احصائيات

الردود
15

المشاهدات
8035
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,179

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
08-10-2010, 06:33 AM
المشاركة 1
08-10-2010, 06:33 AM
المشاركة 1
افتراضي محاورات اليأس والمقاومة
محاورات اليأس والمقاومة

( هى محاورات بعضها من الواقع الفعلى وبعضها من حديث الخاطر .. إلا أنها فى كافة الأحوال عبارة عن تجربة تستحق أن تـُروى )

مكانه ومكانى :
لم يفتح هذا الشاب فمه ليتحدث مع أحد إلا مع الكاتب والسبب مجهول .. بالرغم من أن هذا الشاب أشقي أباه وأمه فى محاولة دفعه للحديث عما يشقيه ويدفعه لهذا التعامل الغريب مع من حوله
قال للكاتب فى حسد ..
" كم أتمنى لو نمت مثلك آمنا مطمئنا خاليا من الخوف "
فابتسم الكاتب قائلا :
" ولماذا تنتقي النوم أليس من العدل أن تتمنى مكانى كله .."
فقال الشاب
" نعم ولم لا .. أتمنى أن أكون مكانك ليهدأ بالى ويستقر عقلي "
ضحك الكاتب مجيبا :
" صدقنى .. لو أنك اتخذت مكانى لتمنيت من أعماقك ساعة واحدة من مكانك القديم بكل القلق والخوف الذى تعيشه لأنه سيبدو لك أرحم كثيرا من بقية تفاصيل حياتى التى تجهلها يا صاحبي "
فقال الشاب فى دهشة .. " ماذا تعنى .. ؟!"
مال الكاتب إلى الأمام قائلا ..
" أعنى ببساطة أن كل امرئ ميسر لما خلق له .. والحكمة الإلهية تكمن فى أن الله تعالى يعطى المقاومة بقدر الإبتلاء وهو الذى يجب أن تضعه بذهنك كمبدأ ثابت .. فما أنت فيه من هموم وتظن أنها أقوى البلايا هى فى مقاييس البعض لا تعد من زمرة الهموم لتفاهتها وعند البعض الآخر كوارث ليس لها رد من قوتها .. والنظرة تختلف بحسب القوة الموجودة بداخلك .. ولكن يجب أن تثق أن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها بمعنى أن القدرة المتوافرة بأعماق كل إنسان كفيلة بنجاته فالإختبار هنا عادل تماما والفشل أو النجاح حسب الصمود وتلونه صعودا وهبوطا عملا بقول الله تعالى ( ولا يظلم ربك أحدا .......... ) "
فقال الشاب مبتئسا :
" مشكلتى الكبري فى التفكير بالموت الذى يسيطر على ويفسد على حياتى ولا أعرف كيف أتخلص منه "
فعقب الكاتب :
" مشكلتك ليست فى التفكير بل بالعكس .. إنها فى انعدام التفكير لأن ما أنت فيه هواجس ومخاوف والخوف ضد العقل كما أنه ضد الإيمان طالما كان خوفا لغير الله .. وسل نفسك سؤالا منطقيا لماذا تخشي الموت ؟! .. وعندما تضع يدك على الأسباب سيكون هذا أول طريق العلاج .."
فهتف الشاب بعد لحظات :
" أخشاه لأنى لا أريد أن أموت الآن وأخشي أن يحزن أبي وأمى ومن الممكن أن يموتا أيضا بسببي "
ضحك الكاتب بصوت عال رغما عنه ثم قال ..
" تفسير فى منتهى الغرابة فى الواقع .. وعليك أن تتسم بالمنطق قليلا وطالما أن الموت أمر لا شك فى حدوثه لأجل معلوم فهل يفيد خوفك منه فى دفعه عنك .. ؟! وإن كانت الإجابة معروفة فعلام تضيع حياتك فى انتظاره؟!
والأهم .. بفرض أن مخاوفك تحققت ومت فعلا فهل تظن أنك ساعتها ستكون خالى البال لدرجة التفكير بأبيك وأمك .. الأكثر عقلانية أن تفكر فى أعمالك التى ستحاسب عليها بين يدى الله وتترك الأب والأم لمن خلقهم وقدر لهم فهو أدرى وأرحم بهم منك ألف مرة
ثم من أدراك أساسا بموعد موتك .. إنك تعانى من هذا الخوف كل ليلة منذ أكثر من شهرين فهل لك أن تخبرنى لماذا لم تتحقق تلك المخاوف إلى الآن ؟! .. ألا يثبت لك هذا أن ما تعانيه مجرد وساوس شيطانية والعياذ بالله تسربت إليك وأحكمت على عقلك ولن تتخلص منها إلا بإدراكها لأن الخوف من المجهول ينتهى بمجرد إدراك أصل هذا المجهول .. "
فقال الشاب ..
" كيف أدرك هذه المخاوف وكيف أقاومها وأثبت أنها مخاوف وبأننى لن أموت كما تقول تلك الخواطر ..؟!! "
قلَب الكاتب كفيه فى دهشة وهو يقول :
" وهل تظن نفسك حيا يا صديقي .. إنك ميت فعليا لموت الإرادة بأعماقك وكما يقول المفكر د. مصطفي محمود أن الحياة تتميز بعدة أوصاف أولها مقاومة التغيير الخارجى وإرادة البقاء وهى إن انتفت من شخص فهو ميت حتى لو كان على قيد الحياة .. ولن تدرك مخاوفك وتقاومها إلا إذا توافرت لديك إرادة المقاومة وهى ليست بمجرد القول بل تأتى بالتصرف الفعلى بالمواجهة .. واجه خوفك فإن انتصرت ستنجو وإن هزمك هذا الخوف فقد عجلت بنهايتك وهو أفضل من أن تظل رهنا للإنتظار .."
تساءل الشاب فى اهتمام ..
" كيف .. ؟!"
أجابه الكاتب :
" أمر بسيط سل نفسك عن الأشياء التى تخاف أن تفعلها بسبب تلك الهواجس واذهب فتحدى نفسك وافعلها وانتظر النتيجة .. ما دمت تخاف البقاء منفردا فى مكان مظلم تعمد أن تواجه هذا الظلام .. وما دمت تخاف أن تنام فى حجرة منفردة .. جرَب هذا النوم وانظر نتيجة التجربة ثم أبلغنى بها .. وإن كانت هى نتيجة مؤكدة مسبقا لأن كل ما حدثت به نفسك عن أشياء تتوهمها تخرج لك فى الظلام لن تجدها واقعا بالتجربة وكل ما تخافه من النوم لن يأتيك فعليا عند مواجهته ..
هذا بالطبع لو كانت لديك الإرادة .. "


