منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الآداب العالمية. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=38)
-   -   فرح - قصة قصيرة للكاتب انطون تشيخوف – ترجمة د. زياد الحكيم (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=13253)

د. زياد الحكيم 04-07-2014 03:50 PM

فرح - قصة قصيرة للكاتب انطون تشيخوف – ترجمة د. زياد الحكيم
 

كانت الساعة الثانية عشرة ليلا.

اندفع ميتيا كالداروف الى شقة والديه متنقلا من غرفة الى غرفة بوجهه المهتاج وشعره المتطاير. وكان والداه قد استسلما للنوم. وكانت اخته قد استلقت في سريرها لتقرأ الصفحة الاخيرة من رواية. وكان اخواه، تلميذا المدرسة، قد استغرقا في النوم.

صاح ابواه في ذهول: "اين كنت؟ ماذا دهاك؟"

_ "لا تسألا. لم اكن اتوقع ما حدث. لم اتوقعه على الاطلاق. انه امر لا يصدق."

ضحك ميتيا وغرق في كرسي، وقد غمره احساس بالسعادة الى درجة انه لم يعد يستطيع ان يقف على رجليه.

_" انه امر لا يصدق. ليس بامكانكما ان تصدقاه. انظرا."

قفزت اخته من السرير، ولفت نفسها بلحاف، واقتربت منه. وصحا اخواه من النوم.

-"ماذا في الامر؟ لا تبدو كعادتك."

-"هذا لاني مسرور سرورا عظيما يا امي. هل تعلمون ان روسيا كلها تعرفني الان؟ روسيا كلها. حتى اليوم كنتم وحدكم تعرفون ان ثمة موظفا صغيرا اسمه ديمتري كالداروف. اما الان فان روسيا كلها تعرف ذلك يا امي. يا الهي."

ونهض ميتيا وراح يذرع الحجرات ذهابا وايابا. ثم جلس من جديد.

-"انكم تعيشون مثل الحيوانات البرية ولا تقرأون الصحف ولا تلاحظون ما ينشر فيها. وهناك الكثير مما هو مهم في الصحف. فاذا حدث شيء فان الصحف تجعله معروفا على الفور. ولا تخفي الصحف شيئا. كم انا سعيد. يا الهي. هل تعلمون ان الاشخاص المهمين تنشر اسماؤهم في الصحف. والان نشرت الصحف اسمي."

-"ماذا تعني؟ اين؟"

شحب وجه الاب. ونظرت الام الى الصورة المقدسة ورسمت اشارة الصليب. واقترب الصبيان من اخيهما وهما في ثياب النوم.

_"اجل. نشر اسمي. والان روسيا كلها تعرف من انا. احتفظي بالصحيفة يا امي للذكرى. سنقرأها في يوم من الايام. انظروا."

واخرج ميتيا من جيبه نسخة من الصحيفة واعطاها لابيه واشار باصبعه الى فقرة رسمت حولها دائرة بقلم ازرق.

-"اقرأها."

وضع الاب نظارته على عينيه.

_"اقرأها."

ونظرت الام الى الصورة المقدسة ورسمت اشارة الصليب. وتنحنح الاب وبدأ القراءة: "في الساعة الحادية عشرة من التاسع والعشرين من ديسمبر كان الموظف المعروف باسم ديمتري كالداروف..."

-"اسمع. اسمع. اتمم القراءة."

-". . .كان الموظف المعروف باسم ديمتري كالداروف خارجا من احدى الحانات في منطقة برونايا الصغرى وهو في حالة سكر. . ."

-"هذا هو انا. ومعي سيميون بتروفتش. كل شيء موصوف وصفا دقيقا. واصل القراءة. اسمعوا."

-"وهو في حالة سكر، فانزلق ووقع تحت حصان عربة تابعة لفلاح من قرية دوريكينو اسمه ايفان دروتوف. فاصيب الحصان بالذعر وركل كالداروف وجر العربة فوقه وكان في العربة تاجر من موسكو اسمه ستيفان لوكوف، حاول الفرار ولكن حمالين امسكوا به. نقل كالداروف الذي كان في حالة اغماء الى مخفر الشرطة حيث عرض على طبيب. والاصابة التي تلقاها في مؤخرة رأسه. . ."

-"كان ذلك بسبب الجزء الامامي من العربة يا ابي. واصل القراءة."

-". . .تبين انها ليست اصابة خطرة. وسجل الحادث حسب الاصول. وتلقى المصاب العناية الطبية اللازمة."

-"قالوا لي اني يجب ان ابلل مؤخرة رأسي بالماء البارد. هل قرأتم كل شيء الان؟ انتم ترون اذن ان روسيا كلها تعرف ذلك. اعطني الصحيفة."

