احصائيات

الردود
5

المشاهدات
5406
 
طارق الأندلسي
من آل منابر ثقافية

طارق الأندلسي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
114

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Dec 2010

الاقامة

رقم العضوية
9538
01-13-2011, 01:53 PM
المشاركة 1
01-13-2011, 01:53 PM
المشاركة 1
افتراضي "العطر" روايةً لباتريك زوسكيند..


كيف يكون حبٌّ إذا كان الحبّ سبباً للموت

مثلما تُقرأ اللغة العربية من الخارج إلى الداخل، هكذا تُقرأ رواية "العطر" للكاتب الألماني باتريك زوسكيند، التي تستحق التفاتة جديدة اليوم في مناسبة صدور الفيلم المستقى منها. رواية مشحونة بهواجس وجودية تستدعي، بأسلوب مغنطيسي، العالم الخارجي المليء بالحرمان والإجهاد البشري. تستدعيه، لكن مشبعاً بالصور الرهيبة والروائح البشعة، ليكون شاهداً ملكاً على ولادة روح الصراع الصارخ "ضد الحب ومع غريزة الحياة". روح قُذفت في صدر الوليد "شبه الميت"، كما وصف الكاتب شخصية بطله جان باتيست غرونوي.

ولد غرونوي غير مرغوب فيه وسط سوق للسمك موبوء بالروائح الكريهة. حكم بالموت على والدته العاملة في هذا السوق لأنها تركته ملقىً بين النفايات، كما فعلت من قبل بمواليدها الأربعة. نما طفلاً صامتاً، متميزاً بشرهٍ مخيف كشره مخلوق "ملبوس من الشيطان". بعد موت والدته، رفضت الاحتفاظ به جميع الحاضنات اللواتي توالين على إرضاعه لأنه لم يكن له رائحة "كسائر أطفال البشر".
في الرواية مقطع مؤثر وحقيقي جداً تصف فيه أولى مرضعاته رائحة كل طفل عادي. رائحة لم تكن لغرونوي، ولا للحظة، في طفولته الأولى، ما جعله طفلاً منفّرا. لا شك أن في ذلك تمهيداً وإرساء لأفكار عدة تدور جميعها حول أزمة الهوية التي تحولت عند جان باتيست مع مرور السنين إلى كره واحتقار للبشر و"روائحهم" الكريهة من دون استثناء. أما ولادته وتمنّعه عن "إظهار أي ردة فعل أو تعبير"، فيشكلان رفضاً قاطعاً لمبدأ الحب معتبراً إياه عدواً للحياة والخطر الوحيد المحدق بها. وستكون هذه الثنائية الملوكية بين الحياة والحب، العصب الخفي الذي سيربط، رغماً عنه، بين جميع محطات حياته. وستظهر رغبته اللاواعية والمستميتة للفصل بينهما، ما سيأخذه يداً بيد نحو هلاكه. من هنا يبدو عدم وجود ايّ رائحة لغرنوي واقعاً لا يعيشه إلا هو، ويفرضه على جميع من حوله، ليزداد بذلك توحشاً وانغلاقاً على ذاته. هكذا يكمن في صلب هذا الانغلاق على الذات، الخلط الفتّاك بين معنى الحياة الشامل ومجرد البقاء على "قيدها".

ما أن تتقدم الصفحات بقارىء الرواية حتى يكتشف كيف يتحسس غرونوي طريقه في الوجود على هوى الروائح الناشئة وأهوائها. كوحش بشري تعس، تسيّره غرائزه وحاسة الشم النافذة لديه، يسير غرونوي بين أشواك الأكفّ المبسوطة للروائح المحيطة به، غير آبهٍ لتلك الروائح، طيبة أم كريهة. فالمهم بالنسبة إليه أنها أبجدية العالم الحصرية التي يعرفها منذ لحظة ولادته.

