احصائيات

الردود
10

المشاهدات
13831
 
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي


ايوب صابر is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
12,766

+التقييم
2.39

تاريخ التسجيل
Sep 2009

الاقامة

رقم العضوية
7857
01-17-2011, 10:55 AM
المشاركة 1
01-17-2011, 10:55 AM
المشاركة 1
افتراضي جان جينيه - عبقري بحياة حافلة بين الشذوذ والابداع

لا شك أن "جان جينيه" يمثل مثالاً صارخاً لأثر الطفولة المبكرة على الشخصية وتعد حياته وكتابات وما كتب عن هذا الإنسان خاصة ما كتبه سارتر عنه بعنوان "القديس جينت Saint Genet "رصيد جيد جداً لفهم هذه الأبعاد من الشخصية بما فيها من شذوذ وابداع.


جان جينيه
أسيرعاشق - دار شرقيات - 1997


كان الكاتب الفرنسي جان جينيه الخارج دائماً عن القانون السائد، قد أعلن في مطلع الثمانينات أنه توقف عن الكتابة، لكن مأساة الشعب الفلسطيني ألهمته وجعلته يواصل كتابة أروع مؤلفاتها النثرية.

ولد جينيه عام 1910، هجره أبواه وهو رضيع، عاش في الملاجئ، في سن السادسة عشرة أدخل إلى السجن بسبب سرقة صغيرة، وفي الثامنة عشرة أرسل إلى سورية مع الجيش الفرنسي كمتطوع في الفيلق الأجنبي

وله ذكريات وصور عن مدينة دمشق، عرضتها الدكتورة حنان قصاب حسن في معرض خاص بالمعهد العالي للفنون المسرحية منذ أكثر من 15عاماً.


تابع جينيه التجوال في أوربا حتى وصل إلى فرنسا، وسجن هناك مرة أخرى، قضى حياته في الأربعينات من القرن الماضي بين السجن وخارجه، وخلال ذلك ألف رواياته العظيمة التي أكسبته شهرة وتعاطفاً وإعجاباً من قبل جان كوكتو وجان بولسارتر واندريه بـريتون (مؤسس المذهب السريالي).
وهي:
- سجل لص
- معجزة الزهرة
- شعائرالدفن
- كوير يلليه مدينة بـريست

في الخمسينات ألف عدة مسرحيات اعتبـرت من التراث العظيم للمسرح الأوروبي، وهي الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ومن المسرحيات:
- الشرفة.
- الخادمات
- الزنوج.
- البارافانات.


قديم 01-17-2011, 10:58 AM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
مقتطفات عن علاقة الشذوذ والإبداع عند الأديب الفرنسي "جان جينيه"


بقلم: أسعد الطيب العباسي - عن موقع سودنايل


الثلاثاء, 06 تشرين1/أكتوير 2009 09:14


إن الصلة بين حياة الأديب الفرنسي المعاصر (جان جينيه) 1910 ـ 1986 الذي نزع نحو الجنوح والشذوذ وإبداعه الأدبي هي صلة وثيقة تقع في إطار فهم الظاهرة الإبداعية لديه ويجب ألا نتحاشى ذكرها عند دراسة إبداع هذا الأديب المؤلف تحدياً للحقيقة وامتثالا ًلمقولة إنه لاحياء في العلم وإن إماطة اللثام عن هذا الأديب الذي فضح نفسه ـ شأن الكثير من الأدباء العالميين ـ بصراحة شديدة واعترافات مذهلة تضع القارئ العربي أمام حقيقة أن الحرية التي يتمتع بها الكاتب الغربي تتضاءل أمامها تلك الحرية المزعومة التي يتمتع بها الكاتب العربي، وفي هذا الإطار يعلق جان جينيه أهمية قصوى على حرية التعبير عن أفكاره مهما بدت غريبة في أعين الآخرين، وأنه ليس مولودا ًبالشر والإنحراف كل ما هناك أنه يستسلم لنوازعه دون أن يحس فيها بأدنى عيب أو غضاضة، ويقول فيما يتعلق بالنوازع المثلية لديه: أنه لا يعرف عنها شيئا بالمرة، ويتساءل: وماذا يعرف الناس عنها؟ ويجيب قائلاً: إن هذه النوازع المثلية فُرضت عليه كما فرضت على عينيه ألوانها.

غير أن الكاتبة(سيمون دي بفوار) عشيقة صديقه الفيلسوف( جان بول سارتر) تقول إن مؤلفنا ـ تعني جينيه ـ كان منبوذاً من المجتمع منذ أن رأت عيناه النور، فلا غرو إن رأيناه لا يكن أي إحترام لهذا المجتمع، وأن يحاول الإنتقام منه عن طريق السلوك الشائن المعيب.

ولكننا نجد أن نشأة وسيرة جان جينيه تلقي ضوءً أكثر من ذلك الذي قالت به سيمون، مما يجعله أكثر عرضة وإغراءً لقراءة أدبه قراءة نفسية.

فقد تشكل فيه الإنحراف وتوثقت عرى العلاقة بين أدبه ونفسيته. فجان جينيه الذي اختارته في العام 1976 مؤسسة لاروس كواحد من أدباء فرنسا العظام، ولد لإمرأة غير متزوجة (عاهره في النسخة الإنجليزية عن حياته اسمها(كامبل جابراييل جينيه) التي عهدت به إلى ملجأ لرعاية اللقطاء في العاصمة الفرنسية باريس، وبما أنه مجهول الأب فقد نسب إلى أمه فأضحى اسمه جان جينيه.

وقد نشأ نشأة تضافر فيها الجنوح والإضطراب، ورغم أن حياته تقلبت ما بين التشرد والترحال والإملاق والثراء العابر الذي كان يجنيه من نشر كتاباته إلا أنه في كل الأحوال لم يتورع من ارتكاب جرائم السرقة، مما قاده للسجن أكثر من اثني عشر مرة، ولا يفتأ أن يعترف بلصوصيته كما حدث وأخبرنا خلال سيرة حياته الروائية(يوميات لص).

وقد تأثر جينيه تأثراً عميقاً بالكاتب المنحرف(جوهاندو) الذي التقاه وتعرف إليه خلال سجنه عندما قال له: إن السجن ليس سجناً بل هو المهرب والحرية ففيه يستطيع الإنسان الهرب من تفاهات الحياة كي يعود إلى جوهرها.

وعندما قال جان جينيه: إنه يتوق إلى الإقلاع عن السرقة وأن يكسب قوته عن طريق التأليف والكتابة. فإذا بجوهاندو يعترض على ذلك قائلاً: يا صديقي إنه من المؤكد إنك تمتلك نوعاً من الموهبة في الكتابة، ولكن لا تحاول احترافها وإلا أفسدت كل شيئ، وإذا شئت أن تصدقني فينبغي عليك الاستمرار في السرقة.
إن مناصرة جينيه للمضطهدين والسود والعرب والفقراء والمشردين والقضية الجزائرية والفلسطينية هي نتاج تحويل تجاربه في الحياة ــ كما يقول ــ إلى تجربة عامة يحس فيها بآلام الموجودين من البشر في كل مكان.

على أننا نجد أن علاقاته مع أصدقائه كلاعب السيرك الجزائري(عبد الله بنتاجا) والتي أثمرت عن بعض إبداعاته ككتابه(فنان الأسلاك العالية) ومسرحيته ذائعة الصيت (السواتر) وهناك الكثير من الشواهد الدالة على أن شخصية سعيد المحورية في هذه المسرحية مستمدة من شخصية عبد الله الذي يعتبره جينيه من أهم عشاقه المقربين في حياته على الإطلاق، والثاني هو(ديكارتين) وهو يساري انخرط في مقاومة الإحتلال النازي لفرنسا.

كان جينيه في اعترافاته بهذه العلاقات المثلية الشاذة يتباهى في صفاقة لا تدانيها صفاقة إلا صفاقة ذلك الجندي الأمريكي الذي أفشل كميناً نصبه الفيتناميون وقتل منهم عشرة جنود فمنحوه وساماً وعندما قبضوا عليه متلبساً بممارسة الشذوذ مع أحدهم فصلوه من الجيش الأمريكي فأرسل رسالة لإحدى الصحف قال فيها: منحوني وساماً عندما قتلت عشرة رجال وفصلوني من الجيش عندما أحببت رجلاًواحداً..!

