منتديات منابر ثقافية

منتديات منابر ثقافية (http://www.mnaabr.com/vb/index.php)
-   نسمات إيمانية (http://www.mnaabr.com/vb/forumdisplay.php?f=93)
-   -   رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟ (http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=159)

ناريمان الشريف 08-09-2010 10:27 PM

رد: رحلـــــة إلى المقابــــر ....مـن يشارك ؟؟
 
(المشهد الثالث)
( طول الأمل )





أيها السادة الميتون عما قريب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر


لا تخف فأنت لم تمت بعد
– وأمامك فرصة –


أنت الآن حي تتنفس - حي ترزق –
جميل الثياب لطيف الحديث عطر الرائحة


تعيش هانئا سعيدا لا يخطر لك الموت على بال –
تفكر في الدنيا – كيف تجمع وكيف تصرف ؟
وكيف تسافر وكيف تقضي وقتك بكل ما هو ممتع ؟


دون أن يخطر ببالك ولو مرة
كيف ستجيب عن الأسئلة التي ستطرح عليك لاحقا -
تذكر........!
سوف تسأل عن كل دقيقة قضيتها في حياتك


وعن كل فلس جمعته - من أين جمعته ؟وفيم صرفته؟
سوف تسأل عن كل كبيرة وصغيرة -


وحينا آخر يأخذك شيطانك اللعين بوسوساته الخبيثة
أن تقسو على الضعفاء-
ولا ترحم المسكين –
وتأكل حق الأجير الذي يعمل عندك -
ويزين لك ما تصنع –
فتشرب الخمر وتظلم وتسرق وتعصي والديك
ويغرك ستر الله عليك وامهاله لك وتغاضيه عن أخطائك


فتستمع الى الأغاني العابثة وتلهو وتلعب ظنا منك
أنك معمر لن تموت –


أو يقول لك الشيطان مهلا فالعمر ما زال في أوله – ا
لعب كما تشاء واله كما يحلو لك –
العمر طويل وعندما تكبر
تستعد بكامل ما أوتيت لرحلة القبر فعلام الاستعجال ؟
أليس هذا ما تسمعه في نفسك ؟



قد سقاك الهوى شراب الأماني *** فاستطبت المقام تحت التداني
وتصاممت عن نداء الأمانــي *** لاهيا عن وقائـع الحــدثان
واذا عارضتـك خطـرة ذِكـرٍ *** بادأتـك الطبــاع بالنسيان


= ابليس اللعين هذا الذي يسمى أبا كردوس
يمنـّيك ويلهيك ويمنحك طول الأمل بحياة طويلة
خالية من المرض الجسماني الذي قد يقصم ظهرك
فربما بعد حين لا تستطيع الوقوف كي تصلي –
وربما لا يكون معك أموال تتصدق بها
– وربما وربما –
وربما لا يطول عمرك كما كنت تخطط
وربما تموت بعد دقيقة وربما الآن -
الآن ينزل عليك ملك الموت –


فماذا أنت فاعل ؟؟-


كل الخطط قد فشلت ..
لا أنت عشت ولا ما كنت تخطط له قد حصل
ضاع كل شيء – بل انتهى كل شيء


احذر قد لا يتبقى لديك وقت حتى لأن تحاسب نفسك
فلا أحد من البشر يعلم متى يباغته الموت
ولا أحد يضمن أن يعيش دقيقة


عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله
(صلى الله عليه وسلم )
كان بقرب الماء فتيمم بالتراب
فأقول : يا رسول الله ان الماء منك قريب
يقول : ما يدريني لعلي لا أبلغه)


لاحظ الوقت الذي يستغرقه
رسول الله (صلى الله عليه وسلم )
في تناول ماء قريب منه - انه بضع ثوان لا أكثر -


ومع هذا فهو لا يضمن حياته -
لا يضمن أن يعيش تلك الثواني
فلا تجعل الشيطان يمنيك –
فهذه الأماني كواذب وهذه الوعود رواسب


المرء يخدعنه منـــــاه والدهر يسرع في بلاه
يا ذا الشباب لا تـكــــن ممـــن تعبده هواه
واعلم بـأن المرء مرتهن**بما كسبت يداه
الحمد لله الذي يبقى ويهلك من سواه


تمشي في دنياك يحدوك الأمل
تبني وتعمر على أنك ستعيش طويلا
وتنسى الموت القريب
تبدأ مشروعا وتنهي آخر-
تعود من السفر وتحضر لسفرة أخرى
هذا لا يعني ألا تسعى لرزقك وحياتك
ولكن كل ما تفعله للدنيا فأين الآخرة ؟
تشتغل للدنيا كأنك ستعيش بعمر نوح
وتنسى الموت القريب الذي فوق رأسك كل يوم يلوح


فما أبشع طول الأمل !!


يامن بدنياه اشتغل وغره طول الأمل
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل
انما الدنيا كظل زائل أو كضيف بات ليلا فارتحل
أو كطيف قد يراه نائم أو كبرق لاح في أفق الأمل


= فما هو طول الأمل ؟


يقول الله تبارك وتعالى


( ألم يأن ِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب
من قبل فطال عليهم الأمد
فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )


فطول الأمل يعني الغفلة عن أن الموت قريب
وبمعنى آخر استبعاد الموت -


ونحن كثيرا ما نستبعد الموت عن أحبائنا
واخواننا وأهلنا أليس كذلك ؟
فكل شيء نتوقعه إلا الموت
ونستبعد الموت عنا وكأننا لن نموت ....!!!


