منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر ديوان العرب (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=48)
-   -   من شعراء العصر الحديث ( إيليا أبو ماضي ) (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=1809)

ناريمان الشريف 10-11-2010 08:15 AM

من شعراء العصر الحديث ( إيليا أبو ماضي )
 
" من اشتهى الخمر فليزرع دواليها "
( إيليا أبو ماضي )


خذ ما استطعت من الدنيا و أهليها
لكن تعلّم قلبلا كيف تعطيها
كم وردة طيبها حتّى لسارقها
لا دمنه خبثها حتّى لساقيها
أكان في الكون نور تستضيء به
لو السماء طوت عنّا دراريها ظ
أو كان في الأرض أزهار لها أرج
لو كانتا الأرض لا تبدي أقاحيها ؟
إن الطيور الدمى سيّان في نظري
و الورق إن حبست هذي أ؟غانيها
إن كانت النفس لا تبدو محاسنها
في اليسر صار غناها من مخازيها
***
يا عابد المال قل لي هل وجدت به
روحا تؤانسك أو روحا تؤاسيها
حتّى م ، يا صاح ، تخفيه و تطمره
كأنّما هو سوءات تواريها ؟
و تحرم النفس لذات لها خلقت
و لم تصاحبك ، يا هذا ، لتؤذيها
أنظر إلى الماء إنّ البذل شيمته
يأتي الحقول فيرويها و يحميها
فما تعكّر إلاّ و هوم منحبس
و النفس كالماء تحكيه و يحكيها
ألسجن للماء يؤذيه و يفسده
و السجن للنفس يؤذيها و يضنيها
و انظر إلى النار إنّ الفتك عادتها
لكنّ عادتها الشنعاء ترديها
تفني القرى و المغاني ضاحكة
لجهلها أنّ ما تفنيه يفنيها
أرسلت قولي تمثيلا و تشبيها
لعلّ في القول تذكيرا و تنبيها
لا شيء يدرك في الدنيا بلا تعب
من اشتهى الخمر فليزرع دواليهال

ناريمان الشريف 10-11-2010 08:16 AM

( مسعود )
( إيليا أبو ماضي )


- - -
شربناها على سرّ القوافي
و سرّ الشاعر السمح الأبرّ
سقانا قهوتين " بغير من "
عصير شجيرة و عصير فكر
فنحن اثنان سكران لحين
على أمن ، و سكران لدهر
فمن أمسى يهيم ببنت قصر
فإنّا هائمون ببنت قفر
إذا حضرت فذلك يوم سعد
و إن غابت فذلك يوم قهر
لها من ذاتها ستر رقيق
كما صبغ الحياء جبين بكر
إذا دارت على الجلّاس هشّوا
كأنّ كؤوسها أخبار نصر
و نرشفها فنرشف ريق خود
و ننشقها فننشق ريح عطر
و لا نخشى من الحكام حدا
و عند الله لم نوصم بوزر
فما في شربها إثم و نكر
و شرب الخمر نكر أيّ نكر
و ليست تستخفّ أخا و قار
و بنت الدنّ بالأحلام تزري
و تحفظ سرّ صاحبها مصونا
و بنت الكرم تفضح كلّ سرّ
و للصهباء أوقات ، و هذي
شراب الناس في حرّ وقرّ
و تصلح أن يطاف بها مساء
و تحسن أن تكون شراب ظهر
فلو عرفت مزاياها الغواني
لعلّق حبّها في كلّ نحر
كأنّ حبوبها خضرا و صفرا
فصوص زمرد و شذور تبر
كأنّ الجنّ قد نفثت رؤاها
على أوراقها في ضوء فجر
ألست ترى إليها كيف تطغى
و كيف تثور إن مسّت بجمر
كأنّ نخيل مصر قد حساها
و إلاّ ما اهتزاز نخيل مصر ؟
جلوت بها من الأكدار ذهني
كما أنّي غسلت هموم صدري
و ما هي قهوة تطهى و تحسى
و لكن نفحة من روح حرّ
حوى في شعره عبث ابن هاني
وزاد عليه فلسفة المعرّي
فيا لك شاعرا لبقا لعوبا
كأنّ يراعه أنبوب سحر
يفيض سلاسة في كلّ لفظ
و يجري رقة في كلّ سطر
حوت دار " السمير " هديّتيه
و تحوي هذه الأوراق شكري

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:29 PM

((ميامي فلوريدا))
( إيليا أبو ماضي )


ألقاها في المأدبة التي أقامها النادي السوري اللبناني
الاميركي في ميامي فلوريدا تكريما له.
- - -
ما طائر كان في بيداء موحشة
فساقه قدر نحو البساتين
فبات تسعده فيها بلابلها
حينا ، ويسعدها بعض الأحايين
مني بأسعد حظا مذ نزلت بكم
يا معشر السادة الغرّ الميامين
فررت من برد كانون فقابلني
في أرضكم بالأقاحي شهر كانون
أنسام ((أيار)) تسري في أصائلها
وفي عشياتها أنفاس ((تشرين))
توزّع السحر شطرا في مغارسها
ولآخر في لحاظ الخرّد العين
كلّ الشتاء ربيع في شواطئها
وكلّ أيامها عيد الشعانين
لكن ميامي وإن جلّت مفاتنها
لولا وجودكم ليست لتغريني
إني لأشهد دنيا من عواطفكم
أحبّ عندي من دنيا الرياحين
وكلما سمعت نجواكم أذني
ظننت أني في دنيا تلاحين
شيء ، يوم الرّوع ، أجمل عنده
من أن يرى والقرن يصطرعان
يا ربذ معركة تراكم نقعها
حتى اختفى في ظلّها الجيشان
باتت صقال الهند في أفيائها
كالبرف يسطع من خلا دخان
والخيل طائرة على أرسانها
تهوى لو انعتقت من الأرسان
دوت المدافع كالرّعود قواصفا
نطق الحديد فعيّ كلّ لسان
ترمي بأشباه الرّجوم تخالها
حمراء قد صيغت من المرجان
ما إن تطيش وإن نأت إغراضها
ولكم تطيش قذائف البركان
صخّابة تذر الحصون بلاقعا
وتدكّها دكّا إلى الأركان
تنقضّ والفرسان في آثارها
تنقضذ مثل كواسر العقبان
هي وقعة ضجّت لها الدّنيا كما
ضجّت وضجّ النّاس في ((سيدان))
مشت المنايا حاسرات عندها
تتطلب الأرواح في الأبدان
فعلى أديم الجو ثوب أسود
وعلى أديم الأرض ثوب قان
وإذا نظرت إلى الجسوم على الثّرى
أبصرت كثبانا على كثبان
لّما رأوا(بورغاس) ضرّة مكدن
حملوا عليها حملة اليابان
وقد انجلت فإذا الهلال منكس
علم طوته راية الصّلبان
رجحت قواهم أيّما رجحان
فيها وشال التّرك في الميزان
نفروا لكالحمر التي روعتها
بابن الشّرى المتجهّم الغضبان
وقلوبهم قد أسرعت ضرباتها
وتظنّها وقفت عن الخفقان
متلفّتين إلى الوراء باعين
تتخيل الأعداء في الأجفان
يتلمّسون من المنيّة مهربا
هيهات إنّ الموت كلّ مكان
واللّه ما ينجون من أشراكه
ولو استعاروا أرجل الغزلان
أسلابهم للظّافرين غنيمة
وجسومهم للحاجل الغرثان
إن يأمنوا وقع الأسنّة والظّبى
فالذّعر طاعنهم بشّر سنان
ما أنس لا أنسى عصابة خرّد
في اللّه مسعاهنّ والإحسان
عفن الوثير إلى وسائد فضّة
ونزحن عن أهل وعن أوطان
ووقفن أنفسهنّ في الدنيا على
تأمين ملتاع ونصرة عان
يحملن ألوية السّلام إلى الألى
حملوا لواء الشّر والعدوان
كم من جريح بالنّجيع مخضّب
في الأرض لا يحنو عليه حان
ما راعة طيف المنيّة مثلما
راعت حشاه فرقة الخّلان
فله، إذا ذكر الدّيار واهله،
آه الغريب وأنّه الشّكلان
نفّسن من برجائه، وأسونه
وأعضنه من خوفه بأمان
ما حبّب الجنّات عندي أنّها
مثوى سلام، مستقرّ حسان
لولا حنان الغابيات وعطفها
ما كانت الدّنيا سوى أحزان
من مسمع الأيام عنّي نبأة
يرتاع منها كلّ ذي وجدان
إنّ الألى جبنوا أمام عدلتهم
شجعوا على الأطفال والنّسوان
وصوارما قد أغمدت يوم الوغى
شهرت على الأضياف والقطّان
أكذا يجازي الآمنون بدورهم
أو هكذا قد جاء في القرآن؟
أخنى على الأتراك دهر حول
أخنى على يونان والرّومان
وطوى محاسن ((يلدز))قدر طوى
ربّ السّدير وصاحب الإيوان
فاليوم لا أستانة
تزهو ولا السّلطان بالسّلطان
دارت دوائره عليها مثلما
دارت دوائره على ((طهران))
أمنبّهي الأضغان كيف هجمتم
لّما تنّبه نائم الأضغان
وحكومة الأشباح ويحك ما الّذي
خالفت فيه عصبة الفتيان
قالوا: لنا الملك العريض وجاهه
كذبوا فإنّ الملك للرّحمن
ما بال قومي كلّما استصرختهم
وضعوا أصابعهم على الآذان
أبناء سوريّا الفتاة تضافروا
وخذوا مثالتكم عن البلقان
ما التّرك أهل أن يسودوا فيكم
أو تحك الآساد بالظّلمان
هم ألبسوا الشّرقي ثوب غضاضة
وسقوه كأسي ذلّة وهوان
فإذا جرى ذكر الشّعوب بموضع
شمخت، وطأطأ رأسه العثماني! ..
لكن ميامي وإن جلّت مفاتنها
لولا وجودكم ليست لتغريني
إني لأشهد دنيا من عواطفكم
أحبّ عندي من دنيا الرياحين
وكلّما سمعت نجواكم أذني
ظننت أني في دنيا تلاحين
لأنتم النور لي والنور منطمس
وأنتم الماء إذ لا ماء يرويني
أحيبتكم حبّ إنسان لإخوته
إذ ليس بينكم فوقي ولا دوني
إن كان فيكم قوي لا يقاهرني
أو كان فيكم ضعيف لا يداجيني
قل لامرىء مثل قارون بثروته
إني امرؤ بصحابي فوق قارون
من يكتسب صاحبا تبق مودته
فهو الغنّي به لا ذو الملايين
فاختر صحابك وانظر في اختارهم
إلى الطبائع قبل اللون والدين
ليس الوداد الذي يبق إلى أبد
مثل الوداد الذي يبقى إلى حين
والمرء في هذه الدنيا عواطفه
إن تندرس فهو بيت غير مسكون
لوفاتني كلّ ما في الأرض من ذهب
ولم تفتني فإني غير مغبون
لو القوافي تؤاتيني شكرتكم
كما أريد ، ولكن لا تؤاتيني
لا يمدح الورد إنسان يقول له
يا ورد إنك ذو عطر وتلوين
فاستنطقوا القلب عني فهو يخبركم
فالحبّ والقلب مكنون بمكنون
لولا المحبة صار الكون أجمعه
طوبى الأفاعي وفردوس السراحين
إني سأحفظ في قلبي جميلكم
وسوف أذكره في العسر واللي

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:30 PM



1914
( إيليا أبو ماضي )


طوي العام كما يطوي الرقيم
و هوى في لجّة الماضي البعيد
*
لم يكن ... بل كان لكن ذهبا
وانقضى حتّى كأن لم يكن
لو درى حين أتى المنقلبا
لتمنّى أنّه لم يبن
أيّ نجم شارق ما غربا
أي قلب خافق لم يسكن
جاهل من حسب الآتي يدوم
أحمق من حسب الماضي يعود
*
ما لنا يأخذ منّا الطرب
كلّما عام تلاشى واضمحل
أفرحنا أنّنا نقترب
من غد ؟ إنّ غدا فيه الأجل
عجب هذا و منه أعجب
إنّنا نفنى و لا يفنى الأمل
فكأنّا ما سمعنا بالحتوم
أو كأنّا قد نعمنا بالوجود
*
يا رعاه الله من عام خلا
فلقد كان سلاما و أمان
صافح الجحفل فيه الجحفلا
واستراح السيف فيه و السنان
ما انجلى حتى رأى النقع انجلى
و خبت نار الوغى في " البلقان "
لست أنسى نهضة الشعب النؤوم
إنّ فيها عبرة للمستفيد
*
و التقى البحران فيه بعدما
مرّت الأجيال لا يلتقيان
أصبح السّدّ الذي بينهما
ترعة يزخر فيها الأزرقان
فلتندم " آميركا ) ما التطما
ما لهذا الفتح في التاريخ ثان
و لتعيش رايتها ذات النجوم
أجمل الرايات أولى بالخلود !
*
واعتلى الناس به متن الهواء
فهم حول الدراري يمرحون
يمخر المنضاد فيهم في الفضاء
مثلما يمخر في البحر السفين
معجزات ما أتاها الأنبياء
لا ولم يطمح إليها الأقدمون
سخّر العلم لهم حتّى الغيوم
فهم ، مثلهم ، فوق الصعيد
*
حلّق الغربيّ فوق السموات
و لبثنا نندب الرسم المحيل
فاذا ما قال أهل المكرمات
ما وجدنا ، و أبيكم ، ما نقول
لو فقهنا مثلهم معنى الحياة
ما أضعناها بكاء في الطلول
ألفت أنفسنا الضيم المقيم
مثلما يستعذب الظبي الهبيد ! .
*
أدركت غايتها كلّ الشعوب
نهض الصيني و ما زلنا نيام
عبثت فينا الرزايا و الخطوب
مثلما يعبث بالحرّ اللّئام
صودر الكاتب منّا و الخطيب
منعت ألسننا حتّى الكلام
نحن في الغفلة أصحاب الرقيم
نحن في الذّلّة إخوان اليهود
*
ليت أنّا حين مات الشّمم
لحقت أرواحنا بالغابرين
ما تمرّدنا على من ظلموا
لا ولم نفكك وثاقا عن سجين
ليس يمحو عارنا إلاّ الدّم
فالى كم نذرف الدمع السخين ؟
قام فينا ألف جبّار غشوم
غير أنّا لم يمت منّا شهيد
*
يا لقومي بلغ السيل الزبى
واستطال البغي و استشرى الفساد
فاجعلوا أقلامكم بيض الظبى
و استعيروا من دم الباغي المداد
كتب السيف ...اقرأوا ما كتبا
لا ينال المجد إلاّ بالجهاد
أي رجال الشرق أبناء القروم
لا تناموا .آفة الماء الركود!!!

