احصائيات

الردود
2

المشاهدات
797
 
فلاح العيساوي
من آل منابر ثقافية

فلاح العيساوي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
11

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Dec 2020

الاقامة
العراق

رقم العضوية
16519
12-16-2020, 06:45 PM
المشاركة 1
12-16-2020, 06:45 PM
المشاركة 1
Post أوجاعُ ذكرى
[justify][justify]أوجاعُ ذكرى

المكانُ باردٌ موحشٌ، فرائصي ترتعدُ، مصيرٌ مجهولٌ، أسبابٌ أحاولُ أيجادَها في تلافيفِ رأسي، أشباحٌ تدورُ حولي وأنا معصوبُ العينين، الأحاسيسُ شتتني والخُطُواتُ تتعثرُ في رحلةِ الصمتِ، وسط الضجيجِ الذي يعلو في خلايا الدماغِ. كيف أعرفُ لِمَ أنا مقيّدٌ؟ ما الذنبُ الذي اقترفته؟ هل هذه الأرواحُ التي تدورُ حولي موجودةٌ فعلاً؟ أصواتٌ تثيرُ الرعبَ في نفسي، ثيابٌ تتمزقُ... يجرّدُها مع ضحكاتٍ تسلخُ الروحَ... تصرخُ: (لا تفعلْ أرجوك... أنا مثلُ أختِكَ...)، صوتُها فجّرَ بركاناً من الأسئلةِ في داخلي، مَنَ هذه المسكينةُ، قد تكون أختي... لا... مستحيل، صوتُها لا يشبه صوتَ أختي.
عمّ المكانَ هدوءٌ مشحونٌ بالتوترِ، أسمعُ صريرَ البابِ، شخصٌ ما يقترب من خلفي، ماذا سيفعلُ؟ تتسارعُ نَبَضاتُ قلبي نبضةٌ إثرَ نبضةٍ؛ صفعني على قفاي بقوةٍ، وقف أمامي، وأزالَ العصابةَ عن عينيَّ وخرج.
الظلامُ حالكٌ جداً... لا أستطيعُ حتى أن أميّزَ أصابعَ يدي، الضوءُ الذي انبعثَ من جميعِ أنحاءِ الغرفةِ جعلني لا أقوى على فتحِ عينيَّ، أكثر من خمسِ دقائقَ أحاولُ تقبّلَ النورِ دون جدوى، أختفى ذلك الوَهَجُ، وأسفر عن ظهورِ شاشةٍ شبه كبيرةٍ بدأتْ تعرضُ صوراً بشعةً لأنواعِ التعذيبِ الوحشي، وبين هذا وذاك سياطٌ تهوي على الأجسادِ تقرعُ أبواقَ الألمِ، -لا أعرف ما يخبِّئُهُ القدرُ لي في لحظاتٍ قادمةٍ؟- الأصواتُ التي تَبعثُ القرفَ في نفسي انتهت فجأةً، استرجعتُ شريطَ الأحداثِ ليومي منذ الصباحِ... على عادتي تأنَّقتُ، تعطَّرتُ، تأمَّلتُ نفسي في المرآةِ، أخرجُ من البيتِ كأنَّني ذاهبٌ إلى حفلِ زفافٍ، عند بابِ الجامعةِ شاهدتُها تترجَّلُ من سيارتِها الحمراءَ، رَوعَتُها جذبتني إليها، سحرُها وقوامُها الممشوقُ لا يقاومُ، جسدٌ صاغتهُ يدُ القدرةِ بحرفيةٍ منقطعةِ النظيرِ، عندما اقتربتْ مني نظرتْ إليّ، ابتسمت؛ فكشفتْ عن بَرَدِها المكنونِ كأنَّهُ اللؤلؤُ، شفتاها القرمزيتانِ اقشَعرَّ لهما جسدي، شعرُها الطويلُ المنسابُ يُغازلُ ناظري، عطرُها بأريجِ الياسمينِ شلَّ قدميَّ؛ تجمَّدتُ في مكاني، ألقتْ تحيتَها... مرحباً... معزوفةٌ لم تبرحْ موسيقاها مداركَ عقلي... في مرحلةِ الرابعِ، لم أرَ هذا الجمالَ من قبلُ، ربما أتتْ من جامعةٍ أخرى؟.
- أهلا... قلتُها بصوتٍ متعثرٍ.
- أنا ذكرى، طالبةٌ في المرحلةِ الرابعةِ كليةُ الفنونِ الجميلةِ قسمُ الموسيقى، ممكن أنْ ترشُدَني إلى قاعةِ القسمِ؟.
- سبحان اللهِ، أنا في نفسِ القسمِ، تفضَّلي معي.
كم أنا غبيٌ! لماذا أتذكرُ لقائي الأولَ مع حبيبتي ذكرى؟ عليَّ أنْ أتذكرَ يومي التعيسَ هذا، أريد معرفةَ سببِ وجودي هنا... هل تفوَّهتُ بكلمةٍ على (.......)، لا أبداً لم أفعلْها. من يتجرأ على ذكرِ أسمِ الرئيسِ حتى بالخيرِ؟. عادتْ الشاشةُ إلى العملِ، هذه المرةُ بثتْ شريطَ فيديو أكثرُ رعباً من الصورِ الأولى، تمنيتُ بدموعٍ حارَّةٍ وقلبٍ وجلٍ؛ أنْ لا يفعلوا بي ما فعلوه بالشخصِ الذي ظهرَ في ذلك التسجيلِ.
