قديم 11-08-2014, 07:57 AM
المشاركة 1261
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة ي رواية رقم 72- شيء من الخوف ثروت أباظة مصر

في عام 1969 فاجأ الأديب الكبير ثروت أباظة قراءه بروايته الأكثر بريقا "شيء من الخوف"، ففي هذا العمل طرح أباظة دور فؤادة الفتاة الصغيرة التي تحب عتريس الفتى البريء النقي لكن عتريس الذي ينقلب الي وحش كاسر ويعيش علي القتل والنهب يعاقب البلدة ذات يوم بأن يمنع عنها الماء، فلا يجد من يقف له سوي فؤادة، حبه القديم ونقطة ضعفه الوحيدة. ولما لم يستطع ان يقتلها كان عليه أن يمتلكها بالزواج.
وترفض فؤادة ويتم تزوير الوكالة وتنتقل إلى العيش مع عتريس دون شرعية، وتقاوم البلدة محاولات عتريس انتزاع الشرعية، وترفض فؤادة الاستسلام لعتريس حتي الموت، عندما تحرقه البلدة، ويفر رجاله، وتنضم فؤاده للبلدة لتوديع الشهيد محمود.

وسرعان ما جذبت الرواية السينما ليحولها المخرج حسين كمال إلى فيلم سينمائي؛ سيناريو وحوار صبري عزت؛ ولعبت بطولته شادية أمام محمود مرسي.. عتريس وفؤادة.. وكانت شخصية شادية أو فؤادة ينطبق عليها القول إنها كانت تقف على قدمين من ماء ونار تروي من تخطو اليه وتحرق من يخطو إليها، والفيلم يحمل رموزا سياسية كثيرة منها أن عتريس هو الديكتاتور الذي أخذ البلدة بالحديد والنار والقهر والخوف، وأن زواجه من فؤادة التي ترمز للسلطة الشعبية زواج باطل، قدمه إليه الخوف من البطش، لكن دم الشهيد في عرسه الوطني هو الذي سيقود الثورة المضادة ويحرق هذا (العتريس).
وبعيدا عن عالم السياسة ورموزها؛ فقصة الحب الخالدة بين فؤادة وعتريس تعد قصة رومانسية شديدة التفرد.. فبينما يجسد عتريس (محمود مرسي) التمرد علي الضعف تمثل فؤادة تمردا على "تمرده".
كانت فؤادة تحب هذا الزعيم، وكانت تتألم لما يفعله لكنها لم تتوقف عن الاعجاب به، لقد أحبت قدرته لكنها كرهت استخدامه لهذه القدرة، وكان حتما أن يقضي أحدهما علي الآخر ليعيش.. قصة حب غريبة فقد كانت فؤادة هي رمز الضمير ولم يكن ممكنا أن تتنازل، فالضمير الذي يتنازل لا يعود ضميرا، ولذا فعندما انتصر الضمير صارت القوة الغاشمة هي الأمثولة، وصار مألوفا أن نقول: "زواج عتريس من فؤادة باطل" عندما تحاول أية سلطة اغتصاب حق من الحقوق.. وبين الرواية والشكل السينمائي لها.. اعتبر "شيء من الخوف" علامة مضيئة في تاريخ السينما المصرية.
---
في عام 1969 فاجأ الأديب الكبير ثروت أباظة قراءه بروايته الأكثر بريقا "شيء من الخوف"، ففي هذا العمل طرح أباظة دور فؤادة الفتاة الصغيرة التي تحب عتريس الفتى البريء النقي لكن عتريس الذي ينقلب الي وحش كاسر ويعيش علي القتل والنهب يعاقب البلدة ذات يوم بأن يمنع عنها الماء، فلا يجد من يقف له سوي فؤادة، حبه القديم ونقطة ضعفه الوحيدة. ولما لم يستطع ان يقتلها كان عليه أن يمتلكها بالزواج.

وترفض فؤادة ويتم تزوير الوكالة وتنتقل إلى العيش مع عتريس دون شرعية، وتقاوم البلدة محاولات عتريس انتزاع الشرعية، وترفض فؤادة الاستسلام لعتريس حتي الموت، عندما تحرقه البلدة، ويفر رجاله، وتنضم فؤاده للبلدة لتوديع الشهيد محمود.

وسرعان ما جذبت الرواية السينما ليحولها المخرج حسين كمال إلى فيلم سينمائي؛ سيناريو وحوار صبري عزت؛ ولعبت بطولته شادية أمام محمود مرسي.. عتريس وفؤادة..

فيلم شيء من الخوف إنتاج عام 1969 من إخراج حسين كمال وهو مأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب الكبير ثروت أباظة. الفيلم تم تصويره بالأبيض والأسود بالرغم من إمكانية تصويره بالألوان لانتشار الأفلام الملونة في هذا الوقت، ويرجع ذلك لاستغلال المخرج حسين كمال لظلال الأبيض والأسود ببراعة لم تكن ممكنة فيما لو تم التصوير بالألوان.


القصة

القصة تدور بقرية مصرية حيث يفرض عتريس (محمود مرسي) سلطته على أهالي القرية ويفرض عليهم الإتاوات. كان عتريس يحب فؤادة (شادية) منذ نعومة أظافرة ولكن فؤادة تتحدى عتريس بفتح الهويس الذي أغلقه عقاباً لأهل القرية ولأن عتريس يحب فؤادة لا يستطيع قتلها فيقرر أن يتزوجها.
حافظ (محمد توفيق) أبو فؤادة لا يستطيع أن يعصى أمر عتريس فيزوجها له بشهادة شهود باطلة.
بسبب هذا الزواج الباطل يتصدى الشيخ إبراهيم (يحيى شاهين) لعتريس فيقتل عتريس محمود ابن الشيخ إبراهيم.
يأتي مشهد النهاية بمشهد جنازة محمود وفيها يردد الشيخ إبراهيم جملته الشهيرة "جواز عتريس من فؤادة باطل" ويردد كل أهل القرية وراء الشيخ إبراهيم ويتوجهون لمنزل عتريس الذي لا يستطيع مقاومة كل أهل القرية مجتمعين فيحرق أهل القرية منزل عتريس وهو بداخلها وتكون هذه نهاية عتريس جزاءاً لأفعاله.
البعد السياسي للفيلم

الفيلم به الكثير من الرمزية، فعتريس يرمز للحاكم الديكتاتور، وأهل القرية يرمزون للشعب الذي يقع تحت وطأة الطاغية. فؤادة ترمز لمصر التي لا يستطيع الدكتاتور أن يهنأ بها.
أشار بعض النقاد إلى أن هذا الفيلم قد يرمز لفترة حكم جمال عبدالناصر وأشار البعض الآخر أنه قد يرمز لفترة حكم الملك فاروق، كما قال البعض انه يرمز لأي حكم ديكتاتوري وطغيان وقهر عامة.
قال حسين كمال: لقد أطلق أعداء النجاح إشاعة مؤداها أننا نقصد بشخصية عتريس الرئيس جمال عبد الناصر
حدثت زوبعة وكان الفيلم جاهزا للعرض وكانت أفيشاته تملأ الشوارع وشاهد جمال عبد الناصر الفيلم وشاهده مره أخرى مع أنور السادات وبعد المشاهدة الثانية إقتنع جمال عبد الناصر انه لا يمكن أن يكون المقصود بشخصية عتريس وسمح بعرض الفيلم
فريق العمل

الإخراج: حسين كمال
التأليف:

ثروت أباظة (قصة)
صبري عزت (سيناريو)
عبد الرحمن الأبنودي (حوار)

قديم 11-08-2014, 11:41 AM
المشاركة 1262
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المحملة بأشهر عبارة وأشهر صرخة في الأدب العربي: «جواز عتريس من فؤادة باطل». فؤادة التي تحولت في كل ميادين مصر إلي أيقونة لثورة 25 يناير ثم 30 يونيو، تلك الصرخة المدوية التي شطرت حاجز الخوف، الفزع والهلع والخنوع. ثم كان جواز.. الجماعة من مصر باطل.. باطل.. باطل.. إن شيئا من الخوف يصنع الطغاة فهم يقتاتون علي خوف الرعية والشعوب يتغذون عليه، يتعملقون ويتوحشون ويتغولون من هذا الخوف، يستمدون طغيانهم منه، فالخوف هو سلاحهم وإذا زال الخوف من النفوس تلاشت قوتهم، فها هي الدهشانة تلك القرية أو البلدة الرمزية، المسحورة الدهشانة التي أدهشتنا.. الدهشانة الواقعة في براثن عتريس وعصابته، صارت تكمل عشاءها خوفا، صارت تتلحف به، القهر حول أرضها إلي حقول متغضنة من العطش مقفرة، مكفهرة، تئن، تتيبس، تتشقق والخوف ينمو ويتعملق، يلجم الألسنة، يحني القامات يدهس الحق، فالولد صار وحشا ولكن فؤادة هي القلب، هي الروح والفؤاد هي لاتخشي الولد الذي صار وحشا، وئدت الإنسانية في غياهب نفسه الشريرة، وفؤادة لاتخشي إلا الحق والعدل فهي لاتعرف الخوف، الدهشانة حكاية الظلم والطغيان في كل مكان وزمان وستظل صرخة الأحرار والثوار والأبطال (شيء من الخوف) صدرت في زمن وصم بالخوف زمن جمال عبدالناصر ولكن ثروت أباظة لم يخف، ففؤادة في قلبه مخيلته، شيء من الخوف صنع طغيان أمريكا، كاد أن يعصف بمصر ويدفنها في هوة كئيبة ولكن حاجز الخوف تهشم بفعل دهشانة مصر، بفعل الشعب المبهر، والرئيس المحترم عدلي منصور الذي أوصي بالمرأة والأقباط خيرا. بجيشنا الوطني ثم الرئيس البطل عبدالفتاح السيسي وكلنا نصنع التاريخ ونشاهده ونبتهج بالجمهورية الجديدة.

قديم 11-08-2014, 11:50 AM
المشاركة 1263
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
آراء وافكار: شيء من الخوف
*

*
*

جمعة عبدالله مطلك
في رواية ثروت اباظة شيء من الخوف* والتي تحولت الى فيلم سينمائي شهير اخرجه حسين كمال، يخوض قارئ الرواية او مشاهد الفيلم لحظات صعبة مع شخصيات يحاصرها الخوف والهلع من المحيط والآخرين ومن الذات ايضا. واستطاع الروائي “ومخرج الفيلم ايضا” ان يقدم بديلا موازيا لهذا الخوف تمثّل بتبلور ارادة عامة عبّرت عن نفسها برفض الظلم ايجابيا. أي تجاوز عدم المشاركة الى الوقوف بوجه رموزه.


لا ادري لماذا تقفز مشاهد الرواية والفيلم الى عميق احساس الانسان في مشاهدته وقائع من الحياة اليومية للعراقيين. ففي “كراجات النقل العام” لابد للمرء ان يصطدم بعشرات النسوة والشيوخ والشباب ايضا ممن يبحثون بذعر وقلق واضحين عن مكان او دائرة رسمية او مركز رعاية او مستشفى. يحمل هؤلاء “الغرباء” همومهم او حزمة من اوراق في ايديهم متوسلين بالمارة او ركاب السيارات ان يدلوهم على مكان في هذه المدينة التي لا تشبه نفسها.
لا يمكن وصف بغداد بانها تحولت الى ريف كبير. فهي تفتقد فضائل الارياف الصغيرة او الكبيرة في شعور الانسان بالامن على الاقل وسط اناس يعرفهم ويطمئن اليهم. وبنفس الوقت لا يمكن وصف هذا الحيز الجغرافي الكبير ذي الالق التاريخي الذي شكل عبئا عليه بانه مدينة حديثة. لا تعدو بغداد منذ عقود الا مسرح قلق لا تستطيع كبيرة السن بسهولة ان تصل الى مستشفى او تزور قريبا لها “وهذا ترف لا تدعيه عجائز العراق”.
المدينة الحديثة رومانسية وشديدة الصرامة القانونية بنفس الوقت. فهي حانية وسلسة وتستطيع العجوز والمراهق والانسة الصغيرة المهذبة ان يصلوا الى ما يريدون دون ذعر من مجاهيل تستوطن مدينة معلقة في فراغ ذعرها وخوفها.
في بغداد “شيء اكبر من الخوف”. انه الخوف نفسه عندما يعبر عن ذاته بعلائق اجتماعية مشوشة ومضطربة تفتقد الثقة والشعور بالتواصل الانساني الحميم بين الذوات البشرية وبينهم وبين الطبيعة. لهذه الاسباب وغيرها عز على بغداد الغارقة حتى النخاع بامجاد الماضي ان تريح نفسها من عوادم السيارات ونزق السواق غير الاعتيادي بمترو بسيط. ما يزال العراقيون ينتظرونه منذ اربعة عقود على الاقل. وجريا على العادة والمالوف لم تكسر السياسة هذه النسقية البغدادية المثقلة بالتوتر والفزع بل زادت عليها تشظيا فارهقت كثيرا ما تبقى لها من فسحة بعد ان تقطعت السبل بالبغداديين او يروا حديقة في منازلهم. فقد علا الاسمنت شحيح الامتار المتبقية في بيوت تحولت الى مستعمرات. وما عادت آنسات العراق الجميلات يجلسن في الحديقة لمطالعة الدروس والاستمتاع بساعة او ساعتين مع منظر الفراغ الحالم والخضرة الموحية. ولاننا في واقع حقيقي خارج المجاز الفني الروائي فازاء هذا الكثير من الخوف يحتاج العراقيون ما يماثله من الثقة والاحساس بالسلام الداخلي. فماذا هم فاعلون مع لغتهم وارثهم وسياستهم والملثمين الباحثين في طبقات الاسمنت العراقية المتلاصقة عن مكان للانتحار.