حق الـكِـبـْـر

" أريد أن أسألك عن شيئ هام .. "
فالتفت الكاتب إليه فى هدوء قائلا ..
" تفضل .. "
فقال :
" ألسنا كبشر من الممكن أن نُوصف أو نسبغ على بعضنا البعض صفات كالكرم والرحمة والحلم مع أنها بعض من صفات الله عز وجل .."
فقال الكاتب :
" نعم ولكنها فى الله تعالى صفات مطلقة بينما فى البشر صفات نسبية ممنوحة من جلاله سبحانه وتعالى .."
فعقب الشاب قائلا فى اهتمام ..
" وما دام الأمر كذلك لماذا حرم الله علينا صفة الكبر نهائيا ولماذا لم يمنحنا جزء منها لنصف بها العباقرة من البشر باعتبارهم يتمتعون بالتفرد والتميز .."
تأمله الكاتب فى صمت ثم سأله
" من أين أتيت بهذا السؤال ؟!"
فقال الشاب فى ارتباك
" سألنى إياه أحد زملائي بالجامعة .. "
أطرق الكاتب برأسه أسفا .. قبل أن يقول :
" الأمر بسيط .. هل لك أن تخبرنى لماذا لم يحصل البشر على أى منحة من صفة الله تعالى كخالق "
فقال الشاب " لأن البشر لا تستطيع الخلق أبدا .. "
فقال الكاتب ..
" أى أن صفة الخلق مطلقة لله تعالى وحده .. وبالمثل صفة الكبر .. وقبل أن تقول لى أن العبقريات لها بعض الحق أن تغتر وتعتز بما لها من تفرد بين الناس سأقول لك تعالى لنعرف ما هو الكبر ولماذا يقصم الله من يشاركه تلك الصفة من عباده لأنه هو وحده المتكبر .. فالكبر معناه ببساطة أن تأتى بما لا يستطيع غيرك أن يأتى به أو يضيف عليه فى المطلق .. وكذلك هو أن تمتلك أمرك فلا يكون هناك لكائن من كان فضلا عليك ..
فأين هو المخلوق الذى أتى بما لم يأت به غيره فى الدنيا ولم يضف إليه أحد بعده .. ثم أين هو المخلوق الذى تفرد بأمره فلا يوجد لأحد فضل عليه وهو فى الأصل مخلوق وطبيعة المخلوق تركن بالفضل لخالقه .. هل فهمت ؟.. "

