منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر رواق الكُتب. (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=27)
-   -   العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=12463)

ناريمان الشريف 10-08-2019 06:15 AM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وصايا أمراء الجيوش
كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى الجراح: إنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشاً أو سرية قال: اغزوا بسم الله، وفي سبيل الله، تقاتلون من كفر بالله، لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا امرأة ولا وليداً. فإذا بعثت جيشاً أو سرية فمرهم بذلك.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول عند عقد الألوية: بسم الله وبالله وعلى عون الله، امضوا بتأييد الله والنصر، ولزوم الحق والصبر، فقاتلوا في سبيل الله لا من كفر بالله، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، ولا تجبنوا عند اللقاء، ولا تمثلوا عند القدرة، ولا تسرفوا عند الظهور، ولا تقتلوا هرماً ولا امرأة ولا وليداً، وتوقوا قتلهم إذا التقى الزحفان، وعند حمة النهضات، وفي شن الغارات ولما وجه أبو بكر رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان إلى الشام شيعه راجلاً. فقال له يزيد: إما أن تركب وإما أن أنزل. فقال: ما أنت بنازل وما أنا براكب، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله، ثم قال: إنك ستجد قوماً حبسوا أنفسهم لله، فذرهم وما حبسوا أنفسهم له - يعني الرهبان - وستجد قوماً فحصوا عن أوساط رؤسهم الشعر، فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف. ثم قال له: إني موصيك بعشر: لا تغدر، ولا تمثل، ولا تقتل هرماً ولا امرأة ولا وليداً، ولا تقرن شاة ولا بعيراً إلا ما أكلتم، ولا تحرقن نخلاً، ولا تخربن عامر، ولا تغل، ولا تبخس.

ناريمان الشريف 10-08-2019 06:16 AM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وقال أبو بكر رضي الله عنه لخالد بن الوليد حين وجهه لقتال أهل الردة: سر على بركة الله، فإذا دخلت أرض العدو فكن بعيدا من الحملة، فإني لا آمن عليك الجولة. واستظهر بالزاد، وسر بالأدلاء، ولا تقاتل بمجروح فإن بعضه ليس منه، واحترس من البيات فإن في العرب غرة: وأقل من الكلام فإنما لك ما وعي عنك. واقبل من الناس علانيتهم، وكلهم إلى الله في سرائرهم وأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
كتب خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس مع ابن نفيلة الغساني: الحمد لله الذي فض حرمتكم، وفرق جمعكم، وأوهن بأسكم، وسلب ملككم، وأذل عزكم. فإذا أتاكم كتابي هذا فابعثوا إلي بالرهن، واعتقدوا منا الذمة، وأجيبوا إلى الجزية، وإلا والله الذي لا إله إلا هو، لأسيرن إليكم بقوم تحبون الموت كما تحبون الحياة، ويرغبون في الآخرة كما ترغبون في الدنيا.

ناريمان الشريف 10-08-2019 06:17 AM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما ومن معه من الأجناد: أما بعد، فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب. وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم. وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة؛ لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا. واعلموا أن عليكم في مسيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إن عدونا شر منا فلن يسلط علينا وإن أسأنا، فرب قوم قد سلط عليهم شر منهم كما سلط على بني إسرائيل، لما عملوا بمساخط الله، كفار المجوس فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً. واسألوا الله العون على أنفسكم، كما تسألونه النصر على عدوكم. أسأل الله ذلك لنا ولكم. وترفق بالمسلمين في مسيرهم ولا تجشمهم مسيراً يتعبهم، ولا تقصر بهم على منزل يرفق بهم، حتى يبلغوا عدوهم والسفر لم ينقص قوتهم، فإنهم سائرون إلى عدو مقيم حامي الأنفس والكراع. وأقم ومن معك في كل جمعة يوم وليلة، حتى تكون لهم راحة يحيون فيها أنفسهم، ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم ونح منازلهم عن قرى أهل الصلح والذمة، فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه، ولا يرزأ أحداً أهلها شيئاً، فإن لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها، فما صبروا لكم فتولوهم خيراً. ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح. وإذا وطئت لأرض العدو فأذك العيون بينك وبينهم، ولا يخف عليك أمرهم. وليكن عندك العرب أو من أهل الأرض من تطمئن إلى نصحه وصدقه، فإن الكذوب لا ينفعك خيره، وإن صدقك في بعضه، والغاش عين عليك وليس عينا لك. وليكن منك عند دنوك من أرض العدو أن تكثر الطلائع وتبث السرايا بينك وبينهم، فتقطع السرايا أمدادهم وموافقهم، وتتبع الطلائع عوراتهم. وانتق للطلائع أهل الرأي والبأس من أصحابك، وتخير لهم سوابق الخيل. فإن لقوا عدوا كان أول ما تلقاهم القوة من رأيك، واجعل أمر السرايا إلى أهل الجهاد والصبر على الجلاد، لا تخص بها أحداً يهوى، فيضيع من أمرك ورأيك اكثر مما حابيت به أهل خاصتك. ولا تبعثن طليعة ولا سرية في وجه تتخوف عليها فيه غلبة أو ضيعة ونكاية. فإذا عاينت العدو فاضمم إليك أقاصيك وطلائعك وسراياك، واجمع إليك مكيدتك وقوتك، ثم لا تعاجلهم المناجزة، ما لم يستكرهك قتال، حتى تبصر عورة عدوك ومقالته، وتعرف الأرض كلها كمعرفة أهلها بها، فتصنع بعدوك كصنعه بك. ثم أذك أحراسك على عسكرك، وتيقظ من البيات جهدك. ولا تؤتي بأسير ليس له عقد إلا ضربت عنقه، لترهب بذلك عدو الله وعدوك. والله ولي أمرك ومن معك، وولي النصر لكم على عدوكم، والله المستعان.

ناريمان الشريف 10-08-2019 06:17 AM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وأوصى عبد الملك بن مروان أميراً سيره إلى أرض الروم فقال: أنت تاجر الله لعباده، فكن كالمضارب الكيس الذي إن وجد ربحاً تجر، وإلا تحفظ برأس المال. ولا تطلب الغنيمة حتى تحرز السلامة، وكن من احتيالك على عدوك أشد حذراً من احتيال عدوك عليك

ناريمان الشريف 10-08-2019 06:18 AM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وكان زياد يقول لقواده: تجنبوا اثنين لا تقاتلوا فيهما العدو: الشتاء وبطون الأودية.
وأغزى الوليد بن عبد الملك جيشاً في الشتاء، فغنموا وسلموا، فقال لعباد: يا أبا حرب، أين رأى زياد من رأينا؟ فقال: يا أمير المؤمنين، قد أخطأت، وليس كل عورة تصاب.
العتبي قال: جاشت الروم وغزوا المسلمين براً وبحراً، فاستعمل معاوية على الصائفة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فلما كتب له عهده قال: ما أنت صانع بعهدي؟ قال: أتخذه إماماً لا أعصيه. قال: اردد علي عهدي. ثم بعث إلى سفيان بن عوف الغامدي فكتب له عهده، ثم قال له: ما أنت صانع بعهدي؟ قال: أتخذه إماماً أمام الحزم، فإن خالفه خالفته. فقال معاوية: هذا الذي لا يكفكف من عجلة، ولا يدفع في ظهره من خور، ولا يضرب على الأمور ضرب الجمل الثفال.

