![]() |
الشمس lesoleil على طول الضاحية القديمة وفي الأكواخ التي أسدلت مغاليق نوافذها لتستر خفايا الفجور وعندما تصبّ الشمس المحرقة شعاعها اللاهب على المدينة والحقول والقمح والسّطوح أذهب وحدي لأتمرّن على لعبة المسايفة * أستلهم القوافي في كل الزوايا والأركان أتعثر بالكلمات كما يتعثر السائر بالبلاط وأرتطم أحياناً بأبيات كنت قد حلمت بها طويلاً الشمس ـ هذا الأب الحاني ـ تهزأ بالضعيف وتوقظ في الحقول الدود والورود وتبخر في الجو الهموم وتفتح العقول وتملأ الخلايا بالعسل تخلع الشباب على الشيوخ العاجزين فتملؤهم بالمرح والحلاوة كالصبايا اليافعات وتأمر المواسم بأن تنمو وتنضج في القلب الخالد الذي يريد إزهاراً دائماً وعندما تنزل كما ينزل الشاعر في رحاب المدن ترفع من قدر أتفه الأشياء وأدناها وتنزل ملكة دون ضجيج ولا حاشية على كل المشافي وكل القصور ___________ * ما يدعى في الرياضة اليوم بسيف الشيش ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
العميان les aveugles تأمليهم يا نفسي إنهم حقاً بشعون كأنهم تماثيل لعرض الأزياء بالتخمين مضحكون مخيفون كالسائرين في نومهم شاذون لا يُعرف إلى أين بحدقاتهم المظلمة يتوجهون وكأن عيونهم التي خبت فيها الشعلة الإلهية تبقى مرتفعة إلى السماء كأنما للبعيد يتطلعون لا أحد يراهم أبداً برؤوسهم المثقلة الحالمة نخو الأرض ينحنون ويجتازون هكذا الظلام اللامحدود هذا الشقيق الخالد للصمت فيا أيتها المدينة بينما أنت تضحكين حولنا وتغنين وتصرخين يستغرقك السرور حتى الشراسة انظري إليّ كيف أجر نفسي أنا أيضاً وبأكثر مما يفعلون ذهولاً وأقول: عن أي شيء يبحث في السماء كل هؤلاء العميان ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار- جورجيت الطيّار |
إلى عابرة (2) a une passante كان الشارع الذي يصمّ الآذان من حولي يولول ومرت حسناء نحيلة فارعة القد مجللة بالسواد يلفها حزن مَهيب ترفع وتحرك بيد مترفة أذيال ثوبها المطرّز تتسم بالنبل والرشاقة وتحظى بساقي تمثال وأنا كنت أعب كمن أخذه الهذيان من عينيها .. تلك السماء الداكنة الحلاوة الساحرة واللذة القاتلة يا للألق الذي يعقبه الليل أيتها الحسناء الهاربة التي جعلتني نظرتها أخلق فجأة من جديد أفلن أراك أبداً إلا في الأبدية أفلن أراك في مكان بعيد من هنا بعد فترة طويلة أو قد لا أراك مطلقاً لأني لا أعرف إلى أين تهربين وأنت لا تعرفين إلى أين أذهب يا أنت التي كان من الممكن أن أحبها يا أنت التي تعرفين ذلك ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
شفق المساء le crepuscule du soir أقبل المساء الفاتن صديق القاتل إنه يزحف كالمجرم بخطوات مكتومة والسماء توصد أبوابها ببطء كمخدع كبير فينقلب الإنسان النافد الصبر وحشاً ضارياً أيها المساء ـ المساء الحبيب الأثير على من تستطيع يداه أن تقولا غير كاذبتين عَمِلنا اليوم ـ إاه المساء الذي يُعزّي النفوس التي تنهشها أقسى الآلام ويعزّي العالِم العنيد الدؤوب المثقل الجبهة والعامل الذي يعود إلى فراشه محنيّ الظهر في المساء تستيقظ الشياطين المفسدة في الأجواء متثاقلة كأنها رجال الأعمال وتصطدم وهي تطير بالمصاريع والأفاريز عبر الأضواء التي تعصف بها الريح ويحتدم العُهْر في الشوارع .. قرى النمل يفتح منافذه ويشق لنفسه في كل مكان طريقاً خفياً كالعدو المهاجم ويتحرك كالدود في قلب مدينة الوحول يغتصب من الإنسان قوته وفي المساء يُسمع هنا وهناك صفير المطابخ وصراخ المسارح وصخب الموسيقا وتمتلئ موائد الضيوف بالعاهرات ومن تواطأ معهن من النصابين واللصوص ليستأنفوا عملهم بلا وازع من ضمير فيدهمون برفق الصناديق والبيوت ليؤمِّنوا عيشهم لبضعة أيام ويوفروا لخليلاتهم الكساء فاستغرقي يا نفسي في التأمل في هذه اللحظة العصبية وأصمي أذنيك عن هذا الهدير فهذه هي الساعة التي تشتدّ فيها آلام المرضى لأن الليل المظلم يأخذ بخناقهم فتنتهي أيامهم ويندفعون إلى الهُوّة المشتركة بعد أن تمتلئ المشافي بآهاتهم ولن يأتي أكثرهم لتناول الحساء اللذيذ قرب النار إلى جانب من يحب لأن الكثيرين لم يعرفوا مطلقاً حلاوة الالتفاف حول الموقد ولا حلاوة العيش الحقيقي ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
روح الخمر l'ame du vin أنشدت روح الخمر ذات مساء في القوارير إليك أيها الإنسان العزيز المحروم أطلق من جسمي الزجاجي وختمي الذهبي نشيداً مليئاً بالضياء والإخاء أنا أعرف الجهد الذي تحتاجه الربوة الملتهبة من الكدح والعرق والجهد وأشعة الشمس المحرقة حتى أولد وتدبّ في كياني شعلة الحياة لكني لن أكون عاقه ولا شريرة لأني أشعر بغبطة عظيمة وأنا أنحدر في حلق إنسان أنهكه العمل فإن صدره الدافئ سيكون لي قبراً أحلى وأمتع من الكهف البارد الذي كنت فيه هل تسمع صوت تراتيل الأحد تتردد والامل الذي يزغرد في صدري الخافق فعندما تشمّر عن ساعديك لتضعهما على المنضدة سوف تمجدّني وتشعر بالفرح سأسكب اللهب في عيني زوجتك المفتونة وأعيد لولدك قوته وتورّد خدّيه وسأكون للرياضيّ الذي أوهنت ذراعيه أعباء الحياة الزيت الذي يشدّ من عضلات الكادحين وفي جوفك سأسقط رحيقاً نباتياً وحبة ثمينة ألقى بها الزارع الأزلي كي يُنبت حبنا شعراً يتصاعد نحو العرش الإلهي كزهرة نادرة ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار- جورجيت الطيّار |
