منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   [ ومضة ] (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=30)

حميد درويش عطية 08-20-2010 04:33 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ مدبريّـة الحق ]
-------------------

إذا اعتقد العبد بحقيقة ( مدبرية ) الحق لعالم التكوين ..
وأن ( سببيّة ) الأسباب - فسخا وإبراماً - بيده ، وأن انسداد السبل إنما هو بالنظر القاصر للعبد لا بالنسبة إلى القدير المتعال ..
كان هذا الاعتقاد موجبا ( لسكون ) العبد - في احلك الظروف - إلى لطفه القديم ، كما هو حال الخليل (ع) في النار ..
ناهيك عما يوجبه هذا الاعتقاد من طمأنينة وثبات في نفس العبد ، سواء قبل البلاء أو حينه أو بعده.

20 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-21-2010 04:57 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ اللقاء في جوف الليل
]
---------------------------
إن جوف الليل هو موعد اللقاء الخاص بين الأولياء وبين ربهم ..
ولهذا ينتظرون تلك الساعة من الليل - وهم في جوف النهار - بتلهّف شديد ..
بل إنهم يتحملون بعض أعباء النهار ومكدراتها ، لانتظارهم ساعة ( الصفاء ) التي يخرجون فيها عن كدر الدنيا وزحامها ..
وهي الساعة التي تعينهم أيضا على تحمّل أعباء النهار في اليوم القادم ..
وبذلك تتحول صلاة الليل ( المندوبة ) عندهم ، إلى موقف ( لا يجوز ) تفويت الفرصة عنده ، إذ كيف يمكن التفريط بمنـزلة المقام المحمود ؟ ! ..

21 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-21-2010 05:04 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ شرف الانتساب إلى الحق ]
------------------------------
عندما يتحقق العمل القربى منتسباً إلى الله تعالى ، فإن شرف ( الانتساب ) إلى الحق أشرف وأجلّ من ( العمل ) نفسه ، سواء كان ذلك العمل كثيرا أو قليلا ..
فالعبد الملتفت لمرادات المولى ، يجاهد في تحقيق أصل ( العُلقة ) ، ولا يهمه - بعد ذلك - حجم العمل ولا آثاره ..
لأن العمل مهما بدا للعبد جليلا ، فهو حقير عند المولى الذي تصاغر عنده الوجود برمّـته ، بخلاف علقة الانتساب إليه ، فانه شريف لكونه من شؤونه تعالى.


21 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-22-2010 07:11 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ العمل للقرب لا للأجر ]
-------------------------------

لا يحسن بمن يروم الدرجات العالية من الكمال ، أن يتوقف أداؤه للعمل على مراجعة ثواب ذلك العمل ..
بل إن جلب رضا المولى في التروك والأفعال ، لمن أعظم الدواعي التي تبعث العبد على الإقدام والإحجام ..
وهذا الداعي هو الذي يؤثر على كمّ العمل ، وكيفه ، ودرجة إخلاصه ..
فحيازة الأجر والثواب أمر يختص بالآخرة ، وتحقيق القرب من المولى له أثره في الدنيا والآخرة ..
وشتان بين العبد الحر والعبد الأجير ، وبين من يطلب المولى ( للمولى ) لا ( للأولى ) ولا ( للأخرى ).


22 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-22-2010 07:20 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ الصلاة قمة اللقاء ]
-------------------------
إن
( أصل ) وجود علاقة العبودية و ( عمقها ) بين العبد وربه ، يمكن أن يستكشف من خلال الصلوات الواجبة والمستحبة ..
فالصلاة هي قمة اللقاء بين العبد والرب ، ومدى ( حرارة ) هذا اللقاء ودوامها ، يعكس أصل العلاقة ودرجتها ..
فالمؤمن العاقل لا يغره ثناء الآخرين - بل ولا سلوكه الحسن قبل الصلاة وبعدها - ما دام يرى الفتور والكسل أثناء حديثه مع رب العالمين ، فإنه سمة المنافقين الذين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى .

22 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-23-2010 07:24 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ شهر الضيافة ]
-------------------

إن شهر رمضان شهر ضيافة - حقيقة لا مجازا - ومن هنا سهل على الضيف أن ( يحوز ) على عطايا من المضيف ، لا يمكن الحصول عليها منه خارج دائرة الضيافة ..
وليعلم أن هذه العطايا مبذولة من غير سؤال كما هو مقتضى الضيافة من الكريم ، فكيف بمن ( يسأل ) ذلك ؟!..
وكيف بمن ( يلح ) في السؤال ؟!..
ومن هنا صارت ليلة العيد ليلة الجوائز العظمى ، ولطالما غفل عنها الغافلون.