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:32 PM

1916

( إيليا أبو ماضي )


كم ، قبل هذا الجيل، ولّى جيل
هيهات ، ليس إلى البقاء سبيل
ضحك الشّباب من الكهول فإغرقوا
واستيقظوا، فإذا الشّباب كهول
نأتي ونمضي والزّمان مخلّد
الصّبح صبح والأصيل أصيل
حرّ وقرّ يبلسان جسومنا
ليت الزّمان ، كما نحول، يحول
إنّ التّحول في الجماد تقلّص
في الحي موت؛ في النّبات ذبول
قف بالمقابر صامتا متأملا
كم غاب فيها صامت وسؤول
وسل الكواكب كم رأت من قبلنا
أمما، وكم شهد النّجوم قبيل
تتبدّل الدّنيا تبدّل أهلها
واللّه ليس لأمره تبديل
يا طالعا لفت العيون طلوعه
بعد الطّلوع ، وإن جهلت ، أفول
عطفا ورفقا بالقلوب فإنما
حقد القلوب على أخيك طويل
أنظر فوجه الأرض أغير شاحب
واسمع ! فأضوات الرّياح عويل
ومن الحديد صواعق ، ومن العجاج
غمائم، ومن الدّماء سهول
ما كنت أعلم قبلما حمس الوغى
أنّ الضّواري والأنام شكول
يا أرض أوربّا ويا أبناءها
في عنق من هذا الدّم المطلول؟
في كلّ يوم منكم أو عنكم
نبأ تجيء به الرّواة مهول
مزّقتم أقسامكم وعهودكم
ولقد تكون كأنّها التّنزيل
وبعثتم الأطماع فهي جحافل
من خلفهن جحافل وخيول
ونشرتم الأحقاد فهي مدافع
وقذائف وأسنّة ونصول
لو لم تكن أضغانكم أسيافكم
أمسى بها، مّما تسام، فلول
علّمتم((عزريل)) في هذي الوغى
ما كان يجهل علمه عزريل
إن كان هذا ما يسمى عندكم
علما، فأين الجهل والتّضليل
إن كان هذا ما يسمى عندكم
دنيا فأين الكفر والتّعطيل
عودا إلى عصر البداوة ، إنّه
عصر جميل أن يقال جميل
قابيل، يا جدّ الورى ، نم هانئا
كلّ امرىء في ثوبه قابيل
لا تفخروا بعقولكم ونتاجها
كانت لكم، قبل القتال ، عقول
لا أنتم أنتم ولا أرباضكم
تلك التي فيها الهناء يقيل
لا تطلبوا بالمرهفات ذحولكم
في نيلها بالمرهفات ذحول
إنّ الأنام على اختلاف لغاتهم
وصفاتهم ، لو تذكرون ، قبيل
يا عامنا! هل فيك ثّمة مطمع
بالسّلم هذا الشقاء يطول
مرّت عليها حجتّان ولم تزل
تتلو الفصول مشاهد وفصول
لم يعشق النّاس الفناء وإنّما
فوق البصائر والعقول سدول
أنا إن بسمت ، وقد رأيتك مقبلا
فكما يهشّ لعائديه عليل
وإذا سكنت إلى الهموم فمثلما
رضي القيود الموثق المكبول
لا يستوي الرّجلان ، هذا قلبه
خال وهذا قلبه ( لجهول)
لا يخدعنّ العارفون نفوسهم
إنّ المخادع نفسه لجهول
في الشّرق قوم لم يسلّوا صارما
والسّيف فوق رؤوسهم مسلول
جهلوا ولم تجهل نفوسهم الأسى
أشقى الأنام العارف المجهول
أكبادهم مقروحة كجفونهم
وزفيرهم بأنينهم موصول
أمّا الرّجاء، وطالما عاشوا به
فالدّمع يشهد أنّه مقتول
واليأس موت غير أن صريعه
يبقى، وأمّا نفسه فتزول
ربّاه، قد بلغ الشّقاء أشدّه
رحماك إنّ الرّاجعين قليل
في اللّه والوطن العزيز عصابة
نكبوا ، فذا عان وذاك قتيل
لو لم يمت شمم النّفوس بموتهم
ثار الشآم ، لموتهم ، والنّيل
يا نازحين عن الشآم تذكروا
من في الشّآم وما يليه نزول
همّ الممالك في الجهاد ، وهمّكم
قال تسير به الطّروس وقيل
هبّوا؛ اعملوا لبلادكم ولنسلكم
بئس الحياة سكينة وخمول
لا تقبطوا الأيدي فهذا يومكم
شرّ الورى جعد البنان بخيل
وعد الاله المحسنين ببرّه
وكما علمتم ، وعده تنويل

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:32 PM

1931


( إيليا أبو ماضي )


ليطرب من شاء أن يطربا
فلست بمستمطر خلّبا
عرفت الزمان قريب الأذى
فصرت إلى خوفه أقربا
و هذا الجديد أبوه القديم
و لا تلد الحيّة الأرنبا
أرى الكون يرمقه ضاحكا
كمن راء تيه كوكبا
و لو علم الخلق ما عنده
أهلّوا إلى الله كي يغربا
و لو علم العيد ما عندهم
أبى أن يمزّق عنه الخبا
ألا لا يغرّك تهليهم
و قولتهم لك يا مرحبا
فقد لبّسوك لكي يخلعوك
كما تخلع القدم الجوربا
و لوعون بالغدر من طبعهم
فمن لم يكن غادرا جرّبا
و كائن فتى هزّني قوله
أنا خدنك الصّادق المجتبى
أرافق من شكله ضيغما
يرافق من نفسه ثعلبا
هم القوم أصحبهم مكرها
كما يصحب القمر الغيهبا
أراني أوحد من ناسك
على أنّني في عداد الدبى
و أمرح في بلد عامر
و أحسبني قاطنا سبسبا
و قال خليلي : الهناء القصور
ىو كيف و قد ملئت أذؤبا
ألفت الهموم فلو أنّني
قدرت تمنّعت أن أطربا
كأنّ الجبال على كاهلي
كأنّ سروري أن أغضبا
و كيف ارتياح أخي غربة
يصاحب من همه عقربا
عتبت على الدهر لو أنّني
أمنت فؤادي أن يعتبا
******
و جدتك و الشّيب في مفرقي
وودّعني و أخوك الصّبي
فليس بكائي عاما خلا
و لكن شبابي الذي غيّبا
فيا فرحا بمجيء السنين
تجيء السنون لكي تذهبا
عجيب مشيبي قلب الأوان
و أعجب أن لا أرى أشيبا
فإنّ نوائب عاركتها
تردّ فتى العشر محدودبا
ويا بنت " كولمب " كم تضحكين
كأنّك أبصرت مستغربا
أليس البياض الذي تكرهين
يحبّبني ثغرك الأشنبا
فمن كان يكره إشراقه
فإنّي أكره أن يخضبا
أحبّك يا أيّها المستنير
و إن تك أشمتّ بي الرّبربا
و أهوى لأجلك لمع البروق
و أعشق فيك أقاح الرّبى
******
و يا عام هل جئتنا محرما
فنرجوك أم جئتنا محربا
تولّى أخوك وقد هاجها
أقلّ سلاح بنيها الظبى
يجندل فيها الخميس الخميس
و يصطرع المقنب المقنبا
إذا ارتفع الطرف في جوّها
رأى من عجاجتها هيدبا
وجيّاشه برقها رعدها
تدكّ من الشّاهق المنكبا
يسير بها الجند محموله
قضاء على عجل ركبا
يودّ الفتى أنّه هارب
و يمنعه الخوف أن يهربا
و كيف النجاة و مقذوفها
و يطول من الشرق من غرّبا ؟
و لو أنّه فلو أنّ تهتانها
حيا أنبت القاحل المجدبا
فما المنجنيق و أحجاره
و ما الماضيات الرقاق الشبا ؟
******
أإن شكت الأرض حرّ الصّدى
سقاها النجيع الورى صيّبا
فيا للحروب و أهوالها
أما حان يا قوم أن تشجبا
هو الموت آت على رغمكم
فألقوا المسدّس و الأشطبا
و للخالق الملك و المالكون
فلا تتبعوا فيكم أشعبا
******
و لم أنس مصرع " تيتانيك "
و مصرعنا يوم طار النبا
فمن شدّة الهول في صدقه
رغبنا إلى " البرق " أن يكذبا
ليالي لا نستطيب الكرى
و لا نجد الماء مستعذبا
و بات فؤادي ، به صدعها
و بتّ أحاذر أن يرأبا
و لي ناظر غرق مثلها
من الدّمع بالبحر مستوثبا
إذا ما تذكرتها هجت بي
أسى تتّقيه الحشا مخلبا
فأمسي على كبدي راحتي
أخاف مع الدّمع أن تسربا
خطوب يراها الورى مثلها
لذلك أشفق أن تكتبا
******
لقد نكب الشّرق نكباته
و حاول أن ينكب المغربا
و أشقى نفوس بني آدم
ليرضى السّراحين و الأعقبا
و لو جاز بين الضّحى و الدجى
لقاتل فيه الضّحى الغيهبا
لعلّلك تمحو جناياته
فننسى بك الذّنب و المذنبا
إذا كنت لا تستطيع الخلود
فعش بيننا أثرا طيّبا
فإنّك في إثره راحل
مشيت السّواك أو الهيدبى

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:33 PM

أبو غازي
( إيليا أبو ماضي )


أبو ازي السلام عليك منّا
و عفوا أيّها الملك الهمام
فما ضاق الكلام بنا ، و لكن
وجدنا الحزن أرخصه الكلام
و خطبك لا يفيه دمع باك
فموتك من بني العرب يبكي الغمام
و نحن أحقّ أن نبكي و نرثى
فموتك من بني العرب انتقام
خبا نبراسنا ، و اللّيل داج ،
و كنت حسامنا ، فنبا الحسام !
كأنّك قد وترت الموت قدما
وهابك في كنانتك السّهام
فدبّ إليك مثل اللّصّ ليلا
و كان الموت ليس له ذمام
طوى الدنيا نعيّك في ثوان
فريع البيت و البلد الحرام
و " دجلة " كالطّين له أنين
و في " بردى " التياع و اضطرام
ورحنا بين مصعوق وساه
كمن صرعت عقولهم المدام
كأنّ الأرض قد قد مادت و فضّت
عن الموتى الصفائح و الرّجام
فمن للبيض و الجرد المذاكي ؟
و " فيصل " بات يحويه الرّغام
و من للحقّ ينشره لواء
به للنّاس هدي و اعتصام
توارى المجد في كفن و لحد
و غابت في التراب منّى عظام
مضى وحديثه في الناس باق
كعمر الشّمس ليس له انصرام
فيا جدثا حواه لست قبرا
و لكن أنت في الدنيا وسام
***
حياتك " يا أبا غازي " حياة
كفصل الصّيف : زهر و ابتسام
وقد تحصى الكواكب و الأقا
حي و لا تحصى أياديك الجسام
مددت إلى منى العرب الغوافي
يدا ، فتفتّقت عنها الكمام
و أمسى بندهم و له خفوق
و أمسى عقدهم و له نظام
و كم أسقمت جسمك كي يصحّوا
و حالفت السّهاد و هم نيام
و كم جازيت عن شرّ بخير
و كم جازاك بالغدر الأنام
خذلت فما عتبت على صديق
و لم تحنق وقد كثر الملام
و كم قد فزت في حرب و سلم
فلم يلعب بعطفيك العرام
خلائق من له عرق كريم
و خطّة من له قلب عصام
خذوا الخلق الرفيع من الصحا
ري ، فإنّ النفس يفسدها الزحام
و كم فقدت جلالتها قصور
و لم تفقد مروءتها الخيام
***
و قالوا اندك عرشك في دمشق
كأنّ العرش أخشاب تقام
و كيف تهدّ سدّتك العوالي
و لم يسلبكها الموت الزؤام ؟
فما كان انتصارهم علاء
و لا كان انكسارك فيه ذام
إذا لم تنصر الأرواح ملكا
فأحسن ما حوى جثث وهام
و ما زالت لك الأرواح فيها
و ما زالت عشيرتك الشآم
تصفّق لاسمك الأمواه فيها
و يهتف في خمائلها الحمام
و بذكر أهلها تلك السجايا
فيشرق من تذكّرها الظلام
و ليس أحبّ من حرّ مؤاس
إلى شعب يساء و يستضام
***
فقل للساخطين على اللّيالي
و من سكنوا على يأس و ناموا
سينحسر الضباب عن الروابي
و يبدو الورد فيها فيها و الخزام
و يصفو جوّنا بعد انكدار
و يسقى أرضنا المطر الرّهام
و نرجع أمّة ترجى و تخشى
و إن كره الزعانف و الطّغا

