|
قصة من الواقع ..
منذ فترة ليست ببعيدة ، قلت لصديقة وهي تحاورني في موضوع القصص الخيالي والواقعي :
إني أصر على أنه ينبغي لكتاب القصة أن يدركوا أن في الواقع ما يفوق الخيال ومن ثَم فإن عليهم أن يكتبوا الواقع الذي يسجل التاريخ النفسي للمجتمع، ليدرسوا في قصصهم ما انطوت عليه النفس الإنسانية من مشاعر وأحاسيس عوضًا عن أن يخلقوا أشخاصا لا يعيشون إلا في قصصهم وحدها، ذلك أن القصص الخيالي إنما يعكس الناحية النفسية للمؤلف، أما أحداث الواقع فإنها تعرض صور المجتمع على حقيقته، قالت: أنا معكِ ولكن قصص الواقع يا صديقتي ضئيلة جدًا وقليلًا ما تصلح للعرض الفني الذي أعرفه أنا . من هذا المنطلق ، تصفحت اليوم الجريدة وفي صفحة الوفيات قرأت اسما ليس غريبًا علي، على الفور هاتفت والدته وقدّمت واجب العزاء ، أخذت تبكي وبحرقة وتقول " أنا من جنيت على نفسي" وطلبت مني نشر قصتها حتى تتعظ غيرها ولا تتكرر مأساتها… وبناءً على رغبتها، سأبدأ بالنشر من دون ذكر أسماء ، وعلى أجزاء ستمدني بها وحتى أستوعب أحداث قصتها وأصيغها وأعيد إرسال كل جزء مرة أخرى إليها لتعتمده ، فالمصداقية في القصص الواقعية مطلب ضروري …. وإليكم القصة … |
رد: قصة من الواقع ..
(1) شاب غني في السادسة عشر من عمره وُلد لأبوين ثريين ، قرر والداه تزويجه من فتاة تصغره بعامين ، وتم الزواج بحجة أن المال متوفر وبإمكانه تكملة دراسته . |
رد: قصة من الواقع ..
(2)
كان الابن سعيدا في زواجه إلى أن وصل سن الخامس والعشرين ، في هذا الوقت كان لديه أربع بنات والخامسة في الطريق، تعرّف على فتاة تصغره بثلاث سنوات أحبها وأحبته وتوطدت علاقتهما ببعض ، وكان يسرد عليها كل تفاصيل حياته وأخبرها بأن زوجته حامل وهناك ابنة خامسة في الطريق ، الحبيبة على غفلة من حبيبها تعبثت في جواله وحصلت على رقم زوجته. |
رد: قصة من الواقع ..
(3)
دخلت الزوجة في شهرها التاسع، في هذه الفترة هاتفتها عشيقة زوجها وأخبرتها بأنها ستسمي ابنتها ، سألتها من أنتِ ردت عليها ، آجلا ستعرفين لاتنسي اسم ابنتك ( ……). وأغلقت الجوال. الزوجة كانت هادئة ورزينة وأرادت الحفاظ على بيتها وأسرتها ، ولم تُخبر زوجها ، ولكن نفسيتها تأثرت وأدت إلى تبكير الولادة . أنجبت ابنتها الخامسة وطلبت من زوجها تسميتها بـ( …) لكنه قال لها أنتِ أسميت كل البنات هذه المرة أنا سأسميها ، فأسماها بنفس الاسم الذي ذكرته العشيقة لها عندما هاتفتها ، سكتت الزوجة ورضخت للأمر الواقع . |
رد: قصة من الواقع ..
لي شرف الحضور وحجز المقعد الأول
وسأعلق على الموضوع بعد تكملة القصة تحياتي أديبتنا الرائعة ياسمين لقلمك الجميل باقات ورد وود:31: |
رد: قصة من الواقع ..
متابعين هذه المأساة باهتمام بالغ رغم حجم الألم الذي بدا واضحا من خلال السطور الأولى..
تحية تليق بمقامك أستاذتنا القديرة وصاحبة القلب الكبير ياسمينة المنابر. ودي واحترامي :30: |
رد: قصة من الواقع ..
الأخ الكريم عبد الكريم الزين
والأخ الكريم محمد أبو الفضل سحبان لا أستغنى أبدا عن رأيكما تشرفت بوجودكما هنا:30::30: |
رد: قصة من الواقع ..
