احصائيات

الردود
2

المشاهدات
5638
 
دكتور غالب الأسدي
من آل منابر ثقافية

دكتور غالب الأسدي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
9

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
May 2012

الاقامة

رقم العضوية
11190
09-02-2012, 10:03 PM
المشاركة 1
09-02-2012, 10:03 PM
المشاركة 1
افتراضي دور اكتساب اللغة في تنشئة الأطفال
تعد مرحلة اكتساب اللغة مهمة جدا للأطفال لاسيما في مراحلها المبكرة ، حيث يبدأ الطفل بما لديه من استعداد فطري لتعلم اللغة يراقب ويركز على مخارج الحروف والكلمات من أفواه الآخرين الذين يعيشون معه ، ويحاول أن يقلدهم في ذلك . وعادة ما يبدأ الطفل في التعبير عن وسيلة الاتصال هذه مع الآخرين بكلمة واحدة ، وغالبا ما يبدأ بنطق كلمة ماما ثم بابا ثم يشير إلى حاجاته المختلفة بكلمة خاصة به ربما تختلف عن كثير من أقرانه الآخرين ، فالرضاعة ربما يقول عنها (ممه) أو( ديس) أو أخوه أو طفل آخر ( دادا ) أو القط الأليف في المنزل ( بشه ) وهكذا تتعرف أمه على كثير من رغباته وحاجاته عن طريق هذه اللغة التي تحوي كلمة واحدة ، ويكاد أن يشترك كل الأطفال الإنسانيين بخاصية اللغة الأولية هذه في جميع اللغات مع وجود فروق بسيطة جدا في طريقة اللفظ ، المهم في اللغة هي الموازنة بين أعضاء النطق ومخارج حروفها ، فلكل لغة مخارج حروف مناسبة لها تؤديها أعضاء النطق مثل اللسان والشفتين والحنجرة والأسنان والفك . بعض اللغات تشترك في مخارج الحروف هذه ولغات أخرى تختلف اختلافا واضحا ، فمثلا مخارج حروف اللغة العربية لا تتفق تماما مع مخارج الحروف الانكليزية، لذلك العربي عندما يتحدث في الانكليزية بلكنة عربية سيقع في كثير من أخطاء اللغة الانكليزية وربما بعض الأخطاء تقلب معنى الكلمات تماما ، ولا يشعر بهذه الأخطاء إلا أهل اللغة الأصلية أو من تعلم لغتهم بحرفية ، لذلك بإمكانهم أن يميزوا بين صاحب اللغة الأصلية ومتعلم اللغة الأجنبي ببساطة .