لعلنا واجدون في قصيدة جينيه المعروفة (الرجل المحكوم عليه بالموت) إسقاطات بذيئة واعترافات بجنوحه وشذوذه وقد أنشأها بين جدران السجن الذي يعتبره المكان الأمثل للكتابة والمهبط الذي يؤثره الوحي الشعري وهو نفس المكان الذي كتب فيه رائعته (معجزة الوردة) وهي رواية تزخر بالرموز المستمدة من حياة القرون الوسطى وتقع أحداثها في دير تابع لعائلة (البوربون) المالكة قبل أن تندلع الثورة وتحوله إلى سجن والمعجزة التي تناولتها الرواية تتلخص في أن الأغلال التي يرسف فيها السجين تتحول إلى أكاليل غار وورود والرواية تصور حياة السجين على أنها شيئ مقدس فهي أقرب ما تكون إلى حياة النساك والرهبان والقديسين وهي تخلو تماماً من متاع الدنيا.

شق جينيه طريقه نحو الشهرة والمجد عند توزيع روايته (عذراء الزهور) فقد أراد جينيه من منطلق النتوءات التي نمت في أعماقه بسبب الجنوح والشذوذ أن يبصق على وجه المجتمع الفرنسي البرجوازي المنافق وأن يفضح بصدق كل مظاهر الزيف والإدعاء من حوله فلم يجد وسيلة إلى هذا غير الإمعان في الفحش والبذاءة والكتابة عنهما.

كان حريَّاً بجينيه أن ينضم إلى منظومة كتاب فرنسا العظماء كما رأت مؤسسة لاروس فقد كان كاتباً شاملاً ومبدعاً حقيقياً كتب الشعر والرواية والمسرحية وسيناريوهات الأفلام ومارس الإخراج السينمائي عندما أخرج فيلماً سينمائياً بعنوان (أغنية الحب) عن كتاب له وغير ذلك كثير من الأعمال الإبداعية في مجال الأدب مما لم نتعرض له بقدر إعراضناـ بسبب الإيجازـ عن تلك الجوانب الأكثر قتامةً في حياة هذا المؤلف الذي إستطاع أن يذيب النوازع الفتاكة القابعة في دواخله في بوتقة الخلق والإبداع الأدبي والفني الذي أخذت آثاره تنداح في العقول والمشاعر وتمكنه من تغيير نفسه على نحو مذهل عندما اسودت الدنيا في ناظريه وتكررت محاولاته للإنتحار واعتبر نفسه لعنة.

في مرحلة متأخرة بعض الشيء من حياته إتخذ جينيه من المغربي (محمدالقطراني) عشيقاً له وهو أصلاً مفتون بالشرق الذي جاب نهاده ووهاده وعندما أصيب بسرطان الحلق وشعر أن برودة الموت بدأت تسري في أوصاله أوصى أن يدفن في مدينة (لاراش) المغربية ولم ينس أن تشمل وصيته المالية في قسم كبير منها على عشيقه لاعب السيرك عبد الله بنتاجا ومحمد القطراني وابنه الذي أطلق عليه جينيه اسم عزالدين تأثراً بأحد المناضلين الفلسطينيين.

في باريس وعند حلول ليلة الرابع عشر من شهر إبريل العام 1986 رحل جينيه عن الدنيا فأصر محمد القطراني أن يأخذ جثمانه حسب ما أوصى ليدفن في مدينة لاراش المغربية واختار البقعة التي كان يلعب فيها مع ابنه عزالدين لتكون مثواه الأخير وهي قريبة من المنزل الذي اشتراه جينيه هدية لصديقة محمد القطراني الذي بكاه مر البكاء وفي يأسه استقل سيارته ـ كانت هي الأخرى هدية من جان جينيه لأبي عز الدين ـ ليرتطم بشجرة ويتوفى في هذه الكارثة التي كانت أقرب للإنتحار منها إلى الحادث.

شعر المغاربة بالفخر لأن هذا الكاتب العظيم دفن في ثراهم وكانت الحكومة المغربية قد عرضت إيفاد فرقة موسيقية عسكرية لاستقبال الجثمان عند الطائرة حال وصوله بيد أن أصدقاء جينيه رفضوا هذا الجو الرسمي في تشييع الفقيد الذي آثر البساطة ونبذ الغنى والمظاهر الزائفة.


وقد رأى الفيلسوف الفرنسي سارتر في جينيه شخصية القديس من خلال السفر الذي ألفه عنه متعرضاً من خلاله لحياته وأدبه ومن ضمن ما أورده في كتابه الذي جاء تحت عنوان "القديس جينيه ممثلاً وشهيداً "

كتب سارتر: "إذا كان جينيه قد حددّ عالمين متعارضين ومتعاديين هماعالم الشر وعالم الخير، فإن كلا العالمين قد دفعاه نحو الخلف!. وهذا ما ضاعف لديه الأحساس بالإثم. طرقه وأساليبه البرجوازية النكهة التي لم يفقدها بعد تماماً ولدّت لديه إحساساً بالإذلال في أن يكون عارياً يرتدي فقط مقدرات عقلية لا توصف!. وحين اختار ميدان الشر راحة لهو إغاظة للآخرين كان عليه أن يعترف بحقيقة واحدة وهي أن هذا الميدان هو أكثر شرورا ًمنه..".

لم يختر جينيه عالم الشر بمحض إرادته بل دُفع إليه بعنف وقوة من الخارج، أما السجن الذي نعثر عليه في جل أعماله الروائية والشعرية والمسرحية، والذي يبدو سجناً واقعياً حيناً ومجازياً حيناً آخر، فتسويغه أن الكاتب عاش منذ طفولته مشرداً ولصاً، لذا أصبح السجن ملجأه الوحيد، وهو حقاُ المكان الحر والمنزل الآمن لإنسان منبوذ من عائلته أولاً حيث تخلّت عنه والدته وهو في العاشرة من العمر ليعيش ذليلاً على موائد الآخرين، ولأنه مرفوض من المجتمع ذاته ثانياً، ذلك المجتمع الذي تعامل معه مثل كلب سائب وسارق صغير، وجملته الشهيرة "سوف أكون لصاً " ما هي إلا فعل ضخم وخطير لخيار وجودي".

إن غربته القاسية يمكن أن تجد لها صدىً حزيناً في كلماته التي كتبها عام 1977 وهو يصف تلك الإنعطافة الحاسمة في موقفه من حياته، حيث يقول: "لقد تعلمت أن أكون غريباً بطريقة مضحكة وحمقاء جداً. ففي أحد الأيام طلب منا المدرس كتابة موضوع صغير يصف كل واحد منا بيته، وحين انتهيت من كتابة الموضوع، قرأه المدرس بصوت عالٍ أمام التلاميذ، وما إن انتهى من ذلك حتى ضج الجميع بالضحك والسخرية مني قائلين: "ولكن هذا ليس بيته.. إنه لقيط.".

لقد كان جينيه زبوناً دائماً للسجون وقد كتب جل أعماله في سجونه الإنفرادية تلك، بل وحتى في خروجه منها ظلت تلك الزنازين الرطبة والمعتمة هاجسه الوحيد، وما خياره لفضاءات الشرور والجريمة تلك، إلا بمثابة نوع من الثأر وإغاظة الآخرين ممّن نبذوه. إلا أن التمرد الذي يكون مبعثه الغيظ لا يقود في الآخر إلا إلى خراب وهزيمة للتمرد الأكبر حتماً، ذلك أن الغضب هو إحدى العلامات الموحية بعقدة النقص والإحساس بالدونية.

إن جلّ نتاجات جينيه تكشف عن معضلته الخاصة، إلا أنه لم يكن مطلقاً بطلاً للجريمة أو مبّشراً بالشرور، فكلما سعى إليه هو محاولته الغوص عميقاً عميقاً جداً نحو القعر، هناك حيث بالإمكان العثور على حالة أكثر نقاءً وإجلالاً من عالم يطفح في البؤس والشرور.

إن قبوله برفض المجتمع له وغوصه في المناطق المحظورة والمحرّمة أخلاقياً قاده إلى قاع الرفض المطلق، ذلك القاع الذي أحالته مخيلة جينيه إلى ما يشبه المطهر، على الرغم من أن طقوسه تلك تجري ضمن دائرة الشر!.

في الشرق الأوسط الذي أحبه جينيه واتخذ فيه علاقات امتدت إلى الأدباء والسياسيين لمناصرته للقضية الجزائرية والقضية الفلسطينية وحبه للمغرب التي شاء أن يدفن فيها لاقى احتفاءً في حياته وبعد مماته فالمغاربة والجزائريين يقيمون له المعارض ويحتفون بأدبه والفلسطينيون يقدرونه ويحترمونه خاصة بعد موقفه من مذبحة صبرا وشاتيلا وما كتبه عنها.

