منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الدراسات النحوية والصرفية واللغوية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=47)
-   -   تعقيبات على كتب العروض (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=30785)

عبده فايز الزبيدي 05-31-2023 03:16 PM

تعقيبات على كتب العروض
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه الكرام. أما بعد:
فهذه تعقيبات واستدراكات، رأيت وجوب تدوينها على ما سطره أهل العروض في كتبهم ومقالاتهم. واللهَ أسألُ العونَ والتوفيق.
وأرحب بالنصح، واالتصحيح والتصويب، والحوار الجاد الهادف.
محبكم/ عبده بن فايز الزبيدي.

عبده فايز الزبيدي 05-31-2023 03:17 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
العقد الفريد دار الكتب العلمية_ بيروت لبنان، الطبعة الأولى 1404هـ - 1983 م.
قال صاحب العقد _ابن عبدربه الأندلسي_رحمه الله_: (
[أبيات الوافر]
العروض المقطوف، الضرب المقطوف
لنا غنم نسوّقها غزار ... كأنّ قرون جلّتها العصيّ
إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع
.........
[معقول]
منازل لفرتني قفار ... كأنما رسومها شطور
.............
[أعصب]
إذا نزل الشتاء بدار قوم ... تجنّب جار بيتهم الشتاء
...............
[أقصم]
ما قالوا لنا سيدا ولكن ... تفاحش قولهم فأتوا بهجر
............
[أجم]
وإنك خير من ركب المطايا ... وأكرمهم أبا وأخا ونفسا ......). [مج 6 / 329].

قلتُ:
(1) قوله (أعصب) هو تصحيف ولاشك، تصويبه: أعْضَبُ، والعَضْبُ: _بالضاد_ حذف أول الوتد المجموع من (مفاعلتن) الأولى السليمة، وبه (مُفاعلتن) تصبح (فاعلتن). وتنقل إلى مفتعلن لتحسين اللفظ. والعضب علَّة تجري مجرى الزحاف، لأنها لا تتكرر في بقية أبيات القصيدة. شاهده قول عمروٍ بن أحمرَ الباهلي:
إنْ نَزَلَ الشّتِاءُ بدارِ قَومٍ = تَجَنَّبَ جارَ بَيتهِمُ الشّتِاءُ
إنْ نَزَلَشْـ/ ـشِتِاءُ بدا/ رِقَومنْ = تَجَنْنَبَ جا/ رَبَيْتهِمُشْ/ شِتِاءُوْ
(/ه///ه)(//ه///ه)(//ه/ه) = (//ه///ه)(//ه///ه)(//ه/ه)
مفْتعلن/ مفاعلتن/ فعولن = مفاعلتن/ مفاعلتن/ فعولن
معضوبة/ صحيحة/ مقطوفة = صحيحة/ صحيحة/ مقطوف

(2) رواية العقد الفريد لبيت الباهلي، هكذا:
إذا نَزَلَ الشِتاءُ بِدارِ قَومٍ = تَجَنَّبَ جارَ بَيتِهِمُ الشِتاءُ
ليس فيها شاهد على علة العضْب. والشاهد يكون برواية:
(إنْ نَزَلَ الشِتاءُ بِدارِ قَومٍ = ..........)

عبده فايز الزبيدي 05-31-2023 03:20 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
العقد الفريد دار الكتب العلمية_ بيروت لبنان، الطبعة الأولى 1404هـ - 1983 م.
قال صاحب العقد _ابن عبدربه الأندلسي_رحمه الله_: (
[أبيات الوافر]
العروض المقطوف، الضرب المقطوف
لنا غنم نسوّقها غزار ... كأنّ قرون جلّتها العصيّ
إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع
.........
[معقول]
منازل لفرتني قفار ... كأنما رسومها شطور
.............
[أعصب]
إذا نزل الشتاء بدار قوم ... تجنّب جار بيتهم الشتاء
...............
[أقصم]
ما قالوا لنا سيدا ولكن ... تفاحش قولهم فأتوا بهجر
............
[أجم]
وإنك خير من ركب المطايا ... وأكرمهم أبا وأخا ونفسا ......). [مج 6 / 329].

قلتُ:
(1) قوله (أعصب) هو تصحيف ولاشك، تصويبه: أعْضَبُ، والعَضْبُ: _بالضاد_ حذف أول الوتد المجموع من (مفاعلتن) الأولى السليمة، وبه (مُفاعلتن) تصبح (فاعلتن). وتنقل إلى مفتعلن لتحسين اللفظ. والعضب علَّة تجري مجرى الزحاف، لأنها لا تتكرر في بقية أبيات القصيدة. شاهده قول عمروٍ بن أحمرَ الباهلي:
إنْ نَزَلَ الشّتِاءُ بدارِ قَومٍ = تَجَنَّبَ جارَ بَيتهِمُ الشّتِاءُ
إنْ نَزَلَشْـ/ ـشِتِاءُ بدا/ رِقَومنْ = تَجَنْنَبَ جا/ رَبَيْتهِمُشْ/ شِتِاءُوْ
(/ه///ه)(//ه///ه)(//ه/ه) = (//ه///ه)(//ه///ه)(//ه/ه)
مفْتعلن/ مفاعلتن/ فعولن = مفاعلتن/ مفاعلتن/ فعولن
معضوبة/ صحيحة/ مقطوفة = صحيحة/ صحيحة/ مقطوف