23 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-24-2010 03:34 PM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ سياسة النفس ]
-------------------
إن مجاهدة النفس وسياستها يحتاج إلى خبرة وإطلاع بمداخلها ومخارجها ، وسبل الالتفاف حولها ..
فلا ينبغي تحميلها فوق طاقتها ، وإلا حرنت وتمردت حتى فيما لامشقة فيه ..
بل لابد من إقناعها بالحقائق المحركة لها ، والموجبة لاستسهال بعض الصعاب ، ومنها :
( العلم ) بضرورة سلوك هذا السبيل الذي ينتهي إلى الحق الذي إليه مرجع العباد ، وأن ( مراد ) المولى لا يتحصل - غالباً - إلا بهذه المخالفة المستمرة ، بالإضافة إلى ( التذكير ) باللذات المعنوية البديلة ، مع الاحتفاظ بما يحلّ ويجمل من اللذائذ الحسية.

24 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-24-2010 03:40 PM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ تسويل النفس ]
---------------------
كثيرا ما ننبعث في حياتنا من ( محركية ) الذات ومحوريتها ، حتى في الأمور التي يفترض فيها محو الذات ، واستذكار القربة الخالصة لله رب العالمين ، كدعوة العباد إلى الله تعالى ..
ولطالما ( تسوّل ) النفس لصاحبها ( فيبطّن ) محورية ذاته بأمور أخرى عارضة ، كالثأر للكرامة أو إثبات العزة الإيمانية ، أو الدفاع عن العنوان ، أو دعوى العناوين الثانوية ، مما لا تخفى على العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور ..
وليعلم في مثل هذه الحالات ، أن الإحجام عن العمل خير من القيام به من تلك المنطلقات المبطّنة.

24 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-26-2010 04:45 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ الاستعاذة بالحق ]
-----------------------

لو اعتقد الإنسان بحقيقة أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق ، وأنه أقسم صادقا على إغواء الجميع ، وخاصة مع التجربة العريقة في هذا المجال من لدن آدم إلى يومنا هذا ، ( لأعاد ) النظر في كثير من أموره ..فما من حركة ولا سكنة إلا وهو في معرض هذا التأثير الشيطاني ..
فالمعايِش لهذه الحقيقة يتّهم نفسه في كل حركة - ما دام في معرض هذا الاحتمال - فإن هذا الاحتمال وإن كان ضعيفا إلا أن المحتمل قوي ، يستحق معه مثل هذا القلق ..
و( ثـمرة ) هذا الخوف الصادق هو ( الالتجاء ) الدائم إلى المولى المتعال ، كما تقتضيه الاستعاذة التي أمرنا بها حتى عند الطاعة ، كتلاوة القرآن الكريم .


25 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-26-2010 04:57 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ أمارة التسديد ]
-------------------


من أمارات الصلاح في الطريق الذين يسلكه العبد ، هو إحساسه ( بالارتياح ) وانشراح الصدر ، مع استشعاره للرعاية الإلهية المواكبة لسيره في ذلك الطريق ، وقلب المؤمن خير دليل له في ذلك ..
وحالات ( الانتكاس ) والتعثر والفشل ، والإحساس ( بالمـلل ) والثقل الروحي مع الفرد الذي يتعامل معه أو النشاط الذي يزاوله ، قد يكون إشارة على مرجوحية الأمر ..
ولكنه مع ذلك كله ، فإن على العبد أن يتعامل مع هذه العلامة بحذر ، لئلا يقع في تلبيس الشيطان .


26 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-27-2010 04:35 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ اختيار الأقرب للرضا ]
-------------------------
لا ينبغي للمؤمن أن يختار لنفسه المسلك المحببّ إلى نفسه حتى في مجال الطاعة والعبادة ، فمن يرتاح ( للخلوة ) يميل عادة للطاعات الفردية المنسجمة ( مع الاعتزال ) ، ومن يرتاح ( للخلق ) يميل للطاعات الاجتماعية الموجبة للأنس ( بالمخلوقين ) ..
بل المتعين على المستأنس برضا الرب ، أن ينظر في كل مرحلة من حياته ، إلى ( طبيعة ) العبادة التي يريدها المولى تعالى منه ، فترى النبي ( صلى اللهُ عليه ِ و آله ) عاكفا على العبادة والخلوة في غار حراء ، وعلى دعوة الناس إلى الحق في مكة ، وعلى خوض غمار الحروب في المدينة تارة أخرى ....


27 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-27-2010 05:01 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ كالخرقة البالية ]
-------------------------
تنتاب الإنسان حالة من إدبار القلب ، بحيث لا يجد في قلبه خيرا ولا شرا ، فيكون قلبه ( كالخرقة ) البالية كما ورد في بعض الروايات ..
ففي مثل هذه الحالة يبحث المهتم بأمر نفسه عن سببٍ لذلك الإدبار ، فان اكتشف سببا ( ظاهرا ) ، من فعل معصية أو ترك راجح أو ارتكاب مرجوح ، حاول الخروج عن تلك الحالة بترك موجب الادبار ..
وإن لم يعلم ( سبباً ) ظاهرا ترك الأمر بحاله ، فلعل ضيقه بما هو فيه ، تكفير عن سيئة سابقة أو رفع لدرجة حاضرة أو دفع للعجب عنه .


