منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   مجرد كلام (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=24567)

زهرة الروسان 04-17-2018 06:09 PM

مجرد كلام
 
انتفض غاضبا وقال: كيف له أن يتجرأ على وطئ أرضنا مجددا! ألا يشعر باللعار مما فعل! إنه وقح جدا لفعل ذلك.


رد الوالد بهدوء: إجلس وكفاك صراخا. فأنت كما أنت، لا تجيد سوى الكلام.


الابن: سترى كيف سأجعله يجث على ركبتيه أمامك كي تصفح عنه... لقد تمادى هذا الرجل وعلى أحد ما ان يضع حد لتصرفاته. عن إذنك.


خرج الابن سريعا ليجري مكالمات هامة مع اخويه يطالبهم بالاجتماع لحل الأزمة. وفي اليوم التالي اجتمع الأخوة معا في بيت الأخ الأصغر، تحلقوا حول مائدة كبيرة كانت قد أعدتها زوجته لدواعي الاجتماع الطارئ.


تناولوا الطعام وهم يتحدثون حول مشاريعهم المستقبلية، وما يخططون لفعله في أجازة الصيف... تبادلوا العبارات الودودة والتقط ابناؤهم بعض الصور الجادة وتبادلوها في ما بينهم فخرا بوالديهم. تجمعوا في الفناء وشربوا القهوة الساخنة، التي أضفت لمسة من الجمال على الجلسة المسالمة مع خيوط الشمس الذهبية التي بدأت ترتسم برونق فائق الجمال مع ساعات الغروب.


وقف الأخ الأصغر بهدف لفت انتباه اخوته قائلا: تعلمون جميعا سبب تجمعنا اليوم, فالليوم هو يوم تاريخي في حياة أسرتنا وعلينا أن نضع حد لتجاوزات جارنا في ارضنا؛ فقد بنى جدارا حجب ضوء الشمس عن مزروعاتنا، وهو يلقي بروث أبقاره في حدودنا، كما أنه يرعى أبقاره ومواشيه بين مزروعاتنا وسيتسبب بموتها على هذا الحال. فجميعكم يعلم كم من الوقت قضاه والدنا في رعاية هذه الأرض والعناية بها حتى صارت بهذا الجمال.


رد الأخ الأوسط: أنت تعلم يا أخي أن ما باليد حيلة؛ فقد كلمه والدك عدة مرات دون جدوى. فهو يتوقف عدة أيام عن فعل تلك الأمور وسرعان ما يعود مجددا.


الأخ الأكبر: الكلام لا طائل منه. علينا ملاحقته قانونيا.


الأصغر: وماذا سيفعل القانون؟ سيفرض عليه غرامة مالية ثم، وبمجرد مرور بعض الوقت سيعود الى ما كان عليه.


الأوسط: وهل تقترح أن نضربه؟ في هذه الحالة سنصبح نحن الجناة.


الأكبر: حسب معرفتي في مجال القانون فأنه عند ثبوت إدانته، سيتعرض لغرامة مالية موجبة الدفع، ويوقع بعدها على تعهد بعدم العودة لتلك الأفعال.


الأصغر: وأن عاد؟


الأكبر: سيزج في السجن.


الأوسط: أنسجن رجلا كبيرا في السن! هذا غير أنساني. فكما تعلمون، زوجته عجوز مريضة. وكما قال والدنا فإن أبناءه قد تخلوا عنه وغادروا البلاد. أن حبس فإن زوجته المسكينة ستسوء حالتها ولن تجد من يرعاها.


الأصغر: ليس علينا القلق حيال سوء تدبيره. عليه ان يتحمل نتائج تصرفاته.


الأوسط: وما ذنب زوجته المسكينة؟ غير أنه يفعل كل هذا لأن لا أحد يعينه في عمله. فهو كبير على الرعي، وأرضنا أقرب من السهل المخصص للرعي. غير أنه كبر على أعمال الحقل.


الأكبر: يالك من رقيق... أنت يامن غادرت البلاد وتركتنا نعاني بسبب الفقر وصرفت اموالنا على دراستك التي لم تكن ذات فائدة.


الأوسط: لقد شجعتموني على السفر وأنت كنت أكثر المؤيدين. أم أنك نسيت ذلك!


الأكبر: وافقنا بعد أن أقنعتنا أن الأمر غير مكلف. ثم فاجأتنا بأقساط الجامعة الي لم يكن لنا قدرة على دفعها.


الأوسط: وما ذنبي إن كانت الجهة المانحة قد تراجعت عن المنحة في منتصفها. وها نحن الآن استرجعنا ما دفعناه بعن أن قدمنا شكوى على تلك الجهة.


الأصغر: لكنك لم تعاني كما عانينا اثناء تلك الفترة... على كل حال هذا ليس موضوعنا. إن كنت تشفق عليه إعمل معه.


الأصغر: لم أقل أنني أجيد أعمال الحقل.


الأصغر: إذن توقف عن الشكوى. فوالدك أحق في أن تشفق على حاله؛ فهو من دفع شبابه في سبيل إنماء هذه الأرض.


الأكبر: أخواي، لقد نأخر الوقت... علي العودة للمنزل، فطريقي طويلة وعلى أبنائي النوم باكرا.


الأوسط وأنا أيضا... سأخبر زوجتي كي تتحضر للرحيل.


الاصغر: إذن موعدنا تأجل للأسبوع المقبل.


غادر الأخوان وعاد الابن الأصغر الى والده فقال الأب: هل أثمرت مباحثاتكم؟


الأصغر: تم التأجيل للأسبوع المقبل.


في الصباح خرج الأب باكرا متجها الى أرضه، فاستقبله رجل عجوز وحياه بحفاوة.ثم قال: ما هي الاخبار؟


الأب: جاري العزيز، لقد اتفق العرب على ألا يتفقوا. لقد تحدثوا مطولا وسرعان ما شب شجار بينهم. وانتهى الحال الى تأجيل الاجتماع الى الاسبوع المقبل.


جلس الجاران على العشب الأخضر، فقال الجار: ماذا لو رفع أبناؤك دعوة ضدي حقا! سوف أزج في السجن.


ضحك الأب وقال: لا تقلق... سيستمر ثلاثتهم بالجدال الى أن يرحل احدنا عن هذه الدنيا. فأما أن تذهب أنت؛ مشكلتهم العظيمة. أو أنا، فيرثون الأرض ليدركوا أن الأمر مجرد كذبة منا.غير أن تقسيمة التركة سيحتاج الى عقود من الاجتماعات.


ضحك كلاهما وتمددا على العشب. فقال الأب: هذا الجدار رائع يقينا من شدة الشمس.


الجار: أجل تماما. وهو أيضا ليمنع الأبقار من دخول أرضك.


-كيف حال أبنائك؟


-اتصل ابني أمس محاولا إقناعي وأمه على السفر حيث يقتن. لكنني لا يمكنني ترك هذه الأرض.


-أجل أنت محق. قلي، هل أحضرت لي السماد؟


-طبعا لا يمكنني التأخر عنك.


-رفع القضية سيؤدي الى كشف أمرنا.


-هل سيرفعونها؟


-هل يمكن للفيل أن يطير؟


-لا، الا إذا حمل بطائرة.


ضحك كلا الرجلين ساخرين من حال الأبناء الذين لا يفلحون سوى بالكلام.


الساعة الآن 02:45 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team