![]() |
المتنبي - قراءة طه حسين لنماذج من اشعاره
نكابر حينما ندعي اننا نستطيع فهم الكثير من الشعر القديم لمجرد قراءته وعدم الغوص في المعاني والشروح والخلفيات التاريخية ونكابر اكثر حينما ندعي فهمنا لشعر عبقرية فذة مثل المتنبي من دون اداوات مساعده مثل تلك التي تساعد على سبر اغوار النصوص وشرحها.
في هذا المنبر سأحاول ان اقدم نماذج من اشعار المتنبي كما قرأها ، فهما وشرحها طه حسين والمرجعية هي كتاب " مع المتنبي " والغاية هي فهم اعمق لاشعار المتنبي الذي يظل "مالئ الدنيا وشاغل الناس": يمكنك ايضا الاطلاع على سر خلود وبقاء المتنبي على الرابط التالي: http://www.mnaabr.com/vb/showthread....راق-ساخنة-(-10-) |
يقول طه حسين في مقدمة كتابه عن سبب اعداده لهذا الكتاب:
" اكبر الظن اني إنما فعلت ذلك لان المتنبي كان وما زال حديث الناس المتصل منذ أكثر من عامين، ولاني حاولت وما زلت احاول ان استكشف السر في حب المحدثين له وإقبالهم عليه، وإسرافهم في هذا الحب والاقبال، كما اسرف القدماء في العناية به حبا وبغضا وإقبالا وإعراضا..." |
عن نسب المتنبي يقول طه حسين : أكان المتنبي يعرف أباه؟ قال المؤرخون نعم ولم يقل المتنبي شيئا...فأنت تقرأ ديوانه من اوله الى آخره وتقرؤه مستأنيا متمهلا فلا تجد فيه ذكرا لهذا الرجل الطيب الذي انجب للقرن الرابع شاعره العظيم.... كان المتنبي يؤثر ان ينتسب للسيف والرمح والى الحرب والبأس على ان ينتسب الى هذا الرجل الطيب الذي اسماه المؤرخون الحسين ونسبوه الى جعفي من عرب الجنوب.. أكان المتنبي يعرف جده ؟ لا يحدثنا ديوانه بشيء....ومن لم يعرف اباه لم يعرف جده. وبعد فليس يضع من قدر المتنبي عندي الا يعرف لنفسه ابا وليس يرفع من شأنه ان يكون ابوه من المجد ونباهة الذكر بحيث كان غالب بن صعصعة ابو الفرزدق وشيخ تميم.. وانا اقبل في اعجاب لا حد له هذه الابيات التي هي من اروع ما قال المتنبي من الشعر: أنا ابنُ مَن بعضُهُ يفوق أبا الباحـ ثِ والنجل بعضُ من نَجَلَه وإنما يذكر الجدود ود لهم من نفروه وانفدوا حيله فخرا لغض أروح مشتمله وسمهري أروح معتقله وليفخر الفخر إذا غدوت به..............مرتديا خيره ومنتعله أنا الذي بين الاله به ال .............أقدار والمرء حيثما جعله جوهرة تفرح الشراف بها ..........وغصة لا تسيغها السفله ................................. ويظهر الجهل بي وأعرفه....والدر در برغم من جهله يقول طه حسين " فالمتنبي كما ترى لا ينسب نفسه الى اب كأباء الناس وإنما ينسب نفسه الى متجزئ له بعض يمتاز من كله وبعضه هذا يفوق آباء الباحثين عن نسبه المتقصين لامره. هو اذن ينتسب الى معنى بعضه يغني عن كل غيرع وقليله يغني عن كثير سواه ..هو ينتسب الى البأس والشدة والى المرؤة والنجده والى ارتفاع الهمة وبعد الامل وحسن البلاء : به يفخر السف إن اشتمل السيف وبه يفخر الرمح إن اعتقل الرمح وبه يفخر الفخر إن اكتساه ثوبا أو احتذاه نعلا.. |
عن أم المتنبي . ولو لم تكوني بنتَ أكرمَ والدٍ ......لكانَ أباكِ الضخْم كونَكِ لي أمَّا يقول طه حسين : هل كان المتنبي يعرف أمه؟ ديوان المتنبي صامت تجاه أمه صمته إلى أبيه. .فالصبي الشاب والرجل المكتهل والمتنبي راضيا وساخطا ومسرورا ومحزونا لا يذكر أمه كما انه لا يذكر أباه. لكن خطب المتنبي في أمه أعظم من خطبه في أبيه. فلا احد يعرف من أمرها شيئا ولم يذكر احد من أمرها شيئا. |
