احصائيات

الردود
7

المشاهدات
20991
 
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي


رقية صالح is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,577

+التقييم
0.50

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة

رقم العضوية
8808
12-24-2010, 01:25 AM
المشاركة 1
12-24-2010, 01:25 AM
المشاركة 1
افتراضي قصيدة للشاعر ساموئيل تايلور كُولَرِيج Samuel Taylor Coleridg
نبذة حول الشاعر:


الشاعر الإنكليزي ساموئيل تايلور كُولَـرِيج - 1772-1834


Samuel Taylor Coleridge



شاعر وفيلسوف وصديق للشعراء ووردزورث ولورد بايرون وشيلي،
عانى آلاماً جسدية وعاطفية دفعته إلى استعمال الأفيون ليكون مدمناً،
كان الابن الأصغرَ المدلّل لأبيه من عشرة أبناء.

له 1 قصيدة:




قبلاي خان




قبلاي خان، حفيد جنكيز خان، أسّس عرش يوان وأصبح أول إمبراطور عليه
بعد صراع دامٍ مع أخيه. حكم من عام 1260 حتى 1294.
وعندما أصبح امبراطوراً على المغول، أعلن أن لديه تفويضاً سماوياً،
كأيِّ طاغية، ليطيعه الشعب المغولي بكامله.
كان يملك عشرة آلاف من الخيل.
نظم كولريج هذه القصيدة نتيجة تأثير الأفيون في حُلمه، كما ادّعى،
فأراد أن يجعل من خوارق الطبيعة حقيقةً.
افتتحها كلُغز أو أحجيّة ولكن بوصف دقيق لقصر البهجة
الذي بناه الإمبراطور قبلاي خان في مكان فاتن جذاب
في بقعة برّية حيث تندب امرأة حبيبها الشيطانَ،
وتُصوِّر القصيدة مدى خيال الأوروبيين إلى رؤية الشرق المُدهش بترفه وبذخه






في زَنادو* أصدر قبلاي خان


قراراً ببناء قبّـةِ ابتهاج فخمـةٍ:


حيث جرى النهر المقدَّس، ألفْ،**


خلالَ كهوفٍ لا يستطيع إنسان إدراكَ مداها


أسفلَ إلى بحرٍ لا تطلع عليه شمسٌ


لذا أُحيطتْ عشرةُ أميالٍ


من الأرض الخِصْب بحيطانٍ وأبراجٍ:


ووُجدت هناك حدائقُ زاهرةٌ بجداولَ مُتـعرِّجةٍ


حيث أزهر كثيرٌ من شجر البّخور


وهنا كانت غاباتٌ قديمة كالتِّلال


تحتضن بقعاً خضراءَ مشمسةً


ولكنْ آه ! تلك الفجوة الرومانسية التي انحدرتْ


أسفل التّلّ الأخضر عَبْرَ غابة من شجر الأرز!


مكانٌ موحشٌ قاسٍ ! تحت قمرٍ آخذٍ في المَحاق، كمكان مقدَّس


وفتّان دوماً، مسحور بامرأةٍ نادبةٍ حبيبَها الشيطانَ!


ومن هذه الفجوة، باضطرابٍ عارم دون توقّف


كما لو أنَّ هذه الأرضَ كانتْ تتنفّس بلهاثٍ ثقيل مُتسارع


تفجَّرَتْ بغتةًً نافورةٌ ضخمةٌ:


بين فتراتِ تقطّعها السّريع انفجرتْ


قِطَعٌ ضخمةٌ قافزةٌ كبَرَدٍ وثّاب


أو كهشيم القمح المتناثر تحت ضربات الدرّاسة:


وبين هذه الصّخور الراقصة انبثقَ


النهرُ المقدّسُ فوراً وإلى الأبد


خمسةَ أميالٍ متعرِّجةً بحركة محيِّرةٍ


خلالَ غابةٍ ووادٍ جرى النهر المُقدَّس


وبعدها وصل الكهوف التي لا يدرك إنسان مداها


وغارَ في جَلَبةٍ في بحرٍ لا حياةَ فيه:


ووسط هذه الجَلَبة سمع قبلاي من بعيد أصواتَ


أسلافِه متنبّئةً حرباً !


في منتصف طريقه طفا ظلُّ قُبّةِ الابتهاج على الأمواج


حيث سُمع ما اختلط


من النافورة ومن الكهوف


كان معجزةً لاختراعٍ نادر


قبّةُ ابتهاج مُشْمِسةٌ بكهوف من ثلج


صبيّةً بسُنطور


رأيتُ ذات مرةٍ في الرؤيا


فتاة حبشيّة


وعلى سُنطورها نقرتْ


مغنيّةً جبلَ أبورا


هل أستطيع أن أحْيِِيَ في داخلي


سيمفونيّتَها وأغنيتَها


بمثل هذا الإبتهاج العميق قد تملكني


بذاك، بموسيقى هادرة وطويلة


أريد أن أبني تلك القبّـةَ في الهـواء


تلك القبّة المُشمسة! تلك الكهوف من الثلج !


وكلُّ من سمع يجب أنْ يراها هناك


والكلّ يجب أن يصرخَ، حذارِ! حذارِ


عيناه المتوّهجتان، شعرهُ المُستَرسِل!


اِنسجْ دائرةً حوله ثلاثَ مراتٍ،***


وأغمِضْ عينيْك برَهبة مُقَدَّسة


لأنّه تغذّى على المَنِّ


وشرب حليب الفردوس



______________



* قصر قبلاي خان الصيفي
** ألف Alph نهر سحريّ في غرب اليونان
*** تعني الطقس الواقي - الصائن


ترجمة : د. بهجت عباس


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 12-24-2010, 01:32 AM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ترجمة قصيدة (قبلاي خان)




Samuel Taylor Coleridge - 1772-1834



Kubla Khan







In Xanadu did Kubla Khan


A stately pleasure-dome decree


Where Alph, the sacred river, ran


Through caverns measureless to man


Down to a sunless sea


So twice five miles of fertile ground


With walls and towers were girdled round


And there were gardens bright with sinuous rills


Where blossomed many an incense-bearing tree


And here were forests ancient as the hills


Enfolding sunny spots of greenery


....


But oh! that deep romantic chasm which slanted


Down the green hill athwart a cedarn cover


A savage place! as holy and enchanted


As e'er beneath a waning moon was haunted


By woman wailing for her demon-lover


And from this chasm, with ceaseless turmoil seething


As if this earth in fast thick pants were breathing


A mighty fountain momently was forced


Amid whose swift half-intermitted burst


Huge fragments vaulted like rebounding hail


Or chaffy grain beneath the thresher's flail


And 'mid these dancing rocks at once and ever


It flung up momently the sacred river


Five miles meandering with a mazy motion


Through wood and dale the sacred river ran


Then reached the caverns measureless to man


And sank in tumult to a lifeless ocean


And 'mid this tumult Kubla heard from far


Ancestral voices prophesying war


The shadow of the dome of pleasure


Floated midway on the waves


Where was heard the mingled measure


From the fountain and the caves


It was a miracle of rare device


A sunny pleasure-dome with caves of ice


A damsel with a dulcimer


In a vision once I saw


It was an Abyssinian maid


And on her dulcimer she played


Singing of Mount Abora


Could I revive within me


Her symphony and song


To such a deep delight 'twould win me


That with music loud and long


I would build that dome in air


That sunny dome! those caves of ice


And all who heard should see them there


And all should cry, Beware! Beware


His flashing eyes, his floating hair


Weave a circle round him thrice


And close your eyes with holy dread


For he on honey-dew hath fed


And drunk the milk of Paradise

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 12-24-2010, 08:45 PM
المشاركة 3
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أديبتنا رقية . .
تحية وشكر لمجهوداتك المتتالية . .
وقد كنت سعيداً بالتعرف على شاعر جديد عندي لم أتعرف عليه سابقاً . .

