احصائيات

الردود
6

المشاهدات
5334
 
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة

روان عبد الكريم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
238

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2009

الاقامة

رقم العضوية
7565
08-08-2010, 11:37 AM
المشاركة 1
08-08-2010, 11:37 AM
المشاركة 1
افتراضي إنتقام ممطر

ذات صباح ماطر استحال فيه المسير , إلتجأت للمقهى الصغير القابع فى هدوء ، فى ركن منعزل عن العالم , ألتمس قليلاً من الدفء وبعضا من القهوة المرة ، وشرعت أُنجز بعض المقالات الصحفية المطلوبة على الكومبيوتر المحمول خاصتى.

حينما أتت النادلة بقدح القهوة ، وبعض الفطائر المحلاة المدفوعة مقدماً ، نظرت بإمتعاض إلى جسدى المترهل ، وتساءلت فى سخرية :-
متى أٌمارس حمية ما... ، ثم هززت رأسى فى فتور متمتماً :
بضع فطيرات لن تزيد الطين بله .... نظرت للزجاج العاكس للكومبيوتر ، أرقب جسدى مرة أخرى ، وأقارنه بأجساد الآخرين . وهواية التلصص هذه ليست جريمة فى عالمنا الصحفى ، وخاصة اذا كان الأمر يتعلق بالحسناء الجالسة فى توتر ، فى أقصى الركن خلفى تماماً ، ترمق بقايا مشروب ما ، فى سكون متناقض مع هدير الأمطار العاصفة ،... تضرب الزجاج خلفها بلا شفقة ، وهى تنقر بأصابع طويلة مترفة ، المفرش أمامها ، بينما تعبث يدها الأخرى فى شعرها الأسود الحائر على كتفيها فى إنسدالة عابثة .

حينما أغمضت عينيها ، وهدأ جسدها فى المقعد الوثير ، غمغمت فى سخرية -
:
إمرأة تشعر بالملل لا ريب , وكنت بدأت أشعر بالسأم من الموقف الراكد ، إلا إنه فجأة اهتز جسدها وارتعش ، وجلست منتصبة كقمرية وادعة ، ترمق الباب فى حزن ، ظهر فى إلتماعة الدموع فى عينيها ، وإلتفاف ذراعيها حول صدرها ،وإرتعاشة جسدها بشكل مثير للشفقة ... مما جعلنى التفت بقوة بدورى، لأرمق الرجل الوسيم القادم عبر الباب , حيث جلس لتوه مع فاتنة أخرى ذات وجه ملائكى وجسد رقيق . كانت صورة متناقضة من تللك الثاثرة ، ذات الدماء الحارة ، ببشرتها الزيتونية ، وفمها الممتلئ ، التى ترمقهما فى ألم....هالنى إنحناءة رأسها على المنضدة ، وانسكاب المشروب على ثوبها الأسود كمزاجها ، بينما انكسرت أغصان شجرة فى الخارج ، وترنحت بقوة على الزجاج خلفها.

صدرت ضحكة رقيقة من الفتاة الأخرى ، القابعة فى طمأنينة ، ويدها ترقد فى يد الوسيم ...تبتسم له فى أنوثة ، بينما ترمق السمراء فى إلتفاتة جانبية متشفية ، فاتت الرجل المسحور بدلالها , أو لم تفته.

لبثت أرمقها فى تعاطف ، وهى تمسح عينيها بأطراف أناملها خلسة ، حتى لا يلحظها الحبيب الغادر ، والنادل يمسح الفوضى أمامها ، وصاحبنا يرمقها فى لامبالاة فجأة ، ثم ينهمك فى حديث دافئ مع الشقراء الماكرة ؛ كى يزيد ألمها ، ويسكن نصله الحاد بين ضلوعها. نظرتُ إليه فى غيظ ، ثم عدت للتى أسرتنى بألمها ، أرقبُها مرة أخرى ، وقد عقدت حاجبيها فى غضب هذه المرة ، وتركزت نظرتها على ظهرى , فقد انكشف تلصصى ، وهممت بغلق الكومبيوتر. ...لم ألحظها تنهض ... ثم تقف أمامى ، قائلة :-
- هل تسمح لى ؟
أومات بوجه متصبب من العرق ، رغم الجو الغارق فى المطر ، وقد جلست أمامى ، ترمق وجهى المتورد ، بينما تشبك اصابعها أمام وجهها متمتمة:-