( 4)
عاشت الزوجة وفي قلبها غصة ، لم تفاتح زوجها ، خافت أن تفقده وتتشتت أسرتها ، مع ذلك لم تسلم من تلك الفتاة التي أصبحت تراسلها بين الفينة والأخرى ، تخبرها: (أنا حاليا مع زوجك نطلب العصير ، حجزنا تذكرتين ليوم غد سنحضر فيلما سينمائيا، بعد ذلك سيأخذني ليشتري لي هدية ثمينة ….وهكذا تخبره بتحركات زوجها معها ). الزوجة فيما عدا حكاية تلك الفتاة ، كانت سعيدة فزوجها لا يقصر عليها ولا على بناتها ، قررت أن تصبر إلى أن يحلها رب العباد. |
رد: قصة من الواقع ..
(5)
كانت الزوجة تجلس في غرفتها تحتضن مولودتها ، عندما دخل عليها زوجها وأخبرها بأنه ينوي الزواج ووعدها بأن يعدل بينها وبين زوجته الجديدة، كانت المسكينة قد هيأت نفسها أنها ستتلقى خبر زواج زوجها عليها بأي لحظة ، لذلك صمتت ولم تنطق ببنت شفة ، تم الزواج من عشيقته ، وأجر لها شقة ، لأن والده حي وعارض الزواج الثاني ، فأمسك عنه المال ولم يشترِ له بيتا ليُسكّن زوجته الثانية. |
رد: قصة من الواقع ..
(6)
بعد سنة من زواجه الثاني توفى والده ، وورث المال الكثير والذي يغطي عين الشمس ، استغلت زوجته وفاة والده، وأشارت إليه أن يطلق زوجته الأولى ، ونفّذ طلبها ، وتم الطلاق ، بعد ذلك حملت وأنجبت توأمان من الأولاد ، وأقنعته أن ينتقلا إلى البيت الكبير ويعيشان مع بناته بحيث يتولى هو تربيتهن ورعايتهن، فعلت ذلك ليس حبا فيهن بل كي تستغلهن في مساعدتها في شئون المنزل وتربية ولدَيْها ،ولها ما شاءت ، طرد طليقته وعادت إلى بيت والدها . وانتقلت زوجته الجديدة للسكن في البيت الكبير بجانب بناته .. |
رد: قصة من الواقع ..
(7)
كانت قد أنجبت منه عشرة أولاد، بعد أول حمل لتوأمين، كل سنة تلد طفلا، عندما سألتها لِمَ لا ترتاحين ، كثرة الإنجاب يضعف الظهر ، أجابتني بأنه كلما كان العدد أكثر يضعف سهم البنات من الميراث ، قلت في جميع الأحوال نصيب أولادك أكثر بعد عمر طويل " وللذكر مثل حظ الأنثيين" . |
رد: قصة من الواقع ..
(8)
كان يتراوح أعمار البنات بين 10 إلى 15 سنة تقريبا ، كبرن وتمردن على زوجة الأب ، لأنها كانت السبب في تشتيت أسرتهن وطلاق والدتهن ، وامتنعن عن مساعدتها في تربية إخوانهن ، مما اضطر الأب أن يسكنهن في الطابق العلوي وأهملهن ولم يسأل عنهن لكنهن كنّ يعشن حياتهن الطبيعية يخرجن للتعليم و لشراء حاجياتهن والتنزه لم يقصر معهن في هذه الناحية ، إلى أن تزوجت الأخوات الأربعة أما الصغيرة فاكتئبت ودخلت في حالة نفسية سيئة وبدأت تتعالج في الطب النفسي. وبقيت وحيدة في الطابق العلوي ، لا أحد يسأل عنها ممن هم في داخل البيت لا والدها ولا حتى إخوتها الشباب ، فقط أخواتها يسألن عنها في أوقات متباعدة لانشغالهن في بيوتهن . |
رد: قصة من الواقع ..
( 9)
تدهورت حالة البنت وازدادت سوءًا ، مما أدت حالتها إلى إدخالها المستشفى . انتهزت زوجة الأب خلو البيت ، طلبت من أبنائها التوسع ووزعت الغرف عليهم ، حتى غرفة البنت المريضة أخذتها واستغلتها كمخزن . |
رد: قصة من الواقع ..