= فعن سفيان الثوري قال :
ليس الزهد في الدنيا بلبس الغليظ والخشن وقلة الأكل
انما الزهد في الدنيا قصرالأمل


= وسؤل آخر : ما أقرب شيء ؟ قال : الأجل
– وسؤل : ما أبعد شيء ؟ قال : الأمل


= روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :
ليس بعاقل ولا ذاكر الموت من عد غدا من أجله
فرب مستقبل يوما لا يستكمله – ومؤمل غدا لا يبلغه
لو أبصرتم الأجل ومروره لأبغضتم الأمل وغروره
فيا عجبا للفروع ذهبت أصولها وللنجوم قد آن أفولها


= وروي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
أنه كان يقول :
أيها الناس ما الجزع مما لا بد منه –
وما الطمع فيما لا يرجى- وما الحيلة فيما لا يزول
وانما الشيء من أصله
وقد مضت من قبلنا أصول نحن فروعها
فما بقاء الفروع بعد اندثار الأصول
– فكل ما آت قريب -
أيها الناس انما أنتم في الدنيا أغراض
تتصل فيكم المنايا ونهب للمصائب
ومعدن للنوائب مع كل أكلة غصة ومع كل شربة شرقة
ولا تنالون نعمة إلا بفراق أخرى
ولا يعمر فيكم معمر لا يهدم آخر من أجله
وأنتم أعوان الحتوف على أنفسكم
فأين المهرب مما هو كائن ؟


فاتقوا الله عباد الله وبادروا للموت الذي منه هربتم –
أدرككم وان أقمتم- يأخذكم وان نسيتموه -
عجبا لمن نسي الموت وهو يرى من يموت -
عجبا لمن يحمل حبيبه في التابوت –
يحمله الى القبر ويتركه ويغيب
كيف ينسى أن الموت آتيه
والله ان أمره لعجيب عجيب




=يروى عن علي رضي الله عنه أنه قال :
أخوف ما أخاف عليكم اثنان : طول الأمل واتباع الهوى
ألا وان طول الأمل ينسي الآخرة واتباع الهوى يصد عن الحق ؟


= هل ما زلت تحتجب بطول الأمل –
أو ما زلت تستتر بالأماني وتؤمل أن تحيا –
وأنت ترى في كل يوم ميت بل وأكثر من ميت



أؤمل أن أحيا وفي كل ساعة تمر بي الموتى تهز نعوشها
وهل أنا إلا مثلهم غير أن لي بقايا ليال في الزمان أعيشها




= فاللهم عافنا من حب الدنيا ومن بلائها
وعافنا من عذاب القبر وقلة الصبر –
وعافنا من طول الأمل وعذاب الآخرة وتوفنا مسلمين


وألحقنا بالصالحين يا أرحم الراحمين
وصلى اللهم وسلم وبارك على محمد




لا تنسوني من الدعاء


ألقاكم غدا بإذن الله تعالى .. هذا ان عشنا ليوم الغد




..... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف

ناريمان الشريف 08-12-2010 11:35 PM



المشهد الرابع ( أسباب طول الأمل )




السلام عليكم أيها السادة الأموات عما قريب

ومرحبا بكم في المشهد الرابع من مشاهد الرحلة الى المقابر


= لا زلت أخي المستمع أحدثك عن طول الأمل

ولمن فاته ما تقدمت به – طول الأمل معناه : استبعاد الموت -

ترى ما هي أسباب طول الأمل ؟

يقول لله تعالى ( انما اموالكم وأولادكم فتنة )

أي اختبار وامتحان للعبد ليرى رب العزة

هل يشتغل بها عن الله فينساه ويعصيه ؟

والأموال والأولاد كما هو معروف زينة الحياة الدنيا

فتتزين الحياة لنا بالأموال والأولاد

ونحبها ونجري خلفها لاهثين باحثين عن السعادة فيها

ناسين أن حب الدنيا يجرنا الى نسيان الآخرة .


= واعلم أن طول الأمل له سببان أحدهما حب الدنيا –

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : حب الدنيا رأس كل خطيئة -
لأنه اذا أنس بها واستلذ شهواتها وتعلق بعلائقها

ثقل على قلبه مفارقتها فامتنع قلبه عن التفكر في الموت

الذي هو سبب مفارقة الدنيا ويظل شغوفا بالأماني الباطلة

فيمنّي نفسه بما يوافق مراده وهو البقاء في الدنيا – ف
لا يزال يتوهم هذا ويقدره في نفسه

ويقدر توابع البقاء وما يحتاج اليه

من مال وأهل ودور وقصور وزروع وثمار وسائر أسباب الدنيا

فيصير قلبه عاكفا على تأمين هذا وذاك

فيلهيه كل هذا عن ذكر الموت

ولا يقدر قربه ولا يتوقع حضوره –

واذا حصل وان ذكر الموت أمامه سوّف ووعد نفسه

وقال لها : الأيام طوال طوال والعمر لا يزال في أوله –

أتوب عندما أكبر فاذا كبر

فقال في نفسه : عندما أصير شيخا واذا شاخ

- ولا زال يؤخر ويسوف ولايكاد ينهي شغلا من أشغال الدنيا

حتى ينشغل في آخر –

وهكذا الى أن يفاجأ بالموت

يحضره ويهجم عليه ويأكل عمره ويسرقه من أشغاله وأعماله

التي لم يستكملها بعد –

فلا هو أنجز لدنياه ولا هو استعد لأخراه –

في كل يوم يشيع جنازة ويحملها على كتفه

ولا يدري أنه سيحمل ذات يوم بنفس النعش
ويسير بنفس الطريق ويقبر في قبره وحيدا

ليس معه رفيق ولا صديق ولا حبيب

إلا العمل وان صح ان أسمي القبر لأسميته ( صندوق العمل ) –

= يا من بدنياه اشتغل- وغره طول الأمل

= الموت يأتي بغتة والقبرصندوق العمل

= وجاء في بعض الأخبار أن تحت العرش ملكا ينادي كل يوم وليلة

الويل لمن ترك عياله بخير وقدم على الله بشر .
سؤل أحدهم : أي الاصحاب أوفى ؟ قال: العمل الصالح –