وما زال نهر الحوار جاريا


قديم 08-10-2010, 06:37 AM
المشاركة 2
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: محاورات اليأس والمقاومة
العلم والفلسفة
" ما هو الفارق بين العالم والفيلسوف وإن كان العلم فضله وأهميته معروفة .. فما الفائدة من الفلسفة وهى مجرد كلام ؟! "
قال الكاتب ..
" فى كتاب شهير للروائي المصري إحسان عبد القدوس عبارة جميلة تقول أَن العـَالم هو الذى يسأل بكيف .. بينما الفيلسوف هو الذى يسأل بلماذا .. وهذا يعنى أن العالم يبحث خلف الأسباب والنتائج بينما الفيلسوف يبحث عن الهدف والفائدة .. هدف العالم هو الوسيلة وهدف الفيلسوف هو الغاية .. ولو جئنا بعالم وفيلسوف ووضعنا أمامهما اختراعا كالطائرة فسينصب اهتمام العالم على كيفية طيرانها ومكوناتها بينما الفيلسوف سيبحث خلف هدف صنعها وما الذى تضيفه للإنسان .. وكلاهما وسيلته العقل .. لكن العالم يستخدم عقله فى المعرفة بينما الفيلسوف يستخدم عقله فى الإدراك "
فقال الشاب ..
لكن البشرية استفادت من العلماء فى اختراعاتهم وما قدموه من تيسير لسبل الحياة فما الذى جنيناه من الفلسفة .. ؟!
عقب الكاتب ..
" قبل أن تحكم على أى شيئ يجدر بك أن تسأل عن مفهومه أولا .. والفلسفة هى حب الحكمة كما عرفها الأقدمون والحكمة يا صاحبي هى الخير الكثير كما أخبرنا القرءان الكريم .. ورأس الحكمة مخافة الله وأساسها الايمان به وبالتالى فالفلسفة هى التطبيق المباشر للعلم فلا يوجد تناقض لنقارن بينهما .. فالعلم تأتى بعده الفلسفة التى تفسر وتنشئ أهدافه ..
والفارق بين الفلسفة والعلم ليس فارق تناقض بل فارق تكامل .. والإختلاف بينهما إختلاف فى طبيعة نشاط كل منهما .. فكما يقول الدكتور فؤاد زكريا المفكر وأستاذ الفلسفة الشهير فى كتابه " التفكير العلمى " ـ إن العلم بطبيعته تراكمى فكل عالم يأتى فيضع لبنة على بناء من قبله وهكذا .. وبهذا المعنى فليس متصورا فى العلم أن ينكر كل عالم نتائج من سبقه ويبدأ من النقطة الأولى بل كان لزاما أن يبدأ من حيث انتهى سابقوه لأن انتشار بناء العلم يكون رأسيا .. أما الفلسفة فهى تختلف عن هذا فكل فيلسوف يبدأ من النقطة الأولى ولا شأن له برؤي بقية الفلاسفة من سابقيه أو معاصريه إلا ما يطابق فكره الفلسفي المستقل وعليه يكون بناء الفلسفة أفقيا ..
كما أن العالم يجب أن يكون مكتسبا لكمية معلومات مختزنة وهائلة فى فرع العلم الذى يعالجه لكى يتمكن من ممارسة مهمته بينما الفيلسوف لا يحتاج إلى حصيلة مسبقة ليمارس الفلسفة لأنها بطبيعتها فكر والفكر يتطلب عقلا موهوبا قادرا على الإستنباط
وكل عالم جاد فى أعماقه بعض الفلسفة العلمية وتواجد الفلسفة بعقله هو الذى يصنع الفارق بين العالم الحقيقي والعالم المغرض ولتوضيح هذا بمثال بسيط .. فلنفترض أن هناك اكتشافا جديدا .. قواعد العلم هنا تقتضي البحث خلف الاكتشاف تحت أى ظرف بينما الفلسفة تقتضي بالبحث خلف الفائدة منه قبل الشروع فى البحث خلفه فربما كانت نتائجه خرابا على البشرية وهو ما حدث بالفعل نتيجة قصور الفكر عند بعض علماء الجينات فسعوا لتخليق مخلوقات جديدة بدمج جينات من كائنات مختلفة وهو الأمر الذى أدى إلى كوارث ما زال العالم يعانى منها إلى الآن مع الغرور البشري الذى استبد بالعلماء ومع غياب الحكمة التى كانت لابد أن توجههم إلى أن العبث فى الخلق والطبيعة الإلهية لا يؤدى إلا إلى دمار البيئة وأيضا كما حدث عند اكتشاف الطاقة النووية فقد ندم أينشتين على ما فعله واعترف بقصور إدراكه عندما أسلم للساسة تلك المعجزة العلمية .. وعليه فالفلسفة هى التى تجعل للعلم نظاما وبغيرها تكون الفوضي ..
والفلسفة ليست مجرد كلمات بليغة نستمتع ببلاغتها بل هى نتاج وعصارة فكر نتأمل ما فيه ونستفيد منه بالتطبيق ونضيف عليه إن استطعنا "
فعقب الشاب
" ما الذى يشغل الفيلسوف وما الذى يشغل العالم .. ؟ "
أجاب الكاتب
" يكون الانشغال بتوجه كل منهما وعليه فالفكر والتأمل مهمة الفيلسوف والتفكير والتجربة مهمة العالم .. ولكل منهما معضلة تثير جنونه .. فالعالم أكثر ما يثير أعصابه هى المسببات والفيلسوف أكبر ما يشقيه هى المسلمات .. "
الشاب
" وما الفارق بين المسببات والمسلمات ؟ "
قال الكاتب
" بشرح بسيط للعبارة السابقة فإن الذى يثير العالم ولا يجد نفسه قادرا على استيعابه أو قبوله هى المسببات الخافية لما يراه من ظواهر فالعالم يقتله فضوله العلمى للمعرفة مثلا كالألغاز العلمية المنتشرة من مثلث برمودا إلى عجائب الدنيا المختلفة .. بينما الفيلسوف يـُشقيه أن يستمع إلى حقيقة دون تبرير ومناقشة كما فى المسلمات التى يمكن تعريفها بأنها حقائق بسطت حقيقتها على الحياة دون مبررات فيجب قبولها كما هى بغموضها مثلا عن هدف الخلق وبداية الكون ونهايته وإرادة الحياة بأعماق كل كائن وما إلى ذلك "
فتساءل الشاب قائلا ..
ولكن الجدليات الفلسفية التى نسمع عنها ما موقفها ونحن نعرف أن الجدل مكروه
فقال الكاتب ..
" أرح نفسك وضع مقياسا بسيطا لتعرف الفارق بين الجدل والمناقشة .. فكل حوار يوصلك إلى تأمل فى قدرة الله وإقرار بربوبيته سبحانه وتعالى أو يوصلك إلى إجابات لا تعرفها بشأن أمر ما والمعرفة هى هدفك الوحيد من البحث فهو فلسفة وحكمة لا غبار عليها وكل حوار لا ينتج شيئا من هذا فهو جدل "
فقال الشاب مبتسما ..
" أعطنى مثالا للجدل الفلسفي .."
قال الكاتب
" مثلا عندما يضيع الوقت فى مناقشة أمور ليس لها هدف إلا استعراض القدرة على التناطح تماما مثل صراع الديكة استعراض قوة لا ينتج أثرا .. ومثال لتلك المناقشات .. مثلا تعال نخترع قضية لا هدف منها .. مثلا هناك حكمة تقول " لكل قاعدة شواذ .. " فما رأيك أنت فى هذه القاعدة التى ثبتت صحتها .. لو أننا نظرنا إليها كقاعدة سنجد أنها تعنى أن كل قاعدة لها استثناء .. والسؤال هنا ما دامت القاعدة صحيحة إذا لنفس هذه القاعدة استثناء وهذا يعنى أن هناك قاعدة ليس لها شواذ وهذا يثبت عدم صحة القاعدة الأصلية .. وهكذا تظل تلف وتدور حول نفسك لتعرف حلا لتلك القضية فلا تدرك حلها إلا بمستشفي الأمراض العقلية "
فأكمل الشاب استفساراته قائلا ..
" إذا كانت للعلم ميادين واضحة فأين هو ميدان الفلسفة وتخصصها ؟! "
أجابه الكاتب ..
" الفلسفة منهج لتقرير الأهداف من وراء الأفعال وبهذا التعريف فهى داخلة فى حنايا كل نشاط يخص الإنسان وكل تصرف يأتى به .. وعليه فهى تعالج كل الميادين فهناك الفلسفة العلمية للعلوم بأنواعها النظرية والتطبيقية وهناك فلسفة الآداب والفنون وفلسفة الجهاد وفلسفة التضحية ... الخ .. "
فسأل الشاب
" وما هو تأثير غيابها عن كل تلك الأشياء ..؟ "
قال الكاتب
" كارثة .. لأنها تعنى ضياع معرفة الهدف من وراء الفعل .. وهو ما يتحقق أمامنا كل يوم .. وطبق هذا الأمر على نفسك .. وأراهنك أنك لو حاولت فلسفة تصرفاتك ونشاطاتك لتوقفت عن ثلاثة أرباعها على الأقل لأنك ستكتشف أنها تصرفات آلية لا تمثل هدفا ولا تجلب نفعا .. ولأعدت النظر فى الربع المتبقي لتصحح مسارك فيه "
قال الشاب فى اهتمام ..
" أعطنى مثالا .. "
قال الكاتب
" تأمل معى المجتمع من حولك وتخيل لو أنهم جميعا سألوا أنفسهم سؤالا واحدا .. لماذا يعيشون ؟! وهو سؤال لو سأله الإنسان لنفسه مرة واحدة فقط فى حياته وأدرك حقيقة إجابته لما دخل أحد النار لأنهم سيدركون أن المعيشة ليست مجرد تصرفات ميكانيكية تنام وتستيقظ لتقضي يوما فى عملك وتـُضيَع الباقي فى أى شيئ ثم تنام لتعود فى اليوم التالى إلى نفس الوتيرة .. عندئذ سينتبه العاقل فيهم إلى أن حياته تتسرب دون أن يدرى كيف ومتى عاش أحداثها وسيدرك أنه مسئول حتما فى وقت الحساب عن تلك الحياة التى ضاعت بشكل ميكانيكى حتى فى العبادات فمعظم من يؤديها يؤديها كعادة وهى كارثة الكوارث أن تصبح الصلاة والصوم مجرد إجراءات يفعلها الإنسان لأنه اعتاد عليها .. فقبل أن تصلي سل نفسك لماذا تصلي ؟ .. والإجابة بسيطة أصلى لله عز وجل .. ولكن هل تفيد الصلاة لله عز وجل وأنت غير مستحضر لعظمة هذا الخالق الذى تقف أمامه .. تقضي الوقت بين يديه ثم تطوى سجادة الصلاة وتنصرف دون أدنى ذرة من تأثر أو رهبة لهذا الوقت الذى قضيته فى حضرته سبحانه .. ؟!
وهكذا يا صاحبي على نفس الوتيرة سؤال بين نفسك وجواب فى أعماقك يوجهك إلى الاتجاه الصحيح لتصبح الحياة عندك ذات روح وكل سؤال وكل جواب إما أنه سيجلب لك خيرا بفعل حسن كنت تتركه بلا سبب منطقي أو يدفع عنك معصية كنت تفعلها وسألت نفسك عن مبررها ومنطقها وبالتالى عندما اكتشفت خطأ هذا المنطق كان حتميا أن تتركها لأن المعاصي بلا فوائد .. "
وما زال نهر الحوار جاريا