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:34 PM

أبي
( إيليا أبو ماضي )


طوى بعض نفسي إذ طواك الثّرى عني
وذا بعضها الثاني يفيض به جفني
أبي! خانني فيك الرّدى فتقوضت
مقاصير أحلامي كبيت من التّين
وكانت رياضي حاليات ضواحكا
فأقوت وعفّى زهرها الجزع المضني
وكانت دناني بالسرور مليئة
فطاحت يد عمياء بالخمر والدّنّ
فليس سوى طعم المنّية في فمي،
وليس سوى صوت النوادب في أذني
ولا حسن في ناظري وقلّما
فتحتهما من قبل إلاّ على حسن
وما صور الأشياء ، بعدك غيرها
ولكنّما قد شوّهتها يد الحزن
على منكي تبر الضحى وعقيقه
وقلبي في نار ، وعيناي في دجن
أبحث الأسى دمعي وأنهيته دمي
وكنت أعدّ الحزن ضربا من الجبن
فمستنكر كيف استحالت بشاشتي
كمستنكر في عاصف رعشة الغضن
يقول المعزّي ليس يحدي البكا الفتى
وقول المعزّي لا يفيد ولا يغني
شخصت بروحي حائرا متطلعا
إلى ما وراء البحر أأدنو وأستدني
كذات جناح أدرك السيل عشّها
فطارت على روع تحوم على الوكن
فواها لو اني في القوم عندما
نظلرت إلى العوّاد تسألهم عنّي
ويا ليتما الأرض انطوى لي بساطها
فكنت مع الباكين في ساعة الدفن
لعلّي أفي تلك الأبوّة حقّها
وإن كان لا يوفى بكيل ولا وزن
فأعظم مجدي كان أنك لي أب
وأكبر فخري كان قولك: ذا إبني!
أقول : لي اني... كي أبرّد لو عتي
فيزداد شجوي كلّما قلت : لو أني!
أحتّى وداع الأهل يحرمه الفتى؟
أيا دهر هذا منتهى الحيف والغبن!
أبي! وإذا ما قلتها فكأنني
أنادي وأدعو يا بلادي ويا ركني
لمن يلجأ المكروب بعدك في الحمى
فيرجع ريّان المنى ضاحك السنّ؟
خلعت الصبا في حومة المجد ناصعا
ونزّه فيك الشيب عن لوثة الأفن
فذهن كنجم الصّيف في أول الدجى
ورأى كحدّ السّيف أو ذلك الذهن
وكنت ترى الدنيا بغير بشاشة
كأرض بلا مناء وصوت بلا لحن
فما بك من ضرّ لنفسك وحدها
وضحكك والإيناس للبحار والخدن
جريء على الباغي، عيوف عن الخنا،
سريع إلى الداعي ، كريم بلا منّ
وكنت إذا حدّثت حدّث شاعر
لبيب دقيق الفهم والذوق والفنّ
فما استشعر المصغي إليك ملالة
ولا قلت إلاّ قال من طرب : زدني‍
برغمك فارقت الربوع ىوإذا
على الرغم منّا سوف نلحق بالظعن
طريق مشى فيها الملايين قبلنا
من المليك السامي عبده إلى عبده الفنّ
نظنّ لنا الدنيا وما في رحابها
وليست لنا إلاّ كما البحر للسفن
تروح وتغدو حرّة في عبابه
كما يتهادى ساكن السجن في السجن
وزنت بسرّ الموت فلسفة الورى
فشالت وكانت جعجعات بلا طحن
فأصدق أهل الأرض معلرفة به
كأكثرهم جهلا يرجم بالظّنّ
فذا مثل هذا حائر اللبّ عنده
وذاك كهذا ليس منه على أمن
فيا لك سفرا لم يزل جدّ غامض
على كثرة التفصيل في الشّرح والمتن
أيا رمز لبنان جلالا وهيبة
وحصن الوفاء المحصن في ذلك الحصن
ضريحك مهما يستسرّ وبلذة
أقمت بها تبني المحامد ما تبني
أحبّ من الأبراج طالت قبابها
وأجمل في عينيّ من أجمل المدن
علىذلك القبر السلام فذكره
أريج بهنفسي عن العطر تستغني

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:35 PM

أخت البلجيك
( إيليا أبو ماضي )


يا لوعة حار النّطاسي فيك
كم يشتكي غيري وكم أخفيك
إن بحت بالشكوى فغاية مجهد
لم تبقى لي كبدا فأستبقيك
أجناية الطّرف الكحيل على الحشا
اللّه حسبي في الدّم المسفوك
ما في الشّرائع لا ولا في أهلها
من يستحلّ الأخذ من جانيك
يا هذه كم تشحدين غراره
أو ما خشيت حدّه يؤذيك
يا أخت ظبي القاع لو أعطيته
لحظيك صاد الصّاديه أخوك
روحي فدى عينيك مهما جارتا
في مهجتي وأبي فداء أبيك
رمتا فكلّ مصمّم ومقوّم
ناب وكلّ مسرّد وحبيك
اللّه في قتلى جفونك إنّهم
ظلموا نفوسهم وما ظلموك
إن تبصريني أتّقي فتكاتها
فلقد أصول على القنا المشبوك
كم تجحدين دمي وقد أبصرته
وردا على خدّيك غير مشوك
ردّي حياتي إنّها في نظرة
أو زورة أو رشفة من فيك
لو تنظرين إلى قتيلك في الدّجى
يرعى كواكبه ويسترعيك
واللّيل من همّ الصّباح وضوئه
حيران حيرة عاشق مهتوك
لعجبت من زور الوشاة وإفكهم
ومن الذي قاسيت في حبيك
حولي إذا أرخى الظّلام سجوفه
ليلان: ليل دجى وليل شكوك
تمتدّ فيه بي الكآبة والأسى
مثل امتداد الحرف بالتّحريك
مالي إذا شئت السّلوّ عن الهوى
وقدرت أن أسلوك لا أسلوك
فكّي إساري إنّ خلفي إمّة
مضنوكة في عالم مضنوك
وأحبّة سدّ القنوط عليهم
والخوف كلّ معبّد مسلوك
لا تسأليني كيف أصبح حالهم
إني أخاف حديثهم يشجيك
باتوا برغمهم كما شاء العدى
لا حزنهم واه ولا بركيك
لا يملكون سوى التّحسّر إنّه
جهد الضّعيف الواجد المفلوك
تترقرق العبرات فوق خدودهم
يا من رأى دررا بغير سلوك
أخذ العزيز الذّلّ من أطراقه
والجوع يأخذ مهجة الصّعلوك
قل للمبذّر في الملاهى ماله
ماذا تركت لذي الأسى المتروك
أيلبيت يشرب من معين دموعه
وتبيت تحسوها كعين الدّيك؟
ويروح في أطماره وتميس في
ثوب لأيام الهناء محوك
إن كنت تأبى تشاركه سوى
نعمى الحياة فأنت غير شريك
يا ضرة البلجيك في أحزانها
تبكيك حتّى أمّة البلجيك
حملت ما يعيي الشّواهق حمله
يا ليت ما حملت في شانيك
سلّ البغاة عليك حمر سيوفهم
لا أنت جانية ولا أهلوك
جنّ القضاء فغال حسنك قبحه
وأذلّ أبناء الطّغام بنيك
لا أشتكي الدّنيا ولا أحداثها
هذي مشيئة ذي المشيئة فيك
لو أملك الأقدار أو تصريفها
لأمرتها فجرت بما يرضيك
ولو انّها تدري وتعقل لانثنت
ترمي بأسهمها الّذي يرميك
إن يفتديك أخو الغنى بنضاره
فبدرهمي وبمهجتي أفديك
ومنازل البؤساء أولى بالنّدى
ولأنت أولاها بمال ذويك
يا أمّة في الغرب ينعم شطرها
رفقا بشطر بائس منهوك
جادت عليكم ، قلبما كنتم، بكم
جودا ببعض العسجد المسبوك!!!

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:36 PM

أخت ليلى
( إيليا أبو ماضي )


ولقد علقت من الحسان مليحة
تحكي الهلال بحاجب وجبين
كلفت بها ودون وصولها
وصل المنون وثمّ ليث عرين
حسناء أضحى كلّ حسن دونها
ولذاك عشّاق المحاسن دوني
قد روّعت حتى لتخشى بردها
من أن يبوح بسرّها المكنون
وتريبها أنفاسها ويخفيها
عند اللقاء تنهّد المحزون
هجرت فكلّ دقيقة من هجرها
عندي تعدّ بأشهر وسنين
يا هذه لا تجحدي حقي فقد
أصليت قلبي بالنّوى فصليني
أطلقت دمعا كان قلب مقيّدا
وسجنت قلبا كان غير سجين
أشبهت (ليلى العامرية) فاكتمي
خبر الذي قد صار (كالمجنون)

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:36 PM

أخو الورقاء
( إيليا أبو ماضي )


رسالة إلى الشاعر القروي ألقيت في الحفلة الوداعية التي أقيمت في ولاية تكساس وقد تعذر على الشاعر حضورها.
------------
للّه من عبث القضاء وسخره
بالناس والحالات والأشياء
كم درة في التاج ألف مثلها
في القاع لم تخرج من الظلماء
ولكم تعثّر سميذع
وانداحت الأطواد للجبناء
ولكم جنى علم أربابه
وجنى الهناء جماعة الجهلاء
أرأيت أعجب حالة من حالنا
أزف الرحيل ولم تفز بلقاء!
عاشت شهورا بالرجاء قلوبنا
وبلجظة أمست بغير رجاء
ماتت أمانينا الحسان أجنّة
لم تكتحل أجفانها بضياء
فكأنها برق تألّق وانطوى
في الليل لم تلمحه مقلة راء
وكأننا كنا نحلّق في الفضا
صعدا لنلمس منكب الجوزاء
حتى إذا حان الوصول ... رمت بنا
نكباء عانية إلى الغبراء!
وكأن ((تكس)) وهي في هذا الحمى
صفع ((كسانبول )) قصي ناء
طوبى لها إن كان يعلم أهلها
أنّ النزيل بها أخو الورقاء
كانت مسارح ((للرعاة)) فأصبحت
لما أتاها كعبة الشعراء
هو بلبل عبق النبوّة في أغانيه ،
وفيها نكهة الصهباء
وجلال لبنان ، وقد غمر المسا
هضباته، وانسال في الأوداء
غنّى ، ففي النسمات ، والأوراق،
والغدران، أعراس بلا ضوضاء
وبكى، فشاع الحزن في الأزهار،
والأظلال ، والألوان، والأضواء
هو نفحة قدسية هبطت إلى
هذا الثرى من عالم اللألاء
لو عاد للدنيا البراق وحزته
ما كان إلا نحوه إسرائي
أشكو البعاد وليس لي أن أشتكي
فسماؤه موصولة بسمائي
ما حال بين نفوسنا ، ما حال بين جسومنا من أجبل وفضاء
فلكم نظرت إلى الرّبى فلمحته
في الأقحوان الخيّر المعطاء
وسمعت ساقية تئنّ فخلتني
لبكائه أوطانه إصغائي
وإذا تلوح لي الجبال ذكرته
فالشاعر القرويّ طود إباء
من كان يحلم بالغدير فإنه
يبدو له في كلّ قطرة ماء
إن كنت لم أره فقد شاهدته
بعيون أصحابي، وذاك عزائي
...
أفتى القوافي كالشّواظ على
قلوب الصّحب كالأنداء
سارت إليك تحيتي ولو انّني
خيرت ، كنت تحيتي ودعائي

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:37 PM

أفاتحة أم ختام
( إيليا أبو ماضي )


