منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   تحرش.... بقلم ريما ريماوي (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=11240)

ريما ريماوي 05-30-2013 02:22 AM

تحرش.... بقلم ريما ريماوي
 
تحرّش..

تُعلِمُ ابنتها عن حضور كمال، قائلة بحنان:
- اذهبي للّعب معه يا صغيرتي.. لا تبتعدي وعودي قبل أذان المغرب، أمّا أتا
فسأنجز بعض الأعمال المنزلية.

تهبّ واقفة وتجهز نفسها للمغادرة، متجاهلةً ابتسامة أمها الغامضة، لقد تعوّدتها
كلما خصّها بالاسم دون شقيقها للعب معه.

تركض وتلوّح لأمّها مودّعة. شعرها الناعم يموج في حلقات، ويعود فينسدل على
كتفيها. تمدّ يدها نحو كمال فيقبض كفّها بحنان، تشعر بالراحة معه، هما لم يبلغا
العاشرة بعد لكنها تبزّه طولا.

أخذا يجريان ويقفزان، ضحكاتهما المرحة تتخلخل الفضاء. الناس يحبونهما معا،
ويحظيان بزيادة البيّاع من بائع غزل البنات.

هنالك في نهاية الشارع ثمّة ساحة مسوّرة بوّابتها واسعة من قضبان حديدية.
تستعمل لحفظ سيارات (الخردة) المعطّلة وتباع كقطع غيار. يقوم على حراستها
رجل في الثلاثين من عمره، أسنانه متفرقة صفراء، رثّ الثياب، يداه وملابسه ملوثّة
بشحمة السيّارات الكريهة الرّائحة.

طفقوا وأولاد الحارة يتوسّلونه السماح لهم باللعب في الساحة، هي يمثابة مدينة
ملاه. حدّق الرجل في دعد الجميلة بعينيها الملوّنتين وشعرها المسدل، ترنو إليه
تستعطفه، فانفرجت أساريره بابتسامة صفراء خبيثة، أشار قائلا بغلظة:
- سأسمح لك يا بنت فقط.
- دعد لا، لا تذهبي وحدك، هتف كمال. وافقته وهي تتذكّر أمها ووصاياها بأن تبتعد
عن الغرباء، بالإضافة لم ترغب أن تفترق عن صديقها الحميم، قشرعت ترجوه
أن يسمح لكمال مرافقتها.

رضي الحارس بالنهاية، وسمح لهما بالدخول. بعدئذ قال يبغي تفريقهما:
- اذهب يا كمال وقد السيارة الزرقاء (البيك آب)، وأنت يا دعد تعالي معي أريدك أن
تري السيارة الفارهة الجميلة.

توجست خيفة، أمّا كمال المتحمّس فتركها متظاهرا بقيادة السيّارات قافزا من واحدة إلى أخرى.

- دعيه وشأنه.. غمغم الرجل: سأعتني بك لا تخافي.. أنظري، إلى السوداء
الضخمة، ما أفخمها.. هلمّي اصعدي إلى المقعد الخلفي، فأنت الأميرة.

انصاعت أمام رغبتها الطفولية وإلحاحه، جلست وكأنّها بنت ذوات، حسبما تعوّدت
مشاهدته برفقة شقيقها في دار السينما القريبة من البيت، وكانا ينجحان في
التسلل إليها خلسة بعد دوران الفيلم، ولم يكونا قد عرفا التلفاز بعد.

تبعها الرجل وصعد قربها يتلمّس جسدها بيده الوسخة ويداعب شعرها، اقشعرّت،
تفلّتت منه لتهرب كغزالة مذعورة نحو كمال... لكن الأخير لم يهتمّ وانتقل إلى
سيّارة أخرى.

اتخذ الوحش مكان كمال، يواصل ممارسة نزقه.. شفتاه ترتجفان وجسده يرتعد،
تدفعه شهوة مجنونة، يقول بصوت كالفحيح:
- تعالي يا حلوتي الصغيرة، لن أؤذيك.

أمسك رأسها، يقترب من وجهها، زكمتها أنفاسه العطنة المزوجة برائحة التبغ
الرخيص والخمرة، تملّكها الاشمئزاز وتعالت نبضات قلبها رعبا، الذئب يسيل لعابه،
عيناه حمراوان دمويتين تقدحان شررا، من المحتّم أنه ينوي الشر بها.

بلطف خائفة منه تحاول مهادنته وتقول:
( اسمعني عمو، بدّي أرجع لبيتي، تعبت من اللعب، ماما ستقلق إن تأخرت.)

