يا تلك النِسمة قاسية أنتِ ...



تأخذينني إلى بلاد اليباس وتطيحين بي زهرة جف بها الرحيق ، فهجرتها الفراشات وتنكرت
لربيع كان يحضنها وصباح كان يزهو بها ، وحبات من طل بلون الصفاء تُقبل خدها الزاهي كل يوم
فتثمل حتى المساء ..
هل علي الآن أن أعتاد تلك البلاد مع قحط الحياة واضمحلال عذوبتها ، هل علي أن أموت قبل الموت
وأعتاد يباس الغصن ولونه الدامس ، كليل غاب قمره ، معلنا استقالته بعد رحلة مضنية مع النجمات ، وحب منها أرقه حتى استحال البقاء ..
يا تلك النسمة لم جعلتني أنعم بملمسك الناعم وبمداعبة حظيت بها كثيرا من الليلات المقمرة وكثيرا من صباحات خضبتها أنت بعبق من زهرات الحبق !!
لم عليك الآن أن تنقلينني من روضات أدمنتها إلى قفر سوف يقتل في روحي الحياة ..
كنت قد اعتدت القفر واعتدت رياح الجفاء من حولي وعودت قلبي على عيش في ظلال الحياة وانتظرت نهاية الدرب كأم تنتظر الخلاص من مولود استمرأ عذابها وأخذ بمعاندتها بالوصول إلى برها الآمن والى نَفَس من أنسام الحياة ... تنتظره برغم الوجع كي تعيش فرحتها بصرخته الأولى ومن ثم فلتمت لو أراد لها القدر .. ..
لماذا ألبستني حرير الروح رقيق الملمس والآن تعيدينني إلى زمن باتت به الحياة مستحيلة..
أكان لزاما عليك فعل هذا ألم يكن باستطاعتك المرور من جانب تلك المساحات المقفره دون المساس
ودون ايقاظ الزهور الذابلة !!!
قاسية أنت برغم كل ما تحملينه من طراوة ونقاوة ونعومة نعم قاسية أنت ..
والآن أدركت حقا أنك ما كنت سوى حلم حملني من دنيا إلى دنيا ....
ومن ثم فاجأه النهار فهرب إلى حيث لن يراه أحد ...ولن تؤرقه الذكريات


في لحظة وجع ...