منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   نسمات إيمانية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=93)
-   -   رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=159)

ناريمان الشريف 08-06-2010 06:34 PM

رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 


بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأحياء الأموات عما قريب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنتم مدعوون للمشاركة
معنا في رحلة جماعية اجبارية الى المقابر
= بيانات الرحلة
محطة المغادرة : الحياة الدنيا
محطة الوصول : الدار الآخرة
= موعد الاقلاع :
( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا
وما تدري نفس بأي أرض تموت)

= موعد الحضور :
( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد)

= المتاع المسموح به :
1) متران من القماش الأبيض
2) قليل من القطن الأبيض
3) حناء وبعض الحنوط
4) العمل الصالح - صدقة جارية - وعلم ينتفع به –
وولد صالح يدعو له

ملاحظة : الوزن الزائد المسموح به خلال الرحلة :
ما تطـوّعت من العبادات

= تعليمات الوصول بأمان
1) طاعة الله تعالى فيما أمربه ونهى عنه في كتابه الكريم
وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم
فيما أمربه ونهى عنه في سنته الشريفة

= ملاحظات هامة لجميع المسافرين
1) يشترط على كل مسافر أن يحمل معه
( لا اله إلا الله محمد رسول الله )
ومن أراد الاستمتاع بالرحلة فليكثرمن ذكر الله والاستغفار والصلاة على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم

2) للمزيد من المعلومات ولتأكيد سلامة الوصول الى القبر
يرجى الاتصال الدائم بكتاب الله وسنة نبيه
علما بأن الاتصال مباشر وبالمجان

اللهم بلـّغنا الجنة بغير سابقة عذاب-
ولامشقة سفر ومتعنا اللهم بالنظر الى وجهك الكريم
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد أشرف الخلق والمرسلين
هذا البرنامج برعاية الله تعالى

*********

السادة الكرام أعضاء المنتدى والزوار
هذا البرنامج يتكون من ثلاثين حلقة ..
قدمتها خلال شهر رمضان المبارك في العام الفائت
عبر أثير اذاعة الخليل
كما سأقوم بنشره في كتاب في الأيام القادمة
مرفقا ب ( سي .. دي )
بصوتي
وارتأيت أن أقوم بعرضه على صفحات هذا المنتدى الطيب
راجية أن أنال الأجر والثواب من الله تعالى
كما أرجو من السادة المشرفين تثبيت هذا الموضوع لأهميته
علما بأنني قمت بتحضير هذا البرنامج خلال أربعة أشهر متواصلة معتمدة في التحضير على المراجع التالية :

1= القرآن الكريم –
2= رياض الصالحين
3= قوت القلوب في معاملة المحبوب
للشيخ أبي طالب محمد بن علي المكي
4= سراج القلوب وعلاج الذنوب –
للشيخ أبي طالب محمد بن علي المكي
5= مع الأنبياء في القرآن الكريم \ عفيف عبد الفتاح طبّارة
6= ديوان الامام أبي عبد الله محمد بن ادريس الشافعي رضي الله عنه
7= ديوان الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
8= الكبائر\ مؤرخ الاسلام الامام الحافظ شمس الدين الذهبي
9= قصص الصالحين \ الدكتور مصطفى مراد
10= بستان الواعظين ورياض السامعين \أبي الفرج بن الجوزي
11= لا تحزن فان مع العسر يسرا\ محمد عبد العاطي بحيري
12= البداية والنهاية لابن كثير
13= المنامات لابن ابي الدنيا
14= المستظرف في كل فن مستطرف \ شهاب الدين محمد الأبشيهي
15= ثمرات الأوراق للامام تقي الدين بن بكر الحموي
وغيرها

وسأعرض أولى هذه الحلقات على نفس هذه الصفحات بعد أخذ موافقتكم في تثبيته ورؤية ردود أفعال الأعضاء والزائرين الكرام



.... يتبع
ناريمان الشريف

ناريمان الشريف 08-06-2010 06:35 PM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 
ملاحظـــــة هامة (1):

خط سير الرحلة :
من فراش الموت 00 حتى القبر

وستكون الرحلة عبارة عن مشاهد
في كل حلقة مشهد
بدءا من فراش الموت ووصف الموت وسكراته
ولقاء ملك الموت
وخروج الروح من الجسد
وعلى المغتسل وفي النعش
وصولا الى القبر والمبيت بداخله


ملاحظة (2)

يشتمل البرنامج على قصص كثيرة واقعية
من قصص الاحتضار وخروج الروح وعذاب القبر
أتمنى لكم جميعا رحلة موفقة


.... يتبع
ناريمان

ناريمان الشريف 08-06-2010 06:37 PM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 
المشهد بالمختصر


السلام عليكم أيها الأحياء الميتون عما قريب
سأذهب أنا وأنتم الى المقابر-
والخطاب والنداء في هذا البرنامج موجه للجميع –
رجالا ونساء – شيبة وشبابا – صغارا وكبارا-
ولكنني سأخاطب المفرد المذكر للسهوله –

نعم ان لكل بداية نهاية –
هو الموت لا ملاذ منه ولا مهرب –
فلكل بداية نهاية وبعد القوة يحل الضعف
وبعد الحياة لا بد من الموت –
قال تعالى ( انك ميت وانهم ميتون ) –
أنت الآن على فراش الموت –
يحضرك عزرائيل ملك الموت –
يقف عند رأسك - لقد جاءت ساعتك –
ولا بد أن يقبض روحك –
ها قد خرجت روحك من بدنك
والتقفها ملآئكة الموت-
وصعدوا بها الى باريها – وماذا بعد ؟

هذا أنت الآن يا ابن آدم اصبحت جثة هامدة بلا حرك-
وقد جردت من الثياب والزينة
وما بقي إلا قطعة واحدة من القماش الأبيض
تستر بها عورتك –
أنت الآن مسجى على ألواح خشبية لتغسل وتطهر –

فأين العينان لتبصر وترى ؟
وأين اليدان لتتحرك وتبطش ؟
وأين ذلك الجسد القوي- لقد انتهى –
أنت الآن ممـدّد على لوح وقد جردت من ملابسك –
جسد بلا روح لا حول لك ولا قوة –
الكل حولك يبكي على رحيلك –
فاليوم آخر يوم يراك أهلك ومحبوك –
ومهما بكوك فلا عودة –

هل تدري ما سيفعل بك المغسل الآن ؟
انه يضغط على بطنك ويعتصره ليخرج منه آخر ما كان من طعام في امعائك ؟
ثم يصب عليك الماء ويغسلك المغسل
وأودعوني على الألواح منطرحا******وصارفوقي خريرالمـــــاء ينظفني
وأسكب الماء من فوقي وغسلني*****غسلا ثلاثا ونادى هلموا اليه بالكفن

ها قد غسلك المغسّل وطهرك من كل قشور الدنيا -
وكفنوك بقماش أبيض لا يزيد عن مترين –
هذا ما خرجت فيه من هذه الدنيا ..
وها هم يربطونك من فوقك ومن أسفلك
حتى لا يتزحزح عنك الكفن ..
وماذا بعد ؟

أنت الآن جاهز لتوضع في التابوت ملفوفا بكفنك –
وفوقك سجادة أو بطانية لتحمل على الأكتاف –
ها قد حملوك -
وها أنت على أكتاف الرجال يذهبون بك الى المسجد –
وهم يهللون ويكبرون –
فاذا كانت الجنازة صالحة أسرعت وكانت خفيفة الحمل على الأكتاف – وقالت قدموني قدموني –
واذا كانت والعياذ بالله غير صالحة
قالت : يا ويلتي أين تذهبون بي ؟
لقد وصلت جنازتك الى المسجد –
الآن توضع أمام المصلين للصلاة عليك صلاة الجنازة –
ويدعو لك الامام بالرحمة والمغفرة
– فرحمة الله عليك –
لقد صرت من الأموات الذين
يترحم الناس على روحه عند ذكر اسمه
- يا لقصر الدنيا !!! –
ويا لهذا العمر الذي مر كلمح البصر
– أرأيت ؟
والان ستخرج مرة أخرى محمولا على الأكتاف من المسجد للذهاب بك الى مثواك الأخير –
ستصل بعد قليل الى مسكنك الجديد – القبر –
فيا لوحشة المنزل الجديد
- القبر –
انه حفرة مظلمة معتمة تملؤها رطوبة الأرض –
لا تدخلها شمس-
القبر – بيت الغربة – بيت الوحشة –
بيت الهوام والحشرات والديدان –
حفرة في الأرض – فمن الأرض خرجت واليها تعود-
انظر الآن الى منزلك وقصرك والفيلا
والتي قضيت عمرك في بنائها
- لم تعد تنفع !! –
انظر وتأمل منزلك الجديد – بيت حقير – اسمه القبر
يا للقبرما أوحشه !!
– انه بيت الغربة –
هذا القبر الذي أبكى الأنبياء
و أخاف الصالحين وأرعب العلماء و المجتهدين –
فهلا بكيت الآن على هذا المثوى –
لقد وصلت جنازتك الى المقابر –
واقتربت من قبرك –
هنيهات وتوضع في القبر
هذا هو قبرك تخيل معي – حفرة في الأرض –
ستترك فيه وحدك – ليس معك أحد من أهلك يسليك
– أنت لآن غريب غريب- في غربة اللحد والقبر –
ليس الغريب غريب الشام واليمن***** ان الغريب غريب اللحد والكفن
الكل يتعلق بك يريد مرافقتك وأنت حي –
والان وانت ميت من الذي يرغب بمرافقتك ؟
لا أحد – حتى أكثر الناس محبة لك وعطفا عليك
لن يرافقك أحد
- هنا ستبقى وحدك –
الان تحمل بين الأيادي وتوضع في قبرك -
سيلقي بك محبوك في القبر بأيديهم
ويغادرونك
وتبقى وحدك –
وحدك !!!
فسبحان الله أتى ابن آدم وحيدا
ويخرج من الدنيا وحيدا –
لا مال ولا ولد ولا زوج –
انما خرج من الدنيا بعمل وكفن .
وماذا بعد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

توضع الآن على الأرض
دون فراش ولا وسائد ولا مكيف
- وتـُحل عنك الآربطة
ويوجـّه وجهك نحو القبلة –
ويغلق عليك القبر بالطوب -
وتسد منافذ الهواء عنك –
اذا كان قبرك فوق الآرض
فهو غرفة طولها لا يزيد عن مترين
وعرضها لا يزيد عن متر واحد –
واذا كان قبرك محفورا في التراب –
يوضع بلاطة على وجهك ثم يحثى عليك التراب –
ويسوى فوقك التراب -
وماذا بعد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ها قد سكنت مسكنك الجديد –
وحان الآن موعد مغادرة من أحضروك –
ها أنت تسمع وقع أقدامهم تغادر القبر –
ويروحون عنك – فتحاول اللحاق بهم –
لكنك لا تستطيع !!!-
كل يغادرك ويذهب لحال سبيله
سائلين المولى لك الرحمة والمغفرة –
وتبقى في القبر وحدك بانتظار منكر ونكير
فما عليك الآن إلا الاستعداد للسؤال-
وعليك الاجابة دون تلكؤ ولا تردد –
من ربك ؟ ومن نبيك ؟ وما دينك ؟
تذكر – أنت بالتأكيد تحفظ الاجابة جيدا
ولا تعتقد انك لا تستطيع الاجابة –
ولكن نسأل الله الثبات ؟
فاللهم ثبتنا بالقول الصائب
– انتهى كل شيء –
لم يسكن معك في قبرك إلا عملك الصالح –
وان كان لك ولد صالح يدعو لك ستنال من دعائه خيرا –
وان كنت قد تصدقت بصدقة جارية في حياتك الدنيا يصلك أجرها -
فقط هذه الثلاثة –
وما دون ذلك من زينة الدنيا فقد تركته لورثتك –
انظر الآن بنفسك – ما الذي ينفعك ؟
هل كان للكفن جيوب –
هل أخذت معك شيئا ؟
لا والله – لم تأخذ شيئا –
تركت المصنع والشركة والفيلا والقصر والسيارة
والأموال في البنوك وكل شيء تركته خلفك ؟
فماذا أنت فاعل ؟
أنت الآن في قبرك وحدك
ستبيت على الأرض عاريا لا يفصلك عنها سوى هذا الكفن - وما هي إلا أيام حتى ينتفخ بطنك
ثم ينفجر كالقنبلة بداخل القبر
– ليستمتع الدود بأكلك !!-
فأول ما يبدأ الدود يبدأ بأكل الحدقتين –
وبعدها يأكل ما تبقى من جلدك ولحمك
وكل ما في أحشائك –
وبعد سنوات يذوب العظم ولا يبقى إلا عجْبَ الذنَب –
وعجب الذنب: هو عظمة العصعص-
منها يعاد خلق الانسان من جديد يوم البعث –
وقبل أن أتركك في رعاية الله – أذكرك -
قد يكون القبر روضة من رياض الجنة –
وقد يكون حفرة من حفر النار- فانظر أيها تختار-
= اخي الكريم –
لا تخف أنت لم تمت بعد –
وهذا الميت ليس أنت –
انه واحد من أحبابك الذين سبقوك
ولا بد أنك ستلحق بهم -
فاعمل لتلك الحفرة –وجهز لتلك الرحلة –
فهذه هي مشاهد الرحلة بالمختصر –
وقي الحلقات القادمة سأبدأ بتفصيل المشاهد –
ألقاكم غدا – هذا ان عشنا ليوم الغد ؟ ومن يدري ؟
لا تنسوني من الدعاء –
باذن الله الى اللقاء أيها الميتون عما قريب




.... تابع الرحلة
.... ناريمان

عبدالسلام حمزة 08-06-2010 09:14 PM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 
نسأل الله السلامة وحسن الختام , اللهم عاملنا بما أنت أهله , أنت أهل التقوى والمغفرة , اللهم رحمتك أوسع من ذنوبي ورحمتك أرجى عندي من عملي

الأستاذة الفاضلة ناريمان الشريف , يشرفنا أن نتابع معك هذه الرحلة التي تجعل النفس تخبوا وتقطع العلائق مع الدنيا , وخاصة في هذا الشهر الفضيل ,

عسى أن نصادف لحظة قبول وإجابة بارك الله فيما بذلتيه من جهد وتعب .

ناريمان الشريف 08-07-2010 10:41 PM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 
أخي عبد السلام
سلام الله عليك
بارك الله فيك وأشكرك جزيلاً على اهتمامك بالموضوع وتثبيته

كل الاحترام




..... ناريمان

ناريمان الشريف 08-08-2010 11:19 PM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 

المشهد الثاني من مشاهد الرحلة
( حاسبوا أنفسكم .. قبل أن تحاسبوا )





أيها الأحياء الأموات عما قريب -
قبل أن نبدأ بمشاهد الرحلة – لا بد من الاجابة على سؤال - لماذا كان هذا البرنامج –
الغاية الأولى هي الرجوع الى الله تعالى وانا أولكم عن طريق تذكر القبر والموت الذي لا يذكره الناس إلا قليلا وان تذكروه ففي المآتم فقط ولمدة ثلاثة أيام
فما أن ينتهي العزاء بالميت حتى يروح كل لحال سبيله
لا يكاد يذكر الواحد منا من الموت إلا وجه الميت –
وبما أننا سنموت لا محالة اذن لا بد أن من أن نستعد للموت ودخول القبر - ذلك المكان الموحش
وهو آخر محطة ينزل فيها الانسان –
وآخر فصل من فصول حياته –
فبالموت يسدل الستار على آخرمشهد من مشاهد الحياة
ويقطع للمرء آخر خيط له في الحياة الفانية الزائلة-
بعد أن قضى فيها سنين طوال مرت كلمح البصر –


= انني على يقين تام من أن بعض المستمعين–
قالوا ربما بصوت مرتفع وربما في أنفسهم –
ما هذا البرنامج الشؤم – لماذا الموت ؟؟؟
فالكثيرون من الناس يكرهون أن يطرح الموت مادة للحديث حتى أنني كنت ألاحظ أن البعض يغيّر مجال الحديث
خوفا من هذه السيرة المرعبة –
واذا قلت لكم أن الحديث عن الموت وتذكره هو الصواب ونسيانه هو الخطأ- فماذا تقولون؟
وعلى أي حال لكم الخيار فمن أحب منكم أن يحظى بالجزاء فليستمع- ومن كره هذا الحديث فله أن يغلق الاذاعة أو يغير على اذاعة أخرى
أنادي بصوتي وأي صوت ما أقرب الحياة من المـوتْ
كأن أهل الحي في غيّهـم قد أخذواالأمان من الموتْ
كم من صحيح ٍعمّربيتـَه لم يُمـس ِإلاّ خـارب البيتْ
كم وكم حي ٍ بكى ميْتا فأصـبح الحـيُ مع الميْـــتْ
فأهلا بكم مستمعين راغبين وخائفين -
= من منا يضمن أن يعيش ليوم غد ؟
بالطبع لا أحد - فقد لا تصبحُ غدا
فما رأيك أن نقوم أنا وأنت بهذه التجربة ؟؟–
نحاسِبُ أنفسَنا قبل أن نحاسَبَ..
ولكن قبل أن نبدأ بمحاسبة أنفسنا
سأحكي لك هذه الحكاية :
= كان أحد الصالحين محاسبا لنفسه كثيرا
ويُذكر أنه عاش ستين عاما – فحسبَ ذات يوم أيام عمره فوجدها واحدا وعشرين ألفا وتسعمئة يوم
فقال :
يا ويلتي أألقى المليك بواحد وعشرين ألف ذنب
وتسعمئة ذنب ؟؟ فكيف وفي كل يوم أذنب مئة ذنب –
فخرّ مغشيا عليه من خشية الله فاذا هو ميت.


