منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر رواق الكُتب. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=27)
-   -   فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=30484)

عبد السلام بركات زريق 03-25-2023 03:28 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ الخامسُ والثّمانونَ


للعَرَبِ فِعْلٌ لَا يَقُولُهُ غَيرُهُمْ


تَقولُ: عَادَ فُلَانٌ شَيْخًا، وهُوَ لَمْ يَكُنْ قَطُّ شَيْخًا، وعادَ المَاءُ
آجِنًا، وهُوَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. قال الهُذَلِيُّ:

أطَعْتُ العِرْسَ في الشَّهَوَاتِ حَتّى
أعَادَتْني أَسِيفًا عَبْدَ غَيرِيْ


وهُوَ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ أَسِيفًا حتّى يَعودَ إلى تِلكَ الحَالِ، وفِي كِتَابِ
اللهِ عَزَّ وجَلَّ {يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلماتِ}1 وهُمْ لَمْ
يَكُونُوا في نُورٍ مِنْ قَبْلُ، ومِثْلُهُ قَولُهُ تَعَالَى {ومِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ
إلى أرْذَلِ العُمُرِ}2 وهُمْ لَمْ يَبْلُغُوا أَرْذَلَ العُمُرِ فيُرَدُّوا إلَيْهِ.


1 "257" من سورة البقرة.
2 "70" من سورة النمل.

عبد السلام بركات زريق 03-25-2023 04:31 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفَصلُ السّادسُ والثّمانونَ


في النَّحْتِ


العَرَبُ تَنْحِتُ من كَلِمَتَين وثَلاثٍ كَلِمَةً وَاحِدَةً، وهُوَ جِنْسٌ
منَ الاخْتِصَارِ كَقَوْلِهِمْ: رَجُلٌ عَبْشَمِيٌّ، مَنْسوبٌ إلَى عَبْدِ
شَمْسٍ، وأنْشدَ الخَلِيلُ:

أقولُ لَها ودَمْعُ العَينِ جارٍ
ألَمْ تَحْزُنْكِ حَيْعَلَةُ المُنادي؟


مِنْ قَوْلِهِمْ: حَيَّ عَلى الصَّلَاةِ، وقَدْ تَقَدَّمَ فَصْلٌ شَافٍ في حِكَايَةِ
أقْوَالٍ مُتَدَاوَلَةٍ مِنْ هَذَا الجِنْسِ. وأمَّا قَولُهُمْ صَهْصَلِقٌ، فَهُوَ مِنْ
صَهَلَ وصَلَقَ، والصَّلْدَمُ من الصَّلْدِ والصَّدْمِ.

عبد السلام بركات زريق 03-26-2023 09:37 AM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ السّابعُ والثّمانونَ


في الإشْبَاعِ والتَّأكِيدِ


العَرَبُ تَقولُ: عَشَرَةٌ وعَشَرَةٌ فَتِلكَ عِشْرُونَ كَامِلَةٌ. ومِنْهُ
قَولُهُ تَعَالَى {فَصِيامُ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ في الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ
تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}1 ومِنْهُ قَولُهُ تَعَالَى {ولَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ}2
وإنَّما ذَكَر الجَنَاحَيْنِ لِأنَّ العَرَبَ قَدْ تُسَمِّي الإسْرَاعَ طَيَرانًا، كَمَا
قَالَ النَّبيُّ صَلَى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كُلَّما سَمِعَ هَيْعَةً طارَ إِلَيْها)3
وكَذَلِكَ قَالَ اللّهُ عَزّ وجَلَّ {يَقُولُونَ بِألْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ في
قُلوبِهِمْ}4، فَذَكَر الأَلْسِنَةَ لِأنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: قَالَ في نَفْسِهِ،
وقُلْتُ في نَفْسِي، وفي كِتَابِ اللّهِ عَزّ وجَلَّ {ويَقُولُونَ في
أنْفُسِهِم لَوْلَا يُعَذِّبُنا اللّهُ بِمَا نَقُولُ}5 فَاعْلَمْ أنَّ ذَلكَ القَوْلُ
باللِّسَانِ دُوْنَ كَلَامِ النَّفْسِ.