27 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-28-2010 10:44 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ لحظات الشروق والغروب ]
--------------------------------
إن لحظات الغروب والشروق مما اهتم بها الشارع من خلال نصوص كثيرة ..
إذ أنها بدء مرحلة وختم مرحلة ، وصعود للملائكة بكسب العبد خيرا كان أو شرا ، وهو الذي يتحول إلى طائر يلزم عنق الإنسان كما يعبر عنه القرآن الكريم ..
فهي فرصة جيدة لتصحيح قائمة الأعمال قبل تثبيتها ( استغفارا ) منها أو تكفيراً عنها ..
وللعبد في هذه اللحظة وظيفتان ، الأولى :
( استذكار ) نشاطه في اليوم الذي مضى ، ومدى مطابقته لمرضاة الرب ..
والثانية :
( التفكير ) فيما سيعمله في اليوم الذي سيستقبله ..
ولو استمر العبد على هذه الشاكلة - مستعينا بأدعية وآداب الوقتين - لأحدث تغييرا في مسيرة حياته ، تحقيقا لخير أو تجنيبا من شر .

28 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-29-2010 08:12 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ الصفات الكامنة ]
------------------------

إن من شؤون المراقبة اللازمة لصلاح القلب ، ملاحظة الصفات ( القلبية ) المهلكة كالحسد والحقد والحرص وغير ذلك ..
فان أثر هذه الصفات الكامنة في النفس - وان لم ينعكس خارجا - إلا أنه قد لا يقل أثرا من بعض الذنوب الخارجية في
( ظلمة ) القلب ..
وليعلم أنه مع عدم استئصال أصل هذه الصفة في النفس ، فان صاحب هذه الصفة قد ( يتورّط ) في المعصية المناسبة لها في ساعة الغفلة ، أو عند هيجان تلك الحالة الباطنية ، كالماء الذي أثير عكره المترسب .

29 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-30-2010 07:04 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ خلود المنتسب إلى الحق ]
------------------------------

إن مما يوجب الخلود والأبديّة للأعمال الفانية ، هو ( انتسابها ) للحق المتصف بالخلود والبقاء ..
فمن يريد تخليد عمله وسعيه ، فلا بد له من تحقيق مثل هذا الانتماء الموجب للخلود ..
فلم تكتسب الكعبة - وهي الحجارة السوداء - صفة الخلود كبيت لله تعالى في الأرض إلا بعد أن انتسبت للحق ..
ولم يكتب الخلود لأعمال إيراهيم وإسماعيل ( عليهما السلام ) في بناء بيته الحرام ، إلا بعد أن قبل الحق منهما ذلك ..
وهكذا الأمر في باقي معالم الحج التي يتجلى فيها تخليد ذكرى إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) ..والأعمال ( العظيمة ) بظاهرها والخالية من هذا الانتساب حقيرة فانية ، كالصادرة من الظلمة وأعوانهم ، سواء في مجال عمارة المدن ، أو فتح البلاد ، أو بث العلم ، أو بناء المساجد أو غير ذلك .


30 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-31-2010 01:16 PM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ قوارع القرآن ]
------------------
كثيرا ما يخشى الإنسان على نفسه الحوادث غير ( المترقبة ) في نفسه وأهله وماله ..
فيحتاج دائما إلى ترس يحميه من الحوادث قبل وقوعها ، ومن هنا تتأكد الحاجة لالتزام المؤمن بأدعية الأحراز الواقية من المهالك ، وهي قوارع القرآن التي من قرأها ( أمِـنَ ) من شياطين الجن والإنس :
كآية الكرسي والمعوذات وآية الشهادة والسخرة والملك ..
فإن دفع البلاء قبل إبرامه وتحقـقه ، أيسر من رفعه بعد ذلك ..
وقد ورد:
{ أنه ليس من عبد إلا وله من الله حافظ وواقية ، يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئر ، فإذا نزل القضاء خلـيّا بينه وبين كل شيئ } ..

31 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 08-31-2010 04:34 PM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ سوء الظن ]
---------------------
كثيرا ما يحس الإنسان بإحساس غير حسن تجاه أخيه المؤمن ، وليس لذلك - في كثير من الأحيان - منشأ عقلائي إلا
( وسوسة ) الشيطان ، و ( استيلاء ) الوهم علي القلب القابل لتلقّي الأوهام ..
وللشيطان رغبة جامحة في إيقاع العداوة والبغضاء بين المؤمنين ، معتمدا على ذلك ( الوهم ) الذي لا أساس له ..
ومن هنا جاءت النصوص الشريفة التي تحث على وضع فعل المؤمن على أحسنه ، وألا نقول إلا التي هي احسن ، وان ندفع السيئة بالحسنة ، وأن نعطي من حرمنا ونصل من قطعنا ، ونعفو عمن ظلمنا ، وغير ذلك من النصوص الكثيرة في هذا المجال .