يحدث بعد ذلك تطور سريع ومهم في لغة الطفل إلى مرحلة أكثر تعقيدا من استعمال كلمة واحدة في فكرة كاملة ، إذا يعبر عن أفكاره أو دواخله بجملة بسيطة من كلمتين أو أكثر وهذه السمة البارزة لمرحلة الطفولة المبكرة في السنة الثانية والثالثة وربما تمتد عند بعض الأطفال بحالات شاذة إلى أربع سنوات ، إذا إن الطفل يتكلم بجمل بسيطة وقصيرة ومعظمها استكشافية أو استفهامية أو وصف لحالة ضمن الخبرات الفردية أو مواقف ضمن القدرات العقلية المتاحة أو المتوافرة له .
ويعد من أشهر علماء اللغة الذين كان لهم تأثير كبير في ظهور او بناء نظرية متينة تتعلق بمتطلبات اكتساب اللغة عند الطفل الإنساني ، والتي أعطت تبريرات مقبولة علميا وتجريبيا حول كيفية اكتساب اللغة هو
( نعوم تشومسكي Noam Chomsky ) والذي يرى أن اللغة ليست سلوكاً يكتسب بالتعلم والتدرب والممارسة فحسب، كما يرى السلوكيون، بل هناك حقائق عقلية وراء كل فعل سلوكي، أي أن اللغة تعد تنظيماً عقلياً معقداً وليس مكسبا سلوكيا آليا فحسب، لأنها أداة تعبير وتفكير في آنٍ واحد . لذلك نلاحظ السرعة الزمنية التي يكتسب فيها الطفل لغته الأم إذ خلال مدة زمنية قصيرة يتقن الطفل لغته الأم من دون أن يبذل جهداً متعمداً يذكر في مواجهة صعوباتها.
كما يرى تشومسكي أن الواقع يشير إلى أن أي طفل لديه القدرة على إدراك االبنى الأساسية للغته الأم ، وإدراك العلاقات الوظيفية الأساسية القائمة بين الكلمات في الجمل، وامتلاك القدرة على الكلام وهو في سن لا تتجاوز السادسة ، وهو ما يدعونا إلى الاعتقاد بأن الأطفال يولدون وهم مزودون بأسس بيولوجية خاصة بالجنس البشري تضبط عملية اكتساب اللغة. وهذا يعني أنّ هناك مبادئ ثابتة في العقل البشري محدّدة بيولوجياً إلى درجة معينةٍ ومختصةٍ في تعلّم اللغة سماها تشومسكي بالقواعد العمومية ( Universal grammars ) وقد صاغها تشومسكي على النحو الآتي: "عموميات القواعد هي مجموعة من البنى والشروط إذا اتفقنا من حيث المبدأ مع تشومسكي بوجود هذه المبادئ فهذا يعني أن باستطاعة الفرد اكتساب أي لغةٍ بشرية ما دام يمتلك عموميات مشتركة موجودة لديه ، ويضيف تشومسكي بأن المؤثرات اللغوية الخارجية التي يتعرّض لها الإنسان لا تكفي، وغير ملائمةٍ وحدها لتفسير اكتساب اللغة وتوليدها وفق قواعد اللغة السليمة وهو ما يراه أصحاب النظرية السلوكية .
وقد استُخلصت القواعد العمومية بعد دراسة الخصائص اللغوية الخاصة بلغةٍ معيّنةٍ ولغاتٍ أخرى. فهي مبادئ مجردة تقيّد استعمال اللغة وتتألف من قواعد خاصة بلغةٍ معيَّنة وقواعد عامةٍ تشترك فيها كلّ اللغات الإنسانية، ومن الجدير ذكره أنها قواعد بسيطة محدّدة لكنّها تفسّر ظواهر لغوية معقدة. وهو ما قاد تشومسكي للاعتقاد بان الأطفال يجب أن تكون لديهم معرفة سابقة لما هو ممكن أو غير ممكن من القواعد، وهذا يعود إلى ما وهبهم الله من امتياز في ذلك.. ويوضح لنا أيضا مدى أهمية تعلم اللغة شفوياً قبل تعليم القراءة والكتابة.
أن الأهمية الكبرى في عملية تنشئة الأطفال في هذه المرحلة المبكرة يكمن في اكتساب اللغة ، ويجب أن ينظر إليه ضمن نمو الطفل العقلي. ودالة هذا النمو يمكن التعرف عليها فيما إذا تمكن الطفل من إقامة قواعد معرفية خاصة به. فمثلا قبل أن يستعمل الأطفال قدرة تركيب المقارنة بين شيئين لهما صلة ببعضهما مثل" هذه السيارة أكبر من تلك السيارة"، يجب أن تنمو في قدراتهم العقلية بعض المعلومات عن اختلاف الحجوم حتى يستطيعوا أن يعطوا حكم عقلي لما يرونه من اختلاف في الحجم . وقد توصل العديد من علماء اللغة و علماء علم النفس إلى أنّ هناك نوع من العلاقة موجودة، ولكن أكثر العلماء من أصحاب اتجاه نظريات النمو المعرفي شهرة وعمقا وانتشارا في هذه الأفكار هو العالم السويسري جان بياجيه(Jean Piaget). والذي يرى إن عناصر المعرفة لدى الأفراد هي: الشخص ونشاطه أولاً، ثم المثيرات المحتملة من البيئة المحيطة ثانيا، وأخيراً آليات التفاعل بين هذا الشخص ومحيطه.
هناك خلاف واختلاف بين نظريتي بياجيه و تشومسكي، يعود السبب في ذلك إلى تصور طبيعة النمو المعرفي وليس وظيفة او دور هذا النمو في شخصية الإنسان . فشومسكي يرى أن هناك نمو خاص بالاكتسابات اللغوية اسماها ( بنى خاصة ) ، وفطريتها مرتبطة بالطابع الفريد للغة البشرية. أما بياجيه فيرى أن النمو المعرفي عند الطفل عام واسماها ( بنى عامة ) ، وأن أساس هذه البنى بيولوجي، ولكن لا توجد وراثياً.وإنها بنية مخصصة لاكتساب الوظيفة البشرية النوعية التي هي اللغة .
