منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر البوح الهادئ (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=30)
-   -   ،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،، (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=29128)

أحلام المصري 09-25-2021 07:15 PM

،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
 
،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
/
.
/
.
.
توطئة //
.
في حقل أبي..كانت حياة،
و حقل أبي يشبه كل الحقول حينها..إلا أن أبي كان هو المختلف!
.
.
حقل أبي..هو الوطن!

/
/

في حضرة الأحزان ،جاءت الذكريات تتهادى،
مد أبي نظره بعيدا، و استعاذ!
انتبهت..حين ألقى بحجرٍ صغيرٍ -كان يداعبه بين أصابعه- في النهر، فتشكلت دوائرٌ متتابعة و متشابكة و بعض فقاعات..لم تلبث أن اختفت..
ابتسم أبي ابتسامته الباهتة التي تلازمه منذ عقود..و قال:
سينتهي!
ثم ركن رأسه إلى جذع شجرة التوت العتيقة التي لم تبرح مكانها منذ زرعها جدي منذ ...ثمـــ.. تسعـــ... أو مائة عام كما يروي لي أبي!
سألته في همسٍ ، خشية أن أعكر لحظات تأمله :
ما الذي سينتهي يا حبيبي!!
نظر أبي إليّ و كأنه لم يكن يعلم أني برفقته، ثم ابتسم ابتسامةً أخرى، قديمة..لم أرها في عينيه منذ كنت طفلة..ابتسامة برائحة البرتقال و لون الشمس..ابتسامة فيها فرح النخيل حين يعانق الفضاء..و فيها رقص الريحان عندما تداعبه نسائم صبح..
ابتسم ، و ضمتني ابتسامته القديمة..ثم مد يده نحوي، فاقتربت منه و كما كان يفعل منذ عقود..أخذني في صدره، ربت على كتفي..و مسح على شعري ، ثم قال:
الفرح يا بسمتي..الفرح سيعود
الحزن سينتهي!
ثم همس لي بصوتٍ قديم:
أأحكي لك حكاية؟
فقلت بلهفة كنت قد نسيتها :
نعم ،حبيبي
احكِ لي حكاية، فقد اشتقت حكاياتك منذ زمن!
بيده الأخرى تناول بعض التراب من تحت قدميه، و قربه في كفه نحو أنفه..و قال:
هذا التراب لم تتغير رائحته قط..لكنه اليوم حزين!
غدا..سيفرح التراب..و سيغني الطين حين يضحك فيه القطن من جديد..و ترقص على صدره سنابل قمح..!
/
آهٍ يا أبي..ما تزال تحلم بأيامك القديمة!
أوجعك جدب الأرض و جفاف المطر..و النيل وحده غير قادر!
آهٍ يا أبي !
يا لهذا الوجع الممتد على درب الخروج ذي الاتجاه الواحد..
هل تنسى يا أبي!
أتنسى يا حبيبي..كم من طيرٍ هجر أرضك!
و كم من فراشةٍ اغتالتها نار الغياب!
أتنسى يا سيدي..كم من سنبلةٍ ماتت قبل أن تنعم بولادة القمح..!
حبيبي أنت و صابرٌ حد الموت تحت شجرة التوت التي دفن تحتها أبوك كما أوصى!
لماذا يا أبي أراك مؤخرا لا تفارقها..!!
لماذا يا سيدي تعيد اجترار الحزن ، رغم محاولتك لصنع رغيف أملٍ لا يكفي لسد جوعنا جميعا..!
سيدي..
بات زمن الفراشات بعيدا..و شجرة الورد الأبيض التي زرعتها لي..سرقتها يد الطوب،
و أما شجرتنا العتيقة..فهي قائمة و قد اعتصمت بالأرض و النهر..
لكنها يا حبيبي لم تعد تدرك كيف تضم الفراشات!
.
.
خروج //
ما تزال شجرة التوت تنادي،
و الفراشات عرفت الدرب ذا الاتجاه الواحد!

.
.

ياسَمِين الْحُمود 09-25-2021 08:26 PM

رد: ،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
 
يقف المرء أمام هذا الصرح منبهرا
بما جادت به قريحتك أيتها الأحلام
حروف من ماس
نثرتها شاعريتك البهية
انتشت لها الذائقة …
تقديري :45:

أحلام المصري 09-25-2021 08:50 PM

رد: ،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسَمِين الْحُمود (المشاركة 314978)
يقف المرء أمام هذا الصرح منبهرا
بما جادت به قريحتك أيتها الأحلام
حروف من ماس
نثرتها شاعريتك البهية
انتشت لها الذائقة …
تقديري :45:

بل هي روعة حضور الياسمين بين حروفي، فتنتشي..

شكرا لك أيتها الرائعة،
دام أريج حضورك يعبق الحروف


محبتي و الورد

ثريا نبوي 09-26-2021 05:35 AM

رد: ،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
 
هنا اخضوضرت شجرةُ الرمز العميق
والحرفِ المُنمّقِ الأنيق
وغدا الوجعُ والجمالُ صِنوَينِ في بيادرِ الغِياب
فقد عرف كلُّ شيءٍ مع الفراشات رحلةَ اللاعودة
في حواريةٍ بنّاءةٍ تَصِفُ الأرض التي تصوَّحتْ
وبقيتْ على قَيدِ الوفاء؛ تنتظرُ النهرَ والحَيَا
لِتُبعَثَ من جديد
دُمتِ مُبدعةً ودام لكِ الإبهار

موسى المحمود 09-26-2021 09:20 AM

رد: ،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
 
"غدا..سيفرح التراب..و سيغني الطين حين يضحك فيه القطن من جديد..و ترقص على صدره سنابل قمح..!"

الأستاذة الفاضلة أحلام المصري،

الأمل يطوّعُ الأقدار، هكذا تعلّمنا،
مصر الجميلة لن تركع أبداً لجفاء المطر ولضعف النيل، والنيلُ ليس وحيداً، دجلة والفرات لن يتركاه وحيداً،

نص بديع غاية في الجمال


تحياتي واحترامي

ناريمان الشريف 10-09-2021 01:29 AM

رد: ،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
 
حروف متلألئة في سما منابر
ما أبهاك ..!!
تحية ... ناريمان


الساعة الآن 05:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team