هل كان المتنبي عربيا؟ كان المتنبي يرى انه عربي ، وسار حياته كلها سيرة ملائمة لهذا الرأي. ولعل هذا الرأي كان ابلغ المؤثرات في حياته العملية وهو ابلغ المؤثرات في حياته الفنية على كل حال وقد أنبأنا المتنبي برأيه هذا في نفسه حين قال: لا بقومي شرفت بل شرفوا بي ...وبنفسي فخرت لا بجدودي وبهم فخر كل من نطق الضا...د وعوذ الجاني وغوث الطريد فهذا البيت الثاني صريح في أن المتنبي كان يعلن إلى الناس انه لا يشرف بقومه وإنما يشرف قومه به وانه يفخر بنفسه لا بأجداده وإن كان قومه فخر العرب ومجتمع خلالهم وخصالهم.. |
من قصيدة المتنبي في رثاء جدته: طلبت لها حظا ففاتت وفاتني ..........وقد رضيت بي لو رضيت بها قسما فأصبحت استسقى الغمام لقبرها....وقد كنت استسقى الوغى والقنا الصما ................................ .............................. هبيني اخذت التأر فيك من العدى ........فكيف بأخذ الثأر فيك من الحمى ................................ ............................... ولو لم تكوني بنت أكرم والد ..........لكان أبوك الضخم كونك لي أما لئن لذ يوم الشامتين بموتها ..............لقد ولدت منى لأنفهم رغما تغرب لا مستعظما غير نفسه ................ولا قابلا إلا لخالقه حكما ................................ ............................... وما الجمع بين الماء والنار في يدي بأصعب أن اجمع الجد وألفهما ............................. ............................... واني لم قوم كأن نفوسهم ..........بها انف أن تسكن اللحم والعظما كذا أنا يا دنيا إذا شئت فأذهبي ...ويا نفس زيدي في كرائهها قدما فلا عبرت بي ساعة لا تعزني ........ولا صحبتي مهجة تقبل الظلما يرى طه حسن أن هذه القصيدة خالدة يرثى فيها المتنبي جدته وقد ملئت بالعواطف المكظومة والأهواء المكتومة والخواطر التي لا يعرب عنها إلا بالإشارة والتلميح. فهو قد طلب لجدته حظا لم يدركه لأنها أسرعتإلى الموت ولان هذا الحظ أبطأ على طالبه. وهو يسأل كيف يستطيع أن يثأر لها من الحمى التي قضت عليها على فرض أنه استطاع أن يثأر لها من الأعداء الذين أساءوا إليها. ويدل هذا في رأي طه حسين على أن سرا من الأسرار كان يكتنف حياة أبي الطيب ويحيط بأسرته ويستر عنها حقيقة الصلة التي كانت بينه وبين هذه الجدة الصالحة. ويلمح المتنبي في القصيدة بأن قوما قد يسرون بموت جدته ويمتون به وبها ولكنه يعلن إلى هؤلاء الناس أنها إن مضت وأعجزها الموت عن أن تكبتهم وترد كيدهم في نحورهم فقد ولدته رغما لأنوفهم وكبتا لما في صدورهم من الحقد والشنآن. ثم هو يصف لنا نفسه كما تعود أن يصفها شديدة البأس قوية المراس أبية الضيم ممتنعة على الذل. |
أبيات من شعر الصبا،، بأبي مَنْ وَددتُهُ فافترقنا ...وقَضى اللهُ بَعدَ ذاكَ اجتماعا فافتقرنا حَولا فَلما التقينا ...كانَ تسليمُهُ علىَّ وَداعا يقول المتنبي عن هذين البيتين: - أولا يرى طه حسين أن المتنبي يقلد من سبقه في هذين البيتين. - الفكرة الشعرية التي يريد المتنبي أن يصورها هي انه أحب شخصا فلم يكد يحبه حتى فرق الدهر بينهما ثم طال انتظاره للقاء من أحب وأتيح له هذا اللقاء ولكنه لم يطل بل فرق الدهر بينهما مرة أخرى. فهو سيء الحظ يحب ثم يحال بينه وبين من أحب قبل أن ينعم بعشرته ثم يتاح له اللقاء فيقدر أنه سيستدرك ما فاته من نعم ولكن قسوة الدهر تخيب أمله هذا أيضا.. يمكنك ايضا الاطلاع على سر خلود وبقاء المتنبي على الرابط التالي: http://www.mnaabr.com/vb/showthread....راق-ساخنة-(-10-) |
