احصائيات

الردود
7

المشاهدات
4507
 
عبدالحكيم ياسين
فنان وأديـب ساخر سوري

اوسمتي


عبدالحكيم ياسين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
155

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Sep 2007

الاقامة

رقم العضوية
3999
11-09-2010, 01:04 AM
المشاركة 1
11-09-2010, 01:04 AM
المشاركة 1
افتراضي الثقة الغالية
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

-الثقة الغالية:
قد تستغربون الحكاية.. وقدلاتقبلون الرواية .. و يصعب عليكم أن تصدّقوا أنّ
صوت الحمار كان من أجمل الأصوات..وأن تغريده كان يزيّن الأمسيات ..
وأنّه كان مفتوناً بصوته أيّما افتتان ..ومعتزّاً بذلك على سائر الحيوان ..ولكنّه
كان ضعيف البنية هزيل الجسد.. لايقوى على حمل نفسه إن لم يساعده أحد ..
ولأنّه كان بالغ الطموح شديد الصبر..فقد ركّزكلّ جهوده لتجاوز ذلك الأمر..
وتدرّب طويلاً على حمل الأثقال ..وتمرّس بفنون نقل الأحمال.. حتّى أصبح
أكثر اعتزازاً بمهاراته الجديدة..من اعتزازه بأغانيه العتيدة...ولم يعد ينقصه
بعد استشعارها .. غير اختبارها واستثمارها ..وذات يوم وبعد أن تعشّى ..خرج إلى الطريق يتمشّى..
فرأى بدويّاً تبدوعليه النعمة ..وتلوح في عينيه دلالات الهمّة ..
فاستبشر في ذلك الخير..ولم يتوقّع أيّ ضير.. ولم يكد البدويّ يرى الحمار حتّى أظهر كلّ اهتمام..
وبادرإلى ما يرضيه من احترام ..وعرض عليه أن يحقّق له ماشاء من أحلام..
مقابل أن ينقل له هذا الأخير بعض المتاع..من مخزن في تلك البقاع.. إلى بيت قريب
مخصّص للترحال.. ومعرّض في كلّ لحظة للحركة والانتقال ..وتردّد الحمار
للحظات..وأطلق بعض الزفرات.. يريد إبرام اتفاق عادل..ويحاول تفادي المشاكل ..
ولكن البدوي الشديد الثقة بنفسه قال له : لي الشرف العظيم ..ياسيّدي الكريم..
أن أمنحك ثقتي مدى الحياة..في زمن قلّ فيه الثقات ..
راجياً ألا يخيب بك ظنّي ..في حمل همّي عنّي ..ولك أجمل الوعود منّي..
وماأحسبني أجد خيراً منك لإنجاز المطلوب.. ولا أقدر على تحقيق المرغوب ..وفي مظهرك مايدلّ
على كلّ نزاهة وطهر..وفي أنفاسك رائحة العزيمة والصبر..
ولم ينتظرمن الحمار إجابة سريعة.. بل أهوى على كتفه بعصاه
الرفيعة.. التي لم تقع بغلظة وعنف.. بل فعلت فعلها بكل رقّة وظرف ..
ونزل المديح السخيّ على نفس الحمار .. كالثلج في أيّار ..فبرّد قلبه الحارّ..
وأغراه بتجربة الطاقات الظامئة للانفجار ..
وهزّ رأسه بالموافقة ..ولاقى البدويّ بالمعانقة ..وسارع هذا إلى اعتلاء ظهره
بحجة أنّه سيدلّه على طريق المنزل ..ثمّ أمسك بشعره بذريعة الخوف من السقوط المخجل..
ولم يكن ذلك بشيء عند الحمار ..طالما لم يترافق بالسباب والانتهار..ولم يختلط بالهزء والاحتقار ..
و بدت على البدوي كلّ دلائل الفخر والظفر برفيقه الجديد ..وسنده الذي سيوصله إلى مايريد..