=يقال : إعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا
واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا أليس كذلك ؟؟
= تخيل معي الآن أنك ستموت غدا – فماذا أنت فاعل ؟
الآن أحضرْ ورقة وقلما واحسب أيام عمرك التي مضت
– ثم احسب ساعاتها – واحسب كم ذنبا أذنبت في كل ساعة منها – فتكون بذلك قد أحصيت ذنوبك –
والآن سجل عليها : كم واحد من الناس عرفته في حياتك آذيته فعلا وعليك أن تعتذر منه الآن قبل أن يأخذ من حسناتك يوم الموقف العظيم بين يدي الله –
وتذكر ان الله تعالى يغفر ما بينك وبينه –
أما ما بينك وبين الناس فيؤخذ لهم من حسناتك –
سجل : وكم واحد من الناس عليك أن تطلبَ منه السماح لأنك آذيته بلسانك وأكلت لحمه ميتا ؟
كم مرة آذيت أمك وأغضبتها ؟
احسب كم من الحقوق أكلتها ؟
سجل : كم من قرش حرام دخل بطنك أو أطعمته لأولادك ؟ استرجع من ذاكرتك : كم من انسان مرّ عليك
وازدريته واستهزأت به ؟
كم واحد وصفته بما ليس فيه وافتريت عليه ؟
كم مرة تكبرت وتجبرت وتعاليت على عباد الله
بمالك وحسبك ونسبك ؟ لحظة من فضلك
عندما يأخذ الناس صحائفهم يوم القيامة يجدون قد سجل فيها كل شيء من الأعمال فيتساءلون مستغربين
( ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها )
وقد سأل الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا : أما الكبيرة فعرفناها فما الصغيرة فقال عليه الصلاة والسلام : الغمز واللمز
أرأيت؟؟ اذن وأنت تحاسب نفسك لا تنسى الصغائر أيضا ولا تنسى زلا ّت اللسان !!
وتذكر أن الناس لا يكبّون على وجوههم في النار إلا حصاد ألسنتهم - وأن عذاب القبر يكون بسبب النميمة –
احسب الآن في كل جلسة تجلسها –
كم من انسان تنمّ عليه ؟
الوقت يمضي ولم يعد لديك الوقت الكافي لكل هذا –
فأنت ما زلت تسترجع الأسماء من ذاكرتك -
فكثيرون هم الذين آذيتهم أليس كذلك ؟
– ياللهول !!!– ما العمل ؟
لا تقل أنك لا تخطيء –
فأفدح الأخطاء أن تعد نفسك منزها عن الخطأ -
الوقت يمضي بسرعة
وأنت بعد لم تنته من ايفاء حقوق العبادعليك
فكيف بحقوق الله
احسب : كم من صلاة أضعتها ؟
كم مرة سمعت النداء ولم تصل جماعة في المسجد
يقول الرسول (ص) : لقد هممت أن آمرَ فتيتي أن يجمعوا لي حزما من حطب ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم )
وكم مرة كنت تملك مؤونة السفر ولم تحج لبيت الله ؟ والرسول يقول : من ملك زادا وراحلة تبلـّغه حج بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا )
وكم مرة حال الحول على مالك ولم تؤدِ زكاته للفقراء والمساكين ؟
والرسول يقول : من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثـل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فيأخذ بلهزمتيه أي بشدقيه
فيقول : أنا مالك .. أنا كنزك )
وذنوب أخرى وأخرى عليك أن تتوب منها قبل أن تغرغر
انتهى الوقت
انتهى الوقت
انتهى الوقت
فلا مجال الآن لمحاسبة النفس
فربما تموت قبل أن تحاسب نفسك
وان حاسبتها هل ستنجو من الحساب يوم الحساب ؟
لن تنجو ما دمت لا تندم وتستغفر وتتوب قبل أن يحل بك الموت


يا عجبا للناس لو أبصروا وحاسبوا النفس ولو فكروا
واعتبروا الدنيا الى غيرها فانما الدنيا لهم معبـــــــــُر
والموعد الموت وما بعده حشر فـذاك الموعـد الأكبــــر
عجبت للانسان في فخره وهو غـدا في وحشــة يُقبــرُ
ما بالُ من أولـُــــه نطفة ٌ وجيفـــــــة آخــــره يفخــرُ
أصبح لا يملك تعجيل ما يرجـو ولا تأخيــر ما يحــــذر


هلا حاسبت نفسك الآن ؟؟ فلربما لا تعيش ليوم الغد
دمتم في رعاية الله .. لا تنسوني من الدعاء
والسلام عيكم ورحمة الله وبركاته ...





......يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف

هند طاهر 08-09-2010 12:56 AM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 
الرحله التي لا بد منها مهما طال بنا العمر

تذكره لكل من يمر من هنا , وتذكره لكل من انسته الدنيا بأن هناك رحله الى الدار الباقيه

فشكرا لك غاليتي لتذكيرنا علنا نصحو ونفيق ونعمل لهذه الرحله الطويله ونتزود لها ( فتزودوا فان خير الزاد التقوى)

تحياتي

ناريمان الشريف 08-09-2010 10:49 AM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 
عزيزتي هند سلام الله عليك
وبارك فيك
يسعدني جداً تواجدك هنا
انتظري ما تبقى من مشاهد الرحلة

كل الحب



...... ناريمان

عبدالسلام حمزة 08-09-2010 07:15 PM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 
جزاك الله خيراً ........... متابع

ناريمان الشريف 08-09-2010 10:25 PM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالسلام حمزة (المشاركة 4392)
جزاك الله خيراً ........... متابع


أخي عبد السلام
سلام الله عليك

أشكرك على متابعتك واهتمامك
كل الاحترام



.....ناريمان

ناريمان الشريف 08-09-2010 10:27 PM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 
(المشهد الثالث)
( طول الأمل )





أيها السادة الميتون عما قريب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر


لا تخف فأنت لم تمت بعد
– وأمامك فرصة –


أنت الآن حي تتنفس - حي ترزق –
جميل الثياب لطيف الحديث عطر الرائحة


تعيش هانئا سعيدا لا يخطر لك الموت على بال –
تفكر في الدنيا – كيف تجمع وكيف تصرف ؟
وكيف تسافر وكيف تقضي وقتك بكل ما هو ممتع ؟


دون أن يخطر ببالك ولو مرة
كيف ستجيب عن الأسئلة التي ستطرح عليك لاحقا -
تذكر........!
سوف تسأل عن كل دقيقة قضيتها في حياتك


وعن كل فلس جمعته - من أين جمعته ؟وفيم صرفته؟
سوف تسأل عن كل كبيرة وصغيرة -


وحينا آخر يأخذك شيطانك اللعين بوسوساته الخبيثة
أن تقسو على الضعفاء-
ولا ترحم المسكين –
وتأكل حق الأجير الذي يعمل عندك -
ويزين لك ما تصنع –
فتشرب الخمر وتظلم وتسرق وتعصي والديك
ويغرك ستر الله عليك وامهاله لك وتغاضيه عن أخطائك


فتستمع الى الأغاني العابثة وتلهو وتلعب ظنا منك
أنك معمر لن تموت –


أو يقول لك الشيطان مهلا فالعمر ما زال في أوله – ا
لعب كما تشاء واله كما يحلو لك –
العمر طويل وعندما تكبر
تستعد بكامل ما أوتيت لرحلة القبر فعلام الاستعجال ؟
أليس هذا ما تسمعه في نفسك ؟



قد سقاك الهوى شراب الأماني *** فاستطبت المقام تحت التداني
وتصاممت عن نداء الأمانــي *** لاهيا عن وقائـع الحــدثان
واذا عارضتـك خطـرة ذِكـرٍ *** بادأتـك الطبــاع بالنسيان


= ابليس اللعين هذا الذي يسمى أبا كردوس
يمنـّيك ويلهيك ويمنحك طول الأمل بحياة طويلة
خالية من المرض الجسماني الذي قد يقصم ظهرك
فربما بعد حين لا تستطيع الوقوف كي تصلي –
وربما لا يكون معك أموال تتصدق بها
– وربما وربما –
وربما لا يطول عمرك كما كنت تخطط
وربما تموت بعد دقيقة وربما الآن -
الآن ينزل عليك ملك الموت –


فماذا أنت فاعل ؟؟-


كل الخطط قد فشلت ..
لا أنت عشت ولا ما كنت تخطط له قد حصل
ضاع كل شيء – بل انتهى كل شيء


احذر قد لا يتبقى لديك وقت حتى لأن تحاسب نفسك
فلا أحد من البشر يعلم متى يباغته الموت
ولا أحد يضمن أن يعيش دقيقة


عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله
(صلى الله عليه وسلم )
كان بقرب الماء فتيمم بالتراب
فأقول : يا رسول الله ان الماء منك قريب
يقول : ما يدريني لعلي لا أبلغه)


لاحظ الوقت الذي يستغرقه
رسول الله (صلى الله عليه وسلم )
في تناول ماء قريب منه - انه بضع ثوان لا أكثر -


ومع هذا فهو لا يضمن حياته -
لا يضمن أن يعيش تلك الثواني
فلا تجعل الشيطان يمنيك –
فهذه الأماني كواذب وهذه الوعود رواسب


المرء يخدعنه منـــــاه والدهر يسرع في بلاه
يا ذا الشباب لا تـكــــن ممـــن تعبده هواه
واعلم بـأن المرء مرتهن**بما كسبت يداه
الحمد لله الذي يبقى ويهلك من سواه


تمشي في دنياك يحدوك الأمل
تبني وتعمر على أنك ستعيش طويلا
وتنسى الموت القريب
تبدأ مشروعا وتنهي آخر-
تعود من السفر وتحضر لسفرة أخرى
هذا لا يعني ألا تسعى لرزقك وحياتك
ولكن كل ما تفعله للدنيا فأين الآخرة ؟
تشتغل للدنيا كأنك ستعيش بعمر نوح
وتنسى الموت القريب الذي فوق رأسك كل يوم يلوح


فما أبشع طول الأمل !!


يامن بدنياه اشتغل وغره طول الأمل
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل
انما الدنيا كظل زائل أو كضيف بات ليلا فارتحل
أو كطيف قد يراه نائم أو كبرق لاح في أفق الأمل


= فما هو طول الأمل ؟


يقول الله تبارك وتعالى


( ألم يأن ِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب
من قبل فطال عليهم الأمد
فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )


فطول الأمل يعني الغفلة عن أن الموت قريب
وبمعنى آخر استبعاد الموت -


ونحن كثيرا ما نستبعد الموت عن أحبائنا
واخواننا وأهلنا أليس كذلك ؟
فكل شيء نتوقعه إلا الموت
ونستبعد الموت عنا وكأننا لن نموت ....!!!


= فعن سفيان الثوري قال :
ليس الزهد في الدنيا بلبس الغليظ والخشن وقلة الأكل
انما الزهد في الدنيا قصرالأمل


= وسؤل آخر : ما أقرب شيء ؟ قال : الأجل
– وسؤل : ما أبعد شيء ؟ قال : الأمل


= روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :
ليس بعاقل ولا ذاكر الموت من عد غدا من أجله
فرب مستقبل يوما لا يستكمله – ومؤمل غدا لا يبلغه
لو أبصرتم الأجل ومروره لأبغضتم الأمل وغروره
فيا عجبا للفروع ذهبت أصولها وللنجوم قد آن أفولها


= وروي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
أنه كان يقول :
أيها الناس ما الجزع مما لا بد منه –
وما الطمع فيما لا يرجى- وما الحيلة فيما لا يزول
وانما الشيء من أصله
وقد مضت من قبلنا أصول نحن فروعها
فما بقاء الفروع بعد اندثار الأصول
– فكل ما آت قريب -
أيها الناس انما أنتم في الدنيا أغراض
تتصل فيكم المنايا ونهب للمصائب
ومعدن للنوائب مع كل أكلة غصة ومع كل شربة شرقة
ولا تنالون نعمة إلا بفراق أخرى
ولا يعمر فيكم معمر لا يهدم آخر من أجله
وأنتم أعوان الحتوف على أنفسكم
فأين المهرب مما هو كائن ؟


فاتقوا الله عباد الله وبادروا للموت الذي منه هربتم –
أدرككم وان أقمتم- يأخذكم وان نسيتموه -
عجبا لمن نسي الموت وهو يرى من يموت -
عجبا لمن يحمل حبيبه في التابوت –
يحمله الى القبر ويتركه ويغيب
كيف ينسى أن الموت آتيه
والله ان أمره لعجيب عجيب




=يروى عن علي رضي الله عنه أنه قال :
أخوف ما أخاف عليكم اثنان : طول الأمل واتباع الهوى
ألا وان طول الأمل ينسي الآخرة واتباع الهوى يصد عن الحق ؟


= هل ما زلت تحتجب بطول الأمل –
أو ما زلت تستتر بالأماني وتؤمل أن تحيا –
وأنت ترى في كل يوم ميت بل وأكثر من ميت



أؤمل أن أحيا وفي كل ساعة تمر بي الموتى تهز نعوشها
وهل أنا إلا مثلهم غير أن لي بقايا ليال في الزمان أعيشها




= فاللهم عافنا من حب الدنيا ومن بلائها
وعافنا من عذاب القبر وقلة الصبر –
وعافنا من طول الأمل وعذاب الآخرة وتوفنا مسلمين


وألحقنا بالصالحين يا أرحم الراحمين
وصلى اللهم وسلم وبارك على محمد




لا تنسوني من الدعاء


ألقاكم غدا بإذن الله تعالى .. هذا ان عشنا ليوم الغد




..... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف

ناريمان الشريف 08-12-2010 11:35 PM



المشهد الرابع ( أسباب طول الأمل )




السلام عليكم أيها السادة الأموات عما قريب

ومرحبا بكم في المشهد الرابع من مشاهد الرحلة الى المقابر


= لا زلت أخي المستمع أحدثك عن طول الأمل

ولمن فاته ما تقدمت به – طول الأمل معناه : استبعاد الموت -

ترى ما هي أسباب طول الأمل ؟

يقول لله تعالى ( انما اموالكم وأولادكم فتنة )

أي اختبار وامتحان للعبد ليرى رب العزة

هل يشتغل بها عن الله فينساه ويعصيه ؟

والأموال والأولاد كما هو معروف زينة الحياة الدنيا

فتتزين الحياة لنا بالأموال والأولاد

ونحبها ونجري خلفها لاهثين باحثين عن السعادة فيها

ناسين أن حب الدنيا يجرنا الى نسيان الآخرة .