وسئل أيهم أضر وأبلى –قال : النفس والهوى –

قيل له : فاين المخرج ؟ قال : في سلوك المنهج –
فسئل : وفيم ذاك ؟ قال : ببذل الجهد وخلع الراحات

= تذكر

حياتنا صلاة تنتهي بسجدة الموت

وأعجب العجب أن تحب الله ثم لا تحبه –
وان تسمع داعيه ثم تتأخر عن الاجابة –

وأن تعرف قدر البرح في معاملته وتعامل غيره –

وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له

وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته

= وحب الدنيا ظلمة والسراج لها التقوى

والذنب ظلمه وسراجه التقوى

والقبر ظلمة والسراج لا اله إلا الله محمد رسول الله –

والاخرة ظلمة وسراجها العمل الصالح

والصراط ظلمة وسراجه اليقين



=فحب الدنيا وحب الآخرة كالضرتان لا يجتمعان في قلب
فحب الدنيا يجر المرء الى طول الأمل

والى الغفلة عن قرب أجله وتقريب الموت القريب

أما السبب الثاني فهو الجهل

أما الجهل فيدفع بالفكر الصافي والسماع للموعظة والحكمة

والعبرة ممن ماتوا

فلو دامت الدنيا لغيرك ما كنت أنت فيها-
ولو دامت للخلف لكنت عشت مع السلف

أما حب الدنيا فإخراجه من القلب شديد

وهو الداء العضال الذي أعيا الأولين والآخرين –

وعلاجه الإيمان بالله واليوم الآخر-

والإيمان المطلق بأن الموت حق – والساعة حق –

وما في اليوم الآخر من عظيم العقاب وجزيل الثواب –

فإذا تيقن الإنسان من الموت ارتحل عن قلبه حب الدنيا



= ذكر عن بعض الصالحين أنه قال :

رأيت في المنام رجلا وهو في برية
وأمامه غزالة يجري خلفها وهي تفر منه –
وأسد كأعظم ما يكون خلفه وقد هم أن يلحقه –
والرجل يرد رأسه وينظر الى الأسد فلا يجزع منه –
ثم يجري خلف الغزالة حتى لحق به الأسد فقتله –
فوقفت الغزالة تنظر اليه وهو مقتول –
اذ جاء رجل آخر قد فعل ما فعله المقتول –
فقتله الأسد ولم يدرك الغزالة – فخرج آخر ففعل كذلك -
قال : فما زلت أعد واحدا بعد واحد
حتى عددت مئة رجل صرعى والغزالة واقفة
فقلت : ان هذا لعجب – فقال الأسد : مم تعجب ؟
أوما تدري من أنا ؟ ومن هذه الغزالة ؟
فقلت : لا
فقال الأسد : أنا ملك الموت وهذه الغزالة الدنيا
وهؤلاء أهلها يجدون في طلبها
وأنا أقتلهم واحدا بعد واحد حتى آتي على آخرهم
فاستيقظ فزعا مرعوبا



تأمل في الوجود بعين فكـر ** ترى الدنيـا الدنية كالخيال

ومن فيها جميعا سوف يفنى** ويبقى وجه ربك ذو الجلال

– فان حب الخطير هو الذي يمحق من القلب حب الحقير

فاذا رأى حقارة الدنيا ونفاسة الآخرة كف عن التمسك بالفاني

والتهاون في الباقي

حتى وان أعطي الدنيا بأسرها
فكيف وليس لكل عبد إلا قدر يسير منها

فيفرح بهذا اليسير ويركن اليها وينسى الموت
ويبني القصر ولا يعمر القبر-

– فهو السكن الذي علينا أن نعد العدة لإصلاحه
لأنه المثوى الأخير



= وذكر في بعض الأخبار أن جبريل عليه السلام
هبط على نوح عليه السلام فوجده
قد عمل بيتا من القصب على البحر
فقال : ما هذا يا نوح ؟
فقال نوح عليه السلام : يا جبريل هذا البيت لمن يموت
فقال له جبريل عليه السلام :
لتأتين أمة أعمارهم من الستين الى السبعين
يبنون بيوتهم بالحصى والآجرّ والحجر
فقال نوح عليه السلام :
ما كان على هؤلاء إلا أن يستفّوا الرماد حتى يموتوا




لو كنت تعقل يا مغرور ما برقـت ** عيناك من خوف ومن حـذر

ما بال قوم سهام الموت تخطفهم** يفاخرون برفع الطين والحجر

= فهذا نوح عليه السلام الذي عاش أكثر من ألف سنة

يبني بيته من القصب لأنه يستقرب الموت ويرى أنه يكفيه

والأمة التي تعيش ستين أو سبعين سنة هي نحن

فالواحد منا يبني البيوت ويعمرها وكأنه مخلد فيها
- وكأنه لن يموت أبدا –

فبالله عليك لو علمت أنك ستموت في يوم كذا وكذا

هل كنت تبني وتشيد وتجمع المال ؟
أم تفكر في الموت وماذا تجهز للموت قبل أن تغادر الدنيا بلا رجعة



= قال صالح البراد :

رأيت زرارة بن أوفى بعد موته فقلت :
رحمك الله ماذا قيل لك ؟ وماذا قلت ؟
فأعرض عني قلت : فما صنع الله بك ؟
قال : تفضل علي بجوده وكرمه
قلت : فبأي الأعمال بلغت ما بلغت ؟
قال : التوكل وقصر الأمل .
..... الى هنا