ثمّ شرع الراكب يغنّي بصوت مزعج ..وبلحن غير مبهج ..والحمار المرهف الآذان ..الخبير
في مجال الألحان ..ينتظر الفرصة لإظهار مواهبه الخفيّة ..وإسماع ألحانه الشجية ..
ولكنّ البدويّ استمع إلى نفسه دون ملل ..ولم يوقفه سوى عطسه الذي كان يفرغ منه على عجل ..
ثم يعود ليكمل أنشودته بلا انتهاء ..مجبراً بذلك مركوبه على الإصغاء..
وبعد مسير طويل متعب .. لاحت لعينيّ الحمار خيمة كالمركب..تهزّها الرياح ..
وتسندها من الخشب بضعة ألواح ..مع حبال غليظة صفراء ..وأحجار كبيرة ملساء ..
وعلى بابها وقف فتى أسمر..ذو أنف شامخ .. ونظرة أبيّة قاسية ..
وسرعان ماصاح البدوي بالفتى ..يأمره بالاعتناء بالرفيق الموثوق به ..المأمول منه نقل
المتاع إلى المكان المختار ..الذي يبعد مسيرة نصف نهار ..وغفا الجميع يحلمون ..
بما يحبّون أن يكون ..وعندما طلع النهار ..وضع البدوي المتاع المراد كيفما اتفق..
فوق ظهر الحمار المسكون بالقلق ..وطلب منه أن يطيع ولده الوحيد..
ويسير معه إلى الموضع المفترض للبيت الجديد..وسار الاثنان معاً يتبادلان عبارات المودّة ..
ويتجاهلان مافي الطريق من مشقّة وشدّة ..إلى أن قطعا نصف المسافة ..وأحسّا بالتعب ..
واحتاجا للراحة ..وقرّرا ان يلوذا بظلّ صخرة كبيرة ..ريثما يستعيدا نشاطهما .. ويصيبا
بعض الطعام والشراب .. وحالما شرعا بالاستعداد لذلك ..لاح لهما شبح البدويّ يركض
صوبهما وهو يلوّح بيديه بحماس طالباً منهما الإسراع إليه ..وقد فعلا ذلك .. وهما متعجّبان ..
قلقان ..إلى أن لاقياه وشرح لهما الأمر ..لقد غيّر رأيه ..فيما يخصّ موضع بيته الجديد ..
وقرّر البقاء في القديم مع تعديلات في الارتفاع..وتبديل لبعض المتاع.. فسيزوره فيه الشيخ كعبول ..
ولذلك يلزم الإسراع في الوصول ..وإنزال وترتيب الأحمال..ثم الاستعداد للاستقبال ..
وبدت العودة السريعة صعبة على الحمار ..ولم يستطع منع نفسه من الاستنكار ..ولكنّ البدويّ ذكّره
بالثقة الغالية التي منحه إياها ..وقال :أنت أهل لكل مكرمة وجدير بكل مأثرة وستنجز ذلك
في الوقت المحدد بالتأكيد .. فأنا لم أرأبرع منك ولم ألتق بمن هو أوفى ولا أجدر بالثقة ..
قال له الحمار :أحاول ..ولكن قد تسقط بعض الأمتعة بسبب السرعة وقد تتكسر بعض الأواني ..
قال البدوي: لاتوجد مشكلة ..أنا أثق بك ..ومهما بلغت الأضرار ..ستنجح في الاختبار ..
وستقهر المصاعب ..وتنجز الواجب..وانطلق الحمار مع الولد الذي بدا متوترا وقد فارقه الأدب واللطف ..
وهجره الودّ والظرف ..حتّى إنّه في لحظة من اللحظات غضب وأهوى على ظهر الحمار
بعصاه التي يتوكأ عليها فانكسرت فزاد غضبه وسبّ وشتم .. وكاد الحمار يلقي الأحمال
على الأرض ويشرع في الركض .. لولا أن همس لنفسه قائلاً: إن هو إلا ولد جاهل ..
لايؤاخذ على ما يصدر عنه من رذائل ..وغداً يعتذر ويتوب .. عندما يرى كيف أنجزنا المطلوب ..