= واعلم أن طول الأمل له سببان أحدهما حب الدنيا –

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : حب الدنيا رأس كل خطيئة -
لأنه اذا أنس بها واستلذ شهواتها وتعلق بعلائقها

ثقل على قلبه مفارقتها فامتنع قلبه عن التفكر في الموت

الذي هو سبب مفارقة الدنيا ويظل شغوفا بالأماني الباطلة

فيمنّي نفسه بما يوافق مراده وهو البقاء في الدنيا – ف
لا يزال يتوهم هذا ويقدره في نفسه

ويقدر توابع البقاء وما يحتاج اليه

من مال وأهل ودور وقصور وزروع وثمار وسائر أسباب الدنيا

فيصير قلبه عاكفا على تأمين هذا وذاك

فيلهيه كل هذا عن ذكر الموت

ولا يقدر قربه ولا يتوقع حضوره –

واذا حصل وان ذكر الموت أمامه سوّف ووعد نفسه

وقال لها : الأيام طوال طوال والعمر لا يزال في أوله –

أتوب عندما أكبر فاذا كبر

فقال في نفسه : عندما أصير شيخا واذا شاخ

- ولا زال يؤخر ويسوف ولايكاد ينهي شغلا من أشغال الدنيا

حتى ينشغل في آخر –

وهكذا الى أن يفاجأ بالموت

يحضره ويهجم عليه ويأكل عمره ويسرقه من أشغاله وأعماله

التي لم يستكملها بعد –

فلا هو أنجز لدنياه ولا هو استعد لأخراه –

في كل يوم يشيع جنازة ويحملها على كتفه

ولا يدري أنه سيحمل ذات يوم بنفس النعش
ويسير بنفس الطريق ويقبر في قبره وحيدا

ليس معه رفيق ولا صديق ولا حبيب

إلا العمل وان صح ان أسمي القبر لأسميته ( صندوق العمل ) –

= يا من بدنياه اشتغل- وغره طول الأمل

= الموت يأتي بغتة والقبرصندوق العمل

= وجاء في بعض الأخبار أن تحت العرش ملكا ينادي كل يوم وليلة

الويل لمن ترك عياله بخير وقدم على الله بشر .
سؤل أحدهم : أي الاصحاب أوفى ؟ قال: العمل الصالح –

وسئل أيهم أضر وأبلى –قال : النفس والهوى –

قيل له : فاين المخرج ؟ قال : في سلوك المنهج –
فسئل : وفيم ذاك ؟ قال : ببذل الجهد وخلع الراحات

= تذكر

حياتنا صلاة تنتهي بسجدة الموت

وأعجب العجب أن تحب الله ثم لا تحبه –
وان تسمع داعيه ثم تتأخر عن الاجابة –

وأن تعرف قدر البرح في معاملته وتعامل غيره –

وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له

وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته

= وحب الدنيا ظلمة والسراج لها التقوى

والذنب ظلمه وسراجه التقوى

والقبر ظلمة والسراج لا اله إلا الله محمد رسول الله –

والاخرة ظلمة وسراجها العمل الصالح

والصراط ظلمة وسراجه اليقين



=فحب الدنيا وحب الآخرة كالضرتان لا يجتمعان في قلب
فحب الدنيا يجر المرء الى طول الأمل

والى الغفلة عن قرب أجله وتقريب الموت القريب

أما السبب الثاني فهو الجهل

أما الجهل فيدفع بالفكر الصافي والسماع للموعظة والحكمة

والعبرة ممن ماتوا

فلو دامت الدنيا لغيرك ما كنت أنت فيها-
ولو دامت للخلف لكنت عشت مع السلف

أما حب الدنيا فإخراجه من القلب شديد

وهو الداء العضال الذي أعيا الأولين والآخرين –

وعلاجه الإيمان بالله واليوم الآخر-

والإيمان المطلق بأن الموت حق – والساعة حق –

وما في اليوم الآخر من عظيم العقاب وجزيل الثواب –

فإذا تيقن الإنسان من الموت ارتحل عن قلبه حب الدنيا



= ذكر عن بعض الصالحين أنه قال :

رأيت في المنام رجلا وهو في برية
وأمامه غزالة يجري خلفها وهي تفر منه –
وأسد كأعظم ما يكون خلفه وقد هم أن يلحقه –
والرجل يرد رأسه وينظر الى الأسد فلا يجزع منه –
ثم يجري خلف الغزالة حتى لحق به الأسد فقتله –
فوقفت الغزالة تنظر اليه وهو مقتول –
اذ جاء رجل آخر قد فعل ما فعله المقتول –
فقتله الأسد ولم يدرك الغزالة – فخرج آخر ففعل كذلك -
قال : فما زلت أعد واحدا بعد واحد
حتى عددت مئة رجل صرعى والغزالة واقفة
فقلت : ان هذا لعجب – فقال الأسد : مم تعجب ؟
أوما تدري من أنا ؟ ومن هذه الغزالة ؟
فقلت : لا
فقال الأسد : أنا ملك الموت وهذه الغزالة الدنيا
وهؤلاء أهلها يجدون في طلبها
وأنا أقتلهم واحدا بعد واحد حتى آتي على آخرهم
فاستيقظ فزعا مرعوبا



تأمل في الوجود بعين فكـر ** ترى الدنيـا الدنية كالخيال

ومن فيها جميعا سوف يفنى** ويبقى وجه ربك ذو الجلال

– فان حب الخطير هو الذي يمحق من القلب حب الحقير

فاذا رأى حقارة الدنيا ونفاسة الآخرة كف عن التمسك بالفاني

والتهاون في الباقي

حتى وان أعطي الدنيا بأسرها
فكيف وليس لكل عبد إلا قدر يسير منها

فيفرح بهذا اليسير ويركن اليها وينسى الموت
ويبني القصر ولا يعمر القبر-

– فهو السكن الذي علينا أن نعد العدة لإصلاحه
لأنه المثوى الأخير



= وذكر في بعض الأخبار أن جبريل عليه السلام
هبط على نوح عليه السلام فوجده
قد عمل بيتا من القصب على البحر
فقال : ما هذا يا نوح ؟
فقال نوح عليه السلام : يا جبريل هذا البيت لمن يموت
فقال له جبريل عليه السلام :
لتأتين أمة أعمارهم من الستين الى السبعين
يبنون بيوتهم بالحصى والآجرّ والحجر
فقال نوح عليه السلام :
ما كان على هؤلاء إلا أن يستفّوا الرماد حتى يموتوا




لو كنت تعقل يا مغرور ما برقـت ** عيناك من خوف ومن حـذر

ما بال قوم سهام الموت تخطفهم** يفاخرون برفع الطين والحجر

= فهذا نوح عليه السلام الذي عاش أكثر من ألف سنة

يبني بيته من القصب لأنه يستقرب الموت ويرى أنه يكفيه

والأمة التي تعيش ستين أو سبعين سنة هي نحن

فالواحد منا يبني البيوت ويعمرها وكأنه مخلد فيها
- وكأنه لن يموت أبدا –

فبالله عليك لو علمت أنك ستموت في يوم كذا وكذا

هل كنت تبني وتشيد وتجمع المال ؟
أم تفكر في الموت وماذا تجهز للموت قبل أن تغادر الدنيا بلا رجعة



= قال صالح البراد :

رأيت زرارة بن أوفى بعد موته فقلت :
رحمك الله ماذا قيل لك ؟ وماذا قلت ؟
فأعرض عني قلت : فما صنع الله بك ؟
قال : تفضل علي بجوده وكرمه
قلت : فبأي الأعمال بلغت ما بلغت ؟
قال : التوكل وقصر الأمل .
..... الى هنا

ألقاكم غدا بإذن الله تعالى
هذا ان عشنا ليوم غد ٍ.. لا تنسوني من الدعاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






..... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف

فاطمة جلال 08-13-2010 05:47 PM

رحلة حري بنا أن نكملها قبل فوات الأوان

ناريمان غاليتي

بارك الله فيك

ناريمان الشريف 08-13-2010 10:13 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة جلال (المشاركة 6536)
رحلة حري بنا أن نمل لها قبل فوات الوان

ناريمان غاليتي

بارك الله فيك

بارك الله فيك غاليتي فاطمة
أرجو أن تستكلمي معي ما تبقى من مشاهد الرحلة

تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 08-15-2010 10:31 AM

المشهد الخامس
( ألهــــاكم التكــــاثر )






السلام عليكم أيها الميتون عما قريب
وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

لم ننطلق بعد الى المقابر
ولكنني سأعـّزيكم بأنفسكم قبلها ب ( ألهاكم التكاثر)

قال ميمون بن مهران :
دخلت على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
وهو يقرأ ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر )
فقال : انما يزورون المقابر بالموت
ولا بد لكل زائر أن يعود لوطنه من جنة أو نار

أرضيت دارا لا بقـاء لها ** تعد الشرور وتنصب الفتنا
ما يستقيم سرور صاحبها** حتى يعود سروره حزنـا
عجبا لها لا بل لموطنهـا ** المغرور حين يعدها وطنـا
فالحمـد لله اللطيف بنـا ** ستر القبيح وأظهر الحسـنا



= وقال زر بن حبيش عن علي رضي الله عنه
قال : كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت ( ألهاكم التكاثر )
أي شغلكم التكاثر بالأبناء والأولاد عن ذكر الله وطاعته
واللهو : ما شغل – حتى زرتم المقابر – أي بيوتكم

= وقيل ألهاكم التكاثر في الدنيا : بجمع الحطام واكتساب الآثام
والتمادي في الإجرام .

كم تتناسى القبور يا مغرور حفرٌ ما بها لعاص سرور
وتتعامى عنها وأنت تراها ورحاها على الأنام تدور
فاتق الله حق تقواه واحذر كل هول يخافه المقبور
ودع اللهو والبطالة واعمل للتي عاجلا اليها تصير

= يروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه لما عـُرض عليه
ما يصيب أمته من بعده من عذاب
ما رؤي ضاحكا مستبشرا حتى قبضه الله تعالى اليه 0

= وهذا زكريا عليه السلام فقد ابنه يحيى ثلاثة أيام
فخرج يلتمسه في البرية
فاذا هو قد احتفر قبرا وأقام فيه يبكي على نفسه
فقال : يا بني أنا أطلبك من ثلاثة أيام وأنت في قبر
قد احتفرته قائم تبكي فيه ؟ فقال يحيى عليه السلام :
يا أبتي .. ألست أنت أخبرتني
إن بين الجنة والنار مفازة لا تقطع إلا بدموع البكائين ؟
فقال له زكريا عليه السلام : ابك يا بني – فبكيا جميعا 0

هذا حال نبي الله يحيى-
فكيف بحال ابن آدم الذي يزور القبور لدفن احد الأقارب
ولا نراه يعود بدمعة واحدة –
بل ان البعض يبتعد عن القبر أثناء الدفن حتى لا يرى القبر
ولا يحاول الواحد منا أن يلقي حتى بنظرة على القبر
الذي سينزل فيه ذات يوم ؟

= ويروى عن ابن أبي الدنيا عن حمزة الأعمى قال :
وكنت أدخل على الحسن البصري منزله وهو يبكي
وربما جئت اليه وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه
فقلت له يوما : إنك تكثر البكاء ؟
فقال : يا بني ما ذا يصنع المؤمن اذا لم يبك ؟
يا بني – ان البكاء داع الى الرحمة –
فان استطعت أن تكون عمرك باكيا فافعل
لعله تعالى أن يرحمك
وتنجو من النار .
وقال : ما هو إلا حلول الدار اما الى الجنة واما الى النار –
ما هناك منزل ثالث

= فمن منا يبكي على خطاياه ؟
ومن منا يبكي خوفا من القبر وما فيه ؟
ومن منا يبكي أن يستبدل نعيمه في الدنيا بجحيم الآخرة ؟
ان بكيت ..
فما تبكي إلا آسفا على عرض من عروض الدنيا الزائلة!!
فتبكي تارة على تجارة خسرت فيها
أو مال ضاع منك
أو قصة حب فشلت فيها
والبعض التافه منا يبكي على قصة فيلم مؤثرة
أليس هذا ما يحدث ؟
أما أن تبكي على صلاة ضاع وقتها منك ولم تصليها فلا
أليس هذا ما يحدث ؟
ألست تأسف على الدنيا الزائلة وتتمسك بنعيمها الفاني ؟
وقد تبكي على واحد من أحبائك أصيب بمرض عضال
وجلس قعيدا في قراشه ينتظر الموت
ومن المؤكد أنك تبكي على قريب لك مات وفارق الحياة ؟

أليس كذلك؟؟؟؟؟

لا تأســـفن على الدنيـا وما فيهـا فالموت لا شك يفنينا ويفنيهــــــا
واعمـل لـدار يكـن رضوان خازنها والجار احمد والرحمن عاليهـــا
من يشتري الدار في الفردوس يغمرها بركعة في ظلام الليل يُحييهـا
أين الملـــوك التي عن حظها غفلت حتى سقاهم بكأس الموت ساقيها
أفنى القرون وأفنـــى كل ذي عمر كـذلك الموت يفني كـــل من فيها
والموت أحدق بالدنيا وزخرفهـــا والناس في غفلة عن ترك ما فيها
لو أنها عقلــت ماذا يـراد بهــا ما طاب عيش لها يوما ويلهيهـــــا
تلهو تأمــل آمالا تسـر بهـــا شـريعة الموت تطوينا وتطويهـــــــــا
تلك المنازل في الآفاق خاويــــة أضحت خرابا وذاق الموت بانيهـــــا

واذا بكينا على ميت غادرنا
وبعد فترة ننسى ما كان وكيف كان

والأوجب ألا نبكي على الميت
ألأوجب أن نبكي على أنفسنا
وعلى أعمارنا التي ترحل من بين أيدينا
ونحن غارقون في اللهو لا نستذكر الموت والقبر
ولا نستذكرالهاكم التكاثر –
بل ونحتفل بالميلاد ونسميه عيدا ونقيم حفلة لذلك
ونطفيء الشموع ونغني له ونهنئ صاحبه بسنة جديدة من عمره
والأوجب في يوم ميلاد أحدنا
أن نأتيه فنعزيه على سنة أخرى ضاعت من عمره
لا أن نبارك له بأنه كبر عاما

= يا أخي انما أنت عدد فاذا ذهب يوم فانما ذهب بعضك

وان كان لا بد أن نبكي فعلينا أن نبكي على أمس
واذا عشنا للغد فعلينا أن نبكي على اليومأن نبكي عل

عجبا للزمان في حالتيــــه وبلاء ذهبت منه اليــــه
رب يوم بكيت منه فلمــــا صرت في غيره بكيت عليــه



= فالعيد لا أن نحتفل بيوم الميلاد
انما كما قال الشافعي لما سؤل عن رأيه في العيد ؟
فقال : كل يوم لا أعصي الله فيه فهو عيد0

= وهذا أحد الصالحين : مات له ولد – فجاء يعزيه أهل المدينة
فقال عجبا !!!!
لو أني أضعت فرضاً من صلاتي ما عزاني أحد
مع أن مصابي في اضاعة صلاتي أعظم من مصابي بولدي –

= أرأيت هذا الصالح الذي يعتبر اضاعة الصلاة أكبر
من ان يفقد ولده ؟
أما نحن فلا نأسف لصلاة راح وقتها
ولا نبكي على ذنب اقترفناه
مع أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) قال : ابك على خطيئتك

بل اننا اذا ما اقترفنا ذنبا
سرعان ما ننسى أليم العقاب من الله تعالى عليه
أما الأولون العارفون بالله تعالى فماذا يفعلون



= هذا الزهري أصاب ذات يوم ذنبا
فاستوحش من ذنبه وهام على وجهه وترك أهله
وجلس باكيا حزينا على ما أصاب من ذنب
لولا أنه التقى بعلي بن الحسين فقال له :
ما قنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شيء أعظم من ذنبك 0

= نعم ألهانا التكاثر –
وألهتنا الدنيا وما فيها من تجارة وزروع وأموال وأولاد
عن ذكر الله
بل أننا سرعان ما نصاب بالاكتئاب
اذا ارتحل عنا شيء من نعيم الدنيا
وكثيرا ما نكتئب بسبب معاملة الناس وقسوتهم
أما أن نبكي من خشية الوقوف بين يدي الله فلا –



= يروى عن مولى عمر بن عبد العزيز قال له :
رأيتك البارحة تبكي بكاء ما رأيتك بكيت مثله
قال : فبكى- ثم قال : يا بني
ان والله اذا ذكرت الله الوقوف بين يدي الله عز وجل
قال : ثم غشي عليه فلم يفق حتى علا النهار
فما رأيته بعد ذلك مبتسما حتى مات 0

= ويروى أنه كان يبكي بكاء مرا فسألته ابنه ما يبكيك ؟
فقال : ود أبوك أنه لم يعرف الدنيا ولم تعرفه
والله يا بني لقد خشيت أن أهلك وأن أكون من أهل النار

هذا عمر بن عبد العزيز الذي نادى مناد في السماء أن هلموا للصلاة على عمر بن عبد العزيز لما مات -
هكذا يقول !!!!!! فماذا نقول نحن ؟؟؟


سادتي الكرام ..
القاكم بنفس الموعد في الغد بإذن الله تعالى

هذا ان عشنا ليوم غد
لا تنسوني من الدعاء .. رحمة الله عليكم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



ناريمان الشريف

حميد درويش عطية 08-16-2010 10:00 AM

كم أنتِ رائعة
أختي ناريمان
تنثرينَ ابداعك
هنا و هناك
بلا ملل .. !!
نرتشفُ عذبَ كلامك ِ
و لكن .....
هل نرتوي ؟؟؟
علنا نرتوي ..
و لقد أحسنت ِ الإختيار
بارك الله تعالى فيك
و إلى المزيد بعونه سبحانه

16 / 8 / 2010

ناريمان الشريف 08-16-2010 12:10 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 7928)
كم أنتِ رائعة
أختي ناريمان
تنثرينَ ابداعك
هنا و هناك
بلا ملل .. !!
نرتشفُ عذبَ كلامك ِ
و لكن .....
هل نرتوي ؟؟؟
علنا نرتوي ..
و لقد أحسنت ِ الإختيار
بارك الله تعالى فيك
و إلى المزيد بعونه سبحانه

16 / 8 / 2010


سلام الله عليك
ويا مرحباً بك هنا أخي حميد
أشكرك على متابعتك لهذه الرحلة التي لا بد منها


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 08-17-2010 11:23 AM

(المشهد السادس من مشاهد الرحلة الى المقابر )
( تبني للخراب )



السلام عليكم أيها الميتون عما قريب
وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر
مشهد اليوم سيجعلك تعيد النظر فيما تجمع
وفيما تعمر وتشيد
وفيما تلد من البنين والبنات

فما قولك إذا علمت أنك تلد للموت وتبني للخراب ؟
نعم هذا هو حال أهل الدنيا

= فقد روى عن النبي (ص) أنه قال: ما من يوم إلا وملكان يناديان :
يا أهل الدنيا ولدتم للموت وتبنون للخراب وأنتم محاسبون ومعذبون عند ربكم )

لله ملـِك ينــادي كل يوم *** لـدوا للمـوت وابنـوا للخراب
لمـن نبني ونحن الى التراب *** نعود كمـا خلقنـا مـن تـراب
ألا يا مـوت لم أر منك بـدّ ا *** أتيـت فلا تحيـد ولا تحـابـي
كأنك قد هجمت على مشيبي *** كمـا هجم المشيب على الشبـاب

= عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنت مع كعب الأحبار
وهو عند عمربن الخطاب رضي الله عنه

فقال كعب : يا أمير المؤمنين
ألا أخبرك بأغرب شيء قرأته في كتب الأنبياء ؟
إن هامةً جاءت الى سليمان بن داود صلوات الله وسلامه عليهما
فقالت السلام عليك يا نبي الله - قال : وعليك السلام يا هامة
أخبريني كيف لا تأكلين من الزرع
قالت : يا نبي الله إن آدم أخرج من الجنة بسببه
فقال : كيف لا تشربين الماء ؟
قالت : ان الله أغرق قوم نوح فيه فمن أجل ذلك لا أشربه
قال سليمان : كيف تركت العمران وسكنت الخراب؟
فقالت: لأن الخراب ميراث الله – فأنا أسكن ميراث الله
قال سليمان: فماذا تقولين اذا جلست فوق خربة ؟
قالت : أقول أين الذين كانوا يتمتعون بالدنيا ويتنعمون فيها ؟
قال سليمان عليه السلام : فما صياحك في الدوراذا مررت عليها ؟
قالت : أقول : ويل لبني آدم كيف ينامون وأمامهم الشدائد ؟
قال : فما لك لا تخرجين بالنهار؟؟ ولا تظهرين الا بالليل
قالت : من كثرة ظلم بني آدم لأنفسهم
قال: فأخبريني : ما تقولين في صباحك ؟
قالت : أقول : تزودوا يا غافلون وتهيؤا لسفركم
سبحان خالق النور
فقال سليمان عليه السلام : ليس من الطيور أنصح لابن آدم وأشفق عليه من هذه الهامة
وما في قلوب الجهال أبغض منها.