قديم 11-08-2014, 12:09 PM
المشاركة 1264
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شيء من الخوف


ابراهيم محمد عياش
الحوار المتمدن - العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 05:30

الخوف هو واحد من الغرائز العديدة التي خلقها الله في كل إنسان بل حتى في الحيوان ولكنها قد تضمر عند البعض وقد تطغى على البعض حسب ظروف حياتهم إلا أن الخوف شعور سيئ يجعل الإنسان سجين فيشل إرادته و يعيق تفكيره.
والفيلم *شيء من الخوف*طرح هذه القضية و هو ثالث أفلام المخرج المرحوم حسين كمال بعد *المستحيل*عام 1965 ثم *البوستجي* عام 1968 ثم* شيء من الخوف* الذي أنتج عام 1969 عن قصة لثورة أباظة وكتب له السينايرو صبري عزت و الحوار عبد الرحمان الأبنودي والموسيقى التصويرية بليغ حمدي لقد ارتبط هذا المخرج بسينما الإنسان، الباحث عن الحق والعدل والحرية سينما تتجاوز الموضوع إلى أغوار الإنسان الفكرية والوجدانية والنفسية.

أن مضمون هذا الفيلم هو مضمون إنساني عام لأنه مضمون عالمي يرتبط بالإنســـــان في أحاسيسه وتفاعلات مشاعر هذا الكائن, دون تحديد الزمان والمكان، انه يتحدث عن الخوف من أي شيء وربما من كل شيء، هذا الخوف الذي زرعناه في انفسا وقلوبنا يخلـق في داخلنا أشباح ترعبنا و ترتعد منها فرائسنا رغم انهم من صنعنا وهم بشر مثلنا، يخافون مثل ما نخاف بل ربما أكثر.

إن هذا الخوف المعنوي أو النفسي هو الذي خلق حولنا الباطشين والعابثين بحقوقنا، وهو الذي يخلق المستبد والديكتاتور في أي زمان أو في أي مكان، لذلك فحكاية هذا الفيلم ليست قاصرة على زمان محدد أو شخوص بعينهم، فرغم التجسيد والتشخيص فهي حكاية صالحة للحدوث في أي مكان وفي أي زمان.
لقد انتج هذا الفيلم سنة 1969 ومازالت مشاهدته تشعرنا وكأنه يعالج قضية معاصرة نعيشها الآن مع العلم أن البعد الزمني الشاسع ما بين كتابة العمل روائيا ثم معالجته وتنفيذه سينمائيا يعطي للمشاهد إحساس بأن الفيلم يعالج مشكلة نعيشها الآن وقد نعيشها في المستقبل, ما دام شي من الخوف لا يزال يعيش في قلوب بعض الأهالي فنحن في حاجة إلى مشاهدة هذا الفيلم عدة مرات لعلنا نتعظ ونعتبر مثل تلك الفلاحة التي جسدت دورها الممثلة المعتزلة شادية*فؤاده*.
عمد عبد الرحمان الأبنودي إلى استعمال الأغاني في هذا الفيلم لكي تلعب دور الراوي الذي يكمل العمل الدرامي و لا يسرد الأحداث, و هذه الأغاني برقتها ورومانسيتها تطرح وجهة نظر كاتب السيناريو و المخرج في ذات الوقت, استعملت هذه المقطوعات الغنائية وبالتحديد الأمزورات أو الموتيفات كالإطار أو البرواز الذي يغلف الموضوع و الأحداث لتجسيد المعنى والمضمون العام للفيلم و خاصة مقطوعة * عيني على الولد*. أن هذه المقطوعات الغنائية استطاعت إن تغوص في البنية الدرامية للفيلم ودفعت بالعمل السينمائي قدما نحو الأمام في تصاعد مستمر فزادته الكثير من المصداقية. كما دخلت أيضا في تركيبة الشخصيات إذ عبرت عما يدور في خواطرها و ما يجول في أفكار المشاهد الذي يقف مجذوبا إلى ما يدور على الشاشة .
إن هذا الفيلم رغم انه ابيض واسود أي من كلاسيكيات السينما العربية، غير أن الظلال والأضواء و الديكور و الملابس تقوم مقام الألوان في هذا الفيلم فتساعد على تجسيد المعنى المطلوب من اللقطة بصفة خاصة و المشهد بصفة عامة.
فعلى سبيل المثال في مشهد يظهر الطفل *عتريس * من خلال قضبان النافذة يوحي إلينا أن الطفل سجين مقيد كما نلاحظ أيضا أن إضاءته واضحة رمزا للمستقبل والأمل والبراءة بينما إضاءة الجد *عتريس* الذي يمثل الظلم و الماضي إضاءته قاتمة تعبيرا عن سواد قلبه المملوء بالحقد رغم وجوده في مقدمة الكادر أو الشاشة.
و في مشهد آخر لفؤادة مع عتريس قبل أين يتحول إلى شرير نلاحظ رقرقة ماء البركة وانعكاس أشعة الشمس على وجه فؤاده دلالة على نقائها و صفائها و إيحاءا من المخرج لنا بأن هذه الشخصية في صفاء الماء وفي توهج وتوقد الشمس.
و نلاحظ على مدار الفصول التكنيكية للفيلم التي يرمي من خلالها المخرج للتعبير عن شخصية عتريس الحفيد نجد ملابسه بيضاء وباقي افرد العصابة ملابسهم سوداء و بعد مقتل *عتريس الجد* تتحول ملابسه إلي اللون الأسود مثل باقي أفراد العصابة و كأن الملابس تترجم مكنون الشخصية أو كأنها التعبير الخارجي عن أحاسيس الشخصية و أخلاقها الداخلية، فتلاحم هذه المتناقضات البصرية مع الملامح الشخصية لشخوص الممثلين وألوان الملابس وحركة الكاميرا أعطى للفيلم جمالية رائعة أوحت للمشاهد عن مكنون ذاتية الشخصيات في هذا الفيلم ألقت بنا في فضاء الفيلم لنتخذ موقفا منها وبالتالي من موضوع الفيلم، كما أكدت لنا على مقدرة المخرج من استعمال عناصر الصورة السينمائية لإيصال المعنى المقصود من اللقطة أو المشهد.
كما أضفى التوليف (المونتاج) على أحداث الفيلم الكثير من المصداقية والمنطق في فهم مواقف الشخصيات.فاستعمال التوليف المتناقض لإظهار مراحل تنشئة و تربية *فؤاده* و *عتريس* الشخصيتين المحوريتين في الفيلم كان موفقا إلى أقصي درجة وزاد في كثافة المعنى و أوصل مفهوم هام إلى المشاهد فمن ارتوى بأفكار الظلم والجبروت لا يمكن ان يكون إلا باطشا و عابثا بحقوق الناس و لن يفعل الخير أبدا لأن من شب على الشيء شاب عليه، فبلقطات عامة سريعة تارة ومقربة تارة أخرى تجلى فيها ذاك التناقض بين الشخصيتين.
في الوقت الذي كان فيه *عتريس* يتعلم ركوب الخيل كانت *فؤادة* تحفظ القرآن،و لما كان جده يعلمه الرمي بالسلاح (البندقية ) كانت هي تسقي الزرع ولما كان هو يحرق في الزرع كانت *فؤادة *تطفئ النار مع الفلاحين.
فهذا الفيلم بصفة عامة يتناول قضية الخوف كقضية أساسية إلا أن المشهد الذي يحمل هذا المضمون بشكل صارخ هو الفصل الذي تتحدى فيه *فؤادة* *عتريس* يمكن اعتباره نقطة الانقلاب في أحداث الفيلم والوصول إلى ذروة الصراع القائم بين الحق والباطل والتمرد ضد الظلم.
يبدأ هذا المشهد بلقطة بانورامية عامة تبين حالة البؤس التي يعشها السكان بعد أن منع عنهم عتريس ماء السقي: الأهالي جالسين في مجرى البركة ثم تنتقل الكاميرا إلى وجه فؤاده في لقطة ذاتية( سبجكتيف شوت) الوجوه خائفة, الأرض جافة والضرع جاف, النساء حيارى فتتابع هذه اللقطات التحريضية يهيئنا للتفاعل مع اللقطة المتوسطة* لفؤاده* وهي تفتح الهويس ( الحنفية) فيتدفق الماء وتعلو الزغاريد وتعم الفرحة وتروى الأرض فتعود الحياة لكل شيء وخاصة القلوب الخائفة لتتخلص من ذاك الشبح القاتل للإرادة.
فهذا الفيلم أحد علامات السينما العربية لأنه طرح قضية تلقي بظلالها على الإنسان في الماضي, الحاضر والمستقبل وفي كل مكان. أن هذا الفيلم يصنف ضمن الأعمال السينمائية الجادة لأنه استطاع خلق واقع مماثل و موازي للواقع المعاش ولأنه تناول هذه القضية التي تركت في أنفسنا العديد من التساؤلات وبهذا يبقى في الوجدان و الأذهان.
والجدير بالذكر في هذا المقام أن هذا الفيلم الملحمي الطابع الذي أصبح من كلاسيكيات السينما المصرية تعرض إلى عدة متاعب رقابية من قبل البوليس السياسي الذي اسقط بعض أحداث الفيلم على رموز الحكم و على شخص الزعيم ذو القوة المطلقة القاتلة لأرواح الناس.

قديم 11-08-2014, 12:12 PM
المشاركة 1265
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثروت أباظة
(1927-2003م)