(2) رواية العقد الفريد لبيت الباهلي، هكذا:
إذا نَزَلَ الشِتاءُ بِدارِ قَومٍ = تَجَنَّبَ جارَ بَيتِهِمُ الشِتاءُ
ليس فيها شاهد على علة العضْب. والشاهد يكون برواية:
(إنْ نَزَلَ الشِتاءُ بِدارِ قَومٍ = ..........)

عبده فايز الزبيدي 06-01-2023 01:50 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
كتاب القوافي للتنوخي، بتحقيق الدكتور عوني عبدالرؤوف، الطبعة الثانية ظ،ظ©ظ§ظ¨ م ، مكتبة الخانجي بمصر. ورد قول التنوخي: (وقال قطرب: القافية حرب الروى ….) [ص: ظ¦ظ¦].
وهو تصحيف تصويبه: (القافية حرف الروي)
ولم يشر محقق الطبعة لهذا، بل كتب في الهامش رقم (ظ¤)، ما نصه: (وعبارة اللسان ج ظ،ظ¥ ص ظ،ظ©ظ¥ ع ظ¢ س ظ£ظ*: وقال قطرب: القافية الحرف الذي تبنى عليه القصيدة) وهو المسمى رويا.

وهذه النسخة معتمدة في المكتبة الشاملة، فوجب التنبيه.

ولم يرد هذا التصحيف في نسخة الكتاب الذي حققه وقدم له / عمر الأسعد ومحيي الدين رمضان.
إذ أوردا قول التنوخي، هكذا: ( وقال قطرب: القافية حرف الروي). [ص: ظ¥ظ©].
في الطبعة الأولى ظ،ظ£ظ¨ظ© هـ _ ظ،ظ©ظ§ظ* م، دار الإرشاد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.

عبده فايز الزبيدي 06-01-2023 01:54 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
أورد الدكتور/ عمر خلوف في كتابه (كن شاعرا) صورة لمشطور الطويل، جاءت على وزن: (فعولن مفاعيلن فعولُ فعولن)
واستشهد لها بأبيات لابن عبدربه الأندلسي، جاء فيها لفظة (كلومي)، فأورد النص هكذا :
آعاذل قد آلمتِ ويكَ فلومي
وما بَلَغ الإشراكَ ذَنْبُ عَديمِ
لقد أَسْقطتْ حقِّي عليكِ "كلومي"
كما أسْقطَ الإفلاسُ حقَّ غريمِ ) [ص: 179].

قلتُ:
جاءت الأبيات في العقد الفريد، كما يلي:
آعاذل قد آلمتِ ويكَ فلومي=وما بَلَغ الإشراكَ ذَنْبُ عَديمِ
لقد أَسْقطت حقِّي عليكِ (صبابتي) = كما أسْقطَ الإفلاسُ حقَّ غريمِ
وأعذرُ ما أدْمى الجُفونَ منَ البُكا = كريمٌ رأى الدُّنيا بكفِّ لئمِ
أَرى كلَّ فَدمٍ قَد تَبحْبَحَ في الغِنى = وذُو الظَّرف لاتلْقاهُ غيرَ عَديمِ

وليس فيها (كلومي)، بل هي من عند الدكتور عمر خلوف.

ويكون وزن القطعة_ في أصلها_ التي بين أيدينا_ عدا التصريع_ ، هكذا:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن= فعولن مفاعيلن فعولن فعولن
أي قصيدة من ذوات البيت الذي يـتألف من مصراعين، بعروض تامة مقبوضة وضريها محذوف، وليست من المشطور.

الخلاصة:
(1) أورد الكاتب النص ناقصا، ووضع كلمة (كلومي) بدلا من صبابتي، كي يتماشى مع الوزن الذي ذكره، والصورة التي افترضها، وليس لها وجود.
والقصيدة في مصادرها قطعة من أربعة أبيات، ووزنها من التام بعروض تامة مقبوضة، وضرب محذوف:
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن= فعولن مفاعيلن (فعولن) فعولن
و(فعولن) الرابعة ترد كثيرا مقبوضة: فعولُ.
(2) نسب للشاعر ما لم يكتبه أو يقره، وهذا تحوير للنصوص وتعديل فيها لا يصح أبداً.

