احصائيات

الردود
2

المشاهدات
11254
 
نصيرة زوزو
من آل منابر ثقافية

نصيرة زوزو is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
3

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Mar 2009

الاقامة

رقم العضوية
6415
10-02-2010, 01:56 AM
المشاركة 1
10-02-2010, 01:56 AM
المشاركة 1
Post سيمياء الشخصية في رواية حارسة الظلال
سيمياء الشخصية في رواية حارسة الظلال

تعد الشخصية« العمود الفقري في الرواية و الشريان الذي ينبض به قلبها؛ لأن الشخصية
تصطنع اللغة و تثبت الحوار و تلامس الخلجات، و تقوم بالأحداث و نموها و تصف ما
نشاهد».(1
)
فهي تشكل دعامة أخرى للعمل الروائي، و هي ركيزة هامة تضمن حركيـة النظام العلائقي
داخلـه. وقد تعددت الكتابات حولها، وذهب النقاد مذاهب متباينـة بخصوص بنيتـها و
فعاليتها في الخطاب السردي
.
ويمكننا الإشارة بدءا إلى أن مجمل شخصيات رواية "حارسة الظلال"
للأعرج واسيني تنتمي إلى الشخصيات الاجتماعيـة؛ أي إنها تدخل ضمن الفئـة المرجعية التي
حددها "فيليب هامون"، الذي تُعزى إليه أفضل الدراسات حول الشخصية الروائية
.
و يعتبر حسن بحراوي أن أغنى التيبولوجيات الشكلية تعود إليه في دراسته المتميزة
حول القانون السيميولوجي للشخصية.و قد حاول هامون أن يستفيد من دراسات سابقيه،
واعتبر مفهوم الشخصية مرتبطا أساسا بالوظيفة النحوية التي تقوم بها داخل النص(2)
وصنف الشخصيات إلى ثلاث فئات هي: الشخصيات الإشارية، والشخصيات الاستذكارية،
والشخصيات المرجعية، التي تضم الشخصيات التاريخية، والأسطورية، و المجازية،
والاجتماعية.(3
)
إن أول ما يلفت انتباه القارئ عند قراءته للعنوان الفرعي لهذه الرواية إحالته
المباشرة على رائعة الأديب الإسباني "سرفانتس"إنه اسم "دون كيشوت
". و في هذا الصدد نعود إلى
حديث "هامون" عن الشخصية بوصفها دالا حين « تتخذ عدة أسماء أو صفات تلخص
هويتها ».(4
)
فالروائي يحاول وضع أسماء منسجمة و مناسبة لشخصياته، بحيث تحقق للنص مقروئيته
وللشخصية احتماليتها و وجودها، و بمقدوره أن يطلق عليهم ألقابا مهنية، أو أن
يعينهم بألفاظ القرابة، كما بوسعه تسميتهم نسبة إلى مواطن إقامتهم، أو أن يطلق
عليهم صفات أو عاهات تميزهم أو تجعلهم مختلفين عن غيرهم، أو يضع لهم أسماء مجازية
أبعد ما تكون في الدلالة عليهم، أو قد يستعيض عن كل ذلك باستعمال الضمائر النحوية
المختلفة.(5
)
فالأسماء إشارات سيميائية دالة على جوهر الشخصيات، بحيث تسهم في تعميق وجودها
الفني، واسم "دون كيشوت" يحيل القارئ مباشرة إلى ذلك الفارس الجوال مسكون
بحب المغامرة، وهو يمثل المثل الأعلى الساعي إلى خير الإنسانية، لكنه يصطدم بواقع
كالح، فينتهي إلى الإخفاق والفشل
.
لقد كان "دون كيشوت" يشعر بالعزلة و القلق و انفصال بينه و بين
المجتمع، و يرى أن قيمه أصيلة و قيم المجتمع فاسدة و يريد تغييرها
.
و في كل هذا تطابق مع شخصية "دون كيشوت" حارسة الظلال، الذي قرر
خوض غمار مغامرة تقوده إلى مناطق عدة كانت الجزائر أبرز محطاتها، ليمنى في نهاية المطاف
بطرد إجباري، قبل توديع مرافقه على الأقل، و بعد أن أصيب بالحزن و الأسى و المرارة
حين تبددت كل الصور الجميلة التي رسمها في مخيلته، و تكشفت له الصور الواقعية و
الحقائق عارية أمام عينيه. ملامح مأساوية و وجه فجائعي و واقع مزري متفسخ
.
فكلا الشخصيتين صاحب مشروع و هدف معلنين، ونموذج مخفق، و ما قام به كل واحد
منهما من مغامرات مثيرة للسخرية، يحمل في طياته انتقادا لاذعا لعصر سادت فيه
التناقضات و كل أشكال الزيف
.
و قد نجد إلى جانب كل ذلك محاولة تقريب جزء من الملامح الخارجية لشخصية "دون كيشوت" في
'حارسة الظلال" (الطول خاصة) مع شخصية "دون كيشوت
" السرفانتسية، و يتجلى ذلك
في الوصف التالي للراوي: « كانت عظام دون كيشوت بارزة من تحت معطفه الأبيض قامته
الطويلة، التي تحاذي المترين(...) ظهره انعكف في الأعلى تحت ثقل الحقيبة الظهرية