ملتقي اسمار د . حسين علي محمد

سيرة موجزة

ولد في 15 يوليو 1927م في بلدة غزالة بمركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، وهو من أسرة أدبية أخرجت للأدب العربي عمالقة من الأدباء, علي رأسهم والده الأديب إبراهيم الدسوقي باشا أباظة الذي تولي الوزارة عدة مرات، وعمه الشاعر الكبير عزيز أباظة وابن عمة الكاتب الكبير فكري أباظة.
تخرج ثروت أباظة في كلية الحقوق جامعة القاهرة 1950م, لكنه بدأ الكتابة قبل تخرجه في الجامعة, حينما كان طالبا في المرحلة الثانوية.
وقد استهل حياته العملية بالعمل بالمحاماة ثم تولى العديد من المناصب في الهيئات الأدبية والصحفية والسياسية.
وقد رأس تحرير مجلة (الإذاعة والتليفزيون) عام 1974م, ثم رأس القسم الأدبي بجريدة (الأهرام) (1975-1988م), وظل يكتب في الصحيفة نفسها حتى وفاته.
حصل علي العديد من الأوسمة والجوائز منها وسام العلوم والفن ونمن الطبقة الاولي ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولي وجائزة الدولة التشجيعية عام 1959 عن رواية (هارب من الايام) وجائزة الدولة التقديرية في الآداب 1982م, كما منحته جامعة الزقازيق درجة الدكتوراه الفخرية 1998م, وتبلغ مؤلفاته أكثر من 40 مؤلفاً، منها 30 رواية، ومسرحيتان، و10 كتب في الدراسات الأدبية والتراجم. وتم تحويل نحو 25 عملاً أدبيا إلي مسلسلات تليفزيونية ,كما كتب سيرته الذاتية تحت عنوان (لمحات من حياتي).
كان وكيل مجلس الشورى، كما كان عضوا بالمجلس الأعلى للثقافة والمجالس القومية المتخصصة ومجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلى للصحافة. وكان رئيس شرف رابطة الأدب الحديث وعضو نادي القلم الدولي, بالإضافة إلي رئاسته لاتحاد كتاب مصر حتى قدم استقالته عام 1997م.
وقد ألف الراحل ثروت أباظة عدة قصص وروايات، تحول عدد منها إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية، كان أهمها: "هارب من الأيام"، "ثم تشرق الشمس"، "الضباب"، و"شيء من الخوف"، "أحلام في الظهيرة"، "طارق من السماء"، "الغفران"، "لؤلؤة وأصداف".
ولم يكن ثروت أباظة يسير علي هدي نجيب محفوظ الذي اختار أن تصدر أعماله كلها عن ناشر واحد، هو «مكتبة مصر»، فقد صدرت مؤلفات ثروت أباظة عن خمسة عشر ناشرا بدءا من دار المعارف التي أصدرت كتابه الأول «ابن عمار» في عام 1954م في سلسلة «اقرأ»، ومرورا بأخبار اليوم، ونهضة مصر، ودار غريب، ودار الشروق، ومكتبة مصر، والمكتب المصري الحديث، ودار الكتاب اللبناني، ودار النهضة العربية،ودار القلم، وروز اليوسف، ودار الكاتب العربي، والمركز الثقافي الجامعي، ودار التعاون، والهيئة المصرية العامة للكتاب التي أصدرت أعماله الكاملة.
وقد توفي فجر الأحد 17-3-2002م بعد صراع طويل مع المرض إثر إصابته بورم خبيث في المعدة، ونُقل جثمانه من مستشفى "الصفا" بالقاهرة إلى مسقط رأسه في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية حيث أوصى بدفنه.
ظلمه النقاد
وقد ظُلِم ثروت أباظة ظلما بينا فلم يمنحه النقاد الكبار ما يستحقه من جهد نقدي يتفق مع حجم عطائه في الرواية أو القصة أو المقال، ولولا محاولات عشوائية مثل كتاب ثروت أباظة 'الفلاح الأرستقراطي' لمحمود فوزي، ودراسات مثل : 'الدين والفن في أدب ثروت أباظة' لمهدي بندق، و'النماذج البشرية في أدب ثروت أباظة' للدكتور عبد العزيز شرف، وكتابين آخرين صدرا مؤخرا، ورسالتين أكاديميتين: 'الخطاب الروائي عند ثروت أباظة' للسيد أحمد السوداني 'من جامعة عين شمس'، و'الفن القصصي عند ثروت أباظة' لوجيهة المكاوي 'كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالإسكندرية'، أقول لولا هذا لما واكبه أي جهد نقدي.
وإن كان توجه جائزة الدولة التشجيعية في الرواية في أولي دوراتها عام 1958 له عن 'هارب من الأيام' هو في حد ذاته تقدير لإبداعه أكده بعد ذلك منحة جائزة الدولة التقديرية في الآداب في بداية الثمانينات.
معارك سياسية
خاض ثروت أباظة معارك سياسية كثيرة مدافعاً عن مواقف يرى أنها صحيحة، ولم يحاول أن يُغيرها لإرضاء أحد حتى ولو أغضب منه الكثيرين، وقد كان الخلاف الأساس بين أباظة وبين كتائب اليسار والناصريين وذلك لمهاجمته عبد الناصر يعد رحيله في مقال شهير بعنوان «في أي شئ صدق؟»، والذي مثل بداية حرب سياسية ضد كاتبنا الكبير.
ولاشك في أن السياسة لعبت دورا كبيرا في حياة ثروت أباظة، وربما كان السبب في ذلك المناخ السياسي الذي عاش فيه وتشبع بمفاهيمه حول قضايا الحرية بصفة عامة.
وما بين السياسة والأدب مضت رحلة كاتبنا الكبير .. فقد خاض أكثر من معركة سياسية ابتداء بمعركته مع الناصريين وانتهاء بالإخوان المسلمين وفي كل الحالات لم يغير الرجل مواقفه مهما كانت ضراوة المواجهة .
وقد أثارت روايته "شيء من الخوف" التي تصور زواج فتاة رغم أنفها من رجل خارج على القانون جدلا؛ حيث اعتبرها كثيرون انتقادا لحكم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
ثروت أباظة وعبد الناصر
وقد كتب محمد الخولي في صحيفة العربي الناصرية في عموده «آخر زمن» ـ العدد 884 ـ السنة 11، في 9/11/2003م، تحت عنوان «مشكلة الأستاذ أنيس»، يقول:
من حق السيدة عفاف أباظة أن تنشر كتابا تشيد فيه بسيرة زوجها الأديب الراحل ثروت أباظة ومن حق السيد أنيس منصور أن ينشر مقالا يتغنى فيه هو الآخر بمآثر الكتاب المذكور أعلاه لكن ليس من حق أنيس منصور أن يقول إن ما كتبه ثروت أباظة في سب الزعيم عبد الناصر وبعنوان "وفى أي شيء صدق" هو أجرأ وأقوى مقال كتبه أديب عن عبد الناصر.. واصفا سخائم المقال بأنه قذائف صاروخية وأن كاتبها المرحوم أباظة كان صادقا شجاعا.. إلخ.
نقول إن من حق هؤلاء جميعا.. أن يقولوا ويكتبوا ما يشاءون لكن شرط أن نسجل نحن الحقيقة الأبلغ والأسطع والأبقى وهى:"إن الأديب ثروت أباظة كتب مقاله الموصوف بالجرأة والقوة والشجاعة وبأفعل التفضيل بعد رحيل جمال عبد الناصر إلى عالم الخلود وقد كتبه في إطار الحملة المسعورة والمشبوهة على ما كان يمثله عبد الناصر ـ الرمز والإنجاز وهى الحملة التي باتت تعرف الآن في أدبيات السياسة الأمريكية تحت مصطلح "تفكيك ناصرية مصر" وقد بدأت بحكاية الرئيس المؤمن والزبيبة والمسبحة وشارك فيها عدد من الكتاب الذين أتاح لهم النظام "المؤمن" إياه منابر جهيرة وكان منهم صالح جودت في مقاله "لو استطعت لأطلقت عليه الرصاص" وجلال الحمامصي الذي تجاسر ـ وهيهات ـ في التشكيك في ذمة عبد الناصر، ثم كتابات ومقالات ثروت أباظة ومنها المقال الذي يعتبره الأستاذ أنيس منصور الأجرأ والأشجع بين ما قالته العرب في باب "الهجاء بطبيعة الحال".
مشكلة الأستاذ أنيس منصور أن الجرأة والشجاعة والقوة وكل المسائل كانت جميعا بأثر رجعى.. وبعد أن رحل عبد الناصر بوقت طويل وباتت شتيمته أمرا مطلوبا ومريحا ومربحا من حيث الزلفى إلى الرئيس الجديد الذي رأى أيامها أن يعدد ما تركه سلفه من إنجازات فقال "لقد ترك جمال لي شيئا مهما للغاية هو.. الحقد".. وغفر الله للجميع.
من أقواله
يقول عن مولده: «ولدت بالقاهرة عام 1927 في 28 يونيه وقد كنت في غناء عن ذكر هذا التاريخ الا انني اذكره لان ابي لم يشأ أن يقيد ميلادي بالقاهرة وانما انتظر حتي ذهب الي بلدتنا في الريف غزالة الخيس مركز الزقازيق باقليم الشرقية وقيدني هناك ولذلك فتاريخ ميلادي الرسمي المقيد بشهادة الميلاد في البطاقة هو 15 يوليو 1927 وقد ذكرت هذه الواقعة علي بساطتها لابين مدي ارتباطنا بالريف ويوم ولدت كان أبي عضوا بمجلس النواب ثم صار وكيلا لمجلس النواب سنة 1930 إلي 1938 ثم عين وزيرا عدة مرات واستمر في احدي هذه المرات خمس سنوات متتالية في الوزارة، وهذا المولد وتلك النشأة التي تجمع بين أب فلاح ينتمي الي الريف ويدين له بكل ما وصل اليه من مجد وأب وصل في نفس الوقت الي أعلي المراتب في الدولة جعلتني اخالط كل الطبقات مخالطة معاشرة تامة.
وكان أبي أديبا.. وهكذا بدأت القراءة وأنا في السابعة وكان يرعي بماله وجاهه الشعراء فكان بيتنا لا يخلو من شاعر كبير.. ولهذا اتقنت اللغة العربية اتقانا قل ان يتاح لمن تعلموا مثلي في غير المدارس المتخصصة في العلوم الدينية واللغوية وقد قضيت طفولتي الباكرة بحي المنيرة وهو حي شعبي، ثم انتقلت قبيل حصولي علي الابتدائية الي حي العباسية وهو حي يجمع بين كل الطبقات، فصراع الطبقات الذي يقولون عنه انما هو عندي اكذوبة كبيرة لا حقيقة وراءها ابدا.
تزوجت عن حب من عفاف أباظة ابنة شاعر العربية والمسرح الكبير عزيز أباظة ولنا ابنة تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية واسمها أمينة، وابن واسمه دسوقي تخرج في كلية الحقوق وعين معاونا للنيابة وهي أولي درجات السلم القضائي.
لم اجد صعوبة في نشر مقالاتي ولا وجدت صعوبة في نشر كتبي، فأول مقالة لي نشرت بمجلة الثقافة القديمة سنة 1943 وكان عمري 16 سنة، وأول كتاب وهو 'ابن عمار' نشرته لي دار المعارف في سلسلة اقرأ عام 1954 وكان عمري 27 سنة والشيء الوحيد الذي آسف عليه ان أبي لم ير شيئا من كتبي لانه توفي في 22 يناير عام 1952، ولكنه كان قد قرأ كل ما كتبته بالصحف والمجلات حتي وفاته، وكنت انشر بجميع الجرائد المصرية تقريبا، ولكنني انتظمت في النشر أولا في مجلة الثقافة ثم جمعت اليها مجلة الرسالة، ثم اصبحت اكتب مقالا اسبوعيا بجريدة المقطم، ثم تركتها لاكتب مقالا اسبوعيا بجريدة المصري وقد ظللت اكتبه حتي استولت الثورة علي الجريدة وأغلقت أبوابها وصادرت أموال اصحابها، ثم أصبحت اكتب القصص بمجلة المصور ثم 'أخبار اليوم' ثم الجمهورية وعملت فترة بجريدة القاهرة من 1954 الي نهايتها.
ولم اكتب في كل ما كتب كلمة واحدة تمجد العهد السابق في مصر فجزائي انني لم اعين في أي وظيفة منذ تخرجي عام 1950 أما جريدة القاهرة فقد كانت ملكا للامير فيصل وعيني الرئيس السادات رئيسا لمجلس ادارة مجلة الاذاعة عام 1974، وكانت الجامعة العربية تريد تعييني بها ولكن السلطات المصرية قبل السادات رفضت وكانت كتاباتي كلها في هذه الفترة من خارج الصحف فاذا التحقت بوظيفة فلمدة شهور باحدي المجلات الاهلية، ولم اكن ارفض أي وظيفة خوفا من الفراغ، ولعله من الطريف انني حين نلت جائزة الدولة التشجيعية في أول سنة انشأت فيها عام 1958 عن رواية هارب من الايام نلت معها وسام العلوم والفنون فصدرت البراءة به ووظفني في البراءة رئيس تحرير مجلة الاعلان حتي أحس حين استيقظ في الصباح أن لي عملا يمكن أن اذهب إليه.
ولعل أهم أعمالي التي وضح فيها الرمز هما هارب من الأيام وشيء من الخوف وقد ظهر كلاهما بالسينما والإذاعة والتليفزيون وظهرت هارب من الأيام علي المسرح في علاج درامي قامت به المرحومة السيدة أمينة الصاوي.
وقد أثارت شيء من الخوف ضجة كبري في مصر والعالم العربي وقد كان المحور الأساسي فيها هو الشرعية وكانت هناك جملة تنطق بها الجموع وهي 'زواج عتريس من فؤادة باطل' وكانت الجموع في دور السينما تهتف زواج عتريس من فؤادة باطل' ولذلك لم يستمر عرض الرواية أكثر من ثلاثة أسابيع في دارين للسينما بالقاهرة، ثم مرت مرورا سريعا بالأقاليم، لكنها في عهد الحرية أصبحت تعرض كثيرا بالتليفزيون، وقد أصبحت هذه الجملة مثلا سائرا يستعمل كثيرا في المسرحيات كلما أراد المؤلف أن يعبر عن الحرية.