ألقاكم غدا بإذن الله تعالى
هذا ان عشنا ليوم غد ٍ.. لا تنسوني من الدعاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته






..... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف

فاطمة جلال 08-13-2010 05:47 PM

رحلة حري بنا أن نكملها قبل فوات الأوان

ناريمان غاليتي

بارك الله فيك

ناريمان الشريف 08-13-2010 10:13 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة جلال (المشاركة 6536)
رحلة حري بنا أن نمل لها قبل فوات الوان

ناريمان غاليتي

بارك الله فيك

بارك الله فيك غاليتي فاطمة
أرجو أن تستكلمي معي ما تبقى من مشاهد الرحلة

تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 08-15-2010 10:31 AM

المشهد الخامس
( ألهــــاكم التكــــاثر )






السلام عليكم أيها الميتون عما قريب
وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

لم ننطلق بعد الى المقابر
ولكنني سأعـّزيكم بأنفسكم قبلها ب ( ألهاكم التكاثر)

قال ميمون بن مهران :
دخلت على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
وهو يقرأ ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر )
فقال : انما يزورون المقابر بالموت
ولا بد لكل زائر أن يعود لوطنه من جنة أو نار

أرضيت دارا لا بقـاء لها ** تعد الشرور وتنصب الفتنا
ما يستقيم سرور صاحبها** حتى يعود سروره حزنـا
عجبا لها لا بل لموطنهـا ** المغرور حين يعدها وطنـا
فالحمـد لله اللطيف بنـا ** ستر القبيح وأظهر الحسـنا



= وقال زر بن حبيش عن علي رضي الله عنه
قال : كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت ( ألهاكم التكاثر )
أي شغلكم التكاثر بالأبناء والأولاد عن ذكر الله وطاعته
واللهو : ما شغل – حتى زرتم المقابر – أي بيوتكم

= وقيل ألهاكم التكاثر في الدنيا : بجمع الحطام واكتساب الآثام
والتمادي في الإجرام .

كم تتناسى القبور يا مغرور حفرٌ ما بها لعاص سرور
وتتعامى عنها وأنت تراها ورحاها على الأنام تدور
فاتق الله حق تقواه واحذر كل هول يخافه المقبور
ودع اللهو والبطالة واعمل للتي عاجلا اليها تصير

= يروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه لما عـُرض عليه
ما يصيب أمته من بعده من عذاب
ما رؤي ضاحكا مستبشرا حتى قبضه الله تعالى اليه 0

= وهذا زكريا عليه السلام فقد ابنه يحيى ثلاثة أيام
فخرج يلتمسه في البرية
فاذا هو قد احتفر قبرا وأقام فيه يبكي على نفسه
فقال : يا بني أنا أطلبك من ثلاثة أيام وأنت في قبر
قد احتفرته قائم تبكي فيه ؟ فقال يحيى عليه السلام :
يا أبتي .. ألست أنت أخبرتني
إن بين الجنة والنار مفازة لا تقطع إلا بدموع البكائين ؟
فقال له زكريا عليه السلام : ابك يا بني – فبكيا جميعا 0

هذا حال نبي الله يحيى-
فكيف بحال ابن آدم الذي يزور القبور لدفن احد الأقارب
ولا نراه يعود بدمعة واحدة –
بل ان البعض يبتعد عن القبر أثناء الدفن حتى لا يرى القبر
ولا يحاول الواحد منا أن يلقي حتى بنظرة على القبر
الذي سينزل فيه ذات يوم ؟

= ويروى عن ابن أبي الدنيا عن حمزة الأعمى قال :
وكنت أدخل على الحسن البصري منزله وهو يبكي
وربما جئت اليه وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه
فقلت له يوما : إنك تكثر البكاء ؟
فقال : يا بني ما ذا يصنع المؤمن اذا لم يبك ؟
يا بني – ان البكاء داع الى الرحمة –
فان استطعت أن تكون عمرك باكيا فافعل
لعله تعالى أن يرحمك
وتنجو من النار .
وقال : ما هو إلا حلول الدار اما الى الجنة واما الى النار –
ما هناك منزل ثالث

= فمن منا يبكي على خطاياه ؟
ومن منا يبكي خوفا من القبر وما فيه ؟
ومن منا يبكي أن يستبدل نعيمه في الدنيا بجحيم الآخرة ؟
ان بكيت ..
فما تبكي إلا آسفا على عرض من عروض الدنيا الزائلة!!
فتبكي تارة على تجارة خسرت فيها
أو مال ضاع منك
أو قصة حب فشلت فيها
والبعض التافه منا يبكي على قصة فيلم مؤثرة
أليس هذا ما يحدث ؟
أما أن تبكي على صلاة ضاع وقتها منك ولم تصليها فلا
أليس هذا ما يحدث ؟
ألست تأسف على الدنيا الزائلة وتتمسك بنعيمها الفاني ؟
وقد تبكي على واحد من أحبائك أصيب بمرض عضال
وجلس قعيدا في قراشه ينتظر الموت
ومن المؤكد أنك تبكي على قريب لك مات وفارق الحياة ؟

