منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   منبر الحوارات الثقافية العامة (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   ll~ شَخصِيّات وقصَص قُرآنِيَّـة ~ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=11097)

أمل محمد 05-03-2013 02:45 PM

41- قصة تحول المعتدين في يوم السبت لقردة



** افترض الله تعالى على بني إسرائيل يوم الجمعة ليعظموه فخالفوا إلى السبت فعظموه وتركوا ما أمروا به , فلما أبوا إلا لزوم السبت ابتلاهم الله فيه فحرم عليهم ما أحل لهم في غيره وكانوا في قرية بين آيلة والطور يقال لها مدين فحرم الله عليهم في يوم السبت صيد الحيتان(الأسماك) وأكلها , وكانوا إذا كان يوم السبت أقبلت إليهم شرعا إلى ساحل بحرهم حتى إذا ذهب السبت ذهبن فلم يروا حوتا صغيرا ولا كبيرا حتى إذا كان يوم السبت أتين سرا حتى إذا ذهب السبت ذهبت الحيتان فكانوا كذلك حتى طال عليهم الأمد فعمد رجل منهم فاخذ حوتا سرا يوم السبت فحزمه بخيط ثم أرسله في الماء و أوتد له وتدا في الساحل فأوثقه ثم تركه حتى إذا كان الغد جاء فأخذه فانطلق به فأكله حتى إذا كان يوم السبت الآخر عاد لمثل ذلك ووجد الناس ريح الحيتان فقال أهل القرية والله لقد وجدنا ريح الحيتان ثم عثروا على صنيع ذلك الرجل قال ففعلوا كما فعل وصنعوا سرا زمانا طويلا لم يعجل الله عليهم العقوبة حتى صادوها علانية وباعوها في الأسواق فقالت طائفة منهم من أهل البقية ويحكم اتقوا الله ونهوهم عما كانوا يصنعون فقالت طائفة أخرى لم تأكل الحيتان ولم تنه القوم عما صنعوا(لم تعظون قوما الله مهلكم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم) بسخطنا أعمالهم (ولعلهم يتقون) , فبينما هم على ذلك أصبحت تلك البقية في أنديتهم ومساجدهم فقدوا الناس فلم يروهم قال فقال بعضهم لبعض إن للناس شأنا فانظروا ما هو فذهبوا ينظرون في دورهم فوجدوها مغلقة عليهم قد دخلوها ليلا فغلقوها على أنفسهم كما يغلق الناس على أنفسهم فأصبحوا فيها قردة وإنهم ليعرفون الرجل بعينه وإنه لقرد والمرأة بعينها وإنها لقردة والصبي بعينه وإنه لقرد - قال بن عباس- فلولا ما ذكر الله أنه نجى الذين نهوا عن السوء لقد أهلك الله الجميع منهم .



تفسير ابن كثير


قال تعالى :
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ{65}البقرة

أمل محمد 05-03-2013 02:45 PM

42- قصة بقرة بني إسرائيل




** حدثت حادثة قتل في بني إسرائيل ولم يُعرف من القاتل , وتنازع اليهود بشأن هذه النفس التي قتلت , كلٌّ يدفع عن نفسه تهمة القتل فأمر الله تعالى موسى عليه السلام أن يخبر قومه بذبح بقرة , ولكن بنو إسرائيل المعروفين بتعنتهم وجدالهم قالوا لموسى عليه السلام -مستكبرين- : أتجعلنا موضعًا للسخرية والاستخفاف؟ فردَّ عليهم موسى بقوله: أستجير بالله أن أكون من المستهزئين. قالوا: ادع لنا ربَّك يوضح لنا صفة هذه البقرة, فأجابهم: إن الله يقول لكم: صفتها ألا تكون مسنَّة هَرِمة, ولا صغيرة فَتِيَّة, وإنما هي متوسطة بينهما, فسارِعوا إلى امتثال أمر ربكم. فعادوا إلى جدالهم قائلين: ادع لنا ربك يوضح لنا لونها. قال: إنه يقول: إنها بقرة صفراء شديدة الصُّفْرة, تَسُرُّ مَن ينظر إليها. قال بنو إسرائيل لموسى: ادع لنا ربك يوضح لنا صفات أخرى غير ما سبق; لأن البقر -بهذه الصفات- كثير فاشْتَبَهَ علينا ماذا نختار؟ وإننا -إن شاء الله- لمهتدون إلى البقرة المأمور بذبحها. قال لهم موسى: إن الله يقول: إنها بقرة غير مذللة للعمل في حراثة الأرض للزراعة, وغير معدة للسقي من الساقية, وخالية من العيوب جميعها, وليس فيها علامة من لون غير لون جلدها. قالوا: الآن جئت بحقيقة وصف البقرة, فاضطروا إلى ذبحها بعد طول المراوغة, وقد قاربوا ألا يفعلوا ذلك لعنادهم. وهكذا
شددوا فشدَّد الله عليهم. فقلنا: اضربوا القتيل بجزء من هذه البقرة المذبوحة, فإن الله سيبعثه حيًا ويخبركم عن قاتله. فضربوه ببعضها فأحياه الله وأخبر بقاتله. كذلك يُحيي الله الموتى يوم القيامة, ويريكم- يا بني إسرائيل- معجزاته الدالة على كمال قدرته تعالى; لكي تتفكروا بعقولكم, فتمتنعوا عن معاصيه.



التفسير الميسر


قال الله تعالى:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا
هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ{67} قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ{68} قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ{69} قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ{70} قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ{71}البقرة.



أمل محمد 05-03-2013 02:46 PM

43- قصة بطر بني إسرائيل للطعام الشهي




** أنزل الله تعالى على بني إسرائيل وهم في التيه لمدة أربعين عاما , المن وهو سائل مثل العسل والسلوى وهو طائر السماني , ولكنهم بطروا النعمة كعادتهم , وأصابهم الضيق والملل, فقالوا : يا موسى لن نصبر على طعام ثابت لا يتغير مع الأيام, فادع لنا ربك يخرج لنا من نبات الأرض طعامًا من البقول والخُضَر, والقثاء والحبوب التي تؤكل, والعدس, والبصل . فقال موسى مستنكرًا عليهم : أتطلبون هذه الأطعمة التي هي أقل قدرًا, وتتركون هذا الرزق النافع الذي اختاره الله لكم؟ اهبطوا من هذه البادية إلى أي مدينة, تجدوا ما اشتهيتم كثيرًا في الحقول والأسواق. ولما هبطوا تبيَّن لهم أنهم يُقَدِّمون اختيارهم -في كل موطن- على اختيار الله, ويُؤْثِرون شهواتهم على ما اختاره الله لهم; لذلك لزمتهم صِفَةُ الذل وفقر النفوس, وانصرفوا ورجعوا بغضب من الله; لإعراضهم عن دين الله, ولأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين ظلمًا وعدوانًا; وذلك بسبب عصيانهم وتجاوزهم حدود ربهم.



التفسير الميسر


قال تعالى :
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ{61}البقرة


أمل محمد 05-03-2013 02:47 PM

44- قصة رفع جبل الطور فوق رؤوس بني إسرائيل




** لما رجع موسى من عند ربه بالألواح قال لقومه إن هذه الألواح فيها كتاب الله وأمره الذي أمركم به ونهيه الذي نهاكم عنه فقالوا ومن يأخذه بقولك أنت , لا والله حتى نرى الله جهرة حتى يطلع الله علينا فيقول هذا كتابي فخذوه فما له لا يكلمنا كما كلمك أنت يا موسى فيقول هذا كتابي فخذوه , فجاءت غضبة من الله فجاءتهم صاعقة فصعقتهم فماتوا أجمعون ثم أحياهم الله بعد موتهم فقال لهم موسى خذوا كتاب الله فقالوا لا قال أي شيء أصابكم قالوا متنا ثم حيينا قال خذوا كتاب الله قالوا لا , فبعث ملائكته فنتقت الجبل فوقهم فقيل لهم أتعرفون هذا قالوا نعم هذا الطور قال خذوا الكتاب وإلا طرحناه عليكم قال فأخذوه بالميثاق.



تفسير الطبري


قال تعالى :
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{63}البقرة


أمل محمد 05-03-2013 02:48 PM

45- قصة دخول بني إسرائيل لبيت المقدس على أستاهم



** أمر الله تعالى بني إسرائيل بدخول مدينة (بيت المقدس) بعد أن استمروا في التيه أربعون سنة, وأمرهم أن يأكلوا من طيباتها في أي مكان منها أكلا هنيئًا , وأمرهم أن يكونوا في دخولكم للمدينة خاضعين لله ذليلين له ويقولوا : ربَّنا ضَعْ عنَّا ذنوبنا , ولكن بني إسرائيل لم يعملوا بما أمرهم الله فبدلوا قول الله , وحرَّفوا القول والفعل جميعًا , إذ دخلوا يزحفون على أستاهم وهم يقولون: حبة في شعرة , واستهزءوا بدين الله . فأنزل الله عليهم عذابًا من السماء وهو الطاعون , بسبب
تمردهم وخروجهم عن طاعة الله.



التفسير الميسر


قال الله تعالى:
وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ{58} فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ{59}البقرة


أمل محمد 05-03-2013 02:49 PM

46- قصة موسى عليه السلام مع الخضر




** عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم قال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك قال موسى يا رب وكيف لي به قال تأخذ معك حوتا فتجعله بمكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم فأخذ حوتا فجعله بمكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون عليه السلام حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما وأضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فأتخذ سبيله في البحر سربا وأمسك الله عن الحوت جريه الماء فصار عليه مثل الطاق فلما أستيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به قال له فتاه :أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره وأتخذ سبيله في البحر عجبا.قال فكان للحوت سربا ولموسى وفتاه عجبا فقال ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا قال فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى فقال الخضر وأني بأرضك السلام فقال أنا موسى فقال موسى بني إسرائيل قال نعم قال أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا .
قال له الخَضِر: إنك -يا موسى- لن تطيق أن تصبر على إتباعي وملازمتي. وكيف لك الصبر على ما سأفعله من أمور تخفى عليك مما علمنيه الله تعالى؟قال له موسى: ستجدني إن شاء الله صابرًا على ما أراه منك، ولا أخالف لك أمرًا تأمرني به. فوافق الخَضِر وقال له: فإنْ صاحَبتني فلا تسألني عن شيء تنكره، حتى أبيِّن لك من أمره ما خفي عليك دون سؤال منك. فانطلقا يمشيان على الساحل، فمرت بهما سفينة، فطلبا من أهلها أن يركبا معهم، فلما ركبا قَلَعَ الخَضِر لوحًا من السفينة فخرقها، فقال له موسى: أَخَرَقْتَ السفينة؛ لتُغرِق أهلَها، وقد حملونا بغير أجر؟ لقد فعلت أمرًا منكرًا. قال له الخَضِر: لقد قلت لك من أول الأمر: إنك لن تستطيع الصبر على صحبتي. قال موسى معتذرًا: لا تؤاخذني بنسياني شرطك عليَّ، ولا تكلفني مشقةً في تعلُّمي منك، و عاملني بيسر ورفق. فقبل الخَضِر عذره، ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصرا غلامًا يلعب مع الغلمان، فقتله الخَضِر، فأنكر موسى عليه وقال: كيف قتلت نفسًا طاهرة لم تبلغ حدَّ التكليف، ولم تقتل نفسًا، حتى تستحق القتل بها؟ لقد فَعَلْتَ أمرًا منكرًا عظيمًا. قال الخَضِر لموسى معاتبًا ومذكرًا: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا على ما ترى من أفعالي مما لم تحط به خُبْرًا؟قال موسى له: إن سألتك عن شيء بعد هذه المرة فاتركني ولا تصاحبني، قد بلغتَ العذر في شأني ولم تقصر؛ حيث أخبرتَني أني لن أستطيع معك صبرًا. فذهب موسى والخَضِر حتى أتيا أهل قرية، فطلبا منهم طعامًا على سبيل الضيافة، فامتنع أهل القرية عن ضيافتهما، فوجدا فيها حائطًا مائلا يوشك أن يسقط، فعدَّل الخَضِر مَيْلَه حتى صار مستويًا، قال له موسى: لو شئت لأخذت على هذا العمل أجرًا تصرفه في تحصيل طعامنا حيث لم يضيفونا. قال الخَضِر لموسى: هذا وقت الفراق بيني وبينك، سأخبرك بما أنكرت عليَّ من أفعالي التي فعلتها، والتي لم تستطع صبرًا على ترك السؤال عنها والإنكار عليَّ فيها. أما السفينة التي خرقتها فإنها كانت لأناس مساكين يعملون في البحر عليها سعيًا وراء الرزق، فأردت أن أعيبها بذلك الخرق؛ لأن أمامهم ملكًا يأخذ كل سفينة صالحة غصبًا من أصحابها. وأما الغلام الذي قتلته فكان في علم الله كافرًا، وكان أبوه وأمه مؤمِنَيْن، فخشينا لو بقي الغلام حيًا لَحمل والديه على الكفر والطغيان؛ لأجل محبتهما إياه أو للحاجة إليه. فأردنا أن يُبْدِل الله أبويه بمن هو خير منه صلاحًا ودينًا وبرًا بهما. وأما الحائط الذي عدَّلتُ مَيْلَه حتى استوى فإنه كان لغلامين يتيمين في القرية التي فيها الجدار، وكان تحته كنز لهما من الذهب والفضة، وكان أبوهما رجلا صالحًا، فأراد ربك أن يكبَرا ويبلغا قوتهما، ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك بهما، وما فعلتُ يا موسى جميع الذي رأيتَني فعلتُه عن أمري ومن تلقاء نفسي، وإنما فعلته عن أمر الله، ذلك الذي بَيَّنْتُ لك أسبابه هو عاقبة الأمور التي لم تستطع صبرًا على ترك السؤال عنها والإنكار عليَّ فيها.



