احصائيات

الردود
2

المشاهدات
3793
 
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية

ريما ريماوي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
801

+التقييم
0.17

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
الأردن.

رقم العضوية
10476
10-11-2011, 02:20 PM
المشاركة 1
10-11-2011, 02:20 PM
المشاركة 1
افتراضي لن ننسى .. قصة بقلم: ريما ريماوي
كانت نادية خرّيجة الجامعة المتفوّقة بأوائل العشرينات، وتعمل مبرمجة للحاسوب في أحد البنوك
الأجنبيّة. ولا تتوانى عن العمل بعد ساعات الدوام الرسمية حين يتطلب عملها ذلك.



حسام الحارس في نفس البنك ويكبرها سنتين، تعوّد أن يحضر لها الشاي من صنع يديه. تدريجيا
تقوّت علاقتهما وصارا يستمتعان بشرب الشّاي معا. شجّعته على أن يكمل دراسته، وساعدته في
شرح ما استعصى عليه. ثمّ تقدم لامتحان الثانوية ونجح بامتياز أهلّه للدراسة في معهد الدراسات
المصرفيّة على نفقة البنك، وكان يحصل على أعلى الدرجات، هذا أهلّه للتجسير في الجامعة
وحصل على الشّهادة في زمن قياسيّ. هي أيضا تقدّمت في عملها بقفزات ملفتة.

خلال الفترة، بدأت تتغيّر عواطفه نحوها، وأصبح جلّ هدفه إسعادها. مع حرصه على سمعتها،
لكنّه لم يجرؤ أن يصارحها، بسبب تباين مركزهما الوظيفيّ بالرغم من تثبيته ولم يعد مراسلا
لكنّها بقيت متفوّقة عليه بمراحل من حيث المركز والرّاتب على اعتبارها مهندسة نظم.

حاولت تجاهل العاطفة الناشئة التي صارت تنمو وتزدهر في قلبها أيضا، محاولة إنكار هذا الحبّ،
والتهرّب منه كلّما حاول التلميح تغيّر الموضوع، فيئس من تجاوبها معه، وغاب في إجازة طويلة.
افتقدته أثناءها كثيرا وازداد شوقها إليه.

جاء زميل يخبرها أن هنالك احتفالات فرح في بيته ولربّما حفل زفافه. انقبض قلبها وتساءلت في
نفسها: "هل حقا أقدم على الزواج؟! متجاهلا تبرعم الحب فيما بينهما، الآخذ في النموّ والترعرع
داخل قلبها أيضا.

جاءت مناسبة احتفاليّة في المؤسسة، وقاموا بدعوته لحضورها. جاء ونظرات الشّوق تفضحه،
لم ير بين الحضور إلا هي وفرحتها به، طمأنها ضاحكا ردّا على سؤالها أنّه عرس أخيه لا فرحه
هو. لن تنسى رعشتها عندما لامست يده يدها وهو يسحب قطعة الحلوى سحبا عندما قدّمتها له،
أحسّت تيار كهرباء يسري في أعماقها يكاد يصعقها وجعلها ترتجف.

عندما تسنّى لها صارحته بحقيقة شعورها نحوه، فرح بها محتضنا يدها لا يريد أن يفلتها، باح
بدوره عن حبه وأشواقه، ولم يعودا مهتميّن بإخفاء هذا الحبّ، الّذي باركه الجميع لأنّه في النور.
وزاد احترام الجميع لها لأنّها لم تتكبّر عليه.

لمّا آن الأوان خطبتها. تولّت أختها المحامية "منى" الشّاهدة على قصة حبهما، إقناع أهلها
بأهليّة حسام الطموح للزواج منها. كانت نادية بطبيعتها قنوعة. لا يهمّها الحسب ولا النسب
أو المال. وأصبحا سعيدين بعد الحصول على موافقة أهلها الذين لا يطلبون إلّا سعادتها، وقد
كسبوا ابنا خدوما لطيفا متعاونا مع الجميع.