(10)
البنت الكبيرة أنجبت أربعة أولاد واختلفت مع زوجها وانفصلت عنه، أخذت أولادها وعادت إلى منزل والدها ، خرج إليها والدها ومن عند الباب طردها ، أصبح لا مأوى لها ولا لأولادها ، استأجرت شقة وعاشت فيها ، رغم ثراء الأب . |
رد: قصة من الواقع ..
(11)
البنت الثانية أنجبت ولدا واحدا وتبرأت من أبيها وأخواتها وعاشت مع زوجها وابنها إلى أن تخرج ، وزوّجته ولم يكن أحدًا من أهلها موجودا في حفل الزواج . كنت شخصيا موجودة في حفل الزواج ولم أستوعب أن أم المعرس هي ابنة زوج صديقتي إلا فيما بعد ، لأنني لم أر أحدا من أقاربها . |
رد: قصة من الواقع ..
(12)
البنت الثالثة لم تنجب وزوجها يرغب بالذرية فتزوج عليها ، وخيّرها بالمكوث في المنزل أو الطلاق والعودة إلى منزل والدها ، فضلت المكوث في بيتها بدلا من أن يكون مصيرها الطرد نفس مصير أختها الكبيرة. |
رد: قصة من الواقع ..
(13)
دارت السنون وبدأ الأب يستوعب أخطاءه ولكن بعد فوات الأوان ، زوجته الأولى توفت من القهر على عدم رؤيتها لبناتها وتربيتها لهن غير ذلك ، أنها واجهت الذل والامتعاض من زوجة أخيها في الأيام التي عاشتها معهم . البنت المريضة توفت بعد وفاة والدتها بسنة من دون أن تراها . |
رد: قصة من الواقع ..
(14)
الزوج بدأ ينتقم من زوجته أول عمل عمله باع المنزل وأسكنها في دور مكون من خمس غرف غرف لها ولأبنائها غير الصالة ، وسفّر الخادمتين والسائق، ولم يعد يهتم بها وهجرها ، اشترى شاليه وسكن على البحر بعيدا عنها، كان يتواصل مع أبنائه ويرسل إليهم مصروفاتهم عبر رابط بنكي ويلبي احتياجاتهم . هكذا عاقب الزوج زوجته الثانية … أما عقاب رب العالمين لهما لم يأتِ بعد فالله يمهل ولا يهمل ، وما صنعه بزوجته الأولى وبناته لم يمر مرور الكرام . |
رد: قصة من الواقع ..
(15) مرض أحد أبنائه واحتاج لزراعة رئة سافر معه ومكث في إحدى الدول الأوربية سنة ينتظران وفاة شاب لأخذ رئته وزراعته ، وتمت الزراعة ونجحت العملية عادا إلى الوطن ، لكن الولد أهمل علاجه مما أدى إلى وفاته . وبعد ستة أشهر من وفاته لحقه أخوه إثر حادث سير كان هو المخطئ حيث عبر الشارع في مكان بعيد عن خطوط عبور المشاة . |
رد: قصة من الواقع ..
(
16) إلى الآن توفت للأب ابنة من زوجته الأولى وولدين من الزوجة الثانية . هنا قرر جمع شمل أسرته الأولى اشترى لهن بيتا كبيرا وواسعا وأتى بالبنت الكبيرة المنفصلة وأولادها وأسكنها في البيت . تصالح مع ابنته التي تبرأت منه وصارت تتردد عليهم بين حين وآخر . أما ابنته التي لم تنجب فكانت المشكلة من زوجها لأنه تزوج عليها ولم يحصل على ذرية ، طلقها منه وزوجها من آخر ولديها حاليا بنت وولد . هناك بنت خامسة لا أحد يعلم عنها شيئا عندما بحث عنها وسأل عنها اتضح أنها هاجرت وعاشت في الخارج ، أرسل وراءها وترجاها بالعودة كي يعيش بقية حياته مرتاح البال. |
رد: قصة من الواقع ..
(17) طلبت البنات من والدهن أن يتزوج من جديد وتعيش الزوجة معهن في البيت ، أردن أن ينتقمن من زوجة أبيهن ، فبحثن عن زوجة تصغره باثنى عشر عاما، ولم تتزوج من قبل، وافقت الفتاة على الزواج ، فالزوج لا يظهر عليه الكبر ومع ذلك ميسور الحال ، أحبت البنات زوجة أبيهن وهي أيضا كانت اطيفة جدا في معاملتها لهن وأحبتهن وأنجبت ابنة أسمتها على اسم ابنته التي توفت . |
رد: قصة من الواقع ..