31 / 8 / 2010

حميد درويش عطية 09-01-2010 07:30 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[
[وظيفة الداعي ]

------------------
ليس المهم في دعوة العباد إلى الله تعالى ، كسب العدد والتفاف الأفراد حول الداعي ..
وإنما المهم أن يرى المولى عبده ساعياً مجاهداً في هذا المجال ..
وكلما اشتدت ( المقارعة ) مع العباد ، كلما اشتد ( قرب ) العبد من الحق ، وإن لم يثمر عمله شيئا في تحقيق الهدى في القلوب ..
فهذا نوح ( عليهِ السلام ) من الرسل أولي العزم ، لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، فما آمن معه إلا قليل ..
بل من الممكن القول بأن دعوة الأنبياء والأوصياء لم تؤت ثمارها الكاملة كما ارادها الله تعالى لهم ، وهو ما نلاحظه جلياً في دعوة النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) للأمة ، إذ كان الثابتون على حقهم هم أقل القليل ..
فالمهم في الداعي إلى سبيل الحق ( عرض ) بضاعة رابحة ولا يهمه من المشتري ؟!..
وما قيمة البضاعة الفاسدة وإن كثر مشتروها ؟!..
أضف إلى كل ذلك أن أجر الدعوة ودرجات القرب من الحق المتعال ، لا يتوقف على التأثير الفعلي في العباد .


1 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-03-2010 05:01 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ هدر العمر بالنوم ]
--------------------------

إن النوم من الروافد الأصلية التي ( تستنـزف ) نبع الحياة ..
ومن هنا ينبغي السيطرة على هذا الرافد ، لئلا يهدر رأسمال العبد فيما لا ضرورة له ..
ولذا ينبغي التحكم في أول النوم وآخره ، ووقته المناسب ، وتحاشي ما يوجب ثقله ..
والملفت في هذا المجال أن الإنسان كثيرا ما يسترسل في نومه الكاذب ، إذ حاجة بدنه الحقيقية للنوم اقل من نومه الفعلي ..
فلو ( غالب ) نفسه وطرد عن نفسه الكسل ، وهجر الفراش كما يعبر القران الكريم :
{ تتجافى جنوبهم عن المضاجع } ، فانه سيوفّر على نفسه - ساعات كثيرة - فيما هو خير له و أبقى ..
وقد روي عن أمير المؤمنين علي ( عليهِ السلام ) أنه قال :
{ من كثر في ليله نومه ، فاته من العمل ما لا يستدركه في يومه } و { بئس الغريم النوم ، يفني قصير العمر ، ويفوّت كثير الأجر } .

2 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-03-2010 05:12 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ الفراق والوصل ]
----------------------------------
إن في الفراق رجاء ( الوصل ) ، وخاصة إذا اشتد ألم الفراق وطال زمان الهجران ، وفي الوصل خوف ( الفراق ) ، وخاصة مع عدم مراعاة آداب الوصل بكاملها ، ومن هنا كانت حالة الفراق لديهم - في بعض الحالات - أرجى من حالة الوصل ..
إذ عند الوصل تعطى الجائزة ( المقدرة ) ، بينما عند الفراق يعظم السؤال فيرتفع قدر الجائزة فوق المقدر ..
وعند الوصل حيث الإحساس بالوصول إلى شاطئ الأمان ( يسكن ) القلب ويقل الطلب ، وعند الاضطراب في بحر الفراق يشتد التضرع والأنين ..
وعليه فليسلم العبد فصله ووصله للحكيم ، الذي يحكم بعدله في قلوب العباد ما يشاء و كيف يشاء .


3 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-04-2010 10:50 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ العداء المتأصل ]
------------------

إن القرآن الكريم يدعونا لاتخاذ موقع العداء من الشياطين ..
وليس المطلوب هو العداء ( التعبدي ) فحسب ، بل العداء ( الواعي ) الذي منشأه الشعور بكيد العدو وتربّصه الفرص للقضاء على العبد ، خصوصا مع الحقد الذي يكنّه تجاه آدم وذريته ، إذ كان خلقه بما صاحبه من تكليف بالسجود مبدأ لشقائه الأبدي ، وكأنه بكيده لبنيه يريد أن ( يشفي ) الغليل مما وقع فيه ..
وشأن العبد الذي يعيش هذا العداء المتأصل ، شأن من يعيش في بلد هدر فيها دمـه ..
فكم يبلغ مدي خوفه وحذره ممن يطلب دمه بعد هدره له ؟!.