قالها في رثاء الاسقف
عمانوئيل أبو حطب
ما وعظ الإنسان مثل الحمام
فليتّعظ بالصّمت أهل الكلام
أفصح من كلّ فصيح بنا
هذا الذي أعياه ردّ السلام
إنّي أراه وهو صمته
أروع من جيش كبير لهام
نامت جفون سهرت للعلى
من قبل أن ينجاب جنح الظلام
وسكن الوّثاب في صدره
من قبل أن يدرك كلّ المرام
يا لهفة القوم على كوكب
لاح قليلا واختفى في الغمام
ولهفة الدّين على سيّد
كان يرّجى في الخطوب الجسام
وصاحب قد كان في صحبه
كالروض فيه أرج وابتسام
ما غاب عنّا وكأنّي به
يفصله عن صحبه ألف عام
من الذي يطفىء من بعده
في المهج الحرّى ذكي الضرام؟
من الذي يمسح دمع الأسى
وماسح الأدمع تحت الرغام؟
يا نائما مستغرقا في الكرى
خطبك قد أقلق حتى النيام
خبّر، فإنّ القوم في حيرة
هل الرّدى فاتحه أم ختام
وهل صحيح أنّ كلّ المنى
يطحنها صرف الرّدى كالعظام ؟
وهل حقيق أنّ أهل العلى
والفضل بعد الموت مثل الطغام؟
أم بعد هذا يقظة حلوة
ينسى بها المرء الشقا والسّقام؟
ويصبح النابه في مأمن
من عنت المال وعيث الحسام؟
وتستوي الحالات في حالة
لا حيف فيها، لا أذى ، لا انتقام؟
خبّر، وحدّث، كلّنا حائر
ذو الجهل منّا والأريب الهمام
لأيّما أمر يعيش الورى ؟
لأيّما أمر يموت الأنام؟
وأين دار ليس فيها شقا
إن لمتكن هاتيك دار السلام؟
نم آمنا، فالمرء بعد الردى
كالفكر ، لا يزرى به ، لا يضام

ناريمان الشريف 10-11-2010 07:37 PM

أقوى من الشيب و الهرم
( إيليا أبو ماضي )


ما زلت أحسب الحبّ زايلني
حتّى نظرت إليها و هي تبتسم
فاهتزّ قلبي كما تهتزّ نابته
في القفر مرّ عليها النّور و النذسم
يا حبّها لا تخف شيبا و لا هرما
فليس يقوى عليك الشيب و الهرم

أحمد فؤاد صوفي 10-11-2010 09:47 PM

تحيتي وتقديري الدائمين . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:37 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فؤاد صوفي (المشاركة 34014)
تحيتي وتقديري الدائمين . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **


أشكرك أخي أحمد
سرني تواجدك هنا


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:39 AM

أم القرى
( إيليا أبو ماضي )


أبصرتها ، و الشمس عند شروقها
فرأيتها مغمورة بالنار
و رأيتها عند الغروب غريقه
في لجّة من سندس و نضار
و رأيتها تحت الدجى ، فرأيتها
في بردتين : سكينة ووقار
فتنبّهت في النفس أحلام الصبى
و غرقت في بحر من التّذكار
...
نفسي لها من جنّة خلّابة
نسجت غلائلها يد الأمطار
أنّى مشيت نشقت مسكا أزفرا
في أرضها و سمعت صوت هزار
...
ذات الجبال الشّامخات إلى العلا
يا ليت في أعلى جبالك داري
لأرى الغزالة قبل سكان الحمى
و أعانق النّسمات في الأسحار
لأرى رعاتك في المروج و في الربى
و الشّاء سارحة مع الأبقار
لأرى الطيور الواقعات على الثرى
و النحل حائمة على الأزهار
لأساجل الورقاء في تغريدها
و تهزّ روحي نفحة المزمار
لأسامر الأقمار في أفلاكها
تحت الظّلام إذا غفا سمّاري
لأراقب " الدلوار " في جريانه
و أرى خيال البدر في " الدلوار "
...
بئس المدينة إنّها سجن النّهى
و ذوي النّهى ، و جهنّم الأحرار
لا يملك الإنسان فيها نفسه
حتّى يروّعه ضجيج قطار
وجدت بها نفسي المفاسد و الأذى
في كلّ زاوية و كلّ جدار
لا يخدعنّ الناظرين برجها
تلك البروج مخابيء للعار
لو أنّ حاسد أهلها لاقى الذي
لاقيت لم يحسد سوى " بشّار "
غفرانك اللّهم ما أنا كافر
فلم تعذّب مهجتي بالنّار ؟
...
لله ما أشهى القرى و أحبّها
لفتى بعيد مطارح الأفكار
إن شئت تعرى من قيودك كلّها
فانظر إلى صدر السّماء العاري
و امش على ضوء الصّباح ، فإن خبا
فامش على ضوء الهلال السّاري
عش في الخلا تعش خليّا هانئا
كالطّير ... حرا ، كالغدير الجاري
عش في الخلاء كما تعيش طيوره
الحرّ يأبى العيش تحت ستار !
...
شلّال " ملفرد " لا يقرّ قراره
و أنا لشوقي لا يقرّ قراري
فيه من السيف الصقيل بريقه
و له ضجيج الجحفل الجرّار
أبدا يرش صخوره بدموعه
أتراه يغسلها من الأوزار ؟
فاذا تطاير ماؤه متناثرا
أبصرت حول السفح شبه غبار
كالبحر ذي التّيار يدفع بعضه
و يصول كالضرغام ذي الأظفار
من قمّة كالنهد ، أيّ فتى رأى
نهدا يفيض بعارض مدرار ؟
فكأنّما هي منبر و كأنّه
" ميراب " بين عصائب الثوّار
من لم يشاهد ساعة و ثباته
لم يدر كيف تغطرس الجبّار
ما زلت أحسب كلّ صمت حكمة
حتّى بصرت بذلك الثرثار
أعددت ، قبل أراه ، وقفة عابر
لاه فكانت وقفة استعبار ! ..
...
يا أخت دار الخلد ؛ يا أم القرى ،
يا ربّة الغابات و الأنهار
لله يوم فيك قد قضّيته
مع عصبة من خيرة الأنصار
نمشي على تلك الهضاب ودوننا
بحر من الأغراس و الأشجار
تنساب فيه العين بين جداول
و خمائل و مسالك و ديار
آنا على جبل مكين راسخ
راس ، و آنا فوق جرف هار
تهوي الحجارة تحتنا من حالق
و نكاد أن نهوي مع الأحجار
لو كنت شاهدنا نهرول من عل
لضحكت منّا ضحكة استهتار
الريح ساكنة و نحن نظنّنا
للخوف مندفعين مع إعصار
و الأرض ثابتة و نحن نخالها
تهتزّ مع دفع النسيم السّاري
مازال يسند بعضنا بعضا كما
يتماسك الروّاد في الأسفار
ويشدّ هذا ذاك من أزراره
فيشدّني ذيّاك من أزراري
حتى رجعنا سالمين و لم نعد
لو لم يمدّ الله في الأعمار
و لقد وقفت حيال نهرك بكرة
و الطير في الركنات و الأوكار
متهيّبا فكأنّني في هيكل
و كأنّه سفر من الأسفار
ما كنت من يهوى السكوت و إنّما
عقلت لساني رهبة الأدهار
مرّ النسيم به فمرّت مقلتي
منه بأسطار على أسطار
فالقلب مشتغل بتذكاراته
و الطرف مندفع مع التيّار
حتى تجلّت فوق هاتيك الربى
شمس الصباح تلوح كالدّينار
فعلى جوانبه وشاح زبرجد
و على غراربه و شاح بهار
لو أبصرت عيناك فيه خيالها
لرأيت مرآة بغير إطار
يمّمته سحرا و أسراري معي
و رجعت في أعماقه أسراري ! ..
...
إنّي حسدت على القرى أهل القرى
و غبطت حتّى نافخ المزمار
ليل و صبح بين إخوان الصّفا
ما كان أجمل ليلتي و نهاري !

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:39 AM

أما أنا ...
( إيليا أبو ماضي )


لا تنثني في الرّوض أغصان الشّجر
حتّى تدغدغها النّسائم في السّحر
و أنا كذلك لا يفارقني الضّجر
حتّى تداعب لمّتي بيديها
***
الشّمس تلقى في الصّباح حبالها
و تبيت تنظر في الغدير خيالها
أمّا أنا فإذا وقفت حيالها
أبصرت نور الشمس في خدّيها
***
الطّود يقرأ في السّماء الصّافيه
سفرا ، جميل متنه و الحاشيه
أمّا أنا فإذا فقدت كتابيه
أتلو كتاب الحبّ في عينيها
***
الطّير إن عطشت ولجّ بها الظّما
هبطت إلى الأنهار من علو السّما
أمّا أنا فإذا ظمئت فإنّما
ظمأي الشديد إلى لمى شفتيها
***
الندّ يطلبه الخلائق في الرّبى
بين الورود و في نسيمات الصّبا
أمّا أنا فألذّ من نشر الكبا
عندي ، الذي قد فاح من نهديها
***
الرّاح تصرف ذا العناء عن العنا
و تطير بالصّعلوك في جوّ المنى
قيرى الكوكب تحته ، أمّا أنا
فتظلّ أفكاري تحوم عليها
***
فيها و منها ذلّتي و سقامي
و بها غرامي ، القاتلي ؛ و هيامي
أشتاقها في يقظتي و منامي
و أطول شوق المستهام إليها

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:40 AM

أمة تقنى وأنتم تلعبون
( إيليا أبو ماضي )


أعلى عيني من الدّمع غشاء
أم على الشّمس حجاب من غمام
غامض نور الطّرف أم غارت ذكاء
لست أدري غير أني في ظلام
ما لنفسي لا تبالي الطّربا
أين ذاك الزّهو ، أين الكلف؟
عجبا ماذا دهاها عجبا
فهي لا تشكو ولا تستعطف
ليتها ما عرفت ذاك النّبا
فالسّعيد العيش من لا يعرف
لا ابتسام الغيد، لا رقص الطّلاء
يتصبّاها ولا شدو الحمام
بالكرى عني وبي عنه جفاء
أنا وحدي... أم كذا كلّ الأنام؟
لاأرى لي من همومي مهربا
فهي في هذا وذيّاك الطّريق
في الرّبى فوق الرّبى تحت الرّبى
في الفضاء الرّحب في الرّوض الأنيق
في اهتزاز الغصن في نفح الصّبا
في انسجام الغيث في لمح البروق
كلّما أومض برق أو أضاء
بتّ أشكو في الدّجى وقع السّهام
في ابتسام الفجر للمرضى شفاء
وابتسام الفجر فيه لي سقام
تعتريني هزّة كالكهربا
كلّما حنّ مشوق لمشوق
علّمت عيني السّهاد الكوكبا
وفؤادي علّم البرق الخفوق
ما دعوت الدّمع إلاّ انسكبا
يا دموعي أنت لي أوفى صديق
لم أر كاليأس يغري بالبكاء
لا ولا كالدمع يفشي المستهام
فاستعينوا بالبكا يا تعساء
كلّما اشتدت بكم تار الهيام
خلت قلبي بالأسى منفردا
وأنا وحدي صريع المحن
وتوهّمت الأسى لن يجدا
سكنا في غير قلبي المثخن
وظننت الدّهر مهما حقدا
سوف لا يفجعني في وطني
فإذا تلك المغاني في شقاء
وإذا كلّ فؤاد في ضرام
ذهبت كلّ ظنوني في الهواء
وتوّلت مثل أضغاث المنام
لا تأمني إن أنا لمت القضا
ولم الدّهر الّذي أخنى علّي
لم تدع فيّ اللّيالي غرضا
والضّنى لم يبق مني غير في
لا تسلني: أيّ خطب عرضا
في الحشا وجد وفي المقول عيّ
قلّ غربي سالب السّيف المضاء
والشّذى الزّهرة والعقد النّظام
وإذا ما غلب اليأس الرّجاء
هانت الشّكوى ولم يجد الكلام
بصرت لكن مثلما شاء الكمد
شاعرا من مقلتي أرتجل
صدّ ما كان بنفسي عنه صد
وتجافاني الكلام المرسل
عقد الحزن لساني فانعقد
أيّ سيف ما اعتراه الفلل؟
بي هموم كلّما لاح الضّياء
ضربت فوق عيوني بلثام
وشجون كلّما جنّ المساء
قطعت بين جفوني والمنام
لا أرى غير خيالات تسير
مهطعات عن يساري واليمين
فوق أرض من دماء وسعير
في فضاء من هموم وشجون
عجبا ... أين ابتسامات الثّغور
ما لقومي كلّهم باك حزين
كلّ ما أسمع نوح وبكاء
كلّ ما أبصر ((صرعى ورمام))
زلزلت زلزالها هذي السّماء
أم ترى فضّت عن الموتى الرّجام
وقع الأمر الّذي لا يدفع
وجنى الجاني على تلك الرّبوع
واحتواها نهم لا يشبع
فاحتوى سكّانها خوف وجوع
فهي إمّا دمنة أو بلقع
وهم إمّا قتيل أو صريع
إن شكت قالت على الدّنيا السّلام
عبث الإنسان فيها والقضاء
آه من جور اللّيالي والطّغام
ربّ طفل طاهر ما أثما
مات موت الآثم المجرم
كان مّمن يرتجي لو سلما
للعلى لكنّه لم يسلم
كوكب ما كاد يبدو في السّما
طالعا حتّى اختفى كالحلم
غاض مثال الماء في الأرض العراء
ما عهدت البدر مثواه الرّغام
هكذا أودت به ريح الشّتاء
زهرة لم تنفتح عنها الكمام
ربّ شيخ أقعدته الحادثات
ومشى ((الأبيض)) في لّمته
وثناه الضّعف عن حمل القناة
وعن السّابق في حلبته
كان من قبل حلول الكارثات
آمنا كالنّسر في وكنته
لاهيا يذكر أيّام الصّباء
ولياليه وفي الثّغر ابتسام
حكم العاني عليه بالفناء
وأبى المقدور إلاّ أن يضام
وفتى كالغصن ريّان نضير
تحلم الخود به إذ تحلم
وتراه للهوى بين البدور
فتراه فوقّهنّ الأنجم
ألمعيّ الذّهن والقلب الكبير
ملك في بردتيه ضيغم
بات لا يقوى على حمل الرداء
منكباه وهو في العشرين عام
ما به عجز ولا داء عياء
غير أنّ الجوع قد هدّ العظام
وصغار مثل أفراخ القطا
يتضاغون من الجوع الشّديد
وهنت أعصابهم لما سطا
والطّوى يوهن عزمات الأسود
أرأيت العقد إمّا انفرطا
هكذا دمعهم فوق الخدود
زهقت أرواحهم في شكل ماء
للأسى ، للّه ما أقسى الحمام
يا رعى اللّه نفوس الشّهداء
وسقى أحداثهم صوب الغمام
أيّها الجالون عن ذاك الحمى
إنّ في ذاك الحمى ما تعلمون
ضيم في أحراره واهتضما
ووقفتم من بعيد تنظرون
لا؛ ومن شاء لنا أن ننعما
ما كذا يجزي الأب البّر البنون
كلكم يا قوم في البلوى سواء
لا أرى في الرّزء لبنانا وشام
في ربى لبنان قومي الأصفياء
وبأرض الشّام أحبابي الكرام
اللّيالي غاديات رائحه
بالدّواهي وأراكم تضحكون
ما اتّعظتم بالسّنين البارحه
لا ولا أنتم غدا متّعظون
يا لهول الخطب!.. يا للفادحه
أمة تفنى وأنتم تلعبون
فادفنوا أضغانكم يا زعماء
يبعث اللّه من القبر الوئام
وابسطوا أيديكم يا أغنياء
أبغض السّحب إلى الصّادي الجهام