ناريمان الشريف 10-08-2019 06:18 AM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وقال دريد الصمة لمالك بن عوف النصري قائد هوازن يوم حنين: يا مالك، إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم له ما بعده من الأيام. مالي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار الشاء؟ قال: سقت مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم. قال: ولم ذاك؟ قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم. فأنقض به وقال: راعى ضأن والله؟ وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك. ويحك إنك لم تصنع بتقديم البيضة بيضة هوزان إلى نحور الخيل شيئاً، ارفعهم إلى متمنع بلادهم، وعليا قومهم، ثم الق الصباء على متون الخيل. فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك. قال: لا والله لا أفعل ذلك، إنك قد كبرت وذهل عقلك. قال: دريد: هذا يوم لم أشهده ولم يفتني، ثم أنشأ يقول:
يا ليتني فيها جذع ... أخب فيها وأضع
أقود وطفاء الزمع ... كأنها شاة صدع

ناريمان الشريف 10-08-2019 06:19 AM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وكان قتيبة بن مسلم يقول لأصحابه: إذ غزوتم فأطيلوا الأظفار وقصروا الشعور، والحظوا الناس شزراً، وكلموهم رمزاً، واطعنوهم وخزاً.
وكان أبو مسلم يقول لقواده: أشعروا قلوبكم الجرأة فإنها من أسباب الظفر، وأكثروا ذكر الضغائن فإنها تبعث على الإقدام، والزموا الطاعة فإنها حصن المحارب.
وكان سعيد بن زيد يقول لبنيه: قصروا الأعنة واشحذوا الأسنة، تأكلوا القريب، ويرهبكم البعيد.
وقال عيسى بن موسى: لما وجهني المنصور إلى المدينة لمحاربة ابني عبد الله بن الحسن، وجعل يوصيني ويكثر، قلت: يا أمير المؤمنين؛ إلى متى توصيني:
إني أنا ذاك الحسام الهندي ... أكلت جفني وفريت غمدي
فكل ما تطلب عندي عندي

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:00 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
المحاماة عن العشيرة
ومنع المستجير

قال عبد الملك بن مروان لجعيل بن علقمة الثعلبي: ما مبلغ عزكم؟ قال: لم يطمع فينا ولم يؤمن منا. قال: فما مبلغ حفظكم؟ قال: يدفع الرجل منا عمن استجار به من غير قومه كدفاعه عن نفسه. قال عبد الملك: مثلك من يصف قومه.
وقال عبد الملك بن مروان لابن مطاع الغنزي: أخبرني عن مالك بن مسمع. قال له: لو غضب مالك لغضب معه مائة ألف سيف لا يسألونه في أي شيء غضب. قال عبد الملك: هذا والله السؤدد.
قال: ولم يل قط مالك بن مسمع ولا أسماء بن خارجة شيئاً للسلطان.
وكانت العرب تمتدح بالذب عن الجار فيقولون: فلان منيع الجار، حامي الذمار. نعم، حتى كان فيهم من يحمي الجراد إذا نزل في جواره، فسمي مجير الجراد.
وقال مروان بن أبي حفصة يمدح معن بن زائدة ويصف مفاخر بني شيبان ومنعهم لمن استجار بهم:
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا ... أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
هم يمنعون الجار حتى كأنما ... لجارهم بين السماكين منزل
وقال آخر:
هم يمنعون الجار حتى كأنه ... كثيبة زور بين خافيتي نسر

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:01 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وذكر أن معاوية ولى كثير بن شهاب المذحجي خراسان، فاختان مالاً كثيراً ثم هرب فاستتر عند هانئ بن عروة المرادي: فبلغ ذلك معاوية، فهدر دم هانئ. فخرج إلى معاوية فكان في جواره، ثم حضر مجلسه وهو لا يعرفه، فلما نهض الناس ثبت مكانه. فسأله معاوية عن أمره فقال: أنا هانئ بن عروة. فقال: إن هذا اليوم ليس باليوم الذي يقول فيه أبوك:
أرجل جمتي وأجر ذيلي ... وتحمل شكتي أفق كميت
وأمشي في سراة بني غطيف ... إذا ما ساءني أمر أبيت
قال: أنا والله يا أمير المؤمنين اليوم أعز مني ذلك اليوم. فقال: بم ذلك؟ قال: بالإسلام. قال: أين كثير بن شهاب؟ قال: عندي وعندك يا أمير المؤمنين. قال: انظر إلى ما اختانه، فخذ منه بعضاً، وسوغه بعضاً، وقد أمناه ووهبناه لك.
الشيباني قال: لما نزل محمد بن أبي بكر مصر وصير إليه معاوية معاوية بن حديج الكندي، تفرق عن محمد من كان معه، فتغيب. فدل عليه، فأخذه وضرب عنقه وبعث برأسه إلى معاوية. وكان أول رأس طيف به في الإسلام.

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:02 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وكان محمد بن جعفر بن أبي طالب معه، فاستجار بأخواله من خثعم فغيبوه. وكان سيد خثعم يومئذ رجلاً في ظهره بزخ من كسر أصابه، فكان إذا مشى ظن الجاهل أنه يتبختر في مشيته، فذكر لمعاوية أنه عنده، فقال له: أسلم إلينا هذا الرجل: فقال: ابن اختنا لجأ إلينا لنحقن دمه، عنك يا أمير المؤمنين. قال: والله لا أدعه حتى تأتيني به. قال لا والله لا أتيك به. قال: كذبت. والله لتأتيني به، إنك ما علمت لأوره. قال: أجل، إني لأوره حين أقاتلك على ابن عمك لأحقن دمه، وأقدم ابن عمي دونه تسفك دمه. فسكت عنه معاوية وخلى بينه وبينه.
الشيباني قال: قال سعيد بن سلم: أهدر المهدي دم رجل من أهل الكوفة كان يسعى في فساد دولته وجعل لمن دله عليه أو جاءه به مائة ألف درهم. قال: فأقام الرجل حيناً متوارياً ثم إنه ظهر بمدينة السلام، فكان ظاهراً كغائب، خائفاً مترقباً. فبينا هو يمشي في بعض نواحيها إذ بصر به رجل من أهل الكوفة فعرفه، فأهوى إلى مجامع ثوبه، وقال: هذا بغية أمير المؤمنين؛ فأمكن الرجل من قياده، ونظر إلى الموت أمامه. فبينما هو على الحالة إذ سمع وقع الحوافر من وراء ظهره، فالتفت فإذا معن بن زائدة، فقال: يا أبا الوليد، أجرني أجارك الله؛ فوقف وقال للرجل الذي تعلق به: ما شأنك؟ قال: بغية أمير المؤمنين، الذي أهدر دمه وأعطى لمن دل عليه مائة ألف. فقال: يا غلام، انزل عن دابتك، واحمل أخانا. فصاح الرجل: يا معشر الناس، يحال بيني وبين من طلبه أمير المؤمنين! قال له معن: اذهب فأخبره أنه عندي. فانطلق إلى باب أمير المؤمنين فأخبر الحاجب، فدخل إلى المهدي فأخبره، فأمر بحبس الرجل، ووجه إلى معن من يحضر به. فأتته رسل أمير المؤمنين وقد لبس ثيابه، وقربت إليه دابته، فدعا أهل بيته ومواليه فقال: لا يخلصن إلى هذا الرجل وفيكم عين تطرف. ثم ركب ودخل حتى سلم على المهدي، فلم يرد عليه. فقال: يا معن، أتجير علي؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ونعم أيضاً! واشتد غضبه. فقال معن: يا أمير المؤمنين، قتلت في طاعتكم باليمن في يوم واحد خمسة عشر ألفاً، ولي أيام كثيرة قد تقدم فيها بلائي، وحسن غنائي، فما رأيتموني أهلاً أن تهبوا لي رجلاً واحداً استجار بي؟ فأطرق المهدي طويلاً، ثم رفع رأسه وقد سري عنه، فقال: قد أجرنا من أجرت. قال معن: فإن رأى أمير المؤمنين أن يصله فيكون قد أحياه وأغناه فعل. قال: قد أمرنا له بخمسين ألف. قال: يا أمير المؤمنين، إن صلات الخلفاء تكون على قدر جنايات الرعية، وإن ذنب الرجل عظيم، فأجزل له الصلة. قال: قد أمرنا له بمائة ألف. قال: فتعجلها يا أمير المؤمنين فإن خير البر عاجله. فأمر بتعجيلها. فدعا لأمير المؤمنين بأفضل دعاء، ثم انصرف ولحقه المال. فدعا الرجل، فقال له: خذ صلتك، والحق بأهلك، وإياك ومخالفة خلفاء الله تعالى.

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:03 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
الجبن والفرار
قال عمرو بن معد يكرب: الفزعات ثلاث: فمن فزعته في رجليه، فذلك الذي لا تقله رجلاه؛ ومن كانت فزعته في رأسه، فذلك الذي يفر عن أبويه، ومن كانت فزعته في قلبه، فذلك الذي يقاتل.
وقال الأحنف بن قيس: أسرع إلى الفتنة أقلهم حياء من الفرار.
وقامت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: إن لله خلقاً قلوبهم كقلوب الطير، كلما خفقت الريح خفقت معها، فأف للجبناء! أف للجبناء! وقال الشاعر:
يفر الجبان عن أبيه وأمه ... ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه
ويرزق معروف الجواد عدوه ... ويحرم معروف البخيل أقاربه
وقال خالد بن الوليد عند موته. لقد لقيت كذا وكذا زحفاً، وما في جسمي موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، ثم هأنذا أموت حتف أنفى كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء.
ومن أشعار الفرارين الذين حسنوا فيها الفرار على قبحه حتى حسن، قول الفرار السلمي:
وكتيبة لبستها بكتيبة ... حتى إذا التبست نفضت لها يدي
وتركتهم تقص الرماح ظهورهم ... من بين مقتول وآخر مسند
هل ينفعنى أن تقول نساؤهم ... وقتلت دون رجالها: لا تبعد
وعلمت أني إن أقاتل واحداً ... أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي
فصدفت عنهم والأحبة فيهم ... طمعاً لهم بعقاب يوم مرصد
وهذا الذي سمعه رتبيل فقال: يا معشر العرب، حسنتم كل شيء فحسن حتى الفرار.
وبعد هذا يأتي قول حسان في ذلك.

