تنويعات حزيرانية ... في الذكري 44 للعدوان
========================
حسام الدين بهي الدين ريشو
================
ماذا تبقي من ذكريات نكسة 5 يونيو 1967 التي فاجأت الأمة العربية في ذلك اليوم ؟
أتصور أن هذا السؤال يأخذ بفكر المهمومين من المثقفين والسياسيين الذين يحملون قضايا الأمة وهمومها علي أكتافهم وفي سويداء قلوبهم بانكساراته وانتصاراته وتحدياته وتطلعاته .
وقد تبدو الاجابة ميسرة اليوم في الذكري 44 لهذا العدوان بعدما تأكد من خلال مانشر من وثائق العدو والقوي المساعدة له أن العدوان كان مستهدفا ومخططا له ولم يكن وليد تصرف عربي مصري أو سوري من هنا أوهناك .
وتلك حقيقة أدركها جمال عبد الناصر وهو يقول في 23 يوليو 1967 :
( لم يكن احتلال الأرض هو الهدف في الأصل للعدوان الاستعماري والصهيوني ؛ انما احتلال الأرض هدف جزئي يسعي به الي تحقيق الهدف الأصلي وهو تصفية الثورة العربية عامة )
وتلك حقيقة أدركها أيضا كل من الشعب المصري والشعوب العربية بالفطرة والتلقائية في الخامس من يونيو .
لذلك كانت وقفة تلك الشعوب في 9؛ 10 يونيو 1967 عندما خرجت عن بكرة أبيها من المحيط الي المحيط دون توجيه من أحد لتعلن تمسكها بزعامة جمال عبد الناصر والذي عبر عنه بعد ذلك بقوله :
(لقد كان موقف شعبنا يومي 9 ؛10 يونيو أكثر مما أستحق وأكثر مما يستحق أي فرد ولكنه بالنسبة لي يمثل معاني أخري .. معني استمرار النضال ومعني التصميم علي المقاومة )
ولقد بدت انعكاسات هذا الموقف من جماهير الأمة العربية في موقفين رائعين للفن والشعر :
الاول للراحلة أم كلثوم التي تحولت بفنها من ليالي الطرب الي الغناء من أجل المعركة .. تجوب العلم شرقا وغربا تغني لتوفر العملة الصعبة لتدعم المجهود الحربي وتوفير مايلزم لأعادة بناء القوات المسلحة .
كما غنت لتلهب المشاعر القومية من كلمات نزار قباني :
أصبح عندي الآن بندقية
ألي فلسطين خذوني معكم أيها الثوار .. في القدس في الجليل في بيسان في الأغوار .. في بيت لحم .. حيث كنتم ايها الاحرار تقدموا تقدموا
الي فلسطين طريق واحد يمر من فوهة بندقية
أما الموقف الثاني فكان للراحل العظيم الشاعر الفذ نزار قباني الذي انقلب شعريا انقلابا تاما عبر عنه في قصيدته الشهيرة " هوامش علي دفتر النكسة " والتي أدان فيها الوطن العربي كله قائلا :
مالحة في فمنا القصائد
مالحة ضفائر النساء
والليل والاشعار والمقاعد
جلودنا ميتة الاحساس
أرواحنا تشكو من الافلاس
أيامنا تدور بين الزار والشطرنج والناس
هل نحن خير أمة أخرجت للناس ؟
ياوطني الحزين
حولتني في لحظة
من شاعر يكتب الحب والحنين
الي شاعر يكتب بالسكين )
وعندما تصور البعض في مصر أن يغضب عبد الناصر من القصيدة تم منعها ومنعه من دخول مصر ؛ فكتب اليه نزار قباني :
لا أريد أن اصدق أن مثلك يعاقب النازف علي نزيفه والمجروح علي جرحه ؛ ويسمح باضطهاد شاعر أراد أن يكون شجاعا في مواجهة نفسه وامته فدفع ثمن صدقه وشجاعته
ياسيدي الرئيس لا أصدق أن يحدث هذا في عصرك )
وعندما وصلت الرسالة الي عبد الناصر وعلم بما حدث أمر بألغاء اية اجراءات اتخذت ضد نزار وضد قصيدته !!
لذلك لم يكن غريبا علي شاعرنا الراحل أن يكتب في جمال عبد الناصر بعد رحيله أروع قصائد الشعر يقول في احداها :
تعاودني ذكراك كل عشية
ويؤرق فكري حين فيك أفكر
وتأبي جراحي أن تضم شفاهها
كأن جراح القلب لا تتخثر
تاخرت عنا فالجياد حزينة
وسيفك من أشواقه كاد يكفر
تأخرت عنا فالمسيح معذب هناك
وجرح المجدلية أحمر
ونعود الي التساؤل المطروح في البداية :
ماذا تبقي بعد حزيران ؟
انه بعد هذه السنوات الطويلة العجاف من مفاوضات للسلام تعثرت وتنكر لوثائقها النتن ياهو ومن سبقوه والغرب بقيادة امريكا لا يستطيع كبج جماح تطرفه .. تبقي مقولة واحدهلجمال عبد الناصر تؤكد فهمه العميق والمبكر والاستراتيجي لجوانب الصراع في المنطقة وللكيان الصهيوني الغاصب يقول فيها :
(ان كل الذين كانوا يعتقدون في امكان ايجاد حل سلمي لم يعد أمامهم الآن مايقولونه غير تكرار وجهة النظر الأخري القائلة منذ البداية أن ما أخذ بالقوة لايمكن استرداده بغيرها )
هذه المقولة نفسها هي ما أكدها الفن والشعر من نزار قباني وانشاد أم كلثوم :
الي فلسطين طريق واحد يمر من فوهة بندقية !!
==========================
حسام الدين بهي الدين ريشو
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
تنويعات حزيرانية ... في الذكري 44 للعدوان
05-31-2011, 07:38 PM