أحاول الهروبَ إلى حديقةِ الزهورِ بين الأشجارِ كانت تجلسُ أمامي، تضعُ يدَها في يدي، أهمسُ لها بكلماتِ الحبِ، طلبتُ منها أن تُعرِّفَني على أهلِها، هذا العشقُ يجبُ أن يكلَّلَ بالزواجِ، لا أستطيعُ تحمُّلَ الأيام بعيداً عنها، الشوقُ خنجرٌ مسمومٌ يطعنُ قلبي، لماذا أجّلتْ الحديثَ عن أسرتِها إلى لقائِنا القادمِ؟ ذكرى حبيبتي... دموعي تنزفُ، اليومَ حرمَني القدرُ من موعدِ مع الحبِ، اليوم كنتُ أنتظرُ التعرّفَ على أسرتِكَ، ماذا أفعلُ أنا هنا؟ في هذه اللحظاتِ أنتِ تنتظرينَ لقائي... هل ستعذرينني لعدمِ الحضورِ؟ مؤكدٌ ستغضبين مني، لكنْ سأشرحُ لكِ إذا كتبَ لي القدرُ النجاةَ من هذا الكابوس.
- أبتعد عن ذكرى... قالَها لي ذلك الرجلُ الغريبُ ذاتَ مرةٍ أمامَ بابِ الجامعةِ، -الآن تذكرتُ- عندما سألتُهُ: من أنتَ؟ تركني وذهبَ.
في اليوم التالي أخبرتُها عن ذلك الرجلِ؛ أنكرتُ معرفتَهُ، كانت صادقةً وعلاماتُ الدهشةِ تعلو وجهَها الذي تموَّج بالألوانِ، لا أعرفُ أسبابَ الغموضِ الذي دارَ حولَها.
يا ترى هل لذلك الرجلِ علاقةٌ بما أنا فيه الآن؟ أكادُ أجزمُ أنَّني سوفُ أجِنُّ، فكري مشوشٌ، تسارعتْ نبضاتُ قلبي، لا أعرفُ ماذا أفعلُ، دموعي تنزلُ دونَ استئذانٍ، أصواتٌ تقتربُ من البابِ، الظلامُ الدامسُ يَحُولُ دون معرفةِ القادمينَ، لا أعرفُ كم عددُ الذين أحاطوا بيّ، أحاولُ أن أتجلَّدَ، شخصٌ يقفُ خلفي ضربَني بقوةٍ وقال: أسمعْ كلامَ سيدي.
– حاضر.
صوتٌ جَهْوَريٌ فيه بحةٌ قال: التحقيقاتُ الأمنيةُ تقول: أنَّكَ طالبُ كليةٍ وقريبٌ تَخرّجَكَ وأكيدٌ مستقبلُكَ أهمُّ شيءٍ عندكَ؟
- نعم صحيح.
- وطبعاً مستقبلُكَ أهمُّ من ذكرى؟
- ذكرى؟
- نعم ذكرى، التي يجبْ عليكَ نسيانَها للأبدِ.
- لماذا أستاذ؟
- أسمعْ... أنت تجاوزت الخطوط َالحمراءَ في علاقتِكَ مع ذكرى، هذه الفتاةُ بنتُ قياديٍ كبيرٍ في الدولةِ، وعلاقتُكَ بها مستحيلةٌ، ولا خيارَ أمامَك مطلقاً.
- أستاذ أرجوكَ.
– لا تقل أستاذ... أسمعْ جيداً ولا تتفوَّهُ بكلمةٍ واحدةٍ أبداً... قد تم نقلُكَ إلى جامعةِ الموصلِ، ستُكمِلُ دراستَكَ هناك، وعليك أن تنسى ذكرى... أو نرسلَكَ إلى ما وراءِ الشمسِ.
في طريقي إلى شارعِ المتنبي، وقفتُ فوق جسرِ الشهداء، أنظرُ إلى النوارسِ وهي تعانقُ الحريةَ، أسألُ نفسي هل أنا جبانٌ؟ مضتْ سنتان لم أرَ فيها ذكرى، خوفي أبعدني عنها.
بعد سقوطِ النظامِ السابقِ، بحثتُ عنها كثيراً، سألتُ زملائي في الكليةِ دونَ جدوى، حتى الطريقُ إلى المتنبي يذكرُني بها، مراتٌ عديدةٌ كنّا معاً نتجولُ بين المكتباتِ، أمامَ مقهى (الشابندر) وقفتُ أتذكرُها، صوتُها الجميلُ يرِنُّ في أذني؛ التفتْ... رأيتُها تبتسمُ في وجهي... دمعاتُها نزلتْ على خديّها مثلَ اللؤلؤِ، مسكتُ يديها وقد خيَّمَ الصمتُ في لحظاتٍ لا تُصدَّقُ، تمنيتُ ضمَّها إلى صدري، ثمَّ صرختُ متلهفاً: أنتِ... أنتِ حبيبتي، من الآن لن تكوني ذكرى؛ أنتِ إيناس حياتي للأبد.
لكنَّ قوةَ ارتطامي بالعربةِ أسقطتني أرضاً، أفقتُ من حُلُمِ اليقظةِ، فتعالى صوتُ صاحبِ العربةِ الخشبيةِ: (أنتَ أعمى ما تشوف، اشبيك واكفْ جنك صنم؟)... عذوبةُ الحُلمِ جعلتني ابتسمُ، وظلَّ الأملُ رفيقَ أيامي القادمةَ.[/justify][/justify]