شغل المناصب التالية

: رئيس القسم الأدبي لجريدة الأهرام ، رئس مجلس إدارة مجلة الإذاعة والتلفزيون ، نائب رئيس اتحاد الكتاب في مصر ، عضو مجلس الشورى وغيرها من المناصب .
المؤلفات
الروايات
ابن عمار ، 1954
هارب من الأيام ، 1956
قصر على النيل ، 1957
ثم تشرق الشمس ، 1959
لقاء هناك ، 1960
الضباب 1965
شيئ من الخوف ، 1966
أمواج ولا شاظى ، 1969
أوقات خادعة ، 1970
جذور في الهواء ، 1974
خائنة الأعين ، 1977
نقوش من ذهب ونحاس ، 1979
خيوط السماء 1982
طائر في العنق ، 1983
أحلام في الظهيرة ، 1984
لؤلؤ وأصداف ، 1985
النهر لا يحترق ، 1986
طارق من السماء ، 1986
وبالحق نزل ، 1988
بريق في السحب ، 1992
القصص القصيرة
الأيام الخضراء ، 1961
ذكريات بعيدة ، 1963
هذه اللعبة ، 1967
حين يميل الميزان ، 1970
السياحة في الرمال ، 1973
لأنه يحبها ، 1977
وبقي شيئ ، 1979
المسرحيات
الحياة لنا ، 1955
حياة الحياة ، 1968
من أقاصيص العرب ، 1968
مقالات : 11 مؤلفا من المقالات أهمها خواطر ثروت أباظة 1980
كما صدر في العام 1992 مؤلفات ثروت أباظة في 6 مجلدات.

دراسة عن المقالة عند ثروت أباظة

حصل شكيل أحمد خان الندوي‏(‏ هندي الجنسية‏)‏ علي درجة الماجستير بتقدير ممتاز عن موضوع فن المقالة عند ثروت أباظة ـ دراسة فنية من قسم الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة‏.‏ تكونت لجنة المناقشة من الدكاترة‏:‏ شعبان محمد مرسي أستاذ الأدب العربي بالكلية مشرفا‏,‏ ومحمد موسي خشبة أستاذ الأدب العربي بالكلية‏,‏ وأحمد حلمي حلوة رئيس قسم اللغة العربية بأكاديمية الفنون بالهرم عضوين‏.‏
وقد بدأ الباحث دراسته باستعراض تاريخي لفن المقال من حيث تطوره وأساليبه‏.‏ فقد كتب ثروت أباظة أكثر من‏1500‏ مقال صحفي ما بين سياسي واجتماعي وأدبي ونقدي وثقافي واقتصادي‏.‏ وأهم النتائج التي توصل إليها‏:‏ الكاتب ثروت أباظة استطاع أن يناقش قضايا مجتمعه المصري من خلال قلمه‏,‏ وقد حاول أن يجد حلولا لهذه المشاكل‏.‏ وأن هذه المقالات تأريخ لمصر‏.‏ وقد اهتم ثروت أباظة بقضية العدل واهتم بكل طبقات المجتمع‏.
‏ كما عني الكاتب باللغة العربية الفصحي الجميلة‏,‏ واستخدم لغة سهلة وابتعد عن الألفاظ الحوشية غير المتداولة‏.‏ وكثر اقتباس الكاتب من القرآن والأحاديث النبوية والشعر والأمثال‏.‏
ويقول الباحث‏:‏ انه يري ضرورة أن تهتم الدوائر الثقافية بإعاد ة نشر مقالات الكاتب الكاملة‏,‏ لأن ما نشر لا يضم كل مقالات ثروت أباظة‏.‏

*الأهرام ـ في 25/10/2009م.

قديم 11-08-2014, 12:22 PM
المشاركة 1266
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
القصة في الشعر العربي - ثروت اباظة



برحيل الأديب ثروت اباظة فقدت الحركة الثقافية المصرية واحدا من الكتاب الذين انحازوا في كتاباتهم الابداعية لقضايا الفقراء والطبقات البسيطة في مجتمع المدينة، كما يعتبر اباظة من أكثر الكتاب المصريين إثارة للمعارك الابداعية، والثقافية والسياسية والتي كانت واحدة منها سببا في إقصائه من رئاسة تحرير مجلة الاذاعة والتلفزيون عام 1975، بعدها استمر الكاتب الراحل في معاركه مع قوى اليسار المصري والناصريين، كما هاجم الكثير من الكتابات ذات الرؤى الحداثية، وقال في أحد مقالاته «أتحدى ان يحفظ الشعراء الذين يكتبون قصائد التفعيلة ما يكتبون».

* حياة أدبية متنوعة
* ولد ثروت أباظة في 28 يونيو (حزيران) عام 1927، وتلقى تعليمه في مدارس القاهرة، وتخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة (فؤاد الأول) عام 1950، وتزوج بعد ذلك من عفاف ابنة عمه الكاتب المسرحي عزيز أباظة، وتعرف على أعماله المسرحية وأشرف على طباعتها وتمثيلها في المسرح، كما قرأ أعمال توفيق الحكيم وطه حسين والعقاد ويوسف السباعي الذي كان يعتبره أخاه الصغير.
نشر ثروت أباظة أول قصة قصيرة له بعنوان «اكرم من حاتم» في مجلة «صرخة العرب» عدد يناير (كانون الثاني) 1955، أما أول رواية فنشرت عام 1954 بعنوان «ابن عمار»، وحصل على أول جائزة تشجيعية للدولة عن روايته «هارب من الأيام» عام 1958 كما قامت جامعة ليدز البريطانية بتدريس قصصه بقسم اللغات السامية في عام 1960.
لم يقف الأديب الراحل ثروت أباظة عند حدود القصة والرواية، بل كتب المسرحية والدراسات النقدية والمقال.
* الجبار: احتفاء بالقيم الايجابية
* يقول عنه الدكتور مدحت الجيار عضو مجلس ادارة اتحاد الكتاب: «ان أهم المحاور التي عمل عليها الكاتب الراحل كانت قضايا القرية والمدينة، وكشف عبر رواياته وقصصه عن الظلم في العلاقات داخل القرية وربط بينها وبين الواقع السياسي في ذلك الوقت. ولعل شخصية «كمال الطبال» في رواية «هارب من الأيام» و«عتريس» و«فؤادة» في «شيء من الخوف» يمكن ان تشكل رموزا واضحة على هذا العالم، وهي نماذج تمثل عالم القرية وما يحدث فيه من تناقضات بين عالمي «الظاهر والباطن»، كما في «هارب من الأيام»، كما نلمح رموزا لعالم القوة والضعف، في «شيء من الخوف» وغيرها من الروايات مثل «لنا لقاء» و«ثم تشرق الشمس»، وكلها روايات من وجهة نظر الحيار تحتفي بالقيم الأخلاقية ونبل العلاقة بين الرجل والمرأة.
وأضاف الجيار «ان ثروت أباظة الذي توفي عن عمر يناهز 75 عاما لم يدع يوما في حياته يمر دون كتابة، فقد قدم للمكتبة العربية 20 عملا روائيا مثل معظمها في السينما والتلفزيون، كما كتب أكثر من 70 تمثيلية للاذاعة، ومائة قصة قصيرة ومسرحيتين هما «الحياة لنا» و«حياة الحياة». وأضاف د. الجيار يكفي ان نقول ان مجمل ما كتبه ثروت أباظة يتجاوز 10 آلاف صفحة من القطع الكبير.
وتحدث الجيار عن كتابات ثروت أباظة النقدية، مشيرا الى انها كانت كتابة انطباعية وخرجت في ثمانية كتب منها «السرد القصصي في القرآن» و«شعاع من طه حسين» و«القصة في الشعر العربي»، وأشار الجيار الى ان ثروت أباظة كان تلميذا نجيبا للكاتب الفرنسي موباسان والكتاب الروس وعلى وجه الخصوص تولستوي وديستويفسكي وجوجول، لكنه أقرب إلى موباسان لانه يعالج عالم البسطاء ويحاول ان يقدم شخصيات نبيلة في كل عمل قصصي له تكون وسيطا لحل لغز الرواية أو القصة، لتنتصر في النهاية القيم الأخلاقية النبيلة.
* جبريل: وقف إلى جانب كثير من الكتاب الشبان
* وحول دور ثروت أباظة قال الروائي محمد جبريل نائب رئيس اتحاد الكتاب السابق اذا كنت أدين بفضل الريادة وتذليل خطواتي الأولى في الساحة الثقافية في القاهرة منذ قدمت من مدينتي الساحلية الاسكندرية الى جيل الاربعينيات نجيب محفوظ والسحار والبدوي وغيرهم فاني أدين بالفضل نفسه الى الأديب الراحل ثروت أباظة هذا رغم انه من جيل تال عليهم، ولعلي اعترف أنه كان الوحيد من جيل الخمسينيات الذي وقف الى جانب كثير من المبدعين الشباب يساعدهم ويأخذ بأيديهم وينشر لهم أعمالهم ويتحمل غلاساتهم سواء على المستوى الشخصي أو اثناء رئاسته لاتحاد الكتاب حيث انتخب رئيسا له منذ عام 1984 واستمر في منصبه حتى عام 1990، وكان قبل ذلك نائبا للرئيس.
وأضاف جبريل كان ثروت أباظة يقوم بنفس الدور في نادي القصة والذي كان يترأسه ايضا وقال جبريل اذا كان البعض قد تسول له نفسه انكار ما قدمه ثروت أباظة له على المستوى الانساني والشخصي قبل المستوى الابداعي، فان ضمائر الكثيرين لن تقبل هذا وأنا منهم.
صحيح اختلفنا معه فكريا وفنيا لكنا لم نختلف معه أبدا على المستوى الانساني فقد كان انسانا نبيلا وفارسا لا يتذكر ابدا مساوئ الآخرين، واضاف جبريل جميعنا يذكر المؤامرة التي احيكت ضده لابعاده عن اتحاد الكتاب من بعض من ساعدهم حتى في أحوالهم المعيشية فقابلوا الاحسان بالاساءة وتآمروا عليه لكن ثروت أباظة لم يلجأ ابدا لمقابلة اساءاتهم والرد عليها وإنما تخلى بأخلاق الفرسان عن كل شيء في اتحاد الكتاب حتى العضوية العادية وكان مثالا للترفع عن الصغائر، وأشار جبريل الى اهتمام ثروت أباظة بالأعمال التي كان ينشرها زملاؤه من المبدعين، وحرصه على أن يلتقي بهم ويبدي لهم وجهة نظره في أعمالهم.
* داود: أعماله تشكل علامة في السينما المصرية
* وأشار الكاتب المسرحي ومدير السينماتيك المصري عبد الغني داود الى ان معظم أعمال ثروت أباظة الابداعية والتي تم تحويلها الى أفلام سينمائية تشكل علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية ولعل أهم هذه الأعمال فيلم «شيء من الخوف» الذي اخرجه حسين كمال وقام ببطولته الفنان محمود مرسي وشادية، وذكر ان هذا الفيلم كان من الشجاعة بحيث شكل ادانة صريحة للواقع السياسي في ذلك الوقت.
وأشار داود الى ان رؤى ثروت أباظة التي عبر عنها في رواياته ونقلت الى السينما انحازت الى عالم الفقراء وانتصرت للحق والعدل، مع انه كان ممثلا لعائلة اقطاعية ثرية وبرغم انها اضيرت كثيرا من سياسات التأميم والمصادرة إلا ان ذلك لم يمنعه من مناقشة قضايا الانسان المصري وانحاز كثيرا للطبقات الهامشية في المجتمع.

قديم 11-08-2014, 12:28 PM
المشاركة 1267
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 73- اللاز الطاهر وطار الجزائر

رواية اللاز
أول رواية نشرها الكاتب الجزائريالطاهر وطار وذلك سنة 1974 وهي تعالج الصراع بين الثوار والثوار أيام الثورة التحريرية, حيث ذبح بعض الشيوعيين والمثقفين بسبب انتماءاتهم الأيديولوجية, نشرت هذه الرواية في أكثر من بلد وبأكثر من لغة, وهي تدرس إلى جانب رواية الأم لمكسيم غوركي والعقب الحديدية لجاك لندن, في المدارس النقابية والحزبية.
وأهم عمل للروائي جعل شهرته تقفز.

وصلات خارجية

يمكن قراءة هذه الرواية أو نسخها من موقع المؤلف علي الرابط :

قديم 11-08-2014, 04:35 PM
المشاركة 1268
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
لاز الوطن النبيل
كتبهاالخير شوار ، في 1 ديسمبر 2008 الساعة: 21:23 م

رواية اللازللطاهروطار ككل رواياته السابقة تتناول في متنها الشأن الجزائري خاصة فترة الاستعمار الفرنسي والكفاح ضده عبر حرب التحرير التي شهدت مؤازرة عربية عن طريق مد هذه الثورة بالسلاح والوقوف معها سياسياً في المنابر الدولية..

