احصائيات

الردود
4

المشاهدات
6837
 
خالدة بنت أحمد باجنيد
شاعـرة وناقـدة سعـودية

خالدة بنت أحمد باجنيد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
322

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Jan 2008

الاقامة

رقم العضوية
4365
08-09-2010, 01:13 AM
المشاركة 1
08-09-2010, 01:13 AM
المشاركة 1
افتراضي رواية أحببتها: تحت سماء كوبنهاغن..
رواية أحببتها: تحت سماء كوبنهاغن/حوراء النداوي.


بالرغم أنّي لا أحبّ العنصريّة الأدبيّة التي تفصل بين أدب الرجل وأدب المرأة، إلا أنّني أجد في نفسي غبطة إزاء قلمٍ نسائي يعرف كيف هو الحرف كما هو الرجل، تواصل فطري لا يعدم كيدًا فيه سبيل إلى قلبه.. ولبّه.. فأدبه الذي ينبثق من وحي تلك الكلمات التي تضجّ بالعفويّة.. والبساطة.. مع دهاء ومراوغة.

أحبّ دائمًا ذلك النوع من الأدب الذي يصطبغ بالملامح الأنثوية التي لا تستقرّ، عليها غشاوة رقيقة مثلما المرأة مذ تشبّ تدرك أنّها لا تستطيع أن تبقى كما هي، بل تتفنّن في لمسات التغيير المتفاوتة بين النساء من طبقة رقيقة من (المكياج)... إلى العمليات التجميليّة عند أخريات..!، وهذه المحاولات المتأصلة عند النساء على اختلافاتها هي روح الأدب النسائي الذي لن يسمح أبدًا بأن تعرفه كما هو، بل كما يشاء هو/هي..!

أحبّ ذلك النوع من الأدب لأنّي تعوّدت أن أفتّش عنّي فيه، فأجد منّي شيئًا حينًا يكون هامشيًّا، وحينًا يرقى إلى تفاصيل مبعثرة في فصوله، وما أشدنّي توثّقًا به كلّما ازداد شبهًا بي..!، ليس ذلك البحث نوعًا من الاعتداد بالنفس، بل هو رغبة عارمة في المعايشة، حتّى إنّني أكاد أنساني واقعًا في رواية.. وهذا ما كان وأنا أقرأ/أعيش: (تحت سماء كوبنهاغن) لــ: حوراء النداوي.

بدءًا بقدر ما عشتني هدى/البطلة، فثمّة اختلافات شتّى بيننا، وهذه الاختلافات على قدر كثرتها وظاهريّتها لم تحل بيني وبينها، ذلك أنّي لا أعترف بالفروقات الخارجيّة التي أمتلك الخيال الكافي لتقمّصها كليًّا أو مقاربةً، لكن ما إن أتلقّف الروح التي تستودعها الكاتبة في البطلة، أكون قد خلقت من جديد بين يدي رواية.

ولست بمكتفية فيّ في شخصيّة روائيّة سواءً أكانت رئيسة أو ثانوية، بيد أنّي أحاول أن أقتحم ألعوبة السرد، وتفانيه في الأنثوية التي لا تصل إلا من طريق جانبي/فرعي، أما الطرق الرئيسيّة فتلك تحمل جلدًا رجوليًا لا تناسبه أصالة التخفّي الأنثوية التي مارستها أو مورست عليها في حقٍّ وفي باطل..!
هذا بالضبط ما يجعل صفاتًا كالضبابيّة والتداخل والتقاطع والاختلاس والفجائيّة والتردد واللامبرر...الخ، من الصفات التي ينبغي استحضارها عند قراءة أدب نسائي معتدّ بنسائيّته ولو جاءت بعض فصوله على لسان رجل، كـــ(رافد) مثلاً..!

خلاصة ما سبق أنّي أعشق الأدب الذي يتطبّع بصاحبه إن رجلاً وإن امرأة، وكلّما كان الأديب والأديبة أكثر فهمًا لكينونتيهما كان أدبهما أكثر عمقًا وأوفى حيوية، أيّ أنّني شخصيًّا أبحث عن رجولة الأدب وأنوثته دون انحيازٍ لأحدهما إيمانًا بأن الموازنة بينهما ضربٌ من العبث..!، وهذا البحث الشخصي بنظري هو الذي يخوّل الأدب حقّ الحياة الذي لا يقف عند مجال نظرك وقراءتك، بل يحيط بك كإنسان وبيئة وعالم وأفق تعطيه أنت مثلما يعطيك، وتتفاعل معه مثلما يتفاعل معك.