4 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-05-2010 06:38 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ مؤشر درجة العبد ]
----------------------------

لو اعتبرنا أن هناك ثمة مؤشر يشير إلى حالات تذبذب الروح تعاليا وتسافلاً ، فإن المؤشر الذي يشير إلى درجة الهبوط الأدنى للروح ، هو الذي يحدد المستوى الطبيعي للعبد في درجاته الروحية ..
فدرجة العبد هي الحد ( الأدنى ) للهبوط لا الحد ( الأعلى ) في الصعود ، إذ أن الدرجة الطبيعية للعبد تابعة لأخس المقدمات لا لأعلاها ..
فإن التعالي استثناء لا يقاس عليه ، بينما الهبوط موافق لطبيعة النفس الميالة للّعب واللهو ..
فهذه هي القاعدة التي يستكشف بها العبد درجته ومقدار قربه من الحق تعالى ..
وقد ورد عن النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أنه قال : { من أحب أن يعلم ما له عند الله ، فليعلم ما لله عنده } ..
وبذلك يدرك مدى الضعف الذي يعيشه ، وهذا الإحساس بالضعف بدوره مانع من حصول العجب والتفاخر ، بل مدعاة له للخروج منه ، إلى حيث القدرة الثابتة المطردة .

5 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-06-2010 04:34 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ مجالس اللهو والحرام ]
------------------------------------
إن بعض المجالس التي يرتادها العبد ، يكون في مظان اللهو أو الوقوع في الحرام ، كالأعراس والأسواق والجلوس مع أهل المعاصي ..
ومن هنا لزم على المؤمن أن ( يهيئ ) نفسه لتحاشي المزالق قبل ( التورط ) فيما لو اضطر إلى الدخول فيها ..
وليُعلم أن الجالس مع قوم إنما يبذل لهم ما هو أهم من المال - وهي اللحظات التي لا تثمن من حياته - فكما يبخل الإنسان بماله ، فالأجدر به أن يبخل ببذل ساعات من عمره للآخرين من دون عوض ..
وتعظم ( المصيبة ) عندما يكون ذلك العوض هو ( تعريض ) نفسه لسخط المولى جل ذكره ، فكان كمن بذل ماله في شراء ما فيه هلاكه ..
وأشد الناس حسرة يوم القيامة من باع دينه بدنيا غيره .

6 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-07-2010 07:18 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ منبّهية الآلام الروحية ]
-------------------------------------

كما أن الآلام ( العضوية ) منبهة على وجود العارض في البدن ، فكذلك الآلام ( الروحية ) الموجبة لضيق الصدر ، منبّهة على وجود عارض البعد عن الحق ..
إذ كما انه بذكر الله تعالى ( تطمئن ) القلوب ، فكذلك بالإعراض عنه ( تضيق ) القلوب بما يوجب الضنك في العيش ، فيكون صاحبه كأنما يصّـعد في السماء ، والمتحسس لهذا الألم أقرب إلى العلاج قبل الاستفحال ..
والذي لا يكتوي بنار البعد عن الحق - كما هو شان الكثيرين - يكاد يستحيل في حقه الشفاء ، إلا في مرحلة : { فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد } ، وعندئذ لا تنفعه هذه البصيرة المتأخرة عن وقت الحاجة .

7 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-08-2010 04:41 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

[ آيات لأولي الألباب ]
--------------------------------
إن التأثر ( بآيـتيّة ) الآيات متوقفة على وجود ( اللّب ) المدرك لها ..
فالآية علامة لذي العلامة ، والذي لا يعرف لغة العلامة كيف يتعرّف على ذي العلامة ؟!..
فمَثَل الباحثين في الطبيعة والغافلين عن الحق ، كمَثَل من يحلل اللوحة الجميلة إلى أخشاب وألوان ..
فتراهم يرهقون أنفسهم في البحث عن مادة اللوحة وألوانها ، ولا يدركون شيئا من جمال نفس اللوحة ولا جمال مصورها ، وليس ذلك إلا لانتفاء اللبّ فيهم إذ { ان في ذلك لآيات لأولي الألباب }..
فعيونهم المبصرة والآلة الصماء التي يتم بها الكشف والاختراع على حد سواء ، في انهما لا يبصران من جمال المبدع شيئا .


8 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-09-2010 04:01 AM

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ التسمية نوع استئذان]
--------------------------------

إن التسمية قبل الفعل - من الأكل وغيره - نوع ( استئذان ) من العبد في التصرف فيما يملكه الحق ، وإن كان الأمر حقيرا عند العبد ، فالأمر في جوهره وعند أهله المستشعرين للطائف العبودية ، يتجاوز مرحلة الاستحباب ..
وهكذا الأمر في جميع الحركات المستلزمة للتصرف في ملك من أمـلاك المولى جل ذكره ..
ولهذا فإن كل عمل غير مبدوء بـ ( بسم الله ) فهو أبتر ، إذ كيف يبارك المولى في عبد لا ينسب عمله إليه ، ولا يصدر منطلقا من رضاه ، بل يتصرف في ملكه من دون ( إحراز ) رضاه ؟!.