محمد الأصفر*
تناول الطاهر وطار أيضاً في رواياته الفترة التي أعقبت التحرير وتناول بالتحليل والدرس الشخصيات والفئات التي استغلت هذه الثورة لتجنى ثمار الإنتصار من دون أن تصنعه وعبر هذه الفئات الطفيلية استطاع الطاهر وطار أن يضع إصبعه على جراح وهموم الشعب الجزائري من دون أن يقترح حلولاً ولعل تشخيص الحالة ووضع الأصبع على موضع الداء هو نصف العلاج لأي مرض.
في رواية الشمعة والدهليز والتي على ما أعتقد أنه كتبها في نفس واحد أي في فترة قصيرة متصلة مع بعضها من دون توقف حاول أن يدخل دهليز الظلام بشمعة وقودها روحه وفي هذا الدهليز المظلم أضاء الكثير من المنعطفات والثنايا كاشفاً ما فيها ومنظفها من قذارة الظلم والقهر والنفاق.. لقد حارب الطاهر وطار في روايته الشمعة والدهليز النفاق والتملق عبر شخصية بطل الرواية المناضلة والمثقفة واليسارية وفضح الكثير من لاعني الملة وآكلي الغلة.. الذين ينتقدون الدولة والنظام في المقاهي والجلسات وفي الوقت نفسه هم أكبر المستفيدين من هذا النظام وما أن يدعوهم إليه أو يهمس لهم حتى يهشون ويبشون ويركضون نحوه متنكرين لكل المبادئ التي يطلقها لسانهم والتي ينظرون لها في الاتساع.
عندما قرأت رواية الشمعة والدهليز لم أشعر أن الطاهر وطار يتحدث عن الجزائر إنما يتحدث عن بلادنا فكل ما تناوله عبر الرواية موجود لدينا وأعتقد أيضاً أنه موجود في كل الدول مما يعني أن قضية التملق والمتاجرة والنفاق قضية إنسانية عالمية لا يستحوذ عليها مكان واحد مهما تعاظمت فيه. وهذا الأمر يعتبر أمراً جيداً فالرواية هي فن عالمي ولو أنه يكتسي دائماً بالمحلية، فالمحلية دائماً تتركز في المكان والزمان لكن الأحداث والصراع دائماً تكون عالمية لأن مادتها الإنسان وأحاسيسه ومشاعره ومعاناته.. كل الكتاب المنطلقين من وجهة نظر سياسية والذين لديهم انتماء عقائدي أو سياسي سنجد لديهم المادة الروائية غزيرة جداً.. لأن السياسة تنتقل معهم دائماً إلي الفن.. والسطور تتحول إلى شخصيات والأوراق تتحول إلى منابر تقول فيها كل شخصية رأيها ومن هنا يتحول العمل الفني إلى /خطابة / أو مقالة من الممكن أن ننشرها في جريدة وألا نَصْنَعَ منها رواية.. لكن عند الطاهر وطار يختلف الأمر، فمادته سياسية لكن حبره إبداعي، فروايته عبارة عن لوحة فنية أو جدارية ترى فيها الأحداث قبل أن تقرأها لتحسها وتشعر بها أكثر، فكتابته نابعة من إيمان عميق بقضية الإنسان.. وكتابته محاولة لاكتشاف ما يمتلك هذا الإنسان من طاقات جبارة تمكنه من مقاومة الألم والفناء والانبعاث من جديد.. في الشمعة والدهليز نلمس الغوص في النفس الإنسانية.. نرى التوغل في أعماق هذه النفس بمصباح يذوب كلما عاش أكثر في هذا الزمن.
وفي رواية اللاز التي تتحدث معظم أحداثها عن فترة المقاومة الجزائرية للإستعمار الفرنسي يطرح الكاتب مشكل الإستعمار وما يفرضه من نظم على البلاد التي يحتلها فيقسّم السكان إلى نعم أو لا.. معنا أو ضدنا والشيء نفسه تفعله المقاومة أو الثورة.. ومن هنا يجد الإنسان نفسه بين نارين.. نار الثورة ونار الاستعمار.. وكلاهما يمارس العنف والتصفية على معارضيه.. لقد صور لنا الطاهر وطار في روايته اللاز الدم ومعنى كلمة اللاز هي البطل.. لكن هذا البطل سرعان ما يتحجم ويكاد يختفي منذ منتصف الرواية ليتحول اللاز إلى الجماعة التي تعنى الثورة، لكن في الثورة تحدثت صراعات.. فالثورة ليس لها إلا وجه واحد.. وعندما تجد أن المقاومين متعددي المشارب السياسية تحاول هذه الثورة أن تصفي اليسار فتحاكم كل المنضويين إليها من تيارات سياسية أخرى وهنا يضع الطاهر وطار قضية المتطوعين في المقاومة والذين يتعرضون للتبرأ من أفكارهم السياسية السابقة والانصياع لعقيدة القوة المسيطرة على الثورة الجزائرية آنذاك عبر سطوة القيادة في المنفى.. فعلى الرغم من أن قضية النضال ضد الفاشية والظلم عالمية حيث يشترك في المقاومة الجزائرية إلي جانب المجاهدين الجزائريين عدة أفراد ينتمون إلى أحزاب شيوعية.. أسبانية وفرنسية وجزائرية بل هم أوروبيون وليسوا جزائريين.. إلا أن هذا النضال لا يقبل منهم في النهاية ويتعرضون إلى محكمة صورية تخيّرهم بين التخلي عن المبدأ أو الذبح فيختارون الذبح ربما ندماً وتكفيراً على الالتحاق بهذه الثورة التي باعتهم.
في رواية اللاز حفر الطاهر وطار جيداً في قضية الثورة وفي قضية الدفاع عن الوطن وتحريره ساعده في ذلك أنه عاش هذا النضال عن قرب فأحياناً تشعر أن ما يكتب هو سيرة ذاتية فلا تشعر بأي تكلف في الكتابة فالكلمة جزائرية واللسان جزائري والغضب جزائري والذبح والدماء جزائرية.

وعلى الرغم من قدرات الطاهر وطار الإبداعية الكبيرة إلا أنه لم يبتعد عن واقعه ولم يخرج من ملعبه ليلعب بعيداً عن أرضه.. أي أنه لم يتأثر بما يكتبه الأدب الفرنسي الذي يجيد لغته والذي وقع في فخه الكثير من الروائيين الجزائريين. فجاءت رواياتهم ذات نكهة فرنسية لا تحمل من الخصوصية الجزائرية إلا كون الكاتب جنسيته جزائري.
فرواية وطار واضحة جداً.. دائماً تحكي عن نضال الشعب الجزائري الذي مازال مستمراً حتى الآن ودائماً تنحاز إلى اليسار ودائماً تواصل الحفر لفهم هذا الإنسان الذي يقدم التضحيات من أجل الثورة ثم يسرقها أو يقتلها أو يطفئ لهيبها لكن لا يتركها تندفن أو تتوغل في الظلام فعبر أغنية جزائرية يبعثها من جديد يشتعل الرقص والغناء وتصدح الموسيقا في كل مكان.
من هو البطل ؟
ومن هو اللاز الحقيقي ؟
وما مفهوم البطولة ؟
وهل البطولة تعنى الانتصار ؟
.. هذه المعاني نجدها واردة بصورة جلية في رواية اللاز.
هذا اللاز الذي حنكته الحياة وربّاه الشارع المكتظ بالدروس.. اللاز الذي يرى الوضع بعين النبل حتى وإن كان منحرفا مع العباد فهو مخلص مع الوطن يجند المجاهدين الجدد ويساعد المجندين الجزائريين في الجيش الفرنسي على الهرب بأسلحتهم والإنضمام للمقاومين وعندما تم القبض عليه وجهت له هذه التهمة التي افتخر اللاز بها كثيرا والجميل أن المجاهدين لم يتركوه اقتحموا المعسكر وحرروه ودمروا الكثير من آليات العدو وقتلوا الكثير من جنوده وسأعرض جزء من نضاله عبر هذه المقاطع التي سطرها إبداع وطار على الورق :
/ اللاز… إننا وحدنا، كما رغبت… هيا تكلم… أنت تعيش في الثكنة، في مقر القيادة إن شئنا التدقيق. تتصل بالمجندين المسلمين وتسلم لهم رسائل من الخارجين عن القانون، أو تقنعهم بالقرار، بدون رسائل، وحين تتفق مع ثلاثة أو أربعة تحدد لهم المكان والوقت بعد أن تتصل بالشخص الذي يتولى نقلهم أو إرسالهم أو تهريبهم، سمه كما شئت. كل هذا عرفناه بوسائلنا الخاصة التي تعلمها. و بقي أن تقول لي من هو الشخص أو الأشخاص أو رئيسهم الذي تتصل به أنت. هذا فقط ما أريد معرفته.
سأضمن سلامتك إن اعترفت.
بمن أبدأ؟
فكرة رائعة… رائعة جداً… الشامبيط، الخنزير. لشد ما عذبني بسوطه… الخائن… أكبر خائن على الإطلاق… هو الذي يشي بكل الناس… أربع محاولات اغتيال ينجو منها.
سيساعدني ذلك على اتهامه… سأعلن للضابط أن محاولات اغتياله كانت تمثيلاً لا غير، المقصود منها التمويه عنه.
سأراه منبطحاً على هذه المنضدة كالثور، عارياً تخزه المسامير الحادة، وتلسع جلده اللدن السياط المبتلة، والجراح المملحة.
يا له من منظر! وانفرجت شفتاه المتورمتان عن أسنانه الصدئة السوداء…/.
رواية بها الكثير من الألم وبها تصوير رائع للتضحية في سبيل القيم والمبادئ التي بدأت رحيلها نحو الانقراض.. رواية بها الكثير من الأحداث التي يظنها البعض أنها لعبة ( اكشن ) لكن ليس هناك مقاومة ساكنة أو استعمار صامت فظروف الرواية وأحداثها تفرض على الكاتب أن يضمّنها الكثير من المشاهد الحركية.. طريقة الهجوم.. طريقة التفتيش.. الاغتصاب.. الذبح.. هي رواية بها الشيء الكثير الذي يسمى السيناريو.. تقرؤها وكأن أمامك شاشة تلفزيون.. هي من الروايات التي تقرؤها وتراها بصرياً ووجدانياً في الآن نفسه وعندما تنام تحلم بها كثيرا فتؤرجحك بين حالات كثيرة كابوسية ولذيذة وحالمة.. رواية تجعلك تستيقظ صباحا برأس عنيد كرأس اللاز عندما يقرر التحدّي.

* روائي من ليبيا

قديم 11-08-2014, 04:41 PM
المشاركة 1269
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اللاز ملحمة شعب
دراسة نقدية لرواية الفنان الجزائري الطاهر وطار-اللاز


بقلم عبد الله رضوان



تعريف بالمؤلف:

ارتبطت بعض الأسماء الروائية العربية،بظروف تطور مجتمعاتها بشكل انعكس على الكثير من إبداعاتها الروائية،فإذا كان نجيب محفوظ روائي البرجوازية الصغيرة في صعودها ونمائها حتى وصولها إلى الحكم،وصدقي إسماعيل في روايته"العصا"يحد المرحلة التاريخية التي عاشها الشعب السوري بين حقبتين-الأتراك،الفرنسيين-وبداية الاستقلال مشيرا إلى دور البرجوازية الوطنية وظهور بداية التشكل السياسي.
وإذا كان حنا مينة قد التزم في معظم رواياته،باستثناء المرصد،برصد واقع الفقراء وابراز مجموعة من النماذج الفاعلة اجتماعيا وسياسيا في مجتمعه بحيث ارتبط اسمه كمعلم بارز من معالم الرواية الواقعية تستطيع من خلال رواياته أن نقرأ تاريخ سوريا المعاصر.
إذا كان ذلك صحيحا فإننا نستطيع القول بثقة أن الطاهر وطار يشكل ظاهرة فنية مميزة ليس في الجزائر فقط وانما في المغرب العربي عموما،انه رجل الثورة الجزائرية الذي يعي دوره الحقيقي كفنان ملتزم بمجتمعه وشعبه، لصالح تقدم هذا المجتمع وتحقيق الثورة الزراعية والصناعية تمهيدا لتكوين المجتمع الجزائري.الحلم.
وإذا كان بعض الأسماء الجزائرية،التي تتعامل باللغة الفرنسية في إبداعها،قد أخذت حجما متقدما من الاهتمام في المشرق العربي مثل محمد ديب، وكاتب ياسين وغيرهم،فان الطاهر وطار قد ظلم على أكثر من مستوى،علما بأن ما يقدمه يشرب من نفس المنبع الذي قدمه هؤلاء،المجتمع الجزائري الحديث والقديم،الفقراء،مع إيمان حاد بتقدم هذا المجتمع وتغيره ومن هنا أهمية التعريف بهذا الكاتب،وضرورة دراسة نتاجه.
وطار كفنان خصب الإنتاج فقد أمكن التعريف على بعض أعماله التي تنوعت بين القصة القصيرة،و الرواية،والمسرحية.نذكر منها:
الهارب-مسرحية.
الطعنات-قصص قصيرة.
الزلزال-رواية
عرس بغل-رواية.
الموت في الزمن الحراشي.
رواية.
واخيرا وكما ورد في غلاف روايته اللاز،فالطاهر وطار من مواليد 1936،وقد شارك في الثورة التحريرية الجزائرية منذ عام 1956 ولازال عنصرا فاعلا في مجتمعه حريصا على ثورته وعلى استمرار تقدمها.
لماذا اللاز
*تتبع أهمية هذه الرواية التي تقدمت في أهميتها معظم ما كتبه الطاهر وطار،من أكثر من مستوي،منها،ميدان الرواية التي اختار وطار فيها التحدث عن أخطر مراحل الثورة الجزائرية،المرحلة التي تلت انبثاق الثورة،أو مرحلة انتقال الثورة من الحالة العفوية،إلى حالة منظمة،وما اعترى هذا الانتقال من معوقات، بل حد من محاولة تصفية للقوي التقدمية فيها.
الجانب الثاني-أن الرواية-وأن لم تتخذ الحالة التسجيلية،بمعنى أنها ليست رواية تاريخية لواقع معين ولكننا نقرا فيها التاريخ،نعيش حالة الشعب الجزائري عبر ملحمة بطولته في النضال ضد المستعمر الفرنسي،مثل هذه الموضوعات تفتقدها في أدبنا العربي عموما-إذا استثنينا ما قدمه الروائيون الفلسطينيون في اكثر من عمل يتقدمهم الشهيد غسان كنفاني-رشاد أبو شاور واخرون.
الجانب الثالث-يتعلق بالمضمون الثوري الذي تطرحه الرواية وتصر عليه،عن طريق عكس لرؤية وموقف الروائي نفسه أننا نحس بإيمان الطاهر وطار بفقراء شعبية،وقدرتهم الدائمة على النضال،هذا النظال الذي وان بدأ هنا ضد الاستعمار الفرنسي،سنجد انه في الجزء الثاني من الرواية-الموت في الزمن الحراشي-يأخذ بعدا جديدا متمثلا في النضال ضد بعض القوي الغيبية داخل المجتمع الجزائري هذه القوى التي تختار الوقوف ضد الثورة متمثلة بمحاولتها لتخريب الثورة الزراعية.
أننا نلتقي في هذه الرواية بملحمة شعب،شعب المليون شهيد،الذي خاض النضال أشعل ثورته ضد الاستعمار أولا،ثم ضد التخلف والجهل والمرض.
التعامل النقدي مع هذه الرواية سيتم عبر محورين:
المحور الأول-محاولة التحليل الجانب البنائي في العمل.
المحور الثاني-متابعة تطور الحدث في الرواية لتقدمها إلى القارئ ومن ثم الخروج بمجموعة من النتائج والملاحظات حول هذا العمل.
حول المحور الأول نشير إلى أننا نستطيع متابعة الجانب الروائي في الرواية بشكله البسيط والمعقد من خلال متابعة الظواهر التالية:
*الزمن:
عنصر الزمن في الرواية عنصر أساسي،وزمن الرواية-الحدث-يتم في فترة الثورة الجزائرية على أننا نقصد بالزمن هنا،الطريقة التي أستخدمها الراوي في تحديد مسار روايته فالرواية تبدأ من لحظة حاضرة..
- أيه الله يرحمك يا السبع
- سيد الرجال
- عشر رصاصات،ومات واقفا الرواية ص9
الراوي إذن يضعنا أمام حالة حاضرة تتحدث عن لحظة ماضية،انه"قدور"أحد أبطال الرواية،والانتقال إلى الماضي يتم عبر ذكريات الشيخ الربيعي، والد قدور الذي"استند إلى الجدر وأطلق العنان لمخيلته،تتحسس الجرح..شيء عشناه،وشيء سمعناه..وشيء نتخيله"ص10
عندها تبدأ الرواية عبر الماضي-الحاضر،بمعنى أن الراوي ينقلنا عبر ذكريات الشيخ الربيعي إلى لحظة قائمة في الماضي،لنسير معها،عبر بداية جديدة،وكأن الزمن في طريق تشكله التدريجي والطبيعي.
في سير الحدث، يطرح المستقبل، عبر استشر قات وتخيلات القائد- زيدان-حينما يفكر في خلوته في مصير قريته-جزائر،مجتمعة،ثم وعبر تقطيع يشبه المشاهد المتلاحقة وصلت إلي اثنين وعشرين مشهدا، لنصل إلى الخاتمة-العودة إلى الحاضر في لحظة ابتداء الرواية،يعود الشيخ إلى واقعه،أمام مكتب توزيع المنح لاسر الشهداء"هات بطاقتك يا عم الربيعي"ويتقدم اللاز"يقف في أبهة وتطاول...وهو يهتف-ما يبقي في الوادي غير أحجاره-اللاز الذي تحول من حضور مادي محسوس إلي حالة روحية ذات حضور يقترب من الأولياء-بالمصطلح الشعبي-والذي تتابع حركته أو لنقل حركة الروائي معه في جزء الرواية الثاني-الموت في الزمن الحراشي.
هذه الطرية في البناء الزمني،تشبه إلى حد بعيد ما تحدث عنه الروائي جبرا إبراهيم جبرا في حديثه في مجلة الأفلام حول روايته الأخيرة،البحث عن وليد مسعود-وان كان استخدام جبرا لدائرية الزمن استخداما مختلفا عن استخدام الطاهر وطاو،على أن كليهما يتفقان على خصوصية الزمن لدى الإنسان العربي- بل والشرقي-عموما-فاللحظة الحاضرة ليست مفصولة عن اللحظة السابقة-الماضي- وهما بدورهما مرتبطان بحركة المستقبل بعكس الزمن لدى الإنسان الأوروبي الذي يتحرك أفقيا-ماضي- حاضر-مستقبل-دون العودة إلى الماضي لإغلاق الدائرة.
هذا الزمن الدائري نجده يمتد في جوانبه العمل في رواية اللاز-ليصبح كل نموذج رئيسي فيها-اللاز-زيدان-حمو-قدور-بعطوش-يتحرك كل هذه الشخصيات ضمن دائرية الزمن-الحاضر-الماضي-المستقبل-ثم الحاضر-الماضي وهذا في دوائر مختلفة،على أنها قضية-أي دائرية الزمن-في العمل الروائي العربي-بحاجة إلى مناقشة وتعمق اكثر ليس هذا مجاله.
*البطل:
تشير بعض الدراسات الأكاديمية في تقسيمها للأشكال الروائية إلى أن هنالك رواية أبطال،ورواية البطل الرئيسي-النموذج-وسط جمع حاشد من الشخصيات النمطية،وهنالك رواية المكان..الخ،وهنا لن ندخل في تفاصيل هذه التقسيمات،وانما سنتطرق إلى خصوصية الطاهر وطار في تعامله مع أبطاله،إننا في رواياته خاصة-عرس بغل واللازبقسميها-لا نجد اعتمادا على البطل الفردي،بل نجد أنفسنا أمام مجموعة أفراد يتوزعون البطولة في مشاهد مختلفة،في الجزء الأول من اللازيتقدم-زيدان-على المستوى المباشر للحدث ليحتل دائرة الضوء،وزيدان-البطل الثوري الحقيقي-واقعيا،والمسيطر على حركة المحور الحدثي في الرواية،فعند زيدان –القائد الثوري- تتمحور مجموعة خيوط الشخصيات الأخرى في العمل، وحتى الشيخ"مسعود"الذي مارس عملية الإعدام-الذبح من العنق-ضد زيدان ورفاقه،يبقي متراجعا إلى الظل واقعيا وفنيا،ليتقدم زيدان دائما في مركز البؤرة .
وفاة زيدان بهذه الكيفية-الذبح-ثم انفجار الدم أمام ولده اللازعمل على نقل اللاز من دائرة الوعي،إلى حالة أخرى،مما سيساهم على إعطاء اللاز بعدا روحيا جديدا لن نلبث أن نتعرف عليه في الجزء الثاني من الرواية،وهذا ما سنتعرض له في دراسة لاحقة.
هذه الظاهرة-تعدد الأبطال- الملاحظة في أعمال الطاهر وطار الروائية والمتمثلة في تقديم اكثر من بطل مع السماح بتقدم الشخصيات في روايته ليحتل مركز البؤرة دون أن يلغي ذلك حضور باقي الشخصيات،تكاد تعمم في معظم روايات الطاهر وطار،إذ لا وجود لشخصيات ثابتة ضمن محور محدد إلا فيما ندر"كما يلاحظ في روايته الزلزال" فلو عدنا إلى"عرس بغل"فإننا نجد أن أبطال الرواية الأساسين يتورطون وتتغير مواقفهم على الدوام تبعا لتغير الحدث،أ لنضج التجربة.الحاج كيان-عصفور الجنة.العنابيين-الفلاح..الح"وهي نقطة تبقي لصالح هذه الروايات ذات النهج الواقعي في الرؤية التي تعددت أشكال بناءها الفني،بين بناء مباشر كما في اللاز.وبناء رمزي مبسط في الزلزال-أو اللجوء إلي البناء الرمزي المعقد في –عرس بغل-وهذا مؤشر على قدرة هذا الروائي الفذ في التعامل مع واقعه ببعديه الموضوعي والفني.
في اللاز تتقدم الشخصيات لتحتل مواقع جديدة على الدوام،فهي شخصيات نامية ومتحركة داخل العمل،تصل إلى مرحلة النمذجة الفنية في كثير منها،ولو أردنا التمثيل على ذلك بالإضافة لـ ـزيدان واللازـ فإننا نلتقي بـ ـ حموـ قدورـ بعطوش ـرمضان..الخ.
هذا التعامل مع ظاهرة البطل،أعطى رواية"اللاز"تحديدا،بناء ملحميا،يتحرك فيها الشعب،بتناقضاته،وغضبه،بمظاهر المتعددة،الايجابيةوالسلبية،وهنا تتقدم خصوصية جديدة لصالح الطاهر وطار وهي ـ واقعية النقديةـ فهو يعايش مسيرة مجتمعه حتى النخاع يجيء بالإيجابي لفرزه وتثبيته،والسلبي لتحديده ومن ثم تجاوزه والابتعاد عنه،هنا يأخذ العمل الفني دوره الاجتماعي كحالة فاعلة غير معزولة عن حركة مجتمعها.
*اللغة:
اللغة الروائية مسألة من الصعب ضبط وتيرة توجهاتها،ذلك أن لكل عمل خصوصية،وبقدر نجاح الفنان في التعامل مع اللغة،يقدر قدرته على فهم شخصياته،ووعيهم وثقافتهم،أما بالنسبة للطاهر وطار،فان الأمر يبدو قد حسم،ففي"عرس بغل"نجد أن اللغة تشف،وتتعقد أحيانا،وتدخل في سحابات من الحلم والضباب،مما يبعدها عن القارئ العادي،وهذا وضع طبيعي على أساس أنها موجة للنخبة، وان كانت هذه القضية اقصدـ توجد النخبةـ بحاجة إلى نقاش ليس هذا مجاله.
في اللاز،نجد مستويين من اللغة،المستوي الأول،المباشر،الحدثي الذي يجيء على لسان الشخوص،وهو بسيط يقترب من العامية،بل ويدخل فيها أحيانا وهذا ما يتفق مع وعي شخوصه،لتراقب هذا الحوار،بين حمو،وقدور قبل التحاق الأخير،بالثورة"تصبح على خير،أنها الرابعة،تأخرت عن أيقاد الفرن ..تختلف عن موعد"دايخة"..لايهم...تصبح على خير.
-ربي يعزك..حمو..أنت أخ بحق"-ص32
بينما نجد أن مستوى وطريقة بناء الجملة يختلف حين يتعلق الأمر بالتعبير عن حالة الحلم، فالجملة عندها تصبح قصيرة مكثفة،محملة بشحنة شعورية عالية ومتدفقة،لتراقب هذا المقطع حول تداعيات-زيدان-القائد المثقف.
هذا الوليد..آه..الجزائر..هذا الوليد لا يزال في المهد،بل لا يزال جنينا،نقطة في أحشاء التاريخ،يكتمل نموه ويولد،يرضع ويحبو،ويسقط مرات ومرات،ثم ينهض على قدميه،يمشي على الجدران،يقف معتدلا،يسقط وينهض...وسيظل طيلة سنوات طفلا صغيرا،سيظل بلا منطق زمنا طويلا..من يدري أي عذاب يلحقه أثناء مرحلة المراهقة آه..هذه المرحلة يجب أن نكون نحن"ص109.
هنا اللغة تستخدم في أدق تجليتها..زيدان القائد المثقف،يرسم من خلال حلمه مستقبل شعبه،ومجتمعة،بل ثورته.
اكتفي بهذه الملاحضات حول الجانب البنائي في الرواية،وانتقل لمناقشة المحور الثاني
*الحدث:
اللاز-هو الشخصية الذي يتمحور حولها سير الحدث في الجزء الأول من الرواية،طفولته طفولة شقي،اندع الرواية تقدمه لنا"هذا اللقيط الذي لا تتذكر حتى أمه،من هو أبوه..برز إلى الحياة يحمل كل الشرور..يضرب هذا..يختطف محفظة ذات،ويهدد الأخر أن لم يسرق له النقود من متجر أبيه..حتى إذا جاء يوم الأحد بادر إلى الملعب،شاهرا خنجره في وجوه الصغار حتى ينزلوا عند إرادته"ص12.
مكابر،معاند،وقح،متعنت،لا ينهزم في معركة،وان استمر عدة أيام،يضربه المرء حتى يعتقد انه قتله،لكن ما أن يبتعد عنه حتى ينهض ويسرع على الحجارة..مما جعل الجميع كبارا وصغارا يهابونه،ويتحاشون الاصطدام معه.
اللقيط،كلما كبر واعتق الناس انه سيهدا.. ازداد سعاره.. حتى بلغ معدل دخوله السجن،ثلاثين مرة في الشهر،ص13.
هذا هو اللاز،عند قدوم المستعمر الفرنسي يقوي علاقته بالجيش الفرنسي،ثم يصبح على علاقة وثيقة مع الضابط-مسؤول المعسكر-مما يزيد من كرة القرية له،اتهمه البعض بالخيانة ولكنه لم يقتل،ولو كان خائنا لصفاه الثوار،وكذلك لم تمسك عليه خيانة واحدة.
فجأة نجده مدمي،يجره الجنود،يضربونه وهو يسير أمامهم في شوارع القرية حتى يتوقف أمام دكان قدور صارخا"حانت ساعتكم كلكم"
ينتقل الحدث إلى قدور- الوحيد الذي يعلم بعلاقة اللاز بالثورة،وقد استلم قدور التحذير من اللاز،فيقرر الالتحاق بالثوار في الجبل،يهجر القرية تاركا حبيبته وأمه وحياة الدعة والاستقرار،منتقلا إلى مرحلة جديدة،المشاركة في النضال المباشر-الحرب-ضد الاستعمار الفرنسي مع صديقه.حمو-الذي سبقه إلى الجبل مستعرضا الروائي قصة انضمام قدور إلى الثورة عن طريق صديقه حمو-الفقير المعدوم الذي لا يملك إلا قوة عمله كخمار في فرن يمتلكه أحد السادة-حمو الذي التحق بدوره بالثورة بعد أن نظمه أخوه زيدان فيها.
زيدان،الشخصية الثورية الفاعلة الذي يجمع بين الفعل والنظرية،مثقف،واحد الأعضاء التقدميين،ناضل طويلا،أتقل عاملا إلى باريس،هنالك تعلم،ثم انتقل إلى مدرسة للكادر،عاد بعدها مقاتلا في صفوف الثورة الجزائرية ضد فرنسا،ليس مقاتلا فقط بل ومنظرا،وقائدا لإحدى الفصائل الثورية.
زيدان هو الذي نظم-حمو-الذي بدوره الحق-قدور-بالثورة في جهازها السياسي أولا،ثم ليتسلم قدور مكان حمو كمسؤول في القرية بعد التحاق حمو بالجبل،وليفاجأ قدور بعد فترة بدخول اللاز عليه قائلا كلمة السر"ما يبقى في الوادي غير أحجاره"ثم لتصبح هذه المقولة فيما بعد عبارة تردد على لسان،مشيرة إلى أن الحق،والحق فقط،هو الذي يبقى وان الاستعمار والخيانة،في سبيلها إلى الاندحار تدريجيا.
انضمام اللاز إلى الثورة جاء بعد لقائه مع زيدان،اللاز يبحث عن زيدان ابن قريته،ويجده باستمرار وكأنه يراقبه،في إحدى المرات يطلب من زيدان أن يضمه إلى الثورة،أن يضمه إلى الثورة،يفاجأ زيدان ولكنه،وحين يرى الإصرار عند اللاز،يخبره بأنه سيعمل على ذلك ،يصعدان معا في القطار الذاهب إلى المدينة.
يتحدثان في الطريق فيعترف زيدان للاز بأنه أبوه،وانه أي اللاز ليس لقيطا،فقد جملت به أمه-مريام-بعد أن شتت العسكر الفرنسي أهل القرية التي كانوا يعيشون فيها،فالتقى مع ابنة عمه في الغابة-أم اللاز-وعاشا معا شهرا كانت حصيلة اللاز.أما الأب فقد القي القبض عليه وارسل إلى الخدمة الإجبارية في الجيش الفرنسي.هذا السر الذي كشف،يهز اللاز من أعماقه،يفرح،وبعد أن يهدأ من المفاجأة يخبر أباه مستفسرا عن مقولة سمعها من الضابط الفرنسي،بأن لونه-أي زيدان-"احمر"وان الضابط وضع اسمه"زيدان"على رأس قائمة المطلوبين وهذا ما دفع اللاز للبحث عن زيدان لإخباره،لماذا"كنت دائما احبك يا عم زيدان..يا أبي..لانك الوحيد الذي لم يؤذني،ولم يشتم أمي..ولانك الوحيد الذي يحتقر الأغنياء ويسبهم..الوحيد بعدي طبعا ص67 عندها يطلب زيدان من ابنه الاتصال بقدور رجل الثورة في القرية ويخبره بكلمة السر"ما يبقى في الوادي غير أحجاره"لتتحدد مهمة اللاز في مساعدة الثوار المعتقلين،وهي المساعدة كذلك على تهريب الجنود الجزائريين من خدمتهم الإجبارية إلى الجبل للالتحاق بالثورة.
هذا الوضع يمهدنا للعودة إلى الضابط في تحقيقه مع اللاز،مع تصوير للتعذيب البشع الذي تعرض له اللاز دون أن يعترف،في النهاية يقرر اللاز أن يلعب لعبة تطيل الوقت أمام قدور ليتسنى له الهرب وإخبار الرفاق،وترفع التعذيب عنه،فيقرر الادعاء بأن-الشامبيط-الجزائري الفني المتعاون مع المستعمر هو الذي نظمه،وانه أي الشامبيط-يعمل مع الثورة وان ادعى بأنه يخدم فرنسا فليس ذلك إلا ادعاء طلبه منه الثوار.
هنا تتدخل الصدفة،والصدفة،في حياة اللاز مقبولة ومبررة لأننا وأن بدأ التعامل مع شخصية واقعية،فإنها-أي شخصية اللاز-شخصية ذات بعد روحي،بمعنى أنها تمزج الواقع بالخيال،الحلم بالحقيقة،الغيب والحاضر معا،وهذا ما سيتضح في الجزء الثاني من الرواية.
هذه الصدفة تمثلت في دخول الشامبيط معلنا هرب قدور من القرية،فيتغير الموقف،الضابط يطلب من خادمه إعطاء اللاز مزيدا من الخمر،بعد خروج الضابط من القرية،تتدخل شخصية جديدة هي السرجانت.
رمضان-الجزائري الذي يخدم في الجيش الفرنسي والذي يعرف اللازجيدا،يتقدم رمضان إلى مكان اللازحاملا الخمر ليقدم إلى مساعد الضابط الذي بقي عند اللاز،عند دخوله يقتل المساعد الفرنسي،ويأخذ اللاز معه بعد أن البسه ملابس المساعد،ويخرجون مع اثنين من الجنود الجزائريين للالتحاق بالجبل،يفقدون أحدهم في صدام مع نقطة حراسه وينطلقون ثلاثتهم إلى الجبل معتمدين على حدس اللاز في معرفة الثورة.
هنا تأخذ الرواية مسارين،الأول في القرية.
الثاني في الجبل.
في القرية يجمع الضابط قواته بعد اكتشافه موت مساعده ستيفان،وهرب اللاز،وينتقل إلى القرية،إلى بيت قدور.
يدخله ويطلب إحضار مريام أم اللاز،في بيت قدور يجد أمامه الأب الربيعي.والد قدور وزوجته-خيرية،خالة بعطوش الخائن مع فرنسا ضد أبناء قريته،والذي رفع إلى رتبه"كابران"ليصبح المساعد الأول للقائد الفرنسي،يطلب القائد من بعطوس أن يقتل بقرة خالته،فيفعل،ثم قتل مريام أم اللاز،فيفعل ذلك أيضا،الضابط الفرنسي يطرحه لنا الروائي كشخصية مريضة تعاني من مركب نقص كتمثل في عقدة اللواط.فيطلب من بعطوش ممارسة الجنس مع خالته أمام هذا الجمع المكون من القائد،والشامبيط والربيعي،الزوج،وبعض الجنود،فيفعل ذلك أيضا،هنا تصل شخصية بعطوش إلى حالة لا إنسانية قدرة ،لكن إيمان الطاهر وطار بشعبه،إيمان عظيم فهو لا يسمح بانهيار أحدهم،ففي الوقت الذي يستمر الشامبيط-صاحب المصلحة- الغني-في تعاونه مع فرنسا،نجد بعطوش يأخذ موقفا مغايرا،فهو يصاب بانهيار عصبي،ولا يستطيع نسيان ما فعله يحاول الهرب إلى المخمر فيفشل،ثم يقرر عمل شيء أخر،فيقتل خالته وكأنه يقتل عاره وسقوطه هو لكن ذلك لا يشفيه فيعود إلى المعسكر مقررا عمل شيء أخر.
هذا التغير الانقلابي الذي يحدث مع"بعطوش"قد يبدو تغيرا غير مبرر فنيا،ولكن ضخامة الأحداث التي وقعت في هذه الفترة الزمنية الضيقة لم تستطيع عقلية بعطوش-الشاب الفقير البسيط،الذي كان يعمل راعيا،أن يتحملها،خاصة وانه لا يتعامل عم الفرنسيين من منطق تعامل-الشامبيط-معهم،فالشمبيط يعتبر أن استمرار نفوده ومركز الاجتماعي والمالي مرتبط بفرنسا يعكس بعطوش الذي لا يريد إلا أن يصبح سيدا"آه بعطوش"يا رعي العجول لقد صبرت سيدا،سيدا معتبرا"ص127،يضاف إلى ذلك إيمان الروائي بشعبه،دفعه إلى عدم الإساءة حتى إلى بعطوش الذي ما أن ارتكب أخطاءه هذه حتى دخل في حالة انهيار عصبي،هذيان،بدأت الأشياء خلالها.تضح بصورة مشوشة مع تركيز غير واعي على منطقة تجمع البنزين في المعسكر ،واتجاه تفكيره يميل إلى تخيل منظر المعسكر وهو يحترق.
تصل المر إلى حافة الانفجار حين يدعوه الضابط إلى المبيت عنده لإشباع مركب نقطه،هنا يعود"بعطوش"إلى الانهيار من جديد،يقترب من الضابط المستلقي على بطنه ،يخنقه ثم ما يلبت أن يستل خنجره وراح يطعنه أينما صادف..ظل يطعن ويطعن حتى انفتحت عيناه..لقد زال الضباب"ص263.
الفرنسي ثم يبدءون بنقل الذخائر المتبقية والأسلحة إلى الخارج،عندها يلتقون مع أحد الثوار الذي يعرفه علاوه،هذا الثائر جاء أصلا لاغتيال بعطوش ولكن المعادلة تغير فقد اختاربعطوش موفقا جديدا-فهو الذي قتل الضابط،أشعل النيران في المعسكر-فيتعانقان-الثائروبعطوش ويبدأ الجميع ينقل الذخائر إلى الجبل والزغاريد تملأ سماء القرية تحية الأبطال.