خمر لقاطي الخِرَقَ le vin des chiffonniers على ضوء مصباح الشارع المحمرّ الذي تتلاعب بفتيله الريح وتصفع فيه الزجاج وفي قلب ضاحية قديمة تشبه المتاهة الموحلة فيها يزدحم الناس بصخب وضجيج عاصفين يقبل لقاط الخرق وهو يهزّ رأسه ويصطدم بالجدران ويضربها كأنه شاعر دون أن يلقي بالاً إلى الوشاة من أتباعه ليسكب ذوب قلبه في مشاريع مجيدة فيقسم الإيمان ويملي أسمى القوانين يصرع الخبثاء ويأخذ بيد الضحايا وتحت السماء الممتدة كالسرادق المعلق ينتشي بروائع فضائله الشخصية أجل إن هؤلاء الذين أرهقتهم هموم العائلة وطحنهم الكدح وعذبتهم السنون وقصمت ظهورهم المحنية تحت أكداس النفايات التي قذفتها باريس الهائلة من جوفها سيعودون وقد ضمّختهم عطور الدّنان يتبعهم رفاق بيّضت نواصيهم المعارك تتدلى شواربهم كأعلام قديمة وتنتصب أمامهم البيارق والزهور وأقواس النصر باحتفال سحري وفي ضجيج هذه العربدة المتلألئة للأبواق والشمس والصراخ والطبول سيأتون بالمجد للشعب المنتشي بالحُبّ هكذا تنثر الخمر عن طريق حلق الإنسان وعبر مسيرة الإنسانية العابثة اللاهية الذهب من منبعه الساحر يفني مآثره ويسود بعطاءاته سيادة ملك حقيقي والله الذي أدركه الندم صنع النعاس ليغرق فيه أحقاده هؤلاء العجائز المنبوذين ويهدهد أحلامهم فأضاف الإنسان إلى ذلك الخمرة تلك الابنة المقدسة للشمس ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
خمرة القاتل le vin de l'assassin أنا حر فزوجتي ماتت وأستطيع إذاً أن أشرب حتى الثمالة حين كنت أرجع إليها خالي الوفاض كان صراخها يقطع نياط قلبي أنا سعيد الآن كملك فالهواء نقيّ والسماء رائعة لقد كان لنا مثل هذا الصيف عندما وقعت في حبها الظمأ الرهيب يمزقني وحتى أرتوي أحتاج إلى سعة قبرها من الخمر وهذا ليس بالشيء القليل لقد قذفتها في جوف بئر وفوقها ألقيت بكل ما على حافتيه من أحجار وسأنساها إن استطعت رجوت منها موعداً عند المساء على طريق مظلمة باسم ما يربطنا من حنان وقسَم لا فكاك منهما وحتى نعيد الصفاء بيننا كما في الأيام الجميلة من غرامنا وأتت .. المخلوقة الحمقاء ونحن هكذا يعترينا أحياناً الجنون كانت بعدُ جميلة بالرغم من تعب السنين وأنا كنت مولعاً بها ولهذا قلت لها: اخرجي من هذه الدنيا لا أحد يستطيع فهمي هل من واحد من هؤلاء السكارى المجانين يفكر في لياليه السقيمة أن يصنع من الأكفان خمراً؟ هذه الفاجرة المحصنة كقضبان سكك الحديد لم تعرف الحب الحقيقي يوماً لا في صيف ولا شتاء على الرغم من سحرها الأسود وموكب ذعرها الجهنمي وقوارير سُمّها ودموعها وصليل سلاسلها وعظامها ها إني حرّ وحيد سأسكر هذا المساء حتى أفقد الوعي ثم أرقد لأنام على الأرض كالكلب دون خوف ولا ندم وباستطاعة العربة الثقيلة الملأى بالطين والحجارة وكذا القاطرات الشديدة السرعة أن تسحق رأسي المجرم أو تشطرني نصفين سيان إني لأهزأ بالجنة والجحيم وبالمائدة المقدسة ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار- جورجيت الطيّار |
خمرة العشاق le vin des amants الفضاء اليوم مشرق زاه فلنسافر على جواد من خمر بغير رَسَن ولا شكيم ولا مهماز إلى سماء سحرية رائعة ولنقتفِ أثر السّراب البعيد في زرقة الصباح الصافي كملاكين يسوقهما قدر محتوم مهدهدين برفق فوق جناحي زوبعة غير هوجاء وسنسبح يا شقيقة روحي بجنون مواز بلا راحة ولا هدنة إلى فردوس أحلامي ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الهدم la destruction يضطرب الشيطان بغير انقطاع إلى جانبي يسبح من حولي كهواء لا يمكن لمسه فأبتلعه وأحس به يلهب رئتي ويملؤها شهوة آثمة أزلية وأحياناً ينتهز حبي الكبير للفن فيتخذ شكل امرأة بارعة الحسن والجمال ويتذرع بحجج خادعة من الهموم ليعوّد شفتي على مشروبات كريهة وهكذا يقودني بعيداً عن نظر الله لاهثاً محطماً من التعب إلى أعماق سهول الضجر المترامية القاحلة ويقذف في عينيّ الممتلئتين حَيْرة خِرَقاً ملوثة وجراحاً فاغرة وآلة للهدم مضرّجة بالدم ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