امسك ميتيا بالصحيفة، وطواها، ووضعها في جيبه.

-"سأسرع الان لاطلع اسرة ماكاروف على الخبر. وسأطلع اسرة ايفانتسكي. واسرة ناتاسيا. واسرة فاسيليتش. سوف اسرع. الى اللقاء."

وضع ميتيا قبعته على رأسه وانطلق الى الشارع باحساس غامر بالفرح والانتصار.


zedhakim@yahoo.co.uk

فاتحة الخير 04-07-2014 06:06 PM

السلام عليكم ورحمة الله


ربما كانت إصابة ديميتري أكثر خطورة مما شخصها الاطباء، مما جعله يصاب بهستيرية الشهرة.
وربما أن الإحساس بالاهتمام حتى لو كان هذا الاهتمام مجرد خبر صغير في زاوية بعيدة في صحيفة ما، يولد الشعور العارم بالفرح وكما ذكر المؤلف " بالانتصار" أي الانتصار ربما على النظرة الدونية للآخر اتجاهه أو ربما تغير نظرته هو لنفسه، كشخص عادي وفي فلتة من فلتات عجلات عربة، خلد اسمه في صحيفة.


شكرا لك دكتور زياد حكيم، على تعريفنا بنمط من أنماط الأدب الروسي.

د. زياد الحكيم 04-07-2014 06:52 PM

الاستاذة فاتحة الخير – شكرا للاهتمام والتعليق
الذي وضعت فيه يدك على النقطة الرئيسية في القصة.
انطلق ديمتري الى الشارع باحساس غامر بالفرح والانتصار
ليخبر كل من يعرفه بانه صار انسانا مشهورا في روسيا كلها.
ولكن اي فرح واي انتصار؟
تشيخوف هنا يستعمل التعبيرين "الفرح" و"الانتصار"
في كثير من السخرية والمرارة. ففي الوقت الذي يشعر فيه ديمتري بالفرح والانتصار
يشعر ابواه بالخوف والفزع والعار
ليس فقط لانه عرض نفسه للخطر تحت عجلات العربة
وهو خارج من الحانة في حالة سكر ولكن لانه ايضا يشعر
بالفخر والفرح لما حدث. وديمتري لا يدرك ان اسمه قد ذكر
بالصحيفة لانه ارتبط بالعار والجريمة. لهذا يغادر بيت ابويه
في الليل ليخبر الجيران بما حققه من شهرة
نظرا لافتقاره الشديد للحكمة وبعد النظر ولتعطشه اللامحدود للشهرة بأي ثمن.

فاتحة الخير 04-07-2014 07:59 PM

السلام عليكم ورحمة الله


شكرا لك دكتور زياد على الرد المستفيض والذي جعل مغزى القصة وما عناه الكاتب يظهر جليا

لكن ألا ترى معي دكتور أن البطل لديه ثقة كبيرة بالنفس، ولديه جرأة عالية في القفز على سلبيات الحادث والاهتمام أكثر بما يراه هو مناسبا له ولشخصيته ( المهزوزة عند الآخر)
بمعنى ألا يكون هذا الشعور بالزهو والفرح والانتصار نقطة غالبة وفي صالحه والتي ممكن أن تجعل منه إنسانا فاعلا يوما ما، فتحويل حدث سلبي ( برؤية الآخر) لآخر إيجابي ( برؤيته هو) ربما تكون لديه أبعادا أخرى تؤدي بالبطل يوما ما للانتصار والشهرة الحقيقية التي ينشدها.

د. زياد الحكيم 04-08-2014 03:16 PM

الاستاذة فاتحة الخير. شكرا للمتابعة.
نحن نعرف عن البطل ما يقوله لنا الكاتب مباشرة عنه
وما يقوله البطل نفسه وما يفعله وما يقوله عنه الاشخاص
الاخرون في القصة. واذا اخذنا هذه المصادر بعين الاعتبار هل نتوصل
الى ان ديمتري يتمتع بثقة كبيرة بالنفس وانه قادر
على القفز فوق سلبيات الحادث؟ الحادث ليس منفردا.
فنحن نقرأ قصة قصيرة كل كلمة فيها لها مغزاها واهميتها.
وهذا الحادث في القصة القصيرة دليل على نمط الحياة
التي يعيشها ديمتري وهو دليل على ان ديمتري شاب
غير مسؤول: يخرج من الحانات في وقت متأخر، وهو في حالة سكر.
ويعرض نفسه للمخاطر. ويعرض سمعته وسمعة اسرته للمساءلة.
وهو موظف صغير، قليل الدخل، ضعيف الهمة، شديد السطحية.
وهو الى ذلك اناني: يدخل الى البيت كالمجنون في منتصف الليل
وهو يشعر ان من حقه ان يوقظ الاهل والاخوة دون ان يولي ذلك اي اهتمام.
انظري كيف يخاطب اسرته بقوله: انكم تعيشون مثل الحيوانات البرية
ولا تقرأون الصحف ولا تلاحظون ما ينشر فيها. هل في ذلك ما يوحي بثقة بالنفس؟
وهل في ذلك ما يوحي بانه يمتلك قدرة على التسامي فوق سلبيات الحادث؟
ديمتري انسان فج وقصير النظر وارعن.
وهو يريد ان يعوض عن هذا كله بالشعور
بانه اصبح رجلا مشهورا لمجرد ان صحيفة ذكرت
اسمه في خبر عن حادث يكشف عن افتقاره للاحساس بالمسؤولية.