لكنه مازال مدفوعا بالرغبة الماجنة، لا يحاول التحكم في نفسه، يفح قائلا:
- كلا لن أدعك، ما زال الوقت مبكرا، فليخرج كمال وأنت سأعرّفك على دنيا
جديدة.
ترتعب، لكن فجأة تنبسط أساريرها، لقد سمعت صوت أخيها، من ناحية البوّابة،
يتهدده متوعّدا، مقحما رأٍسه خلال القضبان الحديدية:
- أيها اللعين ...؟ أطلق سراح أختي فورا، أراها معك، وإلّا، قسما بالله...
برفقته أولاد الحارة الذين أخطروه بخبرها، وكانوا يؤازرونه أيضا بالتهديد والوعيد..

تنهدت بارتياح، بعد انزياح الحمل الثقيل عن كاهلها. عندها لم يجد الحارس مفرّا
إلّا الرضوخ، معلّلا أنه كان يريها السيارة من الداخل.

تحاول دعد معانقة أخيها، فرحة بنجاتها، يسألها: - هل آذاك..؟! تجيب بالنفي، وإذ
بكفّه يهوي على صدغها، بذهول تضع يدها مكان الضربة، لا بد أن أصابعه ستترك
أثرها أيّاما على خدها، تتأوّه متألّمة، فيقول:

- ذلك الحقير كان ينوي بك شرّا أيتها الغريرة، ولربما قتلك ودفن جثتك، كيف
تسمحين لنفسك التعرّض لهذا الخطر؟ ألم تنبهنا أمك بخصوص الغرباء؟! أردف:
سأخبرها وأبي، عقابك عندهما.

يسحبها من كلتا يديها.. غريزيّا تحاول مقاومته فتشدّ نفسها إلى الوراء، تريد
إعاقته لكنه أقوى وأضخم، تمكّن من سحلها على قدميها بسهولة.

في قرارة نفسها تعرف أنها ستتحمل عقابها بشجاعة، لربما تمرض بعدها.. وجلّ
ذنبها، رغبتها في اللعب. مع هذا كانت فرحة، تتنسم عبق الإنفلات من ربقة هذا
الذئب الآدمي المنحط (ونفذت بجلدها).

آمال بوضياف 06-01-2013 01:15 AM

دعد نفذت بجلدها وكثيرات أخريات لم ينفذن..
قصة معبرة بحق.. من قلب واقعنا..
جميلة تلك الابتسامة من الأم.. تلك اللغة الفريدة من نوعها..
أسلوبك دائماً مميز وطريقتك في تناول المواضيع الحساسة أكثر تميزاً..
مودتي واحترامي

ايوب صابر 06-01-2013 11:46 AM

من خلال دراستي وجدت ان الكتابة الواقعية بوابة الى المجد والروعة في مجال الكتابة القصصية والروائية .

ريما ريماوي 06-04-2013 08:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آمال بوضياف (المشاركة 147625)
دعد نفذت بجلدها وكثيرات أخريات لم ينفذن..
قصة معبرة بحق.. من قلب واقعنا..
جميلة تلك الابتسامة من الأم.. تلك اللغة الفريدة من نوعها..
أسلوبك دائماً مميز وطريقتك في تناول المواضيع الحساسة أكثر تميزاً..
مودتي واحترامي

الاروع حضورك هاهنا الغالية أمال بوضياف...

لكم أسعدني هذا الحضور المفعم الألق...

كوني بخير وصحة وعافية...

احترامي ومودتي وتقديري.


تحيتي.

محمد غالمي 06-06-2013 12:09 AM

ريما ريماوي..
نص ذو نفحة اجتماعية أخلاقية من صلب الواقع.. لغة أدبية سليمة إلا من بعض اللحن البسيط.. أرى من الأجود أن يختزل النص في سطور قليلة ما دامت الفكرة ـ فكرة التحرش ومراودة الصغيرات عن أنفسهن ـ شائعة ولا تحتاج إلى هذا الإسهاب..
تحياتي وتقديري لما تبذلينه من الجهود.
محمد غالمي

ريما ريماوي 06-06-2013 01:15 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايوب صابر (المشاركة 147640)
من خلال دراستي وجدت ان الكتابة الواقعية بوابة الى المجد والروعة في مجال الكتابة القصصية والروائية .

شكرا لك الأستاذ أيوب صابرعلى تشريفك لي بهذا الحضور...