ينبوع الدم la fontaine de sang يخيّل لي أحياناً بأن دمي يجري هدّاراً كينبوع إيقاعيّ النحيب وأسمعه يسيل بخرير متصل لكني عبثاً أتفحص نفسي لأجد جرحي وعبر المدينة يندفع كأنه في حقل فسيح ليحوّل البلاط إلى جزر صغيرة وليروي ظمأ كل مخلوق ويلوّن الطبيعة بالحمرة وغالباً ما طلبت من الخمور الخادعة أن تُسَكّن ولو ليوم واحد الرعب الذي يستأكلني فالخمر يجعل العين أكثر صفاء والأذن أدق سمعاً وبحثت في الحُبّ عن إغفاءة بلا هواجس لكن الحب لم يكن لي سوى فراش من قتاد وُجد ليروي ظمأ تلك الفتيات اللواتي هن بغير قلب ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
رحلة إلى جزيرة سيثير un voyage a cythere كان قلبي يرفرف فرحاً كعصفور ويحلق طليقاً حول حبال السفينة وهي تشقُّ العُباب تحت سماء بلا غيوم كملاك أسكرته الشمس المتألقة ما هذه الجزيرة السوداء الحزينة؟ قيل لنا إنها (سيثير) البلد الذي اشتهر في الأغاني والموئل الأسطوري التافه لكل الكهول العزّاب انظروا إليه إنه أرض فقيرة يا جزيرة أعذب الأحلام وأحلى الأعياد أن شبح (فينوس) الرائع لا يزال يحوم فوق بحارك كما يحوم الشذا ويملأ النفوس بالحب والفتور أيتها الجزيرة الرائعة المفروشة بالآس والغارقة بالأزهار أيتها المباركة إلى الأبد من جميع الأمم إن تنهدات القلوب المُتعبّدة تتصاعد فيها كالبخور فوق بستان من الورد وكهديل الحمام الخالد لكن سيثير لم تَعُد سوى بقعة جرداء وصحراء صخرية يقلقها صراخ حاد ولكني لمحت فيها شيئاً فريداً لم يكن ما رأيته معبداً تظلله الأشجار تطوف به الكاهنة الشابة التي تعشق الأزهار وقد ألهبت جسدها نار خفية فشقت ثوبها التماساً للنسمات العابرة فعندما كنا نساير الشاطئ عن قرب ونروّع العصافير بأشرعتنا البيضاء طالعتنا مشنقة بثلاث ركائز تنتصب سوداء في الفضاء كشجرة الشربين وجوارح الطير تحط على هذا المرعى وتفتك بنهم بمشنوق قد نضج وكل جارح منها يغرس منقاره النتن كآلة حادة في كل ركن مُدمّى من هذه الجيفة المتعفنة كانت العينان تجويفين فارغين ومن بطنه المبقور كانت الأمعاء الثقيلة تسيل على الفخذين وقد أسبعه جلادوه المتخمون بهذه الوليمة الكريهة بضربات مناقيرهم تشويهاً وخصياً وتحت أقدامه راح قطيع من الحيوانات الحاقدة يدور ويطوف يتوسطه وحش ضخم كأنه الجلاد يبن زبانيته يا ساكن سيثير يا طفل سماء رائعة الجمال عانيت الاحتقار بصمت تكفيراً عن مبادئك الدنيئة وخطاياك التي حرمتك من القبر أيها المشنوق المضحك آلامك هي آلامي وعندما أنظر إلى أطرافك المُدلاة كنهر طويل ينساب بالحقد والألم أشعر بالقيء يتصاعد إلى فمي فأمامك أيها المسكين الذي أعزّ ذكراه أشعر بوقع منقار كل غراب وفكّ كل فهد أسود فهؤلاء كانوا في الماضي يتوقون إلى سحق لحمي كانت السماء رائعة والبحر أملس كالمرآة لكن كل شيء في نظري أصبح دامياً أسود لاني كنت أشعر واأسفاه كأن قلبي لفّ في كفن سميك ودفن في هذه المنحوتة الرمزية لم أجد في جزيرتك قائماً يا فينوس سوى مشنقة رمزية تتدلى منها صورتي فامنحني يا ربُّ القوة والشجاعة على تأمل قلبي وجسمي بلا قرَف ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
موت الفنانين la mort des artistes كم عليّ أن أختال مُقَبِّلاً جبهتك المكفهرة أيتها الصورة الهزلية الكئيبة وكم سهماً عليّ أن أطلق من كنانتي لأصيب الهدف من هذه الطبيعة الرمزية إننا نستنفد طاقتنا في مؤامرات بارعة ونهدم العديد من الأسس الهامة قبل أن نتأمل العالم الواسع الذي تملؤنا رغبته الجهنمية بالنحيب في هذا العالم من لم يعرف قط معبوده وهؤلاء النحاتون المعذبون الموسومون بالعار الذين يدقون الصدور والوجوه وليس لهم سوى أمل واحد ويا له من مقر غريب مظلم هو أن الموت المحلق كشمس جديدة سوف يعمل على تفتيق أزهار عبقريتهم ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
غروب الشمس الرومانسي le coucher du soleil romantique ما أجمل شروق الشمس عندما تطلق إلينا تحيتها كأنها انفجار سعيد هو الإنسان الذي يستطيع بحب أن يودّع غروبها الأروع من الحلم أتذكر أني رأيت كل شيء يتفتح تحت نظرها كقلب يخفق الزهر والينبوع وأخدود الفلاح لنسرع نحو الأفق قبل فوات الأوان لنسرع حتى نظفر على الأقل بشعاع مائل عبثاً أطارد الإله المنسحب فالليل الذي يوطد مملكته سوداء رطبة مشؤومة ومملوءة بالرّعشات ورائحة القبور تسبح في الظلمات وقدماي المذعورتين تطآن على ضفاف المستنقع ضفادع غير منظورة وحلزوناً بارداً ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
نهر النسيان le lethe تعالي إلى قلبي أيتها الروح القاسية الصمّاء أيها النمر المعبود والوحش اللامبالي أريد أن أغرق أصابعي المرتجفة في عمق شعرك الكث وأن أدفن رأسي الموجع في تنانيرك المملوءة بعطرك وأن أستنشق الأثر الناعم لحبي الراحل كأنه زهرة ذابلة أريد أن أنام أن أنام لا أن أعيش أنام في رقاد أحلى من الموت وسأنثر قبلاتي بلا ندم على جسدك الجميل المصقول كالنحاس ولكي أدفن عبراتي وأهدئها لا شيء عندي يعادل لجّة مضجعك فالنسيان القادر يسكن حول فمك ونهر النسيان يتدفق من قبلاتك وإني أستسلم لقدري مختاراً هانئاً كشهيد مطيع بريء محكوم لكن ورعه يزيد في عذابه ولأغرق حقدي سوف أشرب شراب النسيان وماء الشوكران من على أطراف جيدك الجميل الذي لم يأسر قلباً مطلقاً ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