التفسير الميسر وتفسير ابن كثير



قال تعالى :
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً{60} فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً{61} فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً{62} قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً{63} قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً{64} فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً{65} قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً{66} قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً{67} وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً{68} قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً{69} قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً{70} فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً{71} قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً{72} قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً{73} فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً{74} قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً{75} قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً{76} فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً{77} قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً{78} أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً{79} وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً{80} فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً{81} وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً{82}الكهف


أمل محمد 05-03-2013 02:49 PM

47- قصة الحوت الذي ابتلع نبي الله تعالى




** هي قصة يونس بن متى عليه السلام الذي بعثه الله تعالى إلى أهل
قرية نينوى وهي قرية من أرض الموصل بالعراق فدعاهم إلى الله تعالى فأبوا عليه وتمادوا على كفرهم فخرج من بين أظهرهم مغاضبا لهم ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث فلما تحققوا منه ذلك وعلموا أن النبي لا يكذب خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم وفرقوا بين الأمهات وأولادها ثم تضرعوا إلى الله عز وجل وجأروا إليه ورغت الإبل و فصلانها وخارت البقر وأولادها وثغت الغنم وسخالها فرفع الله عنهم العذاب , وأما يونس عليه السلام فإنه ذهب فركب مع قوم في سفينة فلججت بهم وخافوا أن يغرقوا فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه فوقعت القرعة على يونس فأبوا أن يلقوه ثم أعادوها فوقعت عليه أيضا فأبوا ثم أعادوها فوقعت عليه أيضا فقام يونس عليه السلام وتجرد من ثيابه ثم ألقى نفسه في البحر وقد أرسل الله سبحانه من البحر الأخضر فيما قاله بن مسعود حوتا يشق البحار حتى جاء فالتقم يونس حين ألقى نفسه من السفينة فأوحى الله إلى ذلك الحوت أن لا تأكل له لحما ولا تهشم له عظما فإن يونس ليس لك رزقا وإنما بطنك تكون له سجنا . وذلك أنه ذهب به الحوت في البحار يشقها حتى انتهى به إلى قرار البحر فسمع يونس تسبيح الحصى في قراره فعند ذلك وهنالك قال : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة قال ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر قالوا العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح قال نعم قال فشفعوا له عند ذلك فأمر الحوت فقذفه في الساحل وهو سقيم ثم أنبت الله تعالى عليه شجرة من يقطين وهو القرع تظلله.




قال تعالى :


وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ{87} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ{88}الأنبياء
قال تعالى :
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ{139} إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ{140} فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ{141} فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ{142} فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ{143} لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{144} فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ{145} وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ{146} الصافات
قال تعالى :
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ{48} لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ{49}القلم


أمل محمد 05-03-2013 02:52 PM

48- قصة أيوب عليه السلام




** أيوب عليه السلام أحد الأغنياء من الأنبياء , وإنما ابتلي بذهاب ماله وموت أولاده وعظيم الداء في جسده فصبر على ابتلاء الله له, و مكث في بلواه ثمانية عشرة سنة أو أقل و تساقط لحمه حتى لم يبق إلا العظم والعصب فكانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته فلما طال عليها قالت يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك , فقال لها قد عشت سبعين سنة صحيحا فهل قليل لله أن أصبر له سبعين سنة فجزعت من هذا الكلام وكانت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب عليه السلام , ثم إن الناس لم يكونوا يستخدمونها لعلمهم أنها امرأة أيوب خوفا أن ينالهم من بلائه أو تعديهم بمخالطته فلما لم تجد أحدا يستخدمها عمدت فباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير فأتت به أيوب فقال من أين لك هذا وأنكره فقالت خدمت به أناسا فلما كان الغد لم تجد أحدا فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضا وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام فكشفت عن رأسها خمارها فلما رأى رأسها محلوقا أقسم ليضربنَّها مائة جلدة إذا شفاه الله،وكان لأيوب إخوان فجاءا يوما فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه فقاما من بعيد فقال احدهما لصاحبه لو كان الله علم من أيوب خيرا ما ابتلاه بهذا فجزع أيوب من قولهما جزعا لم يجزع من شيء قط قال اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعانا وأنا أعلم مكان جائع فصدقني فصدق من السماء وهما يسمعان ثم قال اللهم إن كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط وأنا أعلم مكان عار فصدقني فصدق من السماء وهما يسمعان ثم قال اللهم بعزتك وخر ساجدا فقال اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبدا حتى تكشف عني فما رفع رأسه حتى كشف عنه , ثم إنه دعا الله تعالى وقال في دعائه(أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) , فأوحى الله تعالى إليه أن اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فاغتسل فأعاد الله لحمه وشعره وبشره على أحسن ما كان ثم شرب فأذهب الله كل ما كان في جوفه من ألم أو ضعف وأنزل الله عليه ثوبين من السماء أبيضين فائتزر بأحدهما وارتدى بالآخر ثم أقبل يمشي إلى منزله وراث على امرأته فأقبلت حتى لقيته وهي لا تعرفه فسلمت عليه وقالت أي يرحمك الله هل رأيت هذا الرجل المبتلى قال من هو قالت نبي الله أيوب أما والله ما رأيت أحدا قط أشبه به منك إذ كان صحيحا . فلما عوفي أراد أن يوفي بوعده في أن يضرب امرأته , فأمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ فضربها ضربة واحدة , ورد الله على امرأته شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ولدا ذكرا , وكان لأيوب عليه السلام اندران أحدهما للقمح والآخر للشعير فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض, فأكرمه الله تعالى برجوع ولده وماله وصحته فسبحان الله رب العالمين. تفسير القرطبي- فتح الباري-البداية والنهاية
قال تعالى :
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ{41} ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ{42} وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ{43} وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ{44} ص


أمل محمد 05-03-2013 02:52 PM

49- قصة أهل الأحقاف




** أنذر نبيَّ الله هود قومه أن يحل بهم عقاب الله , وهم في منازلهم
المعروفة بـ (الأحقاف), وهي الرمال الكثيرة جنوب الجزيرة العربية, وقد أنذر هود عليه السلام قومه بأن لا يشركوا مع الله شيئًا في عبادتهم له تعالى, فقالوا: أجئتنا بدعوتك ؛ لتصرفنا عن عبادة آلهتنا؟ فأتنا بما تعدنا به من العذاب, إن كنت من أهل الصدق في قولك ووعدك. قال هود عليه السلام: إنما العلم بوقت مجيء ما وُعدتم به من العذاب عند الله, وإنما أنا رسول الله إليكم, أبلغكم عنه ما أرسلني به, ولكني أراكم قومًا تجهلون في استعجالكم العذاب, وجرأتكم على الله. فلما رأوا العذاب الذي استعجلوه عارضًا في السماء متجهًا إلى أوديتهم قالوا: هذا سحاب ممطر لنا, فقال لهم هود عليه السلام: ليس هو بعارض غيث ورحمة كما ظننتم, بل هو عارض العذاب الذي استعجلتموه, فهو ريح فيها عذاب مؤلم موجع. تدمِّر كل شيء تمر به مما أُرسلت بهلاكه بأمر ربها ومشيئته, فأصبحوا لا يُرى في بلادهم شيء إلا مساكنهم التي كانوا يسكنونها, وبمثل هذا الجزاء يجزي الله تعالى القوم المجرمين بسبب جرمهم وطغيانهم.



التفسير الميسر


قال تعالى :
وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ{21} قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ{22} قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ{23} فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ{24} تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ{25}الأحقاف


أمل محمد 05-03-2013 02:53 PM

50- قصة يوسف عليه السلام في السجن




** عندما رأى عزيز مصر الأدلة على براءة يوسف وعفته, فعمدوا إلى أن يسجنوه إلى زمن يطول أو يقصر; منعًا للفضيحة. ودخل السجن مع يوسف فَتَيان, قال أحدهما: إني رأيت في المنام أني أعصر عنبًا ليصير خمرًا, وقال الآخر: إني رأيت أني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه, أخبرنا -يا يوسف -بتفسير ما رأينا, إنا نراك من الذين يحسنون في عبادتهم لله, ومعاملتهم لخلقه. قال لهما يوسف: لا يأتيكما طعام ترزقانه في حال من الأحوال إلا أخبرتكما بتفسيره قبل أن يأتيكما, ذلكما التعبير الذي سأعبِّره لكما مما علَّمني ربي; إني آمنت به, وابتعدت عن دين قوم لا يؤمنون بالله, وهم بالبعث والحساب جاحدون. واتبعت دين آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب فعبدت الله وحده, ما كان لنا أن نجعل لله شريكًا في عبادته, ذلك التوحيد بإفراد الله بالعبادة, مما تفضل الله به علينا وعلى الناس, ولكن أكثر الناس لا يشكرون الله على نعمة التوحيد والإيمان.
وفسر لهما الرؤيا وقال لهما : أما الذي رأى أنه يعصر العنب في رؤياه فإنه يخرج من السجن ويكون ساقي الخمر للملك, وأما الآخر الذي رأى أنه يحمل على رأسه خبزًا فإنه يُصْلب ويُتْرك, وتأكل الطير من رأسه. وقال يوسف للذي علم أنه ناجٍ من صاحبيه: اذكرني عند سيِّدك الملك وأخبره بأني مظلوم محبوس بلا ذنب, فأنسى الشيطان ذلك الرجل أن يذكر للملك حال يوسف , فمكث يوسف بعد ذلك في السجن عدة سنوات.



التفسير الميسر


قال تعالى :
ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ{35} وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ{36} قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ{37} وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ{38} يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ{39} مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ{40} يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ{41} وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ
فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ{42}يوسف


أمل محمد 05-03-2013 02:54 PM

51- قصة البقرات في رؤية ملك مصر


** رأى ملك مصر في عهد يوسف عليه السلام رؤية وهو نائم , فقد رأى سبع بقرات سمان, يأكلهن سبع بقرات نحيلات من الـهُزال, ورأى سبع سنبلات خضر, وسبع سنبلات يابسات ,فقال له أعوانه المقربون منه: رؤياك هذه أخلاط أحلام لا تأويل لها, وما نحن بتفسير الأحلام بعالمين.ولكن عندما سمع هذه الرؤية ساقي الملك الذي كان مسجوناً مع يوسف عليه السلام وعرف عن يوسف أنه يؤول الأحلام - وهو الذي فسر له حلمه وخرج من السجن - قال لهم : أنا أخبركم بتأويل هذه الرؤيا فابعثوني إلى يوسف – وكان مازال مسجوناً - لآتيكم بتفسيرها. وعندما وصل الرجل إلى يوسف قال له: يوسف أيها الصديق فسِّر لنا رؤيا مَن رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات هزيلات, ورأى سبع سنبلات خضر وأخر يابسات; لعلي أرجع إلى الملك وأصحابه فأخبرهم; ليعلموا تأويل ما سألتك عنه, وليعلموا مكانتك وفضلك. قال يوسف لسائله عن رؤيا الملك: تفسير هذه الرؤيا أنكم تزرعون سبع سنين متتابعة جادِّين ليَكْثُر العطاء, فما حصدتم منه في كل مرة فادَّخِروه, واتركوه في سنبله; ليتمَّ حفظه من التسوُّس, وليكون أبقى, إلا قليلا مما تأكلونه من الحبوب. ثم يأتي بعد هذه السنين الخِصْبة سبع سنين شديدة الجَدْب, يأكل أهلها كل ما ادَّخرتم لهن من قبل, إلا قليلا مما تحفظونه وتدَّخرونه ليكون بذورًا للزراعة. ثم يأتي من بعد هذه السنين المجدبة عام يغاث فيه الناس بالمطر فيرفع الله تعالى عنهم الشدة, ويعصرون فيه الثمار من كثرة الخِصْب والنماء.



قال الله تعالى :


وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ
سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ{43} يوسف .