ايوب صابر 04-08-2014 05:24 PM

مرحباً

قرات الحوار هنا حول بطل القصة واتصور ان القصة مكتوبة بلغة رمزية ساخرة من النظام السياسي الشيوعي الذي عاصره الكاتب وهو كما اتصور كان معارضا سياسيا لذلك النظام ومؤشر ذلك عبارة " *انكم تعيشون مثل الحيوانات البرية ولا تقرأون الصحف ولا تلاحظون ما ينشر فيها" وكان الكاتب يقول بان ذلك النظام السياسي الشيوعي لا يعطي مجالا للفرد ليبدع ويسجل اسمه في سجل الخالدين او على الاقل ان ينشر في الصحف وان الطريقة الوحيدة لتحقيق مثل هذه الغاية في ظل ذلك النظام السياسي هي طريق الجريمة او التصرفات البهلوانيه ولذلك اعتبر الشاب ان ذكر اسمه في الجريدة هو انتصار على النظام السياسي لانه حقق حلما مستحيلا حيث برز كفرد .ولو ان ذلك كان من خلال ذلك الحادث الغريب . فالقصة اذا تهدف الى نقد النظام الشمولي وتتمحور حول الصراع بين الفردية والشمولية كأنظمة سياسية .

*

فاتحة الخير 04-08-2014 05:27 PM

السلام عليكم ورحمة الله


شكرا لك دكتور زياد على تفسير المعنى والمغزى للنص، واعذر تطفلي على هذا الأدب العالمي
لكن تطفلي لن يقف عند هذا الحد، بل سأنغمس محاولة الوصول للارتواء.
بصراحة سمعت كثيرا عن الأديب العالمي " انطوان تشيكوف" لكنها المرة الأولى التي يقع بين يدي نص له، وطبعا كان هذا بفضلك دكتور
لذا لن أخفي عنك بعض صدمة، عند قراءتي لهذه القصة القصيرة التي سآخذها بما أنها الوحيدة التي قرأت للكاتب الكبير، وأبني عليها ملاحظاتي التي أثارتني والتي تتعلق بنمط الكتابة عند " تشيخوف"
لا أعرف إن كانت كل قصصه على هذا السياق، لكن ما ظهر لي واستغربت له، وهو أن تكون كتاباته بهذه السهولة، حيث أجد أن هذه القصة، لا مواقف إبهار فيها ولا عقدة ولا حبس انفاس ونهايتها عادية جدا لا جديد فيها ولم تخلق أي صدمة، يعني أن الحبكة الدرامية فيها بسيطة جدا.
( البطل يدخل بيته ليلا، يوقظ عائلته، يريهم اسمه في جريدة ويتبجح أمامهم بأنه أصبح مشهورا، ثم يخرج ليعرف الجيران والمعارف بالوضع الجديد الذي وصل إليه)
فكيف ترى أنت دكتور زياد هذا النمط القصصي، هل يستحق فعلا أن يصل للعالمية رغم بساطة الطرح وبرودة النهاية؟
أم أن السبب في هذا الانبهار هو الحقبة التي كتبت فيها هذه القصة، وربما بداية هذا الجنس الأدبي ( أي القصة القصيرة) التي ربما لم تكن معروفة في ذاك الوقت، وما زالت تبحث لها عن موقع قدم داخل المنظومة القصصية التقليدية ( القصة - الرواية)


سأكرر اعتذاري إن كان طرحي لا يستحق البحث، وشكرا لك

د. زياد الحكيم 04-08-2014 06:43 PM

الاخ الاستاذ ايوب صابر – شكرا للمتابعة والاهتمام.
لم يكن تشيخوف كاتبا سياسيا ولا منظرا اجتماعيا،
ولكنه كان اديبا من الطراز الاول. وقد عاش في فترة سياسية
كانت فيها روسيا امبراطورية مترامية الاطراف خاضعة للقيصر الكساندر الثاني.
وتوفي عام 1904 عن عمر اربعة واربعين عاما،
اي قبل الثورة البلشفية بنحو ثلاثة عشر عاما.
ومع هذا فقد يكون تفسيرك اسقاطا على هذه القصة له جاذبيته من ناحية ما.