أبيات أخرى من شعر الصبا،، أبلى الهوى أسفا يومَ النوى بَدَني ...وفَرقَ الهجرُ بينَ الجفنِ والوَسَنِ روح تردد في مثل الخلال إذا.......... أطارت الريح عنه الثوب لم يبن كفى بجسمي نحولا أنني رجل..............لولا مخاطبتي إياك لم ترنى يقول طه حسين... واضح أن الفكرة التي أراد المتنبي إيصالها هي النحول لا بل الاغراق في وصف النحول..ويرى طه حسين ان المتنبي قد وفق في النظم حيث الموسيقى بين كلمتي الهوى والنوى واظهر قدرة على التصرف في الالفاظ. |
لا تسحن الوفرة حتى ترى ...منشورة الضفرين يوم القتال على فتى معتقل صعدة............ يعلها من كل وافي السبال يقول طه حسين ترى في هذين البيتين جزالة مطبوعة...وهما يصوران نزوع المتنبي إلى الحرب والقتال ورؤية الدم المسفوك– وهو ما يزال حدثا- فالمتنبي هنا يهجو ولا يرضى عن هؤلاء الصبية المنعمين الذين يعنون بوفرتهم وتنسيق شعورهم أكثر مما يعنون بحياة الخشونة. وفي بالبيتين ريح البيئة الدامية التي كان يعيش فيها الصبية من أتراب المتنبي . |
أرقٌ على ارق ومِثلىَ يأرق.....وَجَوى يزيدُ وعَبْرَةٌ تَتَرقْرَقُ جَهْدُ الصَّبابةِ أن تكونَ كما أرَى...عينٌ مُسهدةٌ وقلبٌ يَخفقٌ ما لاحَ برقٌ أو ترنمَ طـــائرٌ...............إلا انثنيتُ وَلى فــــــؤادٌ شيقُ يتغنى المتنبي في هذه غناء غامضا بعواطف مبهمة وإن ظهر منها أنها العشق، ولكن هذا الغناء صادق اللهجة قوى النغمة يصدر عن قلب حزين وينتهي إلى القلوب فيثر فيها الحزن والأسى. فأرق الشعر متصل يقفو بعضه إثر بعض، والشاعر يقرر ذلك ولا ينكره، لأنه يرى أن مثله خليق أن يأرق. فأما عامة الناس فيفهمون من هذا الشطر الأول شدة العشق، وحدة الحب، ولوعة الهوى، وأما العارفون بأمر المتنبي فيفهمون من هذا الشطر هم الشاعر الذي يطيل ليله ويضاعف أرقه، وأمل الشاعر الذي يملا قلبه ، ويبعد عن متناوله. والشاعر محزون يزيد حونه كلما مرت الساعات والأيام، وقد ينتهي به هذا الحزن المتصل المتزايد إلى البكاء. وانظر إلى البيت الثاني : جَهْدُ الصَّبابةِ أن تكونَ كما أرَى...عينٌ مُسهدةٌ وقلبٌ يَخفقٌ فهل ترى غناء اصدق من هذا الغناء وأبلغ تأثيرا في النفس!ورغم أن البيت لا يأتي بشيء جديد ولا طريف لكن صدق لهجة الشاعر والجمع بين تسهيد العين وخفقان القلب يشيع في هذا البيت حزنا لا ادري كيف أحققه، ولكنى أعلم انه شديد العدوى سريع الانتقال إلى سامعيه وقارئيه. ثم انظر إلى البيت الثالث: ما لاحَ برقٌ أو ترنمَ طـــائرٌ....إلا انثنيتُ وَلى فــــــؤادٌ شيقُ فسترى فيه مثل ما رأيت في البيت السابق ، وستجد فيه حنين الشاعر إلى وطنه الذي لم تزل نفسه به متصلة لم تسل عنه بعد. |
أخي أيوب سلام الله عليك من الواضح أن طه حسين قرأ ما خلف السطور تحليل جميل لشاعر مالئ الدنيا وشاغل الناس امض ِ لما بدأت به .. أتابعك مع الاحترام ...... ناريمان |
الاخت نريمان
اشكرك على مرورك وعلى المتابعة ..جميل ان اعرف بأن هذا الجهد يتم متابعته ولا يذهب ادراج الرياح... فالمتنبي مدرسة في الشعر وطه حسين مدرسة في النثر. والاستفادة من قرأتهما قصوى وفي حدها الاعلى. |
أبَنِى أبينا نَحنُ أهلُ مَنَازِلٍ............أبَدًا غُرَابُ البْيَنِ فيها يَنْعَقُ نَبْكي على الدُنيا وما من معَْشَرٍ.......جَمَعَتْهُمُ الدُّنْيَا فَلَم يَتَفَرَقّوا أين الاكاسرةُ الجَبابرَة الالىَ.....كنَزَوا الكنوز فما بَقِينَ ولا بَقُوا مِنْ كلَّ من ضاقَ الفَضَاءُ بجَيْشه...حتى ثوَىَ فَحَوَاهُ لَحْدٌ ضََّيقُ خُرْسٌ إذا نُودُوا كأن لمْ يَعْلَمُوا...... أنَّ الكلاَمَ لَهُمْ حَلاَلٌ مُطْلقُ فالموْتُ آتٍ والنّْفُوسُ نَفَائسٌ....... والمُسْتَغِرُّ بما لَدَيهِ الأحمَقٌ والمَرْءُ يَأمُلُ والحيَاةٌ شهية ......