إلى التي تفيض فرحاً a celle oui est trop gaie محياك طلعتك حركاتك كلها جميلة كمنظر طبيعي رائع ويلهو في وجهك الفرح كما يلهو النسيم في سماء صافية والكآبة العابرة التي تمر بك يبهرها منك تفجر العافية التي تنبثق كالشعاع من ذراعيك ومن كتفيك والألوان الصارخة التي توشّي بها زينتك تتراءى للشعراء كأنها رقص من الأزهار هذه الأثواب الباهرة هي رمز لعقلك المبرقش أيتها المجنونة التي بها جننت والتي أكرهها بقدر ما أحبها فأحياناً وأنا في حديقة جميلة أحسّ بالشمس تمزق صدري كما تمزقه السّخرية والربيع والإخضرار كثيراً ما أشعراني بالمهانة ولأنتقم من وقاحة الطبيعة أصب غضبي على زهرة وهكذا في ليلة من الليالي عندما تدق ساعة الرغبة أريد أن أزحف نحو كنوز جسدك كما يزحف الجبان متستراً بالصمت حتى أعذب جسدك الغض وأثخن بالجراح نهديك وأطعن جنبك الذي أخذه العجب طعنة عريضة وعميقة وأنفث سمي عبر شفتيك بحلاوة تبعث الدّوار هاتين الشفتين اللتين لا أبهى منهما ولا أجمل يا شقيقة روحي ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الحليّ les bijoux كانت الحسناء الغالية عارية ولما كانت تعرف ما أحب لم تحتفظ إلا بحليها الرنان وقد خلع نفيسه عليها هيئة المنتصرين التي كانت للعبيد البرابرة في أيامهم السعيدة هذا العالم المُشع من المعدن والجواهر عندما يلقي وهو يرقص صليله الحيّ الساحر يسحر روحي وأنا أحب حتى الجنون الأشياء التي يختلط فيها الصوت وبالضوء كانت مضطجعة ومستسلمة للحب ومن أعلى أريكتها كانت تبتسم بارتياح لحبي العميق اللذيذ الذي كان يتصاعد نحوها كما تتصاعد أمواج البحر نحو الشاطئ كانت تحدّق فيّ بنظرة تائهة حالمة كالنمر المُروَّض وتجرب أوضاعاً اختلط فيها العُهْر بالطهْر فخلع على تقلباتها سحراً جديداً وذراعاها وساقاها وفخذاها وخصرها المصقولة كالزيت والمتموجة كالبجعة كانت تتابع أمام عينيّ الصافيتين الهادئتين أما بطنها وثدياها, عناقيد كرمتي الشهية فقد كانت تتقدم نحوي أكثر غنجاً من ملائكة الشرّ لتعكر السكينة التي تعيش فيها نفسي ولتزيحها عن صخرة الكريستال التي تربَّعت عليها وحيدة هادئة كنت أخالني أرى صورة جديدة تجمع بين ردفي ظبي وجذع يافع أمرد من كثرة ما كانت قامتها تبرز وركها وعلى لونها الأشهب الأسمر كانت زينتها رائعة فعندما مات ضوء المصباح ولم يبق ما ينير الغرفة سوى نار الموقد كان جلدها الذي هو بلون العنبر يغرق بالدم في كل مرة كانت تنطلق فيها زفرة مشتعلة ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
النافورة le jet d'eau عيناك الجميلتان متعبتان أيتها العاشقة المسكينة احتفظي بهما مغمضتين طويلاً في هذا الوضع الفاتر الذي فاجأتك عليه اللذة النافورة تثرثر في الفناء ولا تسكت لا في الليل ولا في النهار إنها تغذي بهدوء, النشوة التي أغرقني بها الحب هذا المساء الباقة المتفتحة بألف زهرة والتي وزع عليها تابع زحل المبتهجة ألوانه تتساقط دموعها الغزيرة كالمطر هكذا روحك التي أحرقها وميض الشهوات تندفع سريعة جريئة نحو السموات الواسعة المسحورة ثم تنسكب متلاشية كموجة كئيبة حالمة وتتساقط على منحدر مستتر إلى أعماق قلبي أنت التي جعلها الليل في غاية الجمال ما أحلى أن أنحني على نهديك لأصغي إلى الشكاة الأزلية التي تنتحب في الأحواض فيا قمراً وماءً مفرداً وليلاً مقدساً أيتها الأشجار التي ترتجف حولها إن حزنك الصافي هو مرآة حبي الباقة المتفتحة بألف زهرة والتي وزع عليها تابع زحل ألوانه تتساقط دموعها الغزيرة كالمطر ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
عينا بيرت les yeux de berthe تستطيعان أن تحتقرا أجمل العيون يا عيني بنيَّتي اللتين يقطر منهما ويهرب ما لست لأعرفه من طيّب وعذب كالمساء أيتها العينان الفاتنتان صبّي عليّ سوادك الفاتن يا عيني بنيَّتي الواسعتين أيتها الأروقة المعبودة تشبهين الكهوف المسحورة المختفية وراء ركام الظلام الفاتر حيث تتلألأ في الخفاء كنزو مجهولة عينا بنيَّتي عميقتان نجلاوان سوداوان كسوادك أيها الليل الواسع مشعتان مثلك وأنوارهما هي خواطر الحب المختلط بالإيمان شهوانية أو عفيفة ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
أنشودة hymne إلى التي لا أعز ولا أجمل تلك التي تملأ قلبي بالضياء إلى الملاك والمعبود الخالد تحية له في خلوده إنها تنتشر في حياتي كالهواء المشبع بالملح وتسكب في روحي الظامئة طعم الخلود أيها الحُقْ الدائم النّداوة الذي يُعطر الأجواء بعطر ثمين يا جمرة منسية تعبق سرّاً خلال الليل كيف نُعَبِّرُ عنك بصدق أيها الحب الذي لا يقبل الفساد يا حبة من المسك ترقد مختفية في أعماق أبديتي إلى التي لا أحلى ولا أجمل وصانعة أفراحي وعافيتي إلى الملاك والمعبود الخالد تحية له في خلوده ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