أمل محمد 05-03-2013 02:54 PM


52- قصة ناقة صالح عليه السلام





** وهم قبيلة مشهورة، يقال لهم ثمود وكانوا يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك وقد مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين.وكانوا بعد قوم عاد، وكانوا يعبدون الأصنام فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو عبد الله ورسوله: صالح عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد ولا يشركوا به شيئاً. فآمنت به طائفة منهم، وكفر جمهورهم، ونالوا منه بالمقال والفعال، وهموا بقتله، وقتلوا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
وقد ذكر المفسرون أن ثمود اجتمعوا يوماً في ناديهم، فجاءهم رسول الله صالح فدعاهم إلى الله، وذكرهم وحذرهم ووعظهم وأمرهم، فقالوا له: إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة - وأشاروا إلى صخرة هناك - ناقة، من صفتها كيت وكيت وذكروا أوصافاً سموها ونعتوها، وتعنتوا فيها، وأن تكون عشراء، طويلة، من صفتها كذا وكذا، فقال لهم النبي صالح عليه السلام: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم، على الوجه الذي طلبتم، أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني فيما أرسلت به؟ قالوا: نعم. فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك. ثم قام إلى مصلاه فصلى لله عز وجل ما قدر له، ثم دعا ربه عز وجل أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء، على الوجه المطلوب الذي طلبوا، أو على الصفة التي نعتوا , فلما عاينوها كذلك، رأوا أمراً عظيماً، ومنظراً هائلاً، وقدرة باهرة، ودليلاً قاطعاً، وبرهاناً ساطعاً، فآمن كثير منهم، واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم و جحدوا بهذه الآية المبهرة ، ولم يتبعوا الحق بسببها، أي أكثرهم، فاتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم، ترعى حيث شاءت من أرضهم، وترد الماء يوماً بعد يوم، وكانت إذا وردت الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، فكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم. ويقال أنهم كانوا يشربون من لبنها كفايتهم، ولهذا قال: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}.ولهذا قال تعالى: {إنا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ} أي اختبار لهم أيؤمنون بها أم يكفرون؟ والله أعلم بما يفعلون. {فَارْتَقِبْهُمْ} أي انتظر ما يكون من أمرهم {وَاصْطَبِرْ} على أذاهم فسيأتيك الخبر على جلية. {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ}.فلما طال عليهم هذا الحال اجتمع أمرهم واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة، ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم، وزين لهم الشّيْطان أعمالهم. قال الله تعالى: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الْمُرْسَلِينَ}.
وكان الذي تولى قتلها منهم رئيسهم: قدار بن جندع، وكانت امرأتين من ثمود اسم إحداهما "صدوقة" وكانت ذات حسب ومال، وكانت تحت رجل من أسلم ففارقته، فدعت ابن عم لها يقال له "مصرع" ، وعرضت عليه نفسها إن هو عقر الناقة. واسم الأخرى "عنيزة" ،وكانت عجوزاً كافرة، لها بنات من زوجها ذؤاب بن عمرو أحد الرؤساء، فعرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف، إن هو عقر الناقة فله أي بناتها شاء، فانتدب هذان الشابان لعقرها وسعوا في قومهم بذلك، فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة. وسعوا في بقية القبيلة وحسنوا لهم عقرها، فأجابوهم إلى ذلك وطاوعوهم في ذلك. فانطلقوا يرصدون الناقة، فلما صدرت من وردها كمن لها "مصرع" فرماها بسهم فانتظم عظم ساقها، وجاء النساء يذمرن القبيلة في قتلها، وحسرن عن وجوههن ترغيباً لهم في ذلك فابتدرهم قدار بن سالف، فشد عليها بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض. ورغت رغاة واحدة عظيمة تحذر ولدها، ثم طعن في لبتها فنحرها، وانطلق فصيلها فصعد جبلاً منيعاً ورغا ثلاثاً.
وقد خالفوا الله ورسوله في ارتكابهم النهي الأكيد في عقر الناقة التي جعلها الله لهم آية و استعجلوا وقوع العذاب بهم فاستحقوه ,و لما عقروا الناقة كان أول من سطا عليها قدار بن سالف، لعنه الله، فعرقبها فسقطت إلى الأرض، ثم ابتدروها بأسيافهم يقطعونها فلما عاين ذلك سقبها - وهو ولدها - شرد عنهم فعلا أعلى الجبل هناك، ورغا ثلاث مرات. فلهذا قال لهم صالح: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} أي غير يومهم ذلك، فلم يصدقوه أيضاً في هذا الوعد الأكيد، بل لما أمسوا هموا بقتله وأرادوا - فيما يزعمون - أن يلحقوه بالناقة. {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} أي لنكبسنه في داره مع أهله فلنقتلنه، ثم نجحدن قتله ولننكرن ذلك إن طالبنا أولياؤه بدمه، ولهذا قالوا: {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُون}.قال الله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُون، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.وذلك أن الله تعالى أرسل على أولئك النفر الذين قصدوا قتل صالح حجارة رضختهم فأهلكهم سلفاً وتعجيلاً قبل قومهم، وأصبحت ثمود يوم الخميس - وهو اليوم الأول من أيام النظرة - ووجوههم مصفرة، كما أنذرهم صالح عليه السلام. فلما أمسوا نادوا بأجمعهم: ألا قد مضى يوم من الأجل. ثم أصبحوا في اليوم الثاني من أيام التأجيل وهو يوم الجمعة - ووجوههم محمرة، فلما أمسوا نادوا: ألا قد مضى يومان من الأجل، ثم أصبحوا في اليوم الثالث من أيام المتاع - وهو يوم السبت - ووجوههم مسودة، فلما أمسوا نادوا: ألا قد مضى الأجل.فلما كان صبيحة يوم الأحد تحنطوا وتأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا يحل بهم من العذاب والنكال والنقمة، لا يدرون كيف يفعل بهم؟ ولا من أي جهة يأتيهم العذاب.فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم، ورجفة من أسفل منهم، ففاضت الأرواح وزهقت النفوس، وسكنت الحركات، وخشعت الأصوات، وحقت الحقائق فأصبحوا في دارهم جاثمين، جثثاً لا أرواح فيها ولا حراك بها. قالوا ولم يبق منهم أحد إلا جارية كانت مقعدة واسمها "كلبة" بنت السلق - ويقال لها الذريعة - وكانت شديدة الكفر والعداوة لصالح عليه السلام، فلما رأت العذاب أطلقت رجلاها، فقامت تسعى كأسرع شيء، فأتت حياً من العرب فأخبرتهم بما رأت وما حل بقومها واستسقتهم ماء، فلما شربت ماتت. وخاطب صالح عليه السلام، قومه بعد هلاكهم، وقد أخذ في الذهاب عن محلتهم إلى غيرها قائلاً لهم: {يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} أي: جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني، وحرصت على ذلك بقولي وفعلي ونيتي.{وَلَكِنْ لاَ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ}. أي: لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده، فلهذا صرتم إلى ما أنتم فيه من العذاب الأليم، المستمر بكم المتصل إلى الأبد، وليس لي فيكم حيلة، ولا لي بالدفع عنكم يدان. والذي وجب علي من أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلته، وبذلته لكم، ولكن الله يفعل ما يريد. ويقال أن صالحاً عليه السلام انتقل إلى حرم الله فأقام به حتى مات.





قال تعالى :


وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ
قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{73} وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ{74} قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ{75} قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ{76} فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ{77} فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ {78} فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي
وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ{79}الأعراف


أمل محمد 05-03-2013 02:56 PM

53- قصة لوط عليه السلام



** هو لوط بن هاران بن آزر وهو ابن أخي إبراهيم عليه السلام
وكان قد هاجر مع عمه إبراهيم عليه السلام إلى الشام فلما نزل إبراهيم عليه السلام أرض فلسطين بعثه الله إلى أرض سدوم وهي قرية من فلسطين , وكان الذكور من أهل هذه القرية يمارسون الفاحشة مع بعضهم البعض, فنهاهم لوط عليه السلام وعرض عليهم تزويج البنات والاكتفاء بهن عن إتيان الذكور لما فيه من نفور النفس وانقطاع النسل فأبوا عليه وكفروا به, وكان قوم لوط يمارسون بعض الأفعال التي كانت سبب في إهلاكهم ألا وهي : كانوا يأتون الرجال ويلعبون بالحمام ويضربون بالدفوف ويرمون بالجلاهق ويخذفون بالأصابع ويلبسون الحمرة ويصفقون بأيديهم ويصفرون بأفواههم ويشربون الخمر ويقصرون اللحى ويطولون الشوارب وروى غيره كانوا يضرطون في النادي وينزو بعضهم في وجه بعض ويمضغون العلك ومع ذلك يقطعون الطريق ويغصبون الناس ويستهزؤون بلوط , ولما بعث الله الملائكة إلى إبراهيم يبشرونه بإسحاق أخبروا بأنهم مأمورون بإهلاك قرى لوط, وكانت امرأة لوط تدل الناس على ضيفه وتخبرهم بمجيئهم فلما جاءت الرسل لوطا ذهبت العجوز تخبرهم , وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات , قال قتادة: لو كان فيهم واحد رشيد لما عذبوا فزلزل الله بهم الأرض وجعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود, مسومة أي أن كل حجر ينزل على صاحبه فيهلكه وأمر الله تعالى لوطا فلحق بإبراهيم مع ابنتيه رتبا ورعورا إلى أن قبضه الله تعالى .


البدء والتاريخ



قال تعالى :
وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ{80} إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ{81} وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ{82} فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ{83} وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ{84}الأعراف

أمل محمد 05-03-2013 02:57 PM

54- قصة الفارين من الطاعون




** كانوا أربعة آلاف خرجوا فرارا من الطاعون, وقالوا نأتي أرضا ليس بها موت حتى إذا كانوا بموضع كذا وكذا قال الله لهم( موتوا ) فماتوا فمر عليهم نبي من الأنبياء فدعا ربه أن يحييهم فأحياهم , وقد ذكر السلف أن هؤلاء القوم كانوا أهل بلدة في زمان بني إسرائيل استوخموا أرضهم وأصابهم بها وباء شديد فخرجوا فرارا من الموت هاربين إلى البرية فنزلوا واديا أفيح فملأوا مابين عدوتيه فأرسل الله إليهم ملكين أحدهما من أسفل الوادي والآخر من أعلاه فصاحا بهم صيحة واحدة فماتوا عن آخرهم موته رجل واحد فحيزوا إلى حظائر وبني عليهم جدران وفنوا وتمزقوا وتفرقوا فلما كان بعد دهر مر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له حزقيل فسأل الله أن يحييهم على يديه فأجابه إلى ذلك وأمره أن يقول أيتها العظام البالية إن الله يأمرك أن تجتمعي فاجتمع عظام كل جسد بعضها إلى بعض ثم أمره فنادى أيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسي لحما وعصبا وجلدا فكان ذلك وهو يشاهده ثم أمره فنادى أيتها الأرواح إن الله يأمرك أن ترجع كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره فقاموا أحياء ينظرون قد أحياهم الله بعد رقدتهم الطويلة وهم يقولون سبحانك لا إله إلا أنت وكان في إحيائهم عبرة ودليل قاطع على وقوع المعاد الجسماني يوم القيامة , وفي هذه القصة عبرة ودليل على أنه لن يغني حذر من قدر وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه فان هؤلاء خرجوا فرارا من الوباء طلبا لطول الحياة فعوملوا بنقيض قصدهم وجاءهم الموت سريعا في آن واحد .



تفسير ابن كثير



قال تعالى :
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ
يَشْكُرُونَ{243}البقرة


أمل محمد 05-03-2013 02:58 PM

55- قصة خراب بيت المقدس




** أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له أرميا حين ظهرت فيهم المعاصي: أن قم بين ظهراني قومك فأخبرهم أن لهم قلوباً ولا يفقهون، وأعيناً ولا يبصرون، وآذاناً ولا يسمعون، وإني تذكرت صلاح آبائهم، فعطفني ذلك على أبنائهم، فسلهم كيف وجدوا غِبَّ طاعتي ، وهل سعد أحد ممن عصاني بمعصيتي ، وهل شقي أحد ممن
أطاعني بطاعتي؟ فلما بلغهم أرميا رسالة ربهم وسمعوا ما فيها من الوعيد والعذاب عصوه وكذبوه واتهموه وقالوا: كذبت وأعظمت على الله الفرية فتزعم أن الله معطل أرضه ومساجده من كتابه وعبادته وتوحيده؟ فمن يعبده حين لا يبقى له في الأرض عابد ولا مسجد ولا كتاب؟! لقد أعظمت الفرية على الله واعتراك الجنون. فأخذوه وقيدوه وسجنوه، فعند ذلك بعث الله عليهم بختنصر فأقبل يسير بجنوده حتى نزل بساحتهم ثم حاصرهم فكان كما قال تعالى: {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} , فلما طال بهم الحصر نزلوا على حكمه ففتحوا الأبواب وتخللوا الأزقة , وحكم فيهم حكم الجاهلية وبطش الجبارين، فقتل منهم الثلث وسبى الثلث وترك الزمنى والشيوخ والعجائز، ثم وطئهم بالخيل وهدم بيت المقدس وساق الصبيان وأوقف النساء في الأسواق حاسرات، وقتل المقاتلة وخرب الحصون وهدم المساجد وحرق التوراة، وسأل عن دانيال الذي كان قد كتب له الكتاب فوجدوه قد مات وأخرج أهل بيته الكتاب إليه وكان فيهم دانيال بن حزقيل الأصغر وميشائيل وعزرائيل وميخائيل، فأمضى لهم ذلك الكتاب. وكان دانيال بن حزقيل خلفاً من دانيال الأكبر ودخل بختنصر بجنوده بيت المقدس ووطئ الشام كلها وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم، فلما فرغ منها انصرف راجعاً وحمل الأموال التي كانت بها وساق السبايا فبلغ معه عدة صبيانهم من أبناء الأحبار والملوك تسعين ألف غلام، وقذف الكناسات في بيت المقدس وذبح فيه الخنازير.