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:41 AM

أمنية المهاجر
( إيليا أبو ماضي )


جعت والخبز وثير في وطابي
والسّنا حولي وروحي في ضباب
وشربت الماء عذبا سائغا
وكأني لم أذق غير سراب
محنة ليس لها مثل سوى
محنة الزّورق في طاغي العباب
ليس بي داء ولكني امرؤ
لست في أرضي ولا بين صحابي
مرّت الأعوام تتلو بعضها
للورى ضحكي ولي وحدي اكتئابي
كلّما استولدت نفسي أملا
مدّت الدّنيا له كفّ اغتصاب
أفلتت مني حلاوات الرؤى
عندما أفلت من كفّي شبابي
بت لا الألهام باب مشرع
لي ولا الأحلام تمشي في ركابي
أشتهي الخمر وكأسي في يدي
وأحس الروح تعري في ثيابي
ربّ هبني لبلادي عودة
وليكن للغير في الأخرى ثوابي
أيّها الآتون في ذاك الحمى
يا دعاة الخير ، يا رمز الشّباب
كم هششتم وهششنا للمنى
وبكيتم وبكينا في مصاب
واشتركنا في جهاد أو عذاب
والتقينا في حديث أو كتاب
وعرفتم وعرفنا مثلكم
أنّما الحقّ لذي ظفر وناب
كلّ أرض نام عنها أهلها
فهي أرض لاغتصاب وانتهاب
زعموا الأنسان بالعلم ارتقى
وأراه لم يزل أنسان غاب
أنه الثعلب مكرا وهو كالسّر
طان غدرا وحكيم كالغراب
يا رفاقي حطّموا أقداحكم
ليس في الدّنيا رحيق لانسكاب
جفّ ضرع الشّعر عندي وانطوى
ولكم عاش لمرعى واحتلاب
........
أيّها السائل عني من أنا
أنا كالشّمس ألى الشّرق انتسابي
لغة الفولاذ هاضت لغتي
لا يعيش الشدو في بحر اصطخاب
لست أشكو إن شكا غيري النّوى
غربة الأجسام ليست باغتراب
أنا في نيويورك بالجسم و بالرّ
وح في الشرق على تلك الهضاب
في ابتسام الفجر في صمت الدّجى
في أسى " تشرين " في لوعة " آب "
أنا في الغوطة زهر و ندى
أنا في لبنان نجوى و تصابي
أنّني ألمح في أوجهكم
دفقة النّور على تلك الرّوابي
و أرى أشباح أيّام مضت
في كفاح و نضال و وئاب
و أرى أطياف عصر باهر
طالع كالشّمس من خلف الحجاب
ليته يسرع كي أبصره
قبل أن أغدو تربا في تراب

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:42 AM

أمينة إلاهة
( إيليا أبو ماضي )


أحبّ إله في صباه إلاهة
جرى السحر في أعطافها والترائب
تمنّت عليه آية يجىء بها
إله سواه في العصور الذواهب
ليمسي على الأرباب أجمع سيّدا ،
وتمسي تباهي كلّ ذات ذوائب
وكان إلها جامحا متضرّما
هوى، فأتى بالمعجزات الغرائب
كسا الأرض بالزهر البديع لأجلها
ورصّع آفاق السما بالكواكب
وما زال حتى علّم الطير ما الهوى
فحنّت وغنّت في الذّرى والمناكب
وأنشأ جنات وأجرى جدواولا
ومدّ المروج الخضر في كلّ جانب
وشاء، فشاع العطر في الماء والضّيا
وفي كلّ صوت أو صدى متجاوب
ومسّ الضّحى فارفضّ تبرا على الربى
وسال عقيقا في حواشي السباسب
وقال لأحلام البحار تجسّدي
مواكب ألوان وجيش عجائب
فكانت لآل في الشطوط ، وفي الفضا
غيوم، وموج ضاحك في الغوارب
ولما رأى الأشياء أحسن ما ترى
وتّمت له دنيا بغير معايب
دعاها إليه كي تبارك صنعة
ولم يدر أنّ الحبّ حمّ المطالب
فقالت له : أحسنت! أحسنت مبدعا
فيا لك ربّا عبقريّ المواهب
ولكنّ لي أمنية ما تحقّقت
إذا لم تنلنيها فما أنت صاحبي!
******
فدنياك هذي على حسنها
وسحر مشاهدها والصور
تشاركني سائر لالآهات
لذاذاتها ونساء البشر
أريد دنيا فيها شعاع
يبقي أذا غابت النجوم
أريد دنيا تحسّ نفسي
فيها نفوسا بلا جسوم
أريد خمرا بلا كؤوس
من غير ما تنبت الكروم
أريد عطرا بلا زهور
يسري وإن لم يكن نسيم
وزادت فقالت: أريد أنينا
يشوّش روحي ولا محتضر
وماء يموج ولا جدول،
ونارا بلا حطب تستعر
فأطرق ذاك الاله الفتيّ
وفي نفسه ألم مستتر
وقال امهليني ثلاث ليال
أذلّل فيها المراد العسر!
وراح يجوب رحاب الفضاء
يحدوه شوق ويدعوه سر
فسال مع الشمس فوق الربى
وغلغل في الحندس المعتكر
وأصغى إلى نسمات المروج
وأصغى إلى نفحات الزّهر
وبعد ثلاث ليال أتاها
فظنته جاء لكي يعتذر
فقال وجدت الذي تطلبين
لدي شاعر ساحر مبتكر
وأخرج خيطا قصير المدى
بلون التراب ولين الشّعر
فلما رأته عراها الأسى
وغوّر إيمانها واندثر
فصاحت بغيط: أتسخر مني؟
إذن فاحمل العار، او فانتحر!
أجاب رويدّك ، يا ربّتي
فما في التعجّل إلاّ الضرر!
وشدّ إلى آله خيطه
ودغدغة صامتا في حذر
ففاضت خمور ، وسالت دموع،
وشعّت بروق، ولاحت صور!
فصاحت به وهي مدهوشة: ألا إنّ ذا عالم محتضر!
فيا ليت شعري ماذا يسمّى؟
فقال لها: إن هذا الوتر

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:42 AM

أنا أمام الذين هاموا
( إيليا أبو ماضي )


لمني إذا حلّت عن عهودي
و لا تلمني على هيامي
ما كنت أخشى من المنايا
فكيف أخشى من الملام ؟
قد نزل الحبّ في فؤادي
ضيفا ، و لكن على الدوام
فبات قلبي له طعاما
وبتّ أنأى عن الطعام
أعدى غرامي النجوم حتّى
أسهرها في الدجى غرامي
لو تعرف الشمس ما للهوى لم
تبن لطرف من السّقام
أصاب سهم الفراق قلبي
و أخطأت قلبه سهامي
و كان خوفي من التنائي
خوف كفيف من ( التّرام )
إن فراق الحبيب عندي
أشدّ وقعا من الحمام
لو يبعد البعد عن حبيبي
ما عنّ يوما لمستهام
أنا إمام الذين هاموا
و أيّ قوم بلا إمام
فليس قبلي و ليس بعدي
و لا ورائي ولا أمامي

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:43 AM

أنا هو
( إيليا أبو ماضي )


كانت قبيل العصر مركبة
تجري بمن فيها من السّفر
ما بين منخفض و مرتفع
عال ، و بين السّهل و الوعر
و تخطّ بالعجلات سائرة
في الأرض إسطارا و لا تدري
كتبت بلا حبر و عزّ على
الأقلام حرف دون ما حبر
سيّارة في الأرض ما قتئت
كالطّير من وكر إلى وكر
تأبى و تأنف أن يلمّ بها
تعب ، و أن تشكو سوى الزّجر
حملت من الركاب كلّ فتى
حسن الرّواء و كلّ ذي قدر
يتحدّثون فذاك عن أمل
آن ، و ذا عن سالف العمر
يتحدّثون و تلك سائرة
بالقوم لا تلوي على أمر
فكأنّما ضربت لها أجلا
أن تلتقي و الشمس في خدر
حتى إذا صارت بداحية
ممدودة أطرافها صفر
سقطت من العجلات واحدة
فتحطّمت إربا على الصّخر
فتشاءم الركّاب و اضطربوا
مما ألمّ بهم من الضّر
و تفرّقوا بعد انتظامهم
بددا و كم نظم إلى نثر
و الشّمس قد سالت أشعّتها
تكسو أديم الأرض بالتّبر
و الأفق محمرّ كأنّ به
حنقا على الأيّام و الدّهر
قد كان بين الجمع ناهدة
الثديين ذات ملاحة تغري
تبكي بكاء القانطين و ما
أسخى دموع الغادة البكر
و قفت و شمس الأفق غاربة
تذري على كالورد ، كالقطر
شمسان لولا أنّ بينهما
صلة لما بكتا من الهجر
و تدير عينيها على جزع
كالظّبي ملتفتا من الذّعر
و إذا فتى كالفجر طلعته
بل ربما أربى على الفجر
وافى إليها قائلا عجبا
ممّ البكاء شقيقة البدر ؟
قالت أخاف اللّيل يدهمني
ما أوحش اظلماء في القفر !
و أشدّ ما أخشاه سفك دمي
بيد الأثيم اللّصّ ذي الغدر
" هنري " اللّعين و ما الفتى هنري
إلاّ لبن أمّ الموت لو تدري
رصد السبيل فما تمرّ به
قدم و لا النسمات إذ تسري
وا شقوتي إنّ الطريق إلى
سكني على مستحسن النكر
إنّي لأعلم إنّما قدمي
تسعى حثيثا بي " القبر
قال الفتى هيهات خوفك لن
يجديك شيئا ربّة الطهر
فتشجهي و عليّ فاتّكلي
فأنا الذي يحميك من هنري
قالت أخاف من الخؤون على
هذا الشباب الناعم النّضر
فأجابها لا تجزعي و ثقي
أنّي على ثقة من النّصر
عادت كأن لم يعرها خلل
تخد القفار سفينة البرّ
و اللّيل معتكر يجيش كما
جاشت هموم النّفس في الصدر
فكأنّه الآمال واسعة
و البحر في مدّ و في جزر
و كأنّ أنجمه و قد سقطت
دمع الدّلال و ناصع الدّر
و البدر أسفر رغم شامخة
قد حاولت تطويه كالسّر
ألقى أشعّته فكان لها
لون اللّجين و لؤلؤ الثّغر
فكأنّه الحسناء طالعة
من خدرها أو دمية القصر
و كأنّما جنح الظّلام جنى
ذنبا فجاء البدر كالغدر
و ضحت مسالك للمطيّة قد
كانت شبيه غوامض البحر
فغدت تحاكي السّهم منطلقا
في جريها و الطيف إذ يسري
و القوم في لهو و في طرب
يتناشدون أطايب الشّعر
حتى إذا صارت بمنعرج
و قفت كمنتبه من السّكر
فترجّلت " ليزا " و صاحبها
و مشت و أعقبها على الأثر
و استأنفت تلك المطيّة ما
قد كان من كرّ و من فر
مشت المليحة و هي مطرقة
ما ثمّ من تيه و لا كبر
أنّى تتيه و قد أناخ بها
همّ و بعض الهمّ كالوقر
لم تحتسي خمرا و تحسبها
ممّا بها نشوى من الخمر
في غابة تحكي ذوائبها
في لونها و اللّف و النّشر
ضاقت ذوائبها فما انفجرت
إلاّ لسير الذّئب و النمر
كاللّيلة الليلاء ساجية
و لربّ ليل ساطع غرّ
قد حاول القمر المنير بها
ما حاول الإيمان في الكفر
تحنو على ظبي و قسورة
أرأيتم سرين في صدر ؟
صقر وورقاء ، و من عجب
أن تحتمي الورقاء بالصّقر
هذا و أعجب أنّها سلمت
منه على ما فيه من غدر
ظلّت تسير و ظلّ يتبعها
ما نمّ من إثم و لا وزر
طال الطريق و طال سيرها
لكنّ عمر اللّيل في قصر
حتّى إذا سفر الصّباح و قد
رفع الظّلام و كان كالسّتر
و الغاب أوشك أن يبوح بها
و به ، بلا حذر ، إلى النّهر
نظرت إليه بمقلة طفحت
سحرا ووجه فاض بالبشر
قالت له لم يبق من خطر
جمّ نحاذره و لا نذر
أنظر فإنّ الصّبح أوشك أن
يمحو ضياء الأنجم الزّهر
و أراه دبّ إلى الظّلام فهل
هذا دبيب الشّيب في الشّعر
و أسمع ، فأصوات الطيور علت
بين النّقا و الضال و السّدر ؟
قال الفتى أو كنت في خطر ؟
قالت له عجبا ألم تدر ؟
فأجابها ما كان في خطر
من كان صاحبه الفتى هنري
فتقهقرت فزعا فقال لها
لا تهلعي واصغي إلى حرّ
ما كنت بالشّرير قطّ و لا
الرّجل الذي يرتاح للشّرّ
لكنّني دهر يجوز على
دهر يجوز على بني الدّهر
بل إنّني خطر على فئة
منها على خطر ذوي الضّر
قتلوا أبي ظلما فقتلهم
عدل و حسبي العدل أن يجري
لا سلم ما بيني و بينهم
لا سلم بين الهرّ و الفأر
سيرون في الموت منتقما
لا شافع في الأخذ بالثّأر
تالله ما أنساك يا أبتي
أبدا و لا أغضي على وتر
قالت لقد هيّجت لي شجنا
فإليك ما قد كان أمري
بعث المليك إلى أبي فمضى
و أخي معا توّا إلى القصر
فإذا أبي في القبر مرتهن
و إذا أخي في ربقة الأسر
يا ساعديّ بترتما ويد
الدهر الخؤون أحق بالبتر
نابي و ظفري بتّ بعدكما
وحدي بلا ناب و لا ظفر
و يلاه من جور الزّمان بنا
و الويل منه لكلّ مغترّ
و كأنّنا و الموت يرتع في
أرواحنا مرعى و مستمري
لما انتهت و إذا به دهش
حيران كالمأخوذ بالسّحر
شاء الكلام فناله خرس
كلّ البلاغة تحت ذا الحصر
و كذلك الغيداء أذهلها
ميل إلى هذا الفتى الغرّ
قالت أخي و الله
و اقتربت
و إذا به ألقى عباءته
برح الخفاء بها عن الجهر
صاحت أخي فيكتور وا طربي
روحي ، شقيقي ، مهجتي ، ذخري
و تعانقا ، فبكى فرحا
إنّ البخار نتيجة الحرّ
و تساقطت في الخدّ أدمعها
كالقطر فوق نواضر الزّهر
...
قل للألي يشكون دهرهم
لا بدّ من حلو و من مرّ
صبرا إذا جلل أصابكم
فالعسر آخره إلى اليسر