سلام مني لك ولعائلتك الكريمة . .
على الخير نلتقي . .
دمت بصحة وبهاء . .

** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 12-24-2010, 09:32 PM
المشاركة 4
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أديبتنا رقية . .


تحية وشكر لمجهوداتك المتتالية . .
وقد كنت سعيداً بالتعرف على شاعر جديد عندي لم أتعرف عليه سابقاً . .

سلام مني لك ولعائلتك الكريمة . .
على الخير نلتقي . .
دمت بصحة وبهاء . .


** أحمد فؤاد صوفي **

سلام الله على أخي الفاضل الأديب
أحمد فؤاد صوفي

شكراً لغوصك في عالم حروفي
وتواصلك معي كدأب عملك الأدبي الراقي
وتقديري لألق حضورك الأنيق والنقي كأنت
دمت ببياض الثلج
مودة لا تنتهي

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 12-25-2010, 12:41 PM
المشاركة 5
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


هذه الترجمات مهمة للغاية كونها تعرّف القارىء العربي على التراث الأدبي العالمي وهذا جهد مشكور للأخت الراقية رقية.

طبعاً مثل هذه العبقرية لا بد أن يكون قد عاش طفولة صعبة فمثل تلك الظروف هي التي تولد طاقة غير محدودة في دماغ الطفل وفي حالة وجود التعليم والتدريب اللازمين تكون النتيجة تشكل تلك الطاقة على شكل عبقرية في مجال ذلك التدريب ..وهنا نجد أن
- الشاعر الإنكليزي ساموئيل تايلور كُولَـرِيج ولد في - 177 وتيتّم في 1781 وعمره 8 سنوات.
- انتقل ليعيش في مدرسة داخلية ولم يسمح له العودة إلى البيت إلى فترات متقطعة.
- كان أستاذه في الشعر كما هو موصوف هنا شديد الطباع .
- كانت العلاقة مع الوالدة مصدر للمشاكل problematic.
- نلاحظ أثر اليُتم على خيال الشاعر كما هو موصوف في مذكراته عن الطفولة.
- لم يكن ليكتب عن خوارق الطبيعية لولا أنه خارق في قدراته ولا أظن أن القصيدة كتبت تحت تأثير الآفيون بل هو الخيال الخصب الذي ينتج عن وفرة الطاقة الذهنية المتولدة في الدماغ كنتيجة لليتم والتي تشبه في مفعولها أثر الأفوين أحياناً.


Coleridge was born on 21 October 1772 in the rural town of Ottery St Mary, Devon, England. Samuel's father, the Reverend John Coleridge (1718–1781), was a well-respected Vicar of the parish and headmaster of Henry VIII's Free Grammar Shcooll at Ottery. He had three children by his first wife. Samuel was the youngest of ten by Reverend Coleridge's second wife, Anne Bowden (1726–1809).Coleridge suggests that he "took no pleasure in boyish sports" but instead read "incessantly" and played by himself.

After John Coleridge died in 1781, the then 8-year-old Samuel was sent to Christs Hospitall, a charity school founded in the 16th century in Geryfriars, London, where he remained throughout his childhood, studying and writing poetry.

At that school Coleridge became friends with Charles Lamb, a schoolmate, and studied the works of Virgill and William Lisle Bowles. In one of a series of autobiographical letters written to Thomas Poole, Coleridge wrote: "At six years old I remember to have read Belisarius, Robinson Crusoe, and Philip Quarll – and then I found the Arabian Nights' Entertainments – one tale of which (the tale of a man who was compelled to seek for a pure virgin) made so deep an impression on me (I had read it in the evening while my mother was mending stockings) that I was haunted by spectres whenever I was in the dark – and I distinctly remember the anxious and fearful eagerness with which I used to watch the window in which the books lay – and whenever the sun lay upon them, I would seize it, carry it by the wall, and bask, and read."[citation needed]

However, Coleridge seems to have appreciated his teacher, as he wrote in recollections of his schooldays in Biographia Literaria:

"I enjoyed the inestimable advantage of a very sensible, though at the same time, a very severe master [...] At the same time that we were studying the Greek Tragic Poets, he made us read Shakspeare and Milton as lessons: and they were the lessons too, which required most time and trouble to bring up, so as to escape his censure. I learnt from him, that Poetry, even that of the loftiest, and, seemingly, that of the wildest odes, had a logic of its own, as severe as that of science; and more difficult, because more subtle, more complex, and dependent on more, and more fugitive causes. [...] In our own English compositions (at least for the last three years of our school education) he showed no mercy to phrase, metaphor, or image, unsupported by a sound sense, or where the same sense might have been conveyed with equal force and dignity in plainer words...



In fancy I can almost hear him now, exclaiming Harp? Harp? Lyre? Pen and ink, boy, you mean! Muse, boy, Muse? your Nurse's daughter, you mean! Pierian spring? Oh aye! the cloister-pump, I suppose! [...]



Be this as it may, there was one custom of our master's, which I cannot pass over in silence, because I think it ... worthy of imitation. He would often permit our theme exercises, ... to accumulate, till each lad had four or five to be looked over. Then placing the whole number abreast on his desk, he would ask the writer, why this or that sentence might not have found as appropriate a place under this or that other thesis: and if no satisfying answer could be returned, and two faults of the same kind were found in one exercise, the irrevocable verdict followed, the exercise was torn up, and another on the same subject to be produced, in addition to the tasks of the day.[citation needed]




Throughout life, Coleridge idealized his father as pious and innocent, while his relationship with his mother was more problematic.[citation needed] His childhood was characterized by attention seeking, which has been linked to his dependent personality as an adult.

He was rarely allowed to return home during the school term, and this distance from his family at such a turbulent time proved emotionally damaging.

He later wrote of his loneliness at school in the poem Frost at Midnight: "With unclosed lids, already had I dreamt/Of my sweet birthplace."

From 1791 until 1794, Coleridge attended Jesus College, Cambridge. In 1792, he won the Browne Gold Medal for an ode that he wrote on the slave trade. In December 1793, he left the college and enlisted in the Royal Dragoons using the false name "Silas Tomkyn Comberbache", perhaps because of debt or because the girl that he loved, Mary Evans, had rejected him. Afterwards, he was rumored to have had a bout with severe depression.[
His brothers arranged for his discharge a few months later under the reason of "insanity" and he was readmitted to Jesus College, though he would never receive a degree from Cambridge.


قديم 12-25-2010, 01:37 PM
المشاركة 6
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
إن ما كتبه صموئيل كولريدج من سيرة ذاتية يوفر وصفا مهما لصفات وسمات المبدع اليتيم وهذه بعض مما كتب وبعض من صفات وسمات هذا العبقري اليتيم:

صمويل تايلور كولريدج
المصدر : المعرفه

صمويل تايلور كولريدج Samuel Taylor Cooleridge (ع.21 أكتوبر1772 - 1794) شاعر إنجليزي رومانسي. من شعراء منطقة البحيرة.