عبده فايز الزبيدي 06-01-2023 01:54 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
قال الدكتور/ عبدالعزيز عتيق في كتابه( علم العروض والقافية): ([حروف القافية]
تتكون القافية من حرف أساسي ترتكز عليه يعرف باسم الروي. فالروي هو آخر حرف صحيح في البيت وعليه تبني القصيدة وإليه تنتسب، فيقال: قصيدة ميمية أو نونية أو عينية، إذا كان الروي فيها ميمًا أو نونًا أو عينًا.
والروي وحده هو أقل ما تتألف منه القافية، وذلك عندما يكون الروي ساكنًا، فإذا زاد الشاعر شيئًا آخر فإن لهذه الزيادة اصطلاحات خاصة، …..) [ص: ١٣٦]
قلت: عبارة الكاتب غير دقيقة، ولو قال ترتكز القافية على حرف الروي، لكان أقرب للصواب؛ لأن الروي وإن كان محور القافية، فليس هو القافية، إلا من باب المجاز.
وقوله (والروي وحده هو أقل ما تتألف منه القافية، وذلك عندما يكون الروي ساكنًا)
وهذا ليسَ بصحيحٍ، فالقافيَةُ في أحد تعريفي الخليل صاحب العروض هي آخر ساكنين في البيت وما بينهما من حركات، مع الحرف الذي يسبق الساكن الأول.
وهذا التعريف يشمل القوافي المُطلقَة _وهي التي تحرَّك روِيُّها_، والقوافي المُقيَّدة وهي التي سكن رويُّها.
والقافية المقيّدةُ تكون وجوبا في الأضرب التي تنتهي بساكنين، مثل مجيء (متفاعلانْ) في مجزوء الكامل، والسريع الذي ضربه (فاعلانْ)، والرمل الذي ضربه (فاعلاتْ).
و القافية المقيّدة ثلاثة أنواع، هي:
(1). القافية المقيَّدة المُجَرَّدَة من الردف والتأسيس، قال المثقّب العَبْدي:
حَسَنٌ قَوْلُ نَعَمْ مِنْ بَعْدِ لا = وقَبِيحٌ قولُ لا بَعْدَ نَعَمْ
القافية: (بَعْدَنَعَمْ /ه///ه) الروي الميم الساكنة. والفتحة هي التوجيه، والتوجيه حركة الحرف الذي يسبق الروي في القافية المقيدة المجردة، وقيل في المطلقة كذلك. وسأسمي الحرف الذي يسبق روي القافية المجردة: المُوَجَّه. وبذا يكون عندنا روي، وموجه وتوجيه، مع باقي حروف القافية غير المسماة.
(2). القافية المقيَّدة المردوفة، قال سعيد زهور عدي:
كَريمُ الخِصالِ لطيفِ المَقالِ = جزيلُ النَّوالِ جميلُ الفِعَالْ
القافية: (ـعَالْ)، الروي اللام الساكنة، والألِفُ قبلها ردفها، والفتحة الحذو.
فعندنا من حروف القافية المسماة: الردف و الحرف الذي قبل الردف وسأسميه المُحَاذى وحركته حركته (الحذو)، والروي.
(3). القافية المقيّدة المؤسسة، شاهدها قول ابن عبدربه الأندلسي:
يا ساحِراً مَا كُنْتُ أَعْـ = ـرِفُ قَبْلهُ في الناسِ ساحِرْ
القافية: (سَاحِرْ)، الروي الراء الساكنة، والحاء الدخيل، والألف قبل الدخيل حرف التأسيس. فعندنا من حروف القافية وحركاتها : الروي، الدخيل وحركته الكسرة وهي الإشباع، والألف حرف التأسيس، والحرف قبل التأسيس سأسميه المرسوس، والرَّسُّ حركته، ولا تكون الرَّسُّ إلا الفتحة وجوبا.
الخلاصة: بدراسة القافية المقيدة، وجدنا أن القافية تشمل حروفا وحركات غير الرَّوي المقيد. وكلام الدكتور العلامة/ عبدالعزيز عتيق من السهو، الذي يقع فيه الإنسان، مهما بلغ من العلم والخبرة. والله أعلم وأحكم

عبده فايز الزبيدي 06-01-2023 01:55 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
قال أبو العباس المبرد في "القوافي وما اشتقت ألقابها منه": (فأما الألف فإنها لا تكون رويّاً في شعر مطلق إلا موصولة؛ لأن حروف الوصل لا بدّ من أن تكون متصلة بالروي، والألف ساكنة، والساكن لا يتصل به شيء مما ذكرنا). [ص: ٧]

قلتُ:
(١) يصح استخدام الألف الأصلية _ التي من بنية الكلمة_ رويا، ومن ذلك القصيدة التي يقال لها المقصورة، وهي كل قصيدة تنتهي بألف مقصورة.
ومن أشهر تلك القصائد مقصورة ابن دريد. جاء في مطلعها:
يـا ظَبيَـةً أَشبَـه شَـيءٍ بِالمَهـا = تَرعى الخُزامى بَينَ أَشجـارِ النَّقـا
إِمّا تَـرَي رَأسِـيَ حاكـي لَونُـهُ = طُرَّةَ صُبحٍ تَحـتَ أَذيـالِ الدُجـى

