منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر رواق الكُتب. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=27)
-   -   فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=30484)

عبد السلام بركات زريق 03-20-2023 03:11 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ الخامسُ والسّبعونَ


في الشّيءِ يَأتِي بِلفظِ المَفْعُولِ مَرَّةً وبِلفْظِ الفَاعِلِ
مَرَّةً والمَعْنَى وَاحِدٌ


تَقولُ العَرَبُ: مُدَجَّجٌ ومُدَجِّجٌ، وعَبْدٌ مُكاتَبٌ ومُكاتِبٌ،
وشَأْوٌ مُغَرَّبٌ ومُغَرِّبٌ، ومَكانٌ عامِرٌ ومَعْمُورٌ، وآهِلٌ
ومَأهُولٌ، ونُفِسَتِ المَرأةُ ونَفِسَتْ، وعُنِيتُ بالشّيءِ وعَنِيتُ
بهِ، وسَعِدَ فُلَانٌ وسُعِدَ، وزُهِيَ علينا وزُهَا.

عبد السلام بركات زريق 03-20-2023 04:58 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ السّادسُ والسّبعون


في التّكْرِيرِ والإعَادَةِ


هَيَ مِن سُنَنِ العَرَبِ فِي إظْهَارِ العِنَايَةِ بِالأمرِ كمَا
قَالَ الشّاعرُ (مَهْلًا بَنِي عَمِّنا مَهْلًا مَوالِينَا) وكمَا قَالَ
الآخرُ (كَمْ نِعْمَةٍ كانت لَكُمْ كَمْ كَمْ وكَمْ) فَكَرَّرَ لفظَ
(كم) لِلعِنَايَةِ بِتَكْثِيرِ العَدَدِ. ومنْهُ قولُهُ تَعَالَى {أوْلَى لَكَ
فأَوْلَى}1. ولِهَذَا جَاءَ في كِتابِ اللّهِ التَّكْرِيرُ، كَقَولِهِ تَعَالَى
{فَبِأيِّ آلَاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبان}2، وقولِهِ عَزَّ وجَلّ {وَيْلٌ
يَوْمَئِذٍ للمُكَذِّبين}3.


1 "34" من سورة القيامة.
2 "13" من سورة الرحمن.
3 "19" من سورة المرسلات.

عبد السلام بركات زريق 03-20-2023 05:22 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفَصلُ السّابعُ والسّبعونَ


في إجْرَاءِ غَيرِ بَنِي آدَمَ مَجْرَاهُمْ في الإخْبَارِ عَنْهُ


من سُنَنِ العَربِ أنْ تُجْرِي المَوَاتَ ومَا لَا يَعْقِلُ في بَعْضِ
الكَلَامِ مَجْرَى بَنِي آدَمَ، فَتَقُولُ في جَمْعِ أرْضٍ أَرْضُونُ، وتَقُولُ:
لَقِيْتُ مِنْهُمُ الأمَرَّيْنِ، ورُبَّما يَتَعَدَّى هَذا إلى أكْثَرَ مْنْهُ، كمَا
قالَ الجَعْديُّ:

تَمَزَّزْتُها والدِّيكُ يَدعُو صَباحَهُ
وأمَّا بَنُو نعْشٍ دَنَوْا فَتَصَوَّبُوا


وكمَا قالَ اللّهُ عَزَّ وجلَّ {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أنْ تُدْرِكَ
القَمَرَ ولَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهارِ وكلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحونَ}1 وقال
عَزّ اسْمُهُ {إنِّي رَأيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كوكَبًا والشَّمسَ والقَمَرَ
رأيْتُهُمْ لِي سَاجِدينَ}2. وقالَ عَزَّ وجَلَّ {يا أيُّها النَّمْلُ ادْخُلُوا
مَسَاكِنَكُم لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُليمانُ وجُنودُهُ وهُمْ لَا يَشْعُرون}3
وقالَ سبحانهُ {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤلَاءِ يَنْطِقون}4 وأَكْبَرُ مِنْ
قَوْلِ الجعْدِيّ قَوْلُ عَبْدَةَ بْنِ الطَّبيب:

إذْ أشْرَفَ الدِّيكُ يَدْعو بَعْضَ أُسْرَتِهِ
إلى الصَّبَاحِ وهُمْ قَوْمٌ مَعَازِيلُ


فَجَعَلَ للدِّيكِ أُسْرَةً وسَمَّاهُمْ قَوْمًا.


1 "40" من سورة يس.
2 "4" من سورة يوسف.
3 "18" من سورة النمل.
4 "65" من سورة الأنبياء.