وعود وجه les promesses d'un visage أيتها الجميلة الشاحبة أحب قوسي حاجبيك اللذين كأنهما يسيلان ظلاماً فعيناك رغم سوادهما توحيان إليّ بخواطر ليست أبداً متشائمة عيناك المنسجمتان مع سواد شعرك وكثافته الحريرية تقولان لي بفتور يا عاشق ربة الفن إن أردت أن تتبع الأمل الذي بعثناه فيك وكل الأذواق التي تعتنق فسوف يتأكد لك صدقنا من السرّة حتى الردفين وسوف تجد في أطراف النهدين الرائعين الممتلئين وسامين برونزيين عريضين وتحت بطن مصقول ناعم كالمخمل داكن كجلد راهب بوذي جزّة نفيسة هي حقاً توأم هذا الشعر الكثيف ليَّنة مجعَّدة, وتضاهيك كثافة أيها الليل بلا نجوم أيها الليل المظلم ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الفدية la rancon حتى يدفع الإنسان فديته عليه أن يستصلح حقلين ويحرث ويزرع بالحديد والفكر تربتهما العميقة الغنية ولكي يجني بعض السنابل وحتى يقطف أقل وردة عليه أن يرويها دون انقطاع بعرق جبينه المكفهرّ المالح فأول حقل هو الفن والثاني هو الحب ولإرضاء هذا القاضي عندما يُسفر القضاء الصارم عن اليوم الرهيب ينبغي أن تُعْرَض عليه الأهراء الممتلئة بالحصاد والأزاهير التي تحظى بتأييد الملائكة بأشكالها وألوانها ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
إلى فتاة من ملبار a une malabaraise قدماك ناعمتان كيديك وردفاك العريضان يثيران غيرة أجمل النساء البيض جسدك الناعم الغالي عزيز على الفنان الحالم وعيناك النجلاوان المخمليتان هما أشد سواداً من بشرتك ففي البلاد الدافئة الزرقاء حيث خلقك الله كانت مهمتك أن تشعلي غليون سيدك وتملئي قواريره بالماء والعطور وتدفعي عن مضجعه البعوض المحوِّم وعندما يطلق الصباح غناء أشجار الشربين تذهبين إلى السوق لشراء الموز والأناناس وفي النهار تسوقك قدماك العاريتان إلى حيث تشائين وتدندنين بصوت خفيض ألحاناً قديمة مبهمة وعندما ينشر الليل رداءه القرمزي تضعين جسدك بهدوء على حصير وتستسلمين لأحلام ملأى بالعصافير الملونة الفاتنة المزهرة دائماً مثلك فلماذا ترغبين برؤية بلدنا فرنسا أيتها الفتاة المغمورة بالسعادة هذا البلد الشديد الزحام الذي تعصف بأهله الآلام فتستسلمين لأذرع البحارة القوية وتطلقين إشارات الوداع لأشجار البلح العزيزة أنت التي ترتدين غلالة شفافة هنا لا تستر من جسدك سوى نصفه سترتجفين هناك تحت الثلج والزمهرير وعندما يضغط المشد القاسي على جنبك ستبكين فراغك الحر اللذيذ وعليك أن تجمعي طعامك من وحولنا وتبيعي عطر مفاتنك الغريبة ولسوف تلاحق عيناك الزائغتان من خلال ضبابنا القذر أشباح أشجار جوز الهند البعيدة المبعثرة هنا وهناك ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
فيما يتعلق بثقيل يدَّعي صداقتك apropos d'un importun qui se disait son ami أخبرني أنه فاحش الثراء لكنه يخشى الكوليرا يهزأ بما يملكه من ذهب لكنه يتذوق الأوبرا وأنه يهيم بالطبيعة لأنه تعَرَّف بالسيد كورث وأنه حالياً لا يملك سيارة ولكن ستكون له قريباً واحدة قال إنه يحب الرخام والقرميد والأخشاب السوداء المُذهَّبة وأن ثلاثة وكلاء من حاملي الأوسمة يديرون له مصنعه وأنه يملك عدا أشياء كثيرة أخرى عشرين ألفاً من أسهم الشمال وأنه وجد حتى لحواجز داخل ثمار الجوزأطراً كأنها أطر الرسام أوبينور وأن له من السلع ما لا يقوى على حمله وأنه في سوق البطريرك قام بعدة صفقات رابحة أخبرني أنه لا يحب زوجته كثيراً ولا يحب أمه لكنه مؤمن يخلود الروح وأنه قرأ نيبواييه أخبرني أنه يميل للمتع الجسدية ففي إقامة مملة قضاها في روما تعرَّف على امرأة مسلولة قضت من شدة حبها له وهكذا مضى خلال ثلاث ساعات ونصف يسرد عليّ حياته حتى صدَّع رأسي هذا الثرثار الآتي من (تورنيه) ولو أني أجبرت على وصف عذابي لما انتهيت كنت أحدِّث نفسي وأنا أكبت حقدي ألن يترك لي على الأقل مجالاً لأنام وكما يفعل المنزعج الذي لا يجرؤ على ترك مكانه رحت أحكُّ بالمقعد قفاي وأنا أتمنى لو أني أضعه على خازوق هذا الوحش المدعو (باستونييه) كان هارباً من الوباء أما أنا فسأهرب إلى مقاطعة بعيدة وأقذف نفسي في الماء أذا كان عليِّ أن ألاقي عند عودتي إلى باريس ذاك الذي يخاف منها, هذا الثقيل هذا الوباء المولود في (تورنيه) ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