= فلا تركن الى دنياك المتقلبة – وكيف تبيع الباقي الغالي بالفاني الرخيص
فيا مسكين أنفقت مالك في بنيان الدور وتشييد القصور
ونسيت الموت والتحول الى ظلمة القبور ثاويا فيها الى يوم النشور
ألا للخــراب بنى العامرونا ** وللموت ما وَلــد الوالدونـا
وعما قليل يرى الآخرون ** عجائب ما قد رأى الأولونـا
ويشقـى أناس بما جمعـوا ** ويســعد بالقلـة الزاهدونا
ولا يرحمون إذا بكوا ولا ** يرتجي الرحمة الظالمونا

= هذا بالتأكيد لا يعني ألا يصلح الانسان من شأن حياته
فان الله تبارك وتعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده
ولكن بشرط ألا يكون هذا العمار لاهيا لك عن ذكر الله
وذكر الموت -

= روي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال :
ما من يوم إلا وملك الموت ينادي :
يا أهل الدنيا عجلوا لأن أهل القبور محبوسون من أجلكم
أتركوا ما جمعتم وخربوا ما بنيتم
الويل لكم ان أدرككم الموت على هذه الحالة
زينتم الدور ونسيتم القبور
أذكروا القبر ووحشته
والموت وسكرته
والصراط ودقته
الموت سكرة في سكرة
وحيرة في حيرة وجذبة يا لها من جذبة
فالمسكين يكابد غصص المنون داهش العقل محزون

= وحكي عن بعض السادات أنه قال :
نظر الي بهلول وأنا أبني دارا فقال : لمن هذه الدار ؟
فقلت : لرجل من كبار أهل الكوفة
فقال : أرنيه؟
فأريته اياه - فناداه فقال : يا هذا لقد تعجلت البناية قبل العناية
اسمع الى صفة دار كونها العزيز أساسها المسك وبلاطها العنبر
اشتراها عبد أزف للرحيل كتب على نفسه كتابا
وأشهد على عقد ضمائره شهودا
ولهذه الدار شارع ينتهي الى دار الخلد والسلام
وخيام قد ملئت بالولدان ليس فيها أسقام ولا ضر ولا الآم
ولا يذوق ساكنها سكرات الحمام
يا لها من دار لا ينقضي نعيمها ولا يبيد كريمها
ملئت خيامها بجوار بهن يكمل السرور
ليس لهن سوى الدين والتقوى مهور
قيل وبعد أن قال بهلول هذا الكلام
ترك الرجل داره وتاب الى الله ورجع
وهام على وجهه خارج داره
فناداه بهلول وهو يعدو خلفه ويقول :
يا ذا الذي طلب الجنان لنفسه**** لا تهربن فانه يعطيكا

= حكي عن عباد المهلبي أنه قال :
كان ملك من ملوك البصرة قد ترك الدنيا وما فيها وتعبد
ثم بعد مدة من الزمن
وسوس له شيطانه بترك العبادة فمال الى الدنيا وغرورها
فبنى دارا وشيدها وأمر بفرشها
وأمر أن يصنع طعام كثير ودعا الناس
فجعلوا يدخلون ويهنئونه ويأكلون ويشربون
وينظرون الى بنائه ويعجبون منه.. ثم يدعون له ويتفرقون عنه
فمكث بذلك زمانا حتى اذا فرغ من أمر الناس
أجلس نفرا من خاصة اخوانه فقال لهم :
أترون سروري بهذا القصر؟؟
فقد حدثتني نفسي أن أتخذ لكل واحد من أولادي مثل هذا القصر
فأقيموا عندي أياما أستمتع بحديثكم
فأقاموا عنده أياما يأكلون ويشربون ويتمتعون
اذ سمعوا ذات ليلة بهاتف يهتف وينادي بصوت جهير ويقول :

يا أيهـا الرجـل الناسـي منيتـه **
لاتـأمنن فـإن المـوت مكتوب
على الخلائق ان سروا وان كرهوا **
فالموت حتم لذي الآمال منصوب
لا تبنيـنّ ديـارا لسـت ساكنهـا **
وراجع النسـك كيما تغفر ذنوب

قال : فخرج وخرج أصحابه بعد أن راعهم ما سمعوا
فقال لأصحابه : هل تجدون ما أجد ؟
وهل تشعرون بما أشعر ؟ قالوا : وماذا تجد وتشعر ؟
قال : أجد مسكة على فؤادي وما أرها إلا علة
ثم أمر بالشراب فأهريق وأمر بالملاهي فأخرجت
ثم قال : اللهم اني أشهدك وأشهد ملائكتك ومن حضر من عبادك
أني تائب اليك من جميع ذنوبي
نادم على ما فرطت في الأيام الماضية
ثم اشتدت به العلة فلم يزل يقول الموت الموت
حتى خرجت روحه من ليلته تلك وتفرق عنه أصحابه –

= الناس يبكون على موتاهم
والأجدر أن يبكوا على أنفسهم لا على الميت -
عجبت لجازع باك مصاب*** بأهل او حميم ذي اكتئاب
يشق الجيب يدعو الويل جهلا *** كأن الموت بالشيء العجاب
وأمر الله فيه الخلق حتى *** نبي الله منه لم يحابي
له ملك ينادي كل يوم *** لدوا للموت وابنوا للخراب



الى هنا انتهى مشهد اليوم
ألقاكم غدا بنفس الموعد .. هذا ان عشنا ليوم الغد
لا تنسوني من الدعاء .. الى اللقاء




..... يتبع
ناريمان

ناريمان الشريف 08-18-2010 09:23 AM

المشهد السابع
( تذكر الموت )



= السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها السادة الميتون عما قريب
ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

= نحن مسلمون
وجميعنا نؤمن بأن الله حق والموت حق أليس كذلك
ولأنه كذلك علينا أن نضع الموت نصب أعيننا
كل دقيقة تمر من عمرنا
وعلينا أن نتخيل أننا سنموت وتخرج أرواحنا من أجسادنا
ونصبح أجسادا هامدة في أي لحظة آتية - ولكن الكثيرين منا للأسف لا يذكرون الموت إلا قليلا-

والشيطان اللعين يساهم في هذا – فكلما ذكرت الموت –
يمنيك الشيطان اللعين أن الموت ليس لك انما لغيرك
ويجعلك متأكدا ان العمر طويل طويل


=أما نبي الأمة فيروي عنه ابن عمران ويقول :
كنت جالسا مع رسول الله (ص) فجاء رجل من الأنصار
فسلم على النبي (ص)
فقال : يا رسول الله – أي المؤمنين أفضل ؟
قال : أحسنهم خلقا- قال : فأي المؤمنين أكيس ؟
قال : أكثرهم للموت ذكرا –
وأحسنهم لما بعده استعدادا اولئك الأكياس ؟

وقال عليه الصلاة والسلام :
الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت –
والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله 0

والعاجز هنا المقصر الذي يتبع الشهوات ويتمنى على الله أن يغفر له –
وهذا هو الاغترار- وهذا هو الأمن من مكر الله -

فعن معروف الكرخي رحمه الله قال :
رجاؤك الرحمة ممن لا تطيعه حماقة وخذلان



يقول الامام علي :
أحسنت ظنك بالأيام اذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها وعند صفو الليالي يحدث الكدر

وعن طول الأمل – قال الغزالي رحمة الله عليه :
اعلم أنه اذا طال الأمل هاج منك أشياء :
ترك الطاعة والكسل فيها وترك التوبة وتسويفها ( أي تأجيلها )
والحرص على الجمع والاشتغال بالدنيا وقسوة القلب
ونسيان الآخرة -

ولكن لماذا طول الأمل يفعل كل هذا؟

بالمختصر اذا أحس الانسان أن عمره طويل
يبقى لديه أمل باصلاح نفسه
وتغيير سلوكه –

ولكن من يدري أنه يعيش للغد أو حتى لما بعد ساعة –

فقد يموت فجأة وهذه الميتة مكروهة للإنسان المؤمن –

أما عندما يمرض الإنسان لكأنما الله يمهد له
بأنه أشرف على الموت ويعطيه فرصة
لذلك يقال إن الجسم الذي لا يمرض يأشر ويبطر0

= وقال : لقد وعظت نفسي بالقرآن والموت0
أخي يا صاحب الأمل الطويل يا ناسي الموت -
قد تتعظ قولا وعلما أما عملا فلا

قد تستمع الى خطبة جمعة من امام المسجد
وهو يحدثك عن الموت وما أن تخرج من باب المسجد
حتى تتلهى بقشور الدنيا –
ولا تعاود الاجتهاد في التزود للآخرة
كاجتهادك في تدبير الدنيا العاجلة
ولم تستح من الله كما تستحي من الخلق
ولم تشمر للقبر كتشميرك في الصيف لأجل الشتاء
وفي الشتاء لأجل الصيف ولو فتشت
عن سبب تمادي النفس في فعل هذا
لوجدت انه الاعتقاد بتراخي الموت واستبعاد هجومه –
مع أنه لو أخبرك الطبيب أنك ستموت بعد شهر
لاستقامت نفسك
ولهزل جسمك ولاستويت على الصراط المستقيم -
تخيل انك ستموت في نهاية هذا الشهر فما أنت فاعل ؟؟
نشدتك بالله تعالى - حاول أن تجيب ؟

= إليك هذه الحكاية : قال الشافعي :
الشحم لا ينعقد مع الحزن والغم ثم قال :
كان بعض ملوك الأرض قديما كثير الشحم لا ينتفع بنفسه –
فجمع الأطباء وقال لهم :
احتالوا بحيلة يخف بها لحمي هذا قليلا –
فما قدروا على شيء فجاءه رجل عاقل وقال للملك : أ
نا سأعالجك – قال الملك : عالجني ولك الغنى – قال :

أصلح الله الملك انما أنا منجم ولست بطبيب –
فدعني أنظر الليلة في طالعك لآرى أي دواء يوافق حالتك
ولما أصبح – قال : أيها الملك أعطني الأمان ؟
فلما أمنه الملك قال له :

رأيت طالعك يدل
على أنه لم يبق من عمرك غير شهر واحد
فاذا أردت عالجتك –
واذا أردت أن تتأكد من كلامي فاحبسني عندك شهرا
فاذا كان قولي صحيحا فخل عني واذا كنت كاذبا فاقتص مني
وعاقبني بالذي تريد – فحبسه الملك –
وبدأ يفكر في نفسه ويقول شهر واحد بقي من عمري
لا بد من أن أصلح من شأني فرفع الملاهي
وتوقف عن شرب الخمر وساعد المحتاجين
واحتجب عن الناس
وخلا مغتما كئيبا حزينا
يلوم نفسه على ما فعل في السر والعلن
وكلما اقترب الشهر على نهايته
زاد حزنه وخوفه من الموت والقبر
وبعد ثمانية وعشرين يوما بعث الملك الى المنجم
وأخرجه من سجنه وقال له : ماذا ترى ؟
قال: أعز الله الملك – أنا أهون على الله من علم الغيب !
والله اني لا أعرف عمري ولا متى سأموت
فكيف لي أن أعرف عمرك
و لم يكن عندي دواء لبدانتك وشحمك
سوى الغم وانتظار الموت –

فمن يحمد الدنيا لعيش يسره فسوف لعمري عن قليل يلومها
اذا أقبلت كانت على المرء حسرة وان أدبرت كانت كثيرا همومها



= أخي المستمع 00 كل هذه المشاهد وأنت لم تمت بعد

لا زلت على قيد الحياة – ولم تسقط ورقتك بعد !!
ولم يأت ملك الموت ليأخذ روحك ولما يحفر قبرك بعد
هل مررت ذات يوم بالمقابر ورأيت قبرا محفورا؟

هل جربت أن تلقي نظرة
وتتفقد أرضه التي ستلقى عليها ذات يوم
ما رأيك أن تذهب اليوم الى المقابر لزيارة أحد أقربائك

وتنزل في أحد القبور الفارغة وتتخيل أنه مسكنك الجديد

وماذا يمنعك من الاستلقاء فيه؟



= وقد أسمعتكم في المشهد السابق
كيف بات يحيى عليه السلام في قبر احتفره لنفسه فمكث فيه ثلآثة أيام وهو يبكي من هول القبر
ويغيب فيه عن الدنيا ويعيش مشهد الموت
وحيدا بعيدا عن الدنيا وأهلها

= فاذا كان هذا نبي الله يخاف من القبر ووحشته ويحسب حسابا لليوم الذي يكون فيه تحت التراب فكيف بنا نحن

= وهذا سفيان الثوري كان لديه قبرا في منزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى ( رب ارجعون – رب ارجعون )
ثم يقوم منتفضا ويقول لنفسه : ها أنت قدر رجعت يا سفيان فماذا أنت فاعل ؟

زرع أعماركم قد أذن بالنفاد ونوم غفلتكم قد أطال الرقاد
فأين الحسرات على فوات الأمس
وأين العبرات على مقاساة ظلمة الرمس-
أين ما أعددتموه ليوم لا تجزي نفس عن نفس؟



أأمل أن أخلد والمنايا يثبن إلي من كل النواحي
ولا أدري إذا أمسيت حيا لعلي لا أعيش الى الصباح

= نعم لعلي لا أعيش الى الصباح –

= أخي المستمع – في المشهد القادم سأحكي لك قصة حقيقية عن رجل ذهب الى المقابر ونام ليلة في القبر –

انتظرونا في المشهد التالي من مشاهد الرحلة الى المقابر في الغد
هذا ان عشنا ليوم الغد



يتبع .... ناريمان

عبدالسلام حمزة 08-19-2010 11:23 PM

ناريمان الشريف

لا بد من هذه التذكرة لإلجام النفس والأماني

سلامي لك أختاه

ناريمان الشريف 08-19-2010 11:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالسلام حمزة (المشاركة 10038)
ناريمان الشريف

لا بد من هذه التذكرة لإلجام النفس والأماني

سلامي لك أختاه

أشكرك أخي عبد السلام على المتابعة
فهذا يسعدني ... وكم كنت اتمنى ان يكون متابعو هذه الرحلة كثيرين
لأنها كما قلت تذكرة تلجم النفس الأمارة بالسوء



تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 08-20-2010 12:06 AM

( المشهد الثامن من مشاهد الرحلة الى المقابر )
ساعة تحت الأرض




= السلام عليكم أيها السادة الأحياء الميتون عما قريب

وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة إلى المقابر
في المشهد السابق حدثتكم عن تذكر الموت وتذكر القبر

وفي هذا المشهد قصة حقيقية يرويها رجل أسرف على نفسه

وعنوان القصة :

( ساعة تحت الأرض تقشعر لها الأبدان )
أرويها لكم على لسانه مع بعض التغييرات التي اقتضتها الضرورة
يقول :

= كانت البداية عندما قرأت عن سفيان الثوري رحمه الله
أنه احتفر قبراً في منزله
وكان يرقد فيه وإذا ما رقد فيه حتى يحل عليه الظلام
وعاش ويلات ظلمته ووحشته
صاح ( رب ارجعون رب ارجعون )

ثم يقوم منتفضاً ويقول : ها أنت قد رجعت فماذا أنت فاعل ؟

= ويكمل راوي القصة

كنت أحافظ على أداء صلاة الفجر في موعدها في المسجد

وحدث مرة أن فاتتني صلاة الفجر فأحسست بضيق في صدري طوال ذلك اليوم

ثم تكرر معي هذا

فقلت : لا بد من الوقوف مع النفس وقفة حازمة لتأديبها

حتى لا تركن لمثل هذا فيؤدي ذلك بي الى النار

فقررت أن أبيت ليلة في القبر حتى أؤدب نفسي

وأعلمها كيف لا تغفل عن صلاة الفجر
ولأذكرها بأن هذا هو منزلها ومسكنها إلى يوم البعث

وأقسمت أن أفعل وأبيت في القبر هذه الليلة ولا أؤجل ذلك الى الليلة التالية

فلما انتصف الليل قلت لنفسي قومي الآن إلى المقابر
وكان اختياري لهذا الوقت بالذات حتى لا يراني أحد

فتوجهت إلى المقابر وتساءلت : هل أدخل من الباب ؟

لا لئلا يفسد خطتي أحد يراني -
فقررت أن أتسلق سور المقبرة –

واقتربت من السور وصعدته وإذ بي بين القبور–

فدخل الخوف إلى قلبي قبل أن أدخل القبر مع أنني كثيراً ما دخلت المقبرة كمشيع
ولكنني أحسست وكأنني لأول مرة أرى القبور
ورغم أنها كانت ليلة مقمرة إلا أنني أقسم :
ما رأيت أشد سواداً منها تلك الليلة

– كانت ظلمة حالكة -

سكون رهيب لا يقطع هذا السكون
سوى أصوات بعض صراصير الليل
سكون فظيع هذا هو صمت القبور بحق !
أما رائحتها فلا يخطئها أنفي

فيها رائحة الموت – رائحة الحناء وبعض روائح المسك
التي تصب على بعض الموتى قبل دفنهم -
شعرت بتعب دونما أتعب

فاتكأت على السور وأنا أتلفت حولي

ونبضات قلبي تتصاعد وتعلو وصدري يكاد ينخلع من مكانه
قلت في نفسي : الرحمة يا رب الرحمة
واني والله لأشعر بملك الموت قريباً مني
يريد أن ينقض علي وينهش مني روحي

فجلست إلى نفسي أحادثها للحظات ريثما تهدأ

مرت علي كالسنين – إيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ه أيتها القبور – ما أشد صمتك !