يصل غرونوي، بعد محطات شاقة في حياته، إلى محترفات صانعي العطور كمتمرس ورع بدأ للتو اكتشاف معنى وجوده. هناك يغوص شيئاً فشيئاً في تقنيات فصل جواهر العطور عن الزهور والنباتات النادرة، ويلقّن معلميه أسرارها وسحرها بفطرية لافتة. لكن غرونوي لن يبلغ أوج انغلاقه على ذاته، ومن ثم انفتاحه المطلق عليها، إلا بعد أن يصاب بالحب، ولكن في أسلوب خاص جداً، وعلى النحو الذي تكلم عنه الكاتب باسكال كيغنارد حين قال "الحب يعني أولا أن تحب بجنون رائحة الآخر". وجنوناً كان. جنون مرضي لم يود به إلى دهاليز الأزمة الوجودية سوى عندما دخل على وجوده عطر "إنساني رائع" أشتمّه من بعد لشابة مجهولة، هوالذي لم يكن لوجوده قبل إحساسه بهذه الرائحة، وباعترافه، سوى "وجود حيواني لا قيمة له".


لذلك يقرر غرونوي في لحظة حاسمة، الحصول على رائحة هذه الفتاة من دون تأخير، وإن بطريقة مروعة، أي عبر قتلها. تستدعي هذه الصورة الفجائية، صورة شبيهة جداً لها من رواية "باستيل" للكاتب أوليفييه بيوس حيث، في ليلة مقمرة وفي كنيسة مهجورة، يعثر سيمون (الشاب الذي احترف أباً عن جد صبغ الأقمشة حصريا باللون الأحمر)، على فتنة اللون الأزرق عند رؤيته تمثالاً خشبياً للسيدة مريم. يكرس حياته، بعد رؤية ردائها المصبوغ بالأزرق، لابتكار لون أزرق بروعة لون ردائها. لا يختلف جان باتيست غرونوي كثيراً عن بطل رواية "باستيل"، اذ هو أيضا ينذر حياته للحصول على العطر المطلق الذي "يولّد الحب في نفس كل من تنشقه". وكما اتهم سيمون بأنه يملك قوى سحرية لا يستهان بها، اتهم غرونوي بالشعوذة. ومثلما خطّ عطر الشابة حد الانقشاع بين الرائحة الطيبة والبشعة في نفس غرونوي المساوي بين كل الروائح، كانت زرقة الرداء بالنسبة إلى سيمون هي معنى حياته. معنى البحث والتضرع إلى سيدته الزرقاء كي تهبه سر اللون في ردائها.


غير أن رواية "العطر" مرعبة وليست كرواية "باستيل". إذ أن غرونوي، بعد اعتماد تقنية توصل إليها في نهاية بحث طويل، يقتل أربعاً وعشرين فتاة بهدف فصل رائحتهن عن أجسادهن، ليصنع من هذا "الانفصال" عطره الشخصي الذي سيجعل منه، بحسب رأيه، إنساناً حراً ومحبوباً، رغم أنه يرى الموت المحتوم في أدنى تواصل عاطفي. لفعل غرونوي هذا صدى يكاد أن يكون صوتاً لشارل بودلير القائل: "طالما الرغبة في المطلق موجودة في الإنسان، ستبقى تحثّه على حلّ ما يربط الروح بالجسد". غير أن غرونوي، الذي لم يكن في حاجة إلى مواد مخدرة لينتشي (إذا استثنينا عطر المرأة)، عاش نشوة التلاعب بالحدود الفاصلة ما بين الروح والجسد حتى الهذيان، حتى الحرية المطلقة، وحتى الجريمة.


قد يعتبر البعض أن الرغبة في العثور على المثالية المطلقة، أوصلت غرونوي إلى الجريمة وهذا ما لم يقصده بودلير، لكن هل يبقى الموضوع كذلك إذا سمعنا كلمات بودلير المدوية هذه: "أريد أن أثبت أن الباحثين عن الجنة يصنعون جحيمهم بأيديهم. يحفرونها ببراعة قد تخيفهم"؟

لعل القسم الذي يصف قصر جان باتيست غرونوي الداخلي هو الأكثر أهمية. إذ نقرأ فيه غرونوي ونرى قصره المتخايل الذي عاش فيه لمدة سبع سنوات بعيداً عن الحضرية، مثلما يفعل متصوف باحث عن المعرفة. هناك رأى نفسه سيد قصر أرجواني يشرب فيه من قوارير "العطر الكامل" بعيداً من روائح البشر. قسم بالغ الأهمية لأنه يكشف لنا غرونوي كشفاً كلياً ويعرّيه أيضاً أمام ذاته، إذ يدرك حقيقة أن لا رائحة له (أي أنه من دون هوية). وهو أيضاً قسم يكتنز رموزاً وصوراً غزيرة. كلما تتالت الصفحات، أدرك القارىء إن قصر غرونوي هذا ما هو إلا قلبه. غرونوي يسكن ذاته.