غزلية حزينة madrigal triste ما همني أن تكوني حكيمة عاقلة أريدك جميلة حزينة فالدموع تضفي على الوجه السحر الذي يخلعه النهر على الطبيعة كالعاصفة تجدِّد شباب الأزهار أحبك عندما يهرب الفرح من جبينك المُرتاع وعندما يغرق قلبك في الرُّعب وعندما تنتشر على حاضرك غيوم ماضيك المثقل بالخطيئة أحبك عندما تذرف عيناك الواسعتان دمعاً ساخناً كأنه الدم وعندما يعذبك قلق ثقيل كحشرجة المحتضر بالرغم من ذراعي اللتين تهدهدانك أتوق إلى شهيق الدموع في صدرك يا نشوة إلهية ونشيداً عميقاً عذباً وأعتقد أن ما تذرفه عيناك من لآلئ يضفي على قلبك الضياء أعرف أن قلبك المترع بحب قديم منسيّ لا يزال متوهجاً كالموقد وأنك تخفين في صدرك بعضاً من كبرياء المعذبين ولكن يا عزيزتي طالما أن أحلامك لم تعكس بعدُ نيران الجحيم ولم تحلمي بعدُ بالسمَّ والسيف ولم تولعي بالبارود والحديد تحت وطأة كابوس ثقيل لا يرحم ولم تفتحي إلا بحذر لكل طارق أو ترتعشي عندما يحمَّ القضاء فلن تتذوقي أبداً عناق القرف الذي لا يقاوم لن تستطيعي أيتها الملكة المُقيَّدة التي لا تمنح الحب إلا خائفة أن تقولي في هول الليالي الموبوءة ونفسك مملوءة بالصراخ أواه يا مليكي أنا نِدُّك ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
المنذر l'avertisseur كل إنسان جدير بهذا اللقب ينطوي داخله أفعى صفراء تتخذ من قلبه عرشاً تعتليه فإذا قال: أريد. تجيب: لا أغرقْ ناظريك في العينين المحدقتين لحوريات البحر إلاهات الأساطير فتقول لك السنّ: فكِّر بواجبك انجب أطفالاً, اغرس أشجاراً اصقل زجاجاً وانحت رخاماً فتقول لك السِّن: هل ستعيش حتى المساء فمهما رسم الإنسان من خطط أو بنى من آمال فإنه لن يعيش لحظة إلا تحت وطأة الإنذار الذي تطلقه هذه الأفعى التي لا ُتحتمل ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الثائر le rebelle انقضَّ ملاك من السماء كالنّسر غاضباً وأمسك بملء قبضته بناصية الكافر وقال وهو يهزه: سوف تحفظ الناموس أنا ملاكك الحارس أتسمع إني أريد ذلك اعلمْ أن عليك أن تحبَّدون تذمّر الفقير والخبيث, المنحرف والأبله حتى تستطيع أن تصنع ليسوع عندما يمرّ سجادة استقبال مصنوعة من إحسانك هكذا يكون الحب فقبل أن يملَّ منه قلبك أعد إشعال انتشالك بمجد الله لأنه الوجد الحقيقي الدائم الإغراء والملاك الذي يوقع القصاص يحب أن يعذب بقبضتيه الجبارتين الشرير الذي يردُّ عليه باستمرار لا أريد ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
بعيداً من هنا bien loin d'ici هذا الكوخ المقدس الذي تقيم في هذه الفتاة المغالية في التبرُّج هادئة متأهبة باستمرار تستروح بيدها النسمات إلى صدرها وتصغي إلى نواح النوافير في الأحواض ومرفقاها يستندان إلى الحشايا هذه هي غرفة (دوروثي) الماء والنسيم يغنيان في البعيد أغنيتهما الممزوجة بالنحيب ليهدهدا هذه الطفلة المدللة وبعناية كبيرة تدلك بشرتها الناعمة من رأسها حتى أخمص قدميها بالزيت المعطر واللبان في حين تبتهج الأزهار في إحدى الزوايا ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
تأمُّل recueillement اعتصمي بالحكمة يا آلامي وكوني أكثر هدوءاً كنت تطلبين المساء وها هو قد أتى جوٌّ مظلم يلفُّ المدينة يحمل للبعض السلام والقلق للبعض الآخر فعندما يجني الدهماء الندم من مباذلهم تحت وطأة سياط اللذة هذا الجلاد الذي لا يرحم مدِّي يديك إليَّ يا آلامي وتعالي نذهب بعيداً عن هؤلاء انظري إلى السنوات الهاربة تنحني على شرفات السماء بأثوابها البالية وإلى الندم المبتسم ينطلق من أعماق المياه وإلى الشمس المحتضرة تنام تحت قبة السماء وتجرجر على الأفق أشعتها كأنها كفن طويل اسمعي يا عزيزتي اسمعي زحف الليل الناعم ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
شكوى ايكاروس* les plaintes d'un icare عشاق العاهرات مُتخمون مُعافون سعداء وأنا تتحطم ذراعاي من معانقة الغمام وعيناي المتعبتان لا تريان سوى ذكريات الشموس الساطعة بفضل النجوم التي لا مثيل لها المتلألئة في أعماق الفضاء عبثاً أحاول أن أجد للفضاء وسطاً أو نهاية فلست أدري تحت أيّة عين من نار شعرت بجناحيّ ينصهران وأنا الذي أحرقني حبُّ الجمال لن أحصل على الشرف الرفيع بأن أخلع اسمي على الحفرة التي ستكون لي قبراً _________ * الشخص الأسطوري الذي تخلص من سجنه بصنع جناحين من الشمع ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الغطاء LE COUVERCLE سواء كان المكان الذي تسعى إليه بحراً أو براً وسواء كان المناخ من نار أم من جليد فيا خادم المسيح ويا مُريد سيثير Cythere أيها المتسول الحزين وأيها القارون الفاحش الثراء يا ساكن المدينة والريف أيها المتشرد والمقيم سواء كان عقلك راجحاً أم كنت بطيء التفكير فإنك أيها الإنسان واقع في كل مكان تحت سيطرة سر رهيب إلا بعين مرتجفة فالسماء كهف جدرانه خانقة سقف تنيره أنوار مغناة هزلية يدوس فيها البهلوان على أرض مُخضبَّة بالدم إنها رعب الفاسق وأمل الناسك المجنون هذه السماء هي الغطاء الأسود لقدر عظيمة تغلي فيها بشكل غير