قصص الأنبياء لابن كثير


قال تعالى :
وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً{4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً{5} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً{6}الإسراء


أمل محمد 05-03-2013 02:59 PM

56- قصة موت إدريس عليه السلام وهو بالسماء الرابعة




** كان إدريس عليه السلام هو أول من خط بالقلم ، وقد أدرك من
حياة آدم ثلاثمائة سنة وثماني سنين. وقد قال طائفة من الناس أنه المشار إليه في حديث معاوية بن الحكم السلمي لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخط بالرمل فقال: إنه كان نبي يخط به فمن وافق خطه فذاك . وفي حديث الإسراء والمعراج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ به وهو في السماء الرابعة. وقد روى ابن جرير عن يونس عن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عبَّاس كعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة، فقال "له": إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك. فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}.



قصص الأنبياء لابن كثير


قال تعالى :
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً{56} وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً{57}مريم


أمل محمد 05-03-2013 02:59 PM

57- قصة هلاك قوم هود عليه السلام




** كان هود عليه السلام من قبيلة يقال لهم عاد وكانوا عرباً يسكنون
الأحقاف - وهي جبال الرمل - وكانت باليمن بين عمان وحضرموت، بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر، واسم واديهم مغيث , وكانوا كثيراً ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام، ويقال أن هوداً عليه السلام أول من تكلم بالعربية ، وكانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان. وكانت أصنامهم ثلاثة: صدا، وصمودا، وهرا , فبعث الله فيهم أخاهم هوداً عليه السلام فدعاهم إلى الله، وكانوا جفاة كافرين، عتاة متمردين في عبادة الأصنام، فكذبوه وخالفوه وتنقصوه، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
فلما أمرهم بعبادة الله ورغبهم في طاعته واستغفاره، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة , فقالوا له ما جئتنا بخارق يشهد لك بصدق ما جئت به، وما نحن بالذين نترك عبادة أصنامنا عن مجرد قولك؛ بلا دليل أقمته ولا برهان نصبته، وما نظن إلا أنك مجنون فيما تزعمه. وعندنا أنه إنما أصابك هذا لأن بعض آلهتنا غضب عليك فأصابك في عقلك فاعتراك جنون بسبب ذلك. فقال لهم {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ، مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنْظِرُونِي} وهذا تحد منه لهم، وتبرأ من آلهتهم وتنقص منه لها، وبيان أنها لا تنفع شيئاً ولا تضر، وأنها جماد حكمها حكمه وفعلها فعله , وإذ أبيتم قبول الحق وتماديتم في الباطل، وسواء عليكم أنهيتكم عما أنتم فيه أم لا، فانتظروا الآن عذاب الله الواقع بكم، وبأسه الذي لا يرد و نكاله الذي لا يصد. وكان هذا أول ما ابتدأهم العذاب، أنهم كانوا ممحلين مسنتين، فطلبوا السقيا فرأوا عارضاً في السماء وظنوه سقيا رحمة، فإذا هو سقيا عذاب. ولهذا قال تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} أي من وقوع العذاب وهو قولهم: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ} .فلما أبوا إلا الكفر بالله عز وجل، أمسك عنهم القطر ثلاث سنين، حتى جهدهم ذلك , وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان فطلبوا من الله الفرج منه إنما يطلبونه بحرمة ومكان بيته , وكان معروفاً عند أهل ذلك الزمان، و به العماليق مقيمون، وهم من سلالة عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، وكان سيدهم إذ ذاك رجلاً يقال إنه معاوية بن بكر، وكانت أمه من قوم عاد واسمها جلهدة ابنة الخيبري. قال: فبعث عاد وفداً قريباً من سبعين رجلاً ليستسقوا لهم عند الحرم، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة، فنزلوا عليه فأقاموا عنده شهراً، يشربون الخمر، وتغنيهم الجرادتان، قينتان لمعاوية وكانوا قد وصلوا إليه في شهر. فلما طال مقامهم عنده، وأخذته شفقة على قومه، واستحيا منهم أن يأمرهم بالانصراف - عمل شعراً يعرض لهم فيه بالانصراف، وأمر القينتين أن تغنيهم به , فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له، فنهضوا إلى الحرم ودعوا لقومهم، فدعا داعيهم وهو قيل بن عنز، فأنشأ الله سحابات ثلاثاً: بيضاء وحمراء وسوداء، ثم ناداه مناد من السماء: اختر لنفسك أو لقومك من هذا السحاب، فقال: اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء، فناداه مناد: اخترت رماد رمددا، لا تبقي من عاد أحداً، لا والداً يترك ولا ولداً إلا جعلته همداً إلا بني اللوذية الهمدا. قال وهم من بطن عاد كانوا مقيمين بمكة، فلم يصبهم ما أصاب قومهم. قال: ومن بقي من أنسابهم وأعقابهم هم عاد الآخرة , وساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عنز بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى تخرج عليهم من واد يقال له المغيث، فلما رأوها استبشروا، وقالوا هذا عارض ممطرنا، فيقول تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} أي تهلك كل شيء أمرت به. فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها "مهد" فلما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت. فلما أفاقت قالوا ما رأيت يا مهد؟ قالت رأيت ريحاً فيها شبه النار أمامها رجال يقودونها، فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً، والحسوم الدائمة؛ فلم تدع من عاد أحداً إلا هلك , واعتزل هود عليه السلام في حظيرة هو ومن معه من المؤمنين ، ما يصيبهم إلا ما تلين عليه الجلود، وتلذ الأنفس ، وإنها لتمر على عاد بالظعن فيما بين السماء والأرض، وتدمغهم بالحجارة.
قصص الأنبياء لابن كثير
قال تعالى :
وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ{50} يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ{51} وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ{52} قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ{53} إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ{54} مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ{55} إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{56} فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ{57} وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ{58} هود


أمل محمد 05-03-2013 03:01 PM

58- قصة طوفان نوح عليه السلام




** هو نوح عليه السلام وكان مولده بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة بعثه الله تعالى لما عبدت الأصنام والطواغيت، وشرع الناس في الضلالة والكفر، فبعثه الله رحمة للعباد فكان أول رسول بعث إلى أهل الأرض، كما يقول أهل الموقف يوم القيامة. و كان بين آدم و نوح عشرة قرون كلهم على الإسلام ، ثم بعد تلك القرون الصالحة حدثت أمور اقتضت أن آل الحال بأهل ذلك الزمان إلى عبادة الأصنام.وصارت هذه الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ذلك . فلما بعث الله نوحاً عليه السلام، دعاهم إلى إفراد عبادة الله وحده لا شريك له، وألا يعبدوا معه صنماً ولا تمثالاً ولا طاغوتاً وأن يعترفوا بوحدانيته، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه، كما أمر الله تعالى من بعده من الرسل الذين هم كلهم من ذريته، فذكر أنهم دعاهم إلى الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار، والسر والاجهار، بالترغيب تارة والترهيب أخرى، وكل هذا لم ينجح فيهم، بل استمر أكثرهم على الضلالة والطغيان وعبادة الأصنام والأوثان. ونصبوا له العداوة في كل وقت وأوان، وتنقصوه وتنقصوا من آمن به، وتوعدهم بالرجم والإخراج، ونالوا منهم وبالغوا في أمرهم. وتعجبوا أن يكون بشراً رسولاً، وتنقصوا من اتبعه، وكان كلما انقرض جيل وصوا من بعدهم بعدم الإيمان به ومحاربته ومخالفته. وكان الوالد إذا بلغ ولده وعقل عنه كلامه، وصاه فيما بينه وبينه: ألا يؤمن بنوح أبداً ما عاش، ودائماً ما بقى. وذلك أن نوحاً عليه السلام لما يئس من صلاحهم وفلاحهم، ورأى أنهم لا خير فيهم، وتوصلوا إلى أذيته ومخالفته وتكذيبه بكل طريق، من فعال ومقال، دعا عليهم دعوة غضب فلبى الله دعوته وأجاب طلبته قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ، وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنْ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ}. فعند ذلك أمره الله تعالى أن يصنع الفلك، وهي السفينة العظيمة التي لم يكن لها نظير قبلها ولا يكون بعدها مثلها. واستهزئ به قومه وهو يصنع السفينة في مكان لا يوجد به بحر ولا نهر, فأمره الله تعالى إذا جاء أمر الله تعالى وفار التنور أي خرجت المياه من وجه الأرض فعليه أن يحمل في هذه السفينة من كل زوجين اثنين من الحيوانات، وسائر ما فيه روح من المأكولات وغيرها لبقاء نسلها، وأن يحمل معه أهله، أي أهل بيته، إلا من سبق عليه القول منهم، أي إلا من كان كافراً فإنه قد نفذت فيه الدعوة التي لا ترد، ووجب عليه حلول البأس الذي لا يرد. وأمر أنه لا يراجعه فيهم إذا حل بهم ما يعانيه من العذاب العظيم، الذي قد حتمه عليهم الفعال لما يريد. وقد ارتفع الماء على أعلى جبل في الأرض خمسة عشر ذراعاً،وقيل ثمانين ذراعاً، وعم جميع الأرض طولها والعرض، سهلها وحزنها، وجبالها وقفارها ورمالها، ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف، ولا صغير ولا كبير. و نادى نوح ابنه أن يركب معهم السفينة فرفض وقال أنه سيأوي إلى جبل يعصمه من الماء ولكن قدر الله نفذ وغرق مع الغرقى وذلك لأنه كان كافراً . و لما فرغ من أهل الأرض، ولم يبقى بها أحد ممن عبد غير الله عز وجل، أمر الله الأرض أن تبتلع ماءها، وأمر السماء أن تقلع أي تمسك عن المطر و نقص عما كان وقيل بعداً للقوم الظالمين من الرحمة والمغفرة.



قصص الأنبياء لابن كثير


قال تعالى :
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ{25} أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ{26} فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ{27} قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ{28} وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ{29} وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ{30} وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْراً اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ{31} قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ{32} قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ{33} وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{34} أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ{35} وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ{36} وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ{37} وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ{38} فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ{39} حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ{40} وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{41} وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ{42} قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ{43} وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{44} هود


أمل محمد 05-03-2013 03:02 PM

59- قصة الملكين هاروت وماروت




** روى بعض أهل الأخبار أن الله تعالى لما أراد أن يخلق آدم قال للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك فلما خلق آدم وتعاطت ذريته الفساد قالت الملائكة يا رب أهولآء الذين استخلفتهم في الأرض فأمرهم الله أن يختاروا من أفاضلهم ثلاثة ينزلهم إلى الأرض ليحملوا الناس على الحق ففعلوا وقالوا جاءتهم امرأة فافتتنوا بها حتى شربوا الخمر وقتلوا النفس وسجدوا لغير الله سبحانه وعلموا المرأة الاسم الذي كانوا يصعدون به إلى السماء فصعدت حتى إذا كانت في السماء مسخت كوكبا وهي هذه الزهرة قالوا وخير الملكان من عذاب الدنيا والآخرة فاختاروا عذاب الدنيا فهما معلقان بشعورهما في بئر بأرض بابل يأتيهم السحرة فيتعلمون منهما السحر وأهل النظر لا يثبتون كثيرا من هذه القصة منها أمر الزهرة لأنها من الكواكب الخنس التي جعلها الله قطبا وقواما للعالم ومنها ركوب الملائكة مثل هذه الفواحش مع ما وصفهم الله به من طول العبادة وابتغاء الزلفة ثم هم ليسوا بذوي أجسام شهوانية مجوفة فيجوز عليهم مثل هذا وقد قال قوم أنهم أعطوا الشهوة وجعل لهم مذاكير ومنها تعليمهم الناس السحر وهم في العذاب والأولى بمن تلك حالته طلب التوبة والمخلص ولا توبة للمذنب ما لم يقلع فإن كان هاروت وماروت ملكين كما يزعمون فإنهما أنزلا ليبينا للناس وجوه السحر ويحذراهم وبيل عاقبته لا غير .