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:06 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وأسلم الحارث يوم فتح مكة وحسن إسلامه، وخرج في زمن عمر إلى الشام من مكة بأهله وماله مجاهداً فأتبعه أهل مكة يبكون، فرق وبكى وقال: أما لو كنا نستبدل داراً بدارنا، أو جاراً بجارنا، ما رأينا بكم بدلا، ولكنها النقلة إلى الله. فلم يزل هنالك مجاهداً حتى مات.
وقال آخر:
قامت تشجعني هند وقد علمت ... أن الشجاعة مقرون بها العطب
لا والذي منع الأبصار رؤيته ... ما يشتهي الموت عندي من له أدب
للحرب قوم أضل الله سعيهم ... إذا دعتهم إلى نيرانها وثبوا
ولست منهم ولا أبغي فعالهم ... لا القتل يعجبني منهم ولا السلب

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:06 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وقال محمود الوراق:
أيها الفارس المشيح المغير ... إن قلبي من السلاح يطير
ليس لي قوة على رهج ... الخيل إذا ثور الغبار مثير
واستدارت رحى الحروب بقوم ... فقتيل وهارب وأسير
حيث لا ينطق الجبان من الذعر ويعلو الصياح والتكبير
أنا في مثل ذا وهذا بليد ... ولبيب في غيره بحرير
وقال أيمن بن خريم:
إن للفتنة ميطاً بيناً ... فرويد الميط منها يعتدل
فإذا كان عطاء فأتهم ... وإذا كان قتال فاعتزل
إنما يوقدها جهالها ... حطب النار فدعها تشتعل

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:07 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
ومما يحتج به الفرارون ما قاله صاحب كليلة ودمنة: إن الحازم يكره القتال ما وجد بداً منه، لأن النفقة فيه من النفس، والنفقة في غيره من المال.
أخذ هذا المعنى حبيب الطائي فنظمه في شعره حيث يقول:
كم بين قوم إنما نفقاتهم ... مال وقوم ينفقون نفوسا
ومن الفرارين: عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فر من الأزارقة وكان في عشرة آلاف، وكان قد بعث إليه المهلب: يا بن أخي، خندق على نفسك وعلى أصحابك فإني عالم بأمر الخوارج ولا تغتر. فبعث إليه: أنا أعلم بهم منك، وهم أهون علي من ضربة الجمل.فبيته قطري صاحب الأزارقة، فقتل من أصحابه خمسمائة وفر لا يلو على أحد. فقال فيه الشاعر:
تركت ولداننا تدمى نحورهم ... وجئت منهزماً يا ضرطة الجمل
ومن الفرارين: أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد. فر يوم مرداء هجر من أبي فديك. فسار من البحرين إلى البصرة في ثلاثة أيام، فجلس يوماً بالبصرة فقال: سرت على فرسي المهرجان من البحرين إلى البصرة في ثلاثة أيام. فقال له بعض جلسائه: أصلح الله الأمير، فلو ركبت النيروز لسرت إليها في يوم واحد. فلما دخل عليه أهل البصرة لم يروا كيف يكلمونه ولا ما يلقونه من القول، أيهنئونه أم يعزونه، حتى دخل عليه عبد الله بن الأهتم فاستشرف الناس له وقالوا: ما عسى أن يقال للمنهزم؟ فسلم ثم قال: مرحباً بالصابر المخذول، الذي خذله قومه الحمد لله الذي نظر لنا عليك ولم ينظر لك علينا، فقد تعرضت للشهادة جهدك، ولكن علم الله تعالى حاجة أهل الإسلام إليك فأبقاك لهم بخذلان من معك لك. فقال أمية بن عبد الله: ما وجدت أحداً أخبرني عن نفسي غيرك.
وفيه يقول الشاعر:
إذا صوت العصفور طار فؤاده ... وليث حديد الناب عند الثرائد

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:08 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
أتي الحجاج بدواب أمية قد وسم على أفخاذها عدة فأمر الحجاج أن يكتب تحت ذلك: للفرار.
وقال أبو دلامة: كنت مع مروان أيام الضحاك الحروري، فخرج فارس منهم فدعا إلى البراز، فخرج إليه رجل فقتله، ثم ثان فقتله، ثم ثالث فقتله فانقبض الناس عنه وجعل يدنو ويهدر كالفحل المغتلم. فقال مروان: من يخرج إليه وله عشرة آلاف؟ قال: فلما سمعت عشرة آلاف هانت علي الدنيا وسخوت بنفسي في سبيل عشرة آلاف وبرزت إليه، فإذا عليه فرو قد أصابه المطر فارمعل، ثم أصابته الشمس فاقفعل، وله عينان تتقدان كأنهما جمرتان. فلما رآني فهم الذي أخرجني، فأقبل نحوي وهو يرتجز ويقول:
وخارج أخرجه حب الطمع ... فر من الموت وفي الموت وقع
" من كان ينوي أهله فلا رجع "
فلما رأيته قنعت رأسي، ووليت هارباً، ومروان يقول: من هذا الفاضح؟ لا يفتكم، فدخلت في غمار الناس.

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:12 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وقيل لأعرابي: ألا تغزو العدو؟ قال: وكيف يكونون لي عدواً وما أعرفهم ولا يعرفوني؟ وقيل لآخر: ألا تغزو العدو؟ قال: والله إني لأبغض الموت على فراشي، فكيف أخب إليه راكضاً.
ومما قيل في الفرارين والجبناء من الشعر قول حسان بن ثابت يعير الحارث بن هشام بفراره يوم بدر، وقد تقدم ذكر ذلك:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني ... فنجوت منجى الحارث هشام
ترك الأحبة لم يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرة ولجام
ملأت به الفرجين فارمدت به ... وثوى أحبته بشر مقام
وقال بعض العراقيين في رجل أكول جبان:
إذا صوت العصفور طار فؤاده ... وليث حديد الناب عند الثرائد
وقال فيه:
ضعيف القلب رعديد ... عظيم الخلق والمنظر
رأى في النوم عصفوراً ... فوارى نفسه أشهر
وقال آخر:
لو جرت خيل نكوصاً لجرت خيل ذفافه
هي لا خيل رجاء ... لا ولا خيل مخافه
وقال آخر:
خرجنا نريد مغاراً لنا ... وفينا زياد أبو صعصعة
فستة رهط به خمسة ... وخمسة رهط به أربعة

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:13 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
ولم يقل أحد في وصف الجبن والفرار مثل قول الطرماح في بني تميم:
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا ... ولو سلكت طرق المكارم ضلت
ولو أن برغوثاً على ظهر قملة ... رأته تميم يوم زحف لولت
ولو جمعت يوماً تميم جموعها ... على ذرة معقولة لاشمعلت
وليس يعاب الشجاع والبهمة البطل بالفرة الواحدة تكون منه خاصة لا عامة، وقليلة لا عادة، كما قال زفر بن الحارث، وفر يوم مرج راهط عن أبيه وأخيه فقال:
أيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أيامي وحسن بلائيا
ولم تر مني زلة قبل هذه ... فراري وتركي صاحبي ورائيا
وفر عمر بن معد يكرب من عباس بن مرداس السلمي، وأسر أخته ريحانة. وفيها يقول عمرو:
أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع
وفر عن بني عبس، وفيهم زهير بن جذيمة العبسي، وولده شأس بن زهير، وقيس بن زهير، ومالك بن زهير فقال فيهم:
أجاعلة أم الثوير خزاية ... علي فراري إذ لقيت بني عبس
لقيت أبا شأس وشأساً ومالكاً ... وقيساً فجاشت من لقائهم نفسي
لقونا فضموا جانبينا بصادق ... من الطعن مثل النار في الحطب اليبس
ولما دخلنا تحت فيء رماحهم ... خبطت بكفي أطلب الأرض باللمس
وليس يعاب المرء من جبن يومه ... إذا عرفت منه الشجاعة بالأمس
وقال أيضاً:
ولقد أجمع رجلي بها ... حذر الموت وإني لفرور
ولقد أعطفها كارهة ... حين للنفس من الموت هرير
كل ما ذلك مني خلق ... وبكل أنا في الروع جدير
وابن صبح سادراً يوعدني ... ما له في الناس ما عشت مجير