د. زياد الحكيم 04-08-2014 06:47 PM

الاستاذة فاتحة الخير - شكرا للمتابعة ولا شك ان طرحك يستحق البحث.
منذ بداية اشتغاله بالكتابة عرف انطون تشيخوف باصالته
الى درجة ان ليو تولستوي قال عنه: انه فنان لا مثيل له
وانه فنان الحياة. واهتم تشيخوف بالاحداث العادية والعلاقات
بين الناس في المدن الصغيرة والقرى. واشتهر باستعماله
عددا من التقنيات الادبية في تصوير اشخاصه وامزجتهم.
وانشأ شكلا ادبيا جديدا وصفه الكتاب من ابناء جيله بانه شكل انطباعي.
ووضع ستة مبادئ اساسية للقصة القصيرة الجيدة هي:

اولا: عدم الاسهاب والاطالة في التنظير السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

ثانيا: الموضوعية الكاملة.

ثالثا: توصيف الاشخاص والاشياء بصدق.

رابعا: الايجاز الشديد.

خامسا: الجرأة والاصالة والابتعاد عن التصوير النمطي.

سادسا: التعاطف والتفهم.

وهذه المبادئ الستة نجدها بشكل او بآخر في جميع قصص تشيخوف بما فيها قصة (فرح) التي بين ايدينا.

ياسر علي 04-08-2014 10:53 PM

السلام عليكم و رحمة الله

شكرا للدكتور زياد الحكيم على ترجمة هذا النص القصصي لأنطون تشيخوف ، وجعله في متناول المنابريين ، و ما يتيحه لهم من تلمس الأدب الروسي و تعرف بعض أعلامه ، وتوسيع دائرة المدارك ، و تنويع مشارب الثقافة والإبداع .
شدني الحوار حول النص الذي يتناول فيه الكاتب بالنقد حالة الشباب الروسي في الحقبة القيصرية ، وذلك بتناوله لحالة "ميتيا كالدروف" ذلك الشاب السكير الذي جاء بعد منتصف الليل وقد تمكن منه السكر حاملا صحيفة تناولت حادثة سير ، كانت تصرفاته سببا في وقوعها ، ليعلن النصر و الفرحة لوجود اسمه في الجريدة وانضمامه إلى لائحة المشاهير .
النص يضع تحت الضوء السكر كجنون يفتك بالشباب ، وينتقص من مسؤوليته ، فنلاحظ أن الشاب ، لا يملك مسكنا وهو موظف ، ولا يزال يعتمد على اسرته في إيوائه ، ونلاحظ كيف قض مضجعهم وهم في حاجة إلى الراحة ، كما نلاحظ الأم و هي تبتهل طمعا ورغبة في انقاذ ولدها من هذا الجنون .
لكن ما يأخذني أكثر في هذه القصص هو درجة التطور المجتمعي عند هؤلاء و الأمر يتعلق بالقرن التاسع عشر ، كيف عالج الأب الموقف بهدوء ، الأخت كانت تقرأ رواية ، الأطفال يذهبون إلى المدارس ، انتشار الجرائد ، الأب يضع نظارتين ، الأب يقرأ ، الأطفال يرتدون ثياب النوم ، الشرطة حررت محضرا ، عرض المصاب على الطبيب ....
من حيث تطور القصة ، أعتقد أن القصة الكلاسيكية تبقى رائدة رغم كل التطور الذي عرفته القصة ، فهناك تناول للزمان و المكان بقوة ، هناك بناء للشخصيات ، هناك حدث رئيسي و أحداث جزئية ، هناك نهاية قوية .....
فلو أخذنا النهاية المفتوحة في هذا النص جاءت على نفس سلوك البداية ، بل ازداد الحماس و الاندفاع ، وضع قبعته بعد منتصف الليل ليعيد نفس القصة مع الأسر الأخرى الصديقة . و هنا يتضح إصرار القاص على نقد هذا التصرف بجعل البطل يتمادى في غبائه و جنونه .

د. زياد الحكيم 04-08-2014 11:02 PM

الاخ الاستاذ ياسر علي - شكرا جزيلا
على هذا التحليل الجميل والمتفهم والبعيد النظر،
وقد جمعت خيوطه من كل ناحية في القصة واستفدت
من كل كلمة فيها.
انا سعيد بقراءة هذا التحليل.
دمت بخير.