البدء والتاريخ


قال تعالى :
وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{101} وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{102} وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ{103} البقرة



أمل محمد 05-03-2013 03:02 PM

60- قصة طالوت وجالوت




** قصة الأشراف والوجهاء من بني إسرائيل من بعد زمان موسى; حين طلبوا من نبيهم(هو شمويل) أن يولي عليهم ملكا, يجتمعون تحت قيادته, ويقاتلون أعداءهم في سبيل الله. قال لهم نبيهم: هل الأمر كما أتوقعه إنْ فُرِض عليكم القتال في سبيل الله أنكم لا تقاتلون; فإني أتوقع جبنكم وفراركم من القتال, قالوا مستنكرين توقع نبيهم: وأي مانع يمنعنا عن القتال في سبيل الله, وقد أَخْرَجَنَا عدوُّنا من ديارنا, وأبعدنا عن أولادنا بالقتل والأسر؟ فلما فرض الله عليهم القتال مع الملِك الذي عيَّنه لهم جَبُنوا وفرُّوا عن القتال, إلا قليلا منهم ثبتوا بفضل الله. والله عليم بالظالمين الناكثين عهودهم. وقال لهم نبيهم: إن الله قد أرسل إليكم طالوت مَلِكًا إجابة لطلبكم, يقودكم لقتال عدوكم كما طلبتم. قال كبراء بني إسرائيل: كيف يكون طالوت مَلِكًا علينا, وهو لا يستحق ذلك؟ لأنه ليس من سبط الملوك, ولا من بيت النبوة, ولم يُعْط كثرة في الأموال يستعين بها في ملكه, فنحن أحق بالملك منه; لأننا من سبط الملوك ومن بيت النبوة. قال لهم نبيهم: إن الله اختاره عليكم وهو سبحانه أعلم بأمور عباده, وزاده سَعَة في العلم وقوة في الجسم ليجاهد العدو. والله مالك الملك يعطي ملكه مَن يشاء من عباده, والله واسع الفضل والعطاء, عليم بحقائق الأمور, لا يخفى عليه شيء. وقال لهم نبيهم: إن علامة ملكه أن يأتيكم الصندوق الذي فيه التوراة -وكان أعداؤهم قد انتزعوه منهم- فيه طمأنينة من ربكم تثبت قلوب المخلصين, وفيه بقية من بعض أشياء تركها آل موسى وآل هارون, مثل العصا وفُتات الألواح تحمله الملائكة. إن في ذلك لأعظم برهان لكم على اختيار طالوت ملكًا عليكم بأمر الله, إن كنتم مصدقين بالله ورسله. فلما خرج طالوت بجنوده لقتال العمالقة قال لهم: إن الله ممتحنكم على الصبر بنهر أمامكم تعبرونه; ليتميَّز المؤمن من المنافق, فمن شرب منكم من ماء النهر فليس مني, ولا يصلح للجهاد معي, ومن لم يذق الماء فإنه مني; لأنه مطيع لأمري وصالح للجهاد, إلا مَن ترخَّص واغترف غُرْفة واحدة بيده فلا لوم عليه. فلما وصلوا إلى النهر انكبوا على الماء, وأفرطوا في الشرب منه, إلا عددًا قليلا منهم صبروا على العطش والحر, واكتفوا بغُرْفة اليد, وحينئذ تخلف العصاة. ولما عبر طالوت النهر هو والقلة المؤمنة معه -وهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا لملاقاة العدو, ورأوا كثرة عدوهم وعدَّتهم, قالوا: لا قدرة لنا اليوم بجالوت وجنوده الأشداء, فأجاب الذين يوقنون بلقاء الله, يُذَكِّرون إخوانهم بالله وقدرته قائلين: كم من جماعة قليلة مؤمنة صابرة, غلبت بإذن الله وأمره جماعة كثيرة كافرة باغية. والله مع الصابرين بتوفيقه ونصره, وحسن مثوبته. ولما ظهروا لجالوت وجنوده, ورأوا الخطر رأي العين, فزعوا إلى الله بالدعاء والضراعة قائلين: ربنا أنزل على قلوبنا صبرًا عظيمًا, وثبت أقدامنا, واجعلها راسخة في قتال العدو, لا تفر مِن هول الحرب, وانصرنا بعونك وتأييدك على القوم الكافرين. فهزموهم بإذن الله, وقتل داود -عليه السلام- جالوتَ قائدَ الجبابرة, وأعطى الله عز وجل داود بعد ذلك الملك والنبوة في بني إسرائيل, وعَلَّمه مما يشاء من العلوم. ولولا أن يدفع الله ببعض الناس -وهم أهل الطاعة له والإيمان به- بعضًا, وهم أهل المعصية لله والشرك به , لفسدت الأرض بغلبة الكفر , وتمكُّن
الطغيان, وأهل المعاصي, ولكن الله ذو فضل على المخلوقين جميعًا.





التفسير الميسر



قال تعالى :
أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ{246} وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{247} وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{248} فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ{249} وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ{250} فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ{251} البقرة


أمل محمد 05-03-2013 03:03 PM

61- قصة بلعام بن باعور




** كان بلعام بن باعور يعلم اسم الله الأعظم وأن قومه سألوه أن يدعو على موسى وقومه فامتنع عليهم ولما الحوا عليه ركب حمارة له ثم سار نحو معسكر بني إسرائيل فلما أشرف عليهم ربضت به حمارته فضربها حتى قامت فسارت غير بعيد وربضت فضربها ضربا أشد من الأول فقامت ثم ربضت فضربها فقالت له يا بلعام أين تذهب أما ترى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا أتذهب إلى نبي الله والمؤمنين تدعو عليهم فلم ينزع عنها فضربها حتى سارت به حتى أشرف عليهم من رأس جبل حسبان ونظر إلى معسكر موسى وبني إسرائيل فأخذ يدعو عليهم فجعل لسانه لا يطيعه إلا أن يدعو لموسى وقومه ويدعو على قوم نفسه فلاموه على ذلك فاعتذر إليهم بأنه لا يجري على لسانه إلا هذا واندلع لسانه حتى وقع على صدره وقال لقومه ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة ولم يبق إلا المكر والحيلة ثم أمر قومه أن يزينوا النساء ويبعثوهن بالأمتعة يبعن عليهم ويتعرضن لهم حتى لعلهم يقعون في الزنا فإنه متى زنى رجل منهم كفيتموه ففعلوا وزينوا نساءهم وبعثوهن إلى المعسكر فمرت امرأة منهم اسمها كستى برجل من عظماء بني إسرائيل وهو زمري بن شلوم يقال إنه كان رأس سبط بني شمعون بن يعقوب فدخل بها قبته فلما خلا بها أرسل الله الطاعون على بني إسرائيل فجعل يحوس فيهم فلما بلغ الخبر إلى فنحاص بن العزار بن هرون أخذ حربته وكانت من حديد فدخل عليهما القبة فانتظمهما جميعا فيها ثم خرج بهما على الناس والحربة في يده وقد اعتمد على خاصرته وأسندها إلى لحيته ورفعهما نحو السماء وجعل يقول اللهم هكذا تفعل بمن يعصيك ورفع الطاعون فكان جملة من مات في تلك الساعة سبعين ألفا والمقلل يقول عشرين ألفا .



البداية والنهاية



قال تعالى :
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ{175} وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ{176} الأعراف


أمل محمد 05-03-2013 03:04 PM

62- قصة عزير مع حماره




** عزير رجل من بني إسرائيل وقد مر على قرية و هي بيت المقدس راكبا على حمار ومعه سلة تين وقدح عصير وكانت هذه القرية خاوية من الناس ومتهدمة وذلك لما خربها بُخْتُنَصَّر , فقال عزير في نفسه كيف يحيي الله هذه القرية الخربة بعد أن تهالكت وتهدمت – وذلك استعظاماً لقدرته تعالى- فأماته الله تعالى لمدة مائة عام ثم بعثه و أحياه ليريه كيفية ذلك. فبعد أن أحياه قال الله تعالى له : كم لبثت ومكثت هنا في هذا المكان, فقال: مكثت يوماً أو بعض يوم , ذلك لأنه نام أول النهار فقبض وأُحيي عند الغروب فظن أنه يوم النوم فقال الله تعالى له : بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك( التين ), وشرابك( العصير) لم يتغير مع طول الزمان ، وانظر إلى حمارك كيف هو, فرآه ميتا وعظامه بيض تلوح! فقال الله تعالى له لقد فعلنا ذلك لتعلم ولنجعلك آية للناس على البعث, ثم قال له الله تعالى : وانظر إلى العظام من حمارك كيف نحييها و نحركها ونرفعها ثم نكسوها لحماً , فنظر إليها وقد تركبت وكسيت لحما ونفخ فيه الروح ونهق, فلما تبين لعزير ذلك بالمشاهدة قال: أعلم علم مشاهدة أن الله على كل شيء قدير .



تفسير الجلالين


قال تعالى :
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ
اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{259}البقرة


أمل محمد 05-03-2013 03:07 PM

63- قصة يعقوب عليه السلام مع عرق النسا


** أصيب إسرائيل (يعقوب عليه السلام) بعرق النسا فكان لا يثبت بالليل من شدة الوجع وكان لا يؤذيه بالنهار , فحلف لئن شفاه الله لا يأكل عرقا أبدا وذلك قبل أن تنزل التوراة , فقال اليهود للنبي نزلت التوراة بتحريم الذي حرم إسرائيل على نفسه فقال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) , وكذبوا فليس في التوراة ما يمنع أكل ما حرمه يعقوب عليه السلام على نفسه.



تفسير الطبري


قال تعالى :
كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{93}آل عمران


أمل محمد 05-03-2013 03:07 PM

64- قصة النمرود بن كنعان مع الصرح




** عن ابن عباس أن النمرود بن كنعان بنى الصرح في قرية الرس من
سواد الكوفة وجعل طوله خمسة آلاف ذراع وخمسين ذراعا وعرضه
ثلاثة آلاف ذراع وخمسة وعشرين ذراعا وصعد منه مع النسور فلما علم أنه لا سبيل له إلى السماء اتخذه حصنا وجمع فيه أهله وولده ليتحصن فيه فأتى الله بنيانه من القواعد فتداعى الصرح عليهم فهلكوا جميعا. وقال كعب ومقاتل كان طوله فرسخين فهبت ريح فألقت رأسه في البحر وخر عليهم الباقي ولما سقط الصرح تبلبلت ألسن الناس من الفزع يومئذ فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سمي بابل وما كان لسان قبل ذلك إلا السريانية .



تفسير القرطبي


قال تعالى :
قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ{26}النحل


أمل محمد 05-03-2013 03:08 PM


65- قصة أصحاب الكهف




** بعثت قريش إلى اليهود يسألونهم عن أشياء يمتحنون بها رسول
الله صلى الله عليه وسلم ويسألونه عنها ليختبروا ما يجيب به فيها
فقالوا سلوه عن أقوام ذهبوا في الدهر فلا يدري ما صنعوا وعن رجل طواف في الأرض وعن الروح فأنزل الله تعالى(ويسألونك عن الروح)( ويسألونك عن ذي القرنين)( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) -قال شعيب الجبائي واسم كهفهم حيزم وأما الرقيم قيل هو الكتاب المرقوم فيه أسماؤهم وما جرى لهم كتب من بعدهم , واسم كلبهم حمران وكان قومهم مشركين يعبدون الأصنام في زمن ملك يقال له دقيانوس وكانوا من أبناء الأكابر وقيل من أبناء الملوك واتفق اجتماعهم في يوم عيد لقومهم فرأوا ما يتعاطاه قومهم من السجود للأصنام والتعظيم للأوثان فنظروا بعين البصيرة وكشف الله عن قلوبهم حجاب الغفلة وألهمهم رشدهم فعلموا أن قومهم ليسوا على شيء فخرجوا عن دينهم وانتموا إلى عبادة الله وحده لا شريك له ويقال إن كل واحد منهم لما أوقع الله في نفسه ما هداه إليه من التوحيد انحاز عن الناس واتفق اجتماع هؤلاء الفتية في مكان واحد , فكل منهم سأل الآخر عن أمره وعن شأنه فأخبره ما هو عليه واتفقوا على الانحياز عن قومهم والتبري منهم والخروج من بين أظهرهم والفرار بدينهم فلجأوا إلى كهف بابه موجه إلى نحو الشمال وأعماقه إلى جهة القبلة فذلك أن الشمس تشرق أول طلوعها وقت الصيف في جانب الغار الغربي ثم تشرع في الخروج منه قليلا قليلا وهو ازورارها ذات اليمين فترتفع في جو السماء وتتقلص عن باب الغار ثم إذا تضيفت للغروب تشرع في الدخول فيه من جهته الشرقية قليلا قليلا إلى حين الغروب كما هو المشاهد بمثل هذا المكان والحكمة في دخول الشمس إليه في بعض الأحيان أن لا يفسد هواؤه , وهم في فجوة منه و بقاؤهم على هذه الصفة دهرا طويلا من السنين لا يأكلون ولا يشربون ولا تتغذى أجسادهم في هذه المدة الطويلة من آيات الله وبرهان قدرته العظيمة ومن يراهم يظن أنهم أيقاظا لان أعينهم مفتوحة لئلا تفسد بطول الغمض ولكنهم رقود و يتحولون مرة من جنب إلى جنب وكلبهم نائم بجوارهم , ثم بعثهم الله تعالى من رقدتهم بعد نومهم بثلاثمائة سنة وتسع سنين فلما استيقظوا قال بعضهم لبعض كم لبثتم قالوا الله أعلم بما لبثتم فبعثوا بأحد منهم كان ليشتري لهم طعام ونبهوه بأن يتلطف في دخول المدينة حتى لا يشعر به أحد خوفا من إعادتهم لملة الكفر , ولما جاء إلى المدينة متنكرا لئلا يعرفه أحد من قومه , استنكره من يراه من أهلها واستغربوا شكله وصفته ودراهمه وحملوه إلى متوليهم وخافوا من أمره أن يكون جاسوسا أو تكون له صولة يخشون من مضرتها , فأخبرهم خبره ومن معه وما كان من أمرهم فانطلقوا معه ليريهم مكانهم فلما قربوا من الكهف دخل إلى أخوانه فأخبرهم حقيقة أمرهم ومقدار ما رقدوا فعلموا أن هذا أمر قدره الله فيقال إنهم استمروا راقدين ثم ماتوا بعد ذلك .



