فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
فقه اللغة وسرُّ العربية
تأليف الإمام اللغوي أبي منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
هذه رسالة جعلها أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي
النيسابوري رحمه الله، مقدمة على فقه اللغة وسر العربية، الذي ألَّفه لمجلس الأمير السيد أبي الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي، عفا الله عنه. |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
..
.. مقدمة المؤلف .. .. بسم الله الرحمن الرحيم أما بعدَ حمدِ الله على آلائِهِ، والصلاة والسلام على محمد وآلهِ، فإن من أحبَّ اللهَ تعالى أحب رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، ومن أحبَّ الرسول العربي أحبَّ العرب، ومن أحبَّ العرب أحبَّ العربية التي بها نزلَ أفضلُ الكُتُبِ على أفْضَل العَجَم والعرب، ومَنْ أحبَّ العربية عُنيَ بها، وثابَرَ عليها، وصرَفَ هِمَّتَهُ إليها، ومَنْ هداهُ الله للإسلام، وشرحَ صدرَهُ للإيمان وآتاه حُسنَ سريرةٍ فيه، اعتقد أنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم خيرُ الرسل، والإسلامَ خيرُ الملل، والعرب خيرُ الأممِ، والعربية خير اللغاتِ والألسِنَةِ، والإقبالَ على تفهُّمِهَا من الديانة، إذْ هيَ أداةُ العلم، ومِفْتَاح التَّفقُهِ في الدين وسبَبُ إصْلاحِ المعاش والمعادِ، ثم هي لإحرازِ الفضائلِ، والاحتواءِ على المروءة وسائر أنواع المناقب، كالينبوع للماء والزَّندِ للنار، ولو لم يكنْ في الإحاطةِ بخصائِصها، والوقوفِ على مجارِيها ومصارفِها، والتَّبحُّرِ في جلائها ودقائقها، إلا قوةُ اليقين في معرفةِ إعجازِ القرآنِ، وزيادةِ البَصِيرَة في إثبات النُّبوَّةِ، الذي هو عُمْدة الإيمانِ، لكفى بهما فَضلًا يَحْسُنُ أثره، ويطيبُ في الدارين ثمرُهُ، فكيف وأيسرُ ما خصَّها الله عزَّ وجلَّ من ضُروب الممادح يُكِلُّ أقلام الكَتَبَة، ويُتْعِبُ أنامِلَ الحَسَبَةِ، ولِما شرَّفَها الله عزَّ اسمُه وعظَّمها، ورفع خَطَرَها وكرَّمها، وأوحى بها إلى خير خَلْقِهِ، وجَعَلَها لسانَ أمِينهِ على وَحْيِه، وأسلوبَ خُلَفَائه في أرْضِهِ، وأراد بقاءها ودوامَها حتَّى تكونَ في هذه العاجِلَةِ لخير عبادِهِ، وفي تلك الآجلَةِ لساكني جنانه ودار ثوابه، قيَّضَ لها حَفَظَةً وخَزَنَةً من خواصِّ الناسِ وأعيانِ الفَضْلِ وأنْجُمِ الأرض، فَنَسُوا في خِدمتِها الشهواتِ وجابوا الفلواتِ، ونادَمُوا لاقتنائها الدفاتِرَ، وسامرُوا القَمَاطِر والمحابرَ*، وكَدُّوا في حَصْرِ لغاتِها طباعَهُم، وأسْهَرُوا في تقييْدِ شواردِها أجفانَهم، وأجَالُوا في نَظْمِ قلائدِها أفكارَهُم، وأنفقُوا على