منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر القصص والروايات والمسرح . (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=8)
-   -   القصاص / بقلم عبدالأمير البكّاء (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=8660)

عبدالأمير البكاء 04-21-2012 09:45 PM

القصاص / بقلم عبدالأمير البكّاء
 
القصاص


أحبته حبا أغاض أقرانه الطلاب فحسدوه ! لأنهم كانوا لا يرون مماثلة مشتركة بالصفات بين الحبيبين! فصاروا

يوميا لا يكفـّون عن التندر والضحك منه ، واتهامه جازمين بأنه يعمل لها السحر عند المشعوذين ، لاستمالة قلبها

الى حد ذلك الشغف العجيب ! فلا مال يمتلك ولا جاه ولا جمال كما كانت هي ! فعلام إذن كل هذا الود الذي يعتلج

قلبها نحو شاب يفتقر الى أبسط ما تصبو اليه أبسط الفتيات في عمرها ؟! وكان هو يقرأ هذا التساؤل في وجوه

أقرانه في الشارع والمدرسة ، فلا يرد عليهم بالكلام بل كان يُريهم هداياها غالية الثمن ليزدادوا حنقا وغيرة

مُمْضّيْن ! ..لم يبخل عليها بانسكاب عواطفه التي تكدست في حناياه كلما التقاها ، فينثر عليها أكاليل العشق

المضمخ بالحناء ورذاذ النعناع ، لتمتليء رئتاها بعبير حب رفضته بنات الحي قبلها ! ولم تبخل هي الأخرى

بانثيال شلال نسائم الود والورد العابق ، تدفعها نحوه هِزاتُ قلب رهيف تحمله ، غير آبهة بما يمر على خاطرها

من أكوام تهكمات زميلاتها لوما وتقريعا لاختياره حبيبا لها ! فيكون عذرها الدائم لهن بألا معين لها في هذه الدنيا

ولا ناصرغير هذا الشاب الأسمر ( الحِمش) الغيور الذي سوف يحميها من غوائل هذا الزمن التعيس ! إذ ليس

من المعقول أن تضيف الى وَهْنها وعجزها شابا مائعا لا يقوى على الدفاع عن نفسه لو حزَبَ الأمر عليها يوما ما

!..كانت تبدد قلقه بالتطمين بأن لا أحد غيره سيحتل حصن قلبها من الشباب ، وأن قبوله في كلية الطب في بغداد

سيزيدها إصرارا على التمسك برجل ناجح ، تتفاخربه أمام كل اللائمات ! فلا غرو إذن والحالة هذه أن تلتصق

بإنسان داس على كل عقبات عوزه وقبحه ويتمه ، لينتج من إصراره وتحديه مركزا اجتماعيا مرموقا ، ينسى

الناس معه كل تلك الهَنات !..ولم تدخر جهدا للتضحية بما تملك من مدخرات مالية ومصوغات ، لتوفير كل

أسباب نجاح طالب الطب الحمش المفلس ! فاجتهدت بفرح غامر ونكران ذات عجيب ، لتغطية كل احتياجاته ،

من ملابس تليق بمستواه كطالب طب الى مصروف الجيب الى شراء المصادر الطبية غالية الثمن غير مبالية

بكثرة ما تنفق عليه من أموال ، ولا لوعثاء السفرالأسبوعي الى بغداد ، حاملة معها كل الأكلات التي يحبها !

حتى غدا جوابها متكررا كلما شكرها لإعانتها له بقولها مازحة : ( حبيبي هذا كله دَيْن ستدفعه لي من عيادتك إن

شاء الله ) ! ولم يشأ الله سبحانه أن ترى ما كانت ترجوه من حبيبها ! إذ فوجئت - وهي تزوره زيارتها

الأسبوعية المعتادة من بعد ثلاث سنوات دراسة مضت - بخبر اعتقاله من قِبل رجال الأمن في بغداد ! فأصابها

الذهول ليس لخبر اعتقاله بل لسببه ، إذ أخبرتها زميلة له في كليته بأن ( خطيبته !) طالبة الطب التي خطبها قبل

عام ، قد وشت به عند المخابرات التي تنتمي هي اليها ، عبر تسجيل صوتي له بأنه صارحها مطمئنا كزوجة له ،

بأنه منتم ٍ الى حزب معارض للحكومة ! وإنه سيهرب بها الى خارج العراق بعد التخرج لإكمال دراستهما ،

واتمام النضال من هناك لإسقاط النظام !... تنهْنهَ صدرُها ليدفع بالدموع نحو خديها المتورديْن وهي تجتاز

ممرات الكلية ، تاركة اكياس الأكل الذي يحبه على منضدة مفتش الإستعلامات مُردّدة المثل العراقي المعروف (

رضينا بالموت والموت ما رضه بينا ! )

ايوب صابر 04-22-2012 08:52 AM

"فلا غرو إذن والحالة هذه أن تلتصق بإنسان داس على كل عقبات عوزه وقبحه ويتمه ، لينتج من إصراره وتحديه مركزا اجتماعيا مرموقا ، ينسى الناس معه كل تلك الهَنات !"

- اسلوب سردي آسر. والقصة من الادب الواقعي المؤثر كونها تعالج موضوعة الحب والخيانة وخيبة الامل والموت. دائما يوجد الجمال والعاطفة والتأثير والسحر اينما وجد الايتام وفي القصص والروايات التي تجعل ابطلها من بين الايتام.

عبدالأمير البكاء 04-22-2012 10:05 AM

شكرا لمرورك الذي شرفني ، أرجو لك التوفيق فيما تخط أناملك الكريمة

ريم بدر الدين 08-04-2012 03:20 PM

ربما هو مثل يهودي قديم لكنه ينطبق على هذا الرجل" اتق شر من أحسنت إليه" و لعلها أيضا سنة الحياة أن من تمنحه من حياتك الأغلى يبيعها بالأرخص في سوق الحياة
أ. عبد الامير البكاء
سعدت بهذا السرد الجميل لقصة محزنة لكنها تحدث كثيرا
كانت اللغة منسابة و تلقائية و هذا من أسباب قوة النص
تحيتي لك دوما

هوازن البدر 08-04-2012 03:37 PM

اوووووووو هناك مثل شعبي يقول ( ضربتين في الرأس بتوجع ) وهذا ينطبق على تلك الفتاة الحالمة الرقيقة التي أسرفت في عواطفها ومالِها من أجل شاب إستغل حبها بشكل دقيق يصب في مصلحته ولكن لم يُعينهُ الله في ذلك لأن حبل الكذب قصير جداً
قصة وفيها العبر


رائعة جداً ونهاية موجعة
شعرتُ بتلك الفتاة جداً إنها مأساة حقاً


سلمت الأنامل أيها الأمير


الهوازن


الساعة الآن 10:42 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team