أليس كذلك؟؟؟؟؟

لا تأســـفن على الدنيـا وما فيهـا فالموت لا شك يفنينا ويفنيهــــــا
واعمـل لـدار يكـن رضوان خازنها والجار احمد والرحمن عاليهـــا
من يشتري الدار في الفردوس يغمرها بركعة في ظلام الليل يُحييهـا
أين الملـــوك التي عن حظها غفلت حتى سقاهم بكأس الموت ساقيها
أفنى القرون وأفنـــى كل ذي عمر كـذلك الموت يفني كـــل من فيها
والموت أحدق بالدنيا وزخرفهـــا والناس في غفلة عن ترك ما فيها
لو أنها عقلــت ماذا يـراد بهــا ما طاب عيش لها يوما ويلهيهـــــا
تلهو تأمــل آمالا تسـر بهـــا شـريعة الموت تطوينا وتطويهـــــــــا
تلك المنازل في الآفاق خاويــــة أضحت خرابا وذاق الموت بانيهـــــا

واذا بكينا على ميت غادرنا
وبعد فترة ننسى ما كان وكيف كان

والأوجب ألا نبكي على الميت
ألأوجب أن نبكي على أنفسنا
وعلى أعمارنا التي ترحل من بين أيدينا
ونحن غارقون في اللهو لا نستذكر الموت والقبر
ولا نستذكرالهاكم التكاثر –
بل ونحتفل بالميلاد ونسميه عيدا ونقيم حفلة لذلك
ونطفيء الشموع ونغني له ونهنئ صاحبه بسنة جديدة من عمره
والأوجب في يوم ميلاد أحدنا
أن نأتيه فنعزيه على سنة أخرى ضاعت من عمره
لا أن نبارك له بأنه كبر عاما

= يا أخي انما أنت عدد فاذا ذهب يوم فانما ذهب بعضك

وان كان لا بد أن نبكي فعلينا أن نبكي على أمس
واذا عشنا للغد فعلينا أن نبكي على اليومأن نبكي عل

عجبا للزمان في حالتيــــه وبلاء ذهبت منه اليــــه
رب يوم بكيت منه فلمــــا صرت في غيره بكيت عليــه



= فالعيد لا أن نحتفل بيوم الميلاد
انما كما قال الشافعي لما سؤل عن رأيه في العيد ؟
فقال : كل يوم لا أعصي الله فيه فهو عيد0

= وهذا أحد الصالحين : مات له ولد – فجاء يعزيه أهل المدينة
فقال عجبا !!!!
لو أني أضعت فرضاً من صلاتي ما عزاني أحد
مع أن مصابي في اضاعة صلاتي أعظم من مصابي بولدي –

= أرأيت هذا الصالح الذي يعتبر اضاعة الصلاة أكبر
من ان يفقد ولده ؟
أما نحن فلا نأسف لصلاة راح وقتها
ولا نبكي على ذنب اقترفناه
مع أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) قال : ابك على خطيئتك

بل اننا اذا ما اقترفنا ذنبا
سرعان ما ننسى أليم العقاب من الله تعالى عليه
أما الأولون العارفون بالله تعالى فماذا يفعلون



= هذا الزهري أصاب ذات يوم ذنبا
فاستوحش من ذنبه وهام على وجهه وترك أهله
وجلس باكيا حزينا على ما أصاب من ذنب
لولا أنه التقى بعلي بن الحسين فقال له :
ما قنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شيء أعظم من ذنبك 0

= نعم ألهانا التكاثر –
وألهتنا الدنيا وما فيها من تجارة وزروع وأموال وأولاد
عن ذكر الله
بل أننا سرعان ما نصاب بالاكتئاب
اذا ارتحل عنا شيء من نعيم الدنيا
وكثيرا ما نكتئب بسبب معاملة الناس وقسوتهم
أما أن نبكي من خشية الوقوف بين يدي الله فلا –



= يروى عن مولى عمر بن عبد العزيز قال له :
رأيتك البارحة تبكي بكاء ما رأيتك بكيت مثله
قال : فبكى- ثم قال : يا بني
ان والله اذا ذكرت الله الوقوف بين يدي الله عز وجل
قال : ثم غشي عليه فلم يفق حتى علا النهار
فما رأيته بعد ذلك مبتسما حتى مات 0

= ويروى أنه كان يبكي بكاء مرا فسألته ابنه ما يبكيك ؟
فقال : ود أبوك أنه لم يعرف الدنيا ولم تعرفه
والله يا بني لقد خشيت أن أهلك وأن أكون من أهل النار

هذا عمر بن عبد العزيز الذي نادى مناد في السماء أن هلموا للصلاة على عمر بن عبد العزيز لما مات -
هكذا يقول !!!!!! فماذا نقول نحن ؟؟؟


سادتي الكرام ..
القاكم بنفس الموعد في الغد بإذن الله تعالى

هذا ان عشنا ليوم غد
لا تنسوني من الدعاء .. رحمة الله عليكم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



ناريمان الشريف

حميد درويش عطية 08-16-2010 10:00 AM

كم أنتِ رائعة
أختي ناريمان
تنثرينَ ابداعك
هنا و هناك
بلا ملل .. !!
نرتشفُ عذبَ كلامك ِ
و لكن .....
هل نرتوي ؟؟؟
علنا نرتوي ..
و لقد أحسنت ِ الإختيار
بارك الله تعالى فيك
و إلى المزيد بعونه سبحانه

16 / 8 / 2010

ناريمان الشريف 08-16-2010 12:10 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حميد درويش عطية (المشاركة 7928)
كم أنتِ رائعة
أختي ناريمان
تنثرينَ ابداعك
هنا و هناك
بلا ملل .. !!
نرتشفُ عذبَ كلامك ِ
و لكن .....
هل نرتوي ؟؟؟
علنا نرتوي ..
و لقد أحسنت ِ الإختيار
بارك الله تعالى فيك
و إلى المزيد بعونه سبحانه

16 / 8 / 2010


سلام الله عليك
ويا مرحباً بك هنا أخي حميد
أشكرك على متابعتك لهذه الرحلة التي لا بد منها