كانت مصادفة كبيرة حقاً في حياة جان جينية ومسيرته وتجربته؛ ‌فهذا الكاتب، الذي أحب الفلسطينيين وأيد القضية ‌الفلسطينية، شاء ‌القدر أن يجعله شاهداً على تلك المجزرة التي حلت بهم، وبدت نموذجاً للقتل الجماعي الذي طالما تعرض له الشعب الفلسطيني كان جان جينيه مصاباً بسرطان في الحنجرة، ‌وكان يعاني هجره الكتابة عندما وجد نفسه فجأة في بيروت، بل في المخيمين، هو الذي عاش سنوات مع الفلسطينيين بدءاً من العام 1970 في مخيمات جرش وإربد في الأردن، وأعجب ببسالة الفدائيين وكتب عنهم،‌ لم يصدق ما شاهده في صبرا وشاتيلا.

كان أكثر ما جذبه إلي الفلسطينيين تحولهم من منفيين ولاجئين إلى ثوريين مصممين على استرجاع هويتهم وأرضهم » كما يقول ف كتابه الشهير (أسيرعاشق) وكان معجباً جداً برمز الفدائي ذاك، الذي يغامر بحياته من أجل قضيته، فيذهب تحت جنح الظلام لإلقاء قنابل أو زراعة ألغام في إسرائيل. رحلة قد يعود منها ويكون كمن عاود الصعود من الجحيم، أو قد لا يعود‌.

وجان جينيه الذي كان يكره الغرب ويؤيد حركات التحرر في العالم أجمع، كان يجد في إسرائيل صورة للغرب المزروع في العالم العربي. وهو يقول في هذا الصدد مخاطباً الفلسطينيين: إسرائيل هي الغرب مزروعاً في بلادكم، لذلك فإن عدالة القضية في حالة المقاومة الفلسطينية بديهية بالنسبة إلي، ولم يتوان جينيه في وصف إسرائيل بـبؤرة الرأسمالية الغربية.

غير أن علاقة جينيه بالفلسطينيين وانبهاره بالعمل الفدائي لا يرجعان إلى عدالة القضية الفلسطينية فقط. فالكاتب الذي كان يعتبر نفسه ابن العار لكونه نشأ بلا أم ولا أب، أو مجهول الأب، بعدما توفيت أمه وهو طفل، وجد في القضية الفدائية وكذلك في قضية الفهود السود في أمريكا نوعاً من « الكفارة » لا عن ذنوبه هو، وإنما عن ذنوب أبيه المجهول وأمه التي رحلت مبكراً، وعن ذنوب المجتمع الذي جعل منه ضحية بامتياز. ولذلك وجد جان جينيه في العمل الفدائي شيئاً من الفعل الميتافيزيقي. فالفدائي الذي طرد من أرضه وفقد بيته وأهله غدا أشبه بالبطل التراجيدي الذي يتحدى القدر ويدفع مندمه وجسده ثمن ذلك التحدي.

أما جان جينيه فيصف نصه الذي كتبه عن صبراوشاتيلا بقوله: « إنه نوع من حكاية صغيرة كتبتها، حكاية لم أكتبها انطلاقاً من أفكاري، حكاية كتبتها بكلمات هي كلماتي ولكن لأحكي عن حقيقة ليست حقيقتي».

ولعل هذا النص الذي كتبه جينيه أعاده إلي عالم الحياة بعد أن اجتاز الكابوس، مثلما أعاده إلي عالم الكتابة ‌بعد أن انقطع عنها سنوات. والنص هذا أعقبه كتاب جان جينيه الشهير «أسير عاشق» الذي كان آخر كتاب له قبل رحيله عام 1986 وقد أغمض عينيه من غير أن يبصره مطبوعاً.

================
ملاحظ: في الواقع لقد أبدع الكاتب، وربما كان ذلك عن غير قصد، هنا في وصف العلاقة بين تلك الحياة المأساوية والمخرجات سواء تلك الشاذة أو الإبداعية وحتى تلك المواقف السياسية ما هي إلا ترجمة لتلك المشاعر المتدفقة في كيانه والطاقة الهائلة التي تشكلت كنتيجة لذلك الدفق من كيمياء الدماغ. ولكنني سأعود للتعليق على ما ورد في هذا النص الجميل...موضحاً تلك العلاقة.

============

قديم 01-17-2011, 02:45 PM
المشاركة 3
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
عن حياته من وكيبيديا الموسوعة الحرة

Jean Genet (December 19, 1910(1910-12-19) – April 15, 1986(1986-04-15)) was a prominent and controversial French novelist, playwright, poet, essayist, and political activist.
ولد جنيه جنت في 19/12/1910 ومات في 1986 وقد كان كاتب عظيم ومثير للجدل ، فرنسي الجنسية، أبدع في مجال الرواية ، والمسرحية، وكان شاعرا وكاتب مقال وناشط سياسي.


Early in his life he was a vagabond and petty criminal, but later took to writing.
قام في طفولته بأعمال تسول وإجرام ولكنه تحول في وقت لاحق للكتابة
His major works include the novels أعماله الرئيسية تضم عدد من الروايات مثل
- Querelle of Brest,
- The Thief's Journal,
- Our Lady of the Flowers,
and the plays كما كتب مسرحيات وهي
- The Balcony,
- The Blacks,
- The Maids and
- The Screens.

قديم 01-18-2011, 02:48 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
جان جينه..العبقري الشاذ ..محصلة لكيمياء الدماغ المتدفقة بغزارة


لا شك أن الأخ أسعد العباسي، إن كان هو كاتب المقال" مقتطفات عن علاقة الشذوذ والإبداع عند الأديب الفرنسي "جان جينيه " قد أبدع في وصف الصلة بين حياة جان جينيه وإبداعه الأدبي، رغم القصور الواضح في فهم تلك العلاقة ودوافعها ومسبباتها ومعطياتها ونتائجها، ورغم التحليل الخاطئ والفهم المنقوص لكثير من الجوانب المتعلقة بشخصية هذا المبدع العبقري من ناحية والشاذ من ناحية أخرى، وذلك أمر طبيعي في تقديري ويعود حتما لعدم معرفته بالدافع الحقيقي وراء كل الصفات والسمات الشخصية وأثر مأساوية الطفولة في صناعة الشخصية من خلال ما تفرزه تلك الحياة المأساوية من كيمياء الدماغ والتي بدورها تتحول إلى طاقة ذهنية مهولة فيكون كل تصرف إبداعي أو شاذ هو في الواقع نتاج تلك الطاقة المهولة المتدفقة في الذهن والتي تكون اشد وفي أوجها كلما اشتدت مأساوية طفولة وحياة الشخص المعني، كما ورد شرحه في "نظريتي في تفسير الطاقة الإبداعية".

ولا شك أننا نجد حياة هذا العبقري الفرنسي (جان جينيه) في قمة المأساوية لعدة أسباب، منها أنه ابن بائعة هوى، تخلت عنه أمه إلى ملجأ أيتام عند ولادته، ولم يَعرفْ أبويه أبداً، بل هناك ما يشير بأن أمه ماتت أيضاً في طفولته، ثم ماتت الأم البديلة أيضا في طفولته المبكرة فكانت حياته في قمة المأساة والاضطراب والتشرد والألم والضياع.

ولذلك يفترض أن كيمياء الدماغ عنده ستتدفق بشكل هائل وبالتالي تكون تلك الطاقة المحركة لقوى ذهنه الكامنة واللامحدودة على أشدها ومتدفقة بأقصى قوة، وعليه لن يكون غريباً أن يصبح من بين أعظم المبدعين على الإطلاق حينما يتمكن من تسخير تلك الطاقة بشكل إيجابي وأن يكون جانحاً ولصاً محترفاً وأبعد من ذلك شاذاً حينما يتعثر في تسخير تلك الطاقة بشكل إيجابي، فالعلاقة بين مأساوية الطفولة والمخرجات الإبداعية هي علاقة طردية ومتأصلة وحينما تفيض تلك الطاقة بشكل مهول وتتعثر الملكات الإبداعية يمكن أن تحرك نوازع شيطانية تبدو عند صاحبها تصرفات عادية وجزءاً لا يتجزأ من كيانه.