التي لم تكن مملوءة ».(6
)
و قد ورد في رواية "دون كيشوت" مايلي: « وكان سيد يعيش في ناحية
من نواحي منطقة لا مانتشا من بلاد الإسبان، وكان هذا النبيل الملقب بكيخاد أو كيسادا
أو كيخانا على أرجح الآراء في الخمسين من عمره أو دونها قليلا، وكان طويلا، معروق
الجسم » .(7
)
كما قد يكون استخدام الراوي للون الأبيض في تحديد لون المعطف، رمزية تعبر
عن الطهر والصدق والنقاء
.
و إذا كان "صانشو دي بانصا" مرافق دون كيشوت السرفانتسي في
رحلاته، فإن الراوي"حسن" أو "حسيسن" مرافق دون كيشوت بالجزائر
في رواية "حارسة الظـلال"، و قد يحمل اسم هذه الشخصية دلالات عميقة، ف«
الحُسن ضد القبح.حَسُن يَحسُن:جمل (..) فالحسن هو الشجر لحسنه، و الحسن هو كل شيء جميل
».(8
)
فكأن الروائي يضع اسم هذه الشخصية؛ بغية وسم أفعالها و طبع دخيلتها بكل ما هو
جميل و خيّر و ممدوح، انطلاقا مما يحمله هذا الاسم من معاني و مدلولات جميلة،
ليضعه إلى جانب ذلك ضمن صورة مخالفة و مناقضة لبقية الشخصيات المعارضة،التي نقصد
بها حسب النموذج العاملي لغريماس الشخصيات التي تعمل على عرقلة الذات(وهي دون
كيشوت هنا) إلى الموضوع (خوض مغامرة جده سرفانتس نفسها
).
و هذه سمة تطبع عالم الرواية ككل، حيث إن جميع الشخصيـات تخضع لنسق ثنائي أخلاقـي
و اجتماعي، فهناك حيز يضم الشخصيات الخيرة المثمنة إيجابيا من لدن الروائي، و هناك
حيز آخر يضم الشخصيات الشريرة، و تعبر كل واحدة منها عن طبقتـها، من خلال مـا
تبديـه من مـواقف و سلوكات و وظائف
.
و إذا استثنينا شخصيتي"دون كيشوت" و "حسيسن" و هما
بطلا هذه القصة، نعتبر ما تبقى من الشخصيات ثانوية تعمل هي أيضا على إبراز صورة
العمل بحسب ما يريد كاتبه، كما أن تعددها يؤكد على التضافر في نمو الأحداث
.
و يمكن أن ندرج في خانة الشخصيات المعارضة: الشرطي، و زكي، و مقدم، و توفيق،
و هي رمز البيروقراطية، إضافة إلى مايا، و رجلان بلباس عسكري، و صاحب النظارتـين
السـوداوين، و رجل بلباس أسود، و يمكن أن نلمس هنا وسمها باللون الأسـود الذي
يشـير إلى الحـزن و الألم و الموت، على خلاف ما تبدّت عليه عند "دون
كيشوت" آنفا
.
و جل هذه الشخصيات تأتمر بما يقوله رئيسها "المعلم" الذي لا
تُعرف حقيقته، فهو كما يوصف: « يشبه الظل تارة، وتارة أخرى مثل الزئبق، في كل مكان
وفي اللامكان، يسمع كل ما يقال في السر والعلن»(9).. إنه الرأس المدبرة، والذي لايمكن
أن تطوله الأيادي.و قد تُستر على ذكر اسمه الحقيقي، و تحرج من ذكره، و قد يكون
الخوف السبب الرئيس في ذلك
.
وتقف في الجانب الآخر شخصيات أخرى عملت على مد يد العون لدون كيشوت هي: بيدرو دي سيفي "وهي
شخصية إسبانية"، وكريم لودوك "سائق السيارة"،وشفيق، وقبطان السفينة
.
لقد عمد الروائي إلى إعطاء ألقاب مهنية لعدد كبير من شخصياته "الشرطي،
رئيس الجامعة، رئيس البلدية، سائق السيارة، سكرتيرة وزير الاتصال، المستشار، قبطان
السفينة، زجاج باب الوادي "؛ للدلالة على مكانتها ومستواها الاجتماعي
.
و يمكن أن ندرج أسماء أخرى مثل: شخصية وهيب و مستشاره، و شخصية
"حنة" جدة حسيسن الكفيفة. إنها الجدة العطوفة المشفقة على الذاكرة
الأندلسية الضائعة، و هذا ما يدل عليه اسمها حقيقة. هذه المرأة التي وجدت ضالتها
في دون كيشوت الإسباني، فراحت تخرج له خيباتها المختلفة
.
و يمكن أن نعتبر هذه الشخصية مرجعية، و عن ذلك يقول واسيني الأعرج: « في نصي
تفاصيل ذاتية و لكنها مقومة بتفاصيل روائية حتى تفقد هويتها(..)فحنا مثلا كانت
موجودة فعلا، إنها جدتي التي قبلها الموت منذ عشرين سنة خلت وأثرت في حياتي إلى
الأبد، لم تكن ضريرة(..)إذا كان عنصر السيرة الذاتية موجودا فقد انحرف عن دوره
الطبيعي كي يعانق دورا آخر يحيل إلى الأدب لا الحياة الخاصة، و بعيدا عن كل ذلك لم
أعمل أبدا بوزارة الثقافة، و لكنني مع ذلك كنت قريبا و قاب قوسين أو أدنى من
العاملين بها »