كولريدج


هو أكثر أفراد المجموعة التي نتناولها في هذا الفصل تشويقا وأكثرهم تباينا في مواهبه وتنوعا في جاذبيته، وأفكاره وقلقه ونقائصه•


لقد اجتاز السلسلة كاملة من المثالية إلى كوارث في الحب والأخلاق، ونكبات في الأدب والفلسفة• وقد اقتبس من أفكار - وكلمات - مؤلفين كثيرين تأثربهم واستوحى أفكارهم ولا يمكن لقسمٍ من فصل أن يوفيه حقه•
ولد صمويل (صموئيل) تايلور كولريدج في 21 أكتوبر سنة 1772 وكان هو الابن العاشر والأخير لجون كولريدج ناظر المدرسة والذي كان عند مولده قسا في أوتري سانت ماري Ottery St. Mary في ديفونشير Devonshire وكان جون دارساً للرياضيات المتطورة وعالماً باللغتين اليونانيـة واللاتينية واللغات الشرقية، وهو مؤلف كتاب عن نحو اللغة اللاتينية Acritical Latin Grammer أما الابن الذي أصبح بعد ذلك يشير إلى اسمه بالأحرف الأولى (S. T. C ) فقد وقع في إسار هذا التراث الذي تعلمه إذ كادت كل فقرة من فقراته تتضمن اقتباساً يونانياً أو لاتينيا• وقد روى - فيما بعد - ما كان عليه حاله من الثالثة إلى السابعة:


لقد أصبحتُ نكداً شكِساَ رعديدا نمَّاماً واشياً، وكان رفاقي في المدرسة يبعدونني عن اللعب معهم وكانوا دائماً يؤذونني لذا فلم أسعد بألعاب الصبية ومن ثم عكفت على القراءة باستمرار••• لقد قرأت في السادسة من عمري بيليزاريوس Belisarius وروبنزون كروزو Robinson Crusoe وألف ليله وليلة •••


فتملكتني الأشباح ••• وأصبحت حالما وأصبحت أعاني انحرافاً في صحتي إثر أي نشاط جسماني، وكنت جباناً رعديداً عاطفياً انفعالياً بشكل مبالغ فيه •• وكنت كسولاً مكروهاً من الصبية لأنني كنت أستطيع القراءة والهجاء ••• وكانت لدي ذاكرة قوية وقدرة على الفهم تكادان تنمان عن نضج غير طبيعي، وكنت موضع إطراء وإعجاب من النسوة كبيرات السن ••• ولذا فقد أصبحت مختالاً فخورا، وأصبحت قبل أن أبلغ الثامنة من عمري شخصية (المقصود شخصا ذا سمات خاصة) من حيث الأحاسيس والخيال والزهو والكسل، ومشاعر الإحتقار العميق والمرير لكل من يمر على تفكيري


حتى لو كان من المبرزين المشاهير(21)• وكان موت أبيه (1781) ( وهو ابن ثمانية سنوات ) الذي كان الشاعر يحبه بعمق صدمة عنيفة له • وبعد موت أبيه بعامين أُرسل إلى مدرسة خيرية في لندن تابعة لمستشفى يسوع Christصs Hospital لمواصلة تعليمه• وكانت الوجبات التي تقدمها هذه المدرسة هزيلة وكان النظام فيها صارماً، وقد تحدث في أواخر حياته عن العقاب الشائن الذي أنزلوه مضاعفا وبقسوة على صبي شعر أن أسرته قد نسيته• لقد أرادوا له أن يكون قسّاً بينما كان هو يرنو أن يكون صانع أحذية


وفي سنة 0381 (في هذا التاريخ كانت ذاكرته - على نحو خاص لا يُعوّل عليها) جُلد، وهو يروي لنا قصة جلده ولم تكن هي المرة الوحيدة، فيقول: عندما كنت في الثالثة عشرة من العمر ذهبت إلى صانع أحذية وتوسلت إليه أن أعمل عنده ليعلمني المهنة• وكان رجلاً أميناً لذا فإنه سرعان ما دبّر لي لقاء مع بوير Bowyer رئيس جماعة صانعي الأحذية، فثار غاضبا وركلني •• وسألني لماذا أبرهن هكذا على غبائي؟


فأجبته إنني شديد الرغبة في أن أكون صانع أحذية وأكره أن أكون رجل دين، فسألني لماذا؟ فقلت له: الحق أقول لك يا سيدي •• إنني كافر وبمجرد أن قلت ذلك لم يسمح بوير بمزيد من الكلام، وجلدني(31) ومن الواضح أنه اقتطف بعض الفاكهة المحرمة، وربما كان ذلك من كتب إحدى محلات بيع الكتب بشارع الملك (كنج ستريت) ففي هذه المكتبات - كما زعم بعد ذلك - بطريقته التذكارية:


لقد قرأت في كل الكتب الواردة في الفهرس (المقصود كتالوج المكتبة) وفي كل الكتب الضخام (من القطع الأعظم) سواء كنت أفهم ما أقرأه أم لا ••• وكنت أغامر بكل شيء للحصول على المجلدين اللذين فرضت على نفسي الحصول عليهما يومياً• لقد كنت مدركاً لما يجب أن أكون عليه وأنا في الرابعة عشرة من عمري• لقد كنت محموماً دائماً (المقصود أنه كان شديد التوق للقراءة)•


لقد كان كياني كله موجها نحو الإنسحاب إلى ركن مشمس لأقرأ وأقرأ وأقرأ، مغمضاً عيني عن أي هدف آخر(41)•


وبطبيعة الحال فإننا نلمح زهواً مبالغاً فيه هنا• وعلى أية حال فقد أنجز إنجازاً طيباً في مدرسة مستشفى يسوع حتى إن أسرته رتبت أمر إدراجه بين الطلبة المساعَدين (بفتح العين) الذين يعملون ويدرسون في آن واحد في كلية يسوع بكمبردج (1971) وهناك حاول دراسة الرياضيات المتقدمة واللغة اليونانية المغرقة في قدمها لقد قرأت بندار Pindar ورحت أؤلف الشعر باللغة اليونانية وكأنني كلب مجنون أو بتعبير آخر ككلب مصاب بالسعار ••• وفي أي وقت فراغ يتاح لي كنت أترجم Anacreon •• وتعلمت العزف على الفيولين (الكمان)(51)•


وعندما نقرأ عن كولريدج لابد أن نسمح لأنفسنا بتقبل ما هو عليه من غلوّ وإفراط• لقد أهمل صحته، وأصيب في سنة 3971 بالحمى الروماتزمية، ولجأ إلى الأفيون لتسكين آلامه، وكان الأفيون في ذلك الوقت شائعاً كعقار مسكن لكن كولردج أدمنه، وأبطأت خطاه في المجال الدراسي، وسمح لنفسه بمزيد من الإهتمام بالأمور العامة• وعلى أية حال فقد تجاوز ما سمحت له به أسرته ووقع في الديون وطارده دائنوه وفي جهد يائس للهرب منهم غادر كمبردج فجأة، وفي ديسمبر سنة تطوع في جيش كان يعد لحرب فرنسا• واشترى أخوه جورج إطلاق سراحه مقابل أربعين جنيها إنجليزيا وحثه على العودة إلى كمبردج• ودبر أمر تخرجه من الجامعة في سنة 4971 دون الحصول على الدرجة العلمية، ولم يزعجه هذا كثيراً لأنه في هذه الأثناء كان قد اكتشف اليوطوبيا (المدينة المثالية)•


وكان يعد نفسه لهذا الاكتشاف بتخليه عن عقيدته الدينية، وعقد آماله على السعادة واليوطوبيا (المدينة المثالية) وقد حركت الثورة الفرنسية مشاعره كما كادت تحرك مشاعر كل المتعلمين وغير الماليين في إنجلترا•