قديم 08-10-2010, 06:44 AM
المشاركة 3
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: محاورات اليأس والمقاومة
كيف يسبق المرء عصره ؟!

جاء الشاب أحسن حالا هذه المرة وفتح باب الحوار بسؤال عن مفهوم المرء الذى يسبق عصره ..

فقال الكاتب :
" يـُطلق هذا الوصف عادة عند خروج عبقري تمكن من إدراك وتقرير معارف أو اكتشافات أو علوم تتعدى مستوى المعارف والعلوم بعصره عدة مرات ولم يدركها معاصروه بل عرفها اللاحقون بالتطور العلمى والفكرى الطبيعى مثل العبقري الايطالي الشهير ليوناردو دافنشي الذى وضع تصميمات ورسوم للطائرة الهليوكوبتر والمدفع الرشاش والغواصة فى عصر كان المقلاع فيه إنجازا علميا .. "
فقال الشاب ..
" ومثل من فى العصر الحالى "
فارتسمت على شفتى الكاتب ابتسامة ساخرة وهو يجيب :
" لا يا صاحبي فى العصر الحالى الأمر اختلف قليلا فلم يعد سابق عصره هو الذى يستشف المستقبل بل الذى ينجح فى العودة للماضي بثرائه ويصبح من أهله ليتمكن من العيش كانسان طبيعى
هل فهمت !! "
الشاب ...........!!!!