تحية ... ناريمان

ناريمان الشريف 08-17-2010 11:23 AM

(المشهد السادس من مشاهد الرحلة الى المقابر )
( تبني للخراب )



السلام عليكم أيها الميتون عما قريب
وأهلا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر
مشهد اليوم سيجعلك تعيد النظر فيما تجمع
وفيما تعمر وتشيد
وفيما تلد من البنين والبنات

فما قولك إذا علمت أنك تلد للموت وتبني للخراب ؟
نعم هذا هو حال أهل الدنيا

= فقد روى عن النبي (ص) أنه قال: ما من يوم إلا وملكان يناديان :
يا أهل الدنيا ولدتم للموت وتبنون للخراب وأنتم محاسبون ومعذبون عند ربكم )

لله ملـِك ينــادي كل يوم *** لـدوا للمـوت وابنـوا للخراب
لمـن نبني ونحن الى التراب *** نعود كمـا خلقنـا مـن تـراب
ألا يا مـوت لم أر منك بـدّ ا *** أتيـت فلا تحيـد ولا تحـابـي
كأنك قد هجمت على مشيبي *** كمـا هجم المشيب على الشبـاب

= عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنت مع كعب الأحبار
وهو عند عمربن الخطاب رضي الله عنه

فقال كعب : يا أمير المؤمنين
ألا أخبرك بأغرب شيء قرأته في كتب الأنبياء ؟
إن هامةً جاءت الى سليمان بن داود صلوات الله وسلامه عليهما
فقالت السلام عليك يا نبي الله - قال : وعليك السلام يا هامة
أخبريني كيف لا تأكلين من الزرع
قالت : يا نبي الله إن آدم أخرج من الجنة بسببه
فقال : كيف لا تشربين الماء ؟
قالت : ان الله أغرق قوم نوح فيه فمن أجل ذلك لا أشربه
قال سليمان : كيف تركت العمران وسكنت الخراب؟
فقالت: لأن الخراب ميراث الله – فأنا أسكن ميراث الله
قال سليمان: فماذا تقولين اذا جلست فوق خربة ؟
قالت : أقول أين الذين كانوا يتمتعون بالدنيا ويتنعمون فيها ؟
قال سليمان عليه السلام : فما صياحك في الدوراذا مررت عليها ؟
قالت : أقول : ويل لبني آدم كيف ينامون وأمامهم الشدائد ؟
قال : فما لك لا تخرجين بالنهار؟؟ ولا تظهرين الا بالليل
قالت : من كثرة ظلم بني آدم لأنفسهم
قال: فأخبريني : ما تقولين في صباحك ؟
قالت : أقول : تزودوا يا غافلون وتهيؤا لسفركم
سبحان خالق النور
فقال سليمان عليه السلام : ليس من الطيور أنصح لابن آدم وأشفق عليه من هذه الهامة
وما في قلوب الجهال أبغض منها.

= فلا تركن الى دنياك المتقلبة – وكيف تبيع الباقي الغالي بالفاني الرخيص
فيا مسكين أنفقت مالك في بنيان الدور وتشييد القصور
ونسيت الموت والتحول الى ظلمة القبور ثاويا فيها الى يوم النشور
ألا للخــراب بنى العامرونا ** وللموت ما وَلــد الوالدونـا
وعما قليل يرى الآخرون ** عجائب ما قد رأى الأولونـا
ويشقـى أناس بما جمعـوا ** ويســعد بالقلـة الزاهدونا
ولا يرحمون إذا بكوا ولا ** يرتجي الرحمة الظالمونا

= هذا بالتأكيد لا يعني ألا يصلح الانسان من شأن حياته
فان الله تبارك وتعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده
ولكن بشرط ألا يكون هذا العمار لاهيا لك عن ذكر الله
وذكر الموت -

= روي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال :
ما من يوم إلا وملك الموت ينادي :
يا أهل الدنيا عجلوا لأن أهل القبور محبوسون من أجلكم
أتركوا ما جمعتم وخربوا ما بنيتم
الويل لكم ان أدرككم الموت على هذه الحالة
زينتم الدور ونسيتم القبور
أذكروا القبر ووحشته
والموت وسكرته
والصراط ودقته
الموت سكرة في سكرة
وحيرة في حيرة وجذبة يا لها من جذبة
فالمسكين يكابد غصص المنون داهش العقل محزون

= وحكي عن بعض السادات أنه قال :
نظر الي بهلول وأنا أبني دارا فقال : لمن هذه الدار ؟
فقلت : لرجل من كبار أهل الكوفة
فقال : أرنيه؟
فأريته اياه - فناداه فقال : يا هذا لقد تعجلت البناية قبل العناية
اسمع الى صفة دار كونها العزيز أساسها المسك وبلاطها العنبر
اشتراها عبد أزف للرحيل كتب على نفسه كتابا
وأشهد على عقد ضمائره شهودا
ولهذه الدار شارع ينتهي الى دار الخلد والسلام
وخيام قد ملئت بالولدان ليس فيها أسقام ولا ضر ولا الآم
ولا يذوق ساكنها سكرات الحمام
يا لها من دار لا ينقضي نعيمها ولا يبيد كريمها
ملئت خيامها بجوار بهن يكمل السرور
ليس لهن سوى الدين والتقوى مهور
قيل وبعد أن قال بهلول هذا الكلام
ترك الرجل داره وتاب الى الله ورجع
وهام على وجهه خارج داره
فناداه بهلول وهو يعدو خلفه ويقول :
يا ذا الذي طلب الجنان لنفسه**** لا تهربن فانه يعطيكا