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:44 AM

أنا و أخت المهاة و القمر
( إيليا أبو ماضي )


آه من الحبّ كلّه عبر
عندي منه الدموع و السهر
وويح صرعى الغرام إنّهم
موتى ، و ما كفّنوا و لا قبروا
يمشون في الأرض ليس يأخذهم
زهو و لا في خدودهم صعر
لو ولج الناس في سرائرهم
هانت ، و ربّي ، عليهم سقر
ما خفروا دمّة ، و لا نكثوا
عهدا ، و لا مالا و لا غدروا
قد حملوا الهون غير ما سأم
لولا الهوى للهوان ما صبروا
لم يبق منّي الضّنى سوى شبح
يكاد ، لولا الرجاء ، يندثر
أمسي و سادي مشابها كبدي
كلاهما النار فيه تستعر
أكل صبّ ، يا ليل ، مضجعة
مثلي فيه القتاد و الإبر
لعلّ طيفا من هند يطرقني
فعند هند عن شقوتي خبر
ما بال هند عليّ غاضبة
ما شاب فودي و ليس بي كبر
ما زلت غضّ الشباب لا وهن
يا هند في عزمتي و لا خور
لا درّ درّ الوشاة قد حلفوا
أن يفسدوا بيننا و قد قدروا
واها لأيّامنا ... أراجعة ؟
فانّهن الحجول و الغرر
أيّام لا الدهر قابض يده
عنّي ، و لا هند قلبها حجر
***
لم أنس ليلا سهرته معها
تحنو علينا الأفنان و الشجر
غفرت ذنب النّوى بزورتها
ذنب النوى باللقاء يغتفر
بتنا عن الراصدين يكتمنا
الأسودان : الظلام و الشعر
ثلاثة للسرور ما رقدوا
أنا و أخت المهاة و القمر
فما لهذي النجوم ساهية
ترنو إلينا كأنّها نذر ؟ ...
إن كان صبح الجبين روّعها
فإنّ ليل الشعور معتكر
أو انتظام العقود أغضبها
فإنّ درّ الكلام منتثر
و ما لتلك الغصون مطرقة
كأنّها للسلام تختصر
تبكي كأنّ الزمان أرهقها
عسرا ، و لكن دموعها الثمر
طورا على الأرض تنثني مرحا
و تارة في الفضاء تشتجر
فأجلفت هند عند رؤيتها
و قد تروع الجآذر الصور
هيفاء لو لم تلن معاطفها
عند التثنّي خشيت تنكسر
من اللّواتي – و لا شبيه لها –
يزينهنّ ادلال و الخفر
في كل عضو و كل جارحة
معنى جديد للحسن مبتكر
تبيت زهر النجوم طامعة
لو أنّها فوق نحرها درر
رخيمة الصوت إن شدت لفتت
لها الدّراري و أنصت السحر
أبثّها الوجد و هي لاهية
أذهلها الحبّ فهي تفتكر
يا هند كم ذا الأنام تعذلنا
و ما أثمنا و لا بنا وزر
فابتدرت هند و هي ضاحكة :
ماذا علينا و إن هم كثروا
فدتك نفسي لو أنّهم عقلوا
و استشعروا الحبّ مثلما عذروا
ما جحد الحبّ غير جاهله
أيجحد الشمس من له بصر ؟
ذرهم و إن أجلبوا و إن صخبوا
و لا تلمهم فما هم بشر !
سرنا الهويناء ما بنا تعب
و قد سكتنا و ما بنا حصر
لكنّ فرط الهيام أسكرنا
و قبلنا العاشقون كم سكروا
فقل لمن يكثر الظنون بنا
ما كان إلاّ الحديث و النظر
حتّى رأيت النجوم آفلة
و كاد قلب الظلام ينفطر
ودّعتها و الفؤاد مضطرب
أكفكف الدمع و هو ينهمر
وودّعتني و من محاجرها
فوق العقيق الجمان ينحدر
قد أضحك الدهر ما بكيت له
كأنّما البين عنده وطر
كانت ليالي ما بها كدر
و الآن أمست و كلّها كدر
إن نفد الدمع من تذكّها
فجادها بعد أدمعي المطر
عسى اللّيالي تدري جنايتها
على قتيل الهوى فتعتذر

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:45 AM

أنا و النجم
( إيليا أبو ماضي )


مثلي هذا النجم في سهده
و مثله المحبوب في بعده
يختال في عرض السّما تائها
كأنّما يختال في برده
إن شئت فهو الملك في عرشه
أو شئت فهو الطفل في مهده
يرمقني شذرا كأنّي به
يحسبني أطمع في مجده
يسعى و لا يسعى إلى غاية
كمن يرى الغاية في جدّه
كأنّما يبحث عن ضائع
لا يستطيع الصبر من بعده
طال سراه و هو في حيرة
كأنّه المحزون في وجده
في جنح ليل حالك فاحم
كأنّ حظي قدّ من جلده
لا يحسد الأعمى به مبصرا
كلاهما قد ضلّ عن قصده
ساورني الهمّ و ساورته
ما أعجز الإنسان عن ردّه !
ما أعجب الدهر و أطواره
في عين من يمعن في نقده ؟
جرّبته دهرا فما راقني
من هزله شيء و لا جدّه
أكبر منه أنّني زاهد
ما زهد الزاهد في زهده
أكبر منّي ذا و أكبرت أن
يطمع ، أن أطمع في رفده
و عدّني أعجوبة في الورى
مذ رحت لا أعجب من حقده
يا ربّ خلّ كان دوني نهى
عجبت من نحسي و من سعده
و عائش يخطر فوق الثرى
أفضل منه الميت في لحده
أصبح يجبني الورد من شوكه
و بتّ أجني الشوك من ورده
أكذب إن صدّقته بعدما
عرفت منه الكذب في وعده
لا أشتكي الضرّ إذا مسّني
منه ، و لا أطرب من رغده
أعلم أن البؤس مستنفذ
و الرّغد ما لا بدّ من فقده
إذا الليالي قرّبت نازحا
و كنت مشتاقا إلى شهده
أملّك عنه النفس في قربه
خوفا من الوحشة في صدّه
و إن أر الحزن على فائت
أضرّ بي الحزن و لم يجده

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:45 AM

أنا وهي
( إيليا أبو ماضي )


جلست إليها والترام بنا يعدو
إلى حيث لا واش هناك ولا ضدّ
قد انتظت هذي القطارات في الثّرى
كأن الثّرى وتلك لها عقد
بلى، هي عقد بل عقود ، ألا ترى
على الأرض أسلاكا تدور فتمتدّ؟
يسير فيطوي الأرض طيا كلأنّما
دواليبة أيدي، كأنّ الثذرى يرد
فكالطو
إلاّ أنّ ذيّاك ثابت
توهّمته من سرعة السّير راكدا
وأنّ الدّنى فيمن على ظهرها تعدو
تحوم عليه المركبات كأنه
مليك وتلك المركبات له جند
تقصر عنه الرّيح إما تسابقا
فكيف تجاربه المطهّمة الجرد؟
على أنه في كفّ عبد زمامه
فيا من رأى ملكا يصرفه عبد
كأني به ، يا صاح، دار ضيافة
يغادر وفد ويقصده وفد
خلوت بمن أهوى به رغم عاذلي
ولم يك غير القرب لي ولها قصد
فسار بنا في الأرض وخدا كأنما
درى أنّ ما نبغه منه هو الوخد
فما راعني واللّه إلا وقوفه
فقد كنت أخشى أن يفاجئنا وغد
ولما انتهى من سيره وإذا بنا
على شاطىء البحر الذي ما له حد
هناك وقفنا والشّفاة صوامت
كأن بنا عيّا وليس بنا وجد
سكتنا ولكنّ العيون نواطق
أرق حديث ما العيون به تشدو
سكرنا ولا خمر ولكنّه الهوى
إذا اشتدّ في القلب امرىء ضعف الرشد
فقالت وفي أجفانها الدمع جائل
وقد عاد مصفرّا على خدّها الورد
ألا حبّذا ، يا صاحبي، الموت ههنا
إذا لم يكن من تذوّق الرّدى بدّ
فيالك من فكر مخيف وهائل
ويا لك من مرآى يرقّ له الصّلد
فقلت لها إني محب لكلّ ما
تحبين ، إن السمّ منك هو الشّهد
فقالت أمن أجلي تحنّ إلى الردى؟
دع الهزل إنّ المرء حليته الجد
فقلت لها لو كنت في الخلد راتعا
ولست معي واللّه ما سرّني الخلد
فإن لم يكن مهد إليك يضمّني
فيا حبّذا ، يا هند ، لو ضمّنا لحد
فقالت لعمر الحقّ إنك صادق
فدمت على ود ودام لك الودّ
فلو لم أكن من قبل أعشق حسنها
لهمت بها واللّه حسبي من بعد

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:46 AM

أنت
( إيليا أبو ماضي )