البداية والنهاية


قال تعالى :
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً{9} إِذْ أَوَى
الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً{10} فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً{11} ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً{12} نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى{13} وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً{14} هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً{15} وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً{16} وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً{17} وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً{18} وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً{19} إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً{20} وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً{21} سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً{22} الكهف


أمل محمد 05-03-2013 03:09 PM

66- قصة الكافر صاحب الجنتين مع المؤمن




** كان من الأمم السابقة رجلين: أحدهما مؤمن، والآخر كافر، وقد جعل الله تعالى للكافر حديقتين من أعناب، وأحاطهما بنخل كثير، وأنبت وسطهما زروعًا مختلفة نافعة. وقد أثمرت كل واحدة من الحديقتين ثمرها، ولم تُنْقِص منه شيئًا، وشق بينهما نهرًا لسقيهما بسهولة ويسر. وكان لصاحب الحديقتين ثمر وأموال أخرى، فقال لصاحبه المؤمن، وهو يحاوره في الحديث، والغرور يملؤه: أنا أكثر منك مالا وأعز أنصارًا وأعوانًا. ودخل حديقته، وهو ظالم لنفسه بالكفر بالبعث، وشكه في قيام الساعة، فأعجبته ثمارها وقال: ما أعتقد أن تَهْلِك هذه الحديقة مدى الحياة،وما أعتقد أن القيامة واقعة، وإن فُرِضَ وقوعها -كما تزعم أيها المؤمن- ورُجعتُ إلى ربي لأجدنَّ عنده أفضل من هذه الحديقة مرجعًا ومردًا؛ لكرامتي ومنزلتي عنده. قال له صاحبه المؤمن، وهو يحاوره واعظًا له: كيف تكفر بالله الذي خلقك مِن تراب، ثم مِن نطفة الأبوين، ثم سَوَّاك بشرًا معتدل القامة والخَلْق؟ لكن أنا لا أقول بمقالتك الدالة على كفرك، وإنما أقول: المنعم المتفضل هو الله ربي وحده، ولا أشرك في عبادتي له أحدًا غيره. وهلا حين دخَلْتَ حديقتك فأعجبتك حَمِدت الله، وقلت: هذا ما شاء الله لي، لا قوة لي على تحصيله إلا بالله. إن كنت تراني أقل منك مالا وأولادًا، فعسى ربي أن يعطيني أفضل من حديقتك، ويسلبك النعمة بكفرك، ويرسل على حديقتك عذابا من السماء، فتصبح أرضًا ملساء جرداء لا تثبت عليها قدم، ولا ينبت فيها نبات،أو يصير ماؤها الذي تُسقى منه غائرًا في الأرض، فلا تقدر على إخراجه. وتحَقَّقَ ما قاله المؤمن، ووقع الدمار بالحديقة، فهلك كل ما فيها، فصار الكافر يُقَلِّب كفيه حسرةً وندامة على ما أنفق فيها، وهي خاوية قد سقط بعضها على بعض، ويقول: ياليتني عرفت نِعَمَ الله وقدرته فلم أشرك به أحدًا. وهذا ندم منه حين لا ينفعه الندم. ولم تكن له جماعة ممن افتخر بهم يمنعونه مِن عقاب الله النازل به، وما كان ممتنعًا بنفسه وقوته. في مثل هذه الشدائد تكون الولاية والنصرة لله الحق، هو خير جزاءً، وخير عاقبة لمن تولاهم من عباده المؤمنين.



التفسير الميسر


قال تعالى :
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً{32} كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً{33} وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً{34} وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً{35} وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً{36} قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً{37} لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً{38} وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً{39} فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً{40} أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً{41} وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً{42} وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً{43} هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً{44}الكهف


أمل محمد 05-03-2013 03:11 PM

67- قصة ذو القرنين




** مكن الله تعالى لذي القرنين الملك الصالح في الأرض، وآتاه من كل شيء أسبابًا وطرقًا، يتوصل بها إلى ما يريد مِن فَتْح المدائن وقهر الأعداء وغير ذلك. فأخذ بتلك الأسباب والطرق بجد واجتهاد. حتى إذا وصل ذو القرنين إلى مغرب الشمس وجدها في مرأى العين كأنها تغرب في عين حارة ذات طين أسود، ووجد عند مغربها قومًا. قلنا: يا ذا القرنين إما أن تعذبهم بالقتل أو غيره، إن لم يقروا بتوحيد الله، وإما أن تحسن إليهم، فتعلمهم الهدى وتبصرهم الرشاد. قال ذو القرنين: أمَّا مَن ظلم نفسه منهم فكفر بربه، فسوف نعذبه في الدنيا، ثم يرجع إلى ربه، فيعذبه عذابًا عظيمًا في نار جهنم. وأما مَن آمن منهم بربه فصدَّق به ووحَّده وعمل بطاعته فله الجنة ثوابًا من الله، وسنحسن إليه، ونلين له في القول ونيسِّر له المعاملة. ثم رجع ذو القرنين إلى المشرق متبعًا الأسباب التي أعطاه الله إياها. حتى إذا وصل إلى مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم ليس لهم بناء يسترهم، ولا شجر يظلهم من الشمس. كذلك وقد أحاط عِلْمُنا بما عنده من الخير والأسباب العظيمة، حيثما توجَّه وسار. ثم سار ذو القرنين آخذًا بالطرق والأسباب التي منحناها إياه. حتى إذا وصل إلى ما بين الجبلين الحاجزين لما وراءهما، وجد من دونهما قومًا، لا يكادون يعرفون كلام غيرهم. قالوا يا ذا القرنين: إنَّ يأجوج ومأجوج -وهما أمَّتان عظيمتان من بني آدم- مفسدون في الأرض بإهلاك الحرث والنسل، فهل نجعل لك أجرًا، ونجمع لك مالا على أن تجعل بيننا وبينهم حاجزًا يحول بيننا وبينهم؟قال ذو القرنين: ما أعطانيه ربي من الملك والتمكين خير لي مِن مالكم، فأعينوني بقوة منكم أجعل بينكم وبينهم سدًا. أعطوني قطع الحديد، حتى إذا جاؤوا به ووضعوه وحاذوا به جانبي الجبلين، قال للعمال: أجِّجوا النار، حتى إذا صار الحديد كله نارًا، قال: أعطوني نحاسًا أُفرغه عليه. فما استطاعت يأجوج ومأجوج أن تصعد فوق السد؛ لارتفاعه وملاسته، وما استطاعوا أن ينقبوه من أسفله لبعد عرضه وقوته. قال ذو القرنين: هذا الذي بنيته حاجزًا عن فساد يأجوج ومأجوج رحمة من ربي بالناس، فإذا جاء وعد ربي بخروج يأجوج ومأجوج جعله دكاء منهدمًا مستويًا بالأرض، وكان وعد ربي حقًّا. وتركنا يأجوج ومأجوج -يوم يأتيهم وَعْدُنا- يموج بعضهم في بعض مختلطين؛ لكثرتهم، ونفخ في "القرن" للبعث، فجمعنا الخلق جميعًا للحساب والجزاء.



التفسير الميسر


قال تعالى :
وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً{83} إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً{84} فَأَتْبَعَ سَبَباً{85} حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً{86} قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً{87} وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً{88} ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً{89} حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً{90} كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً{91} ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً{92} حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً{93} قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً{94} قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً{95} آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً{96} فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً{97} قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً{98} وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً{99} وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً{100}الكهف


أمل محمد 05-03-2013 03:13 PM

68- قصة قارون وخسفه بداره




** إن قارون كان من قوم موسى -عليه الصلاة والسلام- فتجاوز حدَّه في الكِبْر والتجبر عليهم, وآتى الله تعالى قارون من كنوز الأموال شيئًا عظيمًا, حتى إنَّ مفاتحه لَيثقل حملها على العدد الكثير من الأقوياء, إذ قال له قومه: لا تبطر فرحًا بما أنت فيه من المال, إن الله لا يحب مِن خلقه البَطِرين الذين لا يشكرون لله تعالى ما أعطاهم. والتمس فيما أتاك الله من الأموال ثواب الدار الآخرة, بالعمل فيها بطاعة الله في الدنيا, ولا تترك حظك من الدنيا, بأن تتمتع فيها بالحلال دون إسراف, وأحسن إلى الناس بالصدقة, كما أحسن الله إليك بهذه الأموال الكثيرة, ولا تلتمس ما حرَّم الله عليك من البغي على قومك, إن الله لا يحب المفسدين. قال قارون لقومه الذين وعظوه: إنما أُعطيتُ هذه الكنوز بما عندي من العلم والقدرة, أولم يعلم قارون أن الله قد أهلك مِن قبله من الأمم مَن هو أشد منه بطشًا, وأكثر جمعًا للأموال؟ ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون; لعلم الله تعالى بها, إنما يُسْألون سؤال توبيخ وتقرير, ويعاقبهم الله على ما علمه منهم. فخرج قارون على قومه في زينته, مريدًا بذلك إظهار عظمته وكثرة أمواله, وحين رآه الذين يريدون زينة الحياة الدنيا قالوا: يا ليت لنا مثل ما أُعطي قارون من المال والزينة والجاه, إن قارون لذو نصيب عظيم من الدنيا. وقال الذين أوتوا العلم بالله وشرعه وعرفوا حقائق الأمور للذين قالوا: يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون: ويلكم اتقوا الله وأطيعوه, ثوابُ الله لمن آمن به وبرسله, وعمل الأعمال الصالحة, خيرٌ مما أوتي قارون, ولا يَتَقَبَّل هذه النصيحة ويوفَّق إليها ويعمل بها إلا مَن يجاهد نفسه, ويصبر على طاعة ربه, ويجتنب معاصيه. فخسفنا بقارون وبداره الأرض, فما كان له من جند ينصرونه من دون الله, وما كان ممتنعًا من الله إذا أحلَّ به نقمته. وصار الذين تمنوا حاله بالأمس يقولون متوجعين ومعتبرين وخائفين من وقوع العذاب بهم: إن الله يوسِّع الرزق لمن يشاء من عباده, ويضيِّق على مَن يشاء منهم, لولا أن الله منَّ علينا فلم يعاقبنا على ما قلنا لَخسف بنا كما فعل بقارون, ألم تعلم أنه لا يفلح الكافرون, لا في الدنيا ولا في الآخرة؟



التفسير الميسر


قال تعالى :
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ
مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ{76} وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ{77} قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ{78} فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ{79} وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ{80} فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ{81} وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ{82}القصص


أمل محمد 05-03-2013 03:14 PM

69- قصة لقمان وموعظته لابنه



** هذه القصة بين لقمان الحكيم وابنه حين قال له واعظاً:
1- يا بنيَّ لا تشرك بالله فتظلم نفسك؛ إن الشرك لأعظم الكبائر وأبشعها.
2- والله تعالى أَمَرْ الإنسان ببرِّ والديه والإحسان إليهما, حَمَلَتْه أمه ضعفًا على ضعف, وحمله وفِطامه عن الرضاعة في مدة عامين, وقلنا له: اشكر لله, ثم اشكر لوالديك, إليَّ المرجع فأُجازي كُلا بما يستحق. وإن جاهدك- أيها الولد المؤمن- والداك على أن تشرك بي غيري في عبادتك إياي مما ليس لك به عِلم, أو أمراك بمعصية مِن معاصي الله فلا تطعهما؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, وصاحبهما في الدنيا بالمعروف فيما لا إثم فيه, واسلك- أيها الابن المؤمن- طريق مَن تاب من ذنبه, ورجع إليَّ وآمن برسولي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إليَّ مرجعكم, فأخبركم بما كنتم تعملونه في الدنيا, وأجازي كلَّ عامل بعمله.
3- يا بنيَّ اعلم أن السيئة أو الحسنة إن كانت قَدْر حبة خردل- وهي المتناهية في الصغر- في باطن جبل، أو في أي مكان في السموات أو في الأرض, فإن الله يأتي بها يوم القيامة, ويحاسِب عليها. إن الله لطيف بعباده خبير بأعمالهم.
4- يا بنيَّ أقم الصلاة تامة بأركانها وشروطها وواجباتها, وأْمر بالمعروف, وانْه عن المنكر بلطفٍ ولينٍ وحكمة بحسب جهدك, وتحمَّل ما يصيبك من الأذى مقابل أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر, واعلم أن هذه الوصايا مما أمر الله به من الأمور التي ينبغي الحرص عليها.
5- ولا تُمِلْ وجهك عن الناس إذا كلَّمتهم أو كلموك؛ احتقارًا منك لهم واستكبارًا عليهم.
6- ولا تمش في الأرض بين الناس مختالا متبخترًا, إن الله لا يحب كل متكبر متباه في نفسه وهيئته.
7- وتواضع في مشيك, واخفض من صوتك فلا ترفعه, إن أقبح الأصوات وأبغضها لصوت الحمير المعروفة ببلادتها وأصواتها المرتفعة.





