احصائيات

الردود
0

المشاهدات
4999
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
08-21-2010, 06:42 PM
المشاركة 1
08-21-2010, 06:42 PM
المشاركة 1
افتراضي رعد يكن و مساحات اللون الأبيض
رعد يكن و مساحات اللون الأبيض
((أنا متحالف مع قلم أزرق كالسماء
يساعدني في صنع تاريخي
ووردة بيضاء كالقلب
تهبني سكوني؛ وتنام قرب أحلامي
أكره اللبلاب وأحب العصافير...))
من مساحات اللون الأبيض التي يعشقها كثيرًا، خلف زجاج قطاره الذي لم يتوقف يومًا، يطالعنا رعد يكن بمجموعته الأولى "خلف زجاج قطار"
و بمجرد الولوج إلى عالم المجموعة نحس أننا انتقلنا إلى عالم آثار جدَّتُه واضحة لكل ذي لب؛
فرعد يكن لا يصوغ الجملة العادية، وإنما يشكل الكلمات في إطار جديد هي الكلمات ذاتها، ولكنها ارتدت ملابسها بطريقة مختلفة تستثير ذكاء القارئ كي يستيبن ملامحها بنفسه؛ عندها يدرك أنها منذ دخلت هذا الكتاب صارتْ أخرى، وَقَدْ باتت مشغولة جدًا بحمل رسالة.
رعد يكن في مجموعته يؤكد أن نظرية الأدب من أجل الأدب سقطت بتقادم العهد. الأدب لا يمكن إلا أن يكون رسالة في كل أحواله. وإن كنا في وقت ما عانينا من خطابية الأدب الرسالي، ومباشرته، فإننا هنا نجد أن الثورية والرمز والصور غير المسبوقة قد أخذت مكانها بكل جدارة على السطور؛ لتكوّن قصائد من نوعية السهل الممتنع.
تناول رعد يكن في مجموعته كثيرًا من التابوهات دون أن نفطن بداية إلى أنها هنا، لكن مع التوغل في عمق القراءة نجد أنه لامسها -وبشكل عنيف- دون أن يجرح الجمالية العامة للنص الأدبي، ودون أن يتسور حائط اللغة فيخرجها عن طورها، ودون أن يخدش الذائقة الفنية للقارئ.
تابوهات كانت موجودة -وما زالت- على خريطة الأدب: الله.. السياسة.. الجنس"، ويعادله في عالمنا العربي "الحب".
السؤال الذي طرح نفسه هنا: هل يكتب رعد يكن نصًّا سياسيًّا؟
وكانت الإجابة على مدى السطور نعم يكتب نصًّا سياسيًّا بامتياز دون أن يعرض نفسه لتهمة المساءلة القانونية: فمرة يستعير فصلاً من التاريخ، ومرة يستخدم الرمز، ومرة أخرى يكون الحدث متفجرًا فلا يمنحه الوقت الكافي لارتداء القناع أو طاقية الإخفاء كما حدث عندما دعي إلى "حفلة شواء في غزة":
(( حكّام.. ونفاق
أمة عربية واحدة
وشقاق.
لحمٌ فلسطيني طازج
كلنا حضرناها....
.....
إنها... حفلة (عواء)....))
كان الحدث صارخًا جدًّا؛ وهنا يؤكد رعد يكن أنّ القضية (قضية الأراضي المغتصبة، قضية امتهان كرامة الإنسان العربي، العدوان الغاشم) ما تزال تؤرق بال مثقفنا العربي، ما تزال شاغله الأول مهما تراءى لنا أنها طويت.
ملامسة تابو السياسة كانت في هدفها الأول للحديث عن أوجاع هذا الإنسان البسيط، ودومًا حذره من أن لا يقترب من هذا (ربما سخرية ونقدًا، وربما حكمة قدمها ليمشي على خطاها القادمون)..
(( ممنوع عليك العبث بالتاريخ!
ممنوع عليك صنع التاريخ!
ممنوع عليك العيش بلا تاريخ! ))
هذه تفسر إشكالية تعاطي الإنسان العربي مع السياسة؛ فهو أمام مفترقات طرق كثيرة، لكنه لا يستطيع أن يضع قدمه في أي منها؛ وبهذا يفسر -بطريقة غير مباشرة- وقوفه عند نقطة لا يتعداها منذ ألف عام.
السؤال الآخر الذي يطرح نفسه: كيف تناول رعد يكن تابو "العلاقة مع الله"؟
في هذه المجموعة هناك ملمح أساسي؛ وهو أن يخرج الدين من طيلسان ( بعض ) العلماء وأرباب الشعائر الدينية بعد أن احتكروه لأنفسهم في أمكنة وأزمنة متطاولة من تاريخنا حتى غدا الدين مظهرًا وشعائر.
في هذه النصوص تظهر لنا رؤية (يكن) لقضية الإيمان بالله الخالق المدبر العظيم مبدع الجمال في الأكوان مقابل الرب الذي يستخدمه من يسمون أنفسهم "رجال الدين" ليخيفوا به العامة من خلال حديث عن الله المنتقم المهلك..
(( أما من الأعلى.. ..
فلي رب اسمه (العفو)
أخجل من النظر إليه..
أعصيه.. فيرحمني
أسأله.. فيعطيني
أرجوه.. فيجيب
أدعوه.. فيلبي
ربي!
لا تجعل لي حدودًا بيني وبينك....))
قضية الإيمان بالله هي الجوهر الأساسي لحياة الإنسان، ولكن في بناء علاقة محبة مع الله (علاقة إجلال وتعظيم، لا علاقة رعب وخوف، علاقة بالله المتسامح الغفور).

