منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   حب للذكرى ...قصة قصيرة (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=28622)

عبد الكريم الزين 05-14-2021 06:48 PM

حب للذكرى ...قصة قصيرة
 
حب للذكرى

أبصرها قادمة، تسرع الخطى. تحكم قبضتها على حقيبتها اليدوية، وتمد يدها إلى غطاء رأسها، تصلح خصلات شعر عبثت بها الرياح. عندما اقتربت منه خشعت ببصرها، واندفعت تعبر الشارع. كادت تصدمها سيارة أجرة مسرعة، برز منها رأس السائق غاضبا . زعَق ثم غادر على عجل.

كان ينتظرها مرتجفا على الرصيف، منذ ساعة وست دقائق، ذلك ما أخبرته ساعته التي أرهقها تحديقه المحموم إلى سيقان عقاربها. ليس بيده حيلة، فقلبه المشدوه يخفق مترنحا، بل أوشك أن يتبعثر شظايا محطمة، حين هوت عليه رسالتها الهاتفية القصيرة جدًا : "ألقاك حالا لأمر مهم".
أربع كلمات كانت كافية كي يتزلزل يقينه، فتحتشد مخاوفه، وتنهمر هواجسه أشد من زخات المطر التي تصفع وجهه منذ الصباح.
مدت إليه يدا متثاقلة، فعاتبها بنظرة متوسلة، لم تلحظها أو أنها تجاهلتها. كانت عيناها المضطربتان غائصتين في صفحة حذائه الغارق في البلل، همست:
"أنا آسفة، علاقتنا لن تنجح. ظروفنا المادية لا تسمح لنا بالزواج".
أخرسته المفاجأة فلم يستطع الرد. لكن مقلتيه التائهتين باحتا بصدمته المكتومة. تشجعت، تطلعت إليه مرتبكة، وقالت:
"صدقني، لا يمكننا أن نعيش بالحب وحده، ذلك يحدث في عالم القصص والروايات الرومانسية ".
تنهد طويلا واجتاحته حيرة عارمة. هل يمكن أن تنسى بكل ببساطة قصة حبهما! تواعدهما على الوفاء الأبدي. صوتها العذب الرقراق وهي تقسم أنها تفضل الموت ألف مرة على أن تكون لرجل غيره، لياليه الطويلة وهو يدبج القصائد قرابين في محراب عشقها.
همس بصوت متحشرج:
"هل تقدم شخص لخطبتك؟"
تحاشت عيناها النظر إليه، وانشغلت يداها بالعبث بحقيبتها الصغيرة. همهمت:
" لا أحبه، لكنه قادر على تلبية متطلباتي المادية"
صرخ:
"تبيعين حبي من أجل المال! أنا قادر على الإنفاق عليك"
نظرت إلى عينيه للمرة الأولى منذ لقائهما وصاحت:
"ليس بالمستوى الذي أطمح إليه. سنعيش دوما في فقر وحرمان".
ثم أضافت بنبرة هادئة:
"لا فائدة من الجدال، كل شيء قد انتهى، العرس بعد أسبوع"
طأطأ رأسه، وخنق دموعا حاولت التسلسل من جفونه. كان يعلم أن معركته خاسرة، فقال منكسرا:
"أعيدي إلي أشعاري ورسائلي المسطرة بمداد قلبي، فلم يعد من حقك أن تحتفظي بها"
صمتت لحظة ثم قالت:
"لا يمكن، فقد أنشدتها تحت سلطان غرامي، وكنت أنا ملهمة إبداعك، فهي إذن من حقي".
سألها مستنكرا:
"ولكنك خنت حبي، وستتزوجين غيري"
غادرته مبتسمة وهي تقول:
" سأحتفظ بها للذكرى".