والشَّيْبُ أوْقَرُ والشبيبةٌ أنزَقُ ولقَدْ بكيتُ عَلَى الشَّبابِ ولِمتَّى ...مُسْوَدَّةٌ ولِمَاء وَجْهِي رَوْنَقُ حَذَرّا عَلَيْه قبلَ يومِ فِرَاقه ........حتى لَكِدْتُ بماء جَفْنى أشْرَقُ يقول طه حسين ..هل رأيت ما في هذه الأبيات من حزن؟ ألحظت البيت الأول منها كيف يمثل اطمئنان الشاعر إلى هؤلاء الذين يتحدث إليهم لأنهم بنو أبيه ليسو عجما؟ أرأيت أنه يسجل أن القحطانية أهل منازل ينعب فيها غراب البين أبدا، فالهجرة من طبعهم ، والغربة مفروضة عليهم؟ ثم أرأيت كيف مضى الشاعر في هذه الشكوى مفلسا في سذاجة توشك أن تكون عامية بل هي أشبه بالوعظ منها بالفلسفة؟ ولكن الذي ينبغي أن نفكر فيه هو أن هذه الفلسفة الساذجة أصل لهذه الشجرة التي ستنمو وتمتد أغصانها حتى تملأ شعر المتنبي مواعظ وحكما وأمثلا. والذي ينبغي أن نفكر فيه أيضا هو أننا نكاد نحس في هذه الأبيات بدء التفكير الفلسفي الحزين عند هذا الفتى، وأن هذا التفكير الفلسفي إنما يأتي من رجوع الفتى إلى نفسه أولا والى قومه ثانيا. فهو يرى نفسه غريبا مشردا، سيء الحال ، وهو يرى قومه بعد ذلك غرباء مشردين، قد تسلط عليهم من كان ينبغي أن يتسلطوا هم عليهم، واستأثر بالأمر دونهم من كان ينبغي ألا يكون له من الأمر شيء، والطباق كما ترى في هذه الأبيات، هو القوام الفني لشعر الشاعر لا يعدل عنه ولا يكاد يعدل به أداة فنية أخرى. وأنظر إلى آخر هذه الأبيات، والى بكاء الشاعر على الشباب، وهو في ريعان الشباب، والى تعليل الشاعر لبكائه هذا على شباب لم يفارقه، بل لم يكد يستقبله بالخوف من مفارقته التي ليس منها بد. |
إن كنت ظاعنة فإن مدامعي.........تكفي مزادكم وتروى العيسا يرى طه حسين أن الدموع التي يسفحها المتنبي من الغزارة بحيث يستطيع القوم أن يأخذوا منها ما يملأ مزادهم ليشربوا في أثناء السفر وما يكفي لري الإبل في أثناء السفر أيضا...وطه حسين يرى في هذا البيت الكثير من التكلف والمبالغة غير المنطقية ويتساءل طه حسين هل أن المتنبي سأل نفسه إن كانت دموعه تصلح لشرب صاحبته الحسناء ؟ وهل هي من العذوبة بحيث تلائم هذا الجسم الغض البض وتبعث فيه الجمال والحياة؟. |
حاشى لمثلك أن تكون بخيلة..........ولمثل وجهك أن يكون عبوسا ولمثل وصلك أن يكون ممنعا.......... ولمثل نيلك أن يكون خسيسا يقول طه حسين " لست ادري بأي امرأة أراد المتنبي أن يشبب في هذين البيتين، وما أرى إلا انه كان يشبب بمن لا يحسن التشبب بها من النساء، فالمرأة التي ترتفع عن البخل، ويرتفع وصلها عن التمنع، ليست خليفة بالشعر إلا حين يقصد إلى هجائها ولكن المتنبي لا يقف عند مثل هذا التفكير، بل لا يكره أن ينقض هذين البيتين، فيصف صاحبته بالدال الذي يمنعها من أن تتكل، والخفر الذي يمنعها أن تمس فيقول: خود جنت بينى وبين عواذلي.....حربا وغادرت الفؤاد وطيسا بيضاء يمنعها تكلم دلها.........تيها ويمنعها الحياء تميسا فهي ارفع من البخل، ووصلها ارفع من الامتناع، ولكنها مع ذلك من الدل والتيه، ومن الخفر والحياء، بحيث لا تستطيع أن تتكلم، ولا أن تميس، فهي بخيلة كريمة، وهي ممنعة مبتذلة، وهي حيية وقحة. وقد وجد الشاعر عندها آخر الأمر دواءه من كل داء، فاعرض عن الأطباء، وهانت عليه صفات زعيمهم العظيم: لما وجدت دواء دائى عندها ............هانت على صفات جلينوسا ويظهر أن هذه الفتاة التي لا يكره المتنبي أن يرويها بدموعه ، والتي جمعت النقائض من صفات النساء، قد شغلت فتانا حقا، فأنسته التخلص إلى الممدوح، وإذا هو يقتضب الكلام اقتضابا، ويهجم على ممدوحه هجوما لا رفق فيه ولا ظرف فيقول: أبقى زريق للثغور محمدا........