ومن المعاصرين عبدالرحيم محمود، في ألفيته المشهورة، ومنها:
سأحمل روحي على راحتي = وألقي بها في مهاوي الردى
فإمّا حياة تسرّ الصديق = وإمّا مماتٌ يغيظ العدى
ونفسُ الشريف لها غايتان = ورود المنايا ونيلُ المنى
يلذّ لأذني سماع الصليل = ويبهجُ نفسي مسيل الدما
وجسمٌ تجدّل في الصحصحان = تناوشُهُ جارحاتُ الفلا
كسا دمه الأرض بالأرجوان = وأثقل بالعطر ريح الصّبا

وتسميتها بالمقصورة فيه اشتراط أن تكون الألف مقصورة في الروي، وهذا الشرط عندي مثل رفض المبرد مجيئها رويا.

(٢) وأما حجته في قوله: (والألف ساكنة، والساكن لا يتصل به شيء مما ذكرنا)
فالجواب عنها أن الألف وإن كانت ساكنة أصالة، فهذا لا يمنع ورودها رويّا، لأن حرف الهجاء من غير الألف في الروي المقيد: ساكن، ولا يتصل به شيء وليس له مجرى. فهو والألف في الروي سواء.

عبده فايز الزبيدي 06-01-2023 01:56 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
قال سعيد محمود عقل في "الدليل في العروض": (مثال العصب من الوافر:
إنْ نَزَلَ الشّتِاءُ بدارِ قَومٍ = تَجَنَّبَ جارَ بَيتهِمُ الشّتِاءُ
(/ه///ه) (//ه///ه) (//ه/ه) = (//ه///ه) (//ه///ه) (//ه/ه)
فاعلتن/ مفاعلتن/ فعولن = مفاعلتن/ مفاعلتن/ فعولن
شاهد التفعيلة الأولى (فاعلتن) وأصلها مفاعلتن). [ص: 18 - 19]
قلت: (1) قوله: (العصب) هو خطأ، تصويبه: العَضْب، بالضاد لا بالصاد.
وكأنه نقل عن ابن عبدربه الأندلسي صاحب العقد الفريد_وقد أشرت لهذا سابقا_ فقال ابن عبدربه في العقد في معرض حديثه عن البحر الوافر:
([أعصب]: إذا نزل الشتاء بدار قوم ... تجنّب جار بيتهم الشتاء)
وقلت حينها: رواية العقد الفريد لبيت الباهلي، هكذا:
إذا نَزَلَ الشِتاءُ بِدارِ قَومٍ = تَجَنَّبَ جارَ بَيتِهِمُ الشِتاءُ
ليس فيها شاهد على علة العضْب. والشاهد يكون برواية:
(إنْ نَزَلَ الشِتاءُ بِدارِ قَومٍ = ..........)
(2) أورد سعيد العقل الشاهد صحيحا على العضب، ولكنه أخطأ في التسمية، وربما كان هذا من أخطاء الطباعة، والله أعلم.

عبده فايز الزبيدي 06-01-2023 01:57 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
قال سعيد محمود عقل في كتابه "الدليل في العروض": (التشعيث: هو قطع الوتد المتوسط، وليس بلازم، ولا يكون إلا في الخفيف. جزؤه: فاعلاتن : فالاتن....). [ص: 20]

قلت: الذي يبدو لي أن سعيد عقل ينقل عن العقد الفريد، فكما رأينا سابقا نقله عن صاحب العقد الفريد قوله (أعصب)، وهو تصحيف، وصوابه: أعضب.

نجده الآن يوافق ابن عبدربه الأندلسي الذي قال في العقد الفريد: (أما التشعيث فهو دخول القطع في الوتد من «فاعلاتن» التي من الضرب الأول من الخفيف، فيعود «مفعولن»). [مج 6 / 319].

وأقصد بقولي أنه وافق صاحب العقد الفريد أن كليهما أخذا بالرأي الذي يرى أن التشعيث يأتي من قطع وتد (فاعلاتن).

وقد بسط الدماميني تلك الآراء في العيون الغامزة, بقوله: (التشعيث عبارة عن تغيير يلحق فاعلاتن المجموع الوتد، فيصيّره على وزن مفعولن، وقد اختلف العروضيون في كيفيته على أربعة مذاهب:

أحدها أنّ لامه حذفت فصار فاعاتن، وهذا مذهب الخليل. قال الشريف: ولذلك سماه تشعيثاً، لأن التشعيث في اللغة التفريق، ومنه قولهم لمّ الله شعثك، أي جمع متفرق أمرك، فلما حذفت هذه اللام من ((علا)) وهي وسط الوتد افترق نظمه فسماه تشعيثاً لذلك. ورجح هذا الرأي بأن الحذف من الأواخر وما قرب منها أكثر.

الثاني أن عينه حٌذفت فصار ((فالاتن)) واختاره كثير من الحذّاق. ورُجح بأنه حذفٌ من أوائل الأوتاد فجاز كالخرم.