عبد السلام بركات زريق 03-21-2023 02:46 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ الثامنُ والسّبعون


في خَصَائِص مِنْ كَلَامِ العَرَبِ


للعَربِ كَلامٌ تَخُصُّ بِهِ مَعَانيَ في الخَيْرِ والشَّرِّ، وفي اللَّيلِ
والنَّهارِ وغَيرِهِمَا، فَمِنْ ذلكَ التّتَابُعُ والتَّهَافُتُ لا يَكُونانِ
إلّا في الشَّرِّ. وهَاجَ الفَحلُ، والشَّرُّ، والحَرْبُ، والفِتْنَةُ. ولا
يُقالُ هاجَ لِمَا يُؤدِّي إلى الخَيرِ.
وظَلَّ يَفعلُ كَذَا إذَا فَعَلَهُ نَهَارًا، وبَاتَ يفعلُ كَذَا، إذَا
فَعَلهُ ليلًا، والتَّأوِيبُ سَيْرُ النَّهارِ لا تَعْرِيجَ فِيهِ. والإسْئَادُ
سَيرُ اللَّيلِ لا تَعْرِيسَ فِيهِ. ومِنْ ذَلكَ قَولُهُ تَعَالَى {فَجَعَلْناهُمْ
أحاديثَ}1 أيْ: مَثَّلنَا بِهِمْ، ولا يُقالُ: جُعِلُوا أحَادِيثَ إلّا في
الشَّرِّ.
ومن ذَلكَ التَّأبِينُ لَا يكُونُ إلّا مَدْحًا لِلْمَيِّتِ، والمُسَاعَاةُ لا
تكونُ إلَّا للزِّنَا بِالإمَاءِ دُونَ الحَرائِرِ، ويُقالُ نَفَشَتِ الغَنَمُ
لَيلًا، وهَمَلَتْ نهارًا.
وخُفِضَتِ الجَارِيَةُ، ولا يُقالُ خُفِضَ الغُلام. ولَقَمَهُ بِبَعْرَةٍ إذا
رَمَاهُ بِهَا، ولا يُقالُ ذَلكَ في غَيرِهَا.


1 "19" من سورة سبأ.

عبد السلام بركات زريق 03-23-2023 05:20 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ التّاسعُ والسّبعونَ


يُنَاسِبُهُ في الرِّيحِ والمَطَرِ



لمْ يَأتِ لَفْظُ الرِّيحِ في القُرآنِ إلّا في الشَّرِّ، والرِّيَاحُ إلّا في
الخَيرِ، قال عزَّوجلَّ {وفي عَادٍ إذْ أرْسَلْنا عَلَيهِمُ الرِّيحَ
العَقِيمَ ما تَذَرُ مِنْ شَيءٍ أَتَتْ عَليهِ إلّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}1
وقَالَ سُبْحَانَهُ {إنَّا أرْسَلْنا عَلَيهِمْ ريحًا صَرْصَرًا في يَومِ نَحْسٍ
مُسْتَمِرٍّ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأنَّهُمْ أعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}2 وقالَ جَلَّ
جَلَالُه {وهُوَ الّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرَى بَينَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}3
وقَالَ {ومِنْ آيَاتِهِ أنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّراتٍ ولِيُذيقَكُمْ مِنْ
رَحْمَتِهِ ولِتَجريَ الفُلْكُ بِأَمْرِهِ ولِتَبْتَغوا مِن فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ
تَشْكُرونَ}4 وعنْ عبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: الرِّياحُ ثَمانٍ: فَأَرْبَعٌ
رَحْمَةٌ وأَربعٌ عَذابٌ، فأمَّا الّتي لِلرَّحْمَةِ: فَالمُبَشِّراتُ
والمُرْسَلَاتُ والذَّرِيَاتُ والنَّاشِرَاتُ، وأما الَّتِي للعَذَابِ:
فَالصَّرْصَرُ والعَقِيمُ وهُمَا في البَرِّ، والعَاصِفُ والقَاصِفُ
وهُمَا في البَحرِ، ولمْ يَأتِ لَفْظُ الإمْطَارِ في القُرآنِ إلَّا
لِلعَذَابِ، كَمَا قَالَ عَزّ مِنْ قَائِلٍ {وأمْطَرْنا عَلَيهِمْ مَطَرًا فساءَ
مَطَرُ المُنْذَرِينَ}5 وقَالَ عَزّ وجلَّ {ولَقَدْ أتَوْا عَلَى القَرْيَةِ الّتي
أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوءِ}6 وقَالَ تَعَالَى {هَذا عَارِضٌ مُمْطِرُنا بلْ
هُوَ ما اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذَابٌ ألِيمٌ}7.


1 "42-41" من سورة الذاريات.
2 "20-19" من سورة القمر.
3 "57" من سورة الأعراف.
4 "46" من سورة الروم.
5 "173" من سورة الشعراء.
6 "40" من سورة الفرقان.
7 "24" من سورة الأحقاف.

عبد السلام بركات زريق 03-23-2023 05:30 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 

الفَصْلُ الثّمانُونَ



في اقْتِصَارِهِمْ عَلَى بَعْضِ الشّيءِ وهُمْ يُرِيدُونَ كُلَّهُ



ذَلكَ مِن سُنَنِ العَرَبِ في قَوْلِهِمْ: قَعَدَ على ظَهْرِ راحِلَتِهِ،
وقَولِ الشَّاعِرِ (الواطِئينَ على صُدورِ نِعالِهِمْ) وقَولِ لَبيدٍ
(أوْ يَرْتَبِطْ بَعْضَ النفوسِ حِمَامُهَا) أرَادَ: كُلَّ النُّفُوسِ، وفي
القُرآنِ {قُلْ للمُؤمنين يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}1 و(مِنْ) هَذهِ
للتَّبْعِيضِ، والمُرَادُ يَغُضُّوا أبْصَارَهُمْ كُلَّها. وقالَ عَزَّ ذِكرُهُ
{ويَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ والإِكْرامِ}2 . وقال الفرزدق:

لَمَّا أتَى خَبَرُ الزُّبَيرِ تَواضَعَتْ
سُورُ المَدينةِ والجِبَالُ الخُشَّعُ


يَعنِي أسْوَارَ المَدِينةِ.