في رواية (تحت سماء كوبنهاغن) لفتتني لعبة الرواية المكتوبة والتي تتداخل مع أحداث الرواية الواقعة، فمنذ الفصل الأوّل تطالعك البطلة على أنّها روائيّة تبعث بفصول روايتها إلى (رافد) الذي سيترجمها من الدنماركيّة إلى العربيّة، ثم تتناوب هي وإياه في سرد أحداث الرواية في الوقت الذي يعايشانها في تشكيل زمني متقاطع، فالواقع يسبق الرواية تارة، وتارة تسبقه، وهذا التسابق بينهما استثمرته الكاتبة في كشف نهاية الرواية في منتصفها واقعًا، وفي آخرها روايةً، وذلك الطابع السردي المتداخل له القدرة على التوغل في تحليل المواقف والشخصيّات والبيئات نفسيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا دون أن يثقل سير الرواية أو يتعدى على واقعيّة الشخصيّات، لأنّ الكتابة تمنح صاحبها فرصة للتأني والنظر فيما الواقع مهما تريّث صاحبه فإنّ له وتيرة المباشرة وردود الفعل السريعة وطابع التواصل التلقائي ما يجعل التأمّل الطويل لا يتّسق معه، ويبدو فيه شيئًا من الفرض والتكلّف.

تعالج الرواية بذلك الأسلوب السردي واقع الجاليات/الأقليّة –العراقية خصوصًا- في البلدان الأوربيّة السكندنافية، وتركّز على واقع الأبناء الذين ولدوا في تلك البلدان، بين ازدواجيّة الوطن الأصل، والوطن المنشأ، وهذه الفكرة تشكّلت في علاقة حبّ فريدة بين هدى ورافد.

الحبّ الذي جمع بين هدى ورافد لم يكن حبًّا عاديًا يدور في حلقة اللقاءات والمكالمات والمشاعر المتبادلة، بل كان حبًا مستحيلاً لرجل عراقي هاجر إلى الدنمارك شابًا ناضجًا، وبين هدى العراقية الأصل المولودة في الدنمارك، فكأنّ العلاقة بينهما تحيل إلى علاقة هدى بالوطن، علاقة المواقف العابرة المختلسة في أحضان مدينة أوربيّة تنتمي ولا تنتمي إليها في آن.

ذلك الرجل الذي ترى فيه هدى الملامح الشرقيّة بامتياز لا شبيه له، تتمنّى وصله بيد أنّه لا يتنبّه لوجودها كما عهدته، ورغم ذلك فهي تجد فيه ما يدفعها دومًا إليه وإن لم يفطن إليها إلا بعدما قرّرت أن تصارحه بذلك، تلك المصارحة التي تشقّ حبًّا فيه شيء من الملائكيّة يتّسم بالرضا التام والقناعة والثبات والحلم، وهذه العلاقة التي تحتدم على حين غفلة بين هدى في سن المراهقة ورافد في سنّ الرجولة، كأنّها تحيل بطريقة غير مباشرة إلى إدراك هدى التي تودّع سنّي الطفولة انتماءها إلى عالم مختلف، وأنّ ذلك العالم القريب فيها والبعيد عنها لا ترغب عنه وإن كان بينهما استحالة الوصول بأشكاله المختلفة.

تلك الفكرة التي لمستها في طريقة حبّ هدى لرافد وحبّه لها لا يعني أنّهما خرجا عن بشريّتهما إلى رمزيّة مطلقة، وإنّما نجد فيهما إنسانيّة تفرض نفسها بما لا يمنع التجريد، وإنّما يضفي بعدًا واقعيًّا لهما، ونحن نتفاعل مع من يشبهوننا كما رأى أرسطو.

وهذا الحدث الرئيسي في الرواية تتخلّله أحداث أخرى تصوّر (هدى) الطفلة ونشأتها ووالديها وأخاها وصديقتها (زينة)، وعلاقتها المترددة بــ(توربن) الدنماركي الخمسيني العمر، و(رضا) الذي ترفضه مرارًا وهو يقبل عليها، وغيرها من الأحداث المتشعبة التي تعالج معيشة المهجر بازدواجيّته وانفصامه وانتمائه وغيابته وتآلفه وإقصائه.

هدى ورافد كانا راويين وبطلين معًا، والفصول التي كان يرويها (رافد) كانت تنزع إلى تقمّص لغة الرجل، وقد حملت نفسًا رجوليًّا واضحًا، إلا أنّه لم يتخلّص تمامًا من النفس الأنثوي المضمّخ بـــالأسئلة.. و(لا أدري)..!، فنمسّ فيه شيئًا من التشابه بينه وبين رواية هدى.