و قد يحدث هذا القول بلبلة في ذهن القارئ؛ لأنه في هذه الحالة قد يعمل على إحالة
شخوص أخرى على الواقع الراهن المعيش، و يترك للمتلقي مهمة البحث و التنقيب عن
حقيقة إحالتها على شخوص مرجعية
.
و قد يدعم هذا إجابة "واسيني الأعرج" نفسه حين سئل عن موضوع
التطـابق الموجود بين وقائع حقـيقية و أشـخاص حقيقيين و بين وقائع وشخصيات في الرواية،
إن كانت محض صدفة، بأنه على العكس من ذلك ، إذ يقول : « إن أي تشـابه إنما هو عن
قصد ».

لاشك أن أي روائي يجهد نفسه لإيجاد طريقة معينة في التعامل مع المادة التي يستقيها
من الحياة، ليؤسس عالمه الروائي على قاعدة مرجعية، و إن كانت في عمومها لا تحيل
على وقائع حقيقية، و إن كنا نلمس دوما خيطا رفيعا بينها و بين القصة المتخيلة،
خاصة في رواية مثل "حارسة الظلال" التي يمتزج فيها التخييل بالوقائع
امتزاجا جميلا
.
الهوامش:
1/ فهد حسين، المكان في الرواية البحرينية"دراسة نقدية"،فراديس
للنشر و التوزيع، 2003، ص 45.
2/حسن بحراوي، بنية الشكل الروائي"الفضاء،الزمن،الشخصية" ،المركز
الثقافي العربي،بيروت،الدار البيضاء،ط2، 1990، ص 213-216.
3/ سعيد بنكراد: سيمولوجية الشخصيات الروائية"رواية الشراع والعاصفة لحنا
مينة نموذجا"، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ط1، 2003، ص 110.
4/ حميد لحمداني: بنية النص السردي"من منظور النقد العربي"، المركز الثقافي
العربي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الدار البيضاء، ط 3، 2000، ص
51.
5/ حسن بحراوي، بنية الشكل الروائي، ص 247.
6/ واسيني الأعرج،حارسة الظلال"دون كيشوت في الجزائر"،منشورات
الفضاء الحر،2000، ص 23.
7/ ميغيل سرفانتس دون كيشوت، مراجعة/جوزيف إلياس، دار العلم للملايين، بيروت،
ط 3، 2000، ص 31.
8/ حسن نور الدين، الأسماء العربية معانيها و مدلولاتها، دار الكتاب الحديث،
ط1، 2002، ص 92، 93.
9/ الرواية،ص 179


oror
قديم 10-06-2010, 05:17 PM
المشاركة 2
احمد ماضي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي

الاستاذة نصيرة زوزو

نرحب بك من جديد وبقلمك وعودته الجديدة والمتجددة

شكرا لتواجدك وتواصلك الذي نتمنى ان يكن اكثر دسومة
وعني شخصيا انحني لهذه العلمية الادبية الرائعة الملمة
لك من القلب التحية




لا سواكِ يكبلني بالحُب

قديم 10-06-2010, 05:51 PM
المشاركة 3
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مرحبـًا بك ِ وأهلا ً

دراسة أدبيـّة وافية يا أستاذة
نصيرة

بوركت ِ وبورك َ فـِكرك ِ وأدبك ِ

تحيـّة ُ تقدير ٍ واحترام ~

~ ويبقى الأمل ...

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: سيمياء الشخصية في رواية حارسة الظلال
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سيمياء القصة القصيرة بختي ضيف الله منبر النصوص الفلسفية والمقالة الأدبية 4 12-20-2020 08:34 PM
من اعظم الروايات - رواية قلب الظلام the heart of darkness لجوزف كونراد - نظرة معمقة ايوب صابر منبر الآداب العالمية. 3 04-17-2014 08:47 PM
رواية"أسوار الظلام" خا لد عبد اللطيف منبر القصص والروايات والمسرح . 5 05-26-2012 11:51 PM

الساعة الآن 06:53 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.