منظور الإنسانية الواسعة ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الظلمات (( les tenebres )) إلى أقبيةٍ لا يُسبَر حزنها نفاني القدَر أقبيةٍ لا يدخلها أبداً شعاع وردي فَرِح فيها أجلس وحيداً مع الليل هذا الضيف العابس كأني رسام حكم عليه إله ساخر أن يرسم واأسفاه على لوحة من ظلام أو كطبّاخ مأتميّ الشهية يعكف على سلق قلبه ليقتات به وأحياناً يلتمع ويستطيل وينتشر شبحٌ صُنع من غنج وروعة وعلى هَدْي كشيته الحالمة الشرقية وحين يبلغ غاية عظمته أتعرف زائرتي الحسناء إنها سوداء ومع ذلك مضيئة ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الهر(2) ((le chat)) تعال ياهري الجميل إلى قلبي الولهان أغمِدْ مخالبك داخل قائمتيك ودعني أغوص في عينيك الجميلتين المصنوعتين من عقيق ومعدن فعندما تتمهّل أناملي في مداعبة رأسك وظهرك المطواع وتنتشي يدي من لذة ملامسة جسمك المكهرب تتراءى لي في الخيال امرأتي نظرتها كنظرتك أيها الحيوان المحبوب عميقة وباردة تغري وتقطع كالسهم ومن أخمص قدميها حتى الرأس يطوف حول جسمها الأسمر ويسبح جوّ لطيف وعطر خَطِر ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الأفعوان الراقص ((le serpent qui danse)) أيتها العزيزة اللامبالية كم أحب أن أرى في هذا القدّ الرائع تلؤلؤ بشرته كم يتلألأ ثوب هفهاف وكم أحب أن أرى في شعرك الكث المجعّد المضمخ بالعطور الفاغمة ذلك البحر العَطِر التائه بأمواجه الزرقاء والسمراء وكالسفينة التي تستيقظ مع رياح الصباح تتهيأ نفسي الحالمة للإبحار نحو سماء بعيدة عيناك اللتان لا تنمان عن شيء من حلو ومرّ هما حليتان باردتان فيهما يختلط الذهب بالحديد فمن يرى وقع خطوك على جمال سجّيته يظنُّ أفعواناً يرقص فوق رأس عصا وتحت عبء فتورك يتمايل رأسك الطفل تمايل فيل صغير وقدك بانحنائه وتطاوله يشبه سفينة رشيقة تنساب من شاطئ لشاطئ وتغرس دواقل صاريها في الماء وكما يرتفع الموج من ذوبان الثلوج الهادرة هكذا يرتفع فوق ثناياك الرضاب وأنا يخيّل لي أني أعبه خمرة بوهيمية هذه الخمرة القاهرة كأنها سماء سائلة تنثر في قلبي النجوم ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
جيفة ((une charogne)) أتذكرين يا نفسي الشيء الذي رأيناه ذات صباح صيفي منعش على منعطف طريق ضيق هذه الجيفة الكريهة الراقدة على سرير من حصى ساقاها إلى الأعلى كالمرأة الشبقة تحترق وتنفث السموم وتكشف عن جوف مفعم بالروائح المنتنة بقحة وبغير اكتراث كانت الشمس تضيء فوق هذا العفن كأنما تريد أن تنهي طهوه لتعيد إلى الطبيعة العظيمة أضعاف ما جمعته منها كانت السماء تنظر إلى الهيكل الرائع كأنه زهرة متفتحة والنتن من شدته كان يبعث على الإغماء فوق العشب والذباب يطوف فوق هذا البطن المتعفن الذي كانت تخرج منه كتائب الدود الأسود منسابة كالسائل الكثيف على جانبي هذه المِزَق الحية كل ذلك كان يهبط ويصعد كالموج الهادر أو يندفع وهو يحتدم كأني بهذا الجسد المنتفخ بنسمة غامضة يعيش ويتكاثر هذا العالم كان يردّد موسيقا غريبة كأنها الماء الجاري والريح أو حبة القمح يحركها ويديرها غربال كانت الأشكال تمّحي كأن لم تكن إلا حلماً أو خطوطاً أولية تبطئ في الظهور على لوحة منسية يحاول الفنان إكمالها من الذاكرة ووراء الصخور كانت كلبة قلقة تنظر إلينا بعين حانقة وهي تتحين الوقت الملائم لتأخذ من الجثة القطعة التي تركتها فيا نجمة عينيّ وشمس دنياي يا ملاكي وهواي ستصبحين يا مليكة المفاتن يا شبيهة بهذه الجيفة بعد تلقيك الأسرار الأخيرة عندما ترحلين وترقدين تحت العشب والزهر لتتحللي بين الرفات عندها يا حسنائي قولي للديدان التي ستلتهمك بقبلاتها إني قد احتفظت بالشكل والجوهر الإلهي لغرامياتي التي تحللت ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
شَعْر أيها الشعر المجعّد حتى العُنق أيتها الخصلات والعطر المحمّل بالكسل أيتها النشوة: لأجل أن أملأ المخدع المظلم هذا المساء بالذكريات الراقدة في هذا الشعر يطيب لي أن أنفضه في الهواء كما يُنفض المنديل فآسيا الفاترة وإفريقية المحترقة كل هذا العالم الغائب البعيد كأنه ميت يحيا في أعماقك أيتها الغابة المعطرة إن روحي تسبح في عطورك كما تسبح الأرواح على أنغام الموسيقا سأذهب إلى حيث الشجر والإنسان الممتلئان نسُغاً تتغشاهما إغماءة طويلة من حرارة المناخ فكوني الموجة التي تحملني أيتها الضفائر القوية فانت أيها البحر الأبنوسي تحوي حلماً رائعاً وأشرعة ومجدِّفين ولهباً وصواري أنت المرفأ الشهير الذي تستطيع فيه نفسي أن تعُبَّ العطر والضوء واللون بجرعات كبيرة وتستطيع فيه السفن المنسابة فوق الذهب والضياء أن تفتح ذراعيها الواسعين لتعانق مجد سماء نقية ترتجف فيها الحرارة الأزلية سألقي برأسي المولع بالسُّكرْ في هذا الخضمِّ المظلم وروحي الصافية التي يهدهدها اهتزاز الأمواج ستعرف كيف تعثر عليك يا فتوراً خصباً ويا هدهدةً من الفراغ المعطر ليس له نهاية أيها الشعر الأزرق والرواق المفروش بالظلمات جعلت زرقة السماء تبدو لعيني هائلة مستديرة فعلى زَغَب أطراف خصلاتك المبرومة أسكر بالروائح المختلطة المنبعثة من زيت جوز الهند والمسك والغار ويدي تنثر دائماً وملياً في شعرك الكثيف اليواقيت واللآلئ حتى لا تصمّي أذنيك عن نداء رغباتي ألستِ الواحة التي بها أحلم والقارورة التي منها أعبّ بجرعات كبيرة خمرة الذكريات ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
