثَـتِ فِى الْعُقَدِ (4)وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) } - سورة الفلق

ــــــــــــــــــــــ
أستاذنا أحمد الورّاق :
نفع الله بما تكتب وجعله خالصاً لوجهه وأرانا وإيّاك الحق ّ حقاً ورزقنا اتّباعه , والباطل باطلاً ورزقنا اجتنابه - آمين
" وإن ّ الله لهادِ الّذين آمنوا إلى صراط ٍ مستقيم "
قد كان لي حوارت معك لم أتمّها لانشغالي الكبير بدراستي فالمعذرة منكم , وربّما أعود لها إن شئت أن تكمل الحوار حينما أتفرّغ قليلاً


شكراً لعودتك ..
وأهلاً بك في أي حوار تشائين ..

لكن أتمنى أن تقارني بإحساسك وذوقك بين الموضوعين الذين جمعت بينهما ، موضوع فقدان البركة المدعوم بأدلة القرآن وموضوع أعين الناس التي تفعل فعل القدر وأنك تحترزين من الناس وليس من الله مالك الأقدار وحده ، هذه المرة جربي إحساسك وذوقك ودعي عقلك يستريح مؤقتاً .. سوف تكتشفين ما اكتشفته من الفرق الكبير في البدايات وفي النتائج ..

وشكراً جزيلاً لك ..


الساعة الآن 11:55 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team