الثالث: أن وتده قطع قُطِع فحذفت ألفه وسكنت لاممه فصار ((فاعلْتن)) ورجح بأن القطع في الأوتاد أكثر.

الرابع مذهب الزّجاج وقطرب، أنه خبن بحذف ألفه، ثم أضمر بإسكان عينه فصار (فعْلاتن)). [ص: 126].

وعلى هذا يكون ابن عبدربه أخذ بالرأي الثالث في تفسير ظاهرة التشعيث في (فاعلاتن)، ونقل عنه سعيد محمود عقل.

تنويه:

- قول الدماميني: ( أن وتده قطع قُطِع ) أرى أن (قطع) الأولى من أخطاء النُّسخ والطباعة؛ لأن أسلوب الدماميني في هذه المسألة أن يأتي بالجزء ثم يوقع عليه فعلا بصيغة ما لم يسمَّ فاعله.

- ورد في المكتبة الشاملة : (أحدها أنّ لامه حذفت فصار فاعلتن) وكما ترى فـ(فاعلتن) تصحيف، والصواب (فاعاتن) كما أوردته أعلاه. وتوجد أخطاء طباعية أخرى، فوجب التنبيه. والله أعلم وأحكم.

أحمد فؤاد صوفي 06-01-2023 06:48 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
هذا جهد كبير مبارك ..
كان الله في عونك ..
بوركت الأيادي ..

عبده فايز الزبيدي 06-03-2023 04:15 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فؤاد صوفي (المشاركة 356143)
هذا جهد كبير مبارك ..
كان الله في عونك ..
بوركت الأيادي ..

آمين، وبارك الله فيك.

عبده فايز الزبيدي 06-03-2023 04:19 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
قال الأخفش في القوافي :”وأما "مَفْعُولُنْ" في الرجز و"فَعُولُنْ" فلا يكون إلا بحرف لينٍ، لأنك أسقطتَ نونَ "مُسْتَفْعِلُنْ" وَأَسكنتَ اللام، فذهبَ منهُ زنةُ مُتحركٍ). [ص: 114].

قلتُ: (1) ورود حرف اللين أو المد في القافية يجعلها من القوافي المردوفة_المُرْدَفة_، والردف حرف لين أو مد (و، ي، ا) يسبق الروي مباشرة.
وعللوا ورود الردف في القوافي بسببين:
أولهما: أن يأتي لتعويض النقص، كما قال الأخفش: (لأنك أسقطتَ نونَ «مُسْتَفْعِلُنْ» وَأَسكنتَ اللام، فذهبَ منهُ زنةُ مُتحركٍ).
وثانيهما: ورود القافية مترادفة، فيجتمع في آخرها ساكنان.
وشرح هذا مبسوط في كتب العروض، ليس هذا مقامه.

(2) يجتمع (فعولن) في ضرب الرجز مع (مفعولن) في القصيدة الواحدة، لأن فعولن هي بديلة (مفعولن) بعد خبنها.
(3) أمَّا قول الإمام الأخفش وهو تلميذ الخليل: ( وأما «مَفْعُولُنْ» في الرجز و«فَعُولُنْ» فلا يكون إلا بحرف لينٍ). [ص: 114].
فهذا ليس بصحيح، وليس بملزم. بل تأتي قافية ضرب الرجز المقطوع (مستفعلْ = مفعولن) تارة مردوفة، وأخرى مجردة من الردف.
فمن شواهد الردف في (مفعولن)، قول ابن عبدربه الأندلسي:
القَلبُ مِنها مستريحٌ سَالمٌ = والقلبُ مِنِّي جَاهِدٌ مَجْهُوْدُ
ومن شواهد التجريد من الردف، قول الحريري في المقامة التبريزية:
أنا السَّروجيّ وهَـذي عِـرْسـي (................ مفعولن)
وليسَ كُفْؤُ البدْرِ غيرَ الشّـمـسِ (................ مفعولن)
وما تَنافى أُنـسُـهـا وأُنـسـي (........... فعولن)
ولا تَناءى ديرُها عـنْ قَـسّـي (................ مفعولن)
ولا عدَتْ سُقْيايَ أرْضَ غَرْسـي (........... فعولن)
لكِنّـنـا مـنـذُ لَـيالٍ خـمْـسِ (................ مفعولن)
نُصبحُ في ثوبِ الطّوى ونُمْسـي (............ فعولن)
وهكذا يمضي هذا التناوب بين (مفعولن) و (فعولن)، في بقية الأرجوزة:
لا نعرِفُ المَضْغَ ولا التّحَـسّـي
حتى كأنّا لخُـفـوتِ الـنّـفْـسِ
أشْباحُ مَوْتى نُشِروا منْ رَمْـسِ
فحينَ عزّ الصّبـرُ والـتـأسّـي
وشَفّنا الضُـرُّ الألـيمُ الـمَـسّ
قُمْنا لسَعْدِ الجَدّ أو لـلـنّـحْـسِ
هذا المَقامَ لاجـتِـلابِ فَـلْـسِ
والفَقْرُ يُلْحي الحُرَّ حـينَ يُرْسـي
إلى التّحَلّي في لِباسِ الـلَّـبْـسِ
فهـذِهِ حـالـي وهَـذا دَرْسـي
فانظُرْ إلى يوْمي وسَلْ عن أمسي
وأمُرْ بجَبري إنْ تَشا أو حبْـسـي
ففي يدَيْكَ صحّتـي ونُـكْـسـي

ووزن الأرجوزة: مستفعلن مستفعلن مفعولن، وهي غير مردوفة.

