.... إنْ لَمْ تَغْلِبْ فَاخْلُبْ .... ويروى " فَاخْلِبْ " بالكسر ، والصحيح الضم ، يقال : خَلَبَ يَخْلُبُ خِلَابة وهي الخديعة ، ويراد به الخُدْعَةُ في الحرب كما قيل : نَفَاذُ الرأي في الحرب ، أنفذ من الطعن والضرب . |
.... إنَّ أخَا الهَيْجَاءِ مَنْ يَسْعَى مَعَكْ وَمَنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَكْ .... يضرب في المساعدة . |
.... إنِّي لَأَنْظُرُ إلَيْهِ وإلَى السَّيْفِ .... يضرب للمَشْنُوء المكروه الطَّلْعَةِ . |
.... الأَمْرُ سُلْكَى وَلَيْسَ بِمَخْلوجَةٍ .... السُّلْكَى : الطعنة المستقيمة ، والمَخْلُوْجَة : المُعْوَجَّة ، من الخَلْج وهو الجَذْب ، وأنث الأمر على تقدير الجمع أو على تقدير : الأمر مثل سُلكى أي مثلُ طعنةٍ سُلْكى ، وإن كان لا يوصف بها النكرة ؛ فلا يجوز : امرأة صُغْرى ، وجارية طُوْلى ، وقد عِيْبَ على أبي نُوَاس قولُه : كأنَّ صُغْرَى وكُبْرى من فَوَاقِعِها حصباء دُرٍّ على أرضٍ منَ الذَّهبِ إلا أن يجعل اسماً كقول الحماسيّ : وإنْ دَعَوْتِ إلى جُلَّى ومَكْرُمَةٍ يوماً سراةَ كِرامِ الناسِ فَادْعِيْنا قالوا : الجُلَّى الأمر العظيم ، فكذلك السُّلكى الأمر المستقيم ، والأصل في هذا قول امرئ القيس : نَطعُنُهُم سُلكى وَمَخلوجَةً كَرَّكَ لَأمَينِ عَلى نابِلِ أي طعنةً مستقيمةً وهي التي تقابل المطعون فتكون أسلك فيه . يضرب في استقامة الأمر ونقي ضدها . |
.... أَزِمَتْ شَجَعَاتُ بِمَا فِيْها .... الأزْمُ : الضيق ، يقال : أَزَمَ يَأْزِمُ إذا ضاق ، والمأزِمُ : المَضِيق في الحرب وشَجَعَات : ثَنِيَّةٌ معروفة ، ولهذا المثل قصة ذكرتها عند قوله " أنْجَزَ حُرّ ما وعد " في باب النون . |
.... إنه لأنفذ من خازق .... الخازقُ والخاسقُ : السِّنانُ النافذ . يوصف به النافذُ في الأمور . |
.... إحْدَى حُظَيَّاتِ لُقْمَانَ .... الحُظَيَّة : تصغير الحَظْوَة بفتح حائه ، وهي المرماة* ، قال أبو عبيد : هي التي لا نَصْل لها . ولقمان هذا هو : لُقْمَان بن عادٍ ، وحديثه أنه كان بينه وبين رجلين من عاد ، يقال لهما عمرو وكعب ابنا تِقْن بن معاوية قتال ، وكانا رَبَّيْ إبل ، وكان لقمان ربَّ غنم فأعجبت لقمانَ الإبلُ ، فراودهما عنها ، فأبَيَا أن يبيعاه ، فعمد إلى ألبان غَنَمه من ضأن ومِعْزى وأنافِحَ من أنافح السَّخْل ، فلما رأيَا ذلك لم يلتفتا إليه ولم يرغبا في ألبان الغنم ، فلما رأى ذلك لقمان قال : اشْتَرِياها ابْنَيْ تِقْن ، أقبلَتْ مَيْسا ، وأدبرَتْ هَيْسا ، وملأتَ البيت أَقِطاً وحَيْسا . اشترِياها ابْنَيْ تِقْن ، إنها الضأن