ايوب صابر 04-10-2014 01:23 PM

مرحبا
لم ادقق كثيرا في زمن ولادة القصة واي العصور عاصر القاص وانما هدفت فقط الى لفت الانتباه الى البعد الخفي من النص وانه لا بد ان يكون هناك ابعاد اخرى له حيث يبدو واحضا انه مكتوب بلغة ساخرة وربما ان ما ورد في مداخلة الاستاذ ياسر يفي بالغرض وهو حتما تحليل نبيه وجميل جدا.

اتصور ان القصة مكتوبة باسلوب السهل الممتنع وهي غارقة في الاثارة والتشويق والادهاش وتستحق اعتبارها من الادب العالمي الفذ على الرغم من البساطة الظاهرة للحبكة والذي تراه الاستاذة فاتحة الخير سببا في ضعف النص وتستغرب اعتبار القصة من الادب العالمي...لكن ذلك لا يعني التقليل من شأن ما ورد في مداخلة الاستاذة فاتحة الخير فقد تكون هي المصيبة في نظرتها للنص لان الاحتمال الاخر استنباطي.

د. زياد الحكيم 04-10-2014 02:16 PM

الاخ الاستاذ ايوب صابر – شكرا للاهتمام.
السخرية واضحة في النص كما تقول. فديمتري يرى
انه حقق الكثير بمجرد ان اسمه ظهر في احدى الصحف.
ولكن ذلك لا يغير من واقعه شيئا: فهو يظل انانيا وساذجا
في نظر الكاتب وفي نظر والديه وفي نظر الناس جميعا. والكاتب
ايضا يسخر من فكرة الشهرة وممن يلهثون وراءها.
من الناحية الاخرى، تبدو القصة مغرقة في البساطة
في فكرتها وفي اسلوبها. ولكن هذا لا يعني انها ليست
جديرة بالاعتبار:
هي قصة قصيرة بقلم استاذ كبير
يعرف ما يقول وكيف يقوله. والقصة القصيرة،
من حيث المبدأ، شكل ادبي يبحث في ايجاز شديد جانبا
من جوانب الشخصية الانسانية. وهي لهذا لا تحتمل التوسع
في البحث ولا الافراط في التعقيد ولا المغالاة في التنظير.
كلمة اخيرة: يبقى لكل قارىء الحق
في ان يشكل رأيا خاصا به في كل ما يقرأ من نصوص.
وهذه الاراء جديرة بالتقدير والاحترام.

فاتحة الخير 04-10-2014 07:09 PM

السلام عليكم ورحمة الله


ها انا حضرت مرة أخرى، ما يعجبني في شخصيتي، أنني أرد بما أحس به، حتى لو كانت هناك ردود سابقة تفسر وتشرح، تجدني أحلق بعيدا عن السرب وأشطح بأفكار أخرى هههههههههه أضحك فقط
يسرني فعلا أن تتوسع المناقشة حول هذا النص، لنعرف عنه ومنه الكثير


قبل ان يقوم الأستاذ ياسر بإبراز مناطق القوة في النص، كنت أرى ان بساطته أدخلته في "العادية" لذلك لم تصلني أي نقط جمالية فيه، لكن يظهر كما قال الأاستاذ صابر أنه نص من طينة السهل الممتنع، والذي إن أطلنا الوقوف عنده، يرأف لحالنا ويبدأ في فتح حصونه لتصير عارية أمامنا.

من بين الأشياء التي استهنت بها، وهي الخاتمة، وجدتها وكأنها حديثا عابرا كأحاديث جارة لجارتها في جلسات " نميمة" أو غمزات من شرفات منازل " شخص خرج ليلا ليخبر جيرانه بانتصاره"
لكن بعدها ظهر ان الكاتب وفي بداية القصة ضغط وبشدة على التوقيت، أي الثانية عشرة ليلا، الكل نيام، والجيران طبعا، فإن كانت عائلته لم تتقبل منه ما فعل وهو ابنها، فكيف يكون حال الجيران والمعارف الذين سيتجه صوبهم لإزعاج راحتهم، بل وربما يتطور الأمر للدخول معهم فيما لا يحمد عقباه وربما يتعدى ذلك لإخبار الشرطة وتسجيل محضر آخر و تتكرر حكاية الخبر الأول ويصبح هناك خبر آخر عن نفس الشخص وتتوالى انتصاراته المزعومة " ويصبح دونكيشوت آخر لكن هذه المرة في روسيا"