التفسير الميسر


قال تعالى :
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ{13} وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ{14} وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{15} يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ{16} يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ{17} وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ{18} وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ{19} لقمان


أمل محمد 05-03-2013 03:15 PM

70- قصة الرسل الثلاثة لقرية أنطاكية




** أرسل الله تعالى إلى قرية أنطاكية رسولين من رسل عيسى عليه السلام لدعوتهم إلى الإيمان بالله وترك عبادة غيره, فكذَّب أهل القرية الرسولين, فأرسل الله تعالى إليهم برسول ثالث, فقال الثلاثة لأهل القرية: إنا إليكم -أيها القوم- مرسلون. قال أهل القرية للمرسلين: ما أنتم إلا أناس مثلنا، وما أنزل الرحمن شيئًا من الوحي, وما أنتم -أيها الرسل- إلا تكذبون. قال المرسلون مؤكدين: ربُّنا الذي أرسلنا يعلم إنا إليكم لمرسلون, وما علينا إلا تبليغ الرسالة بوضوح, ولا نملك هدايتكم, فالهداية بيد الله وحده. قال أهل القرية: إنا تَشَاءَمْنا بكم, لئن لم تكُفُّوا عن دعوتكم لنا لنقتلنكم رميًا بالحجارة, وليصيبنكم منَّا عذاب أليم موجع. قال المرسلون: شؤمكم وأعمالكم من الشرك والشر معكم ومردودة عليكم, أإن وُعظتم بما فيه خيركم تشاءمتم وتوعدتمونا بالرجم والتعذيب؟ بل أنتم قوم عادتكم الإسراف في العصيان والتكذيب. وجاء من أقصى المدينة رجل وهو حبيب النجار وكان قد آمن بالرسل ومنزله بأقصى البلد , جاء يعدو ويسرع الخطى لما سمع بتكذيب القوم للرسل فقال لهم: يا قوم اتبعوا المرسلين الذين لا يطلبون منكم أموالا على إبلاغ الرسالة, وهم مهتدون فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده , وقال لهم لماذا لا أعبد ولا تعبدون الذي أوجدنا وخلقنا وإليه نرجع بعد الموت فيجازينا عن أعمالنا , أأعبد من دون الله آلهة أخرى لا تملك من الأمر شيئًا, إن يردني الرحمن بسوء فهذه الآلهة لا تملك دفع ذلك ولا منعه, ولا تستطيع إنقاذي مما أنا فيه؟ إني إن فعلت ذلك لفي خطأ واضح ظاهر. إني آمنت بربكم فاستمعوا إلى ما قُلْته لكم, وأطيعوني بالإيمان. فلما قال ذلك وثب إليه قومه وقتلوه, فأدخله الله الجنة. قيل له بعد قتله: ادخل الجنة, إكرامًا له. قال وهو في النعيم والكرامة: يا ليت قومي يعلمون بغفران ربي لي وإكرامه إياي; بسبب إيماني بالله وصبري على طاعته, و اتباع رسله حتى قُتِلت, فيؤمنوا بالله فيدخلوا الجنة مثلي. وما احتاج الأمر إلى إنزال جند من السماء لعذابهم بعد قتلهم الرجل الناصح لهم وتكذيبهم رسلهم, فهم أضعف من ذلك وأهون, وما كنا منزلين الملائكة على الأمم إذا أهلكناهم, بل نبعث عليهم عذابًا يدمرهم. ما كان هلاكهم إلا بصيحة واحدة, فإذا هم ميتون لم تَبْقَ منهم باقية.





تفسير الجلالين والتفسير الميسر


قال تعالى :
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ{13} إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ{14} قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ{15} قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ{16} وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ{17} قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ{18} قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ{19} وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ{20} اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ{21} وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ{22} أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ{23} إِنِّي إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ{24} إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ{25} قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ{26} بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ{27} وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ{28} إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ{29}يس


أمل محمد 05-03-2013 03:15 PM


71- قصة أصحاب الحديقة




** اختبر الله تعالى أصحاب الحديقة حين حلفوا فيما بينهم, ليقطعُنَّ ثمار حديقتهم مبكِّرين في الصباح, فلا يَطْعَم منها غيرهم من المساكين ونحوهم, ولم يقولوا: إن شاء الله. فأنزل الله عليها نارًا أحرقتها ليلا وهم نائمون, فأصبحت محترقة سوداء كالليل المظلم. فنادى بعضهم بعضًا وقت الصباح: أن اذهبوا مبكرين إلى زرعكم، إن كنتم مصرِّين على قطع الثمار. فاندفعوا مسرعين، وهم يتسارُّون بالحديث فيما بينهم: بأن لا تمكِّنوا اليوم أحدا من المساكين من دخول حديقتكم. وساروا في أول النهار إلى حديقتهم على قصدهم السيِّئ في منع المساكين من ثمار الحديقة, وهم في غاية القدرة على تنفيذه في زعمهم. فلما رأوا حديقتهم محترقة أنكروها, وقالوا: لقد أخطأنا الطريق إليها, فلما عرفوا أنها هي جنتهم،قالوا: بل نحن محرومون خيرها; بسبب عزمنا على البخل ومنع المساكين. قال أعدلهم: ألم أقل لكم هلا تستثنون وتقولون: إن شاء الله؟قالوا بعد أن عادوا إلى رشدهم: تنزَّه الله ربنا عن الظلم فيما أصابنا, بل نحن كنا الظالمين لأنفسنا بترك الاستثناء وقصدنا السيِّئ. فأقبل بعضهم على بعض, يلوم كل منهم الآخر على تركهم الاستثناء وعلى قصدهم السيِّئ, قالوا: يا ويلنا إنَّا كنا متجاوزين الحد في منعنا الفقراء ومخالفة أمر الله،عسى ربنا أن يعطينا أفضل من حديقتنا; بسبب توبتنا واعترافنا بخطيئتنا. إنا إلى ربنا وحده راغبون, راجون العفو, طالبون الخير. مثل ذلك العقاب الذي عاقبنا به أهل الحديقة يكون عقابنا في الدنيا لكل مَن خالف أمر الله, وبخل بما آتاه الله من النعم فلم يؤدِّ حق الله فيها, ولَعذاب الآخرة أعظم وأشد مِن عذاب الدنيا, لو كانوا يعلمون لانزجروا عن كل سبب يوجب العقاب.




التفسير الميسر


قال تعالى :
إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ{17} وَلَا يَسْتَثْنُونَ{18} فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ{19} فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ{20} فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ{21} أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ{22} فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ{23} أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ{24} وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ{25} فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ{26} بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ{27} قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ{28} قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ{29} فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ{30} قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ{31} عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ{32} كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ{33} القلم


أمل محمد 05-03-2013 03:17 PM

72- قصة أصحاب الأخدود




** قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان فيمن كان قبلكم ملك وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك إني قد كبرت سني وحضر أجلي فادفع إلي غلاما لأعلمه السحر فدفع إليه غلاما كان يعلمه السحر وكان بين الساحر وبين الملك راهب فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه وكان إذا أتى الساحر ضربه وقال ما حبسك وإذا أتى أهله ضربوه وقالوا ما حبسك فشكا ذلك إلى الراهب فقال إذا أراد الساحر أن يضربك فقل حبسني أهلي وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل حبسني الساحر قال فبينما هو ذات يوم إذ أتى على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا فقال اليوم أعلم أمر الراهب أحب إلى الله أم أمر الساحر قال فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس ورماها فقتلها ومضى الناس فأخبر الراهب بذلك فقال أي بني أنت أفضل مني وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي فكان الغلام يبرى ء الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم وكان للملك جليس فعمي فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة فقال اشفني ولك ما ها هنا أجمع فقال ما أنا أشفي أحدا إنما يشفي الله عز وجل فإن آمنت به دعوت الله فشفاك فآمن فدعا الله فشفاه ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس فقال له الملك يا فلان من رد عليك بصرك فقال ربي فقال أنا قال لا ربي وربك الله قال ولك رب غيري قال نعم ربي وربك الله فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فبعث إليه فقال أي بني بلغ من سحرك أن تبرى ء الأكمه والأبرص وهذه الأدواء قال ما أشفي أحدا إنما يشفي الله عز وجل قال أنا قال لا قال أو لك رب غيري قال ربي وربك الله فأخذه أيضا بالعذاب فلم يزل به حتى دل على الراهب فأتي بالراهب فقال ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه وقال للأعمى ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه إلى الأرض وقال للغلام ارجع عن دينك فأبى فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا وقال إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه فذهبوا به فلما علوا به الجبل قال اللهم أكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فدهدهوا أجمعون وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال ما فعل أصحابك فقال كفانيهم الله تعالى فبعث به مع نفر في قرقور فقال إذا لججتم به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فغرقوه في البحر فلججوا به البحر فقال الغلام اللهم أكفنيهم بما شئت فغرقوا أجمعون وجاء الغلام حتى دخل على الملك فقال ما فعل أصحابك فقال كفانيهم الله تعالى ثم قال للملك إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني وإلا فإنك لا تستطيع قتلي قال وما هو قال تجمع الناس في صعيد واحد ثم تصلبني على جذع وتأخذ سهما من كنانتي ثم قل باسم الله رب الغلام فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ففعل ووضع السهم في كبد قوسه ثم رماه وقال باسم الله رب الغلام فوقع السهم في صدغه فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات فقال الناس آمنا برب الغلام فقيل للملك أرأيت ما كنت تحذر فقد والله نزل بك قد آمن الناس كلهم فأمر بأفواه السكك فخدت فيها الأخاديد وأضرمت فيها النيران وقال من رجع عن دينه فدعوه وإلا فأقحموه فيها قال فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون فجاءت امرأة بابن لها ترضعه فكأنها تقاعست أن تقع في النار فقال الصبي اصبري يا أماه فإنك على الحق .



تفسير ابن كثير


قال تعالى :
قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ{4} النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ{5} إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ{6}
وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ{7} وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا
بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ{8} الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{9}البروج


أمل محمد 05-03-2013 03:18 PM

73- قصة أبرهة ملك اليمن مع الكعبة المكرمة




** كان أبرهة ملك اليمن قد بنى بصنعاء كنيسة ليصرف إليها الحاج عن مكة فأحدث رجل من كنانة فيها ولطخ قبلتها بالعذرة احتقارا بها فحلف أبرهة ليهدمن الكعبة فجاء مكة بجيشه على أفيال اليمن وفي مقدمها الفيل المسمى بمحمود فحين توجهوا لهدم الكعبة أرسل الله عليهم طيرا أبابيل أي جماعات جماعات ترميهم بحجارة من سجيل وهو الطين المطبوخ فجعلهم الله تعالى كالعصف المأكول وهو كورق زرع أكلته الدواب وداسته وأفنته , وأهلكهم الله تعالى كل واحد بحجره المكتوب عليه اسمه وهو أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة يخرق البيضة والرجل والفيل ويصل إلى الأرض وكان هذا عام مولد النبي صلى الله عليه وسلم , فلم يستطيع أبرهة أن يلحق بالكعبة أي أذى وحفظها الله تعالى.



تفسير الجلالين


قال تعالى :
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ {1} أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي
تَضْلِيلٍ{2} وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ{3} تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ{4} فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ{5}الفيل


أمل محمد 05-03-2013 03:21 PM

74- قصة الحكم في قضية الغنم و الزرع



** كان نبيا الله داود وابنه سليمان عليهما السلام يحكمان في قضية عرَضَها خصمان, عَدَت غنم أحدهما على زرع الآخر, وانتشرت فيه ليلا فأتلفت الزرع, فحكم داود بأن تكون الغنم لصاحب الزرع ملْكًا بما أتلفته, فقيمتهما سواء, وكان الله تعالى لحكمهم شاهد لم يَغِبْ عنهم . فَفَهَّمها سليمان مراعاة مصلحة الطرفين مع العدل, فحكم على صاحب الغنم بإصلاح الزرع التالف في فترة يستفيد فيها صاحب الزرع بمنافع الغنم من لبن وصوف ونحوهما, ثم تعود الغنم إلى صاحبها والزرع إلى صاحبه; لمساواة قيمة ما تلف من الزرع لمنفعة الغنم.