تُجَزُّ جفَالا ، وتُنْتَجُ رِخَالا ، وتحلب كثَباً ثِقالا . فقالا : لا نشريها يا لُقْمَ ، إنها الإبل حملْنَ فاتسقْنَ ، وجرَيْنَ فأَعْنَقْنَ ، وبغير ذلك أفلتن ، يَغْزُرْنَ إذا قطن . فلم يبيعاه الإبل ولم يشريا الغنم ، فجعل لقمان يُدَاوِرهما ، وكانا يَهابَانِه ، وكان يلتمس أن يغفلا فيشدّ على الإبل ويَطْرُدها ، فلما كان ذاتَ يوم أصابا أرنباً وهو يَرْصُدهما رجاء أن يصيبهما فيذهب بالإبل ، فأخذا صفيحة من الصَّفا ، فجعلها أحدُهما في يده ، ثم جعل عليها كومةً من تراب قد أَحْمَيَاهُ فملَّا الأرنب في ذلك التراب فلما أَنْضَجَاها نَفَضَا عنها التراب فأكلاها ، فقال لقمان : يا ويله أَنِيئةً أكلاها ، أم الريح أَقْبَلاهَا ، أم بالشِّيح اشتَوَيَاها . ولما رآهما لقمان لا يغفلان عن إبلهما ، ولم يجد فيهما مطعماً لقيهما ومع كل واحد منهما جَفير مملوء نَبْلاً وليس معه غير نَبْلَين ، فخدعهما فقال : ما تصنعان بهذه النبل الكثيرة التي معكما ؟ إنما هي حَطَب ، فوالله ما أحمل معي غير نَبْلَين ، فإن لم أُصِبْ بهما فلستُ بمُصيب ، فعمدا إلى نبلهما فنثَراها غير سهمين ، فعمد إلى النبل فحواها ، ولم يُصب لقمان منهما بعد ذلك غِرَّة ، وكان فيما يذكرون لعمرو بن تِقْن امرأة فطلقها ، فتزوجها لقمان ، وكانت المرأة وهي عند لقمان تكثر أن تقول : لا فَتَىً إلا عمرو ، وكان ذلك يَغيظ لقمان ، ويسؤه كثرة ذكرها ، فقال لقمان : لقد أَكْثَرْتِ في عمرو فوالله لأقتلنَّ عمْراً ، فقالت : لا تفعل . وكانت لابني تِقْن سُمرة يستظلَّان بها حتى ترد إبلهما فيسقيانها ، فصعدها لقمان ، واتخذ فيها عُشَّاً رجاء أن يصيب من ابنيْ تِقْن غِرَّة ، فلما وردت الإبل تجرَّد عمرو وأَكَبَّ على البئر يستقي ، فرماه لقمان من فوقه بسَهْم في ظهره ، فقال : حَسّ ، إحدى حُظَيَّات لقمان ، فذهب مثلاً ، ثم أَهْوَى إلى السهم فانتزعه ، فوقع بصره على الشجرة ، فإذا هو بلقمان ، فقال : انزل ، فنزل ، فقال : اسْتَقِ بهذه الدلو ، فزعموا أن لقمان لما أراد أن يرفع الدلو حين امتلأتْ نَهَضَ نهضةً فَضَرَط ، فقال له عمرو : أَضَرَطاً آخِرَ اليوم وقد زال الظهر ؟ فأرسلها مثلاً . ثم أن عمراً أراد أن يقتل لقمان ، فتبسَّم لقمان ، فقال عمرو : أَضَاحِكٌ أنْتَ ؟ قال لقمان : ما أضحك إلا من نفسي ، أما إني نُهِيتُ عما ترى ! فقال : ومَنْ نهاك ؟ قال : فلانة ، قال عمرو : أَفَلِي عليك أن وَهَبْتُكَ لها أن تُعْلمها ذلك ؟ قال : نعم ، فخلَّى سبيله ، فأتاها لقمان فقال : لا فَتىً إلا عمرو ، فقالت : أقد لقيته ؟ قال : نعم لقيته فكان كذا وكذا ، ثم أَسَرني فأراد قتلي ثم وَهَبني لك ، قالت : لا فتىً إلا عمرو . يضرب لمن عُرِف بالشر ، فإذا جاءت هَنَةٌ من جنس أفعاله قيل : إحْدَى حُظَيَّات لقمان ، أي أنه فَعْلَة من فَعَلاته . * هي سهمٌ صغير قدر ذراع |