حينما تكون الحال على هذين التعقيد والأفصاح في آن واحد، تولد شاعرية عنيفة رغماً عن أنفها لتستمد توهجها من التناقضات. وعندما نقول تناقضات، نقصد المشاعر المتناقضة، من شفقة أو نفور، كره أو استلطاف، التي يشعر بها القارىء حيال غرونوي. ثمة تناقض آخر ناشىء من مشهد القصر وتوابعه في عيني غرونوي. فبطل الرواية يرى قصره رائعاً يطيب العيش فيه لكنه في الحقيقة قصر تسنده قشة. قصر بل ملاذ، شامخ يطرده خارج ذاته نحو جرائم باردة ومبررة عند نهاية السبع سنوات. قصر يشهد تارة على رغبته في ان يكون إلهاً وسيداً على الخلق، وتارةً أخرى يشهد على كرهه العظيم لخالقه. قصر كهذا، يستحيل أن يكون بالروعة الموصوفة لأنه يستجلب أجواء قصر "بارب بلو"، القصة الخرافية التي تحكي عن غرفة سرية تسيل فيها دماء النساء اللواتي قتلهن صاحب اللحية الزرقاء. ويستحضر قصر غرونوي أيضاً عوالم إدغار آلِن بو الرمزية بمياهها الداكنة والدامية.


عندما يكون القلب، ومن دون أي لجوء إلى المجاز، المسكن المنطلق، تتدفق الرموز تدفقاً تلقائياً منه ولا يعود العالم موجوداً إلا من خلال نظرة صاحب هذا القلب. هكذا هي الحال مع جان باتيست غرونوي. هكذا هي الحال معه حتى النهاية. ولعل شارل بودلير في كتابه "الفراديس الاصطناعية" هو الأفصح تعبيراً عن هذه الحال في قوله: "أتنقل وفق إرادتي في محيط طيع. ربما هذه هي حال طواف الأرواح في عطر الحياة ما بعد الموت". سلام اذاً، وحرية مطلقة، لا تحركهما إلا إرادة مطلقة. وفي حين يلتقي في رواية "باستيل" اللون الأحمر باللون الأزرق، وإن بشكل حريق هائل تنبثق منه روعة الزرقة المحلومة ومعها الأمل بالخلاص، ليس في نهاية مطاف غرونوي أي هدنة أو سلام بين الحب والحياة. إذ كيف يمكن وجود هدنة أو سلام عندما يكون الحب عند غرونوي سبباً مباشراً للموت؟ تماماً كما هي الحال مع إدغار آلِن بو في روايته "وادي الماء" حيث لا مصير آخر للوادي المرح والنضر إلا تحوله مسرحاً للموت.



ميموزا العراوي
نقلاً عن جريدة "النهار"


فوق عرش الرب
تشتعل المحبة
كالأنجم الزهر
وتحت قناطر السماء
يتمايل شعاع من نور
قديم 01-13-2011, 07:34 PM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


باتريك زوسكيند Patrick Süskind (ولد في أمباخ 26 مارس 1949) هو كاتب روائي ألماني. من أشهر أعماله رواية العطر Das Parfum, التي حولت إلى فيلم سينمائي شهير




حياته:


ولد باتريك زوسكيند في مدينة أمباخ الواقعة على بحيرة شتارنبرج في منطقة جبال الألب في الجنوب الألماني. و درس التاريخ في ميونخ. وكان والده فيلهلم إيمانويل زوسكيند كاتباً ومترجماً ومعاوناً في صحيفة زوددويتش تسايتونجSüddeutsche Zeitung, وكذلك كان أخوه الأكبر مارتين زوسكيند يعمل صحفياً.