والآن، في ربيع سنة 4971 وصلته رسالة من صديقه روبرت ألن Allen في أكسفورد مفادها أن طلبة مختلفي المشارب راغبون جداً في إصلاح الأساليب والمؤسسات البريطانية، وذكر ألن أن أحد الطلبة يتميز بالألمعية ويكتب شعرا يحتفى فيه بالثورة الاجتماعية• أيستطيع كولريدج أن يذهب إلى أكسفورد للقاء هؤلاء الشباب؟• لقد فعلها كولريدج في يونيو سنة 4971•


كان كولريدج ممزقاً بين أعصاب حية وجَلَد وصَبْر من ناحية، وإرادة مترددة من ناحية أخرى• لقد أحب ماري إيفانز ابنة لندن لكنه جفل من مهمة الإبقاء عليها في ظل أسلوبها المعتاد، أما هي فقد أحبت روحه الثرية المتحمسة لكنها لم تكن واثقة في قدرته على الكسب فابتعدت عنه، فوجد نفسه مستسلما لسارة فريكر فهي رغم بساطتها وإفلاسها يمكن أن تحافظ له على بيته وتنجب أطفالا وإن كانت غير قادرة على إلهامه أشعاره• وليموّل زواجه المأمول وأحلامه الباقية راح يلقي المزيد من المحاضرات في بريستول محصلا شلنا كرسم دخول (لقاعة الاستماع) (واستمر هذا في الفترة من يناير إلى يونيو 5971)، وكان نشاط هذه الجماعة راديكاليا بشكل طائش: لقد شجبوا الكنيسة القائمة Established Church كخادمة للأثرياء، وأنها لاتعرف ربا Lord سوى المالك الإقطاعي Lord of the manor وأدوانوا الحرب ضد فرنسا لقمع الثورة وإحداث ردة تاريخية• والتمسوا الأعذار للإرهاب باعتباره رد فعل لحرب بت Pittصs war وأدانوا مراسيم تقييد حرية الرأي Gag Bills كجهود حكومية لكبت إرادة الجماهير• لقد كان ما حصلوه من الأموال قليلا لكنه كان كافيا ليعقد كولردج قرانه على سارة فريكر في مذبح الكنيسة في 4 أكتوبر 5971•


وفي هذا الخريف نفسه التقى لأول مرة بوردزورث، ولم يكن وليم ليكبر صمويل (صموئيل) بأكثر من عامين لكنه كان قد خَبَر الثورة الفرنسية، لقد كان قد عاين اليوطوبيا معاينة حية معاينة من رأى لا من سمع• وقد شارك الرجل الأصغر منه بعامين الخشية من استعادة البوربون عرش فرنسا، لكنه لم يكن قادراً على العيش في بنسلفانيا فقد كانت أوربا هي مسرح الصراع الفكري، أما بالنسبة إلى بهاء منطقة سوسكويهانا Susquehanna وجمالها، فلم لا يكتفي قانعا بعظمة البحيرات الإنجليزية وبهائها؟ ولم يكن كولريدج مقتنعا تمام الاقتناع لكنه كتب في مذكراته (مجموعة أوراقه) أن يتابع تطور وليم وربما ليتعلم منه كيف يتخطى صعوبات الحياة (يجتاز عواصفها ومنحدراتها) لقد ملأ كثيراً من الأوراق بمعلومات وأفكار كثيرة جمعها من الكتب وممن قابلهم• لقد كان يقرأ قراءات واسعة في مجالات شتى وبشغف في اثني عشر مجالا، لقد قرأ في التراجم وعن الحيوانات والنباتات والعلوم والأديان والفلسفة والأمم والأدب والفكر والفنون• وكان واحداً من أكثر من عرفنا شغفا بالقراءة واستيعابا لما يقرأ وقدرة على التذكر


لقد أصبحت ذاكرته مخزنا يسحب من رصيده حتى نهاية حياته يسحب منه الأفكار والأخيلة والعبارات والأدلة، بل وحتى فقرات كاملة


وكثيراً ما كان يهمل ذكر مصدر معلوماته وربما كان ينسى المصدر سعيدا بهذا النسيان، وكان يخلط دون اهتمام أفكاره بالأفكار التي استقاها من مصادر أخرى•


وفي خاتمة المطاف ضاق عقله بهذا المخزون الكبير من المعرفة المتباينة خاصة وأن عقله كان نزاعاً للحرية نافراً من الانضباط• لقد كاد المخزن ينهار على المخزون•


وربما رغبة منه في تحرير ذاكرته أو رغبة منه في إطعام زوجته وجدناه يركز على فكرة طبع مجلة وبيعها، وكاد هو أن يكون كاتبها الوحيد، وأجبر معارفه والمستمعين لمحاضراته على الاشتراك في هذه المجلة ووزع عددا محدودا من هذه النشرة التمهيدية Prospectus حتى يعلم الجميع الحقيقة فقد تجعلنا الحقيقة أحرارا•


وفي يوم الجمعة، الخامس من فبراير سنة 6971 تم نشر العدد الأول (بسعر أربعة بنسات) على أن تصدر كل ثمانية أيام بعنوان (المراقب Watchman) بقلم س• ت• كولردج Coleridge مؤلف نداءت إلى الشعب (Addresses To the People -61)• وهنا - كما هوالحال في محاضراته - كان يتحدث كراديكالي أحرق خلفه كل الجسور، لقد راح يهاجم الحرب والعبودية (الرق) وتعويق حرية الصحافة والنشر، وكان يهاجم بشكل خاص الضرائب على المبيعات لوطأتها الثقيلة على عامة الشعب(71)• لكنه لم يوص بحق الانتخاب العام للبالغين من الذكور أو الإناث• يجب أن تكون لدينا الجرأة بالاعتراف بالحقيقة السياسية فقط لأولئك الذين هم قادرون على استخدام عقولهم والإقناع بما هو منطقي، ولا نعترف بها أو نقرها للغالبية الجاهلة المحتاجة التي تحركها بالضرورة عواطفها المهتاجة(81)•


ووجد كولريدج أنه من غير المحتمل أن يكتب اثنتين وثلاثين صفحة كل ثمانية أيام إذ راحت هذه الصفحات - بشكل متزايد - تمتلئ بكتابات غرباء لم يكونوا دائما معروفين• واحتج بعض القراء المتابعين للمجلة وقل التوزيع وارتفعت الديون وبعد العدد العاشر توقفت هذه المجلة (مجلة المراقب Watchman)• وفي أول سبتمبر سنة 6971 وُلد لكولريدج أول مولود• فأسماه ديفد هارتلي David Hartley على اسم رائد علم النفس الارتباطي (سيكلوجية الترابط أو التداعي)• لقد كان المولود صبوح الوجه باعثاً للمسرة، لكنه كان فماً جديدا يطالب بالطعام• وفي هذه الأثناء كان كولردج نفسه يعاني متاعب في القلب والرئتين، وراح يزيد من جرعات الأفيون لتسكين آلامه، وكادت موارده تنفد عندما قدم له صديق متساهل ودود هو توماس بول Poole منزلا صغيرا بالقرب من منزله (منزل بول) في نثر ستوي Nether Stowey بالقرب من بردجووتر Bridgewater - بإيجار رمزي مقداره سبعة جنيهات سنويا• وفي 13 ديسمبر سنة 6971 انتقل كولريدج وسارة وابنهما (ديفد) إلى هذا المنزل• وجعلت سارة المنزل نظيفا مريحا، وعمل كولريدج في حديقة مجاورة وساعد في رعاية خنازير بول Poole ودواجنه، وكتب شعرا جديراً بأن يخلد• وفي نحو هذا الوقت - على وفق ذاكرته الثرية العامرة دائما - ظهرت له فكرة قبلاي خان Kubla Khan في حلم رائع وقد كتب غالبها مستوحيا هذا الحلم:


(في صيف سنة 7971 عكف المؤلف - وكان معتلا صحيا - في منزل ريفي منعزل بين بورلوك Porlock ولينتون Linton ••• ونتيجة توعك صحته وتناولة العقارات المسكنة (الأفيون) غلبه النوم وهو جالس على مقعده بينما كان يقرأ ••• في كتاب رحلة بورشاز Purchass Pilgrimage• وفي الحلم أمر قبلاي خان ببناء قصر بداخله حديقة، وتم تسوير هذه الأميال العشرة من الأرض الخصبة بسور• ولقد استمر المؤلف في نوم عميق نحو ثلاث ساعات - على الأقل كانت حواسه الخارجية هي النائمة - وخلال هذه الساعات كان واثقاً ثقة تامة أنه لا يستطيع أن يكتب أقل من مائتي سطر أو ثلاثمائة سطر دون أن ينتابه الإرهاق والتعب• وعندما استيقظ ظهر أنه يتذكر تفاصيل الحلم فأمسك بقلمه وأدنى منه الحبر والورق، وراح يكتب بشكل مستمر وبشغف السطور التي بقيت لنا)• هذه المقدمة الشهيرة فسرها النقاد بأنها خرافة خدع بها كولريدج نفسه أو آخرين لقبول فكرة الحَبَل بلا دنس immaculate Conception وديمومة قبلاي خان• وعلى أية حال فمن غير المعلوم أن المؤلف بعد صياغة جُمله خلال النهار، واصل عمله في أثناء الحلم أم لا، لكن تكاد هذه الدرّر دوما تغوص في اللاشعور وكأنها يقظة نائم Sleeper wakes وربما كان للأفيون أثره ليس في الحلم (الرؤيا) فقط وإنما في الإيهام بأن التأليف كان جزءا من الحلم• وعلى أية حال فإن كولردج بمهارته المميزة في السجع والجناس قد حول نثر بورشاز Purchas إلى واحد من أكثر النصوص - التي لم يكتمل إنجازها - تشويقاً في اللغة الإنجليزية•


وربما كان الحدث ( الأدبي) الأكثر أهمية من قوبلاي Kubla بالنسبة لكولريدج في عام 7971 هو دعوة ودزورث له لزيارته في ريسدون Racedown، فاستأذن من زوجته ساره وابنه ديفد David وانطلق ليسير كل المسافة تقريبا• وتراءى له هدفه في 6 يونيو فجرى - وقد أخذت الإثارة منه مأخذها - إلى باب أخيه الشاعر• وعندما فتح له وليم ودوروثي الباب وفتحا له مع الباب قلبيهما، بدأت حقبة جديدة في حياة ثلاثتهم، وكان تعاونهم واحداً من أعظم ما حققه التعاون بين الأدباء إثماراً في تاريخ الأدب•



الثلاثي 1797 - 1798

كان كولريدج آنئذ في ذروة تألقه• كان بدنه - رغم آلامه وسمومه غير الظاهرة - مستجيباً لاهتمامات عقله الحيوية•

وكان وجهه الوسيم - بفمه الشهواني وأنفه دقيق التكوين وعينيه الرماديتين تتألقان شغفا وحب استطلاع، ورقبته وأذنيه، وشعره الأسود المهوّش المتدلي على رقبته وأذنيه - قد جعله جذابا خاصة في عيني دوروثي

لم يطل الأمر أحبته بطريقتها الخجولة، وإن ظل إعجابها بوليم في المحل الأول• لقد أخذ كولريدج برقتها وجذبته إليها بعاطفتها الهادئة• لقد كانت صديقة جارتْه في كل آثامه وتجاوزت عن كسله لتستمتع بمشاعره الدافئة وخيالاته العميقة الغريبة وإيمانه المهتز، وضاعت آلام الشاعر المبرحة بين الحيل والصراع• وعلى أية حال، فقد كاد يرى في هذه الفتاة شبحاً رعديدا سحقها أخوها (سيطر عليها تماما)• وهنا تحقق كولردج أن هذا الرجل وردزورث بوجهه الهادئ الحزين وجبهته المرتفعة وعينيه المتأملتين شاعر حقيقي وحيوي حساس لكل خلجة ونبضة من خلجات الأشياء والأشخاص ونبضاتهم، وينأى بنفسه عن أي اضطراب اقتصادي جاعلاً من خلجات الطبيعة والناس ونبضهما وسيلة للبحث عن الكلمات المعبرة بعمق وعاطفة عن بصيرته وأحلامه•

وكان كولريدج - الذي كانت (أغاني البحار القديم) تعتمل بالفعل في نفسه - هو أعظم الشاعرين - لكنه أحسّ بتكريس هذا الشاعر (وردزورث) نفسه للشعر وحسده لتكريس نفسه تماما للشعر، وربما كان قد تعجب ما إذا كانت الأخت ليست أفضل من الزوجة• لقد كتب حالما وصل: لقد شعرت بضآلتي بجواره، ومع هذا لم أعتبر نفسي أقل مما كنت أظن نفسي سابقا إن وليم (وردزورث) رجل عظيم جدا• إنه الرجل الوحيد الذي أحسست أنني أقل منه في كل الأوقات وفي كل حالات تفوقي(91)• وبدأ ثلاثتهم ثلاثة أسابيع يحث بعضهم بعضاً، لقد راح كل واحد منهم يقرأ قصائده على الآخرين• وكان وردزورث يقرأ أكثر، بينما كان كولريدج يتحدث أكثر• كتبت دوروثي: إن مناقشاته وحواراته تتزاحم في الروح والنفس والعقل• وهو خيّر جدا حسن الطباع جذاب •• وهو يتحدث بعينه التي تعبر عن كل عواطفه(02)•

وعادة ما يبرد الحب بين هذا الثلاثي بعد ثلاثة أسابيع فرجا كولريدج كلاً من وليم ودوروثي أن يصحباه إلى نذر ستوى Nether Stowey ليكرمهما كما أكرماه، فانطلقا معه متوقعين أن يعودا سريعا إلى ريسدون Racedown لكن الصديق بول Poole علم أن الفترة التي يقضيانها مع كولريدج ستنتهي ولا مجال لتمديدها فدبر لهما منزلاً جميلاً مؤثثا في ألفوكسدن مقابل 32 جنيهاً استرلينياً سنويا، وألوفكسدن هذه على بعد أربعة أميال من مقر كولريدج، وهناك أقام وليم وردزورث ودوروثي في راحة، وراحا يستلهمان الشعر طوال خمسة عشر شهرا]• وفي هذه الفترة السعيدة راحوا يسيرون وهم ينشدون الشعر أو يتناقشون فيه : أحيانا كان الرجلان يسيران معا]، وأحيانا كولريدج ودوروثي، وأحياناً ثلاثتهم معا• لقد راحوا يتبادلون المشاعر والأفكار والملاحظات: وردزورث شجع كولريدج على ترك الخيال كمرشد له، وزاد كولريدج من معارف وردزوث عن الفلاسفة وتحداه ليكتب ملحمة شعرية