شيء آخر شدني وهو حديث الأستاذ ياسر علي عن التطور الذي انبهر به خاصة أننا أمام قصة من القرن التاسع عشر، لكنني أقول بأن المجتمع الذي يصفه النص هو مجتمع أوروبي، عرف التطور قبلنا بسنين ضوئية، تطور في جميع المجالات سواء العلمية والثقافية والسياسية وطبعا كل هذا سينعكس على المجال الاجتماعي ولا ننسى ان أغلب المفكرين والفلاسفة والمنظرين ظهروا في القرن الثامن والتاسع عشر، بل أن أغلب الكتاب المميزين ظهروا في تلك الفترة، وهذا طبعا له انعكاسات كما قلت سابقا على مرونة المجتمع وسهولة استقباله للمتغيرات التي حوله بما أنه جزء من الحياة العامة، وضخامة المشهد الفكري في القرن الثامن والتاسع عشر هو ما جعل أكبر الثورات تحدث في هذين القرنين " كالثورة الفرنسية" التي أعادت الهيكلة الهرمية الفرنسية من جديد وكذا ظهور تيارات مناوئة للقيصر التي تقوت واستطاعت أن تولد فيما بعد ما يعرف بالثورة البولشفية في القرن العشرين التي قضت على روسيا القيصرية" والتي ظهرت سلبياتها وأنها ما جاءت لتنقد الشعب من نير الاستبداد بل مارست عليه شتى أنواع العبودية والازدراء.

شكرا للجميع.

د. زياد الحكيم 04-11-2014 03:09 PM

الاستاذة فاتحة الخير – شكرا لحضورك وشكرا لمشاركتك.
انت كنت الاولى في مناقشة هذا النص،
فاطلقت سلسلة من المشاركات.
واجمل ما في مشاركاتك انك كنت فيها جريئة
في التعليق على النص وفي التعبير عن رأيك
دون تهيب من الكاتب الذي يعده الكثيرون استاذا
في فن القصة القصيرة. اننا بحاجة الى مثل هذه
الوقفة الشجاعة في مناقشة ما يدور حولنا من شؤون
يعتبرها البعض اعلى من ان يمسها رأي او ان
تتناولها وجهة نظر مغايرة.

د. زياد الحكيم 06-03-2014 06:48 PM



في ما يلي مقالة لي عن انطون تشخوف لعلها تلقي مزيدا من الضوء على ادبه :

تأثر به جورج برنارد شو وجيمس جويس وكاثرين مانسفيلد وفرجينيا وولف وارنست همنغواي وكثيرون اخرون. وكتب سمرست موم في سيرته الذاتية يقول انه شاع في العشرينيات من القرن العشرين ان على كل من يريد ان يكتب قصصا قصيرة ان يقلد انطون تشيخوف. ولا يزال القراء يقبلون على قراءة اعمال تشيخوف اقبالا واسعا. ولا تزال مسرحياته تعرض في بلاد كثيرة. وترجمت اعماله الى لغات لا عد لها.

وعلى الرغم من ان تشيخوف كان واسع الشهرة في روسيا عند وفاته فان شهرته لم تنتشر في العالم الا بعد الحرب العالمية الاولى عندما ترجمت اعماله الى اللغة الانكليزية وغيرها من اللغات. ووجد النقاد ظاهرة غريبة في اعماله وهي ان هذه الاعمال توحي بمواقف وافكار ايحاء قويا دون ان تنص عليها بكلمات. وقالوا ان ما لا يقال في اعمال تشيخوف اهم بكثير غالبا مما يقال. وواجه النقاد عنتا في تحليل هذه الظاهرة وواجه الكتاب تحديات كبيرة في محاولة تقليد اسلوب تشيخوف. ولم تفلح السينما في نقل افكاره في الافلام السوفياتية وغير السوفياتية التي اقتبست قصصه ومسرحياته.

ولد تشيخوف (1860-1904) في بلدة تاغانروغ في جنوب روسيا، وكان جده من الاقنان الذين اشتروا حريتهم بانفسهم، وكان ابوه يعمل بقالا، وكانت امه ابنة تاجر ميسور الحال. التحق بمدرسة يونانية بتوجيه من ابيه فقد كان ثمة جالية يونانية كبيرة في المنطقة. ولا نعرف الكثير عن مطالعاته وتنوعها في سنوات حياته الاولى، ولكن رسائله التي في حوزتنا منذ سن السادسة عشرة تشير الى انه كان يطالع بشكل واسع، وانه كان يتمتع بشعبية واسعة بين زملائه في المدرسة الذين كانوا يحبون الاستماع الى قصصه الهزلية. واحب تشيخوف المسرح وتمكن من حضور العديد من العروض بالرغم من طلاب المرحلة الثانوية في ذلك الحين كانوا يمنعون من الذهاب الى المسرح. وكان يخرج عروضا مسرحية في البيت بمساعدة اخوته.