أبقى نفيس للنفيس نفيسا يقول طه حسين " فانظر إلى هذه النفنفة، أو إلى هذه الفسفة، أو إلى هذه النسنسة التي من تكرار النفيس ثلاث مرات في شطر واحد. واعذر محمد بن زريق إذا ضاق بصاحبه أولا، وبهذا التكرار ثانيا، ويما سيأتي من السخف ثالثا، فلم يعط الفتى إلا عشرة دراهم ، ولم يزده إلا بعد أن شفع إليه الشافعون وزاد المتنبي في المدح. |
بَشرٌ تصور غاية في آية.................تنفى الظُنون وتُفسد التقييسا وبه يُضنُّ على البَريةِ لا بها................وعليه منها لا عليها يُوسى لو كان ذو القرنين أعملَ رأيَهُ.........لما أتى الظُلماتِ صِرَن شُموسا أو كانَ صادفَ رأسَ عازر سيفه........في يوم معركة لأعيا عيسى أو كان لُجُّ البَحر مثلَ يمينه.............ما انشق حتى جاز فيه موسى أو كان للنيران ضوءُ جبينه............عُبدت فكان العالمون مجوسا لا يظن طه حسين أن هذه الأبيات تحتاج إلى شرح أو تعليق فمن السهل استنتاج أن المتنبي اغرق في المبالغة وأسرف في تجاوز الحدود الدينية والذي يعتقد طه حسين انه جاءه من قرمطيته. |
إني لأعلمُ واللبيبُ خَبيرُ ....أنَّ الحياةَ وإنْ حَرَصتُ غُرُور يقول المتنبي إن شعر المتنبي الذي قاله في التنوخيين كثير ، يعظم حظه من الجودة ، وينتهي أحيانا إلى الروعة، وفيه البشائر بنضج الشاعر، والطلائع المنبئة بنبوغه/ وفيه على ذلك ما يدل على أن حياته مع التنوخيين قد أثارت في نسفه آمالا وأماني ، وخيلت إليه انه قريب من غايته، وكانت حياة راضية على كل حال. ثم يقول طه حسين أن المتنبي ذكر في شعره 3 من التنوخيين أولهما محمد بن إسحاق التنوخي وقد ذكره راثيا له باكيا أو متباكيا ومبكيا عليه، كأنه لم يعرفه، ولم تتصل المودة بينه وبينه، وإنما مات قبل أن تطول إقامة المتنبي في اللاذقية وقد رثاه بالرائية التي مطلعها هذا البيت إني لأعلمُ واللبيبُ خَبيرُ ....أنَّ الحياةَ وإنْ حَرَصتُ غُرُور وهي قصيدة عادية لا خطر فيها ولا غناء، يقول طه حسين، ولكنها أرضت أهل الميت فاستزادوه فزادهم على الوزن والقافية هذه الأبيات التي يقول في أولها: غاضت أنامله بحور...وخبت مكائده وهن سعير وكأن أسرة أخرى كانت تنافس التنوخيين في اللاذقية، فأشاعت أن أبناء عم الميت لم يحزنوا عليه وأنهم قد شمتوا بموته، فلجئوا إلى أبى الطيب يسألونه أن ينفى عنهم هذه الشماتة، فقال على الوزن والقافية : ألآل إبراهيم بعد محمد.....إلا حنين دائم وزفير |
كأن بنات نعش في دجاها.......خرائد سافرات في حداد يرى طه حسين أن في هذا البيت تشبيه رائع بديع يخلب المتلقي بلفظه ومعناه! ولكن الشاعر ليس فارغ البال ليصف رهبة الليل، وجمال النجوم، وإنما هو مثقل بهمومه، معجل عن التفكير في جمال الطبيعة، وعن تصوير هذا الجمال إلى التفكير في معاقرة المنايا: أفـــــــكرُ في مُعاقَرَةِ المنايا.........وقَوْدِ الخَيلِ مُشرِفةَ الهَوادي زَعيمٌ للقنَا الخَطىَّ عـَزمى ..........بسَفْكِ دمِ الحواضِرِ والبَوادي إلى كم ذا التخــلُفُ والتَواني.......وكم هذا التمادي في التمادي وشَغْلُ النَفس عن طَلَبِ المعالي...ببيْعِ الشعرِ في سُوق الكَساد وما ماضي الشبَابِ بمُسترد............... ولا يَوْمٌ يَمُرُ بمُستعادِ متى لَحَظَتْ بياض الشيبِ عَيْنى.... فقد وَجَدَتْهُ منها في السوادِ متى ما ازدَدْتُ من بَعدِ التَناهي.... فقد وقَعَ انتِقاصي في ازدِيادي فهذا الشعر يعبر عن نفسه ويعلن إلى قارئه أو سامعه ما فيه من جمال وروعة وما فيه من قوة وحزم وما فيه من تحرق إلى الخروج من هذه الحال التي ضاق بها الشاعر أشد الضيق، كما انه يعلن إلى قارئه أو سامعه أن عقل صاحبه قد نضج وبلغ أشده وأصبح قادرا لا على التفكير المستقيم فحسب، بل كذلك على استخراج المعاني الدقيقة وتصويرها في ابرع اللفظ وأرقاه. |