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:14 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وقال الحارث لامرأته، وذلك أنها نظرت إليه وهو يحد حربة يوم فتح مكة، فقالت له: ما تصنع بهذه؟ قال: أعددتها لمحمد وأصحابه. فقالت: ما أرى يقوم لمحمد وأصحابه شيء! قال: والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم، قم أنشأ يقول:
إن يقبلوا اليوم فيما بي علة ... هذا سلاح كامل وأله
وذو غرارين سريع السلة
فلما لقيهم خالد بن الوليد يوم الخندمة انهزم الرجل، فلامته امرأته فقال:
إنك لو شهدت يوم الخندمة ... إذ فر صفوان وفر عكرمة
وأبو يزيد قائم كالموتمة ... ولحقتنا بالسيوف المسلمة
يفلقن كل ساعد وجمجمة ... ضرباً فلا تسمع إلا غمغمة
لهم نهيت خلفنا وهمهمة ... لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة
وكان أسلم بن زرعة وجهه عبيد الله بن زياد لحرب أبي بلال الخارجي في ألفين، وأبو بلال في أربعين رجلاً، فشدوا عليه شدة رجل واحد فانهزم هو وأصحابه؛ فما دخل على ابن زياد عنفه في ذلك وقال: أتمضي في ألفين وتنهزم.
عن أربعين! فخرج عنه وهو يقول لأن يذمني ابن زياد حياً، خير من أن يمدحني ميتاً. وفي رواية أخرى: أن يشتمني الأمير وأنا حي، أحب إلي من أن يدعو لي وأنا ميت.
فقال شاعر الخوارج:
أألفا مؤمن؟ لستم كذاكم ... ولكن الخوارج مؤمنونا
هم الفئة القليلة قد علمتم ... على الفئة الكثيرة ينصرونا
ومثل ذلك قول عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي وكان فر يوم الحرة من جيش مسلم بن عقبة، فلما كان أيام حصار الحجاج بمكة لعبد الله بن الزبير جعل يقاتل أهل الشام ويقول:
أنا الذي فررت يوم الحرة ... والشيخ لا يفر إلا مرة
فاليوم أجزى فرة بكره ... لا بأس بالكرة بعد الفره
فلم يزل يقاتل حتى قتل.

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:15 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وأحسن ما قيل في الفرار كله ما قال قيس بن الخطيم:
إذا ما فررنا كان أسوا فرارنا ... صدود الخدود وازورار المناكب
أجالدهم يوم الحديقة حاسراً ... كأن يدي بالسيف مخراق لاعب
وقر عتيبة بن الحارث بن شهاب ... يوم ثبرة عن ابنه حزوة وقال:
يا حسرتا لقد لقيت حسرة ... يالتميم غشيتني غمره
نعم الفتى غادرته بثبرة ... نجيت نفسي وتركت حزرة
هل يترك الحر الكريم بكره
وفر أبو خراش الهذلي من فائد وأصحابه ورصدوه بعرفات، فقال:
رفوني وقالوا يا خويلد لا ترعفقلت وأنكرت الوجوه هم هم
وقلت وقد جاوزت أصحاب فائد ... أأعجزت أولى الخيل أم أنا أحلم
فلولا أدراك الشد قامت حليلتي ... تخير من خطابها وهي أيم
ولولا أرداك الشر أتلفت مهجتي ... وكاد خراش يوم ذلك ييتم
وفر خبيب بن عوف يوم مرداء هجر من أبي فديك فقال:
بذلت لهم يا قوم حولي وقوتي ... ونصحي وما ضمت يداي من التبر
فلما تناهى الأمر بي من عدوكم ... إلى مهجتي وليت أعداءكم ظهري
وطرت ولم أحفل ملامة عاجز ... يقيم لأطراف الردينية السمر
فلو كان لي روحان عرضت واحداً ... لكل رديني وأبيض ذي أثر

ناريمان الشريف 10-18-2019 09:16 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
رجع بنا القول إلى الفرارين والجبناء وما قيل فيهم.
فر خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد عن مصعب بن الزبير يوم الجفرة بالبصرة، فقال فيه الفرزدق:
وكل بني السوداء قد فر فرة ... فلم يبق إلا فرة في است خالد
فضحتم أمير المؤمنين وأنتم ... تمرون سودانا غلاظ السواعد
وقيل لرجل جبان في بعض الوقائع: تقدم. فأنشأ يقول:
وقالوا تقدم قلت لست بفاعل ... أخاف على فخارتي أن تحطما
فلو كان لي رأسان أتلفت واحداً ... ولكنه رأس إذا راح أعقما
ولو كان مبتاعاً لدى السوق مثله ... فعلت ولم أحفل بأن أتقدما
فأوتم أولاداً وأرمل نسوة ... فكيف على هذا ترون التقدما
وقالت هند بنت النعمان بن بشير لزوجها روح بن زنباع الجذامي: عجباً منك! كيف سودك قومك وأنت جبان غيور؟ قال: أما الجبن، فإن لي نفساً واحدة فأنا أحوطها؛ وأما الغيرة، فما أحق بها من كانت له امرأة حمقاء مثلك، مخافة أن تأتيه بولد من غيره فترمي به في حجره.
وقال كعب بن زهير:
بخلاً علينا وجبناً من عدوكم ... لبئست الخلتان: البخل والجبن

ناريمان الشريف 11-07-2019 06:57 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
فضائل الخيل
قال النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الخيل: أعرفها أدفاؤها، وأذنابها مذابها، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بإناث الخيل، فإن بطونها كنز، وظهورها حرز، وأصحابها معانون عليها.
وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أريد أن اشتري فرساً أعده في سبيل الله. فقال له: اشتره أدهم؛ أو كميتاً أقرح أرثم، أو محجلاً مطلق اليمين، فإنها ميامن الخيل.
وقيل لبعض الحكماء: أي الأموال أشرف؟ قال فرس يتبعها فرس في بطنها فرس.

ناريمان الشريف 11-07-2019 06:59 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
صفة جياد الخيل
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب من الخيل الشقر.
وقال: لو جمعت خيل العرب في صعيد واحد ما سبقها إلا أشقر.

وسأله رجل: أي المال خير؟ قال: سكة مأبورة، ومهرة مأمورة.
وكان عليه الصلاة والسلام يكره الشكال في الخيل.
وقالوا: إنما سميت خيلاً لاختيالها.
ووصف أعرابي فرساً فقال: إذا تركته نعس، وإذا حركته طار.
وأرسل مسلم بن عمرو لابن عم له بالشام يشتري له خيلاً. فقال له: لا علم لي بالخيل. فقال: ألست صاحب قنص؟ قال: بلى. قال: انظر كل شيء تستحسنه في الكلب في الفرس. فأتى بخيل لم يكن في العرب مثلها.
وقال بعض الضبيين في وصف فرس:
متقاذف عبل الشوى شنج النسا ... سباق أندية الجياد عميثل
وإذا تعلل بالسياط جيادها ... أعطاك نائله ولم يتعلل
سأل المهدي مطر بن دراج عن أي الخيل أفضل؟ قال: الذي إذا استقبلته قلت نافر، وإذا استدبرته قلت زاخر، وإذا استعرضته قلت زافر. قال: فأي هذه أفضل؟ قال: الذي طرفه إمامه، وسوطه عنانه.
وقال آخر: الذي إذا مشى ردى، وإذا عدا دحا، وإذا استقبل أقعى، وإذا استدبر جبى، وإذا استعر استوى.
وسأل معاوية بن أبي سفيان صعصعة بن صوحان: أي الخيل أفضل! قال: الطويل الثلاث، القصير الثلاث، العريض الثلاث، الصافي الثلاث. قال: فسر لنا. قال: أما الطويل الثلاث، فالأذن والعنق والحزام. وأما القصر الثلاث، فالصلب والعسيب والقضيب. وأما العريض الثلاث، فالجبهة والمنخر والورك؛ وأما الصافي الثلاث، فالأديم والعين والحافر.