أكمل الكاتب ..
" لقد تغيرت المفاهيم فى عصرنا الحالى تغيرا عنيفا .. وهو تغير وليس تطورا كما هو المفترض بعد أن تزايد الغرور البشري لأقصي مدى وخلق لنفسه منهجا وطرقا فوقع العالم كله رهنا للقوة الغاشمة فى كل شيئ .. ولهذا فهناك ضرورة للعودة إلى حيث أصول كل شيئ لنبدأ من حيث انتهى الأقدمون وهو التطور الطبيعى للحضارة والذى انكسر عندنا نحن .. "
غمغم الشاب فى إعجاب
" أريد أن أعرف كيف أكون عالما أو فيلسوفا .. "
اتسعت عينا الكاتب فى دهشة قبل أن يستغرق فى ضحكة طويلة عالية ويقول ..
" لا حول ولا قوة الا بالله .. تريد منى أنا أن أعلمك كيف تكون عالما أو فيلسوفا !! .. إنك لو طلبت إلى أن أعلمك كيف تكون تلميذا ما استطعت هذا لأنى أنفقت السنوات لمحاولة الوصول إلى رتبة التلميذ فلم أستطع .. فما بالك بالعالم أو الفيلسوف .. ومن أخبرك أن من أدرك تعريف الفيلسوف أصبح مثله أو أدرك من هو العالم أصبح عالما ..
إنها كارثة هذا العصر وسؤالك هذا أو أسئلتك كلها فى تلك المحاورات خير دليل على مأساتنا لأننا وببساطة لم نعرف كيف نسأل .. مجرد السؤال وهو مفتاح أى علم ـ كما أخبرنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ـ لم نعرف السؤال فكيف نصل لبوابة العلم إذا ؟!! لقد ضاعت المفاهيم كما سبق أن أخبرتك .. ولو أنك طالعت تاريخنا وعرفت من هم العلماء وكيف كانوا لأدركت أنك بسؤالك هذا ارتكبت ما يُوجب حد المفترى يا صاحبي .. "
فقال الشاب فى توتر ..
" كيف .. كيف كان هؤلاء العلماء .. ؟ "
ابتسم الكاتب وهو يجيب
" كانوا كما قال عنهم أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام ورثة الأنبياء .. ترى الواحد منهم يتقاطر علما وحكمة وعلمهُ وحكمته وتطبيقهما معه فى كل وقت حتى فى فراش نومه وهؤلاء هم الذين قضوا العمر كله ليَعلموا ويُعلموا ومع ذلك ضاع أكثر علمهم لأن القول المأثور يقول ـ وهو قول صحيح ـ أنه ما مات عالم إلا وضاع نصف علمه ولو حرص الناس
وقبل أن أحدثك عن العلماء دعنى أحدثك عن تلامذتهم لتدرك أى افتراء وقعت فيه ..
فقد روى فى الأثر أن أحد الأطفال كان عند شيخه يحفظه القرءان فقرأ الشيخ عليه قول الله تعالى " تبت يدا ... " ودعا الطفل أن يردد خلفه ليحفظ .. فرفض الطفل أن يردد أول كلمتين فى الآية لأنه لم يفهم منهما جملة مفيدة وهتف بشيخه .. " يدا من يا سيدى .. ؟! "
أرأيت كيف رفض الطفل ترديد القول كالببغاء بلا فهم وإدراك ..؟!
وأيضا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كان لا زال بعد طفلا صغيرا وتورط تحت تأثير العصبية لبنى أمية فى حديث سوء عن إمام الأئمة على بن أبي طالب رضي الله عنه وبلغ هذا الحديث مسامع شيخه الذى يـُعلمه .. فلما قدم عمر بن عبد العزيز على شيخه وجده غاضبا واجما لا يرد عليه التحية فسأله عمر .. " ماذا هناك يا شيخى ؟! "
فالتفت إليه العالم القدير قائلا فى صرامة غاضبة " منذ متى علمت أن الله غضب على أهل بدر بعد أن رضي عنهم "
هكذا كان سؤال شيخه وعتابه بطريقة بلاغية غير مباشرة على الإطلاق لأنه يشير بهذه العبارة إلى تبكيت عمر على خطئه بحق واحد من أهل بدر المرضي عنهم ..
بمعنى أن الشيخ العالم عاتب تلميذه وعنفه وسخر من خطئه وأوضح له الدليل على خطئ ما وقع فيه وصحح مفاهيمه .. كل هذا وبعبارة واحدة !!
فإذا بالتلميذ الحقيقي يدرك من العبارة مقصد شيخه على الفور ويحنى رأسه قائلا فى ندم :
" عذرا إلى الله ثم إليك والله لا أعود لمثلها أبدا "
وعبد الله عباس رضي الله عنه حبر الأمة الجليل كان يجلس كل يوم بعد صلاة العصر والناس محتشدة بالمئات على بابه فيطلب إلى خادمه أن يذهب إليهم مرة بعد مرة وفى كل مرة يأتى بالذين يريدون أن يسألوه فى فرع معين من العلم فيجيبهم جميعا فى القرءان والسنة واللغة والأدب وأخبار العرب وفتاوى الفقه .. كل هذه العلوم يجيب السائلين عنها دون أن يعود لمرجع أو يقوم من مكانه ليطلع فى كتاب
هؤلاء هم التلاميذ وهؤلاء هم الأساتذة يا صديقي فهل عرفت من هم ؟!
الشاب .....

الحقيقة المطلقة

أخبرنى ما هو الفارق بين الحقيقة والخيال ؟
صمت الكاتب قليلا قبل أن يسأله
" وهل عرفت ما هى الحقيقة وما هو الخيال لتسأل عن الفارق بينهما "
فقال الشاب
" نعم الحقيقة هو واقع أراه بعينى أو ألمسه بيدى والخيال ما لم أره وألمسه وأشعر به .. "
فقال الكاتب
" لو أننا سلمنا بوجهة نظرك لاختل ميزان الحياة .. فأنت تقرـ كإنسان ـ بوجود الهواء فهل رأيته أو لمسته ؟! .. وأنت تعيش بالروح فهل رأيتها أو لمستها .. ؟! وبالمقابل فأنت ترى النجوم بعينك واقعا فى السماء مع أنها فى الأصل غير موجودة بل فنيت قبل رؤيتك لها منذ زمن بعيد وما تراه هو صورة ما كانت عليه فى الماضي السحيق ووصلت إليك بسرعة الضوء عبر مئات وآلاف السنين الضوئية وعندما استوعبها بصرك كان أصل النجم ذاته فى غياهب الفناء .. ومع ذلك فالروح والهواء حقائق موجودة والنجوم خيال لا أصل له فى الواقع الحالى "
صمت الشاب قليلا .. فاستطرد الكاتب ..
" الحقيقة والخيال وأنا وأنت وأى شيئ فى محيط هذا الوجود اللانهائي كله لا يعرف أبدا شيئا على إطلاقه .. بمعنى أن كل شيئ نسبي فلا يمكننا أن نضع تعريفا أو وصفا يكون حقيقيا مائة بالمائة لأى شيئ كان .. دائما تكون الحقائق بالنسبة لمن يعرفها وبصورة تخالف رؤية الآخرين .. بمعنى أننا مثلا كبشر نرى الأشياء بأبعاد أربعة وهى الطول والعرض والإرتفاع والزمن وهناك غيرنا من الكائنات يراها ببعدين فقط وربما كانت هناك كائنات أخرى ترى الأشياء بخمسة أو سبعة أبعاد وهكذا ..
من هذا نكتشف أن ما نراه ليس ضروريا أن تكون حقيقته كما نراها بل هى كذلك بالنسبة لنا فقط .. كمثال الهواء فهو كيان يشغل حيزا من الفراغ ومع ذلك لا نرى هذا الحيز ولا يمنعنا وجوده من شغل فراغه مع أنه موجود وحقيقي
وأيضا كمثال بسيط يبلغ عمر ذبابة المستنقعات يوما واحدا أى أن دورة حياتها تبدأ وتنتهى بعد يوم واحد بينما نجد بعض السلاحف والثعابين يمتد عمرها إلى مائة عام فالسلحفاة بالنسبة للذبابة خالدة لا تموت مع أنها فى الواقع تموت .. ومثلا كائن الأميبا لا يُري بالعين المجردة فتخيل معى لو أنه تميز بالادراك وتمكن من رؤية الحوت الأزرق مثلا أضخم الكائنات على الأرض سيبدو له هو الأكبر فى الحياة بينما الحوت الأزرق فى الواقع لا يمثل بالنسبة للأرض إلا كما تمثله الأميبا بالنسبة له .. والأرض بما عليها وبمجموعتها وشمسها لا تساوى ذرة فى مجرتها التى لا تساوى بذرة فى الكون الفسيح وهكذا
وقد ذكرتنى بحقيقة علمية تحدث عنها أينشتين عند وضعه لفرضية سرعة الضوء التى تبلغ 300 ألف كيلومتر / ثانية تقريبا .. فقد أقر أينشتين باستحالة وصول الإنسان لسرعة الضوء ولكنه افترض هذا الوصول وعليه تخيل أنه قام بتجربة تؤكد نسبية الأشياء فلو أننا أتينا بإنسان ما وأطلقناه بسرعة الضوء وأطلقنا إلى جواره شعاعا ضوئيا من مصدر ضوئي ثابت بحيث يسيران متوازيان ومتجاوران ..
بالنسبة لنا نحن مشاهدى التجربة سنرى شعاع الضوء والانسان السائر بسرعة الضوء بنفس الهيئة وهى هيئة شعاع ضوئي
بينما الإنسان السائر إلى جوار هذا الشعاع سيري شعاع الضوء قضيبا صلبا إلى جواره يمكنه لمسه وكسره أيضا .. وبالتالى لا توجد حقيقة مطلقة غير قابلة للتغير إلا حقيقة واحدة فقط ثابتة لا تتغير "
فقال الشاب فى لهفة ..
"وما هى .. أظنها الموت فهو واحد بالنسبة للجميع ..؟!
فعقب الكاتب نافيا
" لا .. الموت مجرد حالة متغيرة وطريق إلى حياة أخرى وبالتالى لا يوجد موت مطلق بل هو موت نسبي بالنسبة لنا نحن الكائنات الحية نرى الموت واقعا علينا ونصفه بهذا لأننا نراه كذلك أما حقيقته فهى لا تعدو كونه تغير فى قوانين الطبيعة التى تحكمنا
أما الحقيقة المطلقة الوحيدة فى هذا الكون والتى لا تتغير أو تتبدل لا بمرور الزمن ولا بتغير الظروف هى حقيقة وجود الخالق سبحانه وتعالى لأنه جل سبحانه موجود بلا بداية ومستمر بلا نهاية ومنفرد إنفرادا مطلقا لا يغير انفراده شيئ ومتحكم مطلقا لا يشاركه الحكم شيئ وهو ذاتى القدرة لا فضل لأحد عليه لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار .. لذلك فهو الحق وهو الحقيقة ولا شيئ غير ذلك "