لولاكَ لم اتركِ البحيرة والـ....ـغور دفيءٌ وماؤها شَبم والموجُ مثلُ الفُحُولِ مزبدة...... تَهدرُ فيها وما بها قطم والطيرُ فوقَ الحَبابِ تحسبَها...فُرسانَ بُلقٍ تخونها اللُّجُمُ كأنها والرياحُ تضربُها.........جيشا وغى: هازِمٌ ومُنهزم كأنها في نَهارِها قَمَرٌ................حَفَ بهِ من جنانها ظلم ناعِمة الجمم لا عظام لها........... لها بنات وما لها رحم يبقر عنهن بطنها أبدا................ وما تشكى وما يسيل دم تغنت الطير في جوانبها .........وجادت الأرض حولها الديم فهي كماوية مطوقة ...................جرد عنها غشاؤها الادم يشينها جريها على بلد.................... تشينه الادعيا والقزم يقول طه حسين ...في هذه القصيدة تظهر قدرة المتنبي على الوصف وبراعته في تصوير الطبيعة إذ يصف في هذه الأبيات البحيرة بحيرة طبرية. |
الأديب الأريب أستاذنا أيوب صابر
تحية طيبة لك ولغزارة علمك موضوع قيم طرحته هنا ، موضوع يتناول تلك الدراسة التي نشرها طه حسين ـ عفى الله عنه ـ عن المتنبي سائرا في الوصول إلى نتائجها على طريق القراءة التحليلية لنماذج من شعر المتنبي. وفقت كثيرا أستاذي أيوب في تسليط الضوء على هذا الموضوع القيم. |
استاذ حاتم الحمد
عيد اضحى مبارك عليكم وعلى اسرة منابر الكبيرة لقد شرفتني بهذه الزيارة الكريمة وهذه المداخلة التي اثرت الموضوع وزادته قيمة واهمية...وقد سررت جدا بأنها نالت اعجابكم ،، كل الشكر والتقدير لمروركم الكريم كل عام وانتم بخير |
زعمَ الـمُقيمُ بكوتكينَ بأنـــه .....بأنه من آلِ هاشمٍ بنِ عبد منَاِف فأجبْتُه مُذْ صِرتَ من أبنائِهِم .....صارت قُيودُهُمُ من الصفَّصافِ يقول طه حسن أن هذه الأبيات هي من الأشعار التي قالها المتنبي قبل أن تهدأ ثورته وقد هجا في هذين البيتين الهاشمي الذي قيده وأسلمه إلى جند السلطان. والشاعر في هذين البيتين يسخر من هذا الذي أسلمه وقيده سخرية لاذعة تدل على انه ما زال من حدة الثورة بحيث لا يستطيع أن يقدر بشاعة ما هو مقبل عليه. |
أهْوِنْ بطول الثَّوَاءِ والتَّلفِ ............ والسجنِ والقَيْدِ يا أبا دُلَفِ غيرَ اختيارٍ قبِلْتُ بِرَّك بي ........والجُوعُ يُرضِى الأسُودَ بالحيَفِ كنْ أيها السجنُ كيف شئت فقد.......وَطَّنْتُ للموتِ نفسَ مُعْترفِ لو كان سُكْنايَ فيكَ مَنقصةً............ لم يكُن الدُرُ ساكِنَ الصَّدَفِ هذه الأبيات قالها المتنبي لشخص يعرف باسم أبا دلف بره في السجن ، يقول طه حسين ، ويرى طه حسين ان المتنبي لا بد قال هذه الابيات قبل ان يطول به المقام في السجن فهو ما زال محتفظا بكبريائه ولعله كان لا يزال محتفظا بآرائه معتزا بها موطنا نفسه على الموت في سبيلها. |
بيَدِي أيها الأميرُ الأريبُ..............لا لشيءٍ إلا لأني غريبُ أوْ لامّ لها إذا ذكرتْني .................دَمُ قَلْبِ بدَمْعِ عَيْنٍ يذوبُ إنْ أكن قَبل أنْ رَأيتُك أخْطأ ..........تُ فإني على يديكَ أتوبُ عائبٌ عابَني لَديك ومنْهُ ....خُلقَتْ في ذوِي العُيوبِ العُيوبُ يرى طه حسين بأن المتنبي اخذ في هذه الأبيات ( البائية ) بالتوسل والرجاء وهو في السجن بعد أن عاد إسحاق ابن كيغلغ واليا على حمص وهو في هذه الأبيات ذليل مستكين، يذكر غربته وجدته النائية، يتوب من خطأ إن كان قد تورط فيه، وينكر هذا الخطأ. وهذا البيت الأخير واضح في انه لم يؤخذ متلبسا بالجريمة كما يقول رجال القانون، أو لم يؤخذ ثائرا ثورة مادية، وإنما سعى به ساع فنقل إلى السلطان ما كان يقول من الشعر. |