9 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-10-2010 02:05 PM

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ الإعراض بعد الإدبار ]
-------------------------------------
لابد من المراقبة الشديدة للنفس بعد حالات الإقبال - وخاصة - الشديدة منها ..
وذلك لأن ( الإعراض ) المفاجئ باختيار العبد - بعد ذلك الإقبال - يُـعد نوع ( سوء ) أدب مع المولى الذي منّ على عبده بالإقبال وهو الغني عن العالمين ..
ولطالما يتفق مثل هذا الإقبال - في ملأ من الناس - بعد ذكر لله تعالى ، وعند الفراغ من ذلك يسترسل العبد في الإقبال على الخلق ، فيما لا يرضي الحق :
من لغو في قول ، أو ممقوت من مزاح ، أو وقوع في عرض مؤمن أو غير ذلك ..
ومثل هذا الإدبار الاختياري قد ( يحرم ) العبد نعمة إقبال الحق عليه مرة أخرى ، وهي عقوبة قاسية لو تعقّلها العبد ..

10 / 9 / 2010

عبدالسلام حمزة 09-11-2010 05:43 PM



أستاذي الفاضل حميد شيخ الشباب

الحقيقة أنا فخور بما تقدمه من جهد وفكر وسلوك وأخلاق راقية وسعة صدر

ومضة أكثر من رائعة , فيها الكثير من العلم والذوق والسلوك

جزاك الله خيرا ً

سلامي لك أيها الفاضل

حميد درويش عطية 09-12-2010 07:41 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالسلام حمزة (المشاركة 19217)


أستاذي الفاضل حميد شيخ الشباب

الحقيقة أنا فخور بما تقدمه من جهد وفكر وسلوك وأخلاق راقية وسعة صدر

ومضة أكثر من رائعة , فيها الكثير من العلم والذوق والسلوك

جزاك الله خيرا ً

سلامي لك أيها الفاضل

أخي الأستاذ عبد السلام
تحية مباركة
و أسعدَ اللهُ تعالى أيامك
الحمدُ للهِ سبحانهُ على تفضلهِ علينا
بنعمهِ التي لا تحصى
و ما نتمتعُ بهِ من جهدٍ و فكر ٍ و سلوك
هي من بركات ِ المولى الكريم
أسألهُ تعالى أن يُديمَ علينا نِعَمهُ
كي نتمكنَ من السير ِ على طريقَ هداه
لكَ شكري و تقديري
حميد

12 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-12-2010 07:51 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ الأجر الجزيل على القليل ]
-------------------------------------

قد يستغرب البعض من ترتب بعض ما روي من ( عظيم ) الثواب على اليسير من العبادة ..
ولو كان هذا الاستغراب بمثابة عارض أوّلى لا قرار له في النفس لهان الأمر ، ولكن الجاد في استغرابه ، فإنما هو قاصر :
إمّا في إدراك ( قدرة ) المولى على استحداث ما لم يخطر على قلب بشر بمقتضى إرادته التكوينية المنبعثة من الكاف والنون ، أو في إدراك مدى ( كرمه ) وسعة تفضله الذي استقامت به السموات والأرض ..
فمن يجمع بين القدرة القاهرة و العطاء بلا حساب ، فإنه لا يعجزه الأجر الذي لا يقاس إلى العمل ..
إذ الثواب المبذول إنما هو اقرب للعطايا منه إلى الأجور ..
وليعلم أخيرا أن نسبة قدرة الحق المتعال إلى الأمر - الحقير والجليل - على حد سواء ..
فلماذا العجب بعد ذلك ؟!.

12 / 9 / 2010

عبدالسلام حمزة 09-12-2010 01:27 PM



متابع ... هذه الومضات الرائعة

جزاك الله خيرا ً أستاذ حميد بارك الله فيك

حميد درويش عطية 09-12-2010 01:46 PM

و أنا بدوري أحييك
أخي عبد السلام
وتقبل تقديري و امتناني
و إليك و للأحبة جميعا ً هذه الومضة :


بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ ملكوت الصلاة ]
------------------------------------
إن الصلاة مركب اعتباري ركب أجزاءه العالم بمواقع النجوم ..
فالحكيم الذي وضع الأفلاك في مسارها هو الذي وضع أجزاء هذا المركّب في مواقعها ، ولهذا كان ( الإخلال ) العمدي بظاهرها مما يوجب عدم سقوط التكليف ، لعدم تحقق المركب بانتفاء بعض أجزائه ..
وليعلم أن بموازاة هذا المركب الاعتباري ( الظاهري ) ، هنالك مركب اعتباري ( معنوي ) يجمعه ملكوت كل جزء من أجزاء الصلاة ..
فالذي يأتي بالظاهر خاليا من الباطن ، فقد أخل بالمركب الاعتباري الآخر بكله أو ببعضه ..
ومن هنا صرحت الروايات بحقيقة:
{ أنه ما لك من صلاتك إلا ما أقبلت فيها بقلبك
} ......