كما أنّ تصدّر (هدى) و(رافد) جعل بقيّة شخصيّات الرواية مغيّبة إلى حدّ الحيرة فيها، فلا نكاد نستبين لها وجودًا منصفًا، إلا (زينة) تقريبًا، ومن ذلك (توربن) الذي لا نعلم عنه شيئًا بعد هروب هدى من لقائه، ممّا سبب بترًا في سلسلة الأحداث.

وممّا يأسر تلك النظرة الفلسفية والتحليليّة التي تحاول بها هدى فهم ما حولها من وطن ودين وأناسٍ و(رافد)، وقد جاءت في لغة شفيفة آسرة غنيّة بالشعريّة، من ذلك: "ذلك الوطن المغبرّ بالحروب لا يعرفني، ولا أنا عرفته، وهذا الناعم المرفّه لا يقبلني، ولا يكاد يتعرّف إليّ، رغم أنّي على مرّ سنين حياتي لم أعرف غيره بدلاً.
ما إن تتجرأ على تفضيل أحدهما على الآخر حتى تنشطر الكرة الأرضية إلى نصفين: واحد يبصق في وجهك لقلّة وفائك، والآخر يهلّل للشيء ذاته.. لقلّة وفائك".

وتقول في (رافد): "التفت إليّ.. في عينيه استفسار، وتحت عينيه لون التعب، وشفتاه جافتان، وأنا أعلم ما تعنيه أن تجفّ شفتا رجل، فالرجال لا يتبنون المظاهر الخادعة التي نجيدها نحن النساء، رجل تجفّ شفتاه يعني أنّه يعاني جفافًا في حياته بأسرها.. مثير للشفقة ألا تكون له حياة يستحقّها".
بهذا النمط اللغوي البسيط الذي يتوغّل في استنطاق الملامح والوقائع فيرغمك على التماهي فيه عشت رواية لذيذة.. أحببتها بعمق..
وأحببت صدقًا (هدى) بتصرفاتها التي تباغتني بنفسي في كثيرٍ من المواقف.. والآراء..!

أما قبل..
يقولون: إذا ما تمنيت في سرّك بأنّك كاتب نصّ قرأته، فقد نال منك موقعًا راسخًا، وصدقًا لكم تمنيت لو كنت كاتبة تلك الرواية يا حوراء..نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
وتحيّة..
.
.
.
خالدة..
27/8/1431هـ - 8/8/2010م.

لتحميل الرواية:
http://www.4shared.com/file/23816295...___online.html


قديم 08-09-2010, 06:36 AM
المشاركة 2
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: رواية أحببتها: تحت سماء كوبنهاغن..
تقديمك ِ الرائع للرواية جعلني في شوق ٍ لـ قراءتها

جاري تحميل الرواية

وحتمـًا سـ أعود بعد قراءتها بإذن الله

شكرًا يا خالدة ~

قديم 08-18-2010, 02:37 AM
المشاركة 3
خالدة بنت أحمد باجنيد
شاعـرة وناقـدة سعـودية
  • غير موجود
افتراضي
وشكرًا لك يا أمل على هذه الإطلالة..
تحيتي..
.
.
.
خالدة..

قديم 08-28-2010, 12:44 PM
المشاركة 4
احمد ماضي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الاستاذة الرائعة
الكبيرة خالدة
ما اجمل ما تنثرين
شكرا لك على هذا الجهد الثمين
وبوركتي

لك من القلب التحية والود




لا سواكِ يكبلني بالحُب

قديم 02-08-2011, 12:57 PM
المشاركة 5
خالدة بنت أحمد باجنيد
شاعـرة وناقـدة سعـودية
  • غير موجود
افتراضي
أهلاً بك أ. أحمد..
سعدت بحضورك..
تحيتي لك..
.
.
.
خالدة..

موقعي الشخصي:
http://khaledah-bj.com/

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: رواية أحببتها: تحت سماء كوبنهاغن..
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
[ أحببتها كثيراً ] سيد يوسف مرسي منبر قصيدة النثر 0 02-21-2021 07:13 PM
بارقة امل في سماء شمال افريقيا ...هل انطلقت الموجة الثانية من الربيع العربي؟ ايوب صابر منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 2 03-12-2017 01:15 AM
أحببتها .. وما درت بي !! صلاح عبدالشكور منبر البوح الهادئ 5 04-23-2011 05:21 PM
أحببتها لي ولكم//متى تبكي على نفسك أميرة الشمري منبر الحوارات الثقافية العامة 4 12-20-2010 10:38 PM

الساعة الآن 07:04 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.