في عام 1876 افلست تجارة ابيه فانتقلت الاسرة الى موسكو بحثا عن حياة جديدة، ولكن كاتبنا ظل في تاغانروغ حيث تعين عليه ان يكسب رزقه بنفسه وان يساعد الاسرة وان يواصل تعليمه. في بادئ الامر راح يكتب مقالات صغيرة للصحف والمجلات المحلية كسبا للمال مع مواصلة تعليمه باجتهاد كبير في كلية الطب. وقال في ما بعد: "لا ريب في ان دراستي للطب كان لها اثر كبير في انشطتي الادبية." وعندما تسلم شهادته عام 1884 كان قد حقق شهرة ككاتب في المجلات الهزلية كمجلة سبوتنيك، وكانت اولى قصصه الهزلية بعنوان "رسالة الى جار متعلم" 1880. وفي عام 1882 بدأ يكتب في افضل المجلات الهزلية. ونشر عام 1884 على نفقته الخاصة مجموعة من ست قصص هزلية تحت عنوان "حكايا ملبومين الخيالية" تحت اسم مستعار هو انتوشا تشيخونتي، وهو الاسم الذي ظهرت تحته جميع الاعمال التي نشرها حتى ذلك الحين. ولم يلتفت النقاد الى تلك المجموعة. ولكن مجموعته الثانية "قصص موتلي" كانت حدثا ادبيا مهما مما حدا بسوفيرين محرر صحيفة "العصر الجديد" اليومية الكبيرة الى ان يطلب من تشيخوف ان يسهم في تحرير الصحيفة. واصبح المحرر سوفيرين وتشيخوف صديقين حميمين. وتشكل رسائل تشخوف الى صديقه جزءا مهما من مجمل رسائله.

اصيب كاتبنا بالسل الرئوي عام 1885، ولكنه واصل الكتابة والنشر حتى آخر حياته. ثم تدهورت صحته، واصيب بحالات مرضية من الكآبة، واضطر الى الاكثار من زيارة المنتجعات الصحية في يالطا. وشارك في الانشطة السياسية ولازال يعتقد ان تشيخوف وتولستوي وغوركي هم المفكرون الليبراليون العظام الثلاثة الذين قاوموا النظام الرجعي للقيصر. وعندما فصلت اكاديمية العلوم التي تسيطر عليها الدولة غوركي من عضويتها قدم تشيخوف استقالته من الاكاديمية احتجاجا على ذلك.

في عام 1901 تزوج تشيخوف من اولغا نيبر احدى ممثلات مسرح موسكو للفن. وكان زواجا سعيدا مع ان الزوجين عاشا بعيدين احدهما عن الاخر معظم الوقت، اذ كان على اولغا ان تقيم في موسكو لمتابعة عملها في المسرح، وكان على تشيخوف ان يقضي وقته في يالطا بسبب مرضه. وفي يوليو 1904 توفي الكاتب في احد المنتجعات في المانيا، ودفن في موسكو.

الف تشيخوف في السنوات العشر الاخيرة من حياته روائعه الدرامية الاربع: "النورس" و"الخال فانيا" و"الاخوات الثلاث" و"بستان الكرز". وعرضت مسرحية "النورس" على مسرح بطرسبورغ عام 1896، وسميت خطأ بمسرحية كوميدية. ومع ان واحدة من امهر الممثلات الروسيات قامت بالدور الرئيسي في المسرحية الا ان المسرحية فشلت، وخرج تشيخوف من المسرح مستاء من موقف الجمهور. وقرر ان لا يكتب للمسرح مرة اخرى. ولكن بعد مرور سنتين على ذلك قدم المخرج الروسي الشهير كونستانتين ستانيسلافسكي عرضا للمسرحية على مسرح موسكو للفن، وحققت المسرحية نجاحا باهرا ساعد في اعادة الاحترام لتشيخوف ككاتب مسرحي.

في "الاخوات الثلاث" يتحدث تشيخوف عن حياة بلا هدف، حياة مملة راكدة لاشخاص غزت عقولهم جرثومة الاحساس بتفاهة كل شيء. وهو يرينا ان هذه الجرثومة الخطرة تشق طريقها الى قلوب الناس فتقضي على احلامهم وتفسد حياتهم. تعيش الاخوات الثلاث على امل واحد وهو ان يتمكـن من العودة الى موسكو للاقامة في بيت الاسرة هناك. وتمثل موسكو لهم الحياة كما يجب ان تعاش، الحياة الطيبة الممتعة الكريمة.