= حكي عن عباد المهلبي أنه قال :
كان ملك من ملوك البصرة قد ترك الدنيا وما فيها وتعبد
ثم بعد مدة من الزمن
وسوس له شيطانه بترك العبادة فمال الى الدنيا وغرورها
فبنى دارا وشيدها وأمر بفرشها
وأمر أن يصنع طعام كثير ودعا الناس
فجعلوا يدخلون ويهنئونه ويأكلون ويشربون
وينظرون الى بنائه ويعجبون منه.. ثم يدعون له ويتفرقون عنه
فمكث بذلك زمانا حتى اذا فرغ من أمر الناس
أجلس نفرا من خاصة اخوانه فقال لهم :
أترون سروري بهذا القصر؟؟
فقد حدثتني نفسي أن أتخذ لكل واحد من أولادي مثل هذا القصر
فأقيموا عندي أياما أستمتع بحديثكم
فأقاموا عنده أياما يأكلون ويشربون ويتمتعون
اذ سمعوا ذات ليلة بهاتف يهتف وينادي بصوت جهير ويقول :

يا أيهـا الرجـل الناسـي منيتـه **
لاتـأمنن فـإن المـوت مكتوب
على الخلائق ان سروا وان كرهوا **
فالموت حتم لذي الآمال منصوب
لا تبنيـنّ ديـارا لسـت ساكنهـا **
وراجع النسـك كيما تغفر ذنوب

قال : فخرج وخرج أصحابه بعد أن راعهم ما سمعوا
فقال لأصحابه : هل تجدون ما أجد ؟
وهل تشعرون بما أشعر ؟ قالوا : وماذا تجد وتشعر ؟
قال : أجد مسكة على فؤادي وما أرها إلا علة
ثم أمر بالشراب فأهريق وأمر بالملاهي فأخرجت
ثم قال : اللهم اني أشهدك وأشهد ملائكتك ومن حضر من عبادك
أني تائب اليك من جميع ذنوبي
نادم على ما فرطت في الأيام الماضية
ثم اشتدت به العلة فلم يزل يقول الموت الموت
حتى خرجت روحه من ليلته تلك وتفرق عنه أصحابه –

= الناس يبكون على موتاهم
والأجدر أن يبكوا على أنفسهم لا على الميت -
عجبت لجازع باك مصاب*** بأهل او حميم ذي اكتئاب
يشق الجيب يدعو الويل جهلا *** كأن الموت بالشيء العجاب
وأمر الله فيه الخلق حتى *** نبي الله منه لم يحابي
له ملك ينادي كل يوم *** لدوا للموت وابنوا للخراب



الى هنا انتهى مشهد اليوم
ألقاكم غدا بنفس الموعد .. هذا ان عشنا ليوم الغد
لا تنسوني من الدعاء .. الى اللقاء




..... يتبع
ناريمان

ناريمان الشريف 08-18-2010 09:23 AM

المشهد السابع
( تذكر الموت )



= السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها السادة الميتون عما قريب
ومرحبا بكم في مشهد آخر من مشاهد الرحلة الى المقابر

= نحن مسلمون
وجميعنا نؤمن بأن الله حق والموت حق أليس كذلك
ولأنه كذلك علينا أن نضع الموت نصب أعيننا
كل دقيقة تمر من عمرنا
وعلينا أن نتخيل أننا سنموت وتخرج أرواحنا من أجسادنا
ونصبح أجسادا هامدة في أي لحظة آتية - ولكن الكثيرين منا للأسف لا يذكرون الموت إلا قليلا-

والشيطان اللعين يساهم في هذا – فكلما ذكرت الموت –
يمنيك الشيطان اللعين أن الموت ليس لك انما لغيرك
ويجعلك متأكدا ان العمر طويل طويل


=أما نبي الأمة فيروي عنه ابن عمران ويقول :
كنت جالسا مع رسول الله (ص) فجاء رجل من الأنصار
فسلم على النبي (ص)
فقال : يا رسول الله – أي المؤمنين أفضل ؟
قال : أحسنهم خلقا- قال : فأي المؤمنين أكيس ؟
قال : أكثرهم للموت ذكرا –
وأحسنهم لما بعده استعدادا اولئك الأكياس ؟

وقال عليه الصلاة والسلام :
الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت –
والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله 0

والعاجز هنا المقصر الذي يتبع الشهوات ويتمنى على الله أن يغفر له –
وهذا هو الاغترار- وهذا هو الأمن من مكر الله -

فعن معروف الكرخي رحمه الله قال :
رجاؤك الرحمة ممن لا تطيعه حماقة وخذلان



يقول الامام علي :
أحسنت ظنك بالأيام اذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها وعند صفو الليالي يحدث الكدر

وعن طول الأمل – قال الغزالي رحمة الله عليه :
اعلم أنه اذا طال الأمل هاج منك أشياء :
ترك الطاعة والكسل فيها وترك التوبة وتسويفها ( أي تأجيلها )
والحرص على الجمع والاشتغال بالدنيا وقسوة القلب
ونسيان الآخرة -

ولكن لماذا طول الأمل يفعل كل هذا؟

بالمختصر اذا أحس الانسان أن عمره طويل
يبقى لديه أمل باصلاح نفسه
وتغيير سلوكه –

ولكن من يدري أنه يعيش للغد أو حتى لما بعد ساعة –

فقد يموت فجأة وهذه الميتة مكروهة للإنسان المؤمن –

أما عندما يمرض الإنسان لكأنما الله يمهد له
بأنه أشرف على الموت ويعطيه فرصة
لذلك يقال إن الجسم الذي لا يمرض يأشر ويبطر0

= وقال : لقد وعظت نفسي بالقرآن والموت0
أخي يا صاحب الأمل الطويل يا ناسي الموت -
قد تتعظ قولا وعلما أما عملا فلا