1 "196" من سورة البقرة.
2 "38" من سورة الأنعام.
3 رواه الإمام أحمد في مسنده والإمام مسلم في صحيحه
وابن ماجه في سننه.
4 "11" من سورة الفتح.
5 "8" من سورة المجادلة.

عبد السلام بركات زريق 03-26-2023 09:42 AM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ الثامنُ والثّمانونَ


في إضَافَةِ الشَّيءِ إلى مَنْ لَيسَ لَهُ لَكنْ أُضِيفَ إلَيهِ لاتِّصَالِهِ بِهِ


هُوَ مِنْ سُنَنِ العَرَبِ، كَقَوْلِهِمْ: سَرْجُ الفَرَسِ، وزِمَامُ البَعِيرِ،
وتَمْرُ الشَّجَرِ، وغَنَمُ الرَّاعِي. قَال الشّاعرُ:

*كَمَا يَحْدُو قَلَائِصَهُ الأجِيْرُ*

عبد السلام بركات زريق 03-26-2023 11:45 AM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ التّاسعُ والثّمانونَ


في الفَرْقِ بَينَ ضِدَّيْنِ بِحَرْفٍ أو حَرَكَةٍ



ذَلكَ مِنْ سُنَنِ العَرَبِ كَقَوْلِهِم: دَوِيَ من الدَّاءِ، وتَدَاوَى
مِنَ الدَّوَاءِ. وأخْفَرَ إذا أجَارَ، وخَفَرَ إذَا نَقَضَ العَهْدَ، وقَسَطَ
إذا جَارَ، وأقْسَطَ إذَا عَدَلَ. وأقْذَى عَيْنَهُ إذَا أَلْقَى فِيهَا
القَذَى، وقَذَاهَا إذَا نَزَعَ عَنْهَا القَذَى.
وما كَانَ فَرْقُهُ بِحَرَكَةٍ كَما يُقالُ: رَجُلٌ لُعَنَةٌ إذَا كَانَ كَثيرَ
اللَّعْنِ، ولُعْنَةٌ إذَا كَانَ يُلْعَنُ، وكَذلكَ ضُحَكَةٌ وضَحْكَةٌ.

عبد السلام بركات زريق 03-26-2023 04:16 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ التّسعونَ


في زِيَادَةِ المَعْنَى حُسْنًا بِزِيَادَةِ لَفْظٍ


هِيَ مِنْ سُنَنِ العَرَبِ، كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ لَيْثٌ، إنَّما شَبَّهْتَهُ
بِلَيْثٍ في شَجَاعَتِهِ، فإذَا قَالَ: زَيدٌ كَاللَّيثِ الغَضْبَانِ فَقَدْ
زَادَ المَعْنَى حُسْنًا، وكَسَا الكَلَامَ رَوْنَقًا، كما قال الشَّاعِرُ:

شَدَدْنَا شَدَّةَ اللَّيثِ
عَدَا، واللَّيْثُ غَضْبَانُ

وكَمَا قَالَ امْرُؤُ القَيْسِ:

*تَرائِبُها مَصْقولَةٌ كالسَّجَنْجَلِ*

فَلَمْ يَزِدْ عَلى تَشْبِيهِهَا بالمِرْآةِ. وذَكَرَ ذُو الرُّمَّةِ أُخْرَى، فَزَادَ
في المَعْنَى حَيْثُ قَالَ:

*وَوَجْهٌ كِمِرآةِ الغَريبةِ أسْجَحِ*

لأنَّ الغَريْبَةَ لَا يَكونُ لَهَا مَنْ يُعْلِمُهَا مَحَاسِنَهَا مِنْ مَسَاوِيهَا،
فَهِيَ تَحْتَاجُ إلى أنْ تَكُونَ مِرْآتُهَا أَصْفَى وأَنْقَى لِتُرِيَهَا مَا تَحْتَاجُ
إلى رُؤْيَتِهِ مِنْ مَحَاسِنِ وَجْهِهَا وَمَسَاوِيهِ. ومِنْ هَذَا المَعْنَى
قَوْلُ الأعْشَى:

تَرُوحُ عَلَى آلِ المُحَلِّقِ جَفْنَةٌ
كَجابِيَةِ الشَّيخ العِراقيِّ تَفْهَقُ


فَشَبَّهَ الجَفْنَةَ بِالجَابِيَةِ وهِيَ الحَوْضُ، وقَيَّدَهَا بِذِكْرِ العِراقيِّ
لأنَّ العِراقيَّ إذَا كَانَ بالبَرِّ ولَمْ يَعرِفْ مَوَاضِعَ المَاءِ وَمَوَاقِعَ
الغَيْثِ فَهُوَ عَلَى جَمْعِ المَاءِ الكَثِيرِ أَحْرصُ مِنْ البَدَوِيِّ العَارِفِ
بالمَنَاقِعِ والأحْسَاءِ. وَقَالَ ابْنُ الرُّوميِّ:

مِنْ مُدامٍ كأنَّها دَمْعَةُ المَهـ ـجُورِ يَبْكي وعَيْنُهُ مَرْهاءُ

فَشَبَّهَهَا بِدَمْعَةِ المَهْجُورِ في الرِّقَّةِ، وزَادَ في الرِّقَّةِ بِأنْ وَصْفَ
عَينَهُ بالمَرَهِ، وهُوَ طُولُ العَهْدِ بِالكُحْلِ، لِيَكُونَ الدَّمْعُ مَعَ
رِقَّتِهِ أصْفَى وأسْلَمَ مِمَّا يَشُوبُهُ، وهَذا مِنْ لَطَائِفِ الشُّعَرَاءِ.

عبد السلام بركات زريق 03-29-2023 05:42 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ الواحدُ والتّسعونَ


في الجَمْعِ الّذِي لَيسَ بَيْنَهُ وبَيْنَ وَاحِدِهِ إلّا الهَاءُ


هَذا الجَمْعُ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، وهُوَ كَقَوْلِهِمْ: تَمْرٌ وتَمْرَةٌ، وسَحَابٌ
وسَحَابَةٌ، وصَخْرٌ وصَخْرَةٌ، ورَوْضٌ ورَوْضَةٌ، وشَجَرٌ وشَجَرَةٌ،
ونَخْلٌ ونَخْلَةٌ. وفي القُرآنِ العَزِيزِ {والنَّخْلَ باسِقَاتٍ لَها طَلْعٌ
نَضِيْدٌ}1 وقَالَ تَعَالَى {إنَّ البَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنَا}2 وقال {والسَّحَابِ
المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ والأرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}3 فَذَكَّر.
وقَالَ في مَكَانٍ آخَرَ {حتّى إذَا أقَلَّتْ سَحَابًا}4 فَأنَّثَ ثم قال
{سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ}5 فَرَدَّهُ إلى أصْلِ التّذْكِيرِ.


1 "10" من سورة ق.
2 "70" من سورة البقرة.
3 "164" من سورة البقرة.
4 "57" من سورة الأعراف.
5 "57" من سورة الأعراف.

عبد السلام بركات زريق 04-01-2023 09:20 AM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 

الفصلُ الثّاني والتّسعونَ



في التّصْغِيرِ


مِنْ سُنَنِ العَرَبِ تَصْغِيرُ الشَّيءِ عَلَى وُجُوهٍ: فَمِنْهَا تَصْغَيرُ
تحقيرٍ، كَقَوْلِهِمْ: رُجَيلٌ ودُوَيْرَةٌ. ومِنْهَا: تَصْغِير تَكْبيرٍ، كَقَوْلِهِم:
عُيَيْرُ وحْدِهِ، وجُحَيْشُ وحْدِهِ، وكَقَولِ الأنصارِيّ: أنا جُذَيْلُها
المُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ. وكقَولِ لَبِيدٍ:

وكلُّ أناسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْنَهُمْ
دُوَيْهِيَهٌ تَصْفَرُّ مِنْها الأنَامِلُ

ومِنْهَا تَصْغِيرُ تَنْقِيصٍ كَمَا يُقَالُ: لم يَبْقَ مِنَ بيتِ المَالِ إلّا
دُنَيْنِيرَات، ومن بَنِي فُلانٍ إلا بُيَيْتٌ. ومِنْهَا: تَصْغيرُ تَقْريبٍ،
كَقَولِ امْرِئِ القَيْسِ:

*بِضَافٍ فُوَيْقَ الأرْضِ لَيْسَ بِأعْزَلِ*


وكَقَوْلِكَ: أنَا راحلٌ بُعَيْدَ العِيدِ، وجَاءَنِي فُلَانٌ قُبَيلَ الظُّهْرِ.
ومِنْهَا: تَصْغِيرُ إكْرَامٍ ورَحْمَةٍ، كَقَوْلِهِمْ: يَا بُنَيَّ، ويَا أُخَيَّ، ويَا
أُخَيَّةُ، ويا بُنَيَّةُ، وكَقَوْلِ النّبيِّ صَلّى اللهُ عَليهِ وسَلّمَ لِعَائِشَةَ:
يا حُمَيْرَاءُ1.
ومِنْهَا: تَصْغِيرُ الجَمْعِ، كقولك: دُرَيْهِمَاتٌ ودُنَيْنِرَاتٌ وأُغَيْلِمَةٌ،
وكَقَولِ عِيسى بْنِ عُمَرَ: واللّهِ إنْ كانَتْ إلّا أُثَيَّابًا في أُسَيْفَاطٍ.


1 رواه الإمام ابن ماجه في سننه.

عبد السلام بركات زريق 04-05-2023 03:21 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفصلُ الثّالثُ والتّسعونَ


في الاسْتِعَارَةِ



ذَلكَ مِنْ سُنَنِ العَرَبِ. وهِيَ أنْ يَسْتَعِيرُوا للشَّيءِ مَا يَلِيقُ بِهِ،
ويَضَعُوا الكَلِمَةَ مُسْتَعَارَةً لَه مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ. كَقَوْلِهِمْ في
اسْتِعَارَةِ الأعْضَاءِ لِمَا لَيْسَ مِنَ الحَيَوَانِ: رَأسُ الأمْرِ، رَأسُ المَالِ،
وَجْهُ النَّارِ، عَيْنُ المَاءِ، حَاجِبُ الشَّمْسِ، أنْفُ الجَبَلِ، أنْفُ
البَابِ، لِسَانُ النَّارِ، رِيْقُ المُزْنِ، يَدُ الدَّهرِ، جَنَاحُ الطَّرِيقِ،
كَبِدُ السَّماءِ، سَاقُ الشَّجَرَةِ.
وكَقَوْلِهِمْ في التَّفرُّقِ: انْشَقَّتْ عَصَاهُمْ، شَالَتْ نَعَامَتَهُمْ، مَرُّوا
بَينَ سَمْعِ الأرْضِ وبَصَرِهَا، فَسَا بَينَهمُ الظَّرِبَانُ1.
وكَقَوْلِهِم في اشْتِدَادِ الأمْرِ: كَشَفَتِ الحَرْبُ عَنْ سَاقِهَا، أبْدَى
الشَّرُّ عَنْ نَاجِذَيْهِ، حَمِيَ الوَطِيسُ، دَارَتْ رَحَى الحَرْبُ.
وكَقَوْلِهِمْ في ذِكْرِ الآثَارِ العُلْوِيَّةِ: افْتَرَّ الصُّبْحُ عنْ نَوَاجِذَهِ،
ضَرَبَ بِعَمُوْدِهِ، سُلَّ سَيْفُ الصُّبْحِ مِنْ غِمْدِ الظَّلَامِ، نَعَرَ
الصُّبْحُ في قَفَا اللَّيْلِ، بَاحَ الصُّباحُ بِسِرِّهِ، وهِيَ نِطاقُ الجَوْزَاءِ،
انْحَطَّ قِنْدِيلُ الثُّرَيَّا، ذَرَّ قرْن الشَّمْسِ، ارْتَفَعَ النَّهَارُ، تَرَحَّلَتِ
الشَّمس، رَمَتِ الشَّمْسُ بِجَمَرَاتِ الظَّهِيرَةِ، بَقَلَ وَجْهُ النَّهَارِ،
خَفَقَتْ رَايَاتُ الظَّلَامِ، نَوَّرَتْ حَدَائِقُ الجَوِّ، شَابَ رأسُ اللَّيْلِ،
لَبِسَتِ الشَّمْسُ جِلْبَابَهَا، قَامَ خَطِيبُ الرَّعْدِ، خَفَقَ قَلْبُ
البَرْقِ، انْحَلَّ عِقْدُ السَّمَاءِ، وَهَى عِقْدُ الأنْدَادِ، انْقَطَعَ شِرْيَانُ
الغَمَامِ، تَنَفَّسَ الرَّبِيعُ، تَعَطَّرَ النَّسيمُ، تَبَرَّجَتِ الأرْضُ، قَوِيَ
سُلْطَانُ الحَرِّ، آنَ أنْ يَجِيشَ مِرْجَلُهُ ويَثُورَ قَسْطَلُهُ، انْحَسَرَ
قِنَاعُ الصَّيفِ، جَاشَت جُيُوشُ الخَرِيفِ، حَلَّتِ الشَّمْسُ
المِيزَانَ وَعَدَلَ الزَّمَانُ، دَبَّتْ عَقَارِبُ البَرْدِ، أَقْدَمَ الشِّتَاءُ
كَلْكَلَهُ، شَابَت مَفَارِقُ الجِبَالِ، يَوْمٌ عَبُوسٌ قَمْطَرِيرٌ، كشَّرَ
عَنْ نَابِ الزَّمْهَرِيرِ.
وكَقَوْلِهِمْ في مَحَاسِنِ الكَلَامِ: الأدَبُ غِذَاءُ الرُّوحِ، الشَّبَابُ
بَاكُورَةُ الحَيَاةِ، الشَّيْبُ عُنْوَانُ المَوْتِ، النَّارُ فَاكِهَةُ الشِّتَاءِ،
العِيَالُ سُوسُ المَالِ، النَّبِيذُ كِيمْيَاءُ الفَرَحِ، الوَحْدَةُ قَبْرُ الحَيِّ،
الصَّبْرُ مِفْتَاحُ الفَرَجِ، الدَّيْنُ دَاءُ الكَرَمِ، النَّمَّامُ جِسْرُ الشَّرِّ،
الإرْجَافُ زَنْدُ الفِتْنَةِ، الشُّكْرُ نَسِيْمُ النَّعِيْمِ، الرَّبِيعُ شَبَابُ
الزَّمَانِ، الوَلَدُ رَيْحَانَةُ الرُّوْحِ، الشَّمْسُ قَطِيفَةُ المَسَاكِينِ،
الطِّيْبُ لِسَانُ المُرُوءَةِ.