ناريمان الشريف 11-07-2019 06:59 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وقال عمر بن الخطاب لعمرو بن معد يكرب: كيف معرفتك بعراب الخيل؟ قال: معرفة الإنسان بنفسه وأهله وولده. فأمر بأفراس فعرضت عليه. فقال: قدموا إليها الماء في التراس، فما شرب ولم يكتف فهو من العراب، وما ثنى سنبكه فليس منها.
قلت: إنما المحفوظ أن عمر شك في العتاق والهجن، فدعا سلمان بن ربيعة الباهلي فأخبره. فأمر سلمان بطست من ماء فوضع بالأرض، ثم قدم إليه الخيل فرساً فرساً، فما ثنى سنبكه وشرب هجنه، وما شرب ولم يثن سنبكه عربه.
وقال حسان بن ثابت يصف طول عنق الفرس:
بكل كميت جوزه نصف خلقه ... أقب طوال مشرف في الحوارك
وقال زهير:
وملجمنا ما أن ينال قذاله ... ولا قدماه الأرض إلا أنامله
وقال آخر:
له ساقا ظليم خا ... ضب فوجئ بالرعب
حديد الطرف والمنكب ... والعرقوب والقلب

ناريمان الشريف 11-07-2019 07:00 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وقال آخر:
هريت قصير عذاب اللجام ... أسيل طويل عذار الرسن
لم يرد بقوله. قصير عذار اللجام قصر خده، وإنما أراد طول شق الفم. وأراد بطول عذار الرسن: طول الخد.
وقال آخر:
بكل هريت نقي الأديم ... طويل الحزام قصير اللبب
وقال أبو عبيدة يستدل على عنق الفرس برقة جحافله وأرنبته، وسعة منخريه، وعري نواهقه، ودقة حقويه وما ظهر من أعالي أذنيه، ورقة سالفتيه وأديمه، ولين شعره. وأبين من ذلك كله لين شكير ناصيته وعرفه. وكانوا يقولون. إذا اشتد نفه، ورحب متنفسه، وطال عنقه، واشتد حقوه، وانهرت شدقه، وعظمت فخذاه، وانشبخت أنساؤه، وعظمت فصوصه، وصلبت حوافره ووقحت، ألحق بجياد الخيل.
قيل لرجل من بني أسد: أتعرف الفرس الكريم من المقرف؟ قال: نعم؛ أما الكريم، فالجواد الجيد الذي نهز نهز العير، وأنف تأنيف السير، الذي إذا عدا اسلهب، وإذا أقبل أجلعب، وإذا انتصب اتلأب.
وأما المقرف: فإنه الذلول الحجبة، الضخم الأرنبة، الغليظ الرقبة، الكثير الجلبة، الذي إذا أرسلته قال: أمسكني، وإذا أمسكته قال: أرسلني.
وكان محمد بن السائب الكلبي يحدث: أن الصافنات الجياد المعروضة على سليمان بن داود عليهما السلام كانت ألف فرس ورثها عن أبيه، فلما عرضت ألهته عن صلاة العصر حتى توارت الشمس بالحجاب، فعرقبها إلا أفراساً لم تعرض عليه. فوفد عليه أقوام من الأزد وكانوا أصهاره، فلما فرغوا من حوائجهم قالوا: يا نبي الله، إن أرضنا شاسعة فزودنا زاداً يبلغنا. فأعطاهم فرساً من تلك الخيل وقال: إذا نزلتم منزلاً فاحملوا عليه غلاماً واحتطبوا، فإنكم لا تورون ناركم حتى يأتيكم بطعامكم، فساروا بالفرس، فكانوا لا ينزلون منزلاً إلا ركبه أحدهم للقنص، فلا يفلته شيء وقعت عينه عليه من ظبي أو بقر أو حمار، إلى أن قدموا إلى بلادهم، فقالوا. ما لفرسنا هذا اسم إلا زاد الراكب. فسموه زاد الراكب. فأصل فحول العرب من نتاجه.
ويقال إن أعوج كان منها، وكان فحلاً لهلال بن عامر أنتجته أمه ببعض بيوت الحي، فنظروا إلى طرف يضع جحفلته على كاذتها على الفخذ مما يلي الحياء فقالوا: أدركوا ذلك الفرس لا ينزو على فرسكم، لعظم أعوج وطول قوائمه. فقاموا إليه فوجدوا المهر، فسموه أعوج.


ناريمان الشريف 11-07-2019 07:01 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وأخبرنا فرج بن سلام عن أبي حاتم عن الأصمعي قال: أغير على أهل النسار، وأعوج موثق بثمامة، فجال صاحبه في متنه، ثم زجره فاقتلع الثمامة، فخرجت تحف في متنه كالخذروف وراءه. فغدا بياض يومه وأمسى يتعشى من جميم قباء.
وقال الشاعر في وصف فرس:
وأحمر كالديباج أما سماؤه ... فريا وأما أرضه فمحول
قوله سماؤه: أعلاه؛ وأرضه: أسفله. يريد قوائمه.
وللطائي نظير هذا حيث يقول:
مبتل متن وصهوتين إلى ... حوافر صلبة له ملس
فهو لدى الروع والحلائب ذو ... أعلى مندى وأسفل يبس
أو أدهم فيه كمتة أمم ... كأنه قطعة من الغلس
صهصلق في الصهيل تحسبه ... أشرج حلقومه على جرس
وقال حبيب أيضاً يصف فرساً أهداه إليه الحسن بن وهب الكاتب:
ما مقرب يختال في أشطانه ... ملآن من صلف به وتلهوق
بحوافر حفر وصلب صلب ... وأشاعر شعر وحلق أحلق
وبشعلة تبدو كأن حلولها ... في صهوتيه بدو شيب المفرق
ذو ألق تحت العجاج وإنما ... من صحة إفراط ذاك الأولق
تغرى العيون به ويفلق شاعر ... في نعته عفواً وليس بمفلق
بمصعد من حسنه ومصوب ... ومجمع في خلقه ومفرق
قد سالت الأوضاح سيل قرارة ... فيه فمفترق عليه وملتقى
صافي الأديم كأنما ألبسته ... من سندس ثوباً ومن إستبرق
مسود شطر مثل ما اسود الدجى ... مبيض شطر كابيضاض المهرق
فكأن فارسه يصرف إذ بدا ... في متنه ابنا للصباح الأبلق
إملسه إمليده لو علقت ... في صهوتيه الصين لم تتعلق
يرقى وما هو بالسليم ويغتدي ... دون السلاح سلاح أروع مملق

ناريمان الشريف 11-07-2019 07:01 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وقال أبو سويد: شهد أبو دلف وقعة البذ وتحته فرس أدهم، وعليه نضح الدم. فاستوقفه رجل من الشعراء، وأنشد:
كم ذا تجرعه المنون ويسلم ... لو يستطيع شكا إليك الأدهم
في كل منبت شعرة من جلده ... نمق ينمقه الحسام المخذم
وكأنما عقد النجوم بطرفه ... وكأنه بعرى المجرة ملجم
وكأنه بين البوارق لقوة ... شقراء كاسرة طوت ما تطعم
ما تدرك الأرواح أدنى سيره ... لا بل يفوت الريح فهو مقدم
رجعته أطراف الأسنة أشقراً ... واللون أدهم حين ضرجه الدم
قال: فأمر له بعشرة آلف درهم.

ناريمان الشريف 11-07-2019 07:03 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
ومن قولنا في وصف الفرس:
ومقربة يشقر في النقع كمتها ... ويخضر حيناً كلما بلها الرشح
تطير بلا ريش إلى كل صيحة ... وتسبح في البر الذي ما به سبح
وقال عدى بن الرقاع:
يخرجن من فرجات النقع دامية ... كأن آذانها أطراف أقلام
وطلب البحتري الشاعر من محمد بن حميد بن عبد الحميد الكاتب فرساً، ووصف له أنواعاً من الخيل في شعره فقال:
لآكلفن العيس أبعد همة ... يجري إليها خائف أو مرتجى
وإلى سراة بني حميد إنهم ... أمسوا كواكب أشرقت في مذحج
والبيت لولا أن فيه فضيلة ... تعلو البيوت بفضلها لم يحجج
فأعن على غزو العدو بمنطو ... أحشاؤه طي الرداء المدرج
إما بأشقر ساطع أغشى الوغى ... منه بمثل الكوكب المتأجج
متسربل شية طلت أعطافه ... بدم فما تلقاه غير مضرج
أو أدهم صافي الأديم كأنه ... تحت الكمى مظهر بيرندج
ضرم يهيج السوط من شؤبوبه ... هيج الجنائب من حريق العرفج
خفت مواقع وطئه فلو أنه ... يجري برملة عالج لم يرهج
أو أشهب يقق يضئ وراءه ... متن كمتن اللجة المترجرج
تخفى الحجول ولو بلغن لبانه ... في أبيض متألق كالدملج
أوفى بعرف أسود متفرد ... فيما يليه وحافر فيروزجي
أو أبلق ملأ العيون إذا بدا ... من كل لون معجب بنموذج
جذلان تحسده الجياد إذا مشى ... عنقاً بأحسن حلة لم تنسج
وعريض أعلى المتن لو عليته ... بالزئبق المنهال لم يترجرج
خاضت قوائمه الوثيق بناؤها ... أمواج تحنيب بهن مدرج
ولأنت أبعد في السماحة همة ... من أن تضن بموكف أو مسرج