وفي أعوام لاحقة تذكر وردزورث في (المقدمة) صديقه الذي كان يجول معه (كولريدج) ذاكرا أنه صديق الأرواح المرحة slash حيث كنا نخصص جانبا من أيامنا لأول مرة لننغمس معا في الشعر الجامح(12) وكانت دوروثي هي رباطهما محفزتهما (مشجعتهما)• لقد كانت تبهجهما بمديحها، وباستماعها باهتمام وشغف متحدية إياهما بحماسها وعمق إدراكها ونفاذ بصيرتها، موحدة إياهما كعروس روحية لكليهما• لقد كانوا - كما قال كولريدج ثلاثة أشخاص في روح واحدة(22)• ولابد أن وردزورث وكولريدج قد طالعا اليوميات التي بدأت دوروثي كتابتها في أفوكسدن في 02 يناير سنة 7971• ولا بد أنهما توقفا عند سطر في الصفحة الثانية طنين الحشرات، تلك الضوضاء الصامتة (غير المزعجة) التي تملأ أجواء الصيف أما سارة كولريدج فلا بد أنها كانت أكثر تأثرا بما ورد عن الفترة من 3 إلى 21 فبراير:
3 فبراير: سرت مع كولريدج فوق التلال ••• 4 فبراير: سرت مسافة طويلة في الطريق إلى ستوي Stowey مع كولريدج •••• 5 فبراير: سرت إلى ستوي مع كولريدج ••• 11 فبراير: سرت إلى قرب ستوي مع كولريدج 21 فبراير: سرت وحدي إلى ستوي، وعدت مساء مع كولريدج(32)• ولم تكن ساره سعيدة بحكاية المشي هذه، لقد بدا الأمر لها برئياً غير مرتبط بعلاقة جنسية، لكن أين تنتهي هذه الحكاية؟



كولريدج فيلسوفاً


ربما نكون قد بالغنا في انهيار كولريدج، فلا بد أن نلاحظ أنه بين عامي 8081 - 5181 ألقى محاضرات في بريستول وفي المعهد الملكي في لندن - ظهر فيها أنه يعاني تشوشاً في الفكر والتعبير لكنه أثر في مستمعين مثل شارلز لامب Lamb ولورد بايرون وصمويل (صموئيل) روجرز، وتوماس مور ولاي هنت Leigh Hunt، وكأنما دفعهتم وغيرهم من الكتّاب للتضامن مع زميلهم الذي أصابه ما أصابه• وقد وصف هنري كراب Crabb الذي يعتبر واحدا من أصدقائه البارزين إنجليزاً وألماناً، المحاضرة الثالثة التي ألقاها في لندن بأنها محاضرة ممتازة وألمانية جدا وذكر أنه بالنسبة إلى لمحاضرة الرابعة فقد كانت ذات صبغة ألمانية جدا وكانت طريقة التناول فيها تتسم بالتجريد الشديد بما لا يطيقه المستمعون الذين كان عددهم قليلا(86)• لقد كان تجميع كولريدج للحقائق والأفكار والفروض المسبقة تجميعا مزدحما وهائلا حتى إنه لم يستطع السيطرة على موضوعه• لقد كان يطوف بعناصر موضوعه بجموح لكنه كان مُلهما•

لقد لخّص شارلز لامب، كولريدج في عبارة مشهورة إنه كملاك - بفتح الميم واللام - من الطبقة العليا، لحقه بعض الدمار(96) وانتهى إلى أنه يكفينا أن نكون في نطاق رياح عبقريته ونسماتها حتى لا نمتلك مشاعرنا أو بتعبير آخر حتى لاتصبح أرواحنا مستقرة(07)•

وفي الفترة من 5181 إلى 7181 عندما كان كولردج مرة أخرى على وشك الانهيار دفع بخلاصة فكره إلى المطبعة• ففي كتابه نظرية الحياة Theory of Life (5181) أظهر لنا معلومات مثيرة في العلم - خاصة الكيمياء التي تعلمها عن طريق صداقته لهمفري ديفي Humphry Davy لكنه رفض كل المحاولات ليشرح العقل mind من خلال مصطلحات فيزيو كيميائية• لقد سمى فكرة إرازموس داروين السخيفة(17)•• بأنها فكرة رجل انطلق من حالة انبثاق برتقالية orang - outagestate وفي مطبوع Statesmans manual (6181) قدم الكتاب المقدس باعتباره أفضل مرشد للفكر السياسي، والتبصر بالعواقب• نجده يقول:


يجد المؤرخ أن الأحداث الكبرى - وحتى التغيرات الأكثر أهمية في العلاقات التجارية العالمية •• أنا لانجد جذورها لدى مجموعة رجال الدولة ولا في الرؤي العملية لرجال الأعمال وإنما نجد جذورها لدى المنظرين الذين لاتتسم كتاباتهم بالتشويق، وفي رؤى العباقرة المنعزلين (المتفردين)••• كل الثورات الدينية التي أعادت صياغة فترات زمنية في العالم المسيحي، والثورات الدينية التي أعادت معها صياغة العادات المدنية والاجتماعية والمحلية تزامنت مع قيام نظم (نظريات) ميتافيز يقية أوسقوطها(27)•

(ربما كان يفكر في نتائج الفكر الذي أتى به يسوع، وكوبر نيكس وجوتنبرج ونيوتن وفولتير وروسو وبعد موجز واضح للعوامل التي أدت إلى الثورة الفرنسية انتهى كولردج إلى أن صوت الشعب ليس هو صوت الله لأن الناس (الشعب) يفكرون في مجردات عاطفية أو مطلقات عاطفية ولا يمكن الوثوق بهم عند تولي السلطة(37)، وأن أفضل طريق للإصلاح لايكون إلا من خلال وعي الأقلية المتعلمة ذوات الممتلكات(47)، وأفعالها• وبشكل عام فإن أفضل مرشد للعمل الصحيح في السياسة وفي كل مجال هو الكتاب المقدس Bible لأنه يحتوي على كل الحقائق المهمة في التاريخ والفلسفة فأنتم يا من تتحركون في الطبقات العليا من المجتمع يجب أن تعلموا أيضا التاريخ والفلسفة واللاهوت، فأنتم أهل لها وليس أفراد الطبقات العاملة فتعلمهم التاريخ والفلسفة واللاهوت غير مطلوب إلى حد كبير بل وربما كان غير مرغوب فيه عموما• إن ترياق زيف رجال الدولة هو التاريخ ذلك أن جمع الحاضر مع الماضي في سياق واحد، وتأصيل عادة مقارنة أحداث عصرنا - بعمق - بأحداث عصور خلت مسألة مطلوبة(57) ويواصل في كتابه (Alay Sermon) الصادر في سنة 7181 دعواه للطبقات العليا والوسطى باعتبارها أفضل أداة للإصلاح الصحيح وباعتبار أفرادها حراسا ضد الغوغائية والسفسطائية وضد المدرسة الثورية المضرمة للنيران(67) لكن الكتاب يعترف ببعض الشرور الجارية (الموجودة في زمنه): تضخم الدين الوطني بشكل غير محسوب، فقر الفلاحين فقرا شديدا، وعمل الأطفال في المصانع، ولاحظ كولريدج الحماقات والوقاحات والتبذير والتطرف الذي أعقب الرخاء الذي حل بنا والذي لم يسبق لنا أن شهدناه، كما لاحظ الممارسات العمياء والولع الأعمى بالمضاربات على مستوى التجارة العالمية بما في ذلك من مخاطر غير واضحة ومفاسد لقد تفجَّع بسبب احتمال تعرض الاقتصاد الجديد لهزات دورية تؤدي إلى انهيار عام ومعاناة يشرب الجميع كأسها(77)•