وما أوحشك !
وما أقسى ما تخفيه تحتك !
ضحك ونعيم – عذاب وبكاء وعويل –
آه ما أصعب ما قررت !!!

هل أتراجع ؟
لا والله لن أتراجع
قمت من فوري وسرت بين القبور –لأجد قبرا فارغاً أبيت فيه –

ها قد وجدت – هذا القبر لي

الآن سأدخل فيه بسرعة حتى لا يراني أحد
ويقال عني مجنون

فلا أحد يصدق أني أعاقب نفسي لأني أضعت صلاة الفجر

وقبل أن أدخل القبر قلبت بصري يمنة ويسرى
واذا بقبور مفتوحة تنتظر ساكنيها

وقبور أخرى سكنها أصحابها

تأملت القبور الممتلئة بأصحابها
وراودتني أسئلة متتالية متسارعة

لمن هذا القبر؟؟
لعله لرجل كان في عز شبابه أضاع عمره
في الاستماع الى الأغاني
وغره شبابه وفي لحظة مرة داهمه الموت

فلم ينفعه الشباب في شيء
وهذا لعله قبر رجل ضيع صلاته مثلي

وهذا القبر لعله لرجل أعمال جمع من الأموال ما جمع
ولم تغن عنه أمواله شيئا - وهذا وهذا ؟؟؟؟؟؟؟؟
أرجعت بصري أرضا ونظرت إلى قبري

وقلت : سبحان من قهر عباده بالموت

ولشدة خوفي قلت في نفسي سأجلس خارجه قليلاً
حتى تسكن أعصابي

كثيراً ما رأيت القبور ولكن هذه المرة تختلف
– لها طعم آخر –
لحظة وأحسست همهمة وكأن شخصا يتنفس في أذني –
قلت هو اذن ملك الموت

رفعت بصري ولا أرى إلا قبورا وخيالات سوداء

وكأن أهل القبور خرجت تستقبلني – أين أذهب ؟
أين سأهرب – ومم أهرب ؟

وكأني أسمع نفسي تصيح بي : يا مجنون
كيف تجرأت ووصلت الى هنا ؟

هذا هو القبر هيا اهبط فيه –
ألست أنت من أقسمت أن تبيت في القبر الليلة ؟
انزل لا بد أن أبر بقسمي وأبيت الليلة في القبر
جلست القرفصاء وبذا اقتربت أكثر فأكثر من القبر

تأملته وتساءلت : سبحان الله

كيف تكون هذه الحفرة الصغيرة روضة من رياض الجنة
أو حفرة من حفر النار ؟
هل الطقس بارد ويزداد برودة أم أنها قشعريرة الموت
او هو الإحساس بالموت؟
أسمع صوت رياح – ما هذه الريح ؟

لا أرى ذرة من غبار ؟ ما الذي أسمع وما الذي أحس ؟

يجب أن انزل القبر ولم أتيت إلى هنا أصلاً ؟
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ومن وسوساته اللعينة

وشمرت عن ثيابي – وهبطت إلى القبر وقلبي يختلج
يكاد ينخلع من صدري – ومددت نفسي داخل القبر –
والصقت نفسي بجدار القبر لا أدري أحتمي من ماذا ؟

أنا لست جباناً لكنني شعرت بالخوف حقاً -
كل هذا وأنا مغمض العينين –

فتحت عيوني وأزحت بصري إلى الناحية الأخرى

فإذ بي أرى جداراً من تراب تتحرك فيه ديدان سوداء

تقلبت على ظهري ورفعت بصري إلى أعلى

فلم أر إلا سقفاً من تراب لا يكاد يرتفع عن وجهي بضع سنتمترات

فقلت : ماذا لو انهال علي التراب فجأة ؟

يا لشدة الموقف !!
إنه المكان الذي لابد منه – وبدأت أفكر .........

سبحان الله ننام على فراش وثير وهذه هي النهاية

نريد أن نحصل على كل شيء في الدنيا وهذه هي النهاية

لاشيء لا شيء

إلى الذين يتنازعون على الدنيا وما فيها هذه هي النهاية
تعالوا شاهدوا بأم أعينكم – هذا هو القبر-
وأردد بصوت خافت يا أهل القبور مالكم لا تسمعون ؟؟
أين أصواتكم التي كانت تجلجل ؟

تركتم صلاتكم وتنازعتم على مال الدنيا هل تنفعكم الآن ؟

هل تغنيكم عن هذه الرقدة ؟

آثرتم الغناء على القرآن –

صمت للحظة أتفكر بصمت يتناسب وصمت القبور الرهيب

كيف سيأتي منكر ونكير ؟ من أي ناحية سيأتياني ؟
كيف سيكون الحساب ؟
ما هي ضمة القبر ؟ وكيف يكسر الأضلاع ويتداخل فيها ؟

آه ما أجهلنا نستاء من طعام لا يتوافق مع شهيتنا

ونصير نحن أكلة دسمة لهذا الدود الذي
أراه يخرج من بين التراب

يريد أن يسبح على جسدي

فكرت أن أنظر الى القبر المجاور فخفت أن أرى عينين تلمعان
في الظلام وتنظران الي
فقررت ألا أنظر الى الناحية المجاورة

فليس بي شجاعة أن أزيح بوجهي من شدة الخوف
فما زال القلب ينبض بشدة –
وضعت يدي على صدري

وتخيلت نفسي محمولاً في النعش وأصحابي يسيرون بي

ويدخلونني القبر ويرشون الماء عى التراب فوقي
تخيلت رجلاً كبير السن من أهلي
وقبل أن يتركوني وحيداً في قبري

يقول : توقفوا لحظة أدعو لصاحبكم فإنه الآن يسأل

وراح فكري هنا وهناك - وبكيت إلى ما شاء الله أن أبكي

ويكأني غبت عن الدنيا وما فيها لأكثر من ساعة

وأنا أتفكر في الموت –

وما صحوت من غفلتي إلا والدود قد بدأ يمشي علي

وكأني أقول له – مهلاً – أنا لست ميتا لتأتي علي تأكلني

اهتز جسمي وقلت رب ارجعون رب ارجعون

فأدركت أني على قيد الحياة

نهضت من مكاني ونفضت ملابسي مما علق بها من تراب
ودود وغيرها

وغادرت المقبرة وعدت إلى بيتي أردد قول جبريل عليه السلام
للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم

( عش ما شئت فإنك ميت
وأحبب من شئت فانك مفارقه
واعمل ما شئت فانك مجزي به )




انتهى المشهد

ألقاكم غداً بنفس الموعد بإذن الله تعالى

هذا إن عشنا ليوم الغد

السلام عليكم

لا تنسوني من الدعاء



تحياتي لكم ...
ناريمان الشريف

عبدالسلام حمزة 08-20-2010 12:10 AM

ناريمان الشريف

لك الله يا ناريمان , كم هي جميلة ومؤثرة , تعرية الحقيقة كم هي صعبة على النفس , سبحانك ربي

الكريمة ناريمان , أنثري البِذار وعلى الله الإنبات

دمتي لي أختا ً في الله , ربما تشملني دعوة من دعواتك

سلامي لك

ناريمان الشريف 08-20-2010 01:42 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالسلام حمزة (المشاركة 10068)
ناريمان الشريف

لك الله يا ناريمان , كم هي جميلة ومؤثرة , تعرية الحقيقة كم هي صعبة على النفس , سبحانك ربي

الكريمة ناريمان , أنثري البِذار وعلى الله الإنبات

دمتي لي أختا ً في الله , ربما تشملني دعوة من دعواتك

سلامي لك

مرة أخرى أشكرك ..
ولا أملك إلا الدعاء لك ولإخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات
بارك الله في حسناتك .. وجعل قبرك روضة من رياض الجنة
اللهم أحسن خاتمتنا يا كريم
برحمتك يا أرحم الراحمين ... وصلى الله على محمد

........

طارق الأحمدي 08-20-2010 03:09 AM

الأخت الفاضلة : ناريمان

جازاك الله عنا كل خير

والذكرى حتما تنفع المؤمنين

وماهذه السلسلة المنتقاة بدقة وحرفية إلا دليل على رجاحة العقل الساعي لما فيه خير العباد

نحن عبيد الله الغافلين المنساقين وراء الدنيا فتناسينا أن لكل بداية نهاية .

حقا ممتع ما تكتبين يلقي في القلوب بعضا من رهبة واطمئنان

فليرحمنا الله ويثبت قلوبنا على الإيمان

سأتابعك أختاه فلا تبخلي علينا

ناريمان الشريف 08-20-2010 09:49 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق الأحمدي (المشاركة 10162)
الأخت الفاضلة : ناريمان

جازاك الله عنا كل خير

والذكرى حتما تنفع المؤمنين

وماهذه السلسلة المنتقاة بدقة وحرفية إلا دليل على رجاحة العقل الساعي لما فيه خير العباد

نحن عبيد الله الغافلين المنساقين وراء الدنيا فتناسينا أن لكل بداية نهاية .

حقا ممتع ما تكتبين يلقي في القلوب بعضا من رهبة واطمئنان

فليرحمنا الله ويثبت قلوبنا على الإيمان

سأتابعك أختاه فلا تبخلي علينا

يسعدني أن تكون هنا أخي طارق
وشرف لي أن أعجبك ما جمعت لكم في هذه الرحلة
بارك الله فيك


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 08-23-2010 11:17 AM

(المشهد التاسع)
( ذكر هاذم اللذات )


= السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها السادة الميتون عما قريب

ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

= الموت : كلمة مرعبة حقا ––
والموت نقيض الحياة وقد ذكر الموت في القرآن
فهل تذكره حقا كلما مررت بآية فيها لفظ الموت
وليس للموت اسم واحد
بل له أسماء عدة فالمنية والوفاة والنهاية والأجل وغير ذلك اذن أنت تسمع بالموت هو يعرفك ولكنك لا تعرفه
فلا زلت أخي المستمع على قيد الحياة فلم تمت بعد
ولكني أود أن أعزيك قبل وفاتك بتذكر الموت
لا لشيء بل لقسوة في قلبك
فالقلب القاسي لا يدخله الخشوع ولا يغمره الخوف من الله تعالى ولا يحسب حسابا للحظة يقف فيها بين يديه
ولا تعتقد للحظة أن تذكيري لك بالموت
لا سمح الله لأغم بالك وأنكد عليك عيشك
ولكني أعمل بنصيحة عائشة رضي الله عنها
فقد روي أن رجلا جاء الى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقال : يا أم المؤمنين ان بي داء فهل عندك دواء ؟
قالت : وما داؤك ؟
قال : القسوة
قالت : بئس الداء داؤك
عدْ المرضى واشهدْ الجنائز وتوقعْ الموت .

فها هو تذكر الموت علاج لقسوة القلب
فمن ذكر الموت رق قلبه وانفطر حزنا على أيامه

فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أنه قال : ما أكثر رجل من ذكرالموت إلا زاد ذلك في عمله )

فذكر الموت ليس للسلوى ولكن لشد الحزام
والاستعداد للهبوط الى القبور
فقد أقلعنا في الدنيا بما فيه الكفاية
ورحلنا فيها شرقا وغربا
وتنعمنا بنعيمها زيادة وكفاية
وحان الآن موعد الهبوط على تراب الأرض
والغوص في قعرها في قبر سيحفر لنا فيها
استعد الآن للهبوط واعمل

اشدد حيازيمك للموت** فان الموت آتيك
ولا تجزع من الموت ** اذا حل بواديك

وتذكيري لك بالموت لتترك الرغبة في حطام الدنيا الفاني
وتتمسك بما هو باق

فيا عجبا منك يا ابن آدم تبيع الغالي بالرخيص
وتستبدل الباقي بالفاني

= وروي عن عمرو بن مرة أنه قال :
ذكر رجل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فأثنوا عليه
فقال عليه السلام : كيف زهده في الدنيا وتركه لما يشتهي منها؟ قالوا : انه ليصب منها
قال : فكيف ذكره للموت؟
قالوا : ما سمعناه يكثر ذكره
قال : ليس صاحبكم هناك
فمن لا يكثر ذكر الموت ولا يترك الرغبة في حطام الدنيا
فلا خير فيه)

= وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
تركت فيكم واعظين ناطقا وصامتا
فالناطق القرآن والصامت الموت )

فمسكين من لا يقرأ القرآن ويتعظ بما جاء فيه
ومحروم من لا يتعظ بالموت
وما فيه من سكرات وغمرات وآلام وأوجاع

= مسكين ابن ادم فلا بالقرآن عمل ولا بالموت تفكر
فمن أين له الموعظة بعد هذا
يمسي ويصبح وقلبه معلق بعلائق الدنيا
وما عنده للموت من خبر ولا هو منه على حذر
وكأن الموت بعيد بعيد
قلبه خال من الخوف من الرحمن
عامر بوساوس الشيطان وما يسليه إبليس بفرح في دنياه
كأنه قد ضمن غدر الليالي وطوارق الأيام

انا بالدهر عليم ** وأبو الدهر وأمه
ليس يأتي الدهر ** يوما بسرور فيتمه

= ويروى أن رجلا دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له : أوصني
قال : أوصيك بثلاث : أن تحفظ آلاء الله عليك في كل حالة كنت
وأن تذكر اطلاع الله عليك في كل حالة كنت
وأن تذكر الموت ودخول القبر في أي حالة كنت


= نسيت أن أقول لك أن الموت يلقب بهاذم اللذات
فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
أكثروا ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات
وتوسدوه اذا نمتم واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم
واعمروا به مجالسكم فانه معقود بنواصيكم
فالموت نعيمكم
ويخرب مصانعكم ويفنيكم كما أفنى من كان قبلكم
فلا تنسوه فانه لا ينساكم
ولا تغفلوا عنه فانه ليس بغافل عنكم

= ما أحسن حال من ذكر الموت فعمل لخلاصه قبل الفوت
وأشغل نفسه بخدمة مولاه وقدم من دنياه لأخراه
ورغب في دار لا يزول نعيمها ولا يهان كريمها

الموت لا شك آت فاستعد له ** ان اللبيب بذكر الموت مشغول
فكيف يلهو بعيش أو يلذ به ** ن التراب على عينيه مجعول

=وقيل للربيع رحمة الله عليه : ألا تجلس معنا نتحدث؟
فقال : ان ذكر الموت اذا فارق قلبي ساعة فسدّ علي قلبي

= وروي عن عيسى عليه السلام أنه قال :
ما من مولود يولد إلا وفي سرته من تراب الأرض
التي يموت فيها

أمر على المقابر كل حين *** ولا أدري بأي أرض قبري
وأفرح بالغنى ان زاد مالي ** ولا أبكي على نقصان عمري

= وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أنه ذكر الموت وغمه وكربه فقال :
هو أشد من ثلاثمئة ضربة بالسيف .
فيا معشر الموقنين بنزوله - ما هذا الفتور والشعور بالفترة وما أشد هذه السكرة ؟
من ذكر الموت قل فرحه وزال حسده وتلاشت رغبته .