ناريمان الشريف 11-07-2019 07:03 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وأول من شبه الخيل بالظبي والسرحان والنعامة وتبعه الشعراء وحذوا حذوه وعلى مثاله،
امرؤ القيس بن حجر، فقال في الفرس:
له أيطلا ظبي وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
كأن على المتنين منه إذا انتحى ... مداك عروس أو صلاية حنظل
مكر مفر مقبل مدبر معاً ... كجلمود صخر حطه السيل من عل
درير كخذروف الوليد أمره ... تتابع كفيه بخيط موصل
كميت يزل اللبد عن حال متنه ... كما زلت الصفواء بالمتنزل
فأخذت الشعراء هذا التشبيه من امرئ القيس فحذوا عليه، فقال طفيل الخيل:
إني وإن قل مالي لا يفارقني ... مثل النعامة في أوصالها طول
تقريبها المرطى والجوز معتدل ... كأنه سبد بالماء مغسول
أو ساهم الوجه لم تقطع أباجله ... يصان وهو ليوم الروع مبذول
وقال عبد الملك بن مروان لأصحابه: أي المناديل أفضل؟ فقال: بعضهم: مناديل مصر التي كأنها غرقئ البيض، وقال بعضهم: مناديل اليمن التي كأنها أنوار الربيع. فقال: ما صنعتم شيئاً، أفضل المناديل مناديل عبدة ابن الطبيب حيث يقول:
لما نزلنا ضربنا ظل أخبية ... وفار باللحم للقوم المراجيل
ورداً وأشقر لم ينهئه طابخه ... ما قارب النضج منها فهو مأكول
وقد وثبنا على عوج مسومة ... أعرفهن لأيدينا مناديل

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:25 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
سوابق الخيل
وقال الأصمعي: ما سبق في الرهان فرس أهضم قط. وأنشد لأبي النجم:
منتفج الجوف عريض كلكله
قال: وكان هشام بن عبد الملك رجلاً مسبقاً لا يكاد يسبق، فسبقت له فرس أنثى وصلت أختها، ففرح لذلك فرحاً شديداً وقال: علي بالشعراء. قال أبو النجم: فدعينا فقيل لنا: قولوا في هذه الفرس وأختها. فسأل أصحاب النشيد النظرة حتى يقولوا فقلت له: هل لك في رجل ينقذك إذا استنسئوك؟ قال: هات. فقلت من ساعتي:
أشاع للغراء فينا ذكرها ... قوائم عوج أطعن أمرها
وما نسينا بالطريق مهرها ... حين نقيس قدره وقدرها
وصبره إذا عدا وصبرها ... والماء يعلو نحره ونحرها
ملمومة شد المليك أسرها ... أسفلها وبطنها وظهرها
قد كاد هاديها يكون شطرها
قال أبو النجم: فأمر لي بجائزة وانصرفت.

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:27 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
أبو القاسم جعفر بن أحمد بن محمد وأبو الحسن علي بن جعفر البصري قالا: حدثنا أبو سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي: أن هارون الرشيد ركب في سنة خمس وثمانين ومائة إلى الميدان لشهود الحلبة. قال الأصمعي: فدخلت الميدان لشهودها فيمن شهد من خواص أمير المؤمنين، والحلبة يومئذ أفراس للرشيد ولولديه الأمين والمأمون ولسليمان بن أبي جعفر المنصور ولعيسى بن جعفر. فجاء فرس أدهم، يقال له الربد لهارون الرشيد، سابقاً. فابتهج لذلك ابتهاجاً علم ذلك في وجهه وقال: علي بالأصمعي. فنوديت له من كل جانب. فأقبلت سريعاً حتى مثلت بين يديه. فقال: يا أصمعي، خذ بناحية الربد ثم صفه من قونسه إلى سنبكه، فإنه يقال: إن فيه عشرين اسماً ومن أسماء الطير. قلت: نعم يا أمير المؤمنين، وأنشدك شعراً جامعاً لها من قول أبي حزرة. قال: فأنشدنا لله أبوك. قال: فأنشدته:
وأقب كالسرحان تم له ... ما بين هامته إلى النسر
لأقب: اللاحق المخطف البطن، وذلك يكون من خلقة، وربما حدث من هزال أو بعد قود، والأنثى قباء، والجمع: قب، والمصدر: القبب. والسرحان: الذئب، شبهه في ضموره وعدوه به، وجمعه سراحين، وقد قالوا: سراح. والهامة: أعلى الرأس، وهي أم الدماغ؛ وهي من أسماء الطير. والنسر: هو ما ارتفع من بطن الحافر من أعلاه، كأنه النوى والحصى، وهو من أسماء الطير، وجمعه نسور.
رحبت نعامته ووفر فرخه ... وتمكن الصردان في النحر
رحبت: اتسعت. ونعامته: جلدة رأسه التي تغطى الدماغ، وهي من أسماء الطير. وقوله: ووفرة فرخه. الفرخ: هو الدماغ، وهو من أسماء الطيور. ووفر: أي تمم؛ يقال: وفرت الشيء ووفرته بالتخفيف فهو موفور. والصردانن: عرقان في أصل اللسان، يجري منهما الريق ونفس الرئة، وهما من أسماء الطير. وفي الظهر صرد أيضاً، وهو بياض يكون في موضع السرج من أثر الدبر؛ يقال: فرس صرد، إذا كان ذلك به، والنحر: موضع القلادة من الصدر، وهو البرك.
وأناف بالعصفور من سعف ... هام أشم موثق الجذر
أناف: أشرف. والعصفور: أصل منبت الناصية والعصفور أيضاً: عظم ناتئ في كل جبين والعصفور: من الغرر أيضاً، وهي التي سالت ودقت ولم تتجاوز إلى العينين ولم تستدر كالقرحة، وهو من أسماء الطير والسعف، يقال: فرس بين السعف، وهو الذي سالت ناصيته. وهام، أي سائل منتشر. وأشم: مرتفع. والشمم في الأنف: ارتفاع قصبته. ويروى: هاد أشم يريد عنقاً مرتفعاً، وجمعه: هواد، وقوله: موثق، أي شديد قوي. والجذر: الأصل من كل شيء. قال الأصمعي وغيره: هو بالفتح؛ وقال أبو عمرو بن العلاء: هو بالكسر.
وازدان بالديكين صلصله ... ونبت دجاجته عن الصدر
ازدان: افتعل، من قولك زان يزين، وكان الأصل ازتان، فقلبت التاء دالا، لقرب نخرجها من مخرج الزاي، وكذلك ازداد، من زاد يزيد. والديكان واحدهما ديك، وهو العظم الناتئ خلف الأذن، وهو الذي يقال له الخششاء والخشاء. والصلصل: بياض في طرف الناصية، ويقال: هو أصل الناصية. والدجاجة: اللحم الذي على زوره بين يديه. والديك والصلصل والدجاجة، من أسماء الطير.
والناهضان أمر جلزهما ... فكأنما عثما على كسر
الناهضان: واحدهما ناهض، وهو لحم المنكبين؛ ويقال: هو اللحم الذي يلي العضدين من أعلاهما، والجمع: نواهض، ويقال في الجمع: أنهض، على غير قياس. والناهض: فرخ القطا، وهو من أسماء الطير. وقوله: أمر جلزهما، أي فتل وأحكم؛ يقال: أمررت الحبل فهو ممر، أي فتلته. والجلز: الشد. وقوله: " فكأنما عثما على كسر " أي كأنهما كسراً ثم جبراً. يقال: عثمت يده. العثم: الجبر على عقدة وعوج؛ وعثمان، فعلان منه.
مسحنفر الجنبين ملتئم ... ما بين شيمته إلى الغر
مسحنفر الجنبين: أي منتفخهما. ملتئم، أي معتدل. وشيمته: نحره. والشيمة، أيضاً: من قولك: فرس أشيم، بين الشيمة، وهي بياض فيه؛ ويقال: أن تكون شامة أو شام في جسده. والغر في الطير يسمى الرخمة، وهي عضلة الساق.
وصفت سماناه وحافزه ... وأديمه ومنابت الشعر
السمانى: طائر، وهو موضع من الفرس لا أحفظه، إلا أن يكون أراد السمامة، وهي دائرة تكون في سالفة الفرس، وهي عنقه، والسمامة، من الطير أيضاً. والأديم: الجلد.
وسما الغراب لموقعيه معاً ... فأبين بينهما على قدر
سما الغراب، أي ارتفع، والغراب: رأس الورك. ويقال للصلوين: الغرابان، وهما مكتنفا عجب الذنب. ويقال: هما ملتقى أعالي الوركين. والموقعان، منه في أعالي الخاصرتين، فأبين، أي فرق بينهما، على قدر، أي على استواء واعتدال.
واكتن دون قبيحه خطافه ... ونأت سمامته عن الصقر
اكتن: أي استتر. والقبيح: ملتقى الساقين، ويقال أنه مركب الذراعين في العضدين. والخطاف: من أسماء الطير، وهو حيث أدركت عقب الفرس إذا حرك رجليه. ويقال لهذين الموضعين من الفرس: المركلان. ونأت، أي بعدت. والسمامة: دائرة تكون في عنق الفرس، وقد ذكرناها، وهي من أسماء الطير. والصقر: أحسبها دائرة في الرأس، وما وقفت عليها، وهي من أسماء الطير.
وتقدمت عنه القطاة له ... فنأت بموقعها عن الحر
القطاة: مقعد الردف، وهي من أسماء الطير، والحر: من الطير، يقال إنه ذكر الحمام، وهو من الفرس، سواد يكون في ظاهر أذنيه.
وسما على نقويه دون حداته ... خربان بينهما مدى الشبر
النقوان: واحدهما نقو، والجمع. أنقاء، وهو عظم ذو مخ، وإنما عنى هاهنا عظام الوركين، لأن الخرب هو الذي تراه مثل المدهن في ورك الفرس. وهو من الطير: ذكر الحبارى. والحدأة: من الطير، وأصله الهمز، ولكنه خفف، وهي سالفة الفرس، وجمعها حداء، على وزن فعال، كما تقول: عظاءة وعظاء، ويقال: عظاية. وإذا فتحت الفاء قلت: حدأة، وهي الفأس ذات الرأسين، وجمعها: حدأ، مثل نواة ونوى، وقطاة وقطا.
يدع الرضيم إذا جرى فلقاً ... بتوائم كمواسم سمر
الرضيم: الحجارة. والفلق: المكسورة فلقاً. بتوائم: جمع توأم، وقد قالوا. تؤم، على وزن فعال، جمع توأم، وهي على غير قياس. يقول: هي مثنى مثنى، يعني حوافره.
والمواسم: جمع ميسم الحديد، من وسمت، أي إنها كمواسم الحديد في صلابتها. وقوله: سمر، أي لون الحافر، وهو أصلب الحوافر.
ركبن في محص الشوى سبط ... كفت الوثوب مشدد الأسر
الشوى، هاهنا: القوائم، والواحدة: شواة. ويقال: فرس محص الشوى، إذا كانت قوائمه معصوبة. سبط: سهل. كفت الوثوب، أي مجتمع، من قولك: كفت الشيء، إذا جمعته وتممته. مشدد الأسر، أي الخلق.
قال الأصمعي: فأمر لي بعشرة آلاف درهم.