أيا خدَدَ اللهُ وَرْدَ الخُدُودِ ..وقدَّ قُدُودَ الحسانِ القُدُودِ في هذا البيت يرى طه حسين، أن الشاعر يستعطف الأمير بعد أن أبطأ في الاستجابة وهذه الدالية من روائع قصائد المتنبي. وفيها نجد المتنبي مادح ، شاك، مستعطف وينكر ما اتهم به من الخروج على السلطان، ويعترف بأنه هم ولم يفعل، ويزعم للسلطان أن لا عقاب على الإرادة، وإنما العقاب على الفعل. |
تعجل في وجوب الحدود...وحدي قبيل وجوب السجود يقول طه حسين في هذا البيت انه من الأبيات الأخيرة من قصيدة المتنبي الدالية المشهورة والتي يدافع الشاعر فيها عن نفسه وينكر ما اتهم به من الخروج على السلطان، ويعترف بأنه هم ولم يفعل، ويزعم للسلطان أن لا عقاب على الإرادة، وإنما العقاب على الفعل. والشاعر هنا يزعم انه لم يبلغ الحلم ( قبل وجوب السجود) وعليه لم يستوجب الحد مع أن من المحقق انه كان في الحادية والعشرين أو الثانية والعشرين. |
وقيل عدوت على العالمي ن بين ولادي وبين القعود فما لك تقبل زور الكلام وقدر الشهادة قدر الشهود فلا تسمعن من الكاشحين ولا تعبأن بمحك اليهود وكن فارقا بين دعوى أردت ودعوى فعلت بشاو بعيد يقول طه حسين أن الشاعر في هذه القصيدة يبدو ذليل ضارع مستعطف ولكنه منكر للذنب الذي يحمل عليه اشد الإنكار. وقد سمع الأمير له هذه المرة، ولعله سمع لبعض الشافعين فيه، ولعله أراد أن ينقذ سجينا حبسه سلفه، فجمع له فيما يقال جماعة من أصحاب الجاه والشرف والدين واستتابه فتاب وأشهد على نفسه أنه جحد ما كان من أمره وعاد إلى سبيل المسلمين. |
أجارُكِ يا أُسْدَ الفَراديسِ مُكْرَمُ.....فتَسكُنَ نَفْسي أم مُهانٌ فمُسْلَمُ وَرَائي وقُدَّامي عُداةٌ كثيرَةٌ......... أحاذِرُ من لِص ومنكِ ومنهمُ فهل لَكِ في حِلْفى عَلَى ما أُريدُهُ..... فإني بأسْبابِ المعِيشةِ أعلم إذن لأتاكِ الرَّزقُ من كلِّ وِجهةٍ....... وأثرَيتِ ممَّا تَغْنَمينَ وأَغْنَمُ يقول طه حسين أن هذه الأبيات قالها المتنبي حين مر بقنسرين فسمع زئير الأسد والتي لا تخلو من تأثر بما سبق إليه الشعراء القدماء ولا سيما امرؤ ألقيس والفرزدق من مناجاة الذئاب والأسود. ويرى طه حسين أن البيت الثاني يعكس امتلاء قلب المتنبي بالوحدة والعزلة والفراغ إن صح أن تمتلي القلوب بهذه الأشياء وهل رأيت الفتى كما أراه في هذا البيت يقول طه حسين، وحيدا شريدا في فضاء الأرض الواسع وقد أطبقت عليه ظلمة الليل العريض وقد انصرف الفتى عن عدو وهو مقبل على عدو وهو يسمع زئير الأسد ويكاد يسمع الطريق ويكاد يرى أشخاص هؤلاء اللصوص الذين يأخذون السبيل على المجتمعين فكيف بهذا الطريد؟ وهل أحسست في هذين البيتين الآخرين الندم اللاذع والحسرة المضنية وحزن الشاعر الفتى لأنه لم يجد بين الناس من يعينه على تحقيق آماله فإذا هو يود لو وجده بين هذه الأسود الزائرة الكاسرة؟ فهي يا ترى سمعت الأسود لهذا اغناء وهذا الحزن؟ |
يمكنك الاطلاع ايضا على سر خلود وبقاء المتنبي هنا:
http://www.mnaabr.com/vb/showthread....راق-ساخنة-(-10-) |