العملاقة عندما كانت الطبيعة في ذروة إخصابها تتمخض كل يوم عن أطفال عمالقة كنت أحب أنّ أعيش بالقرب من عملاقة شابة كما تعيش قطة شهوانية عند قدميْ ملكة كنت أحب أن أرى جسمها يتفتّح مع تفتّح روحها وينمو طليقاً بالغاً أقصى مداه فأكشف من خلال الضباب السابح في عينيها عن الشعلة الكئيبة التي يخفيها قلبها وأطوف متمهلاً فوق أعضاء جسدها الرائع وأسلق مُنحدرَيْ ركبتيها العظيمتين وفي الصيف عندما تسكب الشمس أشعتها المؤذية وتحملها على التمدّد في جوف الريف مُتعَبة أحب أن أنام مسترخياً في ظلال نهديها كما تستريح الخيمة تحت أقدام الجبل ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار- جورجيت الطيّار |
أنشودة الحسناء سواء هبطت من أعالي السماء أم خرجت من أغوار الأرض أيتها الحسناء إن نظرتك الجهنمية الإلهية تسكب بغموض, الإحسان والجريمة وإنك لتشبهين في ذلك, الخمر في عينيك الفجر والغروب تسكبين العطر كمساء عاصف قبلاتك رحيق وفمك قارورة طيب تجعل البطل جباناً والطفل شجاعاً وسواء خرجت من ظلام الهاوية أم هبطت من الكواكب فإن القدر المفتون يقتفي كالكلب أثر تنانيرك إنك تزرعين بغير قصد الفرح والكوارث تحكمين الكل ولا تُسألين عن شيء تدوسين الجثث وتهزئين بها فالرعب ليس أقل حُليّك فتنة والاغتيال من جواهرك الأثيرة لديك وهو يرقص بافتتان على جسدك المتكبّر والفاني المبهور يطير إليك أيها الصباح فازفرْ وتوهّجْ وقل: لنبارك هذه الشعلة فالعاشق الهيمان ينحني فوق حسنائه كمحتضر يداعب قبره سيان عندي من السماء هبطت أم من جهنم صعدت يا وحشاً هائلاً مخيفاً بريئاً لو أن عينيك وابتسامتك وقدميك لو أنها كلها تفتح لي أبواب اللانهاية التي أحبها ولم أعرفها مطلقاً سيان عندي أجئت من شيطان أم جئت من إله أيها الملاك أيتها المرأة الفاتنة أيتها الجنية المخملية العينين أيها الإيقاع .. والعطر والبريق يا مليكتي الوحيدة ليت يديك تجعلان العالم أقل بشاعة والثواني أقل ثقلاً ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
المثل الأعلى لن تستطيع هذه الجمالات الزخرفية هذا النتاج المزري لعصر تافه وهذه الأقدام بأحذيتها الثقيلة والأصابع بصنّاجاتها أن ترضي قلباً كقلبي لقد تركت .. لكافارني Gavarni * شاعر الشحوب قطيعه المغرد من حسناوات المشافي لأني لم أستطع أن أجد بين هذه الورود الشاحبة زهرة بحمرة مثلي الأعلى فمثلي الأعلى هو أنت يا (ليدي ماكبث) أيتها الروح الجبارة القادرة على اقتراف الجرائم أنت التي تستطعين إرضاء قلب عميق كالهاوية هو أنت يا حلم (اسخيلوس) المتفتح في الأجواء العاصفة هو أنت أيها الليل العظيم يا ابن (مايكل آنج** ) الذي يقتل بهدوء في وضع غريب الفتنة في أفواه الجبابرة ـــــــــــــــــــ * شاعر يوناني قديم يعد أبا المأساة. ** تمثال مشهور للمثال مايكل آنج. ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الحسناء أيها الناس الفانون أنا جميلة جمال حلم من حَجَر ونهداي اللذان لم يسلم أحد من عذابهما خلقا ِليُلهما الشاعر حباً خالداً وصمتاً كصمت المادة الخرساء إني أجلس على عرش السماء كأبي هَوْل غامض وأجمع إلى بياض الإوزة قلباً من جليد أكره الحركة التي تغيّر مواضع الخطوط ولا أعرف مطلقاً الضحك ولا البكاء والشعراء أمام عظمة مواقفي التي يبدو أني استعرتها من كبرياء أعظم الصروح ينفقون الأيام في دراسات جادة إنّ لي .. ِلسَحْرِ هؤلاء العشاق الوادعين مرايا بغاية الصفاء والنقاء تبدو فيها الأشياء أكثر جمالاً إنها عيناي. عيناي النجلاوان بأضوائهما الخالدة ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الشؤم لن تُغني محبّة العمل عن الشجاعة أي (سيزيف) حتى ترفع هذا العبء الفادح فطريق الفنّ طويلة والزمن قصير إن قلبي يسير كالطبل المبحوح الذي يتجه إلى مقبرة معزولة بعيداً عن المدافن المشهورة وهو يقرع الأناشيد الجنائزية أكثر من جوهرة ترقد مكفّنة بالظلام والنسيان لا تدركها فأس ولا يصل إليها مسبار وأكثر من زهرة تريق عطورها المنعشة في الخفاء على الأماكن الموحشة ترجمها عن الفرنسية حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار |
الساعة الآن 10:34 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.