مهبط الوحي مطلع الأنبياء
كيف أمسيت مهبط الأرزاء؟
في عيون الأنلم عنك نبوّ
لم يكن في العيون لو لم تسائي
أنت كالحرّة التي انقلب الدّه
ر عليها فأصبحت في الإماء
أنت كالبردة الموشّاة أبلى الطّي
والنّشر ما بها من رواء
أنت مثل الخميلة الغنّاء
عرّيت من أوراقها الخضراء
أنت كاللّيث فلّم الدّهر ظفريه
وأحنى عليه طول الثّواء
أنت كالشّاعر الذي ألف الوحدة
... في محفل من الغوغاء
أنت مثل الجبّار يرسف في الأغلال
في مشهد من الأعداء
لو تشائين كنت أرفة حالا
أو لست قديرة أن تشائي
أنا ما زلت ذا رجاء كثير
ولئن كنت لا أرى ذا رجاء
قد بكى التار كوك منك قنوطا
فبكى الساكنوك خوف التّنائي
كثر النّائحون حولك حتّى
خلت أني في حاجة للعزاء
بذلوا دمعهم وصنت دموعي
إنّما اليائسون أهل البكاء
لو تفيد الدّموع شيئا لأحيت
كلّ عاف مدامع الشّعراء
أنت في حاجة إلى مثل (موسى)
لست في حاجة إلى (أرمياء)
...
مقلة الشّرق ! كم عزيز علينا
أن تكوني ربيّة الأقذاء
شرّدت أهلك النّوائب في الأرض
وكانوا كأنجم الجوزاء
وإذا المرء ضاق بالعيش ذرعا
ركب الموت في سبيل البقاء
لا يبالي مغرب في ذوبة
أن يراه ذووه في الغرباء
...
أرض آبائنا عليك سلام
وسقى اللّه أنفس الآباء
ما هجرناك إذ هجرناك طوعا
لا تظنّي العقوق في الأبناء
يسأم الخلد والحياة نعيم
أفترضى الخلود في البأساء؟
هذه أرضنا بلاقع، تمشي
فوقها كلّ عاصف هوجاء
هذه دورنا منازل للبو
وكانت منازل الورقاء
بدلتها السّنون شوكا من الزّهر
وبالوحش من بني حوّاء
ما طوت كارثا يد الصّبح إّلا
نشرته لنا يد الإمساء
نحن في الأرض تائهون كأنا
قوم موسى في اللّيلة اللّيلاء
تترامى بنا الرّكائب في البيداء
طورا؛ وتارة في الماء
ضعفاء محقّرون كأنا
من ظلام والنّاس من لألاء
واغتراب القوي عزّ وفخر
واغتراب الضّعيف بدء الفناء
عابنا البيض أنّنا غير عجم
والعبدّى بالسّحنة البيضاء
ويح قومي قد أطمع الدّهر فيهم
كلّ قوم حتى بني السّوداء
فإذا فاتنا عدو تجنّى
فأنارانا الأحباب في الأعداء
أطربتنا الأقلام لّما تغنّت
بالمساواة بيننا والإخاء
فسكرنا بها فلماّ صحونا
ما وجدنا منها سوى أسماء !!
...
نحن في دولة تلاشت قواها
كالنّضارة المدفون في الغبراء
أو كمثل الجنين ماتت به الحامل
حيا يجول في الأحشاء
عجبا كيف أصبح الأصل فرعا
والضّحى كيف حلّ في الظّلماء
ما كفتنا مظالم التّرك حتى
زحفوا كالجراد أو كالوباء
طردوا من ربوعهم فأرادوا
طردنا من ربوعنا الحسناء
ما لنا ، والخطوب تأخذ منّا
نتلهّى كأننا في رخاء
ضيم أحرارنا وريع حمانا
وسكتنا، والصّمت للجبناء
نهضة تكشف المذلّة عنّا
فلقد طال نومنا في الشّقاء
نهضة تلفت العيون إلينا
إنّ خوف البلاء شرّ بلاء
نهضة يحمل الأثير صداها
للبرايا في أوّل الأنباء
نهضة تبلغ النفوس مناها
فهي مشتاقة إلى الهيجاء
إنّ ذا هيكل نحن فيه القلب
والقلب سيّد الأعضاء
زعم الخائنون أنّا بما نبغيه
نبغي الوصول للعنفاء
سوف يدرون أنما العرب قوم
لا يبالون غير الأسنّة السّمراء
يوم تمشي على جبال من الألاء
تمشي في لأبحر من دماء
يوم يستشعر المواؤون منّا
إنّما الخاسرون أهل الرّياء

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:47 AM

أنت والكأس
( إيليا أبو ماضي )


أنت والكأس في يدي
فلمن أنت في غد؟
فاستشاطت لقولتي
غضبا في تمرّد
وأشاحت بوجهها
وادّعت أنّني ردي!
كاذب في صبابتي
ماذق في تودّدي
قلت: عفوا ، فإنّها
سورة من معربد
وجرى الصلح، والتقى
ثغرها ثغري الصدى
أذعن القلب طائعا
بعد ذاك التمرّد
فنعمنا هنيهة
بالولاء المجدّد
بين ماء مصفّق
وهزار مغرّد
ثمّ عادت وساوسي
فأنا في تردّد
راعها منّي السكوت
فذّمت تبلّدي
قالت: الحبّ سرمد
قلت: لا شيء سرمدي
أتحبّينني إذا
زال مجدي وسؤددي؟
فأجابت لفورها
أنت ، لا المجد،مقصدي
قلت: هل تحفظين عهدي
إذا ضاع عسجدي؟
فأجابت برقّة
أنت، ما عشت ، سيّدي
كنت كالشمس في الغنى
أم فقيرا كجدجد
حسنا... قلت ضاحكا:
يا ملاكي وفرقدي
إنّما هل يدوم لي
حبّك المشرق الندى
إن حتى الدهر قامتي
ومحا الشيب أسودي
وانطوى رونق الصّبا
مثل برق بفدفد؟
قالت : الشكّ آفة الحبّ
فانبذه تسعد
ليس حبّيك للصّبا
لست فيه بأوحد
بل لما فيك من صفات ،
ومن طيب محتد
قلت: والشكّ رائح
في صميري ومغتد:
وإذا غالني الحمام
وأصبحت في غد
جثّة لفّها الثرى
بالظلام المؤبّد
ليس فيها لصاحب
أرب أو لحسّد
وسرى الدود حولها
يتغذّى ويعتدي
ومررت الغداة بي
فمررت بجامد
ونظرت فلم تري
غير عظم مجرّد
بعثرته يد البلى
كنافايات موقد
هل تحبّينني إذن
لخلالي ومحتدي؟
ويك ! صاحت ودمعها
كجمان مبدّد
كم تظنّ الظنون بي
أيّها الزائغ اهتد
أشهد الصبح فائضا
في مروج الزبرجد
أشهد الليل لابا
طلبان التمرّد
أشهد الغيث معطيا،
أشهد الحقل يجتدي
وذوات الجناح من
باغم أو مغرّد
والأزاهير والشّذى
في وهاد وأنجد
أشهد الأرض والسما
أشهد اللّه موجدي
سوف أحيا كما ترى
الهوى والتوجّد
فأناجيك في الضحى
وهو أمراس عسجد
وأناجيك في المسا
والأصيل المورّد
في الربى تخلع الجمال
برودا وترتدي
والسواقي لها غناء
كألحان معبد
والعصافير أقبلت
نحوها للتبرّد
أسهر الليل وحشة
بفؤاد مشدّد
وإذا نمت نمت كي
يطرق الطيف مرقدي
فيظلّ الهيام بي
ينتهي حيث يبتدي
ويحزن تنهّت
فاستجاشت تنهّدي
فاعتنقنا سويعة
مثل جفني مسهّد!
أفلت الأمس هاربا
وغد؟ ليس من غد!
صرت وحدي وليس لي
أربّ في التّوحّد
يا نديمي إلى الكؤوس ،
ويا منشد انشد
زد لي الخمر كلّما
قلت: ((يا صاحبي زد))
لا تقل أيّ موسم
ذا، فذا يوم مولدي!
أنا، ما زلت في الحياة ،
لي شبابي وسؤددي
ولجيني وعسجدي،
وخلالي ومحتدي
إنّما ((تلك)) أخلفت
قبل ليلين موعدي
لم تمت... لا ، وإنّما
أصبحت في سوى يدي!
آفة الحبّ أنّه
في قلوب وأكبد
فهو كالنار لم تدم
في هشيم لوقد

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:47 AM

أنفس العشّاق
( إيليا أبو ماضي )


بالأمس بادرني صديق حائر يستفهم
أجهنّم نار ؟ كما زعم الهداة و علّموا ؟
أم زمهرير قارس قاس و كون مظلم ؟
فأحببته ، ما الزمهرير و ما اللّظى المتضرّم
بجهنّم ! .. لكنّما أن لا تحبّ جهنّم
يا صاحبي ، إنّ الخواء هو العذاب الأعظم
القلب إلاّ بالمحبّة منزل متردّم
هي للجراحة مرهم ، و هي للسعادة سلّم
هي في النجوم تألّق ، هي في الحياة ترنّم
هي أنفس العشّاق في غسق الدّجى تتبسّم

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:48 AM

أهلها عرب
( إيليا أبو ماضي )


أقاح ذاك أم شنب
وريق ذاك أم ضرب
ووجه ذاك أم قمر
وخد ذاك أم ذهب
جمال غير مكتسب
وبعض الحسن يكتسب
ثكلت الظرف، عاذلتي
أهذا الحسن يجتنب؟
عددت لها العيوب وليس
إلاّ الظّرف والأدب
فتاة بين مبسمها
وبين عقودها نسب
لواحظها نمتها الهند
لكن أهلها عرب
مرنّحة إذا خطرت
رأيت الغصن يضطرب
مشت وونت روادفها
فكاد الخصر ينقضب
يسر العاذلون إذا
نأت ويعودني الوصب
ويصطخبون إن قربت
وعندي يحسن الطّرب
فأبكى كلّما ضحكوا
وأضحك كلّما غضبوا!

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:49 AM

أيا نيل
( إيليا أبو ماضي )


وقفت ضحى في شاطيء النيل وقفة
يضنّ بها إلاّ على النيل شاعره
تهلّل حتى يبدو ضميره
و عبّس حتى كاد يشكل ظاهره
فثمّ جلال يملأ النفس هيبة
و ثمّ جلال يملأ العين باهره
فطورا أجيل الطرف في صفحاته
و طورا أجيل الطرف فيما يجاوره
و ألحظ شمس الأفق و هي مطله
تساير فيها ظلّها إذ تسايره
فأحسبها فيه تساهمني
و تحسبني فيها الغرام أشاطره
إذا هي ألقت في حواشيه نورها
رأى التبر يجري في حواشيه ناظره
أطالت به لاتحديق حتى كأنّما
تحاول منه أن تبين سرائره
فيا لهما إلفين باتا بعزل
يخامرها من حبّه ما يخامره
يروح النسيم الرّطب في جنباته
يداعبه طورا و طورا يحاوره
و تقبض من مبسوطه نفحاته
كما قبض الثوب المطرّز ناشره
فيصدف عنه و هو مقطب
كأنّ عدوّا بالنسيم يحاذرة
كأنّي به تدانت سطوره
أوائله قد شكّلت و أواخره
إذا ما جلا للناظرين رموزه
تجلّى لهم ماضي الزمان و حاضره
أيا نيل نبئني أحاديث من مضوا
لعلّ شفاء النفس ما أنت ذاكره
حيالك صبّ بالخطوب مهدّد
جوانحه رهن الهموم و خاطره
أطاع شجونا لو أطاع فؤاده
عليها لفاضت بالنجيع محاجره
يحثّ إليّ الدهر كلّ رزيئة
على عجل حتى كأنّي واتره
و ما أنا بالعبد الذي يرهب العصا
و لكنّني حرّ تروع بوادره
أيا نيل فامنحني على الحقّ قوّة
فما سوّد الضرغام إلاّ أظافره
و هبني بأسا يسكن الدهر عنده
فقد طالما جاشت عليّ مناخره
إذا لم تكن عون الشجيّ على الأسى
فخاذله فيه سواء و ناصره
قني البأس وامنع شعبك الضّعف يتّقي
و ينصفه من حسّاده من يناكره
هو الدهر من ضدّين ذلّ و عزّة
فمن ذلّ شاكيه و من عزّ شاكره
و للقادر الماضي العزيمة حلوة
و للعاجز الواهي الشكيمة حازره
و ما للناس إلا القادرون على العلى
و ليست صنوف الطير إلاّ كواسر
ألم تره منذ استلينت قناته
تمشّت
فأرهق حتى ما يبين كلامه
و قيّد حتى ليس تسري خواطره
و لو ملكوا الأقدار استغفر الذي
له الملك يؤتيه الذي هو آثره
لما تركوا شمس النهار يزوره
سناها ، و لا زهر النجوم تسامره
يريدون أن يبقى و يذهب مجده
و كيف بقاء الشعب بادت مآثره ؟
فغورست في مصر يسدّد سهمه
إليه و قنّاص الوحوش يضافره
يلجّون في إعناته فإذا شكا
يصيحون أنّ الشعب قد ثار ثائره
لقد هزأوا لما تنّبه بعضه
فلم ذعروا لما تنبّه سائره ؟
يقولون جان لا يحلّ فكاكه
و لو أنصفوه حمل الإثم أسره
عجبت لقوم ينكرون شعوره
و هاتا مجاليه و تلك مظاهره
ألم يك في يوم القناة ثباته
دليلا على أن ليس توهى مرائره ؟
يعزّ على المصريّ أن يحمل الأذى
و حاضره يأبى الهوان و غابره
لئن تك للتاريخ و الله زينة
فما زينة التاريخ إلاّ مفاخره
رعى الله من أبنائه من يذود عن
حماه ، و من أضيافه من يظاهره
هم بعثوا فيّ الحياة جديده
فشدت أواخيه و عزّت أواصره
و هم أسمعوا الأيّام صوتا كأنّما
هو الرعد تدوي في السماء زماجره
و هم أطلقوا أقلامهم حين أصبحت
مكبلة أقلامه و محابره
كذلك إن يعدم أخو الظلم ناصرا
فلن يعدم المظلوم حرا يناصره

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:49 AM

أيلول الشاعر
( إيليا أبو ماضي )