ولا شك أن للبيئة التي يعيشها الطفل، والمحيط الداعم والمساند الذي يكون على اتصال به في طفولته المبكرة، وما يتلقاه من رعاية واهتمام، وما يكتسبه من مهارات وتعليم وتأهيل، يكون لها أثر عظيم في ما يمكن أن تؤول إليه تلك الطاقة المتدفقة في الذهن، فيتشكل منها مخرجات إبداعية فذة وعبقرية خالدة إذا ما تلقى من امتلك مثل تلك الطاقة الذهنية المتدفقة الاهتمام والرعاية على أكمل وجه، ولكن العكس صحيح أيضاً، أي أن ما يمكن أن يتعرض له الطفل من سوء معاملة واحتقار وما إلى ذلك من أمور قد تؤدي إلى جنوحه وسلوكه مسالك إجرامية أو شاذة بارزة وملفتة للانتباه وهذه العلاقة طردية أيضاً.

يعتقد السيد أسعد مثلاً أن الأديب الفرنسي جان جينيه قد فضح نفسه من خلال كتابته عن جنوحه وسلوكه الشاذ في كتابه (يوميات لص) ولكنني أرى أن مثل تلك الكتابة الصريحة والواضحة كانت بمثابة أحد وسائل علاجه النفسي والذي مكنه من إخراج تلك الطاقة المتدفقة في ذهنه فحقق له نوع من التوازن، ولولا لجوءه لمثل تلك الفضفضة لتفريغ الطاقة والألم الذي يعتمل في داخله لربما أصيب بالجنون أو نَفَّذَ فعل الانتحار والذي يبدو أنه قد حاوله جان جينيه في أكثر من مرة.

وتشتد حالة الشخص لمثل هذه الفضفضة كلما كانت طفولته مأساوية وذكرياته مؤلمة وهي الحالة التي يمكن وصف طفولة جان جينيه بها ومثال ذلك رد فعل زملاؤه الطلبة في سنوات المدرسة المبكرة والذين نعتوه بنعوت مؤلمة تترك أثراً سلبياً جارحاً ومهولاً في أعماق النفس البشرية أقلها في مثل هذه الحالة وصفه من قبل أقرانه بـ ( اللقيط ) حيث أعابوا عليه جمال وصفه للبيت الذي يسكنه حينما طلب منهم الأستاذ ذلك.

ولا شك أن الشذوذ الجنسي عند جان جينيه هو أيضاً انعكاس لسوء المعاملة التي كانت على ما يبدو سمة أساسية في طفولته وقد يكون قد تم استغلاله جنسياً في الملجأ والدير والسجن فهو يشكل ضحية مناسبة لمثل تلك الاعتداءات القاسية واللا إنسانية، والتي لا شك أنها تترك هي أيضاً أثراً جارحاً مهولا في نفس الطفل.

وقد أصابت سيمون دي بفوار حتما عندما عزت جنوحه إلى أنه كان منبوذاً من المجتمع منذ رأت عيناه النور ولا شك أن نبذه وما تعرض له من سوء معاملة كان سبباً رئيسياً لتدفق كيمياء الدماغ بصورة مهولة، وهذه الكيمياء مقرونة بالمعاملة الرهيبة المؤلمة هي التي دفعته لارتكاب مثل تلك الأعمال الشنيعة دون شعور بالذنب والانتقام من المجتمع لا يشكل إلا وجه واحد للموضوع ولولا ذلك الدفق الهائل في كيمياء الدماغ لما برز جنوحه بهذه الطريقة حيث سجن أكثر من اثنتي عشرة مرة.

ويلاحظ أن سلوكه الشائن الذي قاده للسجن ساهم من دون وعي منه أو إرادة في زيادة دفق كيمياء الدماغ تلك ووفر له العزلة التي ساهمت بدورها في توتير الدماغ وجعله يعمل بوتيرة عاليه، ولذلك لا غرابة أبداً في أن الكثير من أعماله العبقرية ولدت بين القضبان. ولا غرابة انه يرى بأن وحي الشعر مسكنه بين القضبان ونحن نجد أن الكثير من الشعراء والكتاب قد خرجوا بأعمال إبداعية مهولة على إثر تجربة السجن والعزلة بين القضبان وقد ذهب مؤسس الديانة البهائية مثلاً بعيداً حيث نجده يدعي بأنه تلقى ما خطه من الوحي أثناء وجوده في السجن. ولا شك أن تجربة السجن كان لها أثر مهول في تطوير ملكات المتنبي الإبداعية أيضاً كما يقول طه حسين عنه.

ولا غرابة إذاً، كما يقول أسعد، أن يبدع جان جينيه واحدة من أفضل قصائده المعروفة (الرجل المحكوم عليه بالموت) والتي ضمنها إسقاطات بذيئة وإعترافات بجنوحه وشذوذه بين جدران السجن والذي يعتبره المكان الأمثل للكتابة والمهبط الذي يؤثره الوحي الشعري، وهو نفس المكان الذي كتب فيه رائعته (معجزة الوردة )، كما يقول أسعد، وهي رواية تزخر بالرموز المستمدة من حياة القرون الوسطى وتقع أحداثها في دير تابع لعائلة (البوربون) المالكة قبل أن تندلع الثورة وتحوله إلى سجن، والمعجزة التي تناولتها الرواية تتلخص في أن الأغلال التي يرسف فيها السجين تتحول إلى أكاليل غار وورود، والرواية تصور حياة السجين على أنها شيء مقدس فهي أقرب ما تكون إلى حياة النساك والرهبان والقديسين وهي تخلو تماماً من متاع الدنيا كما يقول أسعد.

ويلاحظ أن جينيه قد التقى في السجن بمن يوصف بأنه كاتب منحرف وهو (جوهاندو) ويبدو أنه قد تأثر به عميقاً، وبالتالي أثر في خياراته الجنسية فكان شذوذه محصلة متوقعة لذلك الإعجاب بشخصية (جوهاندو) الكرزمية على ما يبدو، ومن هنا يمكن فهم دور القدوة الحسنة في التربية ولو أن جان جينيه التقى في السجن بكاتب سوي بدلاً من ذلك الكاتب المنحرف لربما اختلفت خياراته وظل بمنأى عن الشذوذ.

ولا شك أن جان جينيه قد صدق حينما ظن بأنه لم يولد شريراً ولا منحرفاً ونحن نجده في صراع بين النزوع إلى الشذوذ والجنوح والرغبة في امتهان الكتابة كوسيلة أخرى من وسائل تفريغ الطاقة المهولة التي لا بد أنها كانت تعتمل في ذهنه وقد صرح بذلك لـ جوهاندو المنحرف كما يصفه أسعد. ونجد أنه وحينما توفرت له قدوة حسنه أفضل من ذلك المنحرف وتوثقت علاقته بكتاب عظام مثل جان بول سارتر توقف عن أفعال السرقة واختار وسيلة أخرى للتفريغ كانت أكثر سمواً وإيجابية وهي الكتابة الإبداعية التي أنتجت أعمالاً عبقرية.

ولا شك أن كيمياء ذهنه المتدفقة ومآسي طفولته دفعته ليصطف مع المظلومين والمضطهدين والفقراء والمشردين ويتعاطف مع الفئات المهمشة مثل السود والعرب فهو يرى في مثل هذه الفئات نفسه وهي سمة متأصلة يتصف بها كل من عاش طفولة معذبة ومن تألم كثيراً في طفولته نجده يحس بألم البشر في كل مكان ومنهم من يندفع لإيجاد حلول مجتمعية شاملة على شاكلة ما حاول فعله آدم سمث، والذي مات أبوه قبل الولادة، في كتاباته عن الثروة وتوزيعها وعن الأخلاق، وما فعله ديفد هيوم في كتابه عن الطبيعية البشرية وهو يتيم الأب وألام وقد وضع كتابه وهو في سن 16 سنه كما يقول.

لكل ذلك ليس مستغرباً أن يشق جينيه طريقه نحو المجد والشهرة عند توزيعه روايته عذراء الزهور، كما يقول أسعد، ولكنني أرى بأن سبب هذا المجد غير ذلك الذي يراه أسعد فالأمر لا يتعلق بأن الرواية تفضح المجتمع البرجوازي رغم أن ذلك جانب مهم حاول كل يتيم ثائر أن يقوم به بطريقته لكن السبب الحقيقي الكامن وراء تلك الشهرة هي نضوج ملكاته الإبداعية وحشده لطاقاته الذهنية لإخراج نص باذخ من حيث الأثر خاصة انه يعالج جانب من حياة إنسان مهمش وهو أمر شديد التأثير على نفس المتلقي وعقله.