*المسار الثاني للرواية:
يكون في الجبل،مع زيدان ورفاقه وقد انضم قدور إليهم وتوجهت المجموعات لاداء مهماتها،عارضا لشخوص متعددة من الثوار،مبرزا بعض أطفالهم،وعبر تداعيات زيدان لشكل الثورة،واقعا،ضرورة النظرية لدعم البندقية،ثم ليلتحق اللاز ورمضان ورفيقيهما الثالث بزيدان،وتعود المجموعات بعد أداء مهمتها،عندها نلتقي بعنصر جديد جاء ليطلب زيدان لمقابلة القيادة،يطبق زيدان المركزية الديمقراطية فيتم اختيار السبتي مكانه لحين عودته،ويذهب مع ولده اللاز،والعنصر الجديد إلى القيادة،في الطريق يلتقون مع فرقة-الشيخ مسعود-ويلاحظ زيدان بعض الأوربيين الأسرى معه،يتعرف فيهم على رفاق قدماء من فرنسا وإسبانيا،يلقي الشيخ القبض على زيدان،يسجنهم في مغارة ليقرروا حل التجمع التقدمي الذين ينوون تشكيله،في المغارة تتضح الكثير من المفرقات،ثم ليأخذ القرار بعدم حل أنفسهم لانهم مؤمنون بموقفهم وانهم لا يمتلكون ولا يريدون الحل،فيحكم عليهم الشيخ بالذبح من العنق،يشترط زيدان أن يبعدوا اللاز حتى لا يرى هذه المذبحة،ولكن وحين جاء دور زيدان أرسل الشيخ أحد اتباعه لجلب اللاز الذي ما رأى ذبح أبيه حتى وقع صريعا منتقلا من حالة الوعي إلى حالة روحانية جديدة نتعرف عليها في الجزء الثاني من الرواية.