قاص وروائي
عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
قديم 12-16-2020, 08:06 PM
المشاركة 2
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: أوجاعُ ذكرى
ما شاء الله
تكتب بحرفية .. ووصفك الدقيق للمشاهد يجعل القارئ يعيشه بكل ما فيه
عشت معك ألم السجن والقيد والعتمة والصراخ والتهديد وكل الوسائل التي يستخدمها الطغاة مع المساجين ,, وتبدو أن القصة واقعية وحدثت ،
الغريب ، كون هذه الفتاة ( ذكرى ) هي ابنة قيادي كبير ، فما هذا الذي يحصل ؟!
ألكل قيادي سجن وسجانون !
أمر مزعج يجعلني أدعو على هؤلاء من قلبي
حسبنا الله ونعم الوكيل
أحسنت أخي العيساوي وأهلاً بك في منابر
وفضلاً لا أمراً
أرجو التكرم بقراءة المادة من على هذا الرابط
( http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=27314 ) وشكراً سلفاً
تحية ... ناريمان

قديم 12-16-2020, 09:33 PM
المشاركة 3
فلاح العيساوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: أوجاعُ ذكرى
ما شاء الله
تكتب بحرفية .. ووصفك الدقيق للمشاهد يجعل القارئ يعيشه بكل ما فيه
عشت معك ألم السجن والقيد والعتمة والصراخ والتهديد وكل الوسائل التي يستخدمها الطغاة مع المساجين ,, وتبدو أن القصة واقعية وحدثت ،
الغريب ، كون هذه الفتاة ( ذكرى ) هي ابنة قيادي كبير ، فما هذا الذي يحصل ؟!
ألكل قيادي سجن وسجانون !
أمر مزعج يجعلني أدعو على هؤلاء من قلبي
حسبنا الله ونعم الوكيل
أحسنت أخي العيساوي وأهلاً بك في منابر
وفضلاً لا أمراً
أرجو التكرم بقراءة المادة من على هذا الرابط
( http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=27314 ) وشكراً سلفاً
تحية ... ناريمان
الاستاذة الفاضلة..
تحية طيبة..
اسعدني حضورك العطر الطيب وتعليقك الجميل
القصة من مخيلتي .. لكنها تحاكي الواقع الذي عاشه العرقيين في زمن
نظام البعث المنحل...
اعتذر فقد اكون اخطأت بالنشر قبل ان اعرف بنفسي...
في لوحة التحكم وضعت صورتي الشخصية وسيرتي الذاتية..
واذا كان يوجد مكان خاص للتعريف بسيرتي الذاتي فانا حاضر لنشرها
ويشرفني ذلك.
مع خالص الاحترام والتقدير

قاص وروائي
عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أوجاعُ ذكرى
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ذكرى عبدالحكم منبر الشعر العمودي 10 10-24-2020 03:58 PM
** ذكرى ** ريما ريماوي منبر القصص والروايات والمسرح . 4 09-13-2013 01:51 AM
في ذكرى وهم محمد حمدي غانم منبر الشعر العمودي 0 01-19-2013 08:43 AM
ذكرى محب القصيري بشرى منبر البوح الهادئ 4 03-19-2012 05:34 PM

الساعة الآن 11:19 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.