تخليدِ كتبها أعمارَهم، فعظُمَتِ الفائِدةُ، وعمَّت المصْلَحَة وتوافَرَتِ العائدةُ، وكلّما بدأَتْ معارفُها تَتَنكَّر، أو كادت معالمُها تتستَّرُ أو عَرَض لها ما يُشْبِهُ الفَتْرَة ردَّ اللهُ تعالى عليها الكَرَّةَ فأهبَّ رِيحها ونفق** سُوقَها بِفردٍ من أفراد الدَّهرِ أديبٍ ذي صَدْرٍ رحيبٍ، وعزيمةٍ راتبةٍ ودِرايةٍ صائبةٍ، ونَفْسٍ ساميةٍ، وهِمَّةٍ عاليةٍ، يحبُّ الأدَبَ ويتعصَّب للعربيةِ، فيجمعُ شَمْلَهَا، ويُكرم أهْلَها، ويحرِّكُ الخواطِرَ الساكِنَةَ لإعادة رَوْنَقِهَا، ويَسْتَثِيرُ المحاسِنَ الكامِنَةَ في صُدُورِ المتحلِّين بها، ويَسْتَدعي التألِيفَاتِ البارعة في تجديدِ ما عَفَا مِنْ رُسُومِ طَرائِفِها ولطائِفِها، مِثْلُ الأمير السيِّدِ الأوحدِ، أبي الفَضْل عُبيدِ اللهِ بن أحمد الميكَالي***، أَدَامَ اللهُ تعالى بَهْجَتَهُ، وحرسَ مهجتَه، وأَينَ لا أين مثله، وأصلُهُ أصلُهُ، وفضلُهُ فضلُهُ هيهاتَ لا يأتي الزّمانُ بِمثلِهِ إنَّ الزّمانَ بِمِثلِهِ لَبَخيلُ *القماطر: أوعيةٌ من جلدٍ لحفظ الكُتُبِ، والمحابر جمع محبرة، وهي دواةُ المِدادِ. **نفق: يقال: نفقت السوق راجت وكثرَ ربحُها. ***جميع تراجم الأعلام سنوردها مُلْحَقَةً في فهرس ترتيب المعجم. >>>>> |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
حيّاك الله مُشرفنا وشاعرَنا القدير
وبُورِكَ العطاءُ والثراء .. وسوف أتابع معك بمشيئة الله |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
اقتباس:
|
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
<<<<<
وما عَسِيْتُ أن أقُولَ فِيمَنْ جمع أطرافَ المحَاسِنِ، ونَظَمَ أشتاتَ الفضائلِ، وأخذ برقاب المحَامِدِ، واسْتَولى على غاياتِ المَناقبِ، فإن ذُكِرَ كَرَمُ المنصِبِ، وشَرَفُ المُنْتَسَب كانتْ شجرتُهُ الميكاليةُ في قرارة المجْدِ والعَلَاءِ، أصْلُها ثابتٌ وفَرْعُها في السماءِ، وإن وُصِفَ حُسنُ الصُّورةِ الذي هو أوَّلُ السَّعادةِ، وعُنْوَانُ الخَيرِ وسِمَةُ السيادة، كان في وجهه المقبول الصَّبيحِ ما يستنطق الأفواه بالتسبيحِ، لا سِيمَا إذا تَرَقرقَ ماءُ البِشْرِ في غُرَّته وتَفَتَّقَ نُورُ الشَّرفِ من أسِرَّتِه، وإن مُدِحَ حُسْنُ الخُلُقِ، فله أخلاقٌ خُلِقْنَ من الكرم المحْضِ، وشِيَمٌ تُشَامُ منها بارقةُ المجدِ، فلو مُزِجَ بها البحر لعَذُبَ طعمُهُ، ولو استعارَها الزمان لما جار على حرٍّ حُكْمُهُ، وإن أُجرِيَ حديثُ بُعدِ الهِمَّةِ ضربْنا به المَثَلَ، وتَمثَّلْنَا همَّته على هامَةِ زُحَلِ، وإن نُعِتَ الفِكرُ العميقُ، والرأيُ الزَّنِيقُ* فَلَهُ مِنْهما فَلَكٌ يُحِيطُ بِجوامعِ الصَّوابِ، ويدور بكواكب السَّدادِ، ومرآةٌ تُرِيهِ ودائع القُلوبِ، وتكشف عنْ أسرارِ الغُيُوب، وإن حُدِّثَ عن التَّواضعِ كان أوْلَى بقول البُحْتُريِّ مِمَّنْ قالَ فيه: دَنَوْتَ تواضعًا وعَلوتَ مَجدًا فَشَأناكَ انخفاضٌ وارْتِفاعُ كذاكَ الشّمسُ تَبعُدَ أن تُسامَى ويدنو الضَّوءُ مِنها والشُّعَاعُ وأما سائر أدواتِ الفَضْلِ، وآلاتِ الخير، وخِصالِ المجدِ، فقد قسمَ اللهُ تَعالى له منها ما يُبارِي الشّمسَ ظُهورًا، ويجاري القَطْر وُفورًا، وأما فُنُونُ الآدابِ فهو ابنُ بَجدَتِها*، وأخو جُمْلتِها، وأبو عُذرتِها ومالكُ أزِمَّتِها، وكأنّما يُوحَى إليه في الاستئثارِ بمحاسِنِها والتفرُّدِ ببدائعها، واللهِ هو إذا غَرَسَ الدُّرَ في أرض القِرْطَاس***، وطرَّزَ بالظَّلام رِداءَ النَّهار، وألْقَتْ بِحارُ خَوَاطِرِهِ، جواهِرَ البَلَاغةِ على أنامِلِهِ، فهناك الحُسْنُ برُمَّتِهِ، والإحسانُ بِكُلِّيَتِهِ، وله ميراثُ التَّرسل بأجْمَعِهِ، إذْ قدِ انتهتْ إليهِ بلاغَةُ البُلغاءِ *الزنيق: كأمير: الرصين المُحكم. **بجدتها: باطنها، وابن بجدة الأمر العالم به. ***تشبيه معكوس لسيل المداد على القرطاس يفسره ما بعده من تشبيه المداد بالظلام وبياض القرطاس بضوء النهار. >>>>> |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
<<<<<
فما تُظلُّ الخضراءُ*، ولَا تُقِلُّ الغبراء* في زمننا هذا أجْرَى منهُ في مِيدانِها، وأحْسَنَ تصريفًا لعِنانِها، فلو كنتُ بالنُّجوم*** مُصدِّقا لقلتُ: قد تأنَّق عُطَارِدُ في تدبيرِهِ وقَصَر عليه مُعْظَمَ هِمَّتِهِ، ووَقَفَ في طاعَتِهِ عند أقصى طاقتِهِ، ومن أراد أن يسمعَ سرَّ النَّظْمِ وسحر النثر ورُقية**** الدَّهرِ، ويرى صَوْبَ العقلِ، وذَوْبَ الظُّرف، ونَتِيجَةَ الفَضْلِ، فليَسْتَنْشِد ما أسفَرَ عنهُ طبعُ مجدِه وأثمَرَهُ عالي فِكْرِهِ *الخضراء: السماء. **الغبراء: الأرض. ***النجوم: التنجيم وكشف الغيب. ****رقية: الرقية التعويذة. >>>>> |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
إذا تَرَقرقَ ماءُ البِشْرِ في غُرَّته وتَفَتَّقَ نُورُ الشَّرفِ من (أسِرَّتِه)
: صباحُك الخيرُ مُشرفنا البليغ: هل تُجمعُ السريرةُ على أسِرةٍ وسرائر؟ أم أنه الانغماسُ في المُحسِّناتِ البديعية؛ بينما لُغتُهُ غنية؟ |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
كذاكَ الشّمسُ تَبعُدَ أن تُسامَى
: أظنه: تَبعُدُ .. بضم الدال، وهو خطأ الرقن السريع لم أشأ تعديله حتى أتأكد تحياتي وتقديري |
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
اقتباس:
هو كما تفضلت لا شك بذلك أشكر تفضلك يالتعديل أينما وجدت خطأ مع تقديري |
الساعة الآن 03:01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.