وما زال النهر جاريا

قديم 08-10-2010, 06:49 AM
المشاركة 4
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: محاورات اليأس والمقاومة

الصاحب والصديق والفارق بينهما
بعد حوالى الشهر من تلك المحاورات والتى أوردتُ أهمها .. فوجئت بالشاب يتغير كثيرا جدا فعرفت أن داءه الحقيقي كان كما خمنته وهو افتقاده للمنطق وللحوار وللإشباع الواجب توافره لأى عقل
وتستمر المحاورات .. ولكن مع أطراف أخرى

قالت ..
" ما هو اكتر شىء تكرهه يحدث من صديق "
قال الكاتب
" وما دام صديقا ... فكيف أكره منه شيئا .. !!
إن معيار ومفهوم كلمة الصديق لا يتحقق إلا بالاتفاق التام فى الميول والدوافع بين شخصي الصديقين .. ولولا هذا ما كان تآلف الأرواح
أو كما سؤل أعرابي أيهما أحب إليك أخوك أم صديقك
أجاب " وهل يكون أخى إن لم يكن صديقي "
وكل ما نراه على ساحة الإنكار الآن ليس من الصداقة فى شيئ فأزمة عالمنا الآن فى الواقع تتلخص فى عدم إدراك المسميات على حقيقتها
فلمجرد جلسة أو عبارة مدح أو تملق نجد أوصاف الصداقة قد انهالت على تراب الأرض من كثرتها وهذا أمر مؤسف ..
فالصداقة مفهوم شديد الندرة إلى حد بعيد
حتى أن السعيد هو من يعرفها فى حياته لمرة أو مرتين فقط
وهذا هو نفس حال بقية المفاهيم .. وانظرى وتأملى معى ما الذى انحدرت إليه كلمات وأوصاف كالإيمان والحب والشهامة والمروءة وغيرها ..
حتى فى الأوصاف الفكرية ..
تأملى ما الذى وصلت إليه كلمات مثل عالم ـ مفكر ـ مثقف ـ فيلسوف وما إلى ذلك من أوصاف كانت تهز المرء هزا فى ما مضي إذا ذكرت أمامه نظرا لصعوبة تحقق معاييرها الكاملة
نقطة أخرى لا تقل أهمية
وهى أن الصديق لا يتصور أن أكره منه شيئا .. لكن المتصور أن أعتب عليه لأن حسن النية هنا هو الحاكم وهو المقدم على سوء الظن طالما توافر معيار الثقة
ولا مجال لكراهية شيئ من الصديق لأن العلاقة نفسها لا تبلغ درجة التداخل فى الشئون الشخصية وهو ما لم يدركه الكثيرون
فمهما بلغت درجة قرب الأصدقاء ليس مطلوبا ـ تحت مفهوم الثقة ـ أن يصير الصديق ملاصقا لصديقه حتى بأدق شئونه أو شئون بيته فالحدود المرسومة للحرية الشخصية يجب ألا تنتهك حتى بين الأب والابن ..
قالت :
ما هو مواصفات الصديق الذى تجب مصادقته ؟
قال الكاتب :
لا يمكن بأى حال وضع الصداقة فى كود قوانين .. !!
بمعنى أن أقوم باللجوء إلى بنود محددة وأطلب توافرها كاملا فى الشخص حتى أصادقه بل هى تقوم على مفهوم واحد فقط والبقية متروكة للشعور والعاطفة
والشعور والعاطفة بطبيعتهما أمور نسبية بين الناس غير قابلة للتحديد
وهذا المفهوم هو الذى صاغته الحكمة الشهيرة
" صديقك من صدقَكْ .. لا من صدًقك "
فالمطلوب هو الصدق وحسب
ليس الصدق بمعنى عدم الكذب بالأقوال .. بل الأهم الصدق فى الأفعال ..
وليس المهم الصدق فى الحسنات .. بل الأهم الصدق فى المساوئ
فقد يظن البعض أن الصدق هو مجرد تلافي الكذب فى الحديث
بل إن الصدق أعمق من هذا بكثير فى مفهوم الصداقة ..
الصدق حتى الطباع السيئة التى قد توجد فى أحد الأشخاص فيبادر بنفسه إلى حماية صديقه منها
لكن هذا مستحيل التحقق بالقطع إذا كان المرء مفتقدا للثقة مع نفسه فى الأصل ففاقد الشيئ لا يعطيه ..
فلو كنت خادعا نفسي بإيهامها أننى على حق وتيسير سبل الخطأ فمن المستحيل أن أكون صديقا وفيا لأحد طالما كنت مفتقدا للوفاء مع نفسي من باب أولى