هذه اولغا احدى الاخوات الثلاث ترثي للوضع الذي آلت اليه وتعبر عن املها:

"اني مصابة بصداع دائم لاني اذهب الى المدرسة كل يوم واعطي دروسا حتى المساء. ونتيجة لذلك غدت افكاري مثل افكار امرأة عجوز. حقا اشعر طيلة السنوات الاربع الماضية التي درست فيها بان قوتي ونضارتي تفارقاني كل يوم قطرة بعد قطرة. ولكن هناك حلما واحدا ينمو ويقوى كل يوم."

فترد عليها اختها ايرينا قائلة:

"ان نعود الى موسكو، ان نبيع البيت هنا ونقطع علاقتنا بكل شيء هنا، وان نعود الى موسكو. ان حياتنا نحن الاخوات الثلاث كئيبة وقاسية. انها تخنقنا كما تخنق الاعشاب المتطفلة غيرها من النباتات. اني ابكي ويجب ان لا ابكي. يجب ان نعمل. اننا نعاني من الضجر ونظرتنا الى الحياة قاتمة."

واستمع الى اندريه شقيق الاخوات الثلاث الذي فقد القدرة على الاخذ بزمام المبادرة ، فلا يعرف ما يجب ان يفعله، ولا يعرف كيف يوقف عملية الهدم التي يشعر بها في داخله. انه لم يعد قادرا على اتخاذ اي قرارات، ولا هو على يقين من شعوره نحو زوجته. انه يهتف احتجاجا:

"انا امين سر مجلس المقاطعة. انا امين سر، واقصى ما يمكن ان اطمح اليه هو ان اغدو عضوا في مجلس المقاطعة – انا الذي احلم في كل ليلة ان اغدو استاذا في جامعة موسكو، عالما مشهورا تفخر به روسيا كلها."

اما مسرحيات تشيخوف ذات الفصل الواحد كمسرحيتي "الدب" و"الخطوبة" فهي تصور مواقف درامية تقضي فيها الحماقات الانسانية على جدية المناسبات الاجتماعية. ونجد في هذه المسرحيات القصيرة ان الحوار والاهتمام بتصوير الشخصيات يطغيان على الحدث.

كان الشعر والرواية هما النمطين الادبيين السائدين في روسيا عندما بدأ تشيخوف يكتب القصة القصيرة والمسرحية. ولذلك يعتبر تشيخوف رائدا في كتابة القصة القصيرة والمسرحية في الادب الروسي. ومع تقدم تشخوف في فنه القصصي لم يعد الهزل اطارا للموقف من الحياة في قصصه كما كان الامر في المراحل الاولى. واصبح الهزل دليلا على قدرة الانسان الفذة على تحمل اعباء الحياة وهمومها. وركز تشيخوف في القصص التي ألفها في السنوات الاخيرة من حياته على تصوير الوحدة والانعزال والخوف من الحياة كما في "قضية صعبة" وعلى تصوير الحزن الذي يسببه عدم اغتنام الفرصة عندما تطرق السعادة على الابواب كما في قصة "فيما يتصل بالحب". ويكشف تشيخوف عن النتائج المترتبة على حب المال. ففي قصة "تاريخ قضية" تحاول الطبقة الارستقراطية عزل نفسها عن الطبقات العمالية والفلاحية. وفي قصة "الفلاحون" يأخذنا الكاتب الى الارياف، وهنا تبزر المادية والجشع كاسلحة يستخدمها الاقوياء ضد المستضعفين.

تتميز الشخصيات في هذه القصص عموما بالتقلب والانانية، وتعيش حياة يغلب عليها القنوط والاستغراق في التأمل في الذات، ويسود فيها الاحساس بالتفاهة، ويصعب فيها التواصل والتفاهم، ذلك ان كل شخصية منشغلة بهمومها ومنكفئة على ذاتها. وبالرغم من ان تشيخوف كان ميالا الى التشاؤم فقد كان مع ذلك مؤمنا بامكانية تحقيق تقدم، وكان يشفق على شخصياته اليائسة فاوجد فيها بالرغم من كآبتها شوقا الى حياة افضل.


zedhakim@yahoo.co.uk

ابو ساعده الهيومي 08-25-2014 12:19 AM

الدكتورزياد حكيم
هنالك اعمال هدفها المال فقط
واخرى بالنسبة لها المال هو شيء ثانوي
واعتقد ان بطل القصه انسان مبدع كان يحتاج لشيء معنوي وعدم حصوله عليه سبب له احباط
وهو على استعداد ان يدفع روحه وسمعته من اجل هذا الهدف
وتفاعل العائلة معه وصلاة والدته تعكس تعاطفهم لانهم كانوا يعرفونه بغير هذه الحال


الساعة الآن 09:03 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team