عاشا أجمل فترة خطوبة، يجهّزان فيها عش الزوجية.. معتمدين على أقساط شهريّة تخصم
من راتبيهما مع مدخراتهما الضئيلة.

تزوّجا بمباركة الجميع. لكنّ من سياسة البنك الفصل بين الأقرباء فتمّ تبليغ حسام الأقّل رتبة
بقرار نقله إلى فرع آخر بعيدا عن زوجته. إلّا أنّه فضّل تقديم استقالته وإنشاء عمله الخاصّ.
استلم تعويضا مجزيا من البنك، مكّنه من فتح مكتب سمسرة عقارات له. ولم تتأخّر هي عن
دعمها الماديّ والمعنويّ له في المرحلة الانتقاليّة.

أنجبت له بنتا وولدا. واستمرّ تقدّمها في العمل. مع مساعدته من راتبها الخاص، لتدبير وضعه
في العمل. مضت الاعوام رتيبة، وبدأ حبهما يهدأ في ظل مطاحنة الحياة.

تعوّدا الاحتفال بقدوم شهر رمضان بأن تجهّز طبقه المفضّل أوّل يوم، في أوّل رمضان بعد عشر
سنوات من زواجهما، اضطرت لحضور اجتماع عمل، واتفقا على أن تكتري سيّارة نقل خاص
(تاكسي) حال انتهائه لعدم معرفتها مدّته مسبقا.

بعد انفضاض الاجتماع، انصرف زملاؤها كلّ لشأنه مستعجلا الذهاب إلى بيته،غاضّين النظر
عنها لكونها تسكن بعيدا في الضّواحي، نظرت إلى الساعة، ما زال الوقت كافيا لتحضير الطعام
قبل أذان المغرب، إلّا أنّ سيّارات التاكسي كانت مشغولة بالركّاب الصّائمين المتعجّلين العودة
إلى بيوتهم. لم يكن معها خلويّ، ولا مجال لمهاتفته من الطّريق العام.

بدأ الوقت يجري بسرعة، هاجسها تحضير الطعام ليكون جاهزا في الوقت المناسب، فقرّرت
السير إلى موقف سيّارات الأجرة العامّة، على بعد نصف ساعة مشيا على الأقدام.

توجّهت نحو هدفها متناسية الجوع، ترتعش بردا فملابسها خفيفة، إذ حرصت على ارتداء
أجمل أثوابها للاجتماع، رغم عدم مواءمته للطقس، على اعتبار أنها ستكون
في أماكن مدفّأة جيّدا. آلمتها قدماها واختلّ توازنها عدّة مرّات، الكعب العالي غير مناسب
للمشي الطويل.

وصلت إلى موقف (السرفيس) لتجد خطّا طويلا من الناس ينتظرون. وقفت في آخر الصّفّ
مبتسمة ابتسامة باهتة للواقفين أمامها، أخبرها رجل قربها أنّهم ينتظرون منذ زمن ولم
تحضر أيّ سيّارة عاملة على الخطّ. انتظرت بصبر ترتجف كالريشة في مهب الرّيح، تغبط
من يتلفّح شالا متمنيّة لو تقدر أن تنتزعها منه.

فقدت الأمل بأن تصل البيت في الوقت المناسب لتجهيز الطعام. وتمنّت أن ينتبه زوجها
ويشتري بعض الطعام الجاهز قبل أن تقفل المطاعم أبوابها عند الغروب.

قريبا من خطّها يوجد خط آخر للسرفيس ممتلئا سيّارات تنتظر ركّابها. توجّهت إلى أحد
السائقين آخر الدّور، واتّفقت معه على تغيير خط سيره إلى منطقتها، على أن تدفع له
أجرة تاكسي خاصّ، وقيمة المخالفة إن أوقفه رقيب السير.

لم تصعد لوحدها بل نادت أربعة آخرين أشفقت عليهم من المنتظرين. هذه السيّارة
كانت قديمة وتدفئتها معطلّة، وتسرّب الهواء البارد إلى جسدها عبر النوافذ المخلخلة،
فشعرت بالتجمّد طوال الطريق إلى البيت.