= وروي أيضا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أنه كان اذا رأى فترة أو غفلة من الناس
وقف بباب المسجد فأخذ بأعضاد الباب ثم صاح بأعلى صوته
( يا أيها الناس الموت الموت
جاءكم الموت بالوحي سعادة أو شقوة
جاءكم الموت بما جاء به الروح والراحة والكرامة الرابحة
في جنة عالية لأولياء الله من أهل دار الخلود
الذين سعيهم لها ورغبتهم فيها
ألا ان لكل ساع غاية وغاية كل ساع الموت
جاءكم الموت بما جاء به بالخزي والندامة والمكرمة الخاسرة في نار حامية لأولياء الشيطان من أهل دار الغرور
الذين سعيهم لها ورغبتهم فيها
ألا ان لكل ساع غاية وغاية كل ساع الموت
فسابق ومسبوق )

ولله در القائل :

دنيا تحول بأهلها في كل يوم مرتين
فغدوها لتجمع ورواحها لشتات بين

= هذه هي الدنيا صلاة تنتهي بسجدة الموت
وهذا هو الموت مفرق الأحباب مشتت شمل الجماعات
فعليك بذكر هازم اللذات ومفرق الجماعات
فان ذلك علامة من علامات انشراح الصدر للاسلام
فعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى ( فمن يرد أن يشرح الله صدره للاسلام ) قال : اذا دخل النورالقلب انفسح وانشرح )
قالوا : هل لذلك من علامة يعرف بها ؟
قال : الانابة الى دار الخلود والتنحي عن دار الغرور
والاستعداد للموت قبل الموت )

فبعد كل هذا
هل لك أخي المستمع أن تذكرالموت

= فاجعل الموت نصب عينيك واحذر غولة الدهر ان للدهر غولا


والسلام عليكم أيها الميتون عما قريب
راجية لكم الرحمة من مولاكم
لاتنسوني من الدعاء
القاكم في الغد القريب باذن الله هذا ان عشنا ليوم الغد









....... يتبع
ناريمان الشريف

حميد درويش عطية 08-23-2010 12:41 PM

بِِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

أختي الغالية ناريمان

دروسك ِ حكم ٌ بليغة ٌ
و الله ِ
أتابعك ِ بشغف
و أنتظر دروسك ِ بلهفة
و أرغبُ بالمزيد
فلا تبخلي بالمزيد
جزاك ِ اللهُ سبحانه خيرا ً
و تقبلَ عملك ِ
و جعلهُ في ميزان ِ حسناتك
دمتِ متألقة


23 / 8 / 2010

ناريمان الشريف 08-23-2010 11:48 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 11634)
بِِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

أختي الغالية ناريمان

دروسك ِ حكم ٌ بليغة ٌ
و الله ِ
أتابعك ِ بشغف
و أنتظر دروسك ِ بلهفة
و أرغبُ بالمزيد
فلا تبخلي بالمزيد
جزاك ِ اللهُ سبحانه خيرا ً
و تقبلَ عملك ِ
و جعلهُ في ميزان ِ حسناتك
دمتِ متألقة


23 / 8 / 2010

أخي حميد
سلام الله عليك
سعيدة جداً بمتابعتك .. وهذا يجعلني أقدم المزيد
بارك الله فيك .. وأشكرك على ذوقك الرفيع

تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 08-23-2010 11:53 PM

المشهد العاشر
( هاذم اللذات ومفرق الجماعات )


في هذه الحلقة سنعرض لكم المشهد العاشر
من مشاهد الرحلة الى القبر

= الموت هادم اللذات وهازم اللذات ومكدر اللذات
انه يهدم ويهزم ويكدر كل لذة قد يشعر بها الانسان في شريط حياته –

فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه كان في بيت بعض نسائه اذ سمع صوتا في مجلس من مجالس اصحابه – وقد استعلى على حديثهم الضحك-
فخرج عليهم صلوات الله وسلامه عليه حتى قام على رؤوسهم
فقال : أرى الضحك قد غلب على مجلسكم هذا –
أفلا تذكرون مكدر اللذات في أثناء حديثكم ؟
قالوا: وما مكدر اللذات يا نبي الله؟
قال : ذكر الموت فبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأجمعهم .

فاذا كان أصحاب رسول الله مصابيح الاسلام
وقادة الأنام قد تحول ضحكهم الى بكاء من هول يوم الحمام

أصحاب الرسول صلى اللله عليه وسلم
يخافون الموت ويبكون هلعا وذعرا

وهم الذين قضوا أعمارهم في طاعة الله
وقطعوا أيامهم في العمل بالسنة والاحكام –

فكيف بنا وقد تمادينا بالمعاصي والآثام

الموت في كل حين ينشر الكفنا ** ونحن في غفلة عما يراد بنا

لا تطمئن الى الدنيا وزهرتها ** وان توحشت من أثوابها المحنا

أين الاحبة والجيران ما فعلوا ** أين الذين همو كانوا لنا سكنا

سقاهم الدهر كأسا غير صافية** فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا

= الموت ليس فقط هازم اللذات
انه مفرق الجماعات أيضا –
فكم فرق أحبة وكم باعد بين أصدقاء وكم شتت أم عن ولدها وأب عن ابنته
وكم من جماعة فرق بينهم

فالبعض فوق التراب والبعض تحت التراب
فرق جمعهم وشتت شملهم
وكم يتم اطفالا – ورمل نساء ورجالا

هذا هو الموت الذي نسيتموه
تجمعتم واحتفلتم ونسيتم أنه يفرق ويمزق 0

= يروى أن سعيد بن المسيب دخل يوما مسجد رسول الله
صلى الله عليه وسلم فجعل يلتفت في أركان المسجد
يتفكر فيمن أدرك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ثم بكى وأنشد :

ألا ذهب الحماة وأسلموني ***فوا أسفا على فقد الحماة

فأجابه هاتف من ركن المسجد بصوت محزون
ومن كبد مشجون وهو يقول :

فدع عنك الثقاة فقد تولوا *** ونفسك فابكها حين الممات

فكل جماعة لا بد يوما *** يفرق بينهم وقع الشتات

فقال سعيد : من أنت فقد زدتني حزنا على حزن ؟
فقال : أنا من مؤمني الجن كنا في هذا المسجد سبعين رجلا

فأتى الموت على جماعتنا كما أتى على جماعتك
ولم يبق منهم غيري كما لم يبق غيرك من الانس
وانا بهم لاحقون
فانا لله وانا اليه راجعون

جرت الرياح على جميع ديارهم*** فكأنما كانوا على ميعاد
فأرى النعيم وكل ما يلهى به*** يوما يضير الى بلى ونفاد


والآن لا بد أن تسأل نفسك : لمن أجمع مالي ؟
لم لا أتصدق بها ؟
لمن أبني وأعلي في البنيان ونهايتي بيتا تحت الأرض
لا تتجاوز مساحته مترا في مترين

ماذا ستفعل في الشهادات والشركات ؟

هل تغنيك عن سؤال القبر؟

هل أموالك التي جمعتها ستجيب عنك
أم هل ستدفع عنك الشجاع الأقرع ؟
هل توسع عليك القبر ؟
وهل تنير ظلمة القبر؟
هل تدفع الدود الذي أول ما يبدأ بالأكل يأكل الحدقتين
بالتأكيد لن تغنيك
والآن
ارجع بذاكرتك الى الوراء
وعد على أصابعك كم من الناس ماتوا وهم في آخر مرحلة
من مراحل انجاز مشاريعهم الضخمة
كم من الناس ماتوا وهو يعدون أملاكهم
ويحسبون حساباتهم المالية

وكم من الناس ماتوا بسب ضغط العمل الدنيوي الفاني

يا أيها الناس كان لي أمل*** قصر عن بلوغه الأجل
ما أنا وحدي نقلت حيث*** تروا كل الى مثله ينتقل
فليتق الله ربه رجل *** أمكنه في حياته العمل



فهذا الشاب كان له أمل
ولكن الأجل حال دون تحقيق الأمل

وهذا الشاب لم يبق لديه سوى يوم واحد
ويناقش رسالة الدكتوراة
فيأتيه الموت يتخطفه ليلا ولا يستفيق أبدا

وهذ ا آخر بنى بيته وعمره وأثثه بأجمل الأثاث
ولكنه لم يسكنه ولم يستمتع بما شيد وعمر
لأن ملك الموت كان ينتظره حتى يفرغ من بناء بيته

وآخر جهز جهاز عروسه وحضر بدلة العرس
وحجز الصالات ونحر المواشي للمدعويين
ومات من ليله ولم يصبح فتزفه أمه الى القبر
وبدلا من أن يقام الفرح أقيم المأتم – وغيره وغيره

هذه هي الدنيا : حلالها حساب وحرامها عقاب

عسلها مشوب بسُم
وفرحها موصول بغم
وسعادتها مذيلة بهم
بالله عليك أليست دنيانا هكذا تعطي ومع العطاء تأخذ

فلو يكن شيء سوى الموت والبلى ** وتفريق أعضاء ولحم مبدد
لاشتغلت دوما يا ابن آدم بالبكا **على نائبات الدهرمع كل مسعد


= ورحم الله القائل : الدنيا دار قلق
رغب عنها السعداء
وانتزعت من أيدي الأشقياء
فأشقى الناس بها أرغب الناس فيها
وأزهد الناس فيها أسعد الناس بها

هي الغواية لمن أطاعها
المهلكة لمن اتبعها
الخائنة لمن انقاد لها-
علمها جهل
وغناها فقر- وزيادتها نقصان وأيامها دول.


= أما الحسن البصري يرحمه الله أوصى رجلا فقال له :
أما بعد قاني أوصيك بتقوى الله والعمل بما علمك الله
والاستعداد لما وعد الله مما لا حيلة لأحد في دفعه
ولا ينفع الندم عند نزوله
فأحسر عن رأسك قناع الغافلين
وانتبه من رقدة الجاهلين وشمر الساق
فان الدنيا ميدان مسابقة والغاية الجنة أو النار

= فاذا حلت بك السعادة فلا تغتر بالدنيا
وتطمئن وتنسى الموت
واذا حل بك الشقاء فلا تيأس ولا تقنط -

= والقبر دار وسطى بين الحياة والموت
يقضي فيه الانسان ميتا حتى قيام الساعة
ينتظر فيه نفخة البوق حيث تعود الأرواح الى الأجساد
وتقوم الناس من قبورها للوقفة بين يدي رب العزة ل
يحاسب المرء فيها على الكبير والصغير
فقل لنفسك ما قال هذا:

اعمل لمثواك في الضريح *** واندم على فعلك القبيح

ولا تقصر وفيك روح *** فسوف تبقى بغير روح

واقرح الخد من دموع *** بالجد من قلبك القريح

والتمس الصفح قبل يوم*** تنقل فيه الى الصفيح

يا نفس اني غدا طريح *** والتراب يحثى على الطريح

نوحي فلو قد حواك قبر*** لم تقدري فيه أن تنوحي

= فاللهم أحسن خاتمتنا ولا تجعل الموت مفرقا لجماعتنا
إلا على خير يا أرحم الراحمين
وأحسن مساعينا
وأحسن خاتمتنا
وهون علينا الموت وشدته والقبر وظلمته
برحمتك يا أرحم الراحمين

ألقاكم غدا في المشهد التالي
من مشاهد الرحلة الى المقابر

هذا إن عشنا ليوم الغد

لا تنسوني من الدعاء


....... يتبع

ناريمان الشريف 08-25-2010 03:07 AM

المشهد الحادي عشر
( كل نفس ذائقة الموت )




بسم الله الرحمن الرحيم
( كل نفس ذائقة الموت )
قيل : لما نزلت هذه الآية قالت الملائكة :
متنا وعزة الله – فعند ذلك أيقن كل ذي عقل وروح أنه هالك – نعم –
كل مخلوق له جسد وعقل وروح لا بد أنه هالك
يموت الصغير والكبير
الأمير والوزير يموت كل عزيز وحقير وكل غني وفقير يموت كل نبي وولي
وكل نجي وتقي
يموت كل زاهد وعابد وكل مقر وجاحد
يموت كل صحيح وسقيم وكل مريض وسليم
كل نفس تموت غير ذي العزة والجبروت
ألا كل مولود فللموت يولد *** ولست أرى حيا عليها يخلد

= وحكي عن بعض العباد أنه كان يصلي
فقرأ الآية ( كل نفس ذائقة الموت) وجعل يتدبرها ويرددها
فسمع قائلا يقول : يا هذا الى كم تردد هذه الآية ؟
فوالله لقد قتلت بها أربعة من الجن ما رفعوا رؤوسهم إلى السماء قط حياء من الله تعالى ولقد ماتوا من ترديدك هذه الآية

الموت لا والداً يبقي ولا ولداً ***هو السبيل إلى أن لا ترى أحدا
مات النبي فلم يخلد لأمتــــــــه*** لو خـلد الله حيـاً قبـــله خلــدا
للموت فينا سهام غير مخطئة *** من فاته اليوم سهم لم يفته غدا
ما ضر من عرف الدنيا وغدرتها *** ألا ينافس فيها أهلهــا أبــدا

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال :
أفخر بيت قاله شاعر :
ألا كل شيء ما خلا اللهَ باطل *** وكل نعيم لا محالة زائل

= قال عبد الله بن مسعود إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة
وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة
فمن زرع خيرا فيوشك أن يحصد خيراً ومن زرع شراً
فيوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع
لا يسبق بطيء بحظه ولا يدرك حريص مالم يقدر له

اذن الموت يأتي بغتة
أي يباغت الجميع ولا أحد يتوقع موعد خروج الروح من الجسد
ولكن المريض مرضاً شديداً يكون قد أعطي إنذاراً وهذا من حسن حظه
فيكون الموت إليه أقرب من الحياة
أما الموت المفاجئ فهذه الميتة مكروهة للإنسان لأنه لا يعطي الفرصة في التراجع
ولا مجال فيه للتوبة اذا كان الإنسان عاص لربه
فاللهم انا نستعيذ بك من موت الفجأة .

= ويقال : ان للموت عدة إنذارات تأتي على الإنسان لكنه لا يتذكر الموت عندها
فأولها : الشيب – وقد قالت العرب : الشيب ناعي – أو شيبك ناعيك
فشيب الرأس علامة من علامات الضعف
واشارة الى أن الانسان قد دخل مرحلة جديدة من مراحل حياته ينبغي فيها أن يبدأ بتصحيح ما فات والندم عليه .

= وقد جاء في بعض الكتب :
أن مناديا ينادي من السماء الرابعة كل مساء
أبناء الأربعين ماذا قدمتم ؟ أبناء الخمسين زرع دنا حصاده
أبناء الستين قد أتتكم الساعة فخذوا حذركم
وأتتكم الساعة أي حضرت وفاتكم – لأن الانسان تقوم قيامته عند وفاته
وهي مرحلة الخروج من الحياة الدنيا إلى حياة البرزخ في انتظار الساعة .
وثاني هذه الإنذارات: المرض والعجز اللذان يذكران العبد بالضعف
فقد روي أنه سؤل الشافعي : لماذا تدمن إمساك العصا ولست بضعيف ؟
قال: لأذكر أني مسافر من الدنيا

= وبنفس المعنى قال أبو محمد الجعفري :
حملت العصا لا الضعف أوجب حملها*** علي ولا أني نحلت من الكبر
ولكنني ألزمت نفسي حملها*** لأعلمهــــا أنــــي المقيـــــــم على سفر
هذا وفي عيادة المريض ذكرى وإنذار للإنسان الصحيح بأن المنية قريبة من أي إنسان
فهذا المريض الذي عدته كان قوياً متماسكاً لكن المرض أقعده وأضعفه وأبلى جسده

= فعن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال :
إن الله تعالى يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني
قال : يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟
قال : أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده
أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده
يا ابن آدم استطعمتك ولم تطعمني
قال : يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين
قال : أما علمت أنه استطعمت عبدي فلان فلم تطعمه
أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي
يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني
قال : يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟
قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما علمت أنك لو أسقيته لوجدت ذلك عندي.

= فهل منا من يتعظ بالمرضى عند زيارتهم
وهل منا من يتذكر أن هذا المرض إنما هو إنذار من رب العالمين للعبد
فقد روي أن مرض الأجسام للمتقين ومرض القلوب للفجار
فعندما يمرض الإنسان أو يعاني من علة اعتل بها وآلمته عليه أن يعرف أنما هذا للذكرى
حتى يذكر أنه مسافر من الحياة الدنيا الى الحياة الآخرة

= نعم كل شيء هالك ومنته وفان إلا وجهه الكريم
كل ما على الأرض مآله الى الزوال والانتهاء إلا هو الأزلي الدائم الموجود
والباقي إلى الابد
يقول الامام علي :
رأيت ربي بعين قلبي *** فقلت لا شك أنت أنتا
أنت الذي حزت كل أين *** بحيث لا أين ثم أنتا
فليس للأين منك أينٌ *** فيعلــــم الأين أين أنتا
وليس للوهم فيك وهمٌ *** فيعلم الوهم كيف أنتا
وفي فنائي فنى فنائي *** وفي فنائي وجدت أنتا
أحطت علما بكل شيء *** فكل شيء أراه أنتا

= الموت لا يستثني أحداً لا الصغير ولا الكبير ولا الغني ولا الفقير
ولا العظيم ولا الحقير
ولا الغبي ولا الفهيم - ولا المريض ولا السليم
فيقال يسأل قوم قوما آخرين ليطمئنوا على صحة المريض فيقولون :
كيف أصبح مريضكم ؟ فيردون : صحيحنا مات

= هذا المريض الذي يتوقع الجميع موته لا يموت وهذا الصحيح الجسم المفتول العضلات قوي البدن مرفوع القامة صلب العظم -لا أحد يتوقع موته
فيسألون عن المريض ضعيف الجسم وهن العظيم محني الظهر – كيف أصبح ؟
ويكون الرد : الصحيح هو الذي مات .