وسارا بسرعة ودأب حتّى كادا يصلان ..في الوقت المحدّد ..
ولكنّ الحمار ذهل عندما لاح له شبح البدويّ يلحق به ويشير له أن يتوقّف..
ويأمره أن يتلطف ..فثمة أحمال جديدة منسيّة في القرب ..تحتاج إلى جلب .. وكاد الحمار ينهار ..
ويتخلّى عن الوقار .. لولا أن ذكّره البدويّ بثقته به التي لاتنكر .. وسقاه من يده
الماء المحلى بالسكّر ..مما بعث عند الحمار الأمل..وجعله يعود إلى العمل..
يحاول مسابقة الزمن ببذل جهد مضاعف ..والفتى يمتدح
مهاراته ويثني عليه..ويركض إلى جانبه ناظراً إليه..ولكنّه تعثّر ببقايا موقد ..
وراح يصرخ ويستنجد ..ويرجو الحمار أن يحمله فوق المتاع ..ولايتركه
للسباع ..واضطرّ الحمار للاستجابة والإذعان ..وفي داخله
يحتقن ألف بركان ..إلّا أنّ الطموح للفوز .. والرغبة في النجاح ..دفعتاه
للصبر والاحتمال ..والانطلاق في استعجال ..حتى لاح له مع طلوع الفجر..
شبح البيت الناتيء كالقبر ..واستبشر بتحقيق النصر ..ولكن الفتى المتعب ..
كان قد غفا على ظهره وارتخت يداه ..فسقط على قفاه وأفلتت منه بقاياعصاه ..ووقف الحمار
محتاراً .. لايعلم ماذا يفعل..
وفي تلك اللحظة ظهر البدويّ من بعيد ..وشاهد المنظر الفريد .. فظنّ الظنون ..
واستبدّ به الجنون ..فراح يسبّ ويشتم..وهمّ بأن يهجم ..لولا
أن بيّن له ولده الأمر ..وأفهمه ماحدث بالضبط ..فهدأ وسكن ..وظهر الندم في عينيه ..
ممّا أجبرالحمارالمهان.. على الصفح والغفران ..ونسيان ماكان ..وهمّ بالاستمرار في التسيار ..
لولا أنّ البدويّ استوقفه من جديد وقال اعلم أيّها الصبور العنيد:
إن موعد زيارة الشيخ قد تأجل..ممّا يتيح لي فرصة اختيار
موقع أفضل.. لبيت المستقبل..يكون أمنع وأجمل ..
وحبذا لو كان قريباً من ماء السدود ..بعيداً عن البعوض..
مشرفاً على المكان .. تصعب مشاهدته بالعيان ..
تدخله الشمس وتخرج منه بيسر ..ولكن في غير أوقات الحرّ..
وتتخلّله النسائم كلّ مساء ..ولاتخرقه العواصف الهوجاء..
بارد في الصيف دافيء في الشتاء..ملتصق بالأرض قريب من السماء ..
يختاره لي حكيم مثلك موثوق محترم ..ولكن ويله إن أخفق أو انهزم ..
عندها يكون قد خان الثقة الغالية بشكل جليّ..واستحقّ ألّا أفي بما له عليّ..
ونظر الحمارالمكدود.. إلى البدوي الذي سبقت منه العهود..
وسلفت منه الوعود ..وهاهو ذا يقرنها بالمستحيل المستحيل ..
وقد همّ الحمار بقول ما يشفي الغليل.. لكنه فقد السيطرة وخرج من فمه صوت ماله مثيل ..
اختلط فيه الألم بالغضب .. والسخط بالعجب .. وانفجر كلً ذلك الركام العتيق ..
معلناً مولد شيء اسمه النهيق ..ولأنّ أحداً لم يعلم ..ولم يرد أن يفهم..لماذا ومتى وكيف ؟
وقع ماوقع من حيف..فما زال الأمر يتكرّر ..ولاشيء على مايبدو سيتغير..
فالمهارات لم تستخدم لفائدة .. والمعاملات لم تخضع لقاعدة ..
وكأنّ كلّ من لايملك هالك ؟..وكأنّه خلق ليكون ألعوبة بيد المالك ؟..