عبده فايز الزبيدي 06-03-2023 04:23 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
أورد سعيد عقل في (الدليل في العروض) في معرض حديثه عن التضمين في القوافي، قولَ امرئ القيس:
(وَتَعرِفُ فيهِ مِن أَبيهِ شَمائِلاً
وَمِن خالِهِ (مِن) يَزيدَ وَمِن حُجَر

سَماحَةَ ذا وَبِرَّ ذا وَوَفاءِ ذا
وَنائِلَ ذا إِذا صَحا وَإِذا سَكِر). [ص: 28]

قلت: سقط من عجُز البيت الأول حرف العطف: أَوْ. وهو خطأ طباعي، وتصويبه:

وَتَعرِفُ فيهِ مِن أَبيهِ شَمائِلاً
وَمِن خالِهِ( أَو) مِنْ يَزيدَ وَمِن حُجَر

عبده فايز الزبيدي 06-08-2023 05:51 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
قال ابن رشيق القيرواني في العمدة: (ذكر الزجاج أن ابن دريد أخبره عن أبي حاتم عن الأخفش قال: سألت الخليل بعد أن عمل كتاب العروض: لم سميت الطويل طويلاً؟ قال: لأنه طال بتمام أجزائه، قلت: فالبسيط؟ قال: لأنه انبسط عن مدى الطويل وجاء وسطه فعلن وآخره فعلن، قلت: فالمديد؟ قال: لتمدد سباعيه حول خماسيه، قلت: فالوافر؟ قال: لوفور أجزائه وتداً بوتدٍ، قلت: فالكامل؟ قال: لأن فيه ثلاثين حركة لم تجتمع في غيره من الشعر، قلت: فالهزج؟ قال: لأنه يضطرب؛ شبه بهزج الصوت، قلت: فالرجز؟ قال: لاضطرابه كاضطراب قوائم الناقة عند القيام، قلت: فالرمل؟ قال: لأنه شبه برمل الحصير لضم بعضه إلى بعض، قلت: فالسريع؟ قال: لأنه يسرع على اللسان، قلت: فالمنسرح؟ قال: لانسراحه وسهولته، قلت: فالخفيف؟ قال: لأنه أخف السباعيات، قلت: فالمقتضب؟ قال: لأنه اقتضب من السريع، قلت: فالمضارع؟ قال: لأنه ضارع المقتضب، قلت: فالمجتث؟ قال: لأنه اجتث، أي: قطع من طويل دائرته، قلت: فالمتقارب؟ قال: لتقارب أجزائه؛ لأنها خماسية كلها يشبه بعضها بعضاً.). [مج 1 / ١٣٦].
قلتُ: وهذا يدل على أن الخليل هو من سمَّى هذه البحور بتسمياتها؛ نسبة للعلاقات بين أسبابها وأوتادها. ولم يرد ذكرٌ لبحر المتدارك، في تلك الرواية المشهورة، فلعل هذه الرواية إن صدقت دليل على أن المتدارك مما استدركه الأخفش على أستاذه الخليل، لا لأن الخليل لا يعلمه، ولكن_ ربَّما_ أهمله لندرة الشواهد عنده. والله أعلم.
وأول من قسَّم البحور الشعرية على مركب ومفرد، هو الجوهري. قال ابن رشيق في العمدة: (وجعل الجوهري هذه الأجناس اثني عشر باباً، على أن فيها المتدارك: سبعة منها مفردات، وخمسة مركبات، قال: فأولها المتقارب، ثم الهزج، والطويل بينهما مركب منهما، ثم بعد الهزج الرمل، والمضارع بينهما، ثم بعد الرمل الرجز، والخفيف بينهما، ثم بعد الرجز المتدارك، والبسيط بينهما، ثم بعد المتدارك المديد، مركب منه ومن الرمل، قال: ثم الوافر والكامل، لم يتركب بينهما بحر لما فيهما من الفاصلة). [مج 1 / 136 - 137].