((من كان منكم بلا جدار فليرمِني بحجر))
قضية أخرى قاربها رعد يكن في نصوصه؛ هي قضية الجنس بمرادفتِهِ في عالمنا العربي للحب؛ فنحن –الشرقيين- لا نستطيع أن نفصل بين المفهومين:
يقدمه لنا بطريقة مبتكرة وجميلة وإنسانية مبتعدًا أكثر ما يكون عن الإغراق في الوصف الحسي؛ والذي بات من أساسيات الكلام عن الحب في أدبنا العربي..
(( أشعر ببرد الغد يعبرني دون تلال صدرك..
وأشعر بحضور روحك تهديني إلى دفء عينيكِ..
فتنقلب الكلمات علي..
لتصبح سرب حمام..
تحاصرني الجدارن بثقل الصمت
ونداء العندليب..
أترنح عشقًا على عشق.. ))
يريد أن يقود الربيع والفراشات في مظاهرةِ حبٍ ليعلن لها أنه مشتاق إليها، ويحدثها عن كينونته كإنسان في أماكن أخرى، وبما يمتلئ قلب شاعر مثله..
(( أحصوا الكراسي والأطفال..
رتبوا كل شيء على مقاسي.
ثم جيء بي...
و قالوا:.. .. .. .. ...
اكتب.
فكتبت:
"أنا مشتاق إليها".))
رعد يكن صاحب الصورة غير المسبوقة؛ والتي كانت حاضرة بكثافة على كامل جسد مجموعته، فيزاوج بين الكلمات بطريقة عجيبة لتخرج صورته مبتكرة وغير مطروقة من قبل..
(( لفوا الكرة الأرضية بصرة زاهية))
(( سأقلّب الشارع بين راحتي
وأجعل لكم طريقًا للهرب.. ))
كانت النصوص عبارة عن عزف منفرد، مررت بها على عجالة؛ لئلا أفسد اللحن، ولئلا أفسد جمالية الاستمتاع بها. وأجزم أنها ستحظى بدراسات نقدية كبيرة لأنها جاءت ابتكارية.
من أمداء اللون الأبيض الذي يفتخر رعد يكن بأنه من زواره الدائمين؛ مجموعة "خلف زجاج قطار".
وعلى الرغم من أنها الإصدار الأول للشاعر رعد يكن إلا أنها احتوت بين دفتيها الكثير من الحكمة والثقافة وخبرات حصدها من الحياة و تأمل في اللامدى واللامنظور في مساحات اللون الأبيض ليخرج لنا من رحم الضوء كلمات تسجل له باسمه فقط.
و يتابع القطار مسيرته...
ريم بدر الدين



مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: رعد يكن و مساحات اللون الأبيض
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بانتظار اللون المفقود مروه عبد الحكيم منبر القصص والروايات والمسرح . 13 09-28-2021 08:32 AM
الفنانة العراقية سلمى العلاق ..و اللون الأزرق ريم بدر الدين منبر الفنون. 8 08-06-2012 01:37 AM
مساحات خضراء علي بن حسن الزهراني منبر البوح الهادئ 54 09-22-2011 01:35 PM
++ عندما يصبح اللون الأسود قاتماً ++ أحمد فؤاد صوفي منبر القصص والروايات والمسرح . 8 07-23-2011 08:24 PM

الساعة الآن 10:39 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.