1 الظربان: دويبة كالهرة منتنة، جمعها ظرابين وظربى، والأخير
بكسر الظاء وإسكان الراء بعدها باء مفتوحة.

عبد السلام بركات زريق 04-06-2023 12:44 PM

رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
 
الفَصلُ الرّابعُ والتّسعونَ


من اسْتِعَارَاتِ القُرْآنِ


{وإنَّهُ في أمِّ الكِتَابِ} 4 من سورة الزخرف.

{لِتُنْذِرَ أُمَّ القُرَى ومَنْ حَوْلَهَا} 92 من سور الأنعام.

{واخْفِضْ لَهُمَا جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} 24 من سورة الإسراء.

{والصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ} 18 من سورة التكوير.

{فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الجُوعِ والخَوفِ} 112 من سورة النحل.

{كُلَّمَا أوْقَدُوا نَارًا لِلحَرْبِ أطْفَأهَا اللّهُ} 62 من سورة المائدة.

{أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} 29 من سورة الكهف.

{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ والأرْضُ} 29 من سورة الدخان.

{وامْرَأتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ} 4 من سورة المسد.

{واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْبًا} 4 من سورة مريم.

{وآيَةٌ لَهُمُ اللَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} 37 من سورة يس.

{فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ} 13 من سورة الفجر.

{وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الغَضَبُ} 154 من سورة الأعراف.

ومِنَ الاسْتِعَارَاتِ في الأشْعَارِ العَرَبِيّة قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:

ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أرْخَى سُدُولَهُ
عَليَّ بِأنْوَاعِ الهُمُومِ لِيَبْتَلِي

فَقُلْتُ لَهُ لمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ
وأرْدَفَ أعْجازًا وناءَ بِكَلْكَلِ

وقَوْلُ زُهَيرٍ:

وَعُرِّيَ أفْرَاسُ الصِّبَا ورَوَاحِلُهْ

وقَوْلُ لَبيدٍ:

إذْ أصْبَحَتْ بِيَدِ الشَّمَالِ زِمَامُهَا

فأمَّا أشْعَارُ المُحْدَثِينَ في الاسْتِعَارَاتِ فَأكثرُ مِنْ أنْ تُحْصَى.


الساعة الآن 09:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team