عبده فايز الزبيدي 06-09-2023 11:10 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
قال فانديك في محيط الدائرة: (وبيت التلم قول الحماسي:
إِن كانَ ما بُلِّغتَ عَنّي فَلامَني.= صَديقي وَسُلَّتْ مِن بدَيَّ الأَنامِلُ). [ص: 31].
وَرَدَ في كلام فانديك الأمريكاني، تصحيفات عِدَّة، فقوله: (التلم) تصويبه: الثلم (الخرم)، وهو سقوط أول الوتد المجموع من أول تفعيلة الحشو، وهو هنا الفاء من فعولن، فتصير: عولن، ثم تنقل إلى: فعْلُنْ؛ تحسينا للفظ.
والثلم علة تجري مجرى الزحاف.
وقوله: (بدَيَّ) تصويبه يَدَيّ. والشاهد بيتٌ للسموأل، يروى هكذا:
إِن كانَ ما بُلِّغتَ عَنّي فَلامَني= صَديقي وَحُزَّت مِن يَدَيَّ الأَنامِلُ.
وقوله الحماسي، نسبة لديوان الحماسة، ويقال لكل شاعر ورد له نص في ديوان الحماسة حماسِيٌّ.
وأمَّا نقل (عولن) إلى فعلن، فلَهُ تبريرٌ مفادُه أن الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي_رحمه الله_ صاحب العروض اعتمد حروف ميزان الصرف (ف، ع، ل) المجموعة في : فَعَل، ويقال لها في الصرف والعروض: حروف الوزن.
ثم يزاد عليها لبناء أجزاء البيت من حروف التفعيل، حسب وزن البيت وموسيقا النغم فيه.
وحروف التفعيل _التقطيع_، هي: ( م، ت، س، ي، و، ن ، ا). وتُجمع حروف الوزن والتقطيع في قولهم: (لَمَعَتْ سُيُوفُنا).
فإذا سقط حرف من حروف الوزن في تفعيلة(جزء)؛ بسبب دخول زحاف أو عِلَّة، نقلت إلى صورة مألوفة، بها ذلك الحرف الوزني، الذي سقط، مثل: (فعولن) إذا ثُلمت صارت (عولن) فتنقل إلى (فعْلن)، و(مفاعيلن) إذا حذفت كانت (مفاعي) فتنقل إلى فعولن، و(مستفعلن) إذا طويت تصبح (مستعلن) فتنقل إلى (مفتعلن)......إلخ.
أمَّا إذا زُحفت التفعيلة وبقي لفظها مقبولا محافظا على حروف الوزن فتبقى كما هي، مثل قبض مفاعيلن الطويل: مفاعلن، فهي بعد القبض تحوي: الفاء والعين واللام، ولفظه مألوف ومحبَّبٌ.
بخلاف صورة القطع في "فاعلنْ" وبه تصير: فاعلْ، فتنقل إلى (فعْلنْ) فالمبرر هنا الألفة لا غير؛ لأن (فاعلْ) بها : الفاء، والعين، واللام.

عبده فايز الزبيدي 06-14-2023 02:51 PM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
قال سعيد عقل في "الدليل في القوافي" مستشهدا على مجئ العروض مشعثة دون تصريع، بقول عمر بن ابي ربيعة المخزومي:
(دُمْيَّةٌ عِنْدَ راهِبٍ قسِّيْسٍ = صوَّروها في جَانبِ المِحرابِ). [ص: 91].
قلتُ:
قول عمر بن أبي ربيعة:
دمية عند راهب قسّيسٍ = صوَّروها في مَذبح المِحرابِ
فعروض البيت الأول: فاعلاتن. وعروض البيت الثاني: فالاتن، وتساوي مفعولن.
وبهذا يكون في القصيدة إقعاد.
وقد روى الجاحظ في (المحاسن والأضداد) البيت وصدره:
(دمية عند راهب قسّيسٍ). [ص: 239]
ومطلع القصيدة: (من رسولي إلى الثريا فإنِّي)، ومنها:
من رسولي إلى الثريا، فإني = ضقت ذرعاً بهجرها، والكتاب
سلبتني مجاجة المسك عقلي = فسلوها بما يحل اغتصابي
أبرزوها مثل المهاة، تهادى = بين خمس كواعبٍ أتراب
وروى عبدالقادر البغدادي في شرح أبيات مغني اللبيب، البيتَ هكذا:
(دمية عند راهب ذي اجتهاد = صوروها في جانب المحراب). [مج 1 / 39].
وبهذه الرواية لا يكون في القصيدة إقعاد. والله أعلم وأحكم.

عبده فايز الزبيدي 06-17-2023 07:25 AM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
قال الأستاذ الدكتور/ عبدالحميد السيد عبدالحميد في (الطريق المعبد): (الخذل اجتماع الإضمار والطي). [ص: 56].

قلتُ:
قول الكاتب: (الخذل) بالذال تصحيف، تصويبه الخزل بالزاء لا بالذال. وقد كرر هذا الإيراد في كذا موضع من الكتاب، ومنه إيراده هذا الشاهد من منظومة الدمنهوري:
فطَيٌّ وخَبْنٌ أصْلُه ثم أوَّلٌ = والاضْمارُ خَذلٌ ثمَّ ثانٍ تَحصَّلا
أورد (خذل)، والذي في المنظومة (خزل) كما بيَّنت لك آنفا. ولم أقف على أنها لغة أخرى فيه، كما يقال للكشف: كسف، وللفاصلة الكبرى فاضِلة.