1 "30" من سورة النور.
2 "27" من سورة الرحمن.

عبد السلام بركات زريق 03-25-2023 11:08 AM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصْلُ الوَاحدُ والثّمانونَ


في الاثْنَينِ يُعَبَّرُ عَنْهُمَا مَرَّةً وبأحَدِهِمَا مَرَّةً


قالَ الفَرَّاء: تَقولُ العَرَبُ: رَأيتُ بِعَيْنِي ورأيتُ بِعَينَيَّ، والدّارُ
في يَدِي وفي يَدَيَّ. وكُلُّ اثْنَيْنَ لَا يَكادُ أحَدُهُمَا يَنْفَرِدُ فَهُوَ عَلى
هَذَا المِثَالِ كالْيَدَيْنِ والرِّجْلَينِ. قال الفَرَزْدَقُ:

ولوْ بَخِلَتْ يَدَايَ بِهِ وَضَنَّتْ
لَكَان عَلَيَّ لِلقَدَرِ الخِيَارُ


فَقالَ (ضَنَّتْ) بَعدَ قَولِهِ يَدايَ. وقال الآخَرُ:

وكَأنَّ في العَينَينِ حَبَّ قَرَنْفُلٍ
أو سُنْبُلٍ كُحِلَتْ بِهِ فَانْهَلَّتِ

فقالَ كُحِلَتْ بِهِ بَعدَ قَولِهِ (في العَيْنَينِ) وقالَ بِهِ. وقد ذَكَر
القَرَنْفُلَ والسُّنْبُلَ. وقال آخرُ:

إذَا ذَكَرَتْ عَيْنِي الزَّمَانَ الّذِي مَضَى
بِصَحْراءَ فَلْجٍ ظَلَّتا تَكِفانِ

وقالَ بَعْضُ المُحْدَثِينَ:

فَدَتْكَ بِعَيْنَيها المَعَالِي فَإنَّهَا
بِمَجْدِكَ والفَضْلِ الشَّهير كَحِيلُ


ويُقالُ: وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَليهِ أي عَيْنَاهُ، وفُلانٌ حَسَنُ الحَاجِبِ
أيْ الحَاجِبَيْنِ، وأخَذَ بِيَدِهِ أي: بِيَدَيْهِ، وقَامَ عَلى رِجْلِهِ أيْ:
رِجْلَيْه.

عبد السلام بركات زريق 03-25-2023 03:14 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ الثّاني والثّمانونَ


في الجَمْعِ الّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ

النِّسَاءُ، والنَّعَمُ، والغَنَمُ، والخَيْلُ، والإِبِلُ، والعَالَمُ، والرَّهْطُ،
والنَّفَرُ، والمَعْشَرُ، والجُنْدُ، والجَيْشُ، والثُّلَّةُ، والعُوذُ، والمَسَاوِئُ،
والمَحَاسِنُ، ومُراقُ البَطنِ، والمَسَامُّ، والحَوَاسُّ.

عبد السلام بركات زريق 03-25-2023 03:15 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ الثّالثُ والثَّمانون


في الاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا وَاحِدَ لَهُمَا مِنْ لَفْظِهِمَا


كِلَا وكِلْتَا، واثْنَانِ واثْنَتَانِ، والمِذْرَوَانِ، والمَلَوَان1، وجاء يَضْرِبُ
أصْدَرَيْهِ، ولَبَّيْكَ، وسَعْدَيْكَ، وحَنَانَيْكَ، وحَوَالَيكَ. وقَدْ قِيلَ:
إنَّ وَاحِدَ حَنَانَيْكَ: حَنَانٌ.


1 المذروان: المذروان بالكسر: أطراف الأَلْيَة، ومن الرأس
ناحيتاه ومن القوس ما يقع عليه طرف الوتر من أعلى
وأسفل. انظر معجم القاموس المحيط واللسان وغيرهما
في مادة "ذرا". والملوان: الليل والنهار.

عبد السلام بركات زريق 03-25-2023 03:18 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ الرّابِعُ والثّمانونَ


في أَفْعَلَ لَا يُرادُ بِهِ التَّفْضِيلُ


جَرَى لهُ طَائِرٌ أشْأمُ، وقَالَ الفَرَزْدَقُ:

*بَيْتًا دَعائِمُهُ أَعَزُّ وأطْوَلُ*

وفي القرآنِ {وهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ}1. واللهُ أعلم.


1 "27" من سورة الروم.


الساعة الآن 03:25 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team