*نتائج وملاحظات:
*أولى هذه الملاحظات التي تفرض حضورها على القارئ والدرس معا،هو هذا البناء الملحمي الضخم المتمثل بحركة شعب أثناء ثورته وانفجاره ضد مستعمريه،مع إبراز قدرة هذا الشعب العربي على فرض إرادته، وحصوله على استقلاله.
هذا البناء الملحمي،ومتابعة الحدث على أكثر من رافد،لتصب جميع الروافد في الحركة المركزية-الثورة –يؤكد المقولة السابقة حول انتماء هذا الروائي لشعبه وأرضه،والتصاقه بهما حتى العظم.


*الملاحظة الثانية:
تتعلق بهذه الملحمة الواقعية.التي نلتقي فيها،بأشكال واقعية متداخلة بين واقع تسجيلي لعل.اكثر من يدلل عليه،ما حدث بين جماعة الشيخ مسعود وبين زيدان ورفاقه.
ثم الواقع النقدي-الذي يتمثل في اكثر من موقع في الرواية،أبرزه كذلك الحوار الذي يدور بين-الناصر-قائد المجموعة التي نفدت حكم الإعدام بالخونة،وبين القائد زيدان الذي يرفض أية ظواهر انحرافية والتي تمثلت بحديث الناصر-بحيث بدا انه يمارس متعة القتل،والثورة ليست ممارسة متعة بقدر ما هي واجب،ونضال واعي ومدروس لتحقيق الأهداف النبيلة.
كذلك نلتقي بنقد لاذع لبعض حالات كانت سائدة في المجتمع الجزائري،مع إدانة كاملة للاتجاه الغيبي الذي كان متواجدا في الثورة الجزائرية،وسنجد استمرار هذا الصاع بين الاتجاه الغيبي والاتجاه التقدمي في الجزء الثاني من الرواية بحيث أن هذا الصراع سيشكل المحور المركزي الذي تدور حوله رواية"الموت في الزمن الحراشي".
كما يتضح هذا البناء الواقعي في الإيمان الجاد والقوي بالشعب ممثلا لفقرائه،وقدرة الشعب على بناء الجزائر الجميلة والفتية.
هذه الأطروحة التي نلمسها في الرواية تنقلنا للتحدث حول انتماء الطاهر وطار إلى المدرسة الواقعية-ليست الواقعية الجامدة-الفهم الميكانيكي لحركة الواقع ومن ثم بناء العمل الفني وانما الواقعية الخلاقة التي تحدد مناطق السلب لتجاوزها،وتدفع وتعمق الاتجاهات الإيجابية مع الحفاظ على البناء الغني المتماسك،مما يعطي الطاهر وطار قدرة روائية فنية متميزة.
*الملاحظة الأخيرة:
أن هذا العمل يبرز قدرة الطاهر وطار على تطوير شخوصه،ليتجاوزوا دائرتهم الحياتية،تمهيدا للوصول إلى النموذج الفني-أرقي أشكال التعامل الجمالي مع الواقع خاصة في طرحه لشخصيات-زيدان-بعطوش-اللاز-
وبعد..فإنها رواية عظيمة،تستحق أن تدرس بعمق اكبر،لابراز جوانبها المتعددة،والتي أرجو أن أكون قد وفقت في إبراز بعض منها.
قتل الضابط يعيد إلى بعطوش توازنه فيأخذ رشاش الضابط،وبعض القنابل وينطق إلى تجمع السيارات والبنزين فتتوالى الانفجارات،ثم يلتقي"بعلاوة"الجزائري المجند في الجيش لتشكل فريق جزائري يقوم بمهمة إبادة المعسكر.
بقلم عبد الله رضوان
جريدة الدستور الأردنية 26/12/1980

قديم 11-10-2014, 12:10 AM
المشاركة 1270
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع


الراحل الطاهر وطار : بين فضاء الإبداع ودهاليز السياسة


ياسين تملالي
الحوار المتمدن - العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 13:45
المحور: الادب والفن


بالرغم من أن أول نص روائي جزائري عربي اللغة كان "ريح الجنوب" لعبد الحميد بن هدوقة (1971)، لا شك في أن الطاهر وطار، بغزارة إنتاجه (10 أعمال) وتنوع مواضيعه هو من أسس الروايةَ الجزائرية المكتوبة بالعربية في منتصف السبعينيات، أي بضعة عقود بعد ميلاد نظيرتها المكتوبة بالفرنسية.

بدأت مسيرة وطار الأدبية في تونس خلال حرب التحرير الجزائرية (1954-1962) بنشر بعض النصوص في الجرائد والمجلات وكتابة مسرحيات نذكر منها "الهارب" (نشرت في الجزائر سنة 1971)، لكن أولى مؤلفاته لم تصدر إلا في 1961، في شكل قصص قصيرة ("دخان في قلبي") حُولت إحداها إلى فيلم بعنوان "نوة" أخرجه عبد العزيز طُلبي سنة 1972. وقد كانت "نوة" بوصفها البليغ لتحالف الإدارة الاستعمارية مع كبار ملاك الأرض، إيذانا بما سيكون عليه كاتبُها من إيمان بواقع صراع الطبقات المرير وراء واجهة الأمة الواحدة المتحدة.

نشر وطار أولى رواياته، "اللاز"، في 1974، فجاءت صدمة لكل من كان يعتقد أن مناقضة تاريخ الثورة الرسمي مهمة مستحيلة على رجل هو عدا كونه عضوا في "الحزب الواحد"، كاتبٌ لغتُه العربية وما ألصقَ العربية آنذاك لدى قطاع كبير من الأنتلجتنسيا بـ "الرجعية الدينية" من جهة والأيديولوجية الرسمية من جهة أخرى. عبر حكاية اللاز، الشاب اللقيط الذي تزدريه القرية كلها ويبادلها هو نفس الشعور، يروي هذا النص انتقال الشعب الجزائري من مرحلة تلقي ضربات الاستعمار (والعمل على نسيانها بسرقة ملذات صغيرة عابرة) إلى مرحلة الثورة، لكنه يروي أيضا ما تخلل هذه المرحلة من مآس منها تصفية جبهة التحرير لشيوعييها إثر رفضهم حل تنظيمهم والالتحاق بصفوفها فرادى.

ليست "اللاز" رواية واقعية-اشتراكية فالتصفيات الجسدية في أوساط الثوار تلقي بظلالها على التعبئة البطولية من أجل الاستقلال، لكن كاتبها، بما لا يدع مجالا للشك، كان اشتراكيا، لم يمنعه الانتماء إلى الحزب الواحد من إدراج الشيوعيين في عداد محرري البلاد، ما كان تابوها في أوساط هذا التنظيم الأحادي بالرغم من يساريته الرسمية (بل وتحالف بعض قطاعاته مع الحزب الشيوعي في بداية السبعينيات).

اقتناعات وطار السياسية تجلت في اختياره مواضيع الكثير من رواياته : "الزلزال" (1974) التي تروي، من خلال شخصية عبد المجيد أبو الرواح، سعي البورجوازية وكبار الملاك إلى إفشال التأميم والإصلاح الزراعي، و"العشق والموت في الزمن الحراشي" (1982) التي قدمت على أنها الجزء الثاني من "اللاز" والتي تصف الصراع في البلاد بعد استقلالها بين مؤيدي الثورة الزراعية و"الرجعيين" الذين يرفضونها بحجة أن الطبقات "سنة الله في الكون". في هاتين الروايتين كذلك، لم يكن وطار بالكاتب "الواقعي-الاشتراكي المتفائل بـ"طبعه" أو بأمر من الحكام. بالعكس، سعى إلى تدمير أسطورة توازي الاستقلال والرفاهية فرسم الجزائر في أبشع ما عرفته من فقر وانتشار للرشوة والمحسوبية سنينا معدودة بعد رحيل المعمرين الفرنسيين.

نشر وطار في 1978 و 1981 على التوالي روايتين "غير سياسيتين" إن صح التعبير، هما "الحوات والقصر" و"عرس بغل". تصف الأولى في قالب أسطوري رمزي، إحباط "الرعية" (الحوات) العميق وهي تكتشف "راعيها" (القصر) في أفظع وجوه استبداده ووعيها بضرورة التخلص منه. و تدور أحداث الثانية في ماخور أثناء تحضير زواج إحدى المومسات فيما يتركز "خطابها الأيديولوجي" على فضح التاريخ الرسمي للدولة الإسلامية والتذكير بما عرفته من حركات انتفضت على الإسلام المؤسساتي المهادن.
وكان هذان النصان ختام مرحلة أولى من مسيرة الكاتب الأدبية، تلتها أخرى تراوحت اهتماماته فيها بين تجذير نقده للنظام ووصف صعود الحركات الإسلامية. ونذكر من أعمال هذه المرحلة الثانية "تجربة في العشق” (1989) و “الشمعة والدهاليز” (1995) و كذلك "الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي" (1999).

تبدو أولى هذه الروايات شبه سيرة ذاتية، فمن خلال حكاية مثقف ينتهي به الأمر مفصولا من عمله في وزارة الثقافة (وطار كان "مراقبا" بالحزب ثم أحيل على التقاعد)، يُسَلَطُ الضوء على علاقة الانتلجنتسيا الجزائرية بالسلطة وتردد الحكام بين الرغبة في كسب ودها ومصادمتها. الروايتان الأخريان تتطرقان إلى صعود نجم التيارات الدينية الأصولية في الجزائر (والعالم العربي والإسلامي)، ولا يبدو التدين فيهما كما في نصوص سابقة مرادفا للرجعية ونصرة الإقطاع والبورجوازية. بالعكس، فإحدى شخصياتها تتساءل وهي ترى الحشود تلبي دعوة حزب إسلامي إلى التظاهر في ميدان عام : "لو كان لينين حيا لتساءل : ماذا سيخسر هؤلاء الجياع لو انتصروا باسم الله". أما رواية "الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي"، فتركز على مفارقات هذه الحركات الدينية وتأرجحها بين الرغبة في تحرير الإنسان وسعيها إلى ذلك بوسائل العنف والترهيب.

لم يكن وطار أديبا فحسب. كان أيضا مجادلا ماضي اللسان، ويمكن القول إن ازدياد وعيه بطاقة الدين التعبوية وهو يرى جبهة الإنقاذ تكاد تصل إلى سدة الحكم في مطلع التسعينيات، ترافق بتعمق مقته لمن كان يسميهم "الفرانكفونيين"، على اعتبار (خاطئ واعتباطي) أنهم كلهم لا يقفون في صف الشعب ولا يحترمون لغاته وثقافته. وقد اتخذ هذا المقت في بعض الأحيان أشكالا بالغة العنف كان أحدها تصريحا قال فيه معلقا على اغتيال الكاتب الجزائري طاهر جاووت في 1993 : "لا أحد سيفتقده سوى أمه وفرنسا".

مثل هذا الكلام رسخ لدى بعض الجزائريين، ممن لم يعرفوا عن صاحب "اللاز" سوى مواقفه السياسية في التسعينيات وسنوات الألفين، صورة كاتب محافظ بل وإسلامي متطرف. لا شك أن وطار، بتصريحاته المثيرة للجدل، مسؤول عن هذه الصورة إلا أنها قطعا إكليشيه سريع يهمل أنه على "تعربه"، كان من أول من طالب بالاعتراف باللغة الأمازيغية وأن "محافظته" لم تحببه يوما إلى الإسلاميين فلم يتخلوا أبدا عن نعته بـ "الكاتب الشيوعي".


مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 0 والزوار 19)
 
أدوات الموضوع

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم 50 عبقري عبر التاريخ : ما سر هذه العبقرية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 62 05-16-2021 01:36 PM
هل تولد الحياة من رحم الموت؟؟؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 2483 09-23-2019 02:12 PM
ما سر "الروعة" في افضل مائة رواية عالمية؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 523 09-09-2018 03:59 PM
اعظم 100 كتاب في التاريخ: ما سر هذه العظمة؟- دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 413 12-09-2015 01:15 PM
القديسون واليتم: ما نسبة الايتام من بين القديسين؟ دراسة بحثية ايوب صابر منبر الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية . 18 08-22-2012 12:25 PM

الساعة الآن 11:52 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2021, Jelsoft Enterprises Ltd.