= ويقال : سافر شاب مع أمه العجوز وأبيه الشيخ المريضين لأداء فريضة الحج
وقام على رعايتهما على أحسن ما يكون
فكان يحملهما على ظهره ليذهبا الى المسجد للصلاة ويعود بهما
وفي أحد الأيام وقف الجميع للصلاة فما أن كبر الامام حتى سقط الشاب أرضاً
وفارق الحياة
فعاد الأبوان الى بلدهما ومعهما ابنهما الشاب الذي كان يحملهما
عاد محمولا في نعشه
فسبحان الله الحي الذي لا يموت .

هل تأكدت الآن أن الموت لا يفرق بين ضعيف وقوي
فلا تنتظر الموت لأحد المرضى في بيتك بل انتظره أنت
فلربما تموت قبله!!
ولربما هذا المريض يعيش بعدك سنوات

فكم من صحيح بات للموت آمنا** *أتته المنايا بغتة بعدمـــــا هجع
فلم يستطع اذ جاءه الموت بغتة ** *فرارا ولا منه بقوتــــــه امتنع
فأصبح تبكيه النساء مقنعا ولا *** يسمع الداعي وان صوته ارتفع
وقرب من لحد فصار مقيله *** وفارق ما كان بالأمس قد جمـــــع
فلا يترك الموت الغني لماله *** ولا معدما في المال ذا حاجة يدع

= فالموت لا يبقي حيا على قيد الحياة
فقد يأخذ الصحيح قبل المريض
وقد يباغت القوي قبل الضعيف

انتهى المشهد ................................
ألقاكم في الغد القريب .. بإذن الله تعالى ..
هذا ان عشنا ليوم الغد



..... يتبع
تحياتي ... ناريمان

عبدالسلام حمزة 08-25-2010 01:19 PM

الأخت الكريمة ناريمان الشريف

جزاك الله خيرا ً , بذلت مجهود رائع ومميز , جعله الله في ميزان حسناتك

متابع ...

ناريمان الشريف 08-25-2010 10:05 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالسلام حمزة (المشاركة 12600)
الأخت الكريمة ناريمان الشريف

جزاك الله خيرا ً , بذلت مجهود رائع ومميز , جعله الله في ميزان حسناتك

متابع ...

أشكر لك أخي عبد السلام هذه المتابعة
بارك الله فيك



....... ناريمان

ناريمان الشريف 08-25-2010 10:14 PM

( المشهد الثاني عشر )
( لاتدري نفس بأي أرض تموت)


السلام عليكم أيها الأحياء – الأموات عما قريب
وأهلا بكم في المشهد الثاني عشر
من مشاهد الرحلة الى المقابر
فلا أحد من الخلق يدري متى سيموت
وإذا حان الأجل فلا مجال للمفاوضة في تأخيره لحظة
كذلك لا أحد يدري كيف ستكون منيته
ولا أحد من المخلوقات يعرف أين سيموت
ولا في أي بقعة من الأرض سينزع منه ملك الموت روحه
يقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم
( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا - وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)
(34) لقمان

= والله تعالى يقول : بسم الله الرحمن الريحم
( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة )
فأين المهرب من الموت إذا حان الوقت
وأين المفر من قضاء الله وقدره ؟؟ لا سبيل

= روي أن ملك الموت كان صديقاً لسليمان عليه السلام
وكان يزوره باستمرار
فدخل يوما عنده رجل يكلمه سليمان
فجعل ملك الموت يحق في الرجل الذي يكلم سليمان باستغراب .
ثم إن ملك الموت خرج من عند سليمان عليه السلام
فقال الرجل لسليمان :
يا نبي الله من هذا الداخل عليك آنفا ؟
قال : ملك الموت .
فقال الرجل : لقد رأيته يحد النظر الي
ولكن لي إليك حاجة؟
قال سليمان : وما هي ؟
قال الرجل : تأمر الريح أن تحملني الى الهند
فأمر سليمان عليه السلام الريح فحملته إلى الهند
ثم سأل سليمان ملك الموت بعد أيام :
لماذا كنت تحدق في الرجل الذي كان عندي ؟
فقال ملك الموت : كنت أعجب منه
فقد أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك بالشام
فقبضت روحه بالهند في ذلك اليوم

= فالموت إذا حضر لا يستأذن أحداً
وليس له من علامات فإنه يأتي للمرء دون تحذير أو إنذار
ومع أن الكبر والمرض والعجز والضعف ....
توحي أحياناً بأن الانسان قد أشرف على الهلاك
إلا أن العاجز والمريض
قد يكتب الله لهم عمراً
وكثيراً ما نسمع بفلان انكتب له عمر جديد
في الحقيقة لا تزيد الأعمار ولا تنقص
ولا أحد يكتب له عمر آخر
فالعمر محدود-
ولكن ما يحصل أن هذا الانسان يكون قد نجا
و كما يقال ( بأعجوبة )
مع أن أسباب الهلاك قد أحاطت به
و يقول الشاعر بهذا المعنى :
فكم من صحيح بات للموت آمنا** أتتــه المنايا بغتـة بعد ما هجع
فلم يستطع اذ جاءه الموت بغتة **فـرارا ولا منـه بقوتـه امتنــــع
فأصبح تبكيه النسـاء مقنــعا **ولا يسمع الداعي وان صوته رفع
وقرب من لحد فصار مقيـلـه ** وفارق ما قد كان بالأمس جمــع
فلا يترك الموت الغني لماله ** ولا معدماً في المال ذا حاجة يدع
الموت بحر يهاب المرء مورده ** وكـل يـوم له من كأسـه جـزع
لا صحة المرء في الدنيا تؤخره ** ولا يقـدم يومـاً موتــه الوجـع
وكل يوم علينا في فجائعــــه **طـير يحــوم فلا نـدري بمـن يقــع

= وهل نحن إلا بني آدم مثل الذين سبقونا إلى المقابر
وهل نحن إلا مثلهم لنا أرواح وأجساد
ولا بد يوماً أن تغادر الأرواح هذه الأجساد إلى باريها
وتدفن الأجساد في لحودها

إذن .. الموت يأتي على كل شيء ولا يبقى إلا وجه الله
يقول الله تعالى :
( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام )

نعم هو الأزلي الباقي
وجنته وناره باقيتان خالدتان
أما الدنيا فتفنى وأما الناس فتموت وأما الأجساد فتبلى
وكل عبد يموت لا محالة عندما ينتهي أجله

الموت في يطلبك – الموت خلف الباب
وملك الموت ينتظرالاشارة
والاشارة ورقة تسقط من شجرة عند الله تعالى في حجره
فأين ستهرب منه ؟ انه يلاحقك من مكان الى مكان
والله تعالى يقول :
( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان )
أين المفر من الموت العنيد – يا عجبا منك
اختبيء ان شئت
اهرب الى أقاصي الأرض
احجز على مركبة فضائية واصعد الى المريخ
الموت سيأتيك ولو تحصنت منه في ناطحة سحاب
لن تنجو منه

لا تأمن الموت في طرف ولا نفس ** اذا تسترت بالأبواب والحــرس
واعلم بأن سهام الموت قاصـــــدة ** لكــل مـدرع منـا ومتـــــــــرس
ترجو النجاة ولا تسلك مسالكها ** ان السفينة لا تجري على اليبــس

والله تعالى يقول :
( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة)
الموت إذن أمر لا بد منه فما أنت فاعل ؟
تيقـظ للـذي لا بـد منـه فان الموت ميقات العبــاد
يسرك أن تكون رفيق قـوم لهـم زاد وأنـت بغيــر زاد

قد يستغرب الناس كيف نجا فلان من الموت
ونسمع بحكايا كثيرة من الواقع عن طائرات دمرت بالكامل
ومات كل من فيها ونجا أحدهم
أو حادث سيارة مات كل من فيها وما نجا إلا واحد
فقد قيل ان سيدة كانت تعارض سفر ولدها الى الخارج ليتعلم خوفا عليه
ولكنه حجز تذكرة الطائرة وجهز نفسه ولم يبق إلا السفر
وفي ليلة سفره بكت أمه بكاء مراً
وما زالت بولدها تلح عليه أن يبقى حتى رضخ لتوسلات أمه
وألغى سفره
فنامت من ليلتها نومة هانئة
وفي اليوم التالي سمعت الأخبار فاذا بالطائرة التي كان ولدها سيسافرعبرها
قد احترقت بالجو ومات كل من على متنها
فحمدت الله تعالى أن ولدها لم يسافر
وأسرعت إليه في فراشه تخبره بما حدث وتبشره بسلامته
فهزت ولدها فاذا هو ميت !!

= فهذا الشاب نجا من الموت في الطائرة لكنه لم ينج من الموت على فراشه
فالحذر لا ينجي من وقوع القدر


انتهى المشهد
ألقاكم في الغد القريب .. بإذن الله تعالى
هذا ان عشنا الى يوم الغد


....... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف

ناريمان الشريف 08-29-2010 01:35 PM

المشهد الثالث عشر ( ملك الموت ) **

وصلنا معك اليوم أخي المستمع الى مشهد ملك الموت
يلتقط أرواح الناس حسب الأوامر الربانية

= خلق الله سبحانه وتعالى ملك الموت
والذي ورد اسمه في القرآن الكريم بهذا اللقب لهذه المهمة
وهي استخلاص أرواح العباد من أجسادهم
ويسمى ملك الموت في بعض الآثار ( عزرائيل )
= تذكر أن ملك الموت
يقف ببابك كل يوم خمس مرات يتفقد أحوالك في مواقيت الصلاة
فعن جعفر بن محمد قال سمعت أبي يقول :
نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ملك الموت
عند رأس رجل من الأنصار – فقال له النبي عليه السلام :
يا ملك الموت ارفق بصاحبي فانه مؤمن
فقال ملك الموت : يا محمد طب نفسا وقَــرعينا فإني بكل مؤمن رفيق – واعلم أن ما في الأرض بيت من مدر ولا شعر في بر ولا بحر
إلا وأنا أتفحصهم في كل يوم خمس مرات
حتى اني أعرف بصغيرهم وكبيرهم من أنفسهم
والله يا محمد لو أني أردت أن أقبض روح بعوضة
ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو الآمر بقبضها
وقال جعفر بن محمد الصادق :
بلغني أن ملك الموت يتفحصهم عند مواقيت الصلاة
فاذا حضر عند الموت – وكان ممن يحافظ على الصلاة دنا منه الملك ودفع عنه الشيطان ولقنه الملك
( لا اله إلا الله محمد رسول الله ) في تلك الحالة العظيمة
= وكما جاء في بعض الأخبار :
أن الدنيا كلها بين يدي ملك الموت كالمائدة بين يدي الرجل
يمد يده الى ما شاء منها فيتناوله ويأكله
بل الدنيا كلها مشارقها ومغربها برها وبحرها
وكل ناحية منها أقرب الى ملك الموت من الرجل على مائدته
وان معه أعوانا- الله أعلم بعدتهم –
ليس منهم ملك إلا لو أذن الله له أن يلتقم السموات السبع والأرضين السبع في لقمة واحدة لفعل
و كلما اقترب ملك الموت من حملة العرش
إلا ازدادوا فزعا منه حتى يرعدوا
وان غصة من غصص الموت أشد من ألف ضربة بالسيف
وفي كل ما خلق الله عز وجل وضع فيه البركة إلا في الأجل فانه مؤقت لوفاء العدة وانقضاء المدة .
= وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
إن ملك الموت ينظر لوجه العباد في كل يوم سبعين مرة
فاذا ضحك العبد الذي بعث لقبض روحه
يقول له ملك الموت ك يا عجبا لك يا فلان
أمرت بقبض روحك وأنت تضحك
فالعجب كل العجب بمن الموت يطلبه
والمنية تعاجله وهو يضحك ويلهو
ضحك الفتى من عجب جهالة **والموت يطلبه حثيثا مسرعا
والموت لا يدع الجهول لضحكه ** إلا رماه بسهمه فتفجعا
فتفلقت أوصاله لنزوله **وتفتـّت العظـم الصليـب توجعـا
وبكى لفرقة ماله وعياله **ومضى الى دار البلى متضرعا
= والآن وبعد مشاهدة ملك الموت
وكما قلت إنها مزعجة لأهل الشقاوة دون أهل السعادة
تأتي ثالث داءات الموت
وهو مشاهدة العصاة مواضعهم في النار
وفي هذه اللحظات يكون الإنسان منتظرا لكي يسمع إحدى البشارتين اما أبشر يا عدو الله بالنار
وأما أبشر يا ولي الله بالجنة
وفي هذه الحالة ينشط عمل الشيطان وجنده الى المحتضر
وهو في سكرات الموت
فيقول الشيطان لجنده : إن فاتكم في هذه الحالة لا تدركوه أبدا - وكأنها آخر فرصة لإبليس اللعين لإغواء بني آدم –
فيأتي جند ابليس الى الإنسان في صورة أب وأم وشيخ وصديق وغير ذلك –
ويقولون : قد متنا على دين كذا غير دين الإسلام ووجدناه حقا وخفنا عليك الموت على الإسلام فتهلك
فلا يزالون به كذلك حتى يفتنوه عن دين الإسلام
فيهلك هلاك الآبد
إلا أن يكون قد سبقت له السعادة فيموت على التوحيد
فحينئذ يحثو الشيطان على رأسه التراب ويقول :
ويلكم كيف تفلت هذا منكم .
= تخيل الآن ملك الموت يدخل عليك وكما استمعت الآن
يبشرك إما الى الجنة وإما الى النار
فإذا طاب لك أن تكون البشرى بالجنة فاعمل للجنة
وان طابت لك النار فلك الخيار وغدا لا تلومن إلا نفسك
فالله الله عباد الله
اجتهدوا منذ اللحظة واستعدوا للموت وبادروا بالآجال
قبل الفوت تفوزوا بالجنان في دار الرحمن
وتذكروا هاذم اللذات فإنكم لا تذكرونه في قليل إلا كفى وأوفى
ولا تذكرونه في كثير إلا قلله
ولا تنسوا ملك الموت واقف ببابكم ينتظر انتهاء الأجل
ولا أحد يعرف متى يدخل بيتك ويأخذ روحك دون اذن منك...
لملك الموت في الدنيا ديون تحل فليس يمطلها المطول
فلا تغتر بالعز والمال فان الموت اذا حضر
لا يهاب الكبير ولا يرحم الذليل
فكونوا من الموت على حذر فقد يأتيكم الآن
= ذكر في بعض الأخبار أن لله سبحانه وتعالى
شجرة فرعها تحت العرش مكتوب على كل ورقة من أوراقها اسم عبد من عبيده
فاذا جاء أجل العبد
سقطت تلك الورقة التي فيها اسمه في حجر ملك الموت
فأخذ روحه بنفس اللحظة .
اني لعبت وحادي الموت في طلبي ** وان في الموت شغل لي عن اللعب
لو شمرت مهجتي فيما خلقت له **ما اشتد حرصي على الدنيا ولا كلبي
سبحان من لا شيء يعدله **إن الحريص على الدنيا لفي تعــب
لا تغتر بديار لا مقام بها ** واقصد لدارك ان الموت في الطلـب
....... الى هنا
ألقاكم غدا..بنفس الموعد هذا إن عشنا ليوم الغد
لا تنسوني من الدعاء



مع تحياتي ... ناريمان الشريف

رقية صالح 08-31-2010 01:52 AM



لنتذكر القبر.. وظلمة القبر.. ووحشة القبر.. وعذاب القبر

وأحبة لنا رحلوا تاركين خلفهم حزناً بامتداد الأرض وجرحاً باتساع السماء

وبقايا مؤلمة تقتلنا كلما لمحناها وذكريات جميلة أكل الحزن أحشاءها

ونتباكى إن عجزنا عن البكاء .. لعل الله يغفر لنا ولهم


الكاتبة الرقيقة ناريمان الشريف

بارك الله بك وباركنا بوجودك بيننا

وبلغنا الله وإياك جميعاً شهر رمضان الفضيل

وكل عام وانتم بخير

ناريمان الشريف 08-31-2010 01:57 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رقية صالح (المشاركة 15041)


لنتذكر القبر.. وظلمة القبر.. ووحشة القبر.. وعذاب القبر

وأحبة لنا رحلوا تاركين خلفهم حزناً بامتداد الأرض وجرحاً باتساع السماء

وبقايا مؤلمة تقتلنا كلما لمحناها وذكريات جميلة أكل الحزن أحشاءها

ونتباكى إن عجزنا عن البكاء .. لعل الله يغفر لنا ولهم


المشرفة الرقيقة ناريمان الشريف

بارك الله بك وباركنا بوجودك بيننا

وبلغنا الله وإياك جميعاً شهر رمضان الفضيل

وكل عام وانتم بخير

صديقتي الغالية رقية
سلام الله عليك أسعدتني مشاركتك في هذه الرحلة
وهناك ملاحظة .. فأنا لست مشرفة ولا ما يحزنون
أنا الفقيرة إلى الله ( ناريمان )
بارك الله في حضورك وردك الطيب
اللهم آمين لكل ما دعوت به .. وهذا الدعاء يكفيني والله !!