عبده فايز الزبيدي 06-17-2023 08:23 AM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
قال الدكتور عبدالحميد السيد عبدالحميد في (الطريق المُعبَّد): (الحذف: إسكان السبب الخفيف من آخر التفعيلة). [ص: 62].

قلتُ:
قوله: (الحذف: إسكان السبب الخفيف من آخر التفعيلة) خطأ، والصواب أن الحذف من علل النقص، وهو إسقاط_حذف_ السببِ الخفيفِ من آخر التفعيلة، مثلُ حذفِ (لُنْ) من (فَعولُنْ) فتصير (فَعُوْ).
ولا يستقيم قوله (إسكان السبب الخفيف)؛ لأن السبب الخفيف آخره ساكن أصالةً.
وقيل سمي السبب الخفيف بهذا؛ لخفته إذ ينتهي بساكن، خلافا لشقيقه السبب الثقيل الذي ينتهي بمتحرك. وقد سمى ابن منظور_في لسان العرب_ السببين الخفيف والثقيل في الفاصلة الصغرى بالسببين المقرونين.
جاء في اللسان: (والفاصلة الصغرى من أجزاء البيت: وهي السببان المقرونان، وهو ثلاث متحركات بعدها ساكن، مثل "متفا" من متفاعل، و"علتُنْ" من مفاعلتُن).
.

ماجد جابر 12-18-2023 07:44 AM

رد: تعقيبات على كتب العروض
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبده فايز الزبيدي (المشاركة 356141)
قال سعيد محمود عقل في كتابه "الدليل في العروض": (التشعيث: هو قطع الوتد المتوسط، وليس بلازم، ولا يكون إلا في الخفيف. جزؤه: فاعلاتن : فالاتن....). [ص: 20]

قلت: الذي يبدو لي أن سعيد عقل ينقل عن العقد الفريد، فكما رأينا سابقا نقله عن صاحب العقد الفريد قوله (أعصب)، وهو تصحيف، وصوابه: أعضب.

نجده الآن يوافق ابن عبدربه الأندلسي الذي قال في العقد الفريد: (أما التشعيث فهو دخول القطع في الوتد من «فاعلاتن» التي من الضرب الأول من الخفيف، فيعود «مفعولن»). [مج 6 / 319].

وأقصد بقولي أنه وافق صاحب العقد الفريد أن كليهما أخذا بالرأي الذي يرى أن التشعيث يأتي من قطع وتد (فاعلاتن).

وقد بسط الدماميني تلك الآراء في العيون الغامزة, بقوله: (التشعيث عبارة عن تغيير يلحق فاعلاتن المجموع الوتد، فيصيّره على وزن مفعولن، وقد اختلف العروضيون في كيفيته على أربعة مذاهب:

أحدها أنّ لامه حذفت فصار فاعاتن، وهذا مذهب الخليل. قال الشريف: ولذلك سماه تشعيثاً، لأن التشعيث في اللغة التفريق، ومنه قولهم لمّ الله شعثك، أي جمع متفرق أمرك، فلما حذفت هذه اللام من ((علا)) وهي وسط الوتد افترق نظمه فسماه تشعيثاً لذلك. ورجح هذا الرأي بأن الحذف من الأواخر وما قرب منها أكثر.

الثاني أن عينه حٌذفت فصار ((فالاتن)) واختاره كثير من الحذّاق. ورُجح بأنه حذفٌ من أوائل الأوتاد فجاز كالخرم.

الثالث: أن وتده قطع قُطِع فحذفت ألفه وسكنت لاممه فصار ((فاعلْتن)) ورجح بأن القطع في الأوتاد أكثر.

الرابع مذهب الزّجاج وقطرب، أنه خبن بحذف ألفه، ثم أضمر بإسكان عينه فصار (فعْلاتن)). [ص: 126].

وعلى هذا يكون ابن عبدربه أخذ بالرأي الثالث في تفسير ظاهرة التشعيث في (فاعلاتن)، ونقل عنه سعيد محمود عقل.

تنويه:

- قول الدماميني: ( أن وتده قطع قُطِع ) أرى أن (قطع) الأولى من أخطاء النُّسخ والطباعة؛ لأن أسلوب الدماميني في هذه المسألة أن يأتي بالجزء ثم يوقع عليه فعلا بصيغة ما لم يسمَّ فاعله.

- ورد في المكتبة الشاملة : (أحدها أنّ لامه حذفت فصار فاعلتن) وكما ترى فـ(فاعلتن) تصحيف، والصواب (فاعاتن) كما أوردته أعلاه. وتوجد أخطاء طباعية أخرى، فوجب التنبيه. والله أعلم وأحكم.

أشكر لك أستاذنا القدير عبدة فايز الزبيدي موضوعك المهم المفيد، ومنابر علوم اللعة ترحب بك وبقلمك الجميل.


الساعة الآن 04:42 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team