ولا شك أنه استحق بان يكون واحد من بين منظومة كتاب فرنسا العظماء، كما يصفه أسعد، فمثل تلك الحياة التراجيدية التي عاشاها جعلت كيمياء دماغه متدفقة بشكل مهول فحركت مخازن المعرفة الكامنة في أعماق ذهنه بشكل واسع، فلذلك نجده متنوع المخرجات الإبداعية وكاتب شامل كتب الشعر والرواية والمسرحية وسيناريوهات الأفلام والإخراج السينمائي وما إلى ذلك من أعمال إبداعيه وربما أن السبب الذي يدفع البعض لعدم الاعتراف به كأحد كتاب فرنسا العظماء يعود إلى أن طاقاته الذهنية حركت أيضاً وبنفس القوة الجوانب الشيطانية من شخصيته فكان الشذوذ والجنوح وسلوكه غير الاجتماعي أسباب كافيه للنظر إليه نظرة دونية، وربما أن السبب الحقيقي يعود إلى أن المقاييس التي تقاس بها عادة إبداعات الكتاب لا تنطبق عليه فهو رجل ثائر ومتحرر من كل القيود ولا يشعر بأي غضاضة أبدا في قول أو فعل ما يخطر في باله أو توسوس به نفسه دون اعتبار لكل ما هو سائد ومألوف، وربما يكون سابق لعصره في إبداعاته، وربما نجده يكسب مزيداً من الشهرة والمجد والفهم والقداسة عند البعض مع مرور الزمن، وحينما يتمكن العقل الجماعي للبشرية من فكفكة رموز كتاباته الإبداعية والتي تكون أكثر تعقيداً وأقل قبولاً كلما كانت كيمياء الدماغ أنشط وهو حال ذهن جان جينيه هذا حتماً. كما كان حال الكثير من المبدعين الأفذاذ الذين حاربهم المجتمع في زمانهم وكرمهم بعد موتهم بسنوات عديدة مثل جاليلو.

والصحيح أن سلوك جا جينيه غير الاجتماعي وجنوحه ودخوله السجن كل تلك المرات ومن ثم محاولاته المتكررة للانتحار ما هي إلا مؤشرات إضافية على ما كان يعتمل في داخل نفسه ويحركه ويدفعه لمثل ذلك السلوك غير الاجتماعي وغير المنطقي وغير المقبول، وهي تؤكد على غزارة ذلك الدفق من كيمياء الدماغ الذي يدفع الإنسان باتجاه سلوك غير اجتماعي ومدمر ذاتياً في حالة تراكم التجارب القاسية والسوداوية في حياته وذكرياته المؤلمة، وهي كثيرة في حياة جان جينيه، وفي حالة عجز الوسائل الإبداعية عن تفريغ تلك الطاقة والألم وتحقيق شيء من التوازن يكون التدمير الذاتي هو الأكثر احتمالاً.

ومن هنا نفهم سر تطوع هذا الباريسي للقتال إلى جانب الفلسطينيين، فإعادة توجيه المشاعر العدوانية التدميرية إلى الخارج مهرب ومسلك آخر لتفريغ الطاقة التدميرية التي كادت أن تدمره ذاتياً، والاصطفاف مع الحلقة الأضعف والفئة المهمشة المظلومة هي أمر طبيعي لشخص مثله عاش على هامش المجتمع واختبر الظلم الاجتماعي بعنف، ومن هنا نجد أن كل الأيتام ثوريون في طبيعتهم ومن بينهم يولد القادة الأفذاذ عبر الزمن ومن بينهم يأتي الجلادون الحكام الدكتاتورين أمثال هتلر وستالين ونابليون والاسكندر حيث دفعتهم عدوانيتهم وما يعتمل في نفوسهم إلى شن حروب مدمرة قتلت ملايين البشر ولكن يلاحظ أنهم جميعا أيتام في سن المراهقة حيث يبدو أن لذلك علاقة بجنوحهم نحو التدمير الشامل والقتل الجماعي.

ولا شك أن كيمياء الدماغ المتدفقة في ذهن جان جينية هي السبب وراء مقتل صديقه المغربي الذي اصطدم بسيارته بشجرة إثر موت جان جينيه وحزناً عليه، كما يقول أسعد، فحينما يمتلك شخص مثل كيمياء الدماغ تلك ومثل تلك الطاقة الذهنية المهولة المتولدة عن الدفق الهائل من كيمياء الدماغ يصبح كرزمياً وذو شخصية سحرية بالغة التأثير فيمن حوله أو من يرتبط معه ولو عن بعد أحياناً وهذا ما يفسر انتحار عدد من الشباب والشابات بعد موت المطرب عبد الحليم حافظ مثلاً. وهذا هو الأثر السحري أو العامل أو الكود السري الذي يدفع جماهير عريضة للتصفيق للشخصية الكرزمية في حياتها وللسير في جنازة القادة الأيتام العباقرة الأفذاذ إثر موتهم، وربما يدفع كثير منهم إلى الكآبة وفقدان الأمل في الحياة أحياناً خاصة إذا كان الشخص الكرزمي قائداً فذاً له حضور كبير.

ومن هنا نفهم سر رؤية جان بول سارتر في شخصية جان جينيه بأنها شخصية القديس حيث ألف عنه مجلد كامل تحدث فيه عن حياته وأدبه، وهو حتما لم يخطئ في ذلك التشخيص والوصف فلا شك أن جان جينيه يشترك مع القديسين وأصحاب الكرامات في الكثير من صفات وسمات الشخصية وقدراتها الناتجة عن الزيادة الحادة في كيمياء الدماغ، كما يبدو أنهم في معظمهم إن لم يكن جميعهم أيتام وعاشوا حياة مأساوية بائسة فيها الكثير من العزلة. وذلك اليتم وذلك الألم هو المسبب لدفق كيمياء الدماغ والطاقة المهولة في أذهانهم جميعاً، والتي تخرج أحياناً على شكل تصرفات إعجازية، سحرية مبهرة وبراسيكولوجية، اي ما وراء طبيعية، وتمنحهم صفات شخصية القديسين، لكن الفرق الذي ميز جان جينيه هو أن طاقات ذهنه لم تكن مؤطرة ضمن أطر القداسة والسائدة والمألوف، حيث ترك لنفسه بخيرها وشرها الحبل على الغارب كما يقال، ربما لأن حجم الطاقة المتولدة في ذهنه كانت أعظم من أي يتيم كونه عاش حياة بؤس وحرمان وتشرد وألم ومعاناة وضياع وسوداوية في أعلى حالاتها وتفوق ما عند القديس الذي يظل قادر على مقاومة نوازع الشر في نفسه ويلجمها بطقوس هي أشبه ما تكون بالبرمجة العقلية، ولا شك أن لدور المؤسسات والثقافة الدينية دور مهم في هذا المضمار، رغم أنها تفشل في أحيان كثيرة ويتمرد بعض من حاولت المؤسسات الدينية برمجته بفعل كيمياء الدماغ المتدفقة بغزارة لديه.

ولا شك أن شهادة جان بول سارتر بحق جان جينيه في غاية الأهمية كونها جاءت من فيلسوف عبقري كبير، والذي هو بدوره يتيم حيث توفي والده وعمره خمسة عشر شهراً، وتزوجت أمه من جديد وعمره 12 سنه. وتأتي أهمية هذه الشهادة من اعتراف سارتر بطريقة غير مباشرة وغير واعية وربما واعية بأن جان جينية أعظم منه شخصيا، حيث جعله قديساً وشهيداً، وفي ذلك ما يؤكد العلاقة الطردية بين كثافة اليتم والعبقرية، فلا شك أن مأساوية حياة جان جينية جعلت نسبة كيمياء الدماغ المتدفقة في ذهنه أعظم من تلك التي كانت تتدفق في ذهن سارتر، وعليه امتلك صفات وسمات وقدرات هي أقرب إلى صفات وسمات وقدرات القديسين من ناحية، لكنها وكنتيجة لمأساوية طفولته وسوداويتها وغياب القدوة الحسنة والبرمجة العقلية والرعاية والمساندة الاجتماعية التي تلجم نوازع الشر في الإنسان جعلته ينزع إلى الجنوح والشذوذ أيضاً ومن ثم وفي وقت لاحق إلى العمل الثوري بعد أن فشل في تدمير ذاته.