قالت :
وما هورد فعلك ان صادفتك الخيانة من صديق
قال الكاتب :
بناء على ما سبق فمن المستحيل أن تأتى الخيانة من صديق ـ طالما أنه صديق ـ
فإن أتت الخيانة ممن كنت أظنه صديقا ..
فنفسي هنا هى أولى بالعقاب .. وفطنتى هنا أولى بالحساب
لأننى لو أحسنت الاختيار .. وطبقت ما هو مطلوب فى صحة القرار .. ما انتهى الأمر الى هذا المآل
وفارق ضخم
بين الصاحب " وهو المفهوم الأكثر شيوعا "
وبين الصديق ..
فالصاحب
هو زميل عزيز وقريب من القلب وهذا يخضع للعلاقات الأنانية صعودا وهبوطا
فأجدنى أعز أصحابي أكثر لمواقف أراها فيهم وأعجب بها والعكس صحيح
كما أن الصاحب لا ضرورة فيه لتوافر عامل الكفاءة الموازية .. فمن الممكن أن أكون أستاذا جامعيا وأصاحب تلميذا لى ذو عقل يدعو إلى الإعجاب أو حتى واحدا من عامة الناس بسيط الفكر والمنطق لمجرد أنه متوافق معى فى مشاعره وأسلوبه
وكاجتهاد شخصي ..
فهذا المعيار الذى يفسر استخدام الرسول عليه الصلاة والسلام لمفهوم أصحابي مع الصحابة ولم يستخدم الصداقة .. فى حين أن القرءان الكريم عبر عن مفهوم الصداقة بتعبير صريح
" أو صديقكم ............ "
لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان فى منزلة لن يبلغها إليه أحد ليصبح صديقا مع توافر الهيبة المانعة بطبيعة الحال وهى التى تتلاشي بين الصديقين
ولهذا كان استخدام لفظ الأخوة " هو كما رأينا مرادف لمفهوم الصداقة " بين الرسول عليه الصلاة والسلام وبين الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا أفضل الصلاة والتسلي
كما أن الصاحب يلزم لاستمرار المعزة أن تتوافر المصاحبة فالأكثر التصاقا هو الأكثر فى مفهوم معزة الصاحب
أما الصداقة ..
فهى تلك العلاقة التى تعتبر الوجه الآخر للحب ..
فهى ثابتة من بدايتها لا تنمو صعودا أو هبوطا
كما أنها تخضع لمعايير الإنكار والإعجاب
ولا تخضع أيضا لمفهوم البعد والقرب فهى ثابتة وراسخة ولو فرقت بين الصديقين أعوام
كما أنها ـ وكما رأينا .. لا يمكن أن تتوافر بها الهيبة لأن الهيبة تضرب معيارها ومفهومها ..

ولا زال نهر الحوار جاريا

قديم 08-10-2010, 08:32 AM
المشاركة 5
أحمد صالح
ابن منابر الـبــار

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: محاورات اليأس والمقاومة
صديقي و أخي .. محمد جاد الزغبي
حيرتني في هذه كما حيرتني فيها من قبل
قرأتها كخاطره فطالت مني فقلت ربما كانت مجموعة خواطريه كما دوما تؤثر المجموعات في موضوعاتك
قرأتها كقصص فطالت حد الرواية
قرأتها كفلسفه فوجدتها بعيدا عن لماذا و إنما هي كيف و أين ومتى
دلني كيف أقرأها احترت و احتار فيك أمري
و على رأي أم كلثوم ( دليلي احتار )
صباحك رائع يا صديقي الشبيه و جهز لجلسه في رمضان لأني من بعده لن أفرغ لأم رأسي من فوق .
.
.
أحمد

ما أعظم أن تكون غائبًا حاضر ... على أن تكون حاضرًا غائب
قديم 08-10-2010, 03:58 PM
المشاركة 6
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: محاورات اليأس والمقاومة
مرحبا أحمد وكل عام وأنت بخير
رأتها كخاطره فطالت مني فقلت ربما كانت مجموعة خواطريه كما دوما تؤثر المجموعات في موضوعاتك
قرأتها كقصص فطالت حد الرواية
قرأتها كفلسفه فوجدتها بعيدا عن لماذا و إنما هي كيف و أين ومتى
دلني كيف أقرأها احترت و احتار فيك أمري
مؤكد أنك تمزح
وإلا كانت مشكلة أن أديبنا الكبير أحمد صالح
لا يعرف كنه نص يقرؤه لأديب محترف
سبقه إليه القدامى والمعاصرون من عصر بن الجوزى في مجموعة خواطره ( صيد الخاطر )
وحتى أنيس منصور في مجموعته ( قالوا )
مرورا بأحمد أمين والعقاد والرافعى وهيكل وغيرهم
و على رأي أم كلثوم ( دليلي احتار )
لو سألت أم كلثوم لأجابتك ولكن بأغنية أخرى
سألت عن الحب أهل الهوى
فقالوا حنانك من شدوه
ومن جده بك أو لهوه
سلي الطير إن شئت عن شدوه
ففي شدوه لمسات الهوى
وبرح الحنين وشرح الجوى
مساؤك ورد


قديم 09-26-2010, 01:48 PM
المشاركة 7
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

عزاء ..