أعرفك , أنت شهير يا سيدى , صحفى ومقدم تلفزيونى أليس كذلك ؟!
أغمضت عينى ، وقد أخذتنى مودتها المفاجئة ، بعد أن توقعت أن تصب على جام غضبها وألمها ، ولكن تلك الابتسامة الرائعة غير المبررة ، وقد أنارت وجهها حيرتنى كثيراً ، وهى تتمطأ كقطة خجولة ، وتجلس فى دعة ، كأنها تعرفنى منذ زمن بعيد .
سألتها ، وقد أخذتنى المفاجأة :-
هل أنت بخير ؟ ما اسمك؟
أغمضت عينيها نصف إغماضة ، بطريقة عفوية مثيرة ، وابتسمت كطفلة شقية:
لا يهم اختر ما شئت !
كانت قد هدأت واسترخت ، وهى ترتشف العصير الذى طلبته لها , كنت مأخوذاً بها ، وقد تناسيت الوسيم وصاحبته الشقراء ، وهم يتلصصون هذه المرة بينما تقدم لى الكأس المملوءة للنصف ، وتقربه من فمى ،هامسة فى دفء:-
افعل لى معروفاً ، وارتشف قليلاً منه .
حاولت إبعاد اليد عن فمى ، حين تبين لى غرضها الشرير ، إلا أن يدها الأخرى أمسكت برسغى ؛ فانصعت راضياً مسحوراً.
قالت وهى ترجع جسدها فى هدوء :-
-أحسنت
-هتفت ببلاهة:
ماذا؟
هزت رأسها فى لامبالاة :-
لا شىء ..، فقط شكراً للمساعدة ... نهضت ، وهى تحكم معطفها الأحمر الصوفى حول جسدها ، وقد نهضت بدورى ألعن جسدى المترهل خاصتى . قبلتنى فى خدى ، ثم مضت بجسدها اليافع عبر الباب ، دون أدنى التفاتة لى ، أو للشقراء المهزومة المنكسرة ، مع انكسار الغصن الثانى للشجرة ، أو للوسيم الذى وضع رأسه بين يديه ، وقد توترت ملامحه فى غضب وغيرة , ...يرمقها تمضى عبر الباب ، ثم يرقبها فى هيام عبر الزجاج ، تمد إصبعاً للمطر ، ثم تتذوقه فى دعة ، بينما تعبث الريح بجنون ولهو ، بشعرها الليلى ، وتزيده عبثاً فوق عبث


قديم 08-08-2010, 01:08 PM
المشاركة 2
أحمد صالح
ابن منابر الـبــار

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: إنتقام ممطر
الأستاذة : روان عبد الكريم
قرأت المشهد باستمتاع و قد سقتِ بحرفية رائعة حبكته و تفاصيله
حتى كادت الحروف تهطل مطرا و عرقا .
كان الانتقام جد ماطر و ختمته جميله فصدقا من يضحك أخيرا يضحك كثيرا
و أكاد أجزم أكثر كما قال الله تعالى ( إن كيدهن عظيم )

استمتعت و دمتِ بكل ألق

ما أعظم أن تكون غائبًا حاضر ... على أن تكون حاضرًا غائب
قديم 08-08-2010, 01:51 PM
المشاركة 3
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: إنتقام ممطر
كنت ِ رائعة يا روان

من البداية حتى الخاتمة

استمتعت ُ كثيرًا بالقصة

وسـ ننتظرك ِ وقصة جديدة عزيزتي نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تحيـّة تقدير ٍ واحترام ~

قديم 08-08-2010, 02:07 PM
المشاركة 4
محمد الصالح منصوري
أديـب جزائـري
  • غير موجود
افتراضي رد: إنتقام ممطر
قوبل المكر بالمكر ، ومكرهن أكبر
أذاقته مرارة عبثه بوجدان المحبة
حرق نفسه بنار الغيرة
حبك لمنظومة ما تفردت به أقصوصتك من صور باذخة في الجمالية
امتعنا حرفك أيتها الفاضلة روان
دام الفيض والعطاء
تحيتي


قديم 08-13-2010, 03:38 PM
المشاركة 5
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

الأديبة الكريمة روان عبد الكريم المحترمة

قصة قصيرة فيها احتراف . .
بناء الشخصيات المختلفة كان موفقاً
تفاصيل شخصية الفتاة كانت دقيقة وصحيحة
القصة بكاملها تقرأ بدون ملل
قفلة النهاية موفقة

بورك القلم
تقبلي ودي واحترامي

** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 08-14-2010, 12:47 AM
المشاركة 6
سهى العلي
أديبة وقاصة لبنانية
  • غير موجود
افتراضي
القديرة روان

أحببتُ القصة..
جميلة الحرف والحدث..

بانتظار المزيد من اعمالك الشيقه.


دمتِ بكل خير






.



مِلءُ السَنابِلِ تَنْحَني بتواضُعٍ والفارِغاتُ رؤوسُهنّ شوامِخُ

كُنْ في الحَياة كَشارِب القَهْوة.. يسْتَمتِعُ بها رُغْم سَوادِها ومَرارَتِها


.

قديم 08-18-2010, 07:12 PM
المشاركة 7
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
القديرة روان

أحببتُ القصة..
جميلة الحرف والحدث..

بانتظار المزيد من اعمالك الشيقه.


دمتِ بكل خير






.
شكرا لك سهى العلى


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: إنتقام ممطر
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إنتقام مشعوذ محمد عبدالرازق عمران منبر مختارات من الشتات. 0 09-21-2011 01:14 AM

الساعة الآن 06:50 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.