عبد الغني سلامة
إنسان الشعر .. وشاعر الإنسان
=================

حسام الدين ريشو
=========

رغم رحيلة منذ عقود
إلا أنه لم يزل حيا بتأثيره في أجيال عدة ... تربويا وثقافيا وأدبيا .
ف " عبد الغني سلامة " رحمه الله كان إنسان الشِعر وشاعر الإنسان
قدم خلال مسيرة حياته لبنات لا تٌقدر بثمن في إرساء نموذج الإنسان الذي يُقْتَدى به .
تعود علاقتي به خلال عقد الستينات من القرن الماضي من خلال محورين :
الأول : أنني عملت تحت قيادته " معلما " .. حظي بأن يكون الموجه الذي يشرف عليه هو الأستاذ عبد الغني سلامة .
وقد تعلمت منه الكثير في مسيرتي التربوية والتعليمية ..
وكان من أبرز نصائحه لي ..أن أحاول استكمال دراستي للحصول على مؤهل اعلى لن يكون للعاملين في المجال التعليمي مستقبل تحت الشمس بدونه .... فقد كان يستشرف ببصيرته مستقبل العملية التعليمية وتطورها .
وقد عملت بالنصيحة وأكدت الأيام بعد ذلك صدق نبوءته .

الثاني : أنه كان شاعرا كبيرا وكنت محبا للأدب قراءة وتذوقا ومحاولة للدخول إلى ساحته من خلال كتابات قصصية .
وأذكر أنه خلال فترة توليه منصب " مدير العلاقات العامة بمحافظة كفر الشيخ إبان وجود الأديب الكبير اللواء جمال حمدان رحمه الله في منصب " محافظ كفر الشيخ "
أنني أرسلت للسيد المحافظ الأديب صاحبة الرواية الخالدة ( غروب وشروق ) إلتماسا لكتابة تقديم لقصتي الطويلة ( ثم أشرقت الشمس ) والتي كانت قد فازت بالترتيب السادس في المسابقة التي أجرتها " المؤسسة المصرية للطبع والنشر " في حينه
وكان أن جاءني الرد رسميا بتوقيع الشاعر عبد الغني سلامة بما يفيد موافقة السيد المحافظ على كتابة التقديم طالبا إرسال نسخة منها .. رغم أنه كان قد أخبرني شفهيا بذلك خلال لقاء معه .. ومشجعا .

كان الرجل باختصار شديد من فئة النماذج الإنسانية والشعراء الذين يمثلون الوجه المشرق للإنسانية في أبهى تجليها بما يُعد جسرا للتواصل بين الأجيال من منطلق أن ذلك التواصل يغني الطرفين وينقل الخبرات المتراكمة من جيل إلى جيل
وإلا - كما كان يقول ضاحكا - بدون تلك القناعة لا يكون الإنسان سوى حائط مقابل حوائط أخرى .
كان الرجل شاعرا من شعراء الفصحى يمتلك زمام بحور الخليل بتمكن .
وكان شعره يأتي كوصايا إنسانية تكرس للقيم والمثل العليا .
ربما يعزي أحباؤه ورواده أنه ترك لنا أحد أبنائه على نفس المسيرة التربوية الإبداعية .. الشاعر / وسيم عبد الغني سلامة ... شاعرا مغردا بين الفصحى والعامية وصاحب الدواوين الستة .
تحية الى روح الراحل الكبير ... إنسان الشعر وشاعر الإنسان عبد الغني سلامة الذي رغم غيابه فأن طريقه في الحياة والأدب لم تزل أضواؤه مبهرة وناصعة لم يصبها الذبول .