إن بياجيه يرفض مبادئ النظرية الفطرية وكذلك يرفض نظرية التعلم القائمة على التقليد. فاللغة بالأساس عند بياجيه هي عمل إبداعي، أما التقليد فله دور هامشي في اكتسابها. لذا فأن هناك خلافاً جوهرياً بين السلوكيين والمعرفيين حول دور العقل في اكتساب اللغة. فالمعرفيون يرفضون الرأي القائل بأن التعلم يحدث نتيجة لمؤثرات خارجية فقط، ويرفضون كذلك فكرة أن عقل الطفل صفحة بيضاء تؤثر فيها البيئة. وأنهم يرون أن اكتساب اللغة يتم بمهارات عقلية معقدة مرتبطة بكل من المؤثرات الخارجية. أما السلوكيون فيرون أن اكتساب اللغة يتم من خلال مهارات عقلية معقدة مرتبطة بكل من الذاكرة قصيرة الأمد "Short-Term Memory"، والذاكرة طويلة الأمد " Long-Term memory"Osaily,2003) .
ويرى بياجيه إن هناك وظيفتين أساسيتين للتفكير ثابتتين لا تتغيران مع تقدم العمر. وهما التنظيم (Organization) والتكيف. ((Adaptation. وتمثل وظيفة التنظيم نزعة الفرد إلى ترتيب وتنسيق العمليات العقلية، أما وظيفة التكيف فتمثل نزعة الفرد إلى التلاؤم والتآلف مع البيئة التي يعيش فيها.
لم تتوقف الدراسات حول كيفية تعلم الطفل اللغة، وأجريت أبحاثٌ هائلة من قبل جميع أصحاب النظريات وأتباعهم. ففي مجال علم نفس اللغة قام روجر براون Roger Brown)) من جامعة هارفرد ودان سلوبن (Dan Slobin) من جامعة بيركلي بملاحظة سلوك الأطفال أثناء تعلمهم اللغة الأولى. وكان هدفهم البحث عن مدى صحة دليل تشومسكي "البناء العقلي" (Mental Structure) ومدى اتساقه في السلوك اللفظي في لغة المتعلمين. ولقد قاما بدراسة طفلين احدهما بعمر سنتين والأخر بعمر ثلاث سنين لعدة سنين مستعملين أجهزة تسجيل ليسجلا ويوثقا التعبيرات اللغوية في المواقف المختلفة، فوجد العالمان دليلا قويا يشير إلى أن سلوك التعلم يكون عاما لدى الأطفال بغض النظر عن اللغة التي يتعلموها .
أن اختلاف وجهات النظر في ظروف وأجواء اكتساب الطفل اللغة تبين الاختلاف في الأسس التي انطلقت منها النظريات ، فنظريات اكتساب اللغة والتي من أشهرها نظرية تشومسكي تؤكد على الجانب الفطري أو الغريزي كأساس لما بعده من تعلم اللغة ، بينما تؤكد نظريات النمو المعرفي ومن أشهرها نظرية بياجيه على النمو العقلي وتوافر الظروف المناسبة للنمو العقلي المناسب، والذي يلقي بظلاله على عملية اكتساب اللغة كونها عملية معرفية تتأثر بالعمليات العقلية المختلفة مثل الذكاء والتفكير والإدراك والإحساس والذاكرة ، ولكن مع ذلك فان العلماء من كلا الاتجاهين أشاروا إلى أهمية اللغة في تعلم أساسيات الثقافة الاجتماعية في هذه السن المبكرة ، وان اللغة الناطقة هي أداة الاتصال لنقل الثقافة في هذه المرحلة العمرية ، لذا فان مساهمتها كبيرة في إرساء قواعد تلك الثقافة، وبما أنها لغة لفظية فان كل ما ينقل من ارث ثقافي يعتمد اعتمادا كبيرا على أساسيات تلك اللغة ، ويمهد الطريق لنقل الجزء الآخر من الإرث عن طريق اللغة المكتوبة فيما بعد في مراحل التربية النظامية . وعلى هذا الأساس فان حرص المربون والآباء على ضمان حدوث النقل اللفظي يتطلب التأكد من حدوث التعلم الأولي أولا ومن سلامة أعضاء النطق ثانيا قبل الشروع بمراحل تربوية لاحقة من ضمنها التربية النظامية ، إذ أن توافر البيئة المناسبة والمحتوية على مثيرات كافية تمكن الطفل من التعجيل في اكتساب اللغة لما موجود من مثيرات كثيرة محيطة بالطفل تنمي الذكاء عنده وتجعله يكثر من الأسئلة الاستكشافية أو الفضولية، وتحفز التفكير والاتصال بالآخرين من حوله ، وكل هذا يحتاج إلى لغة التواصل اللفظي، لذا فإننا نجد أن الطفل يسرع من عملية تعلمه للغة كي يسرع من إيجاد تعليلات وتفسيرات ووجهات نظر للمثيرات البيئة المختلفة والكثيرة المحيطة به وفقا للإمكانيات المتاحة بهذه اللغة البسيطة والابتدائية وهو من أكبر الأهداف الملقاة على الأسر في تربية أبنائها وفقا لمبادئ التربية الحديثة ...

د. غالب الاسدي


قديم 09-03-2012, 08:27 AM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
و هل هذا يقتضي أن البيئة الغنية بمفرداتها و ثقافتها تستطيع أن تكون قدرة لغوية أسرع و أكبر من البيئة الفقيرة بالمفردات و الثقافة؟ هل يعني مثلا أن الاطفال الذين ينشؤون في بيئة ذات سوية ثقافية عالية يستطيعون تكوين لغة أعلى من تلك التي يكونها أقرانهم في بيئات أقل ثقافة و تعليما ؟
بحث مهم يادكتور
متابعة بشغف
للنشر في مجلة منابر ثقافية
مع التقدير و الشكر
تحيتي لك

قديم 09-03-2012, 08:40 AM
المشاركة 3
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
 

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: دور اكتساب اللغة في تنشئة الأطفال
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل يمكن اكتساب العبقرية؟ ايوب صابر منبر الحوارات الثقافية العامة 162 05-11-2018 10:20 PM
ضرب الأطفال مراقى محمد منبر الحوارات الثقافية العامة 0 11-25-2015 01:58 PM

الساعة الآن 04:47 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.