التفسير الميسر


قال تعالى :
وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ{78} فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ{79}الأنبياء


أمل محمد 05-03-2013 03:21 PM

75- قصة النملة مع سليمان عليه السلام




** جُمِع لسليمان عليه السلام جنوده من الجن والإنس والطير في مسيرة لهم, فهم على كثرتهم لم يكونوا مهمَلين, بل كان على كل جنس من يَرُدُّ أولهم على آخرهم; كي يقفوا جميعًا منتظمين. حتى إذا بلغوا وادي النمل قالت نملة: يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يهلكنَّكم سليمان وجنوده, وهم لا يعلمون بذلك. فتبسم ضاحكًا من قول هذه النملة لفهمها واهتدائها إلى تحذير النمل, واستشعر نعمة الله عليه, فتوجَّه إليه داعيًا: ربِّ ألْهِمْني, ووفقني, أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ, وأن أعمل عملا صالحًا ترضاه مني, وأدخلني برحمتك في نعيم جنتك مع عبادك الصالحين الذين ارتضيت أعمالهم.





التفسير الميسر


قال تعالى :
وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ{17} حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ{18} فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ{19}النمل


أمل محمد 05-03-2013 03:22 PM

76- قصة الهدهد مع سليمان عليه السلام




** وتفقد سليمان حال الطير المسخرة له وحال ما غاب منها, وكان عنده هدهد متميز معروف فلم يجده, فقال: ما لي لا أرى الهدهد الذي أعهده؟ أسَتَره ساتر عني, أم أنه كان من الغائبين عني, فلم أره لغيبته؟ فلما ظهر أنه غائب قال: لأعذبنَّ هذا الهدهد عذابًا شديدًا لغيابه تأديبًا له, أو لأذبحنَّه عقوبة على ما فعل حيث أخلَّ بما سُخِّر له, أو ليأتينِّي بحجة ظاهرة, فيها عذر لغيبته. فمكث الهدهد زمنًا غير بعيد ثم حضر فعاتبه سليمان على مغيبه وتخلُّفه, فقال له الهدهد: علمت ما لم تعلمه من الأمر على وجه الإحاطة, وجئتك من مدينة "سبأ" بـ "اليمن" بخبر خطير الشأن, وأنا على يقين منه. إني وجدت امرأةً تحكم أهل "سبأ", وأوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا, ولها سرير عظيم القدر, تجلس عليه لإدارة ملكها. وجدتُها هي وقومها يعبدون الشمس معرضين عن عبادة الله, وحسَّن لهم الشيطان أعمالهم السيئة التي كانوا يعملونها, فصرفهم عن الإيمان بالله وتوحيده, فهم لا يهتدون إلى الله وتوحيده وعبادته وحده. حسَّن لهم الشيطان ذلك; لئلا يسجدوا لله الذي يُخرج المخبوء المستور في السموات والأرض من المطر والنبات وغير ذلك, ويعلم ما تُسرُّون وما تظهرون. الله الذي لا معبود يستحق العبادة سواه, رب العرش العظيم. قال سليمان للهدهد: سنتأمل فيما جئتنا به من الخبر أصدقت في ذلك أم كنت من الكاذبين فيه؟ اذهب بكتابي هذا إلى أهل (سبأ) فأعطهم إياه, ثم تنحَّ عنهم قريبًا منهم بحيث تسمع كلامهم, فتأمل ما يتردد بينهم من الكلام.





التفسير الميسر


قال تعالى :
وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ {20}
لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ{21} فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ{22} إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ{23} وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ{24} أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ{25} اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ{26} قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ{27} اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ{28}النمل



أمل محمد 05-03-2013 03:24 PM

77- قصة إسلام ملكة سبأ




** ذهب الهدهد بكتاب سليمان عليه السلام وألقاه إلى ملكة سبأ فقرأته, فجمعت أشراف قومها, وسمعها تقول لهم: إني وصل إليَّ كتاب جليل المقدار من شخص عظيم الشأن. ثم بيَّنت ما فيه فقالت: إنه من سليمان, وإنه مفتتح بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" ألا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إليه, وأقْبِلوا إليَّ منقادين لله بالوحدانية والطاعة مسلمين له. قالت: يا أيها الأشراف أشيروا عليَّ في هذا الأمر, ما كنت لأفصل في أمر إلا بمحضركم ومشورتكم. قالوا مجيبين لها: نحن أصحاب قوة في العدد والعُدَّة وأصحاب النجدة والشجاعة في شدة الحرب, والأمر موكول إليكِ, وأنتِ صاحبة الرأي, فتأملي ماذا تأمريننا به؟ فنحن سامعون لأمرك مطيعون لك. قالت محذرةً لهم من مواجهة سليمان بالعداوة, ومبيِّنة لهم سوء مغبَّة القتال: إن الملوك إذا دخلوا بجيوشهم قريةً عنوةً وقهرًا خرَّبوها وصيَّروا أعزَّة أهلها أذلة, وقتلوا وأسروا, وهذه عادتهم المستمرة الثابتة لحمل الناس على أن يهابوهم. وإني مرسلة إلى سليمان وقومه بهديَّة مشتملة على نفائس الأموال أصانعه بها, ومنتظرة ما يرجع به الرسل. فلمَّا جاء رسول الملكة بالهديَّة إلى سليمان, قال مستنكرًا ذلك متحدثًا بأَنْعُمِ الله عليه: أتمدونني بمالٍ تَرْضيةً لي؟ فما أعطاني الله من النبوة والملك والأموال الكثيرة خير وأفضل مما أعطاكم، بل أنتم الذين تفرحون بالهدية التي تُهدى إليكم; لأنكم أهل مفاخرة بالدنيا ومكاثرة بها. وقال سليمان عليه السلام لرسول أهل "سبأ": ارجع إليهم, فوالله لنأتينَّهم بجنود لا طاقة لهم بمقاومتها ومقابلتها, ولنخرجنَّهم مِن أرضهم أذلة وهم صاغرون مهانون, إن لم ينقادوا لدين الله وحده, ويتركوا عبادة من سواه. قال سليمان مخاطبًا من سَخَّرهم الله له من الجن والإنس: أيُّكم يأتيني بسرير ملكها العظيم قبل أن يأتوني منقادين طائعين؟قال مارد قويٌّ شديد من الجن: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مجلسك هذا, وإني لقويٌّ على حَمْله, أمين على ما فيه, آتي به كما هو لا أُنقِص منه شيئًا ولا أبدله. قال الذي عنده علم من الكتاب: أنا آتيك بهذا العرش قبل ارتداد أجفانك إذا تحرَّكَتْ للنظر في شيء. فأذن له سليمان فدعا الله, فأتى بالعرش. فلما رآه سليمان حاضرًا لديه ثابتًا عنده قال: هذا مِن فضل ربي الذي خلقني وخلق الكون كله؛ ليختبرني: أأشكر بذلك اعترافًا بنعمته تعالى عليَّ أم أكفر بترك الشكر؟ ومن شكر لله على نعمه فإنَّ نَفْعَ ذلك يرجع إليه, ومن جحد النعمة وترك الشكر فإن ربي غني عن شكره, كريم يعم بخيره في الدنيا الشاكر والكافر, ثم يحاسبهم ويجازيهم في الآخرة. قال سليمان لمن عنده: غيِّروا سرير ملكها الذي تجلس عليه إلى حال تنكره إذا رأته; لنرى أتهتدي إلى معرفته أم تكون من الذين لا يهتدون؟فلما جاءت ملكة "سبأ" إلى سليمان في مجلسه قيل لها: أهكذا عرشك؟ قالت: إنه يشبهه. فظهر لسليمان أنها أصابت في جوابها, وقد علمت قدرة الله وصحة نبوة سليمان عليه السلام, فقال: وأوتينا العلم بالله وبقدرته مِن قبلها, وكنا منقادين لأمر الله متبعين لدين الإسلام. ومَنَعَها عن عبادة الله وحده ما كانت تعبده مِن دون الله تعالى, إنها كانت كافرة ونشأت بين قوم كافرين, واستمرت على دينهم, وإلا فلها من الذكاء والفطنة ما تعرف به الحق من الباطل, ولكن العقائد الباطلة تُذهب بصيرة القلب. قيل لها: ادخلي القصر, وكان صحنه مِن زجاج تحته ماء, فلما رأته ظنته ماء تتردد أمواجه, وكشفت عن ساقيها لتخوض الماء, فقال لها سليمان: إنه صحن أملس من زجاج صاف والماء تحته. فأدركت عظمة ملك سليمان, وقالت: رب إني ظلمت نفسي بما كنت عليه من الشرك, وانقدتُ متابعة لسليمان داخلة في دين رب العالمين أجمعين.



التفسير الميسر


قال تعالى :
قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ{29} إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ{30} أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ{31} قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ{32} قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ{33} قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ{34} وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ{35} فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ{36} ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ{37} قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ{38} قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ{39} قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ{40} قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ{41} فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ{42} وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ{43} قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{44}النمل


أمل محمد 05-03-2013 05:37 PM

78- قصة موت سليمان عليه السلام



** سخر الله تعالى لسليمان عليه السلام الريح تجري من أول النهار إلى انتصافه مسيرة شهر, ومن منتصف النهار إلى الليل مسيرة شهر بالسير المعتاد, وأسال له النحاس كما يسيل الماء, ليعمل به ما يشاء, وسخَّر له من الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه, ومن يعدل منهم عن أمر الله الذي أمرهم به من طاعة سليمان يعذب بالنار المستعرة . ويعمل الجن لسليمان ما يشاء من مساجد للعبادة, وصور من نحاس وزجاج, وقِصَاع كبيرة كالأحواض التي يجتمع فيها الماء, وقدور ثابتات لا تتحرك من أماكنها لعظمهن, وقال الله لآل داود اعملوا شكرًا لله على ما أعطاكم, وذلك بطاعته وامتثال أمره, , وكان داود وآله من القليل الذي يشكر الله تعالى على فضله عليهم . فلما قضى الله تعالى على سليمان بالموت ما دلَّ الجن على موته إلا الأرَضَةُ تأكل عصاه التي كان متكئًا عليها, فوقع سليمان على الأرض, عند ذلك علمت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما أقاموا في العذاب المذلِّ والعمل الشاق لسليمان؛ ظنا منهم أنه من الأحياء.



التفسير الميسر


قال تعالى :
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ
الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ{12} يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ{13} فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ{14} سبأ


أمل محمد 05-03-2013 05:38 PM

79- قصة التسعة وتسعون نعجة مع داود عليه السلام




** فوجئ داود عليه السلام وهو في محرابه يعبد الله تعالى بشخصين تسوَّرا مكان عبادته, فارتاع من دخولهما عليه؟ فقالوا له: لا تَخَفْ، فنحن خصمان ظلم أحدنا الآخر، فاقض بيننا بالعدل، ولا تَجُرْ علينا في الحكم, وأرشِدنا إلى سواء السبيل. قال أحدهما: إن هذا أخي له تسع وتسعون من النعاج, وليس عندي إلا نعجة واحدة, فطمع فيها، وقال: أعطنيها, وغلبني بحجته. قال داود: لقد ظلمك أخوك بسؤاله ضم نعجتك إلى نعاجه, وإن كثيرًا من الشركاء ليعتدي بعضهم على بعض، ويظلمه بأخذ حقه وعدم إنصافه مِن نفسه إلا المؤمنين الصالحين, فلا يبغي بعضهم على بعض، وهم قليل. وأيقن داود أننا اختبرناه ودبرنا عليه هذه القضية ليتنبه فاستغفر ربه لما صدر منه وخر ساجدا لله ورجع لله تعالى بالتوبة النصوح والعبادة فغفرنا له ذلك الذي صدر منه وأكرمه الله بأنواع الكرامات فقال وإن له عندنا منزلة عالية وقربة منا وحسن مرجع.
(وهذا الذنب الذي صدر من داود عليه السلام لم يذكره الله لعدم الحاجة إلى ذكره فالتعرض له من باب التكلف وإنما الفائدة ما قصه الله علينا من لطفه به وتوبته وإنابته وأنه ارتفع محله فكان بعد التوبة أحسن منه قبلها يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض- تفسير السعدي).


تفسير الجلالين


قال تعالى :
وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ{21} إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ{22} إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ{23} قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ{24} فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{25}ص


أمل محمد 05-03-2013 05:39 PM

80- قصة سليمان عليه السلام مع الصافنات الجياد


** وهب الله تعالى لداود ابنه سليمان, فأنعم به عليه, وأقرر به عينه, نِعْم العبد سليمان, إنه كان كثير الرجوع إلى الله والإنابة إليه.
فقد عرض علي سليمان وقت ما بعد الزوال الخيل القائمة على ثلاث وإقامة الأخرى على طرف الحافر وهي من أجود السلالات, وكانت ألف فرس عرضت عليه بعد أن صلى الظهر لإرادته الجهاد عليها لعدو فعند بلوغ العرض منها تسعمائة غربت الشمس ولم يكن صلى العصر فاغتم فقال إني أردت حب الخيل عن صلاة العصر حتى توارت الشمس و استترت بما يحجبها عن الأبصار, فأمر برد الخيل عليه , فردوها عليه فطفق بالسيف يذبحها ويقطع أرجلها تقربا إلى الله تعالى حيث اشتغل بها عن الصلاة وتصدق بلحمها فعوضه الله خيرا منها وأسرع وهي الريح تجري بأمره كيف شاء.


تفسير الجلالين


قال تعالى :
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ{30} إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ{31} فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ{32} رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ{33}ص



الساعة الآن 06:21 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team