فُؤادٌ ما تُسَلّيهِ المُدامُ.............وعُمْرٌمثلُ ما تَهَبُ اللِّئامُ ودَهْرٌ ناسُهُ ناسٌ صِغارٌ........وإنْ كانتْ لهمْجُثَثٌ ضِخامُ وما أنا مِنْهُمُ بالعَيشِ فيهم......ولكنْ مَعدِنُ الذّهَبِالرَّغامُ أرانِبُ غَيرَ أنّهُمُ مُلُوكٌ..................مُفَتَّحَةٌ عُيُونُهُمُنِيَامُ بأجْسامٍ يَحَرّ القَتْلُ فيها............. .وما أقْرانُها إلاّ الطّعامُ وخَيْلٍ ما يَخِرّ لها طَعِينٌ............. كأنّ قَنَا فَوارِسِها ثُمَامُ خَليلُكَ أنتَ لا مَن قُلتَ....... خِلّي وإنْ كَثُرَ التّجَمّلُ والكَلامُ ولو حِيزَ الحِفاظُ بغَيرِ عَقْلٍ......تَجَنّبَ عُنقَ صَيقَلِهِ الحُسامُ وشِبْهُ الشيءِ مُنجَذِبٌ إلَيْهِ.......... وأشْبَهُنَا بدُنْيانا الطَّغامُ ولَوْ لم يَعْلُ إلاّ ذو مَحَلٍّ تَعالى.........الجَيْشُ وانحَطّ القَتَامُ ولَوْ لم يَرْعَ إلاّ مُسْتَحِقٌّ..............لرُتْبَتِهِ أسامَهُمُ المُسَامُ ومَنْ خَبِرَ الغَواني فالغَواني....... .ضِياءٌ في بَواطِنِهِ ظَلامُ إذا كانَالشّبابُ السُّكرَ والشّيْـ. ـبُ هَمّاً فالحَياةُ هيَ الحِمامُ وماكُلٌّ بمَعذورٍ بِبُخْلٍ.................ولا كُلٌّ على بُخْلٍ يُلامُ ولم أرَ مِثْلَجيراني ومِثْلي...........لمِثْلي عِندَ مِثْلِهِمُ مُقامُ بأرْضٍ ما اشْتَهَيْتَرأيتَ...... فيها فلَيسَ يَفُوتُها إلاّ الكِرامُ فهَلاّ كانَ نَقْصُالأهْلِ.........فيها وكانَ لأهْلِها مِنها التّمامُ يقول طه حسين بأن القسم الأول من القصيدة يحتوى على ابلغ ما صور به المتنبي في هذا الطور من حياته رأيه في الزمان والناس وسخطه على الحياة والأحياء. |
أمِنَ ازْدِيارَكِ في الدُّجَى الرُقَباءُ ...إذْ حيثُ أنْتِ من الظَّلامِ ضِياءُ يقول طه حسين ...ينبغي أن تغفر للمتنبي هذا الجمع بين ظرفي الزمان والمكان في أول الشطر الثاني فهو قد اتعب النحويين تحليلا وتعليلا ولكنه مع ذلك ظاهر المعنى فالمتنبي لا يزيد على أن يقول لصاحبته- في هذه القصيدة الغزلية- إن الرقباء مطمئنون إلى انك لن تزوريني إذا اظلم الليل، لان وجهك يضيء الظلمة فينم عنك لأنك ضياء حيث كنت... فالمعنى ظاهر ولكن صيغته تعميه بعض الشيء.,,وتتطلب بعض الجهد من المتلقي لفهمه. |
قَلَقُ المَليحَةِ وِهْيَ مِسْكٌ هَتكُها.....ومَسيرُها في اللّيلِ وهيَ ذُكاءُ أسَفي على أسَفي الذي دَلّهْتِني..........عَنْ عِلْمِهِ فَبِهِ عَليّ خَفَاءُ وَشَكِيّتي فَقْدُ السّقامِ لأنّهُ..............قَدْ كانَ لمّا كانَ لي أعضاءُ يقول طه حسين أن البيت الثاني هنا توضيح وتفصيل وإطناب للبيت الأول، ولكن فيه تعميما ليس في ذلك البيت. فالمليحة قلقة فيما تدبر من أمرها ، لأنها مسك ينم عليها نشرها، وشمس يفضحها ضوءها وإن سرت بليل. أيضا انظر إلى البيت الثالث الذي ذهب الشاعر فيه مذهب المتصوفة الصريح حين يلوون الألفاظ عن أساليبها الطبيعية الظاهرة. فالشاعر يأسف على أسفه الذي هو محقق، ولكنه لا يعمل به لان صاحبته قد دلهته عنه وأذهلته. بما يحدث في نفسه من أثر. والشاعر يؤكد لنا هذا المعنى تأكيد في البيت الرابع الذي ينبئنا فيه بأنه لا يشكو السقام، وإنما يشكو فقد السقام ذلك انه كان يحس السقم حين كان له جسم يمسه السقم وتلم به الآلام. فأما وقد أفنى الحب جسمه وأعضاؤه فهو لا يشكو سقما ولا ألما وإنما يشكو شيئا أبلغ من السقم والألم وهو العدم الذي يمنعه أن يحس سقما وألما. ويضيف طه حسن ..وتصور أنت شاعرا يجد نفسه ويشعر بها، ويعلم أنه معدوم ويشكو من هذا العدم. ولكن لا تنس أن شاعرنا يقدم هذا الكلام بين يدي مدحه لرجل من المتصوفة فهو يصطنع له مذهب المتصوفة في الكلام والتفكير أيضا. |
الساعة الآن 08:50 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.