وهدفي ترك أثر مني يدل عليي.. أحاول جهدي تحسين

أدائي ليتحقق ما أصبو إليه... والله الموفق.

تحيتي وتقديري.

ريما ريماوي 06-06-2013 01:29 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد غالمي (المشاركة 147971)
ريما ريماوي..
نص ذو مفحة اجتماعية أخلاقية من صلب الواقع.. لغة أدبية سليمة إلا من بعض اللحن البسيط.. أرى من الأجود أن يختزل النص في سطور قليلة ما دامت الفكرة ـ فكرة التحرش ومراودة الصغيرات عن أنفسهن ـ شائعة ولا تحتاج إلى هذا الإسهاب..
تحياتي وتقديري لما تبذلينه من الجهود.
محمد غالمي

أهلا وسهلا بك الأستاذ محمد غالمي... شكرا لك على الحضور القيم وإبداء الرأي والنقد..
أحترم رايك لكنني مندفعة، أترك لقلمي العنان على سجيته طالما عندي شيء أرويه.

هنا ركزت على حقيقة وجوب تثقيف البنات وتربيتهن جيدا... ووجود دعد مع كمال حماها، وهذا
تأثير تربية والدتها...

قصة الرغبة والشهوة قصة معروفة منذ آدم وحواء وبدء الخليقة.. لكن كل يطرحها بأسلوبه...
وحقا لا أعتقد المشكلة في موضوع النص، المهم كيف يطرح وإلام يهدف...وما زلت أحاول التحسين.

ارحب بحضرتك مرة أخرى.. يا ليت أبرزت لي تلك الأخطاء باللحن كي أعدلها، ومن حضرتكم نستفيد.

تحيتي وتقديري.

محمد غالمي 06-09-2013 11:51 PM

الفاضلة ريمة ريماوي.. تحية خالصة
لا أنكر بأن النص ذو حبكة، ولا يعدم طرحا بناء يسمه التوجيه التربوي الهادف. ومهما يكن فطريقتك في السرد لتبليغ الرسالة تبقى محط احترام..
أما على المستوى اللغوي، فالأسلوب أدبي يساير المقام إلا من بعض الهفوات التي لا تؤثر على البنية السردية، وأود إثارتها لتعميم الفائدة:
ـ عينيه حمراوين: ـــــــــــــــــــــ عيناه حمراوان
لأن الجملة إسمية في محل نصب على الحال.
ـ يحاول يدخل: ــــــــــــــــــــــــ يحاول إدخاله/ يحاول أن يدخله
ـ تحاول تعيقه: ــــــــــــــــــــــــ تحاول إعاقته/ تحاول أن تعيقه
إذ يستحسن أن يكون الفعل بعد يحاول مصدرا صريحا أو مؤولا.
ولك جميل التقدير على سعة الصدر أختي ريما..
محمد غالمي

ريما ريماوي 06-10-2013 07:02 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد غالمي (المشاركة 148267)
الفاضلة ريمة ريماوي.. تحية خالصة
لا أنكر بأن النص ذو حبكة، ولا يعدم طرحا بناء يسمه التوجيه التربوي الهادف. ومهما يكن فطريقتك في السرد لتبليغ الرسالة تبقى محط احترام..
أما على المستوى اللغوي، فالأسلوب أدبي يساير المقام إلا من بعض الهفوات التي لا تؤثر على البنية السردية، وأود إثارتها لتعميم الفائدة:
ـ عينيه حمراوين: ـــــــــــــــــــــ عيناه حمراوان
لأن الجملة إسمية في محل نصب على الحال.
ـ يحاول يدخل: ــــــــــــــــــــــــ يحاول إدخاله/ يحاول أن يدخله
ـ تحاول تعيقه: ــــــــــــــــــــــــ تحاول إعاقته/ تحاول أن تعيقه
إذ يستحسن أن يكون الفعل بعد يحاول مصدرا صريحا أو مؤولا.
ولك جميل التقدير على سعة الصدر أختي ريما..
محمد غالمي


أهلا بك ومرحبا الأستاذ محمد غالمي...

ممتنة لعودتك مرة أخرى، وتعليقك وتصحيحاتك...

وشكرا جزيلا لك، خالص الود والتقدير.

تحيتي.

ريما ريماوي 12-15-2014 12:23 PM

تم التنقيح...

ملاحظاتكم ونقدكم من اجل التحسين موطن ترحيب..


الساعة الآن 12:33 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team