أما فيما يتعلق بقول أسعد "أن جان جينيه لم يختر عالم الشر وإنما دفع إليه بعنف وقوة من الخارج" ففي تصوري أنها محاولة لإلقاء المسؤولية على المجتمع بشكل كامل وهو محق في ذلك حتماً من عدة جوانب، حيث فشل المجتمع في توفير ما يحتاجه مثل هذا اللقيط اليتيم المشرد البائس من نظام دعم ومساندة وكفالة ورعاية لمساعدته في النمو بصورة سوية، ومن ناحية أخرى لم توفر له ظروف ولادته أي قدوة حسنة بل أن المجتمع عامله بفظاظة وقسوة تجعله ينزع للشذوذ حتى في ظل نظام مساندة قوي، ولكن الأهم من ذلك هو ما يبدو واضحاً بأن الخير كله والشر كله عبارة عن صفات متأصلة وكامنة في ذهن الإنسان وهي تتفعل وتصبح جزء من سلوكيات الفرد مع زيادة حدة كيمياء الدماغ والطاقة المتولدة عنها، وتبرز وتخرج إلى العلن على شكل سلوكيات شاذة في حالة غياب التأهيل والكفالة والرعاية والقدوة الحسنة والبرمجة العقلية التي تلجم مثل هذه النوازع الشريرة.

وبخصوص تفسير أسعد "أن الغضب عند جان جينيه هو إحدى العلامات الموحية بعقدة النقص والإحساس بالدونية " فهو خطأ أيضا فالغضب هو مؤشر لوجود ذلك الدفق الهائل من الطاقة الناتجة عن دفق هائل لكيمياء الدماغ، والذي يعطي الإنسان شعوراً بالعظمة، والإحساس بتضخم الذات والأنا، بحيث يصبح قادراً على أن يرى بمنظار مكبر وبصره حديد، ولا يكاد يشاركه فيما يرى أحد سوى القلة القليلة ربما الذين عملت أدمغتهم بمستويات أعلى كنتيجة لدفق كيماوي مشابه في أدمغتهم، ومن هنا يأتي ذلك الشعور بالوحدة والانقطاع عن الآخرين ويتولد الغضب كلما زاد اغتراب الشخص عن محيطه.

فالغضب ليس شعور بالدونية حتماً وإنما مصدره فقدان التواصل وشعور عارم بالوحدة والغربة والكآبة كنتيجة لوجود الشخص أمثال جان جينيه في مرتبة وعي أعلى من حيث الفهم والاستيعاب والرؤيا والإحساس بما يدور حوله، وهذا الشعور هو أيضاً نفس مصدر الدافع الثوري الذي يجعل البعض يسعون للثورة على السائد والمألوف والظلم والاضطهاد. ولذلك نجد كما يقول أسعد بأن جان جينيه ناصر القضية الجزائرية والفلسطينية بل حارب إلى جانب الفلسطينيين وأعجب ببسالة الفدائيين وكتب عنهم وعن مذابح صبرا وشتيلا وليس غريباً أن يكون أكثر ما جذبه إلى الفلسطينيين تحولهم من منفيين ولاجئين إلى ثوريين، وذلك هو نفس السبب الذي جعله يؤيد حتما حركات التحرر في العالم اجمع.

وخلاصة القول ،،
لا شك أن هناك عدد هائل من الاستنتاجات التي يمكن استنباطها من حياة ومخرجات عقل هذا المبدع العبقري الشاذ منها:
- الابداع، والعبقرية، والقيادة الفذة، والجنون، والشذوذ، والانتحار، والعدوانيه كلها مُحَصِلة لكيمياء الدماغ.

- يتيم + رعاية، كفالة، تأهيل = عبقرية وابداع
- يتيم + إهمال، ظلم، تجهيل = جنوح، وشذوذ، وجنون وتدمير


يتبع،،
ملاحظة هامة : جميع الحقوق محفوظة للمؤلف.

قديم 01-18-2011, 09:21 PM
المشاركة 5
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سلام الله على المحلل المبدع
المشرف أيوب صابر

شكراً لتحليل كيمياء الدماغ
وريثما تأتي ببقية التحليل
يستحق أن يتوج بناصية المنبر
شكري وتقديري
للجهود التي تبذلها دوماً في منابر الخير
متابعة لك وبانتظار التتمة


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-19-2011, 09:04 AM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
مقولة ساخنه

- الابداع، والعبقرية، والقيادة الفذة، والجنون، والشذوذ، والانتحار، والعدوانيه كلها مُحَصِلة لكيمياء الدماغ.

قديم 01-19-2011, 12:53 PM
المشاركة 7
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أكبر كتاب عصره.. جان جينيه في ذكراه المئوية


الأديب والمسرحي الفرنسي "جان جينيه"


يعود الأديب والمسرحي الفرنسي جان جينيه إلى الذاكرة بمناسبة مرور مئة عام على ولادته في باريس فهو المتمرد بشعرية عالية والمناصر للإنسانية أينما حلت والمناهض لكل أشكال الظلم والعنصرية ابتداء من تلك التي مورست سبعينيات القرن الفائت في بلده الأم فرنسا مروراً بالولايات المتحدة الأمريكية وعنصريتها ضد الزنوج وليس انتهاء بالممارسات الهمجية للاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.


إنه أكبر كتاب عصره هي عبارة الفيلسوف جان كوكتو إلى القضاة الذين أرادوا محاكمته فتراجعت المحكمة عن الحكم عليه بالسجن مدى الحياة إنه جان جينيه الرجل الأسطورة الذي ولد في التاسع عشر من كانون الأول عام 1910 لأبوين غير معروفين ونشأ لقيطاً متشرداً فأمضى أياماً كثيرة في السجن كان لها تأثيرها عليه حيث بدأ الكتابة هناك وأغلب أعماله كانت في الزنزانة كقصيدته الطويلة الرجل الذي حكم بالإعدام التي نشرت عام 1942 وأيضاً روايته الأولى سيدتنا ذات الأزهار الغنية باستعاراتها وبراعة تراكيبها.‏


ويقول جينيه إني وحيد في هذا العالم ولا أعلم إذا كنت ملكاً لأزهار الطبيعة أم شيطاناً لها فهي شعري ومنها تمتد جذوري إلى التراب الذي تغذى من عظام الأطفال والشباب أريد أن أنتمي للطحالب والسراخس كي أبتعد عن البشر.‏


في كتاباته وأشعاره ومسرحه يلحظ القارئ معاناته والظروف الصعبة التي عاشها وإرادته الواضحة في تحويل الرذائل إلى فضائل لاسيما أنه كان يظهر في أدوار ممثليه على المسرح وهذا جعله الصوت الحر الذي دوى في فضاء الأدب العالمي حيث أثار مسرحه الكثير من الصخب وأزعجت مواقفه السياسية الكثيرين.


يقال ان كوكتو هو أول من اكتشف جينيه وأعجب بأعماله لكن لقاءه بـ جان بول سارتر عام 1942 كان أقوى حيث قامت بينهما صداقة متينة جداً ولمس فيه سارتر شخصية وجودية تماماً حيث قال عنه لقد حول يأسه وتمرده إلى انتصار شعري.


وانشغل جينيه في السنوات التي تلت حركة الطلاب في أيار 1968 بالدفاع عن القضايا السياسية فساند إضرابات الطلاب وفي عام 1970 تعاضد مع مفكرين أمثال رونالد كاستر ومارغريت دوراس وبيير فيدال ناكيت للدفاع عن العمال كما اشترك في حركات دعم السجناء ثم سافر إلى الولايات المتحدة ليدعم حركات الزنوج حيث أخذ يتحدث باسمهم ضد البيض.


ومن تلك التجارب برز العديد من إبداعاته في المسرح كمسرحية الشرفة التي يصور فيها أحداثاً تاريخية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي كالثورة الإسبانية ومسرحية الزنوج وفيها يصور إفريقيا بعد الحرب العالمية الثانية وأيضاً الستائر عن حرب تحرير الجزائر وأعمال كثيرة مثل طقوس الجنازة ويوميات لص وفي جميع مسرحياته كان يمزج بين الشعر والمسرح.‏


أما نضاله الذي بلغ أعلى ذراه فهو من أجل حقوق الشعب الفلسطيني وكلفه ذلك حقداً كبيراً انصب عليه خاصة بعد وفاته حيث كان أول شخص غربي يدخل مخيمات صبرا وشاتيلا بعد المجزرة التي ارتكبها الإسرائيليون ليروي ما رآه من فظاعات في كتابه أربع ساعات في شاتيلا وربما كانت كتابته بعيد خروجه من مخيم شاتيلا في أيلول1982 من أهم ما كتبت عن المجزرة التي ارتكبت بحق الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين لاسيما أنها تمت بعد رؤيته بأم العين لأبشع جرائم البشرية.


يقول جينيه.. إذا نظرنا بانتباه إلى ميت فإن ظاهرة غريبة تلفت نظرنا فغياب الحياة في هذا الجسد يعادل الغياب الكلي لهذا الجسد ووسط جميع الضحايا التي تعرضت للتعذيب لا يستطيع ذهني أن يتخلص من تلك النظرة اللامرئية كيف كان شكل ممارِس التعذيب من هو إنني أراه ولا أراه إنه يفقأ عيني ثم يتساءل صاحب الخادمات كم يلزم من الأمتار لتكفين مثل هذا العدد الكبير من الموتى وكم من الصلوات.


ويعبر أيضاً عن همجية القاتل بقوله.. إن قاتلين قد أنجزوا العملية لكن جماعات عديدة من فرق التعذيب هي في غالب الظن التي كانت تفتح الجماجم وتشرح الأفخاذ، وتبتر الأذرع والأيدي والأصابع وهي التي كانت تجر بواسطة حبال محتضرين معوقين رجالاً ونساءً كانوا لا يزالون على قيد الحياة.


إن هذه الشهادة الشخصية نشرها الأديب الفرنسي جان جينيه في مجلة الدراسات الفلسطينية بالفرنسية ثم نشر نصها العربي في العدد السابع من مجلة الكرمل عام 1983 مبيناً مقدار اللاإنسانية في أفعال القتلة الإسرائيليين والتي تفوق أي تصور جعلته ينتقل من الصورة التي تنقلها وسائل الإعلام إلى أخرى أكثر صدقاً لاسيما في ظل حساسيته الشعرية العالية في نقل مسرح تلك الجريمة البشعة بكل ما تحويه من سينوغرافيا خاصة بالموت بصيغته الجماعية كما أن معايشته لحياة اللاجئين الفلسطينيين لشهور ومشاهدته لمعاناتهم هي ما دفعه لكتابة الأسير العاشق عام 1986.


كتب جينيه خمس مسرحيات فقط و كان لها تأثير مهم وخاصة خلال الخمسينيات والستينيات ومنذ ذلك الحين انتعشت مسرحيتا الخادمات والشرفات في العالم وترجمتا إلى عدة لغات وبعد نشره كوريل من بريخت تخلى جينيه عن الرواية وكرس نفسه لكتابة الدراما التي شكلت له وسيلة يظهر فيها من خلال هيئات أخرى يتحدث بأصواتها دون الحاجة إلى أن يؤكد هويته مباشرة.


أما روايات جينيه فلم تكن في الواقع منشغلة برواية قصة وإنما تستمد أصالتها في مشاهدها أو صورها التي تصوغ سلسلة الإيماءات التمثيلية القليلة المهمة والمحشوة من خلل سرديتها وتمنح تلك المشاهد أهمية واضحة الإيماءات ذات الرمزية المعقدة والشعائر المليئة بالمغزى التي تنتج تأثيرات غريبة في الرواية وتجد مكانها الشرعي في مسرح الأسطورة الذي تعود تقاليده إلى المسرح الإغريقي والصيني .


وقبل وفاته أوصى جينيه أن يدفن في المغرب البلد الذي أحبه أكثر من كل البلدان الأخرى التي زارها وأقام فيها وهو يرقد الآن بمدينة العرايش الواقعة على بعد ستين كيلومترا جنوب طنجة.




المصدر: ثقافة الأرابيسك www.alarabesq.com

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-19-2011, 01:01 PM
المشاركة 8
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


جان جينيه: الصوت الحر الذي جهر من المغرب للدفاع عن فلسطين




إعداد : هشام المساوي - و م ع

Monday, May 17, 2010



جان جينيه، صوت حر حلق في سماء الأدب العالمي، وجهر بمعاناة الفلسطينيين وحق الدولة الفلسطينية في الوجود، كان من بين الأدباء العالميين القلائل الذين حملوا مشعل حرية الشعب الفلسطيني، في وقت كان في الأدب العالمي منقسماً بين غرب ليبرالي وشرق شيوعي.


من مدينة العرائش، حيث يوجد قبر جان جينيه، أعادت جمعية التنمية والتعاون بتنسيق مع الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، نهاية الأسبوع الماضي، الحياة لواحد من أقوى النصوص الأدبية للشاعر والأديب عن القضية الفلسطينية. "أربع ساعات في شاتيلا"، كانت شهادة إنسان حر عن البشاعات التي خلفتها آلة الحرب الإسرائيلية في الشرق الأوسط، ممهورة بنظرة فكرية نقية وخالصة، تنبع من روح الإنسان للحديث عن الإنسان، دونما اعتبارات عقدية أو فكرية أو سياسية.


في الذكرى 62 للنكبة الفلسطينية، يقول السيد أحمد عليوة منسق ندوة "جان جينيه والفلسطينيون: التزام ومحبة" وعضو الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، أن اللقاء يروم التذكير بصرخة جينيه من مدفنه بالعرائش، بعد 24 سنة من وفاته، بأن "فلسطين أرض الصداقة، وشعبها محب للسلام".




الأديب الحر الذي تبنته فلسطين:


من الشائع أن جان جينيه ولد من أب غير معروف، وأم تخلت عنه في سنوات حياته الأولى، لكنه وجد في فلسطين العزاء، ويقول الباحث الأمريكي بجامعة ميامي رالف هيندلز، الذي أطر هذا اللقاء، إن "اليتيم الذي كانه جان جينيه وجد في القضية الفلسطينية دفق الحنان، لقد كانت أمه، لقد أعجب بصور الأمهات الفلسطينيات المناضلات".


وشكلت مجموع المقالات والكتب التي ألفها جينيه حول القضية الفلسطينية نافذة أطل منها الرأي العالم الغربي على الشعب الفلسطيني المقهور، وجعله الوفاء لهذه القضية من بين "الأصدقاء الكبار للشعب الفلسطيني وقيادته"، على حد تعبير المستشار الأول لسفارة فلسطين بالرباط وفيق أبو سيدو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء.


مدى القرب الذي عايش من خلاله جينيه القضية الفلسطينية "جعلته يحس بدبيب وأنين الآلام والمآسي الفلسطينية"، يضيف رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني محمد بنجلون الأندلسي، هذا التجاوب والاحتضان بين الجانبين فاق الانتماء العاطفي، ليلامس حدود الوجود المادي لأديب، آثر الارتماء في أحضان هذه القضية العادلة.


في أواخر حياته، التقط رالف هايندلز مقتطفاً من أحد حوارات جان جينيه يتضمن عرفاناً صريحاً بالجميل "لقد ساعدني الفلسطينيون على العيش"، وكأن القضية كانت سبباً في حياة جينيه، وليس جينيه من كان سبباً في التعريف بالقضية.




لقاء الصدفة ... ووحشة العزلة:

"لم يخطط أي أحد منهما كي يلتقيا، لكن كان اللقاء"، هكذا قال الباحث الأمريكي، ففي أحد أيام الحركة الطلابية الفرنسية سنة 1968، التقى الشاب جينيه بطلاب عرب يوزعون مطويات حول فلسطين في ساحة جامعة السوربون بباريس، لم تكن القضية الفلسطينية حينها موضة أو ترفاً ثقافياً في الصالونات الأدبية الفرنسية، بل كانت شبه مغيبة في الأوساط السياسية والثقافية، بل وحتى لدى الحكومات الغربية.


من هنا كانت البداية، صدفة، نشأ الرابط العاطفي الوجودي، بين الأديب الذي عاش في طفولته العزلة، والقضية الفلسطينية التي تعيش، وما تزال، عزلة على الساحة الدولية. رابط بين فكر نقي وحر، وقضية شعب عادل، وجدت في المثل التي يؤمن بها جينيه الملاذ.


إثر ذلك، شرع يلتهم القصائد والكتب حول القضية الفلسطينية، ثم التقى القائد ياسر عرفات الذي مكنه من دخول فلسطين والاختلاط بالفدائيين، بعد عودته لباريس، خطت أنامله أولى كتاباته حول القضية، وكانت رائعة "أسير عاشق"، وهي رواية يحكي فيها بطريقة غير مباشرة حياة المقاتلين.


يقول رالف هايندلز "الأديب والفنان لا يقدر على الحديث عن قضايا الشعوب بشكل مباشر هذا دور رجال السياسة، بل عبر صور ورموز، وهذا بالضبط ما فعله جينيه في كتاباته حول فلسطين".


ويضيف الأندلسي في السياق ذاته أن جينيه من "الأدباء الأحرار، الذين كانت لهم وجهة نظر الضمير النقي بالنسبة للإنسان في العالم العربي، لا تقف أمامه لا طموحات سياسية ولا استراتيجية، ولا يسعى إلى الغلبة ولا الهيمنة، كان مجرد إنسان يفكر في الإنسان".




نصوص الأديب سياسية، لكن غير ملتزمة:


وأبرز الباحث الأمريكي بجامعة ميامي، والذي عايش لحظات قوية من حياة جينيه، أن نصوص هذا الكاتب والشاعر حول القضية الفلسطينية كانت مثقلة بالحمولات السياسية، كانت شهادة رجل على مآسي شعب بكامله، لكنها لم تكن نصوصاً سياسية ملتزمة، لأن جينيه "لم يكن متحدثاً باسم أي كان، لا حزب سياسي، ولا جماعة منظمة، كان صوتاً حراً، ينطق حسب قناعاته ومن مبررات وجوده".


ولعل قوة شهادته على مجزرة صبرا وشاتيلا، والتي كان جينيه أول أوروبي دخل المخيم بعد خروج القوات الفاشية منه، تدل على هذا الالتزام الإنساني الذي يسمو على الانتماء، لقد كتب إحساسه من عمق هذه المأساة وفداحة الجرم، "أربع ساعات في شاتيلا" كانت صرخة دوت عاليا في ضمير الإنسانية.


ويضيف الأندلسي "ما أحوج العالم العربي إلى مثل هؤلاء الأدباء الأحرار، المؤثرين في الرأي العام الغربي، هي فرصة ننفذ من خلالها لضمير ووجدان هذه الشعوب"، قبل أن يختم أبو سيدو "كل التحية إلى الصديق الذي شارك في الصفوف الأمامية للمواجهة، ونقل معاناة هذه الشعب الأعزل إلى العالمية".



المصدر الجريدة الإلكترونية المغربية:


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-19-2011, 01:14 PM
المشاركة 9
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


مئوية "جان جينيه" صاحب" يوميات لص"


العرب أونلاين- محمد الأصفر


مئة عام بالتمام مرت على ميلاد الكاتب الفرنسي الشهير جان جينيه والتي شهدت حياته تقلبات كثيرة جال فيها عدة بلدان أفريقية وآسيوية وزار أمريكا أيضاً للتضامن مع منظمة الفهود السود، قضى حياته كاتباً ومناضلاً ومستطعماً لطعم الحياة متعدد المذاقات، حيث مزج السياسة بالفكر بالأدب بالحب بالعاطفة بالجسد ليقدم لنا نصه الفريد الذي يمكنك أن تقرأه في كتاباته المتميزة بابتعادها عن قيم المروءة والصدق والوفاء والإخلاص واقترابها جدا من ممارسات تضج بها الحياة كالحب والسرقة والخيانة والغدر معتبراً القيم الإيجابية الكلاسيكية قيم بورجوازية.




ولد جان جينيه في شهر ديسمبر/كانون الأول 1910 وتوفي في منتصف شهر إبريل/نيسان 1986 في فرنسا، لكن تم دفنه في مقبرة اسبانية قديمة في مدينة العرائش المغربية.



ويرتبط جان جينيه بالمغرب ارتباطاً وثيقاً ففيها عاش حقبات مهمة من حياته بدأها عام 1931 عندما زارها كجندي متطوع في الجيش الفرنسي بمدينة مكناس، والمعلوم أن جان جينيه تطوع في الجندية ليتمكن من الخروج من سجن القاصرين فقادته الجندية إلى دمشق والجزائر والمغرب، لكن بعد سنوات قليلة هرب من الجندية التي أثرت في وجدانه حيث تطرق إليها في كتابه يوميات لص في أكثر من موضع يقول : 'إن الشعور بالكرامة الذي يمنحه الزي العسكري للفرد، والعزلة عن العالم التي يفرضها هذا الزي بالإضافة الى مهنة الجندي نفسها، وهبتني قسطاً من الراحة والثقة بالنفس حتى ولو أن الجيش يوجد على هامش المجتمع- مما خفف من وضعي كطفل تم إذلاله بشكل طبيعي."



اشتهر جان جينيه بنضاله ودعمه لقضايا التحرر الوطني مثل القضية الفلسطينية والمقاومة الجزائرية وحقوق المهاجرين المغاربة فدعم الفلسطينيين وعاش معهم في مخيماتهم وشهد أيضا مذبحة صبرا وشاتيلا التي قضى فيها أربع ساعات متنقلاً بين الجثث وكتب عنها في مجلة الكرمل عام 1983 وصفاً حياً مؤلماً جداً ساعة قراءته.



تقول الكاتبة المغربية د عائشة البصري في مقالة لها عن علاقة جان جينيه بالفلسطينيين في مقالة لها:


الحقيقة أنه حين يتعلق الأمر بجان جينيه يستحيل اختزال علاقته بالفلسطينيين في القضية نفسها ـ بغض النظر عن إيمانه بصوابها ـ بل يجب الأخذ بعين الإعتبار بقيمه الأخرى مثل الجمال والموت والعنف والعزلة: 'هل كنت لأحب الفلسطينيين لو لم يجعل منهم الظلم شعباً مشرداً؟' يتساءل جينيه الذي طالما ردد ' أنا مع كل إنسان وحيد'، 'أحب من أحب وهم دائماً أشخاص جميلون وأحياناً مضطهدون لكنهم صامدون في ثأرهم'.



وعلى الرغم من تطوعه في جيش الاستعمار الفرنسي الذي قمع سوريا آنذاك إلا أن جان جينيه كان تعاطفه مع السوريين وحقهم في التحرر والاستقلال والحرية كبيراً ففي حديث جمعه مع الصحافي الفرنسي بيرتران بوارو ديلبش في يناير 1982 وصف جينيه الشعور المُربك الذي انتابه حينذاك ودفع به لخيانة فرنسا من أجل كسب حب العرب قائلا:


'لقد كان شباب دمشق يستمتعون كثيرا بإطلاعي على الدمار الذي ألحقته بالمدينة مدافع الجنرال غورو. إذ صارت لدي رؤية مزدوجة للبطل والشخص الحقير والمقيت في نفس الوقت الذي كان يمثله غورو. هكذا سرعان ما أحسست بوقوفي الطبيعي إلى جانب السوريين. ربما كان هذا الإحساس في البداية يتسم بشيء من المَكر لكوني كنت أرغب أن ينظروا إلي نظرة حسنة، وأن يحبوني وأن يسمحوا لي بأن أشاركهم لعبة الورق'.


وفي اتصال عبر الفيس بوك أجريته مع الشاعر المغربي إدريس علوش سألته عن أي نشاطات تخص مئوية جان جينيه فأخبرني أن المركز الثقافي الفرنسي المغربي أعد برنامجاً حول جان جينيه ومئويته تستمر فعالياته طيلة هذا العام .



الجدير بالذكر أن قبر جان جينيه بمدينة العرائش يلقى الكثير من الزيارات الثقافية فمعظم الأدباء العرب الذين يزورون المغرب أو طنجة بالذات يحرصون على زيارة هذا القبر الذي يحوي كاتباً كبيراً دافع عن قضايا الحرية بقلمه وروحه وساعد الكثير من المحتاجين وكتب إبداعاته السيرية والمسرحية والروائية بمداد الألم.




المصدر:
Alarab Online. © All rights reserved



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-20-2011, 09:28 AM
المشاركة 10
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
مقولة ساخنة :
- يتيم + رعاية، كفالة، تأهيل = عبقرية وابداع
- يتيم + إهمال، ظلم، تجهيل = جنوح، وشذوذ، وجنون وتدمير


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: جان جينيه - عبقري بحياة حافلة بين الشذوذ والابداع
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
المقالة بين الاستنساخ والابداع فارس كمال محمد منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 4 10-11-2014 07:26 PM
ll~ دينيه ايتيان ( نصر الدين ) ~ أمل محمد منبر الفنون. 4 07-19-2013 06:08 PM
شعبة العلوم والابداع جامعة الدول العربية مصطفى محمد توفيق منبر الحوارات الثقافية العامة 12 09-03-2012 09:12 AM
اقتران بين الفراغ والابداع تيمه الشمري منبر الفنون. 10 03-31-2011 04:10 AM

الساعة الآن 11:10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.