وأوصى ببعض الإصلاحات الأساسية ضرورة خضوع أصحاب المصانع للقوانين العامة(87) خاصة فيما يتعلق بتشغيل الأطفال، ولابد أن تعترف الدولة أن أهدافها الإيجابية، هي: 1- أن تجعل مصادر الرزق ووسائل الإعاشة أكثر يسرا لكل فرد• 2- أن تؤمن لكل المواطنين آمالهم في تحسين أحوالهم وأحوال أبنائهم• 3- تطوير القيم الضرورية لإنسانية المواطن - كمخلوق عاقل(97) ودعا إلى إنشاء منظمات (نقابات) تضم رؤساء كل العاملين في كل الحرف لدراسة المشاكل الاجتماعية من منظور فلسفي ولتقديم توصيات للجماعة، ولابد أن تمول الدولة هذه الطوائف الوطنية(national churchs-08)• وأنهى كولريدج كتابه (عظات غير دينية Lay Sermon) بأن رضخ للاهوتيين معترفاً بأنه ليست هناك عظة أو حكمة علمانية خالصة أو بتعبير آخر ليست هناك حكمة خالية من البعد الديني يمكنها أن تحل مشاكل البشرية(18) فلا يستطيع إلا الدين الغيبي (الفوق طبيعي) والنظام الأخلاقي الذي قدمه الله للبشر أن يواجه الشر الموروث في نفوس البشر، فالشر من شيم النفوس لدرجة أن الذكاء البشري وحده لايعتبر كافيا لجعل الإرادة البشرية مبرأة من العيوب(28)• لقد دعا إلى العودة بتواضع إلى الدين وإلى الاعتقاد الكامل في يسوع كرب مات لتخليص البشرية(38) وفي 5181slash6181 ألف (أو أملى) فقرات عن حياتي الأدبية وآرائي Sktches of my Literary Life &opinions لتكون أساساً لكتابة سيرته الذاتية•

ولم يكمل هذا المجلد (سيرته الذاتية) ونشر (فقرات عن حياتي الأدبية وآرائي) في سنة 7181 بعنوان (ترجمة أدبية Biographia Literaria) التي تعد الآن أكثر مصادرنا أهمية عن فكر كولريدج في مجالي الأدب والفلسفة•

إنه كتاب متماسك وواضح بشكل ملحوظ رغم أنه كتب غالبه خلال فترة قنوط وجزع بسبب إدمانه الأفيون وتراكم ديونه، وعدم قدرته على تقديم المال اللازم لتعليم أبنائه• لقد بدأ بالتبرؤ من علم النفس الترابطي associationis Psychology الذي كان مفتوناً به في وقت من الأوقات•

لقد رفض فكرة أن الفكر كله ما هو إلا نتيجة آلية (أوتومايتكية) للحواس (للإحساس)، فالإحساس - كما أصبح يعتقد - يعطينا مجرد مواد خامة تقوم النفس - التذكر، والمقارنة، والفردية المستمرة - بإعادة تكييفها لتصبح خيالاً خلاقاً وفكراً موجهاً ذا هدف، وفعلاً واعياً• فكل تجاربنا - واعية أوغير واعية - مسجلة في الذاكرة التي هي مخزن يستقي منه العقل - بوعي أوبغير وعي - المادة اللازمة لتفسير التجربة (الخبرة) الحالية، ولتنوير الخيارات الحالية (أي التي تعين الفرد على الاختيار من بين متعددات كثيرة) وهنا - بطبيعة الحال - نجد كولريدج يتبع خطى كانط Kant

إن الشهور العشرة التي قضاها في ألمانيا لم تحوله فقط من شاعر إلى فيلسوف وإنما من جبري determinist كإسبينوزا Spinoza إلى نصير لحرية الإرادة مثل كانط free - will Kantian وهنا اعترف اعترافاً كاملاً بدينه (المقصود اعترف لمن هو مدين له بفكره الجديد) كتابات الحكيم المشهور حكيم كونيجسبرج Konigsberg أكثر من أي كتابات أخرى، تلك الكتابات التي كانت في وقت من الأوقات قد أنعشت تفكيري ونظمته(48) ومن أفكار كانط Kant تقدم كولردج إلى فكرة فيشته Fichte عن النفس وإعلاء مقامها باعتبارها الحقيقة الوحيدة المعروفة بشكل مباشر، ومن ثم جاس خلال أفكار هيجل (الديالكتيك الهيجلي) بين الفكرة ونقيضها، والوحدة بين الطبيعة والنفس، إلى أفكار شلنج Schelling عن خضوع الطبيعة للنفس أوتبعيتها لها، باعتبارهما - أي الطبيعة والنفس - وجهان لحقيقة واحدة إلا أن الطبيعة - على أية حال - تعمل بلا وعي، بينما يعمـل العقـل بشـكل واع ويصـل إلـى أسـمى درجات التعبير من خلال الخلق العبقري الواعي• لقد اقتبس كولريدج بانطلاق كامل من شلنج Schelling إلا أنه غالباً ما كان يهمل ذكر مصادره(85)• لكنه اعترف بشكل عام بمن هو مدين لهم بأفكاره وأضاف قائلاً : بالنسبة إلي يكفيني سعادة وشرفاً إن نجحت في نقل فكر شلنج بشكل واضح إلى أهل بلدي(68)•

والأحد عشر فصلاً الأخيرة من كتابه الآنف ذكره (ترجمه أدبية •• Biographia) تقدم مناقشة فلسفية للأدب باعتباره إفرازا للخيال، وقد ميز بين الوهم fancy والخيال، فالوهم فانتازيا (أو خيال جامح) كما في حالة حورية الماء (المخلوق البحري الذي له جسد امرأة ورأس سمكة) بينما الخيال (كتب كولريدج الكلمة بحروف كبيرة slash كابيتال هكذا IMaGINaTion) فهو توحيد واع بين أجزاء لتشكل كلا جديدا كما في حالة حبكة الرواية، وتصنيف كتاب، وخلق عمل فني أو صياغة نتائج العلوم في نسق (نظام) فلسفي• هذا التصور (أو الإدراك) يصبح أداة لفهم - ونقد - أي قصيدة أو كتاب أو رسم أوسيمفونية أو تمثال أو عمارة؛ إلى أي مدى استطاع الشاعر أو الفنان أن يجعل مكونات عمله متناسقة أو بعبارة أخرى إلى أي مدى استطاع أن يصل بين الأجزاء بالأجزاء الأخرى المرتبطة بها أو ذات الصلة بها، لتحقيق معنى العمل ككل ولتجعله متماسكاً في كل واحد؟ إلى أي مدى نجح المنشئ في هذا وإلى أي مدى فشل؟ وفي هذه الصفحات قدم لنا كولردج الأساس الفلسفي للحركة الرومانسية في الأدب والفن• وقد أنهى كتابه الآنف ذكره بنقد حاد لفلسفة وردزورث، وطريقته الشعرية• هل حقيقة أن أسمى فلسفة في الحياة يمكن أن يجدها المرء في طرائق التفكير عند أبسط الناس؟ أحقا أن لغة هؤلاء البسطاء هي أفضل وسيلة شعرية؟ أليس هناك فارق جوهري بين الشعر والنثر؟ في كل هذه النقاط وجه كولردج نقده لوردزورث بشكل دمث لكنه حاد ومؤثر• وانتهى أخيرا بما يفيد ولاءه وتقديره لحكيم جراسمير كأعظم شاعرمنذ ميلتون(78) Milton•