ثريا نبوي 05-15-2021 09:11 AM

رد: حب للذكرى ...قصة قصيرة
 
والله أوجعتَ قلبي؛ رُغم أنها قصةُ الكثيرين ممن أرهقتهم الحياة
وأزهقتْ آمالَهم وطموحَاتِهم؛ إذْ سحقتها تحت أقدامِ مشاكلنا
التي استعصت على الحصر، وباتت شاهدةً على العصر
بُوركتَ والمدادُ الراصِدُ هذا الحِداد على تقهقرِ
أمةٍ كانت ثم فرّطتْ فهانتْ
:
على الهامش:
تحديقه المحموم إلى (في) سيقان عقاربها

ثريا نبوي 05-15-2021 09:22 AM

رد: حب للذكرى ...قصة قصيرة
 
واندفعت تعبر الشارع، كادت سيارة أن تصدمها
:
بعد فقرةٍ البداية والتالية لها؛ لاحظتُ أنه:
دار الحوار بينهما دون جملةٍ رابطة كأن تكون راجعت نفسها ثم رجعت إليه
وربما كانت تعبر الشارع باتجاهه أو نحوه؛ ولكنني لم أستوعب

ولا يفوتني الثناء على الجملِ الشاعرية أيضًا
تحياتي واحتراماتي

عبد الكريم الزين 05-15-2021 08:34 PM

رد: حب للذكرى ...قصة قصيرة
 
تحية طيبة أستاذتنا الشاعرة ثريا
بارك الله بك على جهودك المبذولة
ولك شكري بلا حدود على ثنائك العطر
"حدق إليه : شدّد النظر"
"واندفعت تعبر الشارع. كادت تصدمها سيارة"
الفتاة لم تتراجع بل كانت قادمة إلى حبيبها حسب الموعد الذي حددته هي، ونظرا لارتباكها الشديد عبرت الشارع دون أن تلحظ سيارة مسرعة.
سعيد بملاحظاتك ومتابعتك القيمة
شكرا بعدد حبات زيتون أرضنا الصامدة المباركة
تحياتي:31:

ياسَمِين الْحُمود 05-15-2021 09:55 PM

رد: حب للذكرى ...قصة قصيرة
 
كانت آخر كلماتها الوداع لتختتم اللقاء برحيلها
التزمت الصمت فوشائج الفراق قاسية..
أحايين كثيرة يعلن الإنسان نفسه
لحظة هروب السعادة من الشباك بعد أن تدخل مع الباب
وعندما يستفيق ذلك الإنسان من الصدمة
التي كادت أن تذهب بعقله بعد أن أصابت قلبه بجرح
دامٍ لن يبرأ في القريب العاجل
جميل جدا إسقاطك أخي العزيز عبدالكريم:31:

محمد أبو الفضل سحبان 05-18-2021 01:26 AM

رد: حب للذكرى ...قصة قصيرة
 
أصعب ما في العلاقات انتهاؤها بالصدمات ..!!!
قصة واقعية محبوكة بالرغم مما فيها من ألم..
يسعدني جدا أن اكون من المتابعين لنصوصك الرائعة أ. عبد الكريم
تحياتي

عبد الكريم الزين 05-18-2021 04:25 PM

رد: حب للذكرى ...قصة قصيرة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين الحمود (المشاركة 297452)
كانت آخر كلماتها الوداع لتختتم اللقاء برحيلها
التزمت الصمت فوشائج الفراق قاسية..
أحايين كثيرة يعلن الإنسان نفسه
لحظة هروب السعادة من الشباك بعد أن تدخل مع الباب
وعندما يستفيق ذلك الإنسان من الصدمة
التي كادت أن تذهب بعقله بعد أن أصابت قلبه بجرح
دامٍ لن يبرأ في القريب العاجل
جميل جدا إسقاطك أخي العزيز عبدالكريم:31:

أنرت النص بحضورك أستاذتنا ياسمين
لك منّي كل التقدير والشكر والعرفان، بعدد قطرات المطر :31:

عبد الكريم الزين 05-18-2021 04:27 PM

رد: حب للذكرى ...قصة قصيرة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أبو الفضل سحبان (المشاركة 297670)
أصعب ما في العلاقات انتهاؤها بالصدمات ..!!!
قصة واقعية محبوكة بالرغم مما فيها من ألم..
يسعدني جدا أن اكون من المتابعين لنصوصك الرائعة أ. عبد الكريم
تحياتي

شهادة أعتز بها من أخ مبدع مثلك
تحياتي وتقديري


الساعة الآن 10:01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team