(18) نعود لأسرته الثانية تبقى له ثمانية أولاد من أصل عشرة ، خرج ثلاثة من أولاده في رحلة بحرية ولم يعودوا بعد أن طبع الطراد في قاع البحر ليلا ولم يتمكن أحد من مساعدتهم نظرا للفترة الطويلة التي غابوا فيها دون أن يعلم أحد بحالهم غرقوا ، مع العلم أن واحدا منهم يجيد السباحة لكن ارتطم رأسه في صخرة لم يرها من شدة الظلام . بقي له خمسة أولاد ، الولد السادس هو من قرأت بنفسي خبر وفاته وقدمت واجب العزاء ، حيث مات بطعنة من أحد أصدقائه عندما تدخل للدفاع عن صديقهم الثالث وجاءت الطعنة في صدره وتوفى في الحال .ومنها عرفت بحادثة غرق أبنائها الثلاثة في البحر… |
رد: قصة من الواقع ..
ومن الواقع ما يفوق الخيال
أحب ب سماع قصص الناس... فيها الكثير من العِبر عساها تابت لله شكرا لنقلكم القصة تقديري وكل الياسمين |
رد: قصة من الواقع ..
(19)
قالت لي : أتذكرين عندما سألتيني لمَ أنجبت عشرا وأجبتك حتى يضعف سهم البنات ، الله سبحانه وتعالى عاقبني وأخذ مني ستة أولاد وبقي لدي أربعة بنفس عدد البنات ، ولا أعلم ماذا ينتظرني من مآسي ، عندما أعود لشريط ذكرياتي أجد أنني قد ظلمت زوجي كثيرا ، ماذا يحدث لو أنني تركت أسرته تعيش كما هي وأعيش أنا مع أولادي ، فهو مقتدر بإمكانه أن يفتح بيتين ، ماذا استفدت ؟! ها هو عاد لأسرته من جديد وتزوج من أخرى وهجرني، غير ذلك فقدت ستة شباب ، "فلو تجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش" |
رد: قصة من الواقع ..
(20) طلبت منها أن تنتظر قليلًا ، ووعدتها ببذل أقصى ما أستطيع لرد المياه إلى مجاريها ، فزوجها يكن لي وللمرحوم كل احترام وتقدير ولنا معه مواقف جيدة ، فكل أعماله وتجارته عن طريق شركة المرحوم ، ، فبعد انقضاء العدة سأدعوه ونتحدث في الموضوع ونضع النقاط على الحروف ، بما أنها ندمت على فعلتها ممكن أن تبدأ صفحة جديدة معه ، وتعيش فهي لا تزال شابة، ويكفي ما جنت نتيجة ما صنعت ولابد أن ترضى بالحياة الجديدة انتهت |
رد: قصة من الواقع ..
اقتباس:
ندمت واتعظت والدليل أنها تتمنى عودتها لبيتها وتعيش مع أبنائها وبنات زوجها :43: |
رد: قصة من الواقع ..
إنتهاء القصة بهذا الطريق يفتح الأمل على مصارعيه بمراجعة المخطىء أخطائه وإستيفاء المظلوم حقه قصة متناهية الحزن لأنها تحمل جزء من الواقع وصورة من صوره المريرة و على أمل أن ينشق لكل شخصية من شخصيات هذه القصة بداية جديدة ... وأما لك فـ باقة ورد وتحية ...:31: |
رد: قصة من الواقع ..
مازلت متحيرا مذهولا مدهوشا كيف لي أن أتخيل شخصية وتركيبة ونفسية زوجته الأولى التي كانت كبيرة جدا من صباها حتى وفاتها
يا ألله! ... ما السر؟ هذا أشجى وأوقع ما لفتني هنا رائعتنا المتألقة دوما الدكتورة ياسمين قصة رائعة تفوق الخيال بكل جوانبها وإرهاصاتها ومما زادها جمالا أنك كنت بطلة فيها تحياتي وسيل من التقدير |
| الساعة الآن 08:00 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.