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:27 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وسبق يوماً فرس للرشيد يسمى المشمر، وكان أجراه مع أفراس للفضل وجعفر بني يحيى بن خالد البرمكي، فقال أبو العتاهية:
جاء المشمر والأفراس يقدمها ... هوناً على سرعة منها وما انتهرا
وخلق الريح حسرى وهي تتبعه ... ومر يختطف الأبصار والنظرا
وقال أبو النجم في شعر يصف الفرس، وهو أجود شعر يصف الحلبة:
ثم سمعنا برهان نأمله ... قيد له من كل أفق جحفله
فقلت للسائس قده أعجله ... وأغد لعنا في الرهان نرسله
فظل مجنوناً وظل جمله ... بين شعيبين وزاد يزمله
نعلو به الحزن ولا نسهله ... إذا علا الأخشب صاح جندله
ترنم النوح تبكي مثكله ... كأن في الصوت الذي يفصله
زمام دف يتغنى جلجله ... حتى وردنا المصر يطوى قنبله
طي التجار العصب إذ تنخله ... وقد رأينا فعلهم فنفعله
نطويه والطي الرقيق يجدله ... نضمر الشحم ولسنا نهزله
حتى إذا الليل تولى أثلجه ... وأتبع الأيدي منه أرجله
قمنا على هول شديد وجله ... نمد حبلاً فوق خط نعدله
نقوم قدم ذا وهذا أدخله ... وقام مشقوق القميص يعجله
فوق الخماسي قليلاً يفضله ... أدرك عقلاً والرهان عمله
حتى إذا أدرك خيلاً مرسله ... ثار عجاج مستطير قسطله
تنفش منه الخيل ما لا تغزله ... مراً يغطيها ومراً تنعله
مر القطا انصب عليه أجدله ... وهو رخي البال ساج وهله
قدمه مثلاً لمن يتمثله ... تطيره الجن وحينا ترجله
تسبح أخراه ويطفو أوله ... ترى الغلام ساجياً ما يركله
يعطيه ما شاء وليس يسأله ... كأنه من زبد يسربله
في كرسف النداف لولا بلله ... تخال مسكاً عله معلله
ثم تناولنا الغلام ننزله ... عن مفرع الكتفين حلو عطله
منتفج الجوف عريض كلكله ... فوافت الخيل ونحن نشكله
والجن عكاف به تقبله

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:28 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وقال آخر في فرس أبي الأعور السلمي:
مر كلمع البرق سام ناظره ... تسبح أولاه ويطفو آخره
" فما يمس الأرض منه حافره " وقول هذا أشبه من قول أبي نجم، لأنه يقول: " تسبح أخراه ويطفو أوله " وقال الأصمعي: إذا كان الفرس كما قال أبو النجم فحمار الكساح أسرع منه، لأن اضطراب مؤخره قبيح.
وقال الأصمعي كان أبو النجم وصافاً للخيل إلا أنه غلط في هذا البيت. وقد غلط رؤبة أيضاً في الفرس، فقال يصف قوائمه: " يهوين شتى ويقعن وفقا "
ولما أنشده مسلم بن قتيبة. قال له: أخطأت في هذا يا أبا الجحاف، جعلته مقيداً. فقال: قربني من ذنب البعير.

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:29 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وأنشد الأصمعي:
قد أطرق الحي على سابح ... أسطع مثل الصدع الأجرد
لما أتيت الحي في متنه ... كأن عرجوناً بمثنى يدي
أقبل يختال على شأوه ... يضرب في الأقرب والأبعد
كأنه سكران أو عابس ... أو ابن رب حدث المولد
وقال غيره:
أما إذا استقبلته فكأنه ... جذع سما فوق النخيل مشذب
وإذا اعترضت له استوت أقطاره وكأنه مستدبراً متصوب
وقال ابن المعتز:
وقد يحضر الهيجاء بي شنج النسا ... تكامل في أسنانه فهو قارح
له عنق يغتال طول عنانه ... وصدر إذا أعطيته الجري سابح
إذا مال عن أعطافه قلت شارب ... عناه بتصرف المدامة طافح
وقال أيضاً:
ولقد وطئت الغيث يحملني ... طرف كلون الصبح حين وقد
يمشي فيعرض في العنان كما ... صدف المعشق ذو الدلال وصد
طارت به رجل مرصعة ... رجامة لحصى الطريق ويد
فكأنه موج يسيل إذا ... أطلقته وإذا حبست جمد

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:35 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
الحلبة والرهان
والحلبة: مجمع الخيل. ويقال: مجتمع الخيل. ويقال: مجتمع الناس للرهان. وهو من قولك: حلب بنو فلان على بني فلان وأحلبوا، إذا اجتمعوا. ويقال منه: حلب الحالب اللبن في القدح، أي جمعه فيه. والمقوس: الحبل الذي يمد في صدور الخيل عند الإرسال للسباق. والمنصبة: الخيل حين تنصب للإرسال.
وأصل الرهان من الرهن؛ لأن الرجل يراهن يصاحبه في المسابقة، يضع هذا رهناً وهذا رهناً، فأيهما سبق فرسه أخذ رهنه ورهن صاحبه. والرهان: مصدر راهنته مراهنة ورهاناً، كما تقول: قاتلته مقاتلة وقتالاً. وهذا كان من أمر الجاهلية، وهو القمار المنهي عنه، فإن كان الرهن من أحدهما بشيء مسمى، على أنه إن سبق لم يكن له شيء، وإن سبقه صاحبه أخذ الرهن، فهذا حلال، لأن الرهن إنما هو من أحدهما دون الآخر. وكذلك إن جعل كل واحد منهما رهناً وأدخلا بينهما محللاً، وهو فرس ثالث يكون مع الأولين، ويسمى أيضاً الدخيل، ولا يجعل لصاحب الثالث شيء، ثم يرسلون الأفراس الثلاثة، فإن سبق أحد الأولين أخذ رهنه ورهن صاحبه، فكان له طيباً، وإن سبق الدخيل أخذ الرهنين معاً، وإن سبق هو لم يكن عليه شيء. ولا يكون الدخيل إلا رائعاً جواداً، لا يأمنان أن يسبقهما، وإلا فهذا قمار لأنهما كأنهما لم يدخلا بينهما محللاً.