أخيرا وصلت، حاولت فتح الباب بالمفتاح. لكنه سقط من يدها المتجمّدة. قاربت على
الانهيار. وإذا بزوجها القلق يفتح الباب، حضنتها نظراته القلقة المعبّرة عن حبّه،
تماما كما كان في بداية علاقتهما.

غلّفها دفء بيتها الصغير وقد اعتنى حسام بتدفئته جيّدا. ودغدغت أنفها روائح طعام
شهيّة، رأت دفتر الوصفات خاصّتها مفتوحا على أكلته المفضّلة، لقد تولّى بنفسه
تحضيرالطّعام مكانها. تملّكها شعور غامر، وانهارت تبكي بين يديه كما لم تبك في
حياتها، لم يفهم سبب بكائها، سألها إن تعرّضت لمكروه، هزّت رأسها نفيا واستمرّت
بالنشيج حتّى هدأت.

هذه التجربة قرّبتها منه أكثر، وشعرت كم هما مكمّليْن لبعضهما بعضا، وكلّما دبّ
خلاف بينهما تذكّرت ذلك اليوم البارد وتبادر لمصالحته.

استمرّت الحياة وتقدّمها بالعمل، وأصبحت رئيسة قسمها، لكن تمكّن المرض منها،
اضطرها إلى التقاعد مبكّرا بعد مشاكل في العمل نتيجة مرضها. تمكّنت من مبلغ
تعويضها وما ادّخراه معا من بناء بيتا جميلا، يعيش فيه الأولاد أيضا كلّ في شقته
الخاصّة بعد أن تزوجا.

تحمّل حسام مرضها في لحظاتها الأخيرة من الحياة، ولم يهجر فراش الزوجيّة،
وكان يساعدها بنفسه عندما تحتاج الحمّام، إلى أن توفّاها الله.

مازال يذكرها بالخير مذكّرا أولاده وأحفاده بها، مسجّلان معا أجمل صورة للعطاء،
ولن ننسى!


قديم 04-29-2022, 11:54 AM
المشاركة 2
محمد نديم
شاعر وكاتب مصري
  • غير موجود
افتراضي رد: لن ننسى .. قصة بقلم: ريما ريماوي
رتئع...
غير انني كنت ألهث وراء السرد المتتابع المتعجل.
قصة حملت من الحب والإنسانية الشيء الرائع الذي ربما نفتقده في أيامنا هذي. دمت مبدعة.

قديم 04-29-2022, 11:59 AM
المشاركة 3
محمد نديم
شاعر وكاتب مصري
  • غير موجود
افتراضي رد: لن ننسى .. قصة بقلم: ريما ريماوي
رائعة.

حب وكفاح وشجون .
كيف للحب أن يخلق الإنسان الجديد.ويحلق به في مدارات الإخلاص والمودة والرحمة والجمال.
كم نفتقد تلك الصور الإنسانية الرائعة في زماننا هذا.
تحية لكل امرأة ذات قلب ووفاء .
غير انني كنت ألهث وراء السرد المتعجل.
ربما ما قرأت كان تلخيصا لرواية جيدة ، وليس النص الأصلي.
ربما
تحيتي لقلمكم وشخصكم النبيل.


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: لن ننسى .. قصة بقلم: ريما ريماوي
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تحرش.... بقلم ريما ريماوي ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 9 12-15-2014 12:23 PM
حدة البصيرة .. بقلم: ريما ريماوي ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 3 09-11-2012 07:20 PM
ضياع(ق.ق.ج) بقلم: ريما ريماوي ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 4 10-31-2011 10:13 AM
سوء الظن(ق.ق.ج) بقلم: ريما ريماوي ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 4 10-30-2011 04:28 PM
القبو.. بقلم: ريما ريماوي ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 2 10-21-2011 11:13 PM

الساعة الآن 12:38 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.