كان الجو مختنقا بالعبرات ..
والكاتب فى صمت كعادته يتأمل فى الغرفة الضيقة التى احتوت الرجل المسن ووالد الفقيدة .. وبعضٌ من أقاربها .. وتنازعته نفسه وهو يتأمل دموع الرجل الكبير وهو يرد بلهجة عاطفية على مواساة المعزين فيصمت كل منهم ولا يجد ردا مناسبا
والتفت الكاتب إلى شيخ المسجد الجالس إلى جواره وكأنه يدعوه الى الحديث كى يخفف عن الرجل مصابه بشيئ من روحانية الوعظ ولكنه فوجئ بالشيخ يقلب كفيه حائرا أمام دموع الرجل
فالدموع والحزن النبيل ليس عليهم من حرج دينى ..!
فاخذ الكاتب نفسا عميقا وتأمل الرجل الكبير الذى يبلغ ثلاثة أمثال عمره وقال له فجأة ..
" سيدى .. بواقع خبرتك فى الحياة .. ما رأيك لو استشرتك فى أمر يحيرنى .. "
التفت إليه الحاضرون وكأنهم أدركوا أن الكاتب يريد أخذ الرجل بعيدا عن همومه بتغيير مجرى الحديث
وقال الرجل الكبير .. " تفضل يا بنى .. "
فقال الكاتب ..
" هناك أمر أختلف فيه مع أبي وأريد مشورتك .. فأنا أعيش مغتربا بالقاهرة لأن عملى هنا ولا توجد فرصة أخرى لعمل مناسب بقريتى البعيدة عن العاصمة كما أن الكتابة والنشر ومستقبلي فيهما متعلقان بوجودى هنا بعيدا عن أبي وهو رجل مسن ومفكر لا يتحدث مع أحد تقريبا سواى ..
ولذا أريد العودة والاستقرار معه فى القرية مهما كان الثمن لأنه لا يحتمل غيابي "
مسح الرجل الكبير دموعه بأطراف أصابعه قائلا ..
" يا بنى .. أنت بهذا تشقي والدك ولا تنعمه كما تتصور .. لأن عودتك تعنى ضياع مستقبلك مستقبلك المستقر هو ما يريده والدك من الدنيا وأن يراك نعما ومستقرا وسعيدا فى حياتك .. فما الذى سيجنيه من عودتك طالما كانت فى شقائك .. الغياب يا ولدى أهون كثيرا من ضياعك عنده .. "
فاستطرد الكاتب ..
" ولكن هب أن مستقبلي بخارج مصر .. هل أسافر وأترك البلاد سعيا للكسب والشهرة تاركا أبي خلفي ؟! "
فقال الرجل ..
" أنت لن تستطيع فهم هذا الا عندما يكون لك ولد تخشي عليه .. وكن واثقا أن أباك سيتمنى بعدك ولو فى الصين وسيشجعك عليه طالما كان هذا فى صالح مستقبلك وسعادتك .. "
فابتسم الكاتب .. وقال
" اذا أنت ترى أن الأب سعادته الحقيقية فى استقرار أبنائه وسعادتهم لا فى قربهم منه ؟ !"
فقال الشيخ الكبير قاطعا
" بدون شك يا ولدى .. بدون شك "
فاتسعت ابتسامة الكاتب وهو يميل على الرجل قائلا
" فعلام حزنك ودموعك إذا ..؟!
ما دمت تهتم بسعادة واستقرار ابنتك التى اختارها الله الى جواره وشهد لها كل من عرفها بالتقوى والصلاح .. أتبكى لفراقها وهى منعمة ومستقرة بأعظم مكسب فى الآخرة وتعيب علىَ أنا اهتمامى بحزن والدى وتطلب الى تجاهله لأجل سعادة الدنيا ؟!! "
ساد الصمت .. وامتد لخمس دقائق .. واذا بالشيخ الكبير يطلب معونة من جواره للنهوض وهو يمسك بيد الكاتب ويقول له بحرارة ..
" والله ما عزانى أحد بمثل هذا العزاء من قبل .. اذهب يا ولدى بارك الله لك فى أبيك وبارك له فيك "

،،

قديم 09-26-2010, 09:14 PM
المشاركة 8
جميل عبدالغني
أديب سعـودي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أستاذنا الفاضل
سنثبتها لكي يتسع الأمر لنا بأن نرجع اليهامرات ومرات لنشبع خواطرنا ووتوالد أفكارنا ونهيم بخيالها ونرصف قوارب عقولنا لنتزود من حكمتها ونملأ فراغ في كيفية الأسترسال وعدم التوقف في زاوية واحده
نعم كم فرحت بك وبزيارتك لنا ورجوع أخي أحمد ايضا فنحن ضيوفك وأنت رب المنزل
دمت بود وجعلك ذخرا لنا ولقلمك الميمون

zhrh123qw
آمل من أحبتي ابقاءها إلى أجل غير مسمى

قديم 09-27-2010, 08:07 AM
المشاركة 9
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


تاملات مفتوحة أشرعت نوافذه ليخرج الضوء

ليضيئ فضاءات وااسعة من العقل والتدبر..

أستاذ محمد جاد الزغبي

تعجزني المقدرة

وتخونني العبارات

حين اٌقرأ هكذا فكر ..

صح قلبك..







خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }

لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى

يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
قديم 09-29-2010, 01:34 AM
المشاركة 10
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


محمد جاد الزغبي ..
ينبع زلال الحرف بين أصابعك سيدي واليراع موشى بالحكمة ..
وعلى منصة الوعي الذي وقف متأملا ألوان وأقواس قزحية ..,
تراص الذهول يتشرب البهي من فيضك ..
لذا فإن حدقي بات دهشآ يصفق بلا حدود لهذا الجمال ..
هذا الدوح لن يكفيني المرور به لمرة ..
بل سأنصب لي خيمة هنا .. لأستمتع أكثر بثراء الإبداع
شكرآ كبيرة لك سيدي


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: محاورات اليأس والمقاومة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لماذا اعتبر الله اليأس .. كفرا ؟! محمد جاد الزغبي منبر الحوارات الثقافية العامة 20 01-09-2020 06:41 AM
القوى العقلية الحواس الخمس - مايكل هانز د. عبد الفتاح أفكوح منبر رواق الكُتب. 0 06-21-2014 02:44 PM
عدمت اليأس يعقوب العبادي منبر الشعر العمودي 1 12-25-2012 10:52 PM

الساعة الآن 08:54 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.