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:37 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
قال الأصمعي: السابق من الخيل: الأول، والمصلي: الثاني الذي يتلوه. قال: وإنما قيل له مصل، لأنه يكون عند صلوي السابق، وهما جانبا ذنبه عن يمينه وشماله. ثم الثالث والرابع لا اسم لواحد منهما إلى العاشر، فإنه يسمى سكيتاً. قال أبو عبيدة: لم نسمع في سوابق الخيل ممن يوثق بعلمه اسما لشيء منها إلا الثاني والعاشر، فإن الثاني اسمه المصلي، والعاشر السكيت، وما سوى ذينك يقال: الثالث والرابع، وكذلك إلى التاسع، ثم السكيت. ويقال السكيت بالتشديد والتخفيف. فما جاء بعد ذلك لم يعتد به. والفسكل، بالكسر: الذي يجيء آخر الليل، والعامة تسميه الفسكل، بالضم. وقال أبو عبيدة: القاشور: الذي يجيء في الحلبة آخر الخيل، وهو الفسكل، وإنما قيل للسكيت سكيت، لأنه آخر العدد الذي يقف العاد عليه. والسكت: الوقوف. هكذا كانوا يقولون، فأما اليوم فقد غيروا.
وكان من شأنهم أن يمسحوا على وجه السابق قال جرير:
إذا شئتم أن تمسحوا وجه سابق ... جواد فمدوا في الرهان عنانيا
ومن قولنا في هذا المعنى:
إذا جياد الخيل ماطلها المدى ... وتقطعت في شأوها المبهور
خلوا عناني في الرهان ومسحوا ... مني بغرة أبلق مشهور

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:39 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وصف السلاح
كانت درع علي صدراً لا ظهر لها. فقيل له في ذلك. فقال: إذا استمكن دعوي من ظهري فلا يبقي.
ورئي الجراح بن عبد الله قد ظاهر بين درعين. فقيل له في ذلك. فقال: لست أقي بدني وإنما أقي صبري.
واشترى زيد بن حاتم أدراعاً وقال: إني لست أشتري أدراعاً وإنما أشتري أعماراً.
وقال حبيب بن المهلب لبنيه لا يقعدن أحدكم في السوق، فإن كنتم لا بد فاعلين فإلى زراد، أو سراج، أو وراق.

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:40 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
العتبي قال: بعث عمر بن الخطاب إلى عمرو بن معد يكرب أن يبعث إليه بسيفه المعروف بالصمصامة. فبعث به إليه. فلما ضرب به وجده دون ما كان يبلغه عنه، فكتب إليه في ذلك. فرد عليه: إنما بعثت إلى أمير المؤمنين بالسيف، ولم أبعث إليه بالساعد الذي يضرب به.
وسأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً عن السلام: فقال: يسأل أمير المؤمنين عما بدا له قال: ما تقول في الترس؟ قال: هو المجن الدائر. وعليه تدور الدوائر. قال: فما تقول في الرمح؟ قال: أخوك وربما خانك فانقصف. قال: فالنبل؟ قال: منايا تخطئ وتصيب. قال: فما تقول في الدرع؟ قال: مثقلة للراجل، متعبة للفارس، وإنها الحصن الحصين. قال فما تقول في السيف؟ قال: هناك لا أم لك يا أمير المؤمنين. فضربه عمر بالدرة، وقال: بل لا أم لك. قال: الحمى أضرعتني لك.
الهيثم بن عدي قال: وصف سيف عمرو بن معد يكرب، الذي يقال له الصمصامة، لموسى الهادي. فدعا به، فوضع بين يديه مجرداً ثم قال لحاجبه: إيذن للشعراء. فلما دخلوا، أمرهم أن يقولوا فيه. فبدرهم ابن يامين فقال:
حاز صمصامة الزبيدي عمرو ... من جميع الأنام مواسي الأمين
سيف عمرو وكان فيما سمعنا ... خبر ما أغمدت عليه الجفون
أخضر المتن بين حديه نور ... من فرند تمتد فيه العيون
أوقدت فوقه الصواعق ناراً ... ثم شابت به الذعاف القيون
فإذا ما سللته بهر الشم ... س فلم تكد تستبين
فكائن الفرند والرونق الجا ... ري في صفحتيه ماء معين
وكأن المنون نيطت إليه ... فهو من كل جانبيه منون
نعم مخراق ذي الحفيظة في الهي ... جاء يسطو به أم يمين
فأمر له ببدرة وخرجوا.

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:41 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وضرب الزبير بن العوام يوم الخندق عثمان بن عبد الله بن المغيرة فقطه إلى القربوس. فقالوا: ما أجود سيفك! فغضب. يريد أن العمل ليده لا لسيفه. وقال:
متى تلقني يعدو ببزي مقلص ... كميت بهيم أو أغر محجل
تلاق أمراً إن تلقه فبسيفه ... تعلمك الأيام ما كنت تجهل
وقال أبو الشيص:
ختلته المنون بعد اختيال ... بين صفين من قناً ونصال
في رداء من الصفيح صقيل ... وقميص من الحديد مذال
وبلغ أبا الأغر التميمي أن أصحابه بالبادية قد وقع بينهم شر، فوجه إليهم ابنه الأغر، وقال: يا بني، كن يداً لأصحابك على من قاتلهم؛ وإياك والسيف، فإنه ظل الموت؛ واتق الرمح، فإنه رشاء المنية؛ ولا تقرب السهام، فإنها رسل لا تؤامر مرسلها. قال: فبماذا أقاتل؛ قال: بما قال الشاعر:
جلاميد يملأن الأكف كأنها ... رءوس رجال حلقت في المواسم
وذكر أعرابي قوماً تحاربوا فقال: أقبلت الفحول تمشي مشي الوعول، فلما تصافحوا بالسيوف، فغرت المنايا أفواهها.
وقال آخر يذكر قوماً أسروا: استنزلوهم عن الجياد بلينة الخرصان، ونزعوهم نزع الدلاء بالاشطان.
وقال أعرابي في آخرين ابتغوا قوما أغاروا عليهم: احتثوا كل جمالية عيرانة، كيما يخصفون أخفاف المطي بحوافر الخيل. حتى أدركوهم بعد ثالثة، فجعلوا المران أرشية المنايا، فاستقوا بها أرواحهم.
ومن أحسن ما قيل في السيف قول حبيب:
ونبهن مثل السيف لو لم تسله ... يدان لسلته ظباه من الغمد

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:42 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
وقال في صفة الرماح:
مثقفات سلبن الروم زرقتها ... والعرب سمرتها والعاشق القضفا
ومن الإفراط القبيح قول النابغة في وصف السيف:
يقد السلوقي المضاعف نسجه ... ويوقد في الصفاح نار الحباحب
فذكر أنه يقد الدرع المضاعف نسجها، والفارس والفرس، ويقع بها في الأرض فيقدح النار من الحجارة.
وأقبح منه في الإفراط قول الآخر:
تظل تحفر عنه إن ضرب به ... بعد الذراعين والساقين والهادي
وقد جمع العلوي وصف الخيل والسلاح كله، فأحسن وجود حيث يقول:
بحسبي من مالي من الخيل أعيط ... سليم الشطي عاري النواهق أمعط
وأبيض من ماء الحديد مهند ... وأسمر عسال الكعوب عنطنط
وبيضاء كالضحضاح زعف مفاضة ... يكفتها عني نجاد مخطط
ومعطوفة الأطراف كبداء سمحة ... منفجة الأعضاد صفراء شوحط
فيا ليت مالي غير ما قد جمعته ... على لجة تيارها يتغطغط
ويا ليتني أمسي على الدهر ليلة ... وليس على نفسي أمير مسلط

ناريمان الشريف 11-09-2019 09:43 PM

رد: العقد الفريد ... كتاب فريد من نوعه في عالم الأدب العربي
 
ومن قولنا في وصف الرمح والسيف:
بكل رديني كأن سنانه ... شهاب بدا في ظلمة الليل ساطع
تقاصرت الآجال في طول متنه ... وعادت به الآمال وهي فجائع
وساءت ظنون الحرب في حسن ظنه ... فهن ظبات للقلوب قوارع
وذي شطب تقضي المنايا بحكمه ... وليس لما تقضي المنية دافع
فرند إذا ما اعتن للعين راكد ... وبرق إذا ما اهتز بالكف لامع
يسلل أرواح الكماة انسلاله ... ويرتاع منه الموت والموت رائع
إذا ما التقت أمثاله في وقيعة ... هنالك ظن النفس بالنفس واقع


الساعة الآن 11:20 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team