حكيم الهايجيت 1816 - 1834


في أبريل سنة 6181 كان كولريدج قريبا من الأنهيار الجسدي والنفسي وهو في الثالثة والأربعين، وفي هذه الأثناء استقبله د• جيمس جيلمان James Gillman كمريض في هايجيت بلندن، وكان كولريدج في هذه الأثناء يتناول ما وزنه باينت Pint من اللودانيوم (مستحضر أفيوني) يوميا• وقد وصفته سوثي Southey في نحو هذه الفترة بأنه كان كزوج هائلا كمنزل• لقد أصبح متحنياً غير متماسك، وأصبح وجهه شاحبا منتفخا مترهلا وأصبح ينهج (قصير النَّفَس)، وأصبحت يداه واهنتين مرتعشتين لا يستطيع إلا بالكاد أن يرفع كوباً إلى شفتيه(79) وكان له بعض الأصدقاء المحبين له مثل لامب Lamb ودي كوانسي De Quincey وكراب روبنسون Crabb Robinson لكنه قلما كان يرى زوجته وأولاده• وربما كان الطبيب الشاب قد سمع أن بايرون Byron ووالتر سكوت Scott قد اعتبرا هذا الإنجليزي المكسور أعظم رجال الأدب الإنجليز(89)• وعلى أية حال فقد كان من رأي هذا الطبيب أنه يمكن إنقاذ كولريدج - فقط - بالمداومة على العناية الطبية به والإشراف عليه، فأخذه إلى بيته (أي بيت الطبيب) بموافقه زوجته (زوجة كولردج) وأطعمه واعتنى به وعالجه، وظل تحت إشرافه إلى أن مات•


لقد استعاد كولريدج نشاطه العقلي بشكل مدهش، ودهش الطبيب لاتساع دائرة معارف مريضه وثراء أفكاره وألمعية حواراته ومناقشاته التي فتحت أبوابه لعدد كبير من الشباب وكبار السن اعتبروا هذا الملاك المحطم ذا تأثير كبير وذا فطنة، ولحديثه مذاق خاص رغم أنه قلما يلتزم الوضوح الكامل والنظام المنطقي الصارم • ولازالت متفرقات من هذه المناقشات المدونة في (الحوارت Table Talk) تبرق تألقا: كل إنسان ولد أرسطيا أو أفلاطونيا إما أن تكون لنا أرواح خالدة، أو لاتكون• فإن لم تكن لنا فنحن دواب، دواب من الدرجة الأولى أو دواب حكيمة أو أحكم الدواب ليس هذا مهما، المهم أننا بدون أرواح خالدة نكون دواباً (بهائم) حقيقية(99)• ولم يكن يرضيه أن يكون من بين أحكم الدواب• وكلما اقترب من الموت كان يبحث عن راحته وسلواه في أحضان الدين، كما لو كان يريد التأكيد من صفقته فقد اعتنق الدين (المسيحي) في أقصى درجات سلفيته (أورثوذ كسية) المعروفة - ممثلة في كنيسة إنجلترا باعتبارها ركيزة الاستقرار والأخلاق في إنجلترا والتي لها الدوام للأبد• وقد قدم في مقاله عن دستور الدولة وكنيستها الدستور والكنيسة باعتبارهما ثنائيا ضروريا لوحدة الأمة يحمي كل منهما الآخر(001)• وقد عارض هو ووردزورث التحرر السياسي للكاثوليك البريطانيين على أساس أن قوة الباباوية ستعرض الدولة للخطر بازدياد تنازع الولاء بين الوطنية والدين• وقد أخذ الجانب المحافظ حتى كبر سنه• ففي سنة 8181 أيد روبرت أوين Robert Owen والسير روبرت بيل Peel في معركتهما لفرض قيود على تشغيل الأطفال، لكنه في سنة 1381 عارض مرسوم الإصلاح Reform Bill الذي كان سيؤدي إلى كسر هيمنة التوريين (حزب المحافطين) على البرلمان، وعارض إلغاء الرق في الهند وجزر الهند الغربية(101) وكان هو من درس العلوم وأيد العلم - أكثر من غيره من الفلاسفة، ومع هذا فقد رفض فكرة التطور وفضل على حد تعبيره التاريخ كما أجده في الكتاب المقدس(201) وفي النهاية استسلم ذكاؤه الرحب ورؤيته البعيدة المدى لآلام جسده وما اعترى إرادته من اعتلال، واعتراه خوف شديد من أي تغيير في السياسة أو العقيدة الدينية• وكان يفتقد الصبر والدأب لتأليف عمل متكامل مترابط، ففي السيرة الأدبية Bigorophia Literaria (7181) أخبرنا عن عزمه على كتابه اللوجوسوفيا Logosophia كعمل كبير يلخص فيه العلم والفلسفة والدين ويربط بينها، لكن كل ما سمح له به بدنه وروحه هو خليط غير مترابط مشوش وغامض• لقد أصبح هذا هو حال العقل الذي وصفه (في وقت من الأوقات) دي كوينسي De Quincey بأنه أرحب عقل بشري وأكثر العقول دقة وفهما(301)• وفي يوليو سنة 4381 بدأ كولردج وداعه للحياة• إنني أموت، لكن دون أن أتوقع راحة سريعة••• هوكر Hooker رغب العيش ليُنهي كتابه الحكومة الإكليريكية - كذلك أنا أرغب أن تمهلني الحياة ويكون لدي القوة لإكمال فلسفتي، لأنني - والله يسمعني - عزمت وصممت في قلبي على السمو باسمه الجليل كما أهدف - بعبارات أخرى - للرقي بالبشرية• لكن المرء يريد والله يريد والله فعّال لما يريد، وما أراده الله كان وما لم يرده لم يكن(401) ومات كولريدج في 52 يوليو 4381 في الثانية والستين من عمره• وصدم وردزورث لرحيل أفضل من عرفهم وقال لامب Lamb الصديق الصدوق لكليهما إن روحه العزيزة والعظيمة تلبَّستني(501)•

قديم 12-26-2010, 12:04 AM
المشاركة 7
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
سلام الله على الأستاذ الفاضل
الأخ القدير أيوب صابر

لا أملك لك سوى الشكر من القلب والتقدير للاهتمام
ولهذا الإضافة القيّمة التي سبقتني بها
كنت سأنجزها اليوم فكان لك السبق
وبعد هذه الإضافة تستحق
التثبيت
فائق امتناني على ما تقدمه لمنابر الخير من جهود
دمت متألقاً دائماً مؤطراً بالجوري والياسمين

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)
قديم 01-01-2011, 02:34 PM
المشاركة 8
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

يلاحظ أن الثلاثة الأصدقاء هنا عاشوا طفولة مأساوية بتفاوت ونجد أن عبقرية كل واحد فيهم تتلائم مع حجم فجائعهم.


صموئيل كولريدج يستحق أن يدرس بعمق خاصة أن في تراثه الأدبي وما كتب من سيرة يشير بصورة أو بأخرى لمثل تلك العلاقة التي زعم أنها توجد بين الطفولة وأحداثها وعبقرية الكاتب.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: قصيدة للشاعر ساموئيل تايلور كُولَرِيج Samuel Taylor Coleridg
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تشطير قصيدة (أحبك) للشاعر نزار قباني محمد عزالدين منبر الشعر العمودي 0 01-27-2015 03:37 PM
قصيدة التأشيرة للشاعر المصري ( هشام الجخ ) ناريمان الشريف منبر ديوان العرب 16 08-09-2011 12:31 AM
ثورة ُقلب .. قصيدة للشاعر باور رقية صالح منبر الآداب العالمية. 4 01-23-2011 10:42 PM
قصيدة وين ألكاك؟للشاعر كاظم الفضلي أميرة الشمري منبر الشعر الشعبي والمحاورات الشعرية. 3 12-18-2010 07:17 PM

الساعة الآن 02:46 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.