12 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-13-2010 03:42 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ الطهارة الظاهرية والباطنية ]
------------------------------------


أكد المشرع الحكيم على طهارة البدن والساتر والأرض في حال الصلاة ، التي هي أرقى صور العبودية للحق المتعال ، كما يفهم من خلال جعلها عمودا للدين ومعراجا للمؤمن .. ولعل الأقرب إلى تحقيق روح الصلاة ، هو الاهتمام بتحقيق الطهارة ( الداخلية ) في جميع أبعاد الوجود ، بل هجران الرجز لا تركه فحسب لقوله تعالى :
{ والرجز فاهجر } ..
فالهجران نوع قطيعة مترتبة على بغض المهجور المنافر لطبع المقاطع له ..
فالمتدنس ( بباطنه ) لا يستحق مواجهة الحق وان تطهّر بظاهره ، حيث أن المتدنس - جهلا وقصورا - لا يؤذن له باللقاء وان اُعذر في فعله ..
كما أن المتدنس ( بظاهره ) لا يؤذن له بمواجهة السلطان ، وإن كان جاهلا بقذارته .

13 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-14-2010 05:21 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ الصورة الذهنية الكاذبة ]
------------------------------------

إن ما يدفع الإنسان نحو الملذات واقتناء أنواع المتاع ، هو الصورة ( الذهنية ) المضخمة - التي لا تطابق الواقع غالبا - لتلك اللـذة ..
والسر في ذلك كما يذكر القرآن الكريم ، هو تزيين الشيطان ما في الأرض للإنسان بحيث لايرى الأشياء كما هي ، ومن هنا أمرنا بالدعاء قائلين :
{ اللهم أرنا الأشياء كما هي } ..
ولطالما يصاب صاحبها بخيبة أمل شديدة عندما يصل إلى لذته ، فلا يجد فيها تلك الحلاوة الموهومة ، وبالتالي لا يجد ما يبرر شوقه السابق ، كالأحلام الكاذبة التي يراها الشاب قبل زواجه ..
ويكون ( تكرّر ) هذا الإحباط مدعاة ( للملل ) من الدنيا وما فيها ..
وهذا هو السر في استحداث أهل الهوى وسائل غريبة للاستمتاع يصل إلى حد الجنون !..
أما النفوس المطمئنة - بحقيقة فناء اللذات وعدم مطابقة الواقعية منها لما تخيلها صاحبها ، بل وجود لذائذ أخري ما وراء الحس لا تقاس بلذائذ عالم الحس - ففي غنى عن تجارب المعاناة والإحباط ، لاكتشافهم الجديد الباقي حتى في عالم اللذات ، إذ :
أن كل نعيم دون الجنة مملول .

14 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-15-2010 05:22 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ الخسارة الدائمة ]
------------------------------------

إن الإنسان يعيش حالة خسارة دائمة ، إذ أن كل نَفَس من أنفاسه ( قطعة ) من عمره ، فلو لم يتحول إلى شحنة طاعة ، لذهب ( سدىً ) بل أورث حسرة وندامة ..
ولو عاش العبد حقيقة هذه الخسارة لانتابته حالة من الدهشة القاتلة !..
فكيف يرضى العبد أن يهدر في كل آن ، ما به يمكن أن يكتسب الخلود في مقعد صدق عند مليك مقتدر ؟!..
وقد ورد في الحديث :
{ خسر من ذهبت حياته وعمره ، فيما يباعده من الله عز وجل } ..
والملفت حقا في هذا المجال أن كل آن من آناء عمره ، حصيلة تفاعلات كبرى في عالم الأنفس والآفاق ، إذ أن هذا النظم المتقن في كل عوالم الوجود - كقوانين السلامة في البدن و تعادل التجاذب في الكون - هو الذي أفرز السلامة والعافية للعبد كي يعمل ، فما العذر بعد ذلك ؟!..
وإيقاف الخسارة في أية مرحلة من العمر - ربح في حد نفسه - لا ينبغي تفويته ، فلا ينبغي
( التقاعس ) بدعوى فوات الأوان ، ومجمل القول :
إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما .


15 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-16-2010 03:26 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ أدنى الحظوظ وأعلاها ]
------------------------------------


لكل من القلب والعقل والبدن حظّه من العبادة ، نظرا لتفاعله الخاص به ، فللأول ( المشاعر ) ، وللثاني ( الإدراك ) ، وللثالث ( الحركة ) الخارجية ..
وأدنى الحظوظ إنما هو للبدن ، لأنها أبعد الأقمار عن شمس الحقيقة الإنسانية ..وقد انعكس الأمر عند عامة الخلق ، فصرفوا جُلّ اهتمامهم في العبادة إلى حظ البدن ، وصل بهم إلى حد الوسوسة المخرجة لهم عن روح العبادة التي أرادها المولى منهم ، مهملين بذلك أمر اللطيفة الربانية المودعة فيهم ..ومن هنا لا نجد لعباداتهم كثير أثر يذكر غير الإجراء وعدم لزوم القضاء ..
ومن المعلوم أن هذا الأُنس الظاهري بالعبادة ، متأثر بطبيعة النفس التي تتعامل مع الحقائق من خلال مظاهرها المادية ، وليست لها القدرة - من دون مجاهدة - على شهود الحقائق بواقعيتها ، ومن هنا عُلم منـزلة إبراهيم الخليل (عليهِ السلام ) الذي أراه الحق ملكوت السماوات والأرض .