ألحسن حولك في الوهاد و في الذرى
فانظر ، ألست ترى الجمال كما أرى ؟
" أيلول " يمشي في الحقول و في الربى
و الأرض في أيلول أحسن منظرا
شهر يوزّع في الطبيعة فنّه
شجرا يصفّق أو سنا متفجّرا
فالنور سحر دافق ، و الماء شعر
رائق ، و العطر أنفاس الثرى
لا تحسب الأنهار ماء راقصا
هذي أغانيه استحالت أنهرا
وانظر إلى الأشجار تخلع أخضرا
عنها ، و تلبس أحمرا أو أصفرا
تعرى و تكسى في أوان واحد
و الفنّ في ما ترتديه و في العرا
فكأنّما نار هناك خفيّة
تنحلّ حين تهمّ أن تستشعرا
و تذوب أصباغا كألوان الضحى
و تموج ألحانا و تسرى عنبرا
صور و أطياف تلوح خفيفة
و كأنّها صور نراها في الكرى
لله من " أيلول " شهر ساحر
سبق الشّهور و إن أتى متأخّرا
من ذا يدبّج أو يحوك كوشيه
أو من يصوّر مثلما قد صوّرا ؟
لمست أصابعه السّماء فوجهها
ضاح ، و مرّ على التراب فنوّرا
ردّ الجلال إلى الحياة وردّني
من أرض نيويورك إلى أمّ القرى

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:50 AM

أين عصر الصبا
( إيليا أبو ماضي )


مالي وما للرشا الأغيد
خلت من الحب ومنه يدي
نأى، فما في قربه مطمع
لا تصل الكفّ إلى الفرقد
قطّعت باليأس حيوط المنى
وقلت للسلوان _ لا تبعد
وصرت لا يطربني منشد
ولا أنا أصبو إلى منشد
أسير في الرّوضة عند الضحى
حيران كالمدلج في فدفد
أمامي الماء ولا أرتوي ،
وحولي النور ولا أهتدي
يا ليت شعري، أين عهد الصّبا
وأين أحلام الفتى الأمرد
ولّى وولّت كخيال الكرى
يلوح في الذّهن ولم يوجد
فيا قلوب الكاشحين اكني
ويا عيون الحاسدين ارقدي
ويا شياها تتقي صولتي
قلّمت أظفاري فاستأسدي
يا سائلي عن أمس كيف انقضى
دعه وسلني، يا أخي ، عن غد
أروح للنفس وأهنا لها
أن تحسب الماضي لم يولد

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:51 AM

أيّها القلم
( إيليا أبو ماضي )


ماذا جنيت عليهم ، أّها القلم
و الله ما فيك إلاّ النّصح و الحكم
إنّي ليحزنني أن يسجنوك وهم
لولاك في الأرض لم تثبت لهم قدم
خلقت حرّرا كموج البحر مندفعا
فما القيود و ما الأصفاد و اللّجم ؟
إن يحسبوا الطائر المحكّى في القفص
فليس يحبس منه الصوت و النّغم
الله في أمّة جار الزمان بها
يفنى الزمان و لا يفنى لها ألم
كأنّما خصّها بالذّلّ بارئها
أو أقسم الدهر لا يعلو لها علم
مهضومة الحقّ لا ذنب جنته سوى
أنّ الحقوق لديها ليس تنهضم
مرّت عليها سنون كلّها نقم
ما كان أسعدها لو أنّها نعم ؟
عدّوا شكايتها ظلما و ما ظلمت
و إنّما ظلموها بالذي زعموا
ما ضرّهم أنّها باتت تسائلهم
أين المواثيق ، أين العهد و القسم ؟
أما كفى أنّ في آذانهم صمما
حتّى أرادوا بأن ينتابها الصّمم ؟
كأنّما سئموا أن لا يزال بها
روح على الدّه لم يظفر بها السّأم
فقيّدوها لعلّ القيد يكتها
و عزّ أن يسكت المظلوم لو علموا
و أرهقوا الصّحف و الأقلام في زمن
يكاد يعبد فيه الطرس و القلم
أن يمنعوا الصحف فينا بثّ لوعتنا
فكلّنا صحف في مصر ترتسم
إنّا لقوم لنا مجد سنذكره
ما دام فينا لسان ناطق و فم
كيف السبيل إلى سلوان رفعتنا
و هي التي تتمنّى بعضها الأمم ؟
يأبى لنا العزّ أن نرضى المذلّة في
عصر رأينا به العبدان تحترم
للموت أجمل من عيش على مضض
إنّ الحياة بلا حريّة عدم

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:55 AM

إلى الفاتح ..
( إيليا أبو ماضي )


(ألا نبي)) ، لو طبعنا الشّمس يوما
وقلّدنا سيفا صفيحا
ورصّعناه بالشّهب الدّراري
لما زدناك فخرا أو مديحا
لأنّك أشجع الأبطال طرا
وأعظم قادة الدّنيا فتوحا
إذا ما مرّ ذكرك بين قوم
رأيت أشدهم عيّا فصيحا
فكم داويت سوريّا مريضا
وكم أسقيت تركيا صحيحا
وكم قد صنت في بيروت عرضا
وكم أمّنت في الشّهباء روحا
غضبت على ((الهلال)) فخرّ ذعرا
ولحت له فحاذر أن يلوحا
عصفت بهم فأمسى كلّ حصن
لخيل النّصر ميدانا فسيحا
مشت بك همّة فوق الثّريّا
فزلزلت المعاقل والصّروحا
من الوادي إلى صحراء سينا
إلى أن زرت ذيّاك الضّريحا
إلى بحر الجليل إلى دمشق
تطارد دونك التّركي القبيحا
فكان الجند كلّهم يشوعا
وكانت كلّ سوريّا ((أريحا))
فإن يكن المسيح فدى البرايا
فإنّك أنت أنقذت المسيحا!

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:56 AM

إلى الله راجعون
( إيليا أبو ماضي )


بيني و بين العيون سرّ
الله في السّرّ و العيون
إذا عصت فكرتي القوافي
أوحت لنفسي بها الجفون
***
هات اسقني الخمر جهرا
و لا تبال بما يكون
إن كان خير أو كان شرّ
إنّا إلى الله راجعون !!

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:56 AM

إلى صديق
( إيليا أبو ماضي )


يا من قربت من الفؤاد
و أنت عن عيني بعيد
شوقي إليك أشدّ من
شوق السليم إلى الهجود
أهوى لقاءك مثلما
يهوى أخو الظمإ الورود
و تصدّني عنك النوى
و أصدّ عن هذا الصدود
وردت نميقتك التي
جمعت من الدرّ النضيد
فكأنّ لفظك لؤلؤ
و كأنّما القرطاس جيد
أشكو إليك و لا يلام
إذا شكى العاني القيود
دهرا بليدا ما ينيل
وداده إلاّ بليد
و معاشرا ما فيهم
إن جئتهم غير الوعود
متفرّجين و ما التفرنج
عندهم غير الجحود
لا يعرفون من الشجاعة
غير ما عرف القرود
سيّان قالوا بالرضى
عنّي أو السخط الشديد
من ليس يصّدق في الوعود
فليس يصدّق في الوعيد
نفر إذا عدّ الرجال
عددتهم طيّ اللحود
تأبى السماح طباعهم
ما كلّ ذي مال يجود
أسخاهم بنضاره
أقسى من الحجر الصلود
جعد البنان بعرضه
يفدي اللجين من الوفود
و يخاف من أضيافه
خوف الصغير من اليهود
تعس امريء لا يستفيد
من الرجال و لا يفيد
و أرى عديم النفع ان
وجوده ضرر الوجود

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:58 AM

إليك عنّي
( إيليا أبو ماضي )


كم تستثير بي الصبابة و الهوى
عنّي إليك ، فإنّ قلبي من حجر
مالي و للحسناء أغري مهجتي
بوصلها ، و الشيب قد و خط الشعر ؟
كم " بالجزيرة " لو يتاح لي الهوى
من غادة تحكي بطلعتها القمر ؟
و لكم بها من جدول و حديقة
من صنعه الرحمن لا صنع البشر
فيها اللّواتي إن رمت ألحاظها
شلّت يد الرامي و قطّعت الوتر
قد كان لي في كلّ خوذ مطمع
و لكلّ رائعة المحاسن بي وتر
أيّام شعري كالدّجى محلولك ،
أيّام عيشي لا يخالطه كدر
***
ذرني و أشجاني و جسمي ، و الضّنى ،
و يدي ، و أقلامي ، و طرفي ، و السهر
أأبيت ألهو و الهموم تحيط بي
و أنام عن قومي ، و قومي في خطر
صوت المصفّق موعد ما بيننا
ماذا أقول لهم إذا الديك استحر ؟

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:58 AM

ابتسم
( إيليا أبو ماضي )


قال : " السماء كئيبة ! " و تجهّما
قلت : ابتسم يكفي التجهّم في السما !
قال : الصذبا ولّى ! فقلت له : ابتسم
قال : التي كانت سمائي في الهوى
صارت لنفسي في الغرام جهنّما
خانت عهودي بعدما ملّكتها
قلبي ، فكيف أطيق أن أتبسّما ؟
قلت : ابتسم واطرب فلو قارنتها
قضّيت عمرك كلّه متألّما !
قال : التّجارة في صراع هائل
مثل المسافر كاد يقتله الظما
أو غادة مسلولة محتاجه
لدم ، و تنفث ، كلّما لهثت ، دما !
قلت : ابتسم ما أنت جالب دائها
و شفائها ، فإذا ابتسمت فربّما ...
أيكون غيرك مجرما ، و تبيت في
وجل كأنّك أنت صرت المجرما ؟
***
قال : العدتى حولي علت صياحهم
أأسرّ و الأعداء حولي في الحمى ؟
قلت : ابتسم ، لم يطلبوك بذمّهم
لو لم تكن منهم أجلّ و أعظما !
***
قال : المواسم قد بدت أعلامها
و تعرّضت لي في الملابس و الدمى
و عليّ للأإحباب فرض لازم
لكنّ كفّي ليس تملك درهما
قلت : ابتسم ، يكفيك أنّك لم تزل
حيّا ، و لست من الأحبّة معدما !
***
قال : اللّيالي جرّعتني علقما
قلت : ابتسم و لئن جرعت العلقما
فلعلّ غيرك إن رآك مرنّما
طرح الكآبة جانبا و ترنّما
أتراك تغنّم بالتّبرّم درهما
أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما ؟
يا صاح ، لا خطر على شفتيك أن
تتثلّما ، و الوجه أن يتحطّما
فاضحك فإنّ الشهب تضحك و الدجى
متلاطم ، و لذا يحبّ الأنجما !
قال : البشاشة ليس تسعد كائنا
يأتي إلى الدنيا و يذهب مرغما
قلت : ابتسم ما دام بينك و الردى
شبر ، فإنّك بعد لن تتبسّما !

ناريمان الشريف 10-16-2010 10:59 AM

ابسمي
( إيليا أبو ماضي )


إبسمي كالورد في الفجر الصباء
وابسمي كالنجم إن جنّ المساء
وإذا ما كفّن الثلج الثرى
وإذا ما ستر الغيم السماء
وتعرّى الروض من أزهاره
وتوارى النور في كهف الشتاء
فاحلمي بالصيّف ثم ابتسمي
تخلقي حولك زهرا وشذا
وإذا سرّ نفوسا أنّها
تحسن الأخذ فسرّي بالعطاء
وإذا أعياك أن تعطي الغني
فافرحي أنّك تعطين الرجاء

ناريمان الشريف 10-16-2010 11:00 AM

ابن الليل
( إيليا أبو ماضي )


أشرف البدر على الغابة في إحدى اليالي
فرأى الثعلب يمشي خلة بين الدوالي
كلما لاح خيال ، خاف من ذاك الخيال
واقشعرّا
ورأى ليثا مسورا واقفا عند الغدير
كلما استشعر حسا ملاّ الوادي زئير
فإذا بالماء يجري خائفا عند الصخور
مكفهرّا
ورأى البدر ابن آوى يتهادى في الفضاء
كمليك حوله الشهب جنود وإما
قال: لو كنت رفيق البدر ، أو بدر السماء
أو خياله
عشت حرا جيرتي الشهب ولي الظلماء مركب
لآمنا، ألعب بالبرق وطورا بي يلعب
لا أبالي سطوة الراعي ولا الكلب المجرّب
وصياله
غير أن الليث لما أبصر البدر الضحوكا
قال: يا ابن اليل مهما أشتهى لا أشتهيكا
أنت وضّاح ولكن قاحل لا صيد فيكا
أو حيالك
لك هذا الأفق ، لكن هو أيضا للكواكب
إنما لو كنت ليثا ذا نيوب ومخالب
لم تعث في وجهك الوضّاح ألحاظ الثعالب
صن جمالك
عبد من أغاني الزنوج في أميركا
فوق الجميّزة سنجاب
والأرنب تمرح في الحقل
وأنا صيّاد وثّاب
لكن الصيد على مثلي
محظور إذ أنّي عبد
والديك الأبيض في القنّ
يختال كيوسف في الحسن
وأنا أتمنّى لو أنّي
أصطاد الديك ولكنّي
لا أقدر إذ أنّي عبد
وفتاتي في تلك الدار
سوداء الطلعة كالقار
سيجيء ويأخذها جاري
يا ويحي من هذا العار
أفلا يكفي أنّي عبد؟


الساعة الآن 05:53 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team