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 08-31-2010 02:04 AM



المشهد الرابع عشر من مشاهد الرحلة الى المقابر
( وصف ملك الموت ) **



ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ملك الموت
عزرائيل عليه السلام في حديث الإسراء فقال :
ثم رأيت ملكا عظيم الخلقة والمنظر قد بلغت قدماه تخوم الأرض السابعة ورأسه تحت العرش
وهو جالس على كرسي من نور والملائكة بين يديه
وعن يمينه وعن شماله ينتظرون أمر الله عز وجل
وعن يمينه لوح وعن شماله شجرة عظيمة
إلا أنه لم يضحك أبدا-
فقلت : يا أخي يا جبريل من هذا ؟
قال جبريل عليه السلام : هذا هازم اللذات ومفرق الجماعات ومخرب البيوت والدور ومعمر القبور
وميتم الأطفال ومرمل النساء ومفجع الأحباب
ومغلق الأبواب ومسود الأعتاب وخاطف الشباب
هذا ملك الموت عزرائيل
فهو ومالك خازن النار لا يضحكان أبدا
أدْنُ منه فسلـِم عليه –
قال عليه السلام : فدنوت منه وسلمت عليه
فقلت : يا أخي يا عزرائيل – هذا مقامك ؟
قال : نعم منذ خلقني ربي إلى قيام الساعة
فقلت : كيف تقبض الأرواح ؟ وأنت في مكانك هذا ؟
قال : إن الله أمْكنني من ذلك وسخر لي من الملائكة
خمسة الاف أفـرّقهم في الأرض
فإذا بلغ العبد أجله واستوفى رزقه
وانقضت مدة حياته ..
أرسلت اليه أربعين ملكا يعالجون روحه
فينزعونها من العروق والعصب واللحم والدم
ويقبضونها من رؤوس أظافره حتى تصل الى الركب
ثم يريحون الميت ساعة
ثم يجذبونها الى السرة ( أي الروح ) ثم يريحونه ساعة
ثم يجذبونها الى الحلقوم فتقع في الغرغرة
فأتناولها وأسلها كما تسل الشعرة من العجين
فاذا انفصلت من الجسد جمدت العينان وشخصتا
لأنهما يتبعان الروح
فأقبضها باحدى حربتي هاتين
واذا بيده حربة من نور وحربة سخط
فالروح الطيبة يقبضها بحربة النور ويرسلها الى عليين
والروح الخبيثة يقبضها بحربة السخط ويرسلها الى سجين وهي صخرة سوداء مدلهمّة
تحت الأرض السابعة السفلى
فيها أرواح الكفار والفجار
قلت وكيف تعرف حضر أجل العبد أم لم يحضر ؟؟
قال : يا محمد ما من عبد إلا وله في السماء بابان
باب ينزل منه رزقه .. وباب يصعد اليه عمله ..
وهذه الشجرة التي عن يساري ما عليها ورقة
إلا وكتب عليها اسم واحد من بني آدم ذكورا واناثا
فاذا قرب أجل الشخص..
اصفرت الورقة التي كتب عليها اسمه
وتسقط على الباب الذي ينزل منه رزقه
ويسودّ اسمه في اللوح
فأعلم أنه مقبوض .. فأنظر اليه نظرة يرتعد منها جسده ويتوعـّك قلبه من هيبتي فيقع في الفراش
فأرسل اليه أربعين من الملائكة يعالجون روحه
وذلك قوله تعالى :
( حتى اذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون )
قلت : يا أخي يا عزرائيل أرني صورتك التي خلقك الله عليها وتقبض فيها الأرواح ؟؟
قال : يا حبيبي لا تستطيع النظراليها
فقلت : أقسمت عليك إلا فعلت ؟؟
واذا بالنداء من العلي الأعلى : لا تخالف حبيبي محمداً
فعند ذلك تجلـّى ملك الموت في الصورة
التي يقبض فيها الأرواح
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
فلما نظر ملك الموت الي وجدت الدنيا بين يديه كالدرهم

بين يدي أحدكم
يقلبه كيف يشاء
فارتعد قلبي ورجف منه
فوضع جبريل يده على صدري فرجعت روحي الي وعقلي
فقال جبريل : يا محمد ..
( ما بعد القبر إلا ظلمة القبر ووحشته وسؤال منكر ونكير)

= وذكر في بعض الأخبار أن سليمان عليه السلام
دعا الله تعالى وسأله أن يريه ملك الموت
وأن يلبسه من القوة حتى يكلمه
فبينما هو قاعد ذات يوم على سريره
اذ خرج رجل من جنب السرير ليس يراه أحد إلا سليمان
فقال : يا عبد الله ما أدخلك داري ؟
فقال : أدخلنيها ربها
أدخلني من هو أملك لها منك ومني
فعلم سليمان عليه السلام عند ذلك أنه من ملائكة الله
فقال له : من أنت من ملائكة ربي ؟
قال : أنا ملك الموت –
قال : فسمعوا من كلامه جلبة فصعق سليمان من خوفه
ومن كان معه في البيت
فقال ملك الموت : يا رب ان عبدك سليمان ونبيك
سألك أن تأذن لي بالدخول عليه
وقد بلغ من خوفه ومن معه ما ترى
فألبسه من القوة ما يطيق النظر الي
فأوحى الله تعالى الى ملك الموت
أن ضع يدك على صدر سليمان ففعل
فأفاق سليمان ومن معه باذن الله تعالى
قال سليمان : يا ملك الموت أترى خلق الله في السموات والأرض مثلك ؟
فقال ملك الموت : يا نبي الله والذي بعثك بالحق
ان رجلي الساعة على منكبي ملك وذلك الملك هو الموت
قد خرق قرناه السموات السبع
وارتفع فوق مسيرة ألف عام ورجلاه
قد جاوزا الثرى بخمسمئة عام فاتحا فاه
رافعا صوته بالتهليل والتقديس والتسبيح باسطا يديه
لو أذن الله له أن يقبضهما الى صدره لضم السموات وما فيهن وما عليهن خلا العرش
وأن فوقه ملكا قائما قد أدخل رجليه تحت منكبي هذا الملك
وهذا من فوق مسيرة ألف عام فاتحا فاه
وأن شفته العليا ملتصقة بالعرش
والسفلى تحت الثرى
لو أذن الله تعالى له أن يضع شفته العليا على السفلى
لأطبق ما بينهما في جوفه
فقال سليمان عليه السلام : يا ملك الموت اكفف عني
فلقد وصفت أمرا أتخوف أن تطير روحي
ولا تثبت نفسي .. ولا أطيق سماعه ..
فكف ملك الموت
فعندها قال سليمان عليه السلام :
يا رب متى ألتقي مع الأحبة؟؟
يا رب قد أحببت لقاءك والراحة من الدنيا-
وهذا كان سبب موت سليمان عليه السلام

= عباد الله تذاكروا أعماركم قبل الفوت
وتأهبوا لأهوال غصص الموت ولا تتمنوا الموت
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( لا تتمنوا الموت فإن هول المطلع شديد وان من سعادة المرء أن يرزقه الله تعالى الانابة اليه ويطيل عمره )
فانا لله وانا اليه راجعون على من طال عمره وساء عمله
ولا تنفعه الموعظة
فمن كان منكم كذلك فقد عظمت خسارته وما ربحت تجارته

فسلام عليكم أهل مضايق اللحود ومطاعم البلاء والدود
ما أبعد سفركم وما أوحش طريقكم
فليت شعري ما حالكم ؟؟
نعت نفسها الدنيا إلينا فأسلمت ** ونادت ألا جدّوا الرحيل وودعـت
ورمت مطايانا الى برزخ البلى ** وساقت بنا سوقاً حثيثاً فأسرعت
سلام على أهل القبور أحبتي ** لقــد بليـت أجسامهــم وتقطعـــــت
فما موت الأحياء إلا ليبعثوا ** يقينا وتـُجزى كـــــل نفس بما سعتْ


إلى هنا انتهى المشهد
ألقاكم في المشهد التالي في الغد القريب بإذن الله تعالى
هذا إن عشنا ليوم الغد .. لا تنسوني من الدعاء



.......يتبع
أختكم في الله ...ناريمان

رقية صالح 08-31-2010 02:05 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناريمان الشريف (المشاركة 15047)


صديقتي الغالية رقية
سلام الله عليك أسعدتني مشاركتك في هذه الرحلة
وهناك ملاحظة .. فأنا لست مشرفة ولا ما يحزنون
أنا الفقيرة إلى الله ( ناريمان )
بارك الله في حضورك وردك الطيب
اللهم آمين لكل ما دعوت به .. وهذا الدعاء يكفيني والله !!


تحية ... ناريمان



سلام الله على الصديقة النادرة الغالية ناريمان

كلنا عباد الله الفقراء لله

يكفي تواجدك الدائم ورقة تعاملك الإنساني

قد عدّلت ما كتبت

تحيتي وتقديري

ناريمان الشريف 09-01-2010 01:14 PM



المشهد الخامس عشر من مشاهد الرحلة الى المقابر
(سكرات الموت )



= كل شيء مآله الى الهلاك
ورب العزة يقول :
( كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم واليه ترجعون ) 88 القصص
= اذن - أنا وأنت رأينا ان لا مناص من الهلاك - فما العمل الان؟؟
= تمهل أخي المستمع فلم تمت بعد
– الآن نفتح الستار على مشهد –
وهو قول تعالى ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد )

= فهناك مشهد من مشاهد الموت لا يقل صعوبة عن خروج الروح –
ألا وهو سكرات الموت وهي تلك الحالة التي يعيشها الانسان
وهو لا زال على قيد الحياة
– وقبل خروج الروح –وقد تطول مدتها وقد تقصر –
وسميت سكرات من السكر ..
وكأن الانسان خلالها يكون شبه غائب عن الوعي لكنه يتألم ويتوجع –
ولولا أن سكرات الموت شديدة على قدرة الانسان على تحملها
لما كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
أن يهوّن عليه سكرات الموت وهو حبيب الله ورسوله ونبيه
فكيف بنا نحن المخاليق العصاة -
فاللهم هون علينا سكرات الموت يا أرحم الراحمين

= ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قال :
من أكثر الفكرة في الموت هون الله عليه سكراته ,
وجعله منه على حذر,
ومن غفل عن ذكره يوشك أن يأتيه فجأة على غير أهبة ولا استعداد )
ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حبيب الله المعصوم
أنه كان عنده قدح عند الموت يجعل يده فيه ثم يمسح وجهه ويقول :
اللهم هون على محمد سكرات الموت
وفاطمة رضي الله عنها تقول : واكرب أبتاه !!
وهو يقول : لا كرب على أبيك بعد اليوم –
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما احتضر جعل يقول :
لا إله إلا الله إن للموت سكرات
= نعم للموت سكرات وهؤلاء الأنبياء والرسل
صلوات الله وسلامه عليهم يصفون هذه السكرات
= فقد روي عن عيسى عليه السلام أنه قال للحواريين :
أدعوا الله أن يخفف عني سكرات الموت .

= وروي عن وهب بن منبه أنه قال :
قام نوح عليه السلام خمسمئة عام لا يقرب النساء
وجلا من الموت وهول المطلع .
= والخوف من الموت وسكراته كان وارداً عند الأنبياء
وغيرهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فيروى أن عيسى عليه السلام كان اذا ذكر عنده الموت أو ذكره
تقطر جسمه ماء من خوف هوله .
= وذكر في بعض الأخبار أن عبد الله بن عباس
دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين يوم قتل فقال :
أبشر يا أمير المؤمنين – قال : بماذا ؟
قال : آمنت برسول الله حين كفر به الناس
وجاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض
ولم يختلف فير خلافتك اثنان , وقتلت شهيدا .
فقال له عمر رضي الله عنه : أعدْ علي ما قلت – فأعاده عليه –
فقال عمر : والذي لا إله غيره , لو أن لي ما طلعت عليه الشمس
وغربت لافتديت به من هول المطلع .
فاذا كان هذا هو قول عمر رضي الله عنه
إمام السنة وحبيب الأمة وسراج أهل الجنة وهو من المبشرين بها
قال هذا عند الفراق والانقطاع من الدنيا اشفاقاً من الموت وسكراته
فكيف بأهل اللهو والعب – والبهتان والكذب-
أمثالنا الذين قطعوا أعمارهم في الذنوب
وأفنوا أيامهم في معصية علام الغيوب- ومع غفلتنا عن القبور –
وقلة التفكر في يوم النشور .
= وجاء في بعض الأخبار : للموت ثلاثة آلاف سكرة –
كل سكرة منها أشد من ألف ضربة بالسيف.
= هلا تخيلت الآن كم هي سكرات الموت مخيفة وموجعة –
كل هذا وأنت لم تمت بعد فللموت ثلاث داءات –
أولها السكرات وبعد ما استمعت لها هل لك أن تتخيل تلك اللحظات –
أما الداء الثاني من داءات الموت فهو مشاهدة ملك الموت
وهي مزعجة لأهل الشقاوة دون أهل السعادة .
أنت الآن طريح الفراش مسجى على سريرك تتألم وتعيش سكرات الموت ولما يأتك عزرائيل بعد – فلم يحن موعد الأجل
= ولكن لا بد من التذكرة والعظة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :
كفى بالموت واعظا – وكفى بالعبادة شغلا وكفى باليقين غنى )
ان الحبيب من الأحباب مختلس لا يمنع الموت أبواب ولا حرس
وكيف تفرح بالدنيا ولذتهـــــا *** يا من يعد عليه اللفظ والنفس
أصبحت يا غافلا في النقص منغمسا *** وأنت دهرك في اللــذات منغمس
لا يرحم الموت ذا جهل لغرته *** ولا الذي كان منه العلــم يقتبس
كم أخرس الموت في قبر وقفت به *** عن الجواب لسانـاً ما به خـرس
قد كان قصرك معمورا له شرف *** وقبرك اليوم في الأجــداث مندرس
= وقبل أن تأتيك لحظة الوفاة وتعيش الصراع مع الموت وتعيش سكراته
التي لم ينج من سكرات الموت حتى الأنبياء –
ولكي يخفف الله عنك سكرات الموت –
أدع الله دائما أن يشملك في رحمته الواسعة التي لا تضيق عن أحد رفع يديه وقال يا رب –
ولا تكتف بالدعاء .. بل احذر وأنت الآن في كامل قواك العقلية
وفي كامل صحتك ووافر عقلك –
احذر أربع غارات :
غارة ملك الموت على روحك
وغارة الورثة على مالك
وغارة الدود على جسدك
وغارة الغرماء على حسناتك يوم القيامة
= الحذر من هذه الغارات الأربع لا يكون إلا في الدنيا –
= ويروى أن ابن آدم وهو في سكرات الموت أشد ما بحاجته يكون بحاجة الى الماء البارد لجفاف حلقه –
لذلك ينبغي للانسان أن يحمد الله تعالى على كل شربة ماء بارد .

= وفي هذه الأثناء ينشط عمل ابليس –
فيروى قديما أن ابليس اللعين حضر عند موت عابد-
فقال له وهو عطشان وفي سكرات الموت :
سأرويك بالماء البارد على أن تسجد لي سجدة واحدة-
وبعدها عد إلى ما شئت –
فاغتر العابد بشربة الماء وقبل العرض من ابليس اللعين -
وسجد له كما طلب منه – لكن ابليس دلق الكوب على الأرض أمامه
ولم يف بوعده وخسرالعابد دينه .

= اذن هذه هي سكرات الموت – وقد تكون أشد من الموت نفسه –
فاذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه يخافون الموت وسكراته
فكيف بنا نحن – وهذا هو عمل ابليس اللعين وأنت تودع الدنيا –
فما كنت تقوى عليه وأنت بكامل قوتك فكيف تقوى على وسوساته
وأنت ضعيف تستقبل الموت وتعاني من آلام سكراته –

= فاللهم هون علينا سكرات الموت – وهون علينا داءات الموت –
وهون علينا الموت ولقاء ملك الموت
واختم لنا بخير وثبتنا عند الموت يا أرحم الراحمين
انتهى المشهد .. ألقتيكم بإذن الله غداً ..
هذا إن عشنا ليوم الغد في المشهد التالي من مشاهد الرحلة الى المقابر
لا تنسوني من الدعاء .. حلفتكم بالله


....... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف


الساعة الآن 02:34 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team