قد تستمع الى خطبة جمعة من امام المسجد
وهو يحدثك عن الموت وما أن تخرج من باب المسجد
حتى تتلهى بقشور الدنيا –
ولا تعاود الاجتهاد في التزود للآخرة
كاجتهادك في تدبير الدنيا العاجلة
ولم تستح من الله كما تستحي من الخلق
ولم تشمر للقبر كتشميرك في الصيف لأجل الشتاء
وفي الشتاء لأجل الصيف ولو فتشت
عن سبب تمادي النفس في فعل هذا
لوجدت انه الاعتقاد بتراخي الموت واستبعاد هجومه –
مع أنه لو أخبرك الطبيب أنك ستموت بعد شهر
لاستقامت نفسك
ولهزل جسمك ولاستويت على الصراط المستقيم -
تخيل انك ستموت في نهاية هذا الشهر فما أنت فاعل ؟؟
نشدتك بالله تعالى - حاول أن تجيب ؟

= إليك هذه الحكاية : قال الشافعي :
الشحم لا ينعقد مع الحزن والغم ثم قال :
كان بعض ملوك الأرض قديما كثير الشحم لا ينتفع بنفسه –
فجمع الأطباء وقال لهم :
احتالوا بحيلة يخف بها لحمي هذا قليلا –
فما قدروا على شيء فجاءه رجل عاقل وقال للملك : أ
نا سأعالجك – قال الملك : عالجني ولك الغنى – قال :

أصلح الله الملك انما أنا منجم ولست بطبيب –
فدعني أنظر الليلة في طالعك لآرى أي دواء يوافق حالتك
ولما أصبح – قال : أيها الملك أعطني الأمان ؟
فلما أمنه الملك قال له :

رأيت طالعك يدل
على أنه لم يبق من عمرك غير شهر واحد
فاذا أردت عالجتك –
واذا أردت أن تتأكد من كلامي فاحبسني عندك شهرا
فاذا كان قولي صحيحا فخل عني واذا كنت كاذبا فاقتص مني
وعاقبني بالذي تريد – فحبسه الملك –
وبدأ يفكر في نفسه ويقول شهر واحد بقي من عمري
لا بد من أن أصلح من شأني فرفع الملاهي
وتوقف عن شرب الخمر وساعد المحتاجين
واحتجب عن الناس
وخلا مغتما كئيبا حزينا
يلوم نفسه على ما فعل في السر والعلن
وكلما اقترب الشهر على نهايته
زاد حزنه وخوفه من الموت والقبر
وبعد ثمانية وعشرين يوما بعث الملك الى المنجم
وأخرجه من سجنه وقال له : ماذا ترى ؟
قال: أعز الله الملك – أنا أهون على الله من علم الغيب !
والله اني لا أعرف عمري ولا متى سأموت
فكيف لي أن أعرف عمرك
و لم يكن عندي دواء لبدانتك وشحمك
سوى الغم وانتظار الموت –

فمن يحمد الدنيا لعيش يسره فسوف لعمري عن قليل يلومها
اذا أقبلت كانت على المرء حسرة وان أدبرت كانت كثيرا همومها



= أخي المستمع 00 كل هذه المشاهد وأنت لم تمت بعد

لا زلت على قيد الحياة – ولم تسقط ورقتك بعد !!
ولم يأت ملك الموت ليأخذ روحك ولما يحفر قبرك بعد
هل مررت ذات يوم بالمقابر ورأيت قبرا محفورا؟

هل جربت أن تلقي نظرة
وتتفقد أرضه التي ستلقى عليها ذات يوم
ما رأيك أن تذهب اليوم الى المقابر لزيارة أحد أقربائك

وتنزل في أحد القبور الفارغة وتتخيل أنه مسكنك الجديد

وماذا يمنعك من الاستلقاء فيه؟



= وقد أسمعتكم في المشهد السابق
كيف بات يحيى عليه السلام في قبر احتفره لنفسه فمكث فيه ثلآثة أيام وهو يبكي من هول القبر
ويغيب فيه عن الدنيا ويعيش مشهد الموت
وحيدا بعيدا عن الدنيا وأهلها

= فاذا كان هذا نبي الله يخاف من القبر ووحشته ويحسب حسابا لليوم الذي يكون فيه تحت التراب فكيف بنا نحن

= وهذا سفيان الثوري كان لديه قبرا في منزله يرقد فيه وإذا ما رقد فيه نادى ( رب ارجعون – رب ارجعون )
ثم يقوم منتفضا ويقول لنفسه : ها أنت قدر رجعت يا سفيان فماذا أنت فاعل ؟

زرع أعماركم قد أذن بالنفاد ونوم غفلتكم قد أطال الرقاد
فأين الحسرات على فوات الأمس
وأين العبرات على مقاساة ظلمة الرمس-
أين ما أعددتموه ليوم لا تجزي نفس عن نفس؟



أأمل أن أخلد والمنايا يثبن إلي من كل النواحي
ولا أدري إذا أمسيت حيا لعلي لا أعيش الى الصباح

= نعم لعلي لا أعيش الى الصباح –

= أخي المستمع – في المشهد القادم سأحكي لك قصة حقيقية عن رجل ذهب الى المقابر ونام ليلة في القبر –

انتظرونا في المشهد التالي من مشاهد الرحلة الى المقابر في الغد
هذا ان عشنا ليوم الغد



يتبع .... ناريمان

عبدالسلام حمزة 08-19-2010 11:23 PM

ناريمان الشريف

لا بد من هذه التذكرة لإلجام النفس والأماني

سلامي لك أختاه


الساعة الآن 01:47 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

Security team