.... إنَّهُ لَيَكْسِرُ عَلَيَّ أَرْعَاظَ النَّبْلِ غَضَباً .... الرُّعْظ : مدخل النصل في السهم ، وإنما يكسره إذا كلمته بكلام يَغيظه فيخط في الأرض بسهامه فيكسر أرعاظها من الغيظ ، قال قَتَادة اليَشْكُريّ يحذِّر أهلَ العراق الحجاجَ : حَذَارِ حَذَارِ الليثَ يحـرقُ نابه ويكسر أَرْعَاظاً عليك من الحِقْدِ يضرب للغضبان . |
.... إنَّهُ لَيَحْرِقُ عَلَيَّ الأُرَّمَ .... أي الأسنان ، وأصله من الأَرْم وهو الأكل ، وقال : بذي فرقين يوم بنو حبيب نيوبَهُمُ علينـا يَحْرِقُونَا ويروى " هو يَعَضُّ عَلَيَّ الأُرَّمَ " قال الأصمعي : يعني أصابعه ، وقال مؤرّج : يقال في تفسيرها إنها الحصى ، ويقال الأضراس ، وهو أبعدها . |
.... إنَّكَ خَيْرٌ مِنْ تَفَارِيْقِ العَصَا .... قالوا : هذا من قول غُنَيَّة الأعرابية لابنها ، وكان عَارِماً كثيرَ التلفت إلى الناس ، مع ضعف أَسْرٍ ودقَّة عظم ، فواثب يوماً فتى فقطع الفتى أنفه ، فأخذت غُنَيَّةُ دِيَة أنفه فَحَسُنَتْ حالُها بعد فقرٍ مُدْقِع ، ثم واثب آخر فقطع أذنه ، فأخذت دِيَتَها فزادت حُسْنَ حال ، ثم واثب آخر فقطع شَفَته ، فأخذت الدية ، فلما رأت ما صار عندها من الإبل والغنم والمَتَاع ، وذلك من كَسْب جوارح ابنها حَسُن رأيُها فيه وذكرته في أرجوزتها فقالت : أَحْلِفُ بالمَرْوَةِ حَقَّاً والصَّفَا أنَّكَ خَيْرٌ مِنْ تَفَارِيقِ العَصَا قيل لأعرابي : ما تَفَاريق العصا ؟ قال : العصا تُقْطع سَاجوراً ، والسَّوَاجير تكون للكلاب وللأَسْرى من الناس ، ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتاداً ، ويفرق الوتد ، فتصير كل قطعة شِظَاظاً ، فإن جعل لرأس الشِّظاظ كالفَلَكة صار للبُخْتي مِهَاراً ، وهو العود الذي يدخل في أَنْف البُخْتي ، وإذا فرق المِهار جاءتْ منه تَوَادٍ ، وهي الخشبة التي تشد على خِلْفِ الناقة إذا صُرَّتْ ، هذا إذا كانت عصاً ، فإذا كانت قَنَاة فكل شَق منها قَوْس بندقٍ ، فإن فرقت الشقة صارت سِهَاماً ، فإن فرقت السهام صارت حِظاء ، فإن فرقت الحِظاء صارت مَغَازل ، فإن فرقت المغازل شَعَبَ به الشَّعَّابُ أقداحه المَصْدُوعَةَ وقِصَاعه المشقوقة على أنه لا يجد لها أصلح منها وأليق بها . يضرب فيمن نَفْعُه أَعَمُّ من نفع غيره . |
الساعة الآن 02:16 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.