-------------

مع تحيات عبدالحكيم ياسين


قديم 11-09-2010, 10:40 PM
المشاركة 2
طارق الأحمدي
أديــب وقاص تونسي
  • غير موجود
افتراضي
الكاتب : عبدالحكيم ياسين

استمتعت فعلا وأنا أتتبع أحداث هذه الحكاية الطريفة من حيث المبنى والمغزى


لقد تراكمت الهموم على صاحبنا الحمار حتى نسي صوته الجميل ..


لقد كان نهيقه زفرة من ربط نفسه بالمواثيق والعهود التي كبّلته وجعلت منه عبدا بعدما كان سيد نفسه


ظن أن في سعيه لإرضاء الغير يكمن نجاحه لكن نسي أن ثقته ما هي إلا بداية لسقوطه في فخ التبعية


يمكن أن نسقط أحداث الحكاية على مجريات واقعنا وتبعيتنا للغير وتسليمنا لأمورنا يسيرها من ظننا أنه


يرعى مصالحنا

الأخ الكريم : عبد الحكيم


لقد كنت حكيما في سرد القصة


فقط عندي احتراز على الفقرة الأخيرة من النص فهي تشوه جماله وتفضح مغزاه ومعناه


هو رأي لا غير


ولكم سديد الرأي

ودمت بود دائما


قديم 11-09-2010, 11:39 PM
المشاركة 3
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

الأديب الكريم عبد الحكيم ياسين المحترم

أقرأ لك للمرة الأولى . . وقد استمتعت فعلاً . .
قصتك متكاملة . . متابعتها ممتعة . .
ومن يظن أن هذا الأسلوب من القص سهل . . فليجرب . .
أنتظر جديدك . .

تقبل تحيتي وتقديري . .
دمت بصحة وخير . .

** أحمد فؤاد صوفي **

قديم 11-11-2010, 01:48 PM
المشاركة 4
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كثير من الناس يستغلون كامل ما نملك بدعوى الثقة الغالية
هذه ثيمة مهمة عرضها النص الرائع بالاضافة الى ثيمات اخرى لا تقل عنها اهمية
استمتعت جدا بقراءة هذه القصة المتقنة و المتميزة من حيث السرد و اللغة
أ. عبد الحكيم ياسين
تحيتي لك دوما

قديم 11-11-2010, 04:20 PM
المشاركة 5
جميل عبدالغني
أديب سعـودي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبد الحكيم ياسين
حقيقة قصة مشوقه رغم طولها لم أحس بالملل
لها أهداف وعبر
سعدت كثيرا
دمت بود وآآآلق

قديم 11-12-2010, 08:45 AM
المشاركة 6
عبدالحكيم ياسين
فنان وأديـب ساخر سوري

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الكاتب والأخ الكريم طارق الأحمدي
قراءتك للنص رائعة..حيث ذهبت فوراً إلى اعتبار
أن الواثق الحقيقي بالآخر ليس البدوي وإنما الحمار
الذي أضناه همّ سيده الذي يزعم الثقة به تلك الثقة المهتزة
المشروطة بالخضوع لمتطلبات متزايدة يحكمها المزاج ولاتراعي
محدودية القدرات ولانفاد الطاقات .. وسررت بالغ السرور
بتعبيرك عن رأيك .. ويسعدني أن أقرأ حروفك العاطرة في
متصفحي دائماً .. لك كل الشكر على ماكتبت وكل الشكر
لأنك قرأت .. وعيد أضحى مبارك لك ولكل من قرأ وكتب
في هذه الصفحة ولمنتديات منابر المتميزة ..
ودمت بكل خير ..مع خالص الود..

قديم 11-23-2010, 10:53 AM
المشاركة 7
عبدالحكيم ياسين
فنان وأديـب ساخر سوري

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الأديب الكريم أحمد فؤاد صوفي المحترم
سرني حضورك أيّما سرور ..وإنه لشرف أن
أحظى بثنائك العاطر الصادق .. لك كل الشكر والتقدير ..
وأسأل الله لي ولك دوام الصحة والعافية ..
دمت بخير ..في حفظ الله ورعايته

قديم 12-01-2010, 01:14 AM
المشاركة 8
عبدالحكيم ياسين
فنان وأديـب ساخر سوري

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قراءة واعية ..وثناء أنت أولى به..
أ.ريم بد الدين ..أشكرك ..
وأعتز بحضورك ..
دمت بكل خير ..


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: الثقة الغالية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأرصفة العالية غادة باكير منبر القصص والروايات والمسرح . 4 06-16-2020 06:28 PM
الثقة بالنفس ماري الكرخي منبر الشعر العمودي 0 09-08-2014 01:57 PM
الثقة العمياء بالآخرين .. (فيديو) سلمان يوسف المقهى 0 08-22-2014 09:55 AM
لو خاصمتني ..إهداء لزوجتي الغالية أشرف حشيش منبر الشعر العمودي 6 02-27-2014 09:05 PM

الساعة الآن 05:15 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.