16 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-17-2010 05:15 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ مخالفة النفس فيما تهوى ]
------------------------------------



إن مخالفة النفس فيما تهوى وتكره لمن أهم أسس التزكية ، وخاصة عند ( إصرار ) النفس على رغبة جامحة في مأكل ، أو ملبس ، أو غير ذلك ..
فان الوقوف أمام النفس - ولو في بعض الحالات - ضروري لتعويد النفس على التنازل عن هواها لحكم العقل ، ولإشعارها أن للعقل دوره الفعّال في إدارة شؤون النفس ، بتنصيب من المولى الذي جعل العقل رسولاً باطنياً ، وقد روي عن أمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) أنه قال :
{ إذا صعبت عليك نفسك ، فاصعب لها تذلّ لك } ..
ومن الملحوظ إحساس العبد ( بهالة ) من السمو والعزة ، عند مخالفة شهوة من الشهوات ، وهذه الحالة جائزة معجلة في الدنيا قبل الآخرة ، إذ يجد حلاوة الإيمان في قلبه ..هذه الحلاوة تجبر حرمان النفس من الشهوة العاجلة ، بل يصل الأمر إلى أن يعيش الإنسان حالة التلذذ في ترك اللذائذ ، لما فيها من السمو والتعالي عن مقتضيات الطبع ، بل يصل الأمر عند - الكمّلين - إلى مرحلة يتلذذون فيها ( برضا ) الحق عنهم حين تلذذهم بالمباحات ، أكثر من تلذذهم ( باللذة ) نفسها ..
فمثلا يرون أن لذة رضا المولى على عبده بالزواج ، ألذ لديهم من عملية المعاشرة نفسها ، وهذا معنىً لا يوفق له إلا ذو حظ عظيم .


17 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-18-2010 06:44 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ التجلي في الآفاق والأنفس ]
------------------------------------


لقد تجلّى الحق في عالم ( الآفاق ) ،
فأوجد هذا النظام المتقن الذي أذهل أرباب العقول على مر العصور ..
فكيف إذا أراد الحق أن يتجلى لعبده في عالم ( الأنفس ) فيمن أراد سياسته وتقويمه ؟!..
ولئن كانت العجائب لا تعد في عالم الآفاق ، فان العجائب لا تدرك في عالم الأنفس!!..
ولا عجب في ذلك ، فإن المبدع في عالم الآفاق هو بنفسه المبدع في عالم الأنفس ،
بل اكثر تجليـّا فيها ، لأنها ( عرش ) تجليه الأعظم ..
فالمهم في العبد أن يعّرض نفسه لهذه النفحات ، حتى يصل إلى مرحلة :
{ عبدي أطعني تكن مَثَلي ، أقول للشيء كن فيكون ، وتقول للشيء كن فيكون } .


18 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-19-2010 03:54 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ المال آلة اللذائذ ]
------------------------------------

إن المال آلة لكسب اللذائذ ، فالذي لا تأسره لذائد المادة ، لا يجد في نفسه مبررا للحرص والولع في جمعه ، كما هو الغالب على أهل اللذائذ ، لأن لذائذهم لا تشترى إلا بالمال كلذة البطن والفرج ، وهو المتعالي عن تلك اللذائذ ..
وبهذا ( التعالي ) النفسي يكون قد خرج من أسر عظيم وقع فيه أهل الدنيا ..
وأما الذي ( ترقّى ) عن عالم اللذائذ الحسية ، فإن له شغل شاغل عن جمع المال بل عن الالتفات إليه ، إذ أن من لا تغريه اللذة ، لا تغريه مادتها أي ( المال )..
وهذه هي المرحلة التي لا يجد فيها العبد كثير معاناة في دفع شهوة المال عن نفسه ، إذ :
اللذائذ أسيرة له ، لا هو أسير لهـا .

19 / 9 / 2010

حميد درويش عطية 09-20-2010 07:11 AM

بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
[ اللقاء في الأسحار ]
------------------------------------
إن القيام في الأسحار بمثابة لقاء المولى مع خواص عبيده ، ولهذا لا ( تتسنى ) هذه الدعوة إلا لمن نظر إليه المولى بعين
( اللطف ) والرضا ..
ومن المعلوم أن نفس قيام الليل - مع قطع النظر عن حالة الإقبال - مكسب عظيم ، لما فيه من الخروج على سلطان النوم القاهر، فكيف إذا اقترن ذلك بحالة الالتجاء والتضرّع ؟!..
ومن هنا جعل المولى جل ذكره ( ابتعاث ) النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) المقام المحمود مرتبطا بتهجده في الأسحار ، رغم حيازته للملكات العظيمة الأخرى ..
ويمكن القول - باطمئنان - أن قيام الليل هو القاسم المشترك بين جميع الأولياء والصلحاء ، الذين يشتد شوقهم إلى الليل ترقّباً للذائذ الأسحار ..
{ الوصول إلى الله ، سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل }


20 / 9 / 2010


الساعة الآن 02:54 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team