دراسة
" تداخل بنيات الخطاب في الشريط الوثائقي
" رحلات رجال التصوف" للمخرج عبد الغني مكريم
يشكل الشريط الوثائقي"رحلات رجالات التصوف" للمخرج عبد الغني مكريم،منعطفا أساسيا في مسار السينما المغربية في شقها المتعلق بالأفلام الوثائقية" وذلك لما يزخر به هذا الشريط من رؤى جمالية،لام ن حيث التصوير،وأداء الممثلين والمشاهد المتعددة التي صورت فيها لقطات الشريط.
ولأول مرة في تاريخ المغرب،يقوم مخرج شاب كعبد الغني مكريم على التركيز على مسار بعض أولياء المغرب خصوصا بعض الأولياء المشهورين الذين تمركزوا في القرن16 م بقصبة تادلة،وشكلوا أقطابا وزوايا كان لها دور إشعاعي علمي وديني وصوفي،ليس حليا فقط،بل وطنيا وعربيا.وتكمن جدية هذا الشريط وقوته في استناده إلى عدة مرجعيات صوفية ومعرفة وتاريخية،تستلهم التراث المغربي بكل تجلياته وأنواعه،محافظة على الخصوصية المحلية/ تادلة نموذجا.
وقد ركز الشريط على الولي الصالح سيدي بلقاسم الزعري دفين قصبة تادلة بجوار نهر أم الربيع،وابنه الولي الصالح بوعبيد دفين مدينة أبي الجعد ومؤسس الزاوية الشرقاوية كأحد أعلام التصوف في العصر السعدي.
وقد تميز الشريط الوثائقي" رحلات رجالات التصوف" بتقنية فنية لمخرجه،حاول من خلالها الربط بين زوايا التصوف بالجنوب المغربي،وعلاقتها بعلمي التصوف بتادلة وأبي الجعد،وقطبي الولاية(الولي سيدي بلقاسم الزعري وابنه بوعبيد الشرقي"وامتداد النزعات الصوفية من خلال تصوير أمكنة أخرى ضمت زوايا أخرى تم التصوير فيها ك" أرفود والريصاني) وما يحيط بها من قبائل كأفوس- أولاد بحر – أولاد امبارك – تيزيمي – الجرف..)
كما استعرض الشريط الوثائقي سبع زوايا قام لمخرج بزيارتها ميدانيا.والتصوير بها،ونذكر منها على سبيل الذكر(الزاوية الشرقية – وزاوية سيدي لمعطي – زاوية سيدي بلقاسم- ...الخ).
كما عمل الشريط الوثائقي على مد الجسور مع مجموعة من الطائفات المحلية والوطنية والتي تجسد أنماطا روحانية من حيث التصوف ك( الأمداح النبوية- والشطحات والجذبات والابتهالات والذكر والتوحيد..) ومن بين هذه الطائفات (طائفتي احمادشة والطائفة العيساوية الموجودتين بمدينة قصبة تادلة) والطائفة القادرية الموجودة بالجرف( قصر الترعة).
وقد بلغ عدد الفنانين في هذا الشريط14 فنانا ،وعدد المشاركين 450 مشاركا.وبالنسبة لأماكن البحث التي اعتمد عليها المخرج نذكر( دار الثقافة بقصبة تادلة وأر فود – مركز بحوث العلويين بالريصاني – خزانة أبي العباس الجراوي بقصبة تادلة).
لقد كان هذا المخرج من خلال شريطه الوثائقي(رحلات رجالات التصوف" الذي عرض بدار الثقافة بقصبة تادلة،رد الإعتبار لبعض أولياء قصبة تادلة خلال القرن16 م والقرن11 م والذين كان لهم اشعاع ديني وصوفي من جهة ،ولتصحيح بعض المعطيات والمعلومات التاريخية حول سير أولياء تادلة التي وردت في بعض البحوث الجامعية.
وقد اعتبر المهتمون بالمجال الثقافي أن الشريط الوثائقي الذي عرض بدار الثقافة بقصبة تادلة يوم السبت5/02/2011
يعتبر لبنة أساسية في التعريف بزوايا التصوف وأقطابها تعريفا فنيا/ سينمائيا بجهة تادلة/ أزيلال ،والتي تحتاج دراستها والكتابة عنها الكثير من الجهود والدعم والمادي والمعنوي،لإماطة اللثام على مرحلة مهمة من تاريخ المغرب في العصر الوسيط(العصر المريني والسعدي) وعلاقتهم بالزوايا بمنطقة تادلة.
وقد حاول المخرج استلهام " كتب التراجم التي ساهمت في توسيع مجال اهتمام المؤرخ الباحث من قمة هرم المجتمع الى قاعدته بحكم دور الصلحاء في لحم المجتمع بمختلف رموزه ومقوماته الحضارية،وعلى المستوى الأفقي تبيان دور الزوايا ومدارسها في توسيع دائرة المشاركة الصوفية في أكثر من منطقة،متجاوزة المعوقات الجغرافية والبشرية والأزمات السياسية.
خا لد عبد اللطيف/ ناقد سينمائي.
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
الشريط الوثائقي رحلات رجال التصوف للمخرج عبد الغني مكريم
