::: هل ينتصــر الشـر ! :::
بطل قصتنا اسمه عادل . . وهو طالب في المرحلة المتوسطة . . كان ولفترة طويلة من الأوائل . . مجتهد في دروسه . . محبوب من مدرسيه وأصدقائه .
في العطلة الصيفية الماضية . . تعرف عادل على الانترنيت . . وانشغل بها انشغالاً عظيماً . . كانت تستغرق كل وقته . . وانتهت الاجازة الصيفية . . ولم ينته انشغال عادل . . فقد أصبح مدمناً للانترنيت . . وحيث أن الجهاز موجود في غرفته . . فقد أصبح يغافل أهله بعد أن يخلدوا إلى النوم . . ويبدأ سهرته المعتادة . . فينام متأخراً ويستيقظ كسولاً متعباً . .
بدأ العام الجديد . . مواد جديدة ودروس صعبة تحتاج إلى التركيز . . ولكن التركيز مع عادل مفقود . . وقد بدأ مستواه بالهبوط من سيء إلى أسوأ . .
اقترب موعد الامتحان الأول . . ولكن عادل لم يكن جاهزاً له على الاطلاق
. . وفوجىء بالموعد الذي أصبح قريباً جداً . .
وخطر بباله حل سهل لجميع مشاكله . . سيقوم بكتابة المعلومات الهامة التي تلزمه في ورقة صغيرة يضعها في كمه . . وخلال الامتحان يقوم بنقل الأجوبة . . وبذلك يحصل على علامات مرتفعة . . ويحافظ على مستواه . .
وفي اليوم التالي . . قام بتجهيز الوريقات . . البيضاء للحساب . . الخضراء للغة العربية . . والصفراء للدين و حفظ الآيات . . وهكذا . .
أخرج عادل الوريقة الملونة من كمه . . وبدأ بنقل الأجوبة منها . . لم يفكر حينها أن في هذا التصرف غش وسرقة . . كان إدمان الحاسوب مع الانترنيت قد أعمى بصيرته السوية . . وما أن اقترب مراقب الفصل منه . . حتى خا ف واضطرب وسقطــت منه الوريقة الملونة وتدحرجت تجاه صديقه الحميم جميل . . وقبعت تحت أقدامه . .
انحنى المراقب . . التقط الوريقة بهدوء . . فتحها وقرأها . . غضب وتغير لونه . .
وأنكر كل طالب علاقته بها . . وأسقط في يد جميل . . فقد كانت تحت قدميه . .
لم يقصر الناظر مع جميل . . الطالب البريء . . فقد أسمعه كلاماً قاسياً وطلب احضار ولي أمره ولم يرض أن يسمع أعذاره . .
مرت عدة أيام عصيبة . . لم يسمح الناظر لجميل أن يكمل الامتحان . . وهدد بالطرد من المدرسة بين ساعة وأخرى . .
دار الصراع في عقل عادل دؤوباً حارقاً . . بين مصلحته وسمعته وكذلك سمعة عائلته . . وبين انقاذه لصديقه . . صراع بين الخير المتأصل في نفسه . . والشر الذي تغلب عليه في لحظة ضعف وأوقعه في مشكلة كبيرة . .
كان يحس بألم شديد . . و لم يعرف مايجب فعله . . كما ولم يجد لديه الشجاعة للاعتراف بذنبه . . و في نفس الوقت فهو لن يقبل أن يظلم بريئاً أبداً وخصوصاً أن المظلوم في هذه المشكلة هو صديقه الأثير . . ! !
انشغل عادل بمشكلته . . نسي الحاسوب . . ونسي المأكل والمشرب . . ولم يستطع النوم . . ولم يشرك أحداً من أهله في الأمر . . فهو الذي صنع المشكلة . . وعليه هو بنفسه أن يوجد الحل . . صلى ودعا ربه أن يلهمه سبيل الصواب . .
ووصل به التفكير إلى قرار حاسم . . صعب جداً . . ولا مناص من تنفيذه . .
في صببحة اليوم التالي . . انتظر عادل صديقه قبل دخولهم إلى الحصة الأولى . . وطلب منه أن يذهبا للناظر سوياً . . لأمر هام يخصهما و لا يمكن تأجيله . .
استغرب جميل طلب عادل . . الذي رفض أن يبوح له بشيء إلا أمام الناظر . .
وبكل الجرأة وأمام الناظر ووكيل المدرسة . . حكى عادل القصة كاملة . . قصة الحاسوب والانترنيت . . قصة الانشغال والبعد عن الدراسة . . وقصة الوريقات الملونة . . وكيف سقطت احداها من يده . . وكيف استقرت عند قدمي صديقه . .
و أخبرهم أنه لن يعود لمثل ذلك أبداً . . مهما تكون الظروف والإغراءات . . ثم توجه لصديقه وتمنى منه ألا يبتعد عنه أبداً لأنه يعتز بصداقته . . ويعتبرها شيئاً ثميناً جداً . .
صمت الناظر . . وهو معجب بجرأة هذا الطالب . . فالموقف صعب جداً . . وكان يحتاج إلى جرأة استثنائية . . لقد قام عادل باللازم . . وأعاد الأمور إلى مجراها . .
طلب الناظر اجتماعاً فورياً لمجلس المدرسة . . وجاءالقرار بإعادة الامتحانات لكلا الطالبين . . عادل وجميل . . ومنحهما فرصة جديدة . . كما قرر اسقاط جميع المخالفات التي تخصهما . .
وأمام طلاب المدرسة جميعهم . . أشاد المجلس بشكل خاص بموقف عادل
" كل منا معرض للخطأ . . معرض للسقوط . . إن الله موجود ليغفر خطايانا . . وعلينا مسؤولية كبيرة . .ألا نستمر في الخطأ . . وألا نظلم . . مهما كانت الأسباب . . "
عادت الأمور إلى نصابها . . ولم ينقطع الود بين الصديقين . . وأضحى عادل مثالاً يحتذى بين أقرانه . . وعادت إليه طبيعته الخيرة . .
كن مع الله ولا تبالي . . فهو سيأخذ بيدك . . ولن يدعك للشر أبداً . .
أحمد فؤاد صوفي
ســـوريا – اللاذقية