بعد أن حصل باتريك على الشهادة الثانوية درس التاريخ في جامعة ميونخ, في الفترة من عام 1968 حتى 1974. عمل بعد ذلك في أعمال وأماكن مختلفة, وكتب عدة قصص قصيرة وسيناريوهات لأفلام سينمائية.



ولم يكن يعطي أحاديث صحفية إلا نادراً, وكان يفضل العزلة والإختباء من أضواء الشهرة, وكذلك كان يرفض قبول جوائز أدبية كانت تمنح له, مثل جائزة توكان.




وفي ليلة العرض الأول لفيلم العطر Das Parfum المأخوذ عن روايته, لم يحضر زوسكيند. وفي الحوار الذي كتبه لفيلم روسينى Rossini، يصور زوسكيند حياته الخاصة بطريقة ساخرة: فشخصية الفيلم, وهو كاتب, يرفض أن يتقاضى أجراً كبيراً مقابل تحويل كتابه إلى فيلم. حتى أنه لا توجد له صور فوتوغرافية إلا نادراً.



وفي عام 1987 حصل زوسكيند على جائزة جوتنبرج لصالون الكتاب الفرانكفوني السابع في باريس. وهو يعيش حالياً ما بين ميونخ وباريس متفرغاً للكتابة.






أدبياته:




تعد رواية العطر Das Parfum هي أشهر أعمال باتريك زوسكيند, وقد ترجمت إلى حوالي 46 لغة, وبيع منها ما يقرب من 15 مليون نسخة حول العالم.



وحولت في عام 2006 إلى فيلم سينمائي أخرجه المخرج الألماني توم تايكوير, وقد اشترى داستن هوفمان حقوق الراوية لتحويلها إلى فيلم سينمائي ب 10 ملايين يورو.




كما اشترك زوسكيند في كتابة العديد من المسلسلات التلفزيونية, والأفلام مثل "عن البحث عن الحب وإيجاده".



وكانت بداية شهرة زوسكيند في عام 1981, حين عرضت مسرحية "عازف الكونترباس" DerKontrabass، وهي مونودراما من فصل واحد, وقد عرضت في الموسم المسرحي لعامي 1984-1985 أكثر من 500 عرض, وتعتبر بذلك أكثر المسرحيات عرضاً في تاريخ المسارح الناطقة بالألمانية, وتعتبر كذلك من أهم المسرحيات في المسرح العالمي.






مؤلفاته:




عازف الكونترباس 1981

العطر 1985

الحمامة 1987

ثلاث قصص 1995

عن الحب والموت 2006



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-13-2011, 07:44 PM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


باتريك زوسكيند: "الطفل المعجزة" يحتفل بعامه الستين في مكان مجهول



زوسكيند ظاهرة فريدة بين الكتاب الألمان، فهو لم ينشر سوى أعمال قليلة، إلا أنها حققت شهرة عالمية مذهلة، لاسيما روايته "العطر" التي ترجمت إلى العربية. بمناسبة بلوغ صانع "العطر" الستين نسلط الضوء على أعمال "الطفل المعجزة".





ماذا كان يفعل هذا الكاتب طيلة الأعوام الماضية؟ كيف يقضي يومه؟ بأي شيء يشغل نفسه؟ ماذا يقرأ؟ وهل ما زال يكتب؟ ولماذا توقف عن النشر؟ هذه الأسئلة تفرض نفسها على القارئ عندما يفكر في باتريك زوسكيند Patrick Süskind المولود في 26 مارس / آذار 1949. منذ منتصف الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات كان كل ما ينشره زوسكيند يحتل على الفور مكانة الصدارة على قائمة المبيعات. وهكذا أضحى خلال سنوات قليلة "الطفل المعجزة" بين أدباء ألمانيا المعاصرين.




"الكونتراباص" التي عرفتها كل صالات المسارح الألماني




لكن زوسكيند لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب. قبل أن يكتب "الكونتراباص" عام 1980 كان قد جرب قلمه في عدة أعمال نثرية لم يجد من ينشرها، ثم في سيناريوهات أفلام لم تجد من يخرجها أو يمثلها. مع "الكونتراباص" بدأ نجمه في اللمعان. بُث العمل أولاً تمثيلية إذاعية، قبل أن يجد طريقه إلى خشبة أحد مسارح ميونيخ، وقبل أن يصدر في كتاب عام 1984. منذ ذلك الحين وهذه المسرحية المكتوبة لممثل واحد تحقق نجاحاً ساحقاً. بل يمكن القول إنه ليس هناك مسرح في ألمانيا لم يقدم هذه المونودراما في أحد مواسمه، مما جعلها من أكثر النصوص المسرحية التي مثلت في ألمانيا على الإطلاق، حتى أنها خلال موسم 1984 عرضت أكثر من 500 مرة، في خمسة وعشرين إخراجاً مختلفاً.





العطر" ـ القنبلة التي أحدثت صدى عالمياً في عام 1985 نشر زوسكيند عمله الثاني، رواية "العطر". حققت هذه الرواية فور صدورها نجاحاً ساحقاً، وباعت خلال عام واحد نصف مليون نسخة، وبلغت مبيعاتها حتى اليوم أكثر من خمسة عشر مليون نسخة، وبذلك فاقت رواية "الطبل الصفيح" لغونتر غراس.





أحدثت "العطر" صدى كالقنبلة في العالم كله، لغرابة "قصة القاتل" التي تتناولها، ونجاح الكاتب في الخلط بين الواقع والخيال، وفي أن يبث أفكاراً فلسفية في ثنايا روايته التي أخذت منحى بوليسياً غامضاً مشوقاً. استطاع زوسكيند أن يجعل القارئ يشعر بعد فراغه من الرواية بأنه أصبح "يشم" العالم على نحو مختلف. ربما لهذا السبب كانت الرواية أكثر توفيقاً من الفيلم الذي أنتج عام 2006، لأن الفيلم – رغم إجادة ممثليه داستن هوفمان وبن ويشاو، وبراعة مخرجه الألماني توم تيكفير – عجز عن أن ينقل عالم الروائح مثلما نقله الأدب.






بعد "العطر" نشر زوسكيند قصتين طويلتين، الأولى بعنوان "الحمامة"، والثانية بعنوان "حكاية السيد زومر". عدا ذلك لم ينشر زوسكيند إلا ثلاث قصص قصيرة، ثم صمت منذ مطلع التسعينات وحتى اليوم.





في غضون سنوات قليلة ترجمت "العطر" إلى ما يزيد على أربعين لغة. وكان للمترجم السوري نبيل الحفار فضل تعريف القارئ العربي بهذه الرواية الشهيرة التي ترجمها في منتصف التسعينيات، وصدرت منذ ذلك الحين في عدة طبعات عن دار المدى الدمشقية. ثم توالت ترجمات زوسكيند عن الألمانية، فصدرت في عام 2004 مسرحية "الكونتراباص" ضمن المشروع القومي للترجمة في القاهرة، كما صدرت عدة ترجمات عن دار الجمل الألمانية، وبذا بات بإمكان القارئ العربي مطالعة كافة أعماله تقريباً.





سر النجاح ـ المزج بين الأدب الجاد والشيق والمثير



تتسم أعمال زوسكيند بسمات مميزة، كما تتسم كتاباته بنكهة خاصة جداً. وسكيند يجمع في أعماله بين الجدية والمعلومات الغزيرة التي ينثرها في ثنايا عمله واللغة المحملة بالرموز والإيحاءات، وبين الأسلوب التشويقي المسلي والعالم الغرائبي (لا سيما في "العطر"). إنه يوازن – بنجاح تام – بين طموحه الأدبي وبين النجاح الذي يبتغيه لدى الجمهور العريض. زوسكيند يحترف كتابة الأدب الجاد الشيق والمثير، ويبتعد – ربما عمداً – عن الموضوعات التي تمس التاريخ المعاصر أو تتقاطع مع السيرة الذاتية وهمومها وشكاواها، على النقيض من القسم الأعظم من كتاب ألمانيا وقت ظهور أعمال زوسكيند.





سمة أخرى تميز زوسكيند، وهي ابتعاده التام عن التدخل في الحياة العامة أو في السياسة، وعدم سماحه لأحد بأن يتدخل في حياته، لا من قريب ولا من بعيد، ولا حتى من أجل الدعاية لأدبه. لا أحد يعرف أين يسكن الكاتب. من يريد أن يراسله، عليه أن يكتب لدار النشر (دار ديوغنيس السويسرية).






زوسكيند مشهور ومجهول في آن واحد. ليس هناك سوى صورتين لهذا الكاتب الأسطورة، ومنهما يستشف المرء ملامح إنسان خجول زائغ النظرة، إنسان يريد ألا يزعجه أحد أو أن يفسد عليه خلوته. ومثلما ينفر زوسكيند من الناس، فإنه يرفض الجوائز الأدبية. وهل هو بحاجة إليها؟ إن باتريك زوسكيند ينتسب إلى عائلة من الكتّاب أبدعوا أعمالاً قليلة رائعة، ثم آثروا أن يتوقفوا بعدها.



إنه يذكرنا بيحي حقي مثلاً، حامل "قنديل أم هاشموالطيب صالح صاحب "موسم الهجرة إلى الشمال". قد يشعر القارئ بالحسرة أو بالأسف لأنهم مُقلون؛ ولكن: أليس هذا خيراً من تكرار واجترار لا طائل منهما؟




الكاتب: سمير جريس



المحرر: عبده جميل المخلافي








طيار منابر الغالي الأديب
طارق الأندلسي


شكراً ماطرة لمداد طيار
نصه يستحق
ا ل ت ث ب ي ت
أكن له كل التقدير والاحترام
تقديري وودي
لك الجوري والياسمين الدمشقي

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-15-2011, 09:02 PM
المشاركة 4
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عرض متميز للرواية مع إضاءات مقدية متميزة
أ. طارق الأندلسي أشكرك لهذا النقل المتميز
تحيتي لك

قديم 01-17-2011, 08:05 AM
المشاركة 5
طارق الأندلسي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
رواية العطر تخرج من جسد الواقع لتتشكل في قالب أدبي
فوق روعة الوصف وتحت حرارة حبكة التألق , تبتكر لنفسها
حزمة ضوء من الإثارة .. هنا الروائي باتريك ألحق الجنون
باللغة الداخلية للرواية لتصبح حواس فنية لامتناهية
في الإبداع والتألق .

الأنيقة رقية إضافتك لهي مزيد من الأبهة والفخامة على الموضوع
شكراً لا حصر له على المتابعة الكريمة
دمت بكل الخير .

فوق عرش الرب
تشتعل المحبة
كالأنجم الزهر
وتحت قناطر السماء
يتمايل شعاع من نور
قديم 01-17-2011, 08:15 AM
المشاركة 6
طارق الأندلسي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
الأديبة الأنيقة ريم
متابعة راقية وتعليق مخضب بالحروف الخصيبة
أشكر مرورك المستفيض ألقاً .

فوق عرش الرب
تشتعل المحبة
كالأنجم الزهر
وتحت قناطر السماء
يتمايل شعاع من نور

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: "العطر" روايةً لباتريك زوسكيند..
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفرق بين كلّ من "البِشْر" و"الهشاشة" و"البشاشة" : ماجد جابر منبر الدراسات النحوية والصرفية واللغوية 4 04-11-2022 08:23 PM
الفرق بين " الوَقـْر " بالفتح . و" الوِقْـر " بالكسر " دكتور محمد نور ربيع العلي منبر الحوارات الثقافية العامة 19 05-15-2021 07:12 PM
عودة حساب "البريك" على "تويتر".. ويتهم 3 فئات بالتسبب بإغلاقه علي بن حسن الزهراني منبر مختارات من الشتات. 0 09-13-2013 12:28 AM
التحليل الأدبي لقصيدة"ملاكي" للأديبة "فيروز محاميد" بقلم: ماجد جابر